`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
مى مصطفى كمال محمد عبد العزيز رفقى
الفنانة مى رفقى .. وتحديات الجيل الجديد ..
- على الرغم من انصراف الجمهور ، وعزوف النخبة المثقفة عن متابعة نشاط الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة ، والذى كان يمكن أن يؤدى إلى تقلص الإبداع التشكيلى وانحسار موجته ، بل وجفاف منابعه ، إلا أن إصرار الأجيال الجديدة على متابعة إنتاجهم ، وإقامة معارضهم ، وتقديم رؤاهم، إنما يعكس رغبة المصريين فى مواصلة ارتياد هذا النوع من الإبداع الإنسانى، استكمالاً لمسيرة فنية صاحبت صحوة مصر الثقافية والحضارية منذ حوالى مائة عام . فما زال الفن التشكيلى يجتذب إلى عالمه المواهب والطاقات ، وتمثل فترة التسعينات فترة الازدياد الوافر فى عدد الممارسين لأنواع الفنون وفروعها المتعددة ، ودخلت إلى حلبة الخلق الفنى مواهب جديدة واعدة - بما قدمته فى خطواتها الأولى - بإثراء الفن المصرى واستمرارية عطائه.
- ومن بين المواهب الجديدة المتميزة المصورة مى رفقى ، التى درست فن التصوير فى الفنون الجميلة وتخرجت منها عام 1998 ، ولقد فضّلت التفرغ للعمل الفنى على وظيفة المعيدة ، وبدأت تشارك بهمة ونشاط فى العديد من المعارض ، حيث لفتت موهبتها الانتباه كوجه جديد يقتحم عالم الإبداع بقوة وجرأة ، وهى على عكس العديد من جيلها اختارت أن تقدم أسلوبها الفنى المختلف عن التيار السائد حالياً، والذى يضع النماذج الغربية فى فنون الحداثة وما بعد الحداثة هدفاً يرمى إلى تحقيق ما يماثلها ، على اعتقاد بأن فى ذلك مواكبة لروح العصر .
- ولقد استفادت مى من الأساس الأكاديمى الذي كونته خلال دراستها بالفنون الجميلة ، فهى حاذقة فى الرسم ، وتمتلك ناصية الخطوط التى تطوعها فى سلاسة ويسر ، كما أن مقدرتها واضحة فى التلوين بدرجات قوية من خلال مجموعة لونية ساخنة، وكل ذلك فى صياغة تشكيلية اتسمت بجرأة المعالجة التشكيلية ، حين برعت فى إجراء حوار ذكى بين المساحات المسطحة والأشكال المجسمة ، وكذلك بين المناطق الخالية وبين المناطق الموشاة بزخارف متنوعة تجيد اختيار وحداتها بما يثرى العمل ويضفى عليه مسحة غنائية رقيقة .
- والفنانة بهذا المزيج الفنى الذى تكمن قوته فى صدقه وبساطته وعدم افتعاله تؤكد أنها قد اختارت الطريق السليم نحو التعبير الفنى ، وأن خطواتها الأولى فيه خطوات واثقة منطقية ، وقد انتقلت بها من مرحلة دراسية كان هدفها الإلمام بقواعد فن التصوير وأصوله ، إلى مرحلة البحث عن ملامح شخصيتها الفنية ومعالمها الذاتية التى ستزداد وضوحاً ورسوخاً من خلال التجربة والعمل الدائبين.
- وفى محاولة للاقتراب من فكر جيل جديد ، ناقشت مع الفنانة مى بعض النقاط الأساسية التى نعتقد بأنها يجب أن تكون ضمن اهتمام هذا الجيل ، وكان أولها العلاقة بالتجارب الفنية السابقة فى فن التصوير المصرى المعاصر منذ جيل الرواد وحتى اليوم ، وأجابت مي بأنها منذ فترة طفولتها ـ ومن خلال مكتبة أسرتها ـ أتيحت لها الفرصة للتعرف على أعمال جيل الرواد ، حيث انجذبت لأعمال محمود سعيد ومختار وسيف وانلى، وكذلك اطلعت على أعمال الفنانة تحية حليم التى قدّرت فيها التلقائية وبساطة الأسلوب وصدق التعبير، وايضاً تعرفت على أعمال الفنانة إنجى أفلاطون وأعجبت بمعالجتها الفنية ، وعبرت مى عن أملها فى أن تأتى تجربتها منتمية إلى مجمل الإبداع الفنى المصرى وليست منفصلة عنه .
- وقد تكون تلك الرؤية غائبة عن فنانى الجيل الجديد ، الذى يبدو معظم إنتاجه الفنى منقطع الصلة بالماضى الفنى القريب ، ناهيك عن الماضى الفنى البعيد الممثل فى فنون التراث المصرى خلال حقبه الأساسية ، المصرية القديمة والإسلامية والقبطية ، ويهمنا التأكيد على أن الاتصال بالتراث لا يعنى التقليد والعودة إلى طرز فنية سابقة، وإنما يعنى حسن استيعاب هذا التراث ، وفهم أصوله وإدراك جمالياته ، فليس طبيعياً أن يلجأ فنانو الغرب لاستقاء عناصر تغذي فنونهم وتثريها من هذا التراث ، ونحن أصحاب الشىء لا ندرى عنه شيئاً ، وهناك أمثلة لا تحصى لفنانين أوربيين استفادوا وبشكل صريح وواضح من جماليات الفن المصرى القديم والإسلامى والقبطى ، ومزجوا عناصره ومعالجاته بأساليبهم ، ثم نأتى نحن لنمتد ونتصل بهذه الأساليب، غافلين عن النبع والكنز الثمين بين أيدينا، والذى يمثل- لو أن هناك وعياً كافياً- جزءاً أصيلاً وعميقاً من أصول تكويننا الثقافى والوجدانى .
- نحن والفن الغربى ..
وعن تساؤل حول مدى ارتباطها بأساليب فنية أثبتت وجودها فى الفن الأوروبى ، هل تضعها الفنانة نصب عينيها كنماذج تسعى إلى الوصول لنتائج مماثلة لها ؟ خاصة وأن التجربة التى تقدمها تحمل تأثيرات واضحة من أسلوب (جوجان) فى وضعيات الأشخاص المرسومة ، وكذلك ( ماتيس ) فى استخدامه للزخرفة الإسلامية من أجل خلق إيقاعات غنائية ؟ أجابت مى بأنها فى هذه المرحلة ما زالت تكتشف إمكانياتها بأسلوب تلقائي حر ، ولا تريد أن تعمل تحت عنوان محدد بطريقة مغلقة ، وذلك لأنها تحب الحرية وتعشق الانطلاق والتعرف على كل ما هو ممكن ، وتذوق كل قيمة فنية تحققت ، ومع ذلك فهى تنظر إلى إبداع الفن الغربى فى حدود التجربة الإنسانية التى يمكن الاستفادة منها ، وليس بفرض احتذائها وتقليدها ، كما أنها فى الوقت نفسه لا يعنيها اللهاث وراء الجديد فى الفن لمجرد أنه جديد ، وإنما تقدره وفقاً لما يحدث فى نفسها من تأثير ، وما يحتويه من قيمة .
- والفنانة فى إجابتها تثير قضايا ذات أهمية فى عالم الإبداع الفنى ، حين ترى أهمية الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين ، ولكنها استفادة يحكمها الوعى ، وتخضع لمبدأ الاختيار والانتخاب وليس لمبدأ المحاكاة والنقل ، وايضاً الحرية التى يجب أن يحظى بها الفنان فى بداية تجربته ، التى يجب أن تنأى عن الانطواء تحت `المانشيتات` المغرية بحداثتها ، إذ لأن تجربته الحرة يمكن أن تقوده إلى آفاق أوسع وأرحب لو أنه منحها فرصة النضج الكافى ، فإذا كان الانتماء تحت أسلوب معين سبق وأن أرسيت دعائمه ونال شهرته أسهل لفنان حديث التجربة ، ومما قد يزيف له نضجاً مبكراً أو نجاحاً مضموناً ، فإن هذا الانتماء قد يقضى بالتقليد-على معالم ذاتيته الفنية ، ويطمس رؤيته الشخصية ، والتى يمكن أن تبدأ بسيطة متواضعة ، ولكنها تنضج عبر التجربة وبمرور الوقت ، لتكتسب فى النهاية استقلالية واضحة ، وتميزاً وتفرداً يكون سبباً فى قيمتها الحقيقية كإضافة مختلفة تثرى عالم الإبداع الفنى .
- ومما يؤسف له أن هذه الحقيقة البسيطة التى تحكم الإبداع الفنى فى أى مجال وفى أى مكان لا تلق اهتماماً حول قيمة الأعمال الفنية من خلال منح الجوائز وإقامة المعارض ، حيث يتجه تقديرهم إلى تلك التجارب التى تماثل نماذج سبق لهم رؤيتها ويطمئنون إلى قيمتها الفنية ، فهم لا يملكون ـ ولا يسعون لامتلاك ـ أدوات الكشف التى تساعد على التعرف والتقاط كل ما هو أصيل ومبتكر ، ويعتقدون بأن قدرة الفنان الشاب وموهبته تتجلى فى إنتاج العمل الفنى المشابه لتلك القوالب التى يعرفونها ومجاراتها وإعادة تقديم معالجتها ، وهنا يحدث التشتت والتضليل الذي يوجه الشباب توجيهاً خاطئاً فيفسد مبدأه وفطرته ، ويقضى على أصالة شخصيته وهو ما زال فى بداية تجربته .
- الخلفية الثقافية للفنان :
وفى سؤال عن مقدار الأهمية التى توليها الفنانة مى لتذوق الفنون الأخرى ، والاقتراب من جمالياتها وأسس إبداعها ، كفنون السينما والمسرح والموسيقى والأدب بفروعه المختلفة من شعر ورواية وقصة قصيرة ، أجابت الفنانة بأن صلتها بفن الموسيقى صلة حميمة ، منذ كانت تعزف البيانو وتمارس فن الباليه فى طفولتها، كما أن لها علاقة محدودة بفنون الأدب والمسرح ، ويبدو لنا أن معظم الفنانين الشباب يعزل تجربته عن مجالات الإبداع الفنية الأخرى ، غافلاً عن أن الفنون جميعاً تشترك فى أصول واحدة وإن اختلفت وسائط التعبير، ولذلك فعلى شباب الفنانين أن يقاوم تلك النظرة المتخلفة التى كانت سائدة فى فترات زمنية سابقة، والتى ترى أن الفنان التشكيلى ما هو إلا مجرد صانع محترف ، أو موهبة فنية حرة لا ترتبط بفكرة عميقة، أو تحمل رؤيا ثقافية ذات قيمة رفيعة، واعتماداً على ذلك فإنه يندر أن تجد فناناً معنياً بأمور الثقافة والمعرفة، معتقداً أن فى موهبته ما يكفى لخلق أعمال فنية ذات قيمة، وهو وهم تجدر الإفاقة منه، لأنه لا قيمة تنبع من نفس مسطحة جاهلة بمعرفة كل ما يمكن إدراكه عن قضايا الفن الذى يمارسه، ومعزولة عن عوالم الإبداع الأخرى ، ليس فى وطنه فقط وإنما فى الأوطان الأخرى كذلك. فعلى الفنان أن يعرف نظرياً ما هية الفن الذى يبدعه والمبادئ التى تقوم عليها جمالياته ، كما أن عليه الإلمام بقمم الإبداع الفنى الإنسانى عبر التاريخ ما وسع إلى ذلك سبيلاً ، وليس ذلك مجرد وجاهة ثقافية، وإنما لأن تعرفه هذا سوف ينضج تجربته ويعمقها ويزيدها ثراءً ، ويمنحها بعداً إنسانياً مطلوباً لكل تجربة فنية أصيلة .
- إننا إذا كنا نريد فعلاً الاقتداء بالفن الأوروبى الذى وصل إبداعه التشكيلى إلى قمم رفيعة ، فلنقتد بطريقة إيجابية، ليس بتقليد ومحاكاة نماذجه، وإنما فى الكيفية التى تساعد على إنضاج المواهب الفنية وتغذيتها دائماً بما يساعدها على النمو السليم والعطاء الصحيح ، فالفنان التشكيلى لا ينفصل عن المجالات الفنية الأخرى ، بل هو جزء من كل متكامل ، ومن هنا جاءت حركات التجديد فى كل الفنون متزامنة يسهم فيها المجتمع كل فى مجاله، فلم تكن المدرسة التأثيرية مقصورة على فن التصوير فقط ، وإنما كانت هناك موسيقى تأثيرية أيضاً، وكذلك المدرسة السيريالية فى الأدب والسينما إلى جانب الفن التشكيلى.
- المناخ الثقافى المطلوب :
كم من مرة لاحظنا مواهب مبشرة تملك من رهافة الحس ما يؤهلها لأن تكون إضافة مميزة لحياتنا الفنية ، ولكنها سرعان ما تختفى حين تجرفها ظروف الحياة إلى مسارات بعيدة ، وإذا ما تهيأت لها الأحوال التى تساعدها على الاستمرار فى عالم الفن ، فإنه يضحى استمرار مشوباً بعوامل النقص وعدم النضوج ، والاختيار الخاطئ الذى لا يؤدى إلا إلى إنتاج أعمال لا تساوى حتى قيمة الخامة التى استعملت فيها ، إذ لابد من خلق المناخ الثقافى الملائم ، الذى يساعد على بلورة التجربة الشابة، وتوجيهها التوجه السليم ، فالتجربة البادئة تكون بمثابة الطفل الوليد الذى يحتاج إلى رعاية وعناية وتغذية سليمة بعناصر تساعد على نموه الصحيح المعافى، والعناصر المفيدة والمناسبة لإنماء التجربة الفنية وإنضاجها وتتمثل فى توفير حلقات البحث والمناقشة وعقد المقارنات ، وإجراء الحوار الخلاق، وتوضيح الحقائق حول الفن وأهميته ، وإتاحة الفرصة لنشر الدراسات الفنية النظرية المفيدة ، والتى تلقى الضوء على قضايا الفن وتكشف أسراره وخفاياه .
كما تتمثل أيضاً فى تشجيع المواهب التى تمتلك بالفعل علامات الأصالة ، وتتمتع بعناصر ذاتية مهما كانت بسيطة .
- وعلى الرغم من أن كل ذلك يبدو مستحيلاً فى مجتمع أصبحت العوامل السطحية والمظهرية هى المسيطرة على مناخه الثقافى ، الذى تتوه فيه القيم الأصيلة فى زحام القيم الهابطة والمزيفة ، إلا أن ذلك لن يمنعنا من مطالبة جيل الفنانين الجديد الذى اختار الفن التشكيلى مهنة وعملاً نبيلاً- مثل الفنانة مي رفقى - أن يقاوم هذه العوامل السلبية ، وألا يدعها تؤثر فيه، أو تثبط من عزيمته فى السعى الجاد والمسلح بالوعى والمعرفة ، نحو إبداع فن مصرى يليق ببلدنا وتاريخه الفنى العريق، وليكون إضافة حقيقية لمسيرة الإبداع الفنى للإنسان.
بقلم/ صبرى منصور
الهلال أبريل 2003
فنانون فوق الحصار ..
- دندنات مى ..
- ميلاد فنانة جديدة موهوبة حدث تقافى مهم ، يتبارى النقاد وأجهزة الإعلام فى تسليط الضوء عليه وتتبع أعماله بل والمراهنة على مستقبله .. وهذا فى البلاد المتقدمة وليس فى مصر على أية حال !.. وفى قاعة خان المغربى أقيم أول أيام العام الجديد معرض للفنانة الشابة مى رفقى ( من مواليد القاهرة 1976 وخريجة كلية الفنون الجميلة بالقاهرة 1998) يجعلنا نقف أمامه بانتباه وترقب لما تفيض به موهبتها اللافتة ، التى استطاعت أن توظفها بخبرة تقنية لتحقيق حالة خاصة أشبه بدندنات العود، ما يحيلك إلى جو المخطوطات العربية والفارسية بمنمنماتها الدقيقة وزخارفها المعقدة ، لكنك تكتشف بعد قليل أن ذلك ليس إلا خدعة بصرية ، فهى فى الحقيقة تشكل بناءاً جمالياً معاصراً ، بكل علاقاته البصرية المجردة وانتقالاته الإيقاعية المتجاورة لصورة الواقع وصورة التراث معاً ، محافظة - فى الوقت ذاته - على تلك النكهة الشرقية والتطريب الخطى واللونى المتوازن والمتكرر ، بتلك الهندسية العقلانية فى اللعب بالخطوط والمنمنمات الزخرفية والشرائط اللونية المتجاورة أو المتقابلة.
- إنها تضع لوحتها داخل القالب التقليدى الساكن استناداً إلى الجمالية العربية ثم تتمرد عليها فى ذات الوقت ، وتصور مشخصاتها الحية بأسلوب واقعى مجسم ثم تحيط بجو من التجريدات الزخرفية المسطحة والمتعارضة مع منهج (التصوير) .. هذه المفارقات تبدو للعين العابرة تنافراً ، لكنها فى الحقيقة سر جاذبية أعمال مى رفقى وجرأتها ، كما تفتح أمامها طريق التواصل السلس أمام ذائقة الجمهور بمختلف مستوياته وليس للمثقفين وحدهم ، بشرط أن تعى الفارق الدقيق بين فن العامة والفن الرفيع ، وتحذر من التقولب فى قالب نمطى قد يستحسنه الجمهور، الأمر الذى يحتم عليها مداومة البحث والتجريب ، والاسترشاد بتجارب عديدة سابقة- عربية ودولية - حاولت الجمع بين هذه المتناقضات .
بقلم/ عز الدين نجيب
الهلال فبراير 2003
لوحات الحب والصدق !
- ما بين التفكير .. وإنهاء اللوحة .. مسافة زمنية متوترة .. بها تدفق الرغبة واندفاع الانفعال الذى توجهه الخبرات والمشاعر وخير النوايا .. هى ضبط أوتار الآلات والعزف عليها بأنامل التحضر على البيانو الذات . أو تجربة النغم فى الناى وأرغول النفس .. هذه المسافة أو المساحة .. هى اختبار لياقة المواهب .. و` مى رفقى ` فنانة تعشق هذه اللحظات لهذا تجيد تحضيراتها لوحات .. واسكتشاتها عملا يحمل مفردات المكتمل .
- أما من جانب الشعور وحده مع توجيهات الفكر .. فهناك بعد تعاطفى واضح مع شخصيات لوحاتها ، رغم أنهن لسن كثيرات إلا أنها تحملهن ملامح متعددة من حيث أداء الوجوه حيث علامات الأيام وأثر الظروف .. شخصياتها كلها طيبة الوجوه .. بسيطة الظروف .. حميمية التعبير .. دافئة .. لهذا لا ترسمهن الفنانة بل تعيشهن .. تكتب فى خطوطها رسالة تعاطف و تبدى بحركة الأداء الميل الإنسانى تجاههن .. ولعل ميل ` مر رفقى ` إلى مجموعة اللون الساخنة يظهر ذلك التدفق الشعورى .
- وإذا كانت هذه الاسكتشات أخذت تصريحا بالقبول كلوحات .. إلا أننى أرى أيضا أن هذه الفنانة الموهوبة تقدم هذا المعرض وما سبقة وكأنها تقدم أوراق اعتمادها لدخولها بالقادم من أعمال إلى نادى القدرات الذى يتحفنا كل من دخله بإبداعه المتميز .. وفى قاعة فاى جرانت بشارع الجمهورية شاهدوا معرض ` مى رفقى ` الذى يمهد لملحمة قادمة !
بقلم : إبراهيم عبد الملاك
صباح الخير - 2008
حركة الفن البطىء وتحولات اللوحة بين عالمى` مى رفقى` و` نجايو لينز`
- قدمت الفنانة `مي رفقى` لمعرضها فى جاليرى `الزمالك للفن` وبكل ثقه لتجربه فنية مهمة أرجعت إستلهامها إلى الفنانة الأسترالية `نجايو لينز`.. لتمر الفنانة `مى` من مرحلة `التفكيك وإعادة التركيب` إلى `التحولات` تاثراً منها بفكرة عمل الزمن فقدمت رؤيتها لعدد من اعمال`نجايو` تأثراً بعنصر لوحاتها النباتى الوحيد لتطرح تساؤلات عدة حول قضية التأثير والتأثر فى العملية الفنية بين فنانتين من ثقافتين مختلفتين وإلى أى قدر حدود التأثر وأمانة الإعتراف بتلك المؤثرات وتتبعها وتأمل إنصهارها فى ذات الفنان وبالتالى فى تجربته الفنية.. وعند `مى` أضافت إليها مبحث لعنصر هام من عناصر اللوحة المعاصرة وهو إدراك الزمن وتتبع تحولاته فى حالته البطيئة الغير ملحوظة وخروج العمل الفنى من سياقه إلى سياق جديد.
- قبل إستعراض أعمال `مى` بمعرضها أقدم أولاً مفهوم` نجايو لينز` للوحة التصوير والتى لم أكن رأيت أعمالها من قبل وهى فنانة شديدة الحساسيه طورت طريقتها بأن حولت أسطح لوحاتها إلى أسطح عتيقه بترك سطح اللوحة المصور والتى غالبها لنبتاتها الصحراويه من مرحلتها`حديقة ليلية`وتركتها تحت تأثرا عوامل التعريه الجويه كشريك طبيعى فى إبداعاتها إيماناً منها بأثر فعل الطبيعة المباشرعلى أسطح لوحاتها مع مرور الوقت.. وأراها ربما قصدت رسم تاريخ الأسطح حدسياً وبصرياً بفعل مرور الزمن ومايحدثه من تحول يتبدى عبر تغير السطح إلى البالى.. لتبدو قيمة السطح عند الفنانه`نجايو`فى قدرة إحساسها بالزمن ليروى دوماً قصته عن تاريخ تحولات الأشياء.
- أما عند الفنانة `مى` وما طرحته فهى تأثرت بصرياً بعنصر `نجايو` الأساسى وهو النبت الصحراوى العملاق ومفاهيمياً تأثرت بفكرة عمل الزمن وكان تأثرها بفكرة الزمن من داخل اللوحة عكس عامل الزمن عند `نجايو` وتأثيره من خارج اللوحة دون تقليد طريقتها فى التقنيه والتعامل والسطح التصويرى تحت تأثير مرور الزمن.. ثم بدى الزمن فى لوحات` مى` مقترناً بالإنسان وهو عنصر لم تتناوله ` نجايو`.. لتتمدد `مى` بعناصرها إلى أبعد من تأثير تحولات الطبيعة إلى تحولات المشهد نفسه مع الإيهام بفعل الزمن.. فالفنانتان التقيتا عند سطح تعاملات اللوحة زمنياً مع إختلاف التأثير فـ` نجايو` تعمل بتأثيرات الطبيعة الزمنية من خارج اللوحة و`مى` تأثيراتها الزمنية تأتى من داخل اللوحة وإتفقتا على البدء من العنصر النباتى العملاق لكن كل منهما بطريقتها.
- فعند `نجايو` يرى المشاهد فقط نتيجة تأثير العوامل الجويه فقط.. وعند `مى` ندرك التكشف لمرور الزمن عبر عنصريها النباتى والإنسانى معا وما يحققه من آثار نفسيه.. بل نكاد نرى حركة الزمن بطيئاً عند ` مى` حتى يكاد يكون أشبه بالمتوقف تشرنقاً حول أجساد شخوصها المبتلعه بنباتاتها العملاقة شديدة الشفافيه لتتيح لنا رؤية لحظيه للجسد البشرى حبيس عصاراتها ملتف ومنكفىء على نفسه.
- أرى فى تجربة `مي` الهامة ما قد فتح التأثر لبُعد آخر من الرؤية تلاقت وتجربتها الإبداعية الذاتيه وقد تستمر لتغذى مشروع فنى مختلف عن مادة التأثر الأولى.. فأرى تجربتها أهتمت بالتقابل بين الجسد العضوى والجسد النباتى عصارى التكوين حتى بدى الجسد العضوي منغمسا فى عصارة باردة حيه تتنفس.. بما يسمح للمشاهد بالتفكير فيما حدث من قبل وما يتعرض له من بعد بفعل مرور الزمن القاسم المشترك لهما فى نفس المكان وكأننا نرى عمل يصور حركة الفن البطئ.. وربما هى محاولة طرح فكرة بأن هنالك رابط بين الكائنات ولو إختلف الجنس وليس هنالك شىء مستقل تماماً.. أيضاً أرى ` مى` جانبياً طرحت قضية وجوديه عن الإنسان ومعاناته.
- إيحاءات الفن البطىء
- وفى لوحاتها محاولة لتحديد ذلك التكيف فى العلاقات المادية والتفاعلات بين كائنين مختلفين من الإنسان والنبات عبر ارتباطهما معا فوق اسطح اللوحات.. لذلك تعكس لوحاتها إلى حد كبير اهتمامها بالحدس وتوقع التحول البطئ أو لحظات احتمال متتاليه ليس فقط من خلال تفاعلات اللون بل فى تحولات كلا من الكائنين الحاوى النباتى والمحوى الإنسانى الذى يبدو على هيئة شرنقه كبيرة أو وضع جنيني حبيس مكانه سكوناً داخل النبات دون محاولة جدية لحل نفسه.. وليشعر المشاهد فى نباتات مي العملاقه ذلك الاحتواء الرحمى ومراحله التى لا تكتمل الا بمرور الوقت..لتظل لوحاتها تملك لحظات متوتره فى تتال لوضعية النبات والانسان اللامنطقيين وما يحمله من إحتمالات قابله للتحول المتوقعه بالميلاد حتى ولو رمزياً.
الحركة داخل لوحات `مي` الى حد سيولة اللون الرمادي اللحظى أو هو عصارة النبات تشير الى عمل لوحات الفن البطيء معبره عن ذاكرة مرور وقتى بطئ للغايه لتوقع التحول البشرى فيزيقياً داخل اللوحة.. بينما اللوحة عند`نجايو` تعتمد على التحول التقنى للون الأحادى.
- وهذا التحول الزمنى البطىء فى لوحات ` مى` يعتمد على رد فعل الكائن البشرى وقدر إرادته مسجلاً من نفسه كطبقات من سيره ذاتيه للوقت رصدا لكمونه دون محاولة تمرد على محبسه داخل نبات له كامل السيطره عليه.. ورغم هذا التحول البطئ لمشهد الكمون فى الرحم النباتى الا ان هناك طاقة تدفق داخلى للمشاعر والخيال..وقد عملت الفنانه لإثراء هذا التدفق الحدسى بتواجد متجاورين متناقضين دون أن تحصر نفسها بين الحس الطفولي تجاه النبات الزهرى وبين الفكره التأملية لتحولات ذلك الكائن البشرى.
- الشفافيه والفراغ
- وتقنياً كائن `مى` البشرى يبدو لى ككائن فقاعى مقضى له ان يستمر داخل فقاعته النباتية لفتره اما ليتحرر او ليتفجر فى نفس مكمنه.. لتبدو شخوصها المنكفئة ملتفين حول انفسهم كأنهم داخل فقاعات هشه نراها عبر اللوحات شفافة غير آمنه يمكن حتى باللمسة اللطيفة ان تكون قاتله مع توقف شخوصها عن محاولة إثبات أي شيء لأى أحد بما في ذلك نفسها.. وربما تعانى شخوصها حبيسى النباتات أفكار واعيه بوضعها فإنكفأت تمسك برؤوسها.
- أما الشفافية والعتامة داخل اللوحات فهى ثنائية الأبعاد لطبقة واحدة أو أكثر وأيضاً هناك إدراك غريزى للفراغ الضمنى الذى شغله غطاء نباتى محيط يضغط على الجسد البشرى يقلصه..ليصبح ما نتوقعه رمزياً ومنعكساً عبر مجالات عديدة فى حياتنا هو حدوث إباده روحيه لشخوص حيه بإمتصاص أرواحهم فى الفراغ.. فالمساحة المحيطة وربما الفراغ الذين سكنوا أو نسكن اليه جميعاً ليس سوى أمان ضئيل للغاية مقارنه بما يحيط بهم وبنا مما قد يقرب بإستمرار من حالة اللاوجود لندرك حينها قدر هشاشتنا.. لذلك شخوص `مى` يتحاشون النظر طويلا في الفراغ فحيث يبدأ الفراغ فى الظهور يخفون رؤوسهم وأعينهم بأذرعتهم وأيضا عنا يخفون رؤوسهم وأعينهم إنكفاءاً.
- الحقيقة المشهد شديد الدراميه وسيريالى بشكل لا يصدق.. ففيه شيء بدائى .. وفيه عصاره حيويه سائله وفيها كائن نباتى غير مبالى بأسيره الداخلى والأسير مستكين داخل عصارته النباتيه وأيضا غير مبالى..وكأن المشهد رمزياً وسيريالياً يشكل مظهر وجودنا حين كنا سائلين فى مرحلة ما من تطورنا الذى لم يكتمل وبدى عند `مى` كأنه أو كأننا محلك سر.
جريدة : القاهرة 16-7 -2024
بقلم : فاطمة على
جريدة : القاهرة 16-7 -2024
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث