سمير محمد فؤاد إبراهيم
ـ يرجع الفضل الى الفنان حسن سليمان فى تقديم الفنان سمير فؤاد كفنان محترف الى الساحة الفنية المصرية والى مشاركته الفعاله فى المعارض الجماعية ويعالج سمير فؤاد الموضوع بأسلوب واقعى تعبيرى يسيطر عليه رؤية ميتافيزيقية فالاطفال تسيطر عليهم حالة من الترقب المشوب بالخوف ونظراتهم تتخترق فراغ الصورة الى مجهول لا تعلمه، وفى بعض اللوحات اختفى الطفل كلية من الصورة وحل مكانه الموضوع ذاته مثل لعبة النيشان فالمشاهد هنا هو الطفل الذى ينظر الى لعبة النيشان والمرأة الممسكة بالبندقية وخلفها صفوف اليمب تنظر اليه باغراء تدعوه للعب مثل النداهة .
- قلت لسمير فؤاد عندما رأيت لوحاته لأول مرة `أنت فنان تستطيع أن تكون محترفاً ولا حاجة لك بأن ترتبط برسام أكبر منك سناً وأكثر تجربة فستجد طريقك بمفردك ` لكنه أصر على أن أكون أستاذه واستمرت علاقتى به طويلة تحددها صداقة حميمة وزمالة فى الحقل الفنى وكان طيلة هذه الأعوام يتفوق على نفسه وينتقل دائماً إلى الأفضل يستشرنى معظم الوقت وقلما كان لا يأخذ بمشورتى .
- لا أستطيع هنا أن أحدد مدى استفادة الفنان/ سمير فؤاد بعلاقته بى، فهو فنان موهوب، هو فقط الذى فى استطاعته الحديث عنها، وعن المحصلة التى نتجت عن هذا الاحتكاك وتبادل الخبرات بينى وبينه.
ـ شارك سمير فؤاد فى المعارض الجماعية وعرض فى معظم قاعات العرض الخاصة بالقاهرة والإسكندرية، وسعى اليه أصحابها ومقتنى اللوحات وكان هذا يثبت صدق حدسى بالنسبة له، كما يثبت فى الوقت نفسه صدق موهبته ثم واجه الجمهور منذ سنتين فى معرض فردى للألوان المائية لاقى نجاحاً مرموقاً بل أكثر من ذلك كان مؤشراً يبشر باستمرارية النجاح لو سار بنفس الجدية فالألوان المائية خامه صعبة للتعبير بها لو أريد لها الاستقلال وليس أن تكون مجرد دراسات لأعمال زيتيه يحققها الفنان بعد ذلك مثل دراسات الفنان ` توسان ` بالألوان المائية وغيره من الفنانين .
ـ لكن الفنان/ سمير فؤاد لم يقتنع بذلك التفوق والنجاح بل أراد أن يثبت لنا باعه الطويل فى مجال خامة الألوان الزيتيه وها هو ذا معرضه الثانى كله بخامة الألوان الزيتيه وأتمنى أن يحظى هذا المعرض بنفس النجاح الذى حققه معرضه الأول خصوصا أن الفنان / سمير فؤاد مسيطر على عجينة الألوان الزيتيه فالوانه تتشابة مع بعض فنانى `لنوفيتشنتو`فى إيطاليا فى الثلاثينيات خصوصا فنانى مقاطعة `توسكاناً ` .
ـ إن معرضه الذى نحن بصدده يحدد لنا موهبة مرموقه تستحق أن نتوقف عندها خصوصاً فى هذا الزمن الردىء الذى نعيشه لكن الموهبة وحدها لا نعطيها كل الأهمية فلا بد أن يكون الفنان بطبعه مقاتلاً ولا يكتفى بنجاح ما حتى يصبو إلى نجاح أكبر منه إنه يتحدى نفسه قبل أن يتحدى الآخرين لذلك فهو دائما تحدوه الرغبة فى التعلم والشعوربالقلق وعدم الرضا وأن يدع الحياة جانباً ويستبقى قلقه الدائم للتفوق على ذاته .
ـ إننا يجب أن نحمل لسمير فؤاد كل التقدير فهو يعرف طريقه جيداً ويعرف ما الذى بنقصه وحتماً هو سيكمله إذا استمر بنفس الجدية التى يسير عليها خاصة فى الزمن الذى نعيشه الذى غابت فيه المعايير والمقاييس حتى اختلط الحابل بالنابل فانعدمت الأصاله واختفت الجديه.
حسن سليمان
القاهرة ـ مارس 1999
! سمير فؤاد .. مازال مشغولاً بحلم الحركة
- الحركة.. حلم الفنان أول الزمان،كأحد أبرز العناصر الأساسية للعمل الابداعى , فقد ظلت الحركة شغل الفنان الشاغل لقرون طويلة فى شكلها الكامل النابع من فلسفة الايحاء بالحركة عبر الخط واللون بهدف تثبيت لحظة ومنحها قدراً من الخلود،فيما يشبه خداع البصر، كما ذهب ( فيكتور فازايلى) أبرز فنانى ( الأوب أرت ) ، حيث اتجه الفن إلى تقنين الحركة خلال القرن العشرين، فاتخذ الفن الحركى نمطين فى التعبير تربط بينهما منهجية واحدة.. النمط الأول ( البنية المبرمجة )، أما النمط الثانى فهؤ ( الصورة المتبدلة حركيا ) هذه التوجهات دفعت الفن إلى منطقة فاصلة على حدود القيم الجمالية للفن المتعارف عليها منذ آلاف السنين .
- وفى ظل التأثير الطاغى للاكتشافات العلمية فقد طمح فنان القرن العشرين إلى احداث جركة فعلية آلية فى عمله الفنى حيث ساهمت الدادية فى هذا التوجه على يد الفنان ( مرسيل دو شامب ) ( 1887 - 1968 ) وكذلك المستقبلية الايطالية والبنائية الروسية حيث تجلت الرغبة فى احداث حركة فعلية من خلال البيان الذى أصدره ( غابو ) فى العام 1920 وأعلن فيه : أننا قادرون اليوم على اظهار القوى الخفية للطبيعة .
- لذلك ليس مستغرباً ان نرى الفنان سمير فؤاد مازال مشغولا بوجود حركة فى لوحاته ومعرضه بقاعة بيكاسو تحت عنوان ايقاع الزمن والذى يأتى امتداداً لمعرضه الأخير بقاعة الهناجر وتمحور حول المرأة الشرقية .
- لكن هذه المرة أعطى سمير فؤاد للألوان حرية أكبر،فمنحت ملامح أبطال لوحاته طاقة ترددية متعددة حيث ظهرت تلك الملامح وحركة البشر فى اللوحات كأنها صدرت عن كاميرا مهزوزة، فيما تحل الشكل على نحو يشبه الترديد الايقاعى فى الموسيقى، وان كان فى اطار هارمونى وليس على طريقة فرانسيس بيكون، الذى لجأ إلى تشويه ملامح شخوص لوحاته .
- وفى الوقت الذى بحث فيه ( فؤاد ) عن الحركة فى اغلب لوحاته إلا قسم من المعرض تناول الطبيعة الصامته فى مفارقة .
- خرج سمير فؤاد (1944) من رحم ضاحية مصر الجديدة ذلك الحى الذى اتخذ مسارات تحررية بعد أن اختيار سكانه الخروج من أسر النهر الخالد فى اتجاه الصحراء الشرقية، وتجاوز الارتباط القسرى لسكان القاهرة التاريخية بالشريط الضيق حول النيل، وعلى الرغم من دراسة سمير فؤاد للهندسة بجامعة القاهرة ، والتى تخرج فيها عام 1966، إلا أن الألوان المائية الشفافة أخذته إلى عالم الفن متأثرا برسامى الألوان المائية الانجليز خاصة ( جون تيرز ) ( راسل فلينت ) فيما تعرف على الفنان صبرى راغب عام 77 وتتلمذ فى مرسم الفنان حسن سليمان فى العام 1979 وحتى العام 1982، والذى نلمح تأثرا بأسلوبهفى لوحاته، ومع منتصف الثمانينيات شارك فى الحياة الفنية، وفى خطوة جريئة ترك الوظائف وتفرغ للفن منذ عام 2001 .
سيد هويدى
روز اليوسف 28 /3 /2006
فى معرض.. إيقاع الزمن
- افتتح أحدث معرض للفنان سمير فؤاد تحت عنوان ( إيقاع الزمن ) ويؤكد الفنان أن إيقاع الزمن ايقاع قدرى عنيد لا يتوقف ابدا .. سرمدى البداية .. يسير فى اصرار الهى إلى اللا منتهى ولا نحس للزمن وتيرة ثابتة .. فهو أحياناً يسير فى هدوء كجدول رقراق . وأحياناً أخرى هادر مائج مثل موجة مد عاتية ولكنه دائماً يكتسح امامه كل شئ .. لاشئ باق على حاله .. ولا نملك حق العودة إلى الوراء ولا الهرولة إلى الأمام . - والفنان سمير فؤاد ولد فى مدينة القاهرة عام 1994 ونشأ فى جو محب للرسم والموسيقى وعن أخيه الأكبر أخذ حب الرسم وعزف الكمان .. تميز فى خامة الالوان المائية تخرج من كلية الهندسة جامعة القاهرة ثم عمل فى مجال الحاسبات الالية ولكنه واظب على ممارسة الفن بجانب عمله وشحذ قدراته بنفسة . حضر حفل الافتتاح ابراهيم المعليم رئيس اتحاد الناشرين العرب ومنى قطب وحلمى التونى وعدد كبير من المهتمين بالفنون التشكيلية .
أخبار اليوم 1 / 4 /2006
إيقاع الزمن فى معرض سمير فؤاد
- الزمن والحركة متلازمان فى عالمنا المادى ولكن هناك ( زمن داخلى ) هو الذى يسعى الفنان التشكيلى سمير فؤاد إلى رصده فى معرضه الجديد ( إيقاع الزمن ) الذى يقام حاليا بقاعة بيكاسو 30 شارع حسن عاصم من البرازيل بالزمالك . - والفنان سمير فؤاد فى معرضه الجديد يحاول أن ترى الصور سواء كانت بشراً أو جمادا من خلال الحركة حتى لو كانت فيما يبدو سكونا فالحركة عنده هى الأثاث وكأنه يقاوم لحظة سكون الزمن بمعنى أن العمل الفنى وقفة بالزمن لذلك أراد من خلال أعماله أن تكون حركة مع الرمن فليس هناك فى أعماله سكون وهو يستخدم أساليب مختلفة من خلال بالته ألوان غامضة أحياناً وتجسد الإحساس الدرامى العالى للموضوع احيانا أخرى هذا إلى جانب الإحساس النحتى الذى يغلف الأعمال لكنها أيضا فى حركة تبدو واضحة فى كل عمل حتى فى الطبيعة الصامتة فالحركة للزهور مع الآنية وهو يستخدم اللون هنا ليكون مكملاً وليس أساسيا فى الحوار الذى يجرى بالدرجة الأولى بين الظل والنور باعتبارهما أكثر أدوات حركة الزمن ويوضح سمير فؤاد مفهوم الزمن الداخلى بأنه الذى تتضافر فيه عناصر اللوحة التشكيلية جميعاً من موضوع وخط ولون ومساحة وملمس . - وتنقسم موضوعات لوحات المعرض إلى مجموعتين الأولى تدور حول اجسام فى حالة حركة مثل أطفال تلعب أو سيدة تسير والثانية عن أجسام فى حالة سكون مثل طبيعة صامتة أو وجوه أو اشخاص , ويربط العنصر الإيقاعى بين المجموعتين، والأعمال فى مجملها تتسم بالرؤية الذاتية الفلسفية لحركة الزمن مع الأشياء والبشر .. والمعرض يستمر حتى أبريل الحالى .
نجوى العشرى
جريدة الأهرام 1 /4 /2006
فى معرض سمير فؤاد : دوامات الوجه البشرى .. من نقطة الصفر إلى درجة الغليان
- من السكونية .. إلى الدوران حول النفس.. إلى دوامات الإطاحة بالوجه الإنسانى ... هذه المشاهد الثلاثة المتلاحقة شكلت التطور النوعى كمحصلة فكرية وبصرية للفنان الكبير سمير فؤاد، والذى نرى معرضه الحالى الكبير بقاعة بيكاسو فى (الزمالك ) كمشهد متحول على مدى العشر سنوات الأخيرة من نقطة الصفر حتى درجة غليان الوجه البشرى . - وقد شاهدنا فى معرضه عام 1977 بورتريات نسائه فى حالة من السكونية .. سكونية الخارج الكاشفة عن هم داخلى واستهلام محبط تجاه العالم ولا تدرك من عالمها إلاهمها الخاص.. وتطورات شخوصه محصورة داخل وجودها الذاتى فبدت فى معرض 2004 فى حالة دوران حول النفس، وأن كانت بمسمى الراقصات فإن الاسم كان مدخلاً لأستعراض تجربة استشعار الإنسان لوجودة داخل مساحة جسده المحدودة المكان وليطيح بجسده داخل محيطه الفضائى وربما هى محاولة للإحاطة بالوجود المحدد بالجسد المادى .. - فمن البداية كان لشخوص أو لنساء سمير فؤاد محاولات عدة لإدراك ذاتها الداخلية , ثم إدراكها لذاتها خلال محيطها المحدد.. ثم فى معرصه الحالى كانت المفاجأة بأن تأتى الإطاحة بالإنسان من الخارج . - ومثلما يحدث على خشبة المسرح بوجود عدة ممثلين تتجه الإضاءة إلى أحدهم ثم إلى الآخر،فإنه من منظورى توقفت بالضوء عند لوحات البورتريه فى معرض 2006، وذلك لما استوقفنى من تجربة أراها فريدة من الفنان. وكيفية جريان اللون فى الهواء أمام الوجه النسائى ليبدو مسار الفرشاة بلونها كشريط تسجيلى ملون لمسار دوامة هوائية ضربت الوجه بعنف لأراه يلون مسار لفحة الهواء، ولندرك فى نفس اللحظة قدر ليونة اللحم الخام كأنه يتماوج وينساق فى اتجاه مسار التيار الهوائى، وتلاحظ أن هذا عدوان خارجى على الإنسان وليس إحباطا من داخله،فمن خلال العينين نراها محملقة محدقة، بينما الإحباط الداخلى كما فى نساء 1997 جعل عيونهن منكسرة تنظر للداخل رغم انفتاحها على الخارج.. وهذه المعالجة الجديدة فى معرض الفنان تجعل العدوان الخارجى يعيد قهراً صياغة الوجه فتشكلت بمهارة بورتريهات نسائه بعنفوان حركة الهواء لتترك آثار ديناميكيتها الحرارية مشكلة أبعادا سيكولوجية وتخمينات لانهائية حول المشهد المرئى الذى تحت انحناء الوجه وطيه فى لحظة يتحول فيها الوجه إلى مجرد لحم , يكاد يفقد ملمحة الخاجى، إلا أنه يزداد وبانيهار تأكيد ملمحه الآدمى.. وتكنيكيا نلحظ قدرة خلط الفنان بين الفن الكلاسيكى والحدث ليؤكد على الشحنة القوية , وقدرة الوجه اللامحدودة للتعبير، رغم أنه لم يبق من الوجه إلا عيون الألم .. لذلك أرى بورتريهات معرض الحالى هى ( الصورة البورتريه كحادث ) وأرى أنه لو كان أطلق عنان الوجه من قيوده بمزيد من الصدمة لزادت متعة الإبداع بذلك الكم الحيوى الساخن من اللحم الخام فى مواجهة اللامرئى .. ورغم أن بورتريهاته لا تنكشف لنا عن بناء تجسيمى فقط بل لتبدو كآلة متفجرة وبعض بوتريهاته تذكرنى حملقتها بدمار وجوه سكان (بومبى) الإيطالية لحظة غلفتها حمم بركان فيزدفى المنهمر.. لكن هل هذه الوجوه فى هذا المعرض شديدة المعاصر والارتباط بالعنف المحيط بنا وبأعاصير العدوانية من الآخر تجاهنا ؟ - وتشكيليا مثلما أجاد الفنان الكبير التعبير المادى تمكن أيضا فى الإحاطة باللامادى وقد جعل لوحاته تهتز فى المكان وفى النور ` كى نستشف قدر دفع الهواء اللامرئى، والذى نسطتيع استشعار كثافته عند المرور الضاغط على اللحم البشرى حتى أننا نرى أمام الوجوه قدراً من الضبابية تغلف اللون لكثافة الضغط , لذلك لا ينقذ الضوء كاملا ويهتز النور تحت وطأة دفع حركة اللون الثقيلة المحمولة فوق موجة أو دوامة هوائية لم أشاهد من قبل فناناً تعامل مع هذا الدفع , كما فى بورتريهات سمير فؤاد . - وإن كان لآخرون عمدوا بتحطيم الوجه البشرى ونجحوا للكشف عن حقيقة النفس , فإن سمير فؤاد عمد إلى تماوج الوجه وسيولته، كى يكشف عن قدر المواجهة للعاصف غير المرئى، أيا كانت طبيعته دون أن يهتز للعين جفن كقدرة تحمل بشرية تكشف عن عمق باطنى أراه مميزا. وأعتقد أن معرضه القادم سيؤكد أو ينفى تجربته بشكل أشمل أن كانت بورتريهاته صورة لسمة العصر العدوانية ؟ أما قائمة على فكرة التواجه الجسدى ؟ أما هى تجربة تقنية بالرسم باللون محمولا فوق تيار هوائى ؟ أم أنها مرحلة فاصلة بين التشخيصية والتعبيرية ؟ - أما مجمل أعمال معرضه الحالى بين البورتريه المسحوق .. والمراجيح عبثية الحركة.. وخيوله الخشبية الدوارة.. والبلياتشو الساخر .. والزهور المنتحرة .. فإنه يبدو لى كصور متعددة المفهوم فكرى واحد أكثر إنسانية وتحققت له هذه الإنسانية بدرامية عالية، وقد غمسها داخل فكرة عزلة الإنسان فى مسار زمنى محدد وليجعل الحركة فى لوحاته تفهم كعملية ذهنية.. و المشاهد نفسه يفكر بالوسيلة التى ينجزها الفنان وليس بالموضوع فقط، فيما بين تمدد الوجوه الممتدة .. وحركتها المراجيح الآلية التى تقود إلى نقطة الصفر .. أو أحصنته اللانهائية فى حركتها الدوارة .. وفى كل أعماله أراه ( إن لم أخطئ ) اعتمد على إقاعات فى لوحاته بين اللطشة العابرة أو الدوران حول النفس أوالآلية أو اللانهائية نرى الزمن إما سقط ( كما فى المراجيح ) إلى نقطة اللاتقدم أو اللااتداد فالمحصلة صفر .. أو الامتداد اللانهائى (كما فى حركة الأحصنة الدائرية) أو إلى الزمن اللحظى فى الحركة العابرة اللافحة للوجه . - فارتباط لديه الزمان بالحركة المتناثرة أو المتراكمة، لتصبح لكل لوحة بوصلتها الداخلية وتاريخها الخاص وزمنها التخيلى الذى لم نشهد وقعه، بل شاهدنا علاماته التى تؤصل العلاقة بين عنف وقع الزمن والامه فى تفارته بين نقطة الصفر ودرجة الغليان .
فاطمة على and محمد حمزه
القاهرة 11 /4 /2006
الألوان المائية فى معرض افتتحه السفير البريطانى
- بعد عشر سنوات عاد الفنان التشكيلى سمير فؤاد ليقدم 66عملا فنيا من الألوان المائية فى معرضه مساء أمس الأول بقاعة بيكاسو بالزمالك،بعد أن قدم المعرض نفسه عام1997 بمركز الهناجر للفنون لكن الفنان لم يغيب عن ساحة الفن فمنذ 5 سنوات قدم معرضا عن الطبيعة المائية. افتتح المعرض محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية والسير ديريك بلامبلى سفير بريطانيا فى القاهرة وحرمه نادية جوهر وحضرة نخبة من الفنانين التشكيليين منهم حلمى التونى وفريد فاضل وفرحات وإبراهيم عبد الرحمن وميرفت رفعت وايان كلين سفير إنجلترا فى السودان .
نيفين عطيه
الأهرام 27 /2 /2007
القدرات التعبيرية للألوان المائية فى معرض سمير فؤاد
- ( ألوان مائية ) معرض للفنان سمير فؤاد يقام حالياً بقاعة بيكاسو بالزمالك يجئ هذا المعرض بعد مرور عشرة أعوام على اول معرض خصصه الفنان سمير فؤاد لخامة الألوان المائية والذى أقيم بقاعة الهناجر عام 1997 , كما يتزامن مع طرح الكتاب الذى يعد أول كتاب فى اللغة العربية يتناول تاريخ وتقنيات هذه الخامة .
- وبالرغم من أن الفنان سمير فؤاد لا يحد نفسه فى إطار خامة معينة إلا أن للألوان المائية مكانة مميزة وأثيرة لديه فقد شغف بها منذ الطفولة وتميز فيها منذ أن بدأ يمارس الرسم وأكثر إنتاجه الفنى من ناحية الكم فى هذه الخامه .
- ويختلف هذا المعرض عن سابقيه فى أنه غير محدد بموضوع معين مثل معرض عام 2002 عن الطبيعة الصامته , أو بفترة زمنية معينه مثل معرض عام 1997 , فقد تركت ساحة البطولة فى عذا المعرض للقدرات التعبيرية لخامة الألوان المائية , فبالرغم من أن معظم اللوحات المعروضة من إنتاج عام 2006 , إلا أن المعرض يحتوي على نماذج من إنتاج الأعوام من 1993 إلى 2005 , كما أن المواضيع المتعددة التى يحتويها المعرض تساهم فى إعطاء صورة عريضة عن فن الألوان المائية . الأعمال المعروضة تتجاوز الستين عملا تتراوح مساحاتها من الصغيرة فى حدود 20سم طولا إلى الكبيرة والتى تتجاوز المتر طولاً كما أن التقنيات المستخدمة فى التنفيذ تغطى معظم التقنيات المتاحة من التقليدية مثل أسلوب المبلل فوق جاف إلى غير التلقيدية مثل طباعة المنوتيب مما يجعل المعرض عرضاً وافياً للإمكانات التعبيرية الواسعة التى تحتويها هذه الخامة الساحرة .
محمد الناصر
نصف الدنيا 4 /3 /2007
- الفنان سمير فؤاد فنان الألوان المائية مشغول دائما بالتسجيل اللحظى للحركة أثناء وقوعها أو بعد انقضائها كأن لوحاته تختزن هيئة الحركة اللحظية فى الفراغ وعبر الشكل المتحرك نفسه ...
- كما تختزن هيئة الحركة ضمنياً فى أشكال انقضى عنها زمن حركتها قبل رسمه لزهور ذابلة أو لنساء عبر بهن الزمن من خلال أجسادهن المنهكة الملقاة على أريكة ليتشابهن وزهوره الذابلة فى توجه المصير .
* ألوان مائية تتحدى عبء الزمن
- لوحات سمير فؤاد بين السكونية .. والحركة الرجراجة
- هذا الفنان الماهر فى الحوار بألوانه المائية فوق أسطح أوارقه البيضاء لا يعتمد فقط على تمكنه من التقنية لكنه يجعل لنفسه بحثاً جاداً مع الشكل المرئى والمرسوم وما بينهما من ورقة بيضاء شعبها بالماء ثم بماء اللون على درجات وكأنه يرسم بالماء كثير من رؤى وفكر يشغله ويبحثه بالماء .
- وقد أصدر العام الماضى كتابه المهم ( الألوان المائية ) وفيه تحدث عن نبذة تاريخية عن هذه الخامة وخصائصها وتقنياتها وخاماتها ليجعل من معرضه الحلى بقاعة بيكاسو بالزمالك عمل حصرى إرشادى مواز لكتابه .. ففى هذا المعرض يستعرض الفنان إمكانياته الهائلة المتنوعة فى تعامله والألون المائية منذ بدأها عام 1993 بأول لوحة كفنان متفرغ لهذا المجال الذى استعاده تاركاً عمله كمهندس فى شركة بريطانية تعمل فى مجال تكنولوجيا نظم المعلومات وقد بلغ فى تخصصه مكانة عالمية رفيعة ليلقى بنفسه وبموهبة مؤجلة منذ صغره بين الماء والأوراق ليكون هذا المعرض شبه الاستيعادى فيما بين 1993 , 2006 فى موضوعات عدة خلال ستين لوحة مائية لرسوماته للطبيعة الصامتة ( زهور - أسماك - فاكهة ) .. ولراقصات .. والأطفال داخل مراجيحهم .. وأكثر ما يشد فى لوحات سمير فؤاد هى الحركة .. فالحركة فى لوحاته ليست حركة آلة أو حركة فيها آلية أو إيقاعية منتظمة فى الزمن والقوة .. بل هى حركة رجراجة مسموحة .. كحركة الراقصات أثناء أدائهن لرقصهن الجسد كله يهتز فى فراغها المحيط .. وداخل مجالها المغناطيسى الذى يطبع بصمة الجسد وحركته والتى مثلها سمير فؤاد بفرشاته ليلتقطها أثناء الحركة طول مركز الجسد لتدوى الراقصة متناثرة من سرعة الحركة حول مركز جسدها شعراً وجسداً وملابس .. وقد كتب الفنان سمير فؤاد عن راقصاته فى كتابه : ( يختلط الرقص الشرقى لدى الجيل الذى أنتمى إله بأحلام الطفولة والشباب وقصص ألف ليلة .. وكانت الأفراح التى تذهب إليها سواء فى القاهرة أو الأقاليم دائماً ما تتوح بعرض من راقصة تتراوح ما بين شهيرات الدرجة الأولى إلى مجهولات الدرجة الخامسة .. ولكن فى كل الأحوال كان الدور الذى تؤديه يفجر لدينا ينابيع النشوة وتلتهب الأكف بالتصفيق على الواحدة خاصة إذا انسجمت الراقصة وتسلطنت .. إنى أرها كحركة فى الفراغ .. شرقية الإيقاع ساخنة العاطفة وهى مثل الألوان المائية تتأرجح ما بين الانضباط والارتجال .. ما بين الهمس والفوران .. رسمتها مئات المرات ومازلت أجد فيها ينبوعاً من السحر الذى لم ينضب بعد ) .
- كذلك ندرك فى حركة المراجيح الحركة الرجراجة التى تتماوج بنسب متقاربة يميناً ويساراً أثناء اندفاعها للأمام والخلف بفعل مفاصلها الحديدية التى تزأر تحت إيقاع الحركة .
- كذلك حركة المشى للإنسان والتى اهتم بها فى أكثر من لوحة والتى يترجرج تحت إيقاع الحركة الجسد الإنسانى بأعضائه كاملة .. وفى لوحته الأخيرة بعنوان ( حركة فى فراغ ) التى رسمها عام 2006 تجد فيها إنساناً يسير داخلاً إلى فراغ اللوحة من اليسار إلى اليمين تصحب حركته الرصد البطئ من الفنان ليبدو هذا الإنسان أثناء حركته وله ثمانية أرجل أربعة يمنى واربعة يسرى حتى أن منطقة البطن والصدر والرأس تكررت فيها امتداد الحركة ليبدو كأن هناك أربعة أو خمسة أشخاص يسيرون معاً مسجلاً الحركة البطيئة واهتزاز الجسد خلال الحركة واهتزاز الهواء المحيط حول الجسد كأنه يرسم الهواء المتحرك أو كأ،ه يلون ذاكرة الفراغ للأجساد المارة والمخترقة له .. وقد ابتكر الفنان العالمى مارسيل دو شامب لوحة ( عارية تهبط الدرج ) فى أغلب الظن عن المستقبلية كمدرسة لكنها مع ذلك تضمنت حركة ونظيراً آلياً أكثر اكتمالاً وتأثيراً من أى من الصور الإيطالية فقد ولع دو شامب بالصورة بطيئة الحركة مما ساعده على ترجمة تفسيره لحركات الجسم فى تخطيط شبه ميكانيكى .
- لكننا نلتقى بشخوص سمير فؤاد المتحركة بحركة غير ميكانيكية على الإطلاق بل هى متداخلة شديدة العفوية شديدة التفاعل مع الفراغ فى حميمية وليست ميكانيكية كما تتذكر من لوحة دو شامب للخطوط المستقيمة المتتالية الممثلة للمرأة الهابطة للسلم .
فاطمة على
أخبار النجوم 10 /3 /2007
ين يلامسه الماء يذوب .. تأخذه الفرشاة الناعمة على سطح اللوحة المهيأة للإجابة ..وتحركه فيشاركها الحكايات.. تنتشى الفرشاة فتأتى بألوان إضافية.. تتضافر الألوان بالألوان فتصنع الجسد , وتنشئ البحار والرمال والشوارع والبيوت .
* لوحات لم تجف ..
- تناول الفنان سمير فؤاد بالألوان المائية مفردات كثيرة، وحكايات اجتماعية صورها فى الوجوه وفى الطبيعية الصامتة ومن خلال ملامح بنات النيل.
- تشعر أن مفرداته تطفو فوق أسطح لوحاته رغم امتزاج الشكل بالأرضية.. إلا أن الفنان ربما أراد أن يوحى باستمرارية التفاعل والديناميكة من خلال تصدير الإحساس بحداثة الفعل واستمراريته، فمعظم لوحاته الترعرضت بقاعة بيكاسو هذه الأيام تشعرك بالتفاعل والحركة من خلال تذويبه للألوان وربط الأشكال ببعضها وعلاقة هذه الأشكال بالمكان، أما الزمن فتشعر أنها لوحات نفذت منذ لحظات وربما لم تجف بعد.
- يهتم الفنان بلإضافة الحالة التعبيرية على أشكاله حتى لو كانت طبيعة صامتة. تشعر بهذه الحالة فى توزيع المفردات ومساحات الالوان فى قدرة الفنان على تشكيل الحالة التعبيرية هذه بالألوان أكثر من تشكيلها بعلاقات الأشكال وملامحها. إن مساحات اللون التى يوزعها على اسطح لوحاته والتى بها كثير من الشجن تخاطب المشاهد وربما توجعه فى بعض الحالات. إن التشكيل اللونى اساس التعبير والذى قد يختار له الفنان مفردة ما ليحكى من خلال , خاصة فى الطبيعة الصامتة .
- إلا انه عندما يتناول البشر فإن الملامح والحركات تشارك اللون الحالة التعبيرية يتبدى هذا فى لوحته (بنات النيل والتى ركز فيها على ملامح الصبايا السمراوات المعجونات بطين النيل واللون القمحى ، اهتم أيضا بتفاصيل الملامح وما تحمله هذه الفتيات من أمل وألم .
بقلم : د . سامى البلشى
الإذاعة والتليفزيون 10 /3 /2007
للمرأة الريفية نصيب كبير في معرض سمير فؤاد يتعامل معها كأنها برهان لا أكثر
- الفنان التشكيلي المصري سمير فؤاد هو أحد الذين برزوا في رسم `النموذج` في كافة أحواله، وقد كان للمرأة الريفية نصيب كبير من أعماله، كذلك مفرداته الإنسانية التي تتشبع بلون التراث وجمالياته. وجاء كل ذلك ضمن أفكاره التي طرحها بمعرضه المقام حاليا بقاعة `بيكاسو` بالقاهرة لتكون شفافيته اللونية إحدى أهم أدواته التقنية لطرح هذه الأعمال، التي تتميز بحسن التقدير من قبل الفنان. ويشهد له عمقه الشديد في دراسة الشكل وتفوقه الملحوظ في توظيف اللون فوق مساحات متفاوتة الحجم، فنرى له الأرجوحة.
- ومشاهد من الريف والمولد والفارس وغيرها من أعماله اللافتة جاءت جميعها لتشمل تجربته التشكيلية المقتبسة من محيطاته الحياتية مما يعكس صدقه الشديد في الانفعال بالأمور التي يترجمها إلى الشكل الذي نراه ونستوعبه بحيز معادل من الانفعال. فحين نرى زجاجاته البلورية التي رسمها فوق مسطح تبدو شفافيته العالية في رد فعل المفردات التي تتشكل فوقه فتشفه دون أن تخفي منه شيئا. وهذه الزجاجات الكروية التي تتجاور بفعل احتياج المكان لها قد عكست ألواناً متدرجة ومتفاوتة وأكثر نقاء، كأنها صنعت فور رسمها أو العكس، فتبدو طازجة إلى حد هائل، يحسب للفنان دقته الشديدة في التعامل معها. وفي لوحة أخرى حيث وضعها داخل إناء أو طبق كنوع من البلاغة التشكيلية، كأنه يطرح علينا نوعا من الفاكهة الجديدة داخل طبق ليس جديدا علينا.
- وهو هنا إنما يتلاعب بوظيفة الشكل ليأتي بشيء من لوازمه من أجل وظيفة أخرى نتصورها كلما تأملناه مراراً، فأغلب الأشكال التي اختارها هي أشكال نراها ونلمسها بشيء من تقديرنا البصري ثم نضع أنفسنا داخلها لنحتل أدوارنا المناسبة. ويأتي الاعتراض حيث يتضارب وجودنا ووجود الأشياء الأخرى، هكذا يتعامل فناننا دون أن تعرقله الأدوار البديلة التي يفترض وجودها ويصنع لها وجوداً يبدو منطقياً، لأنه يقنعك بحقيقته قبل أن تقف أمامه، لكنه مع ذلك لا يبالي بصعوبة الخامة فيتعامل معها كأنها برهان لا أكثر لإثبات حالة توازنية فيما بين الأمور الأخرى، مما نعرف ونصدق وأيضا مما لا نعرف ونصدق باقتناع.
فدوى رمضان
الشرق الأوسط 10 /3 /2007
سمير فؤاد يدير حواراً بالألوان .. اسمك على جليد فلفل وباذنجان
- ألوان مائية عنوان أحدث معرض للفنان التشكيلي سمير فؤاد رسم فبه الطبيعة الصامتة بأسلوبه المميز الذى يميل للسوريالية والهروب من تفاصيل ملامح الأشياء أو تحديدها تاركاً للمتلقي فرصة التأمل بحرية وهذا يلمسه المتلقي من خلال متابعة معارضه السابقة التى تناول فيها البعد الزمني والحركي برغم اختلاف المعارض السابقة سواء كانت فى موضوع الرقص والإيقاع أوألعاب الأطفال أو المناظر النسائية .. وذلك نظراً لتأثر الفنان بدراسته العملية , كمهندس متابع للنظريات العملية فى مجال الرؤية والتطور الهندسي وأهمية محور الزمن وقياساته على إيقاع الريشة والألوان . وفى معرضه الجديد يحتفظ سمير فؤاد بهذا الطابع المميز رغم أن الموضوع خال تقريباً من البشر إلا بضع لوحات حيث يركز المعرض فى معظم لوحاته على لقطات من الطبيعة الصامتة وخاصة النباتات والخضراوات والفاكهة مثل الباذنجان والتفاح والفلفل والرمان , كما نجده ينتقل من عالم النباتات على الأرض إلى دنيا الأسماك داخل البحار وفى كل اللوحات تأتي الحركة الإيقاعية لرسوماته مميزة تجعل من النياتات والأسماك كائنات متحركة تتراقص على للوحة . وعلى هامش المعرض قال الفنان سمير فؤاد عن أعماله إنه أراد فى هذه التجربة الجديدة كسر المعرض قال الفنان سمير فؤاد عن أعماله السابقة وأعتمد فيه على حركة الموديل بطلة اللوحة سواء كانت راقصة أو أى امرأة وكانت الفكرة الاستعانة بعناصر جديدة غير مألوفة فى الأعمال السابقة , وقال رسمت لوحات تناولت الباذنجان بأنواعه فيها يشبه الحوار الهامشي بين حبات هذا النبات وهو نفس الإحساس فى لوحة ثمار الفلفل الأخضر , كما عبرت عن الطابع الحركي فى لوحات تناولت فيها الأسماك بأنواعها فى مناظر بديعة وكأنها تتراقص لحظة صيدها من الماء .
- ما أقرب هذه اللوحات لنفسك ؟
- كل الأعمال محببة لنفسي لأني لا أرسم إلا ما أقتنع به , ولكن هناك أعمال طريفة وقريبة لقلبي وكان لها وقع طيب لدى المشاهدين مثل لوحة الأسماك ولوحة الربيان .
- ما سر حرصك على الألوان المائية فى هذا المعرض ؟
- هو استمرار لأسلوبى الذى يركز على الطابع الحركي السوريالي ويعتمد أساساً على الألوان المائية التى تمكنت من معرفة أسرارها كيفية تطويعها رغم الصعوبة الشديدة فى السيطرة عليها خاصة أن الخطأ فيها لا يمكن إصلاحه لطبيعة الألوان المائية , وأنا عاشق الألوان المائية بعد هذه السنوات من تعاملي معها وهى تعبر عن مفهوم الإيقاع والحركة الذى يصحبنى دائماً فى كل لوحاتى ويحفظني دائماً في اختيار اللقطات التى أرسمها أو أختيار أسلوب رسمها مثلما فعلت فى هذا المعرض فى لوحاته المختلفة .. لإعطاء الغيحاء بالحركة والحوار بين هذه الكائنات .
السياسة 2 /4 /2007
سمير فؤاد وهروب اللحظة
- اختار الفنان سمير فؤاد لمعرضه الحالى بجاليرى بيكاسو ( مارس 2009 ) عنوان `هروب اللحظة`وحتى ندرك مغزى التسمية، أجد من واجبى تعريف القارئ بشئ عن الفنان، أعتقد أن كثيرين لا يعلمونه . إن سمير فؤاد إلى جانب كونه مصورا ورساما بارعا، فإنه مستمع جيد للموسيقى العالمية ، وهو مستمع من العيار الثقيل . إذا زرت مرسمه بضاحية مصر الجديدة ، ستفاجأ بامتلاكه مكتبة تضم تسجيلات لكل المقطوعات الموسيقية ، الكلاسيكية منها والحديثة ، أضف إلى ذلك أن لديه من كل مقطوعة تسجيلات مختلفة ومتعددة لتعرفك الفارق بين أداء العازفين ، وتمايز إحساس كل عازف تجاه نفسه المقطوعة . إن سمير فؤاد ليس بمستمع عادى ، وإنما هو خبير ومرجع لا يستهان به ، يوزع وقته بين الاستغراق فى سماع الموسيقى، والانهماك فى التصوير، وفى غالب الأحيان يجمع بينهما. ولحبه للموسيقى اهتم الفنان بتصوير لوحات للعازفين وآلاتهم النحاسية ، وعندما تشاهدها تحس وكأنك تسمع نغماتها تصدح ، فتهتز لها آذاننا ، بخاصة آلة التوبا ذات الصدى الرخيم، أحد رموز الذكورة .
- إن الاستماع للموسيقى يحتاج فترة زمنية.. دقائق ربما، وأحيانا ساعات، لأن الجمل الموسيقية ليست كاللوحة المصورة يمكن أن نلم بها فى نظرة خاطفة، وإنما تلزمنا فترة زمنية محددة حتى يصل تأثيرها إلينا . لهذا تعمد الفنان تصوير الحركة والاهتزاز، محاولا الإمساك باللحظات على حد قوله، لأنه بطبعه لا يحب السكون ، ويرى أن كل شئ متحرك، وله بعد زمنى، كالموسيقى التى يعشقها ، ولهذا وجدنا الراقصات فى لوحاته مهتزة ملامحهن وأطرافهن ، فأصبح للراقصة أكثر من ذراعين ، وأرداف ، وأرجل كثيرة مثلا ، وفى اللوحة التى تمثل فيها الفنان عملا من أعمال الفنان ` ماتيس ` مصورا أطفالا يرقصون فى حلقة متشابكة أيديهم، نجده يصور طفلة بثلاثة أرجل وأخرى بأكثر من يد، كرمز دال على الحركة، لقد ذكرنى الفنان سمير فؤاد بأعمال فنانى الحركة المستقبلية بأوروبا فى النصف الأول من القرن العشرين،عندما كانوا يصورون الاهتزازات للإيحاء بالحركة .
- كما لاحظت اهتمام الفنان فى معرضه الحالى باسترجاع بعض الأعمال الكلاسيكية الشهيرة، وإعادة تقديمها فى لوحاته بأسلوبه المميز، ومثال لذلك اللوحة التى ذكرنا فيها براقصات ماتيس والتى أشرت إليها، وكذلك لوحة الفتاة الصغيرة بفستانها الأخضر المنقوش متمثلا أحد لوحات فيلاسكويز لأميرة من أميرات إسبانيا، وفى لوحة ثالثة صور بورتيريها لموديل تشابهت فى جلستها وملابسها مع لوحة `ذات الحلى` الشهيرة لفناننا الكلاسيكى محمود سعيد. إن استلهام الفنان سمير فؤاد لبعض الأعمال الكلاسيكية الخالدة وإعادة تقديمها فى صياغة جديدة وحديثه، إنما هو انعكاس لقناعته وإيمانه بارتباط الحاضر بالماضى، وتقديره وإجلاله لتلك الأعمال الخالدة، وتلك ظاهرة وجدناها لدى العديد من مشاهير الفنانين، وعلى رأسهم العملاق بيكاسو عندما أعاد تصوير لديلاكروا الرومنتيكى، وكذلك أعمال أخرى لبعض مصورى عصر النهضة .
- إن عرض الفنان سمير فؤاد جدير بالمشاهدة الدقيقة الممتعة، تهنئه عليه، ونحيى قدرته فى جعلنا نستمع إلى الموسيقى بأعيننا .
يسرى القويضى
القاهرة - 2009
فى معرض سمير فؤاد الأخير لوحات العازفين .. طاقة اللامرئى .. مرئيا
* العازفون، روعة معرضه بالكامل ..
- فى هذا المعرض لم يدهشنى فيه إلا مجموعتين من اللوحات، مجموعة تكرار الشخوص وتلاصقهم وبنفس اتجاه زاوية الرؤية للوجوه والأجساد والتى ذكرتنى بأعمال الفنان الصينى الشهير يومينجن ولن اتطرق إليها .
- والمجموعة الثانية هى مجموعة العازفين والتى أراها هى كل معرضه الحالى إبداعا وطاقة بتمثيله للداخلى وليس المظهر مقدما حالة تجريدية ذائبة للمشاعر لموسيقى فى تجريديتها .
- فى لوحات العازفين تمكن الفنان سمير فؤاد من تصوير ما هو خارج الملموس وانتزع بجدارة اللامحدود من المحدود، وكما أنه ماديا مزج بين الآلة وجسد العازف فجعلها منتمية إليه فى حميمية بالكامل حاملة لإيقاع جسده الداخلى أكثر من ايقاعه الخارجى وبالتبادل حتى أننا إذا قمنا بنزع الآلة من يد العازف لانهار وتساقط البنيان كاملا، أما روحيا فقد حقق الفنان توازنا رائعا من النقاء والصفاء وفى هذه اللوحات لم يستطع معرضه بالكامل من تحقيقها، فقد التقط فى هذه اللوحات المشاعر والطاقة معا واحاط بها شخوصه متطورا بهذه اللوحات الخمس عن معرضه كأنه التقط بهم ما كان يبحث عنه قبلا من لوحات تسجيل مظهر الحركة الخارجية لينتقل ببساطة بلوحات العازفين وبمقدرة فى تصوير حركة الداخل وطاقتها وهى ما أعتقد أنها منتهى رغبة الفنان وحصيلة تجاربه السابقة فى تسجيل ورصد ذلك الامتداد الطاقى والعاطفى بالداخل .
- كما أن الفنان سمير نجح فى كشف العلاقة الحميمية بامتزاج مادتى الجسد البشرى والآلة المعدنية كأنهما صيغتا معا من مادة جديدة متفردة مكونة من الوسيط الضوئى والصوتى والانفعالى بين طاقة الرنين وطاقة الجسد وذلك التكريس بينهما كلا فى الآخر ..
- وفى هذه اللوحات نرى عازفيها على آلاتهم النحاسية يعزفون بانفعال شكل لأجسادهم ورءوسهم مظهرا يتكافأ وشدة رنين وصدى الآلة النحاسية حتى بدت أجسادهم من شدة الانفعال ليست واقعية صيغت حركتها من دفع المشاعر وقوتها .
- وهناك ملحوظة فى هذه اللوحات تكشف عن قدر معايشة الفنان وإحاطته بالموسيقا بدرجة نافذة فقد لسم عازفيه دون أن ندرك عيونهم الناظرة إلى الداخل كأنها عيون مخدرة لا واعية مختبئة خلف انفعال الداخل لحظة تدفق موسيقاه الداخلية وهذا عكس رؤية مختلفة للوحات رسمها رسامون كبار لعازفين ، فمثلا رسم مانية العازف الإسبانى وفيرمير رسم عازفى البيانو وتوماس سولى رسم عازفى الهارب وعيونهم على المشاهد وهم يعزفون ، كما أن بول سيزان وفان جوخ وثيودور روبنسون ولويزاباما رسموا وعازفيهم عازفاتهم وعيونهم منصبة فوق النوته الموسيقى ، بينما رسم توماس اليكنز وأميرد مورليانى عازفيهما وعيونهما على الآلة ، ويأتى رسم سمير فؤاد لعازفيه بذلك الاختباء للعين وذلك الوجه المموه وراء مسار الصوت يحمل قدرة معايشة اللامرئى أدركناه فى مشهده المرئى ، وهذا أكثر ما حققه سمير فؤاد ونجح فى التعبير عن هذا الصعب بإدراكه لحركة الداخل وليس الخارج التى استغرقته قبلا طويلا، ليرصد لنا الداخل بعنفوان طاقته مرئيا فى جمالية .
فاطمة على
القاهرة - 2009
لحم سمير فؤاد
- ` لحم حى .. لحم ميت .. لحم طازج .. لحم عفن .. لحم غال .. لحم رخيص .. لحم مشدود .. لحم متهدل .. لحم القربان .. ولحم الذبيحة .. ولحم الضحية .. لحم يصرخ .. يتألم .. يحتج .. يتفتت ويختلط بأديم الأرض .. لحم يستدعى الرغبة ويستثير الشبق .. ولحم يفرض العفة ويخمد جذوة الرغبة ، ما بين القبلة والالتهام خيط رفيع .. وما بين مطارحة الهوى والافتراس قيد أنملة .. ما بين الضحك والصراخ همسة .. وما بين اللذة والألم شعرة .. وما بين الضحية والجلاد خطوة ` . - هكذا .. قدم الفنان سمير فؤاد لمعرضه الجديد والمثير الذى يقيمه حاليا الذى يقدم تناقضات التعامل مع اللحم فى المجتمع متخذا من أزمة اللحوم وغلائها حال الفقر مدخلاً ليقدم فلسفة خاصة جملها بأسلوبه الخاص المتحرك فى ديناميكية لونية تحدد مسارها الخاص فرشاته فى ` لحم ` وجوه نسائه المتألمات حتى وإن ظهر جسدهن ساكناً يعتصره الألم الداخلى . - إسقاطات سياسية واجتماعية واقتصادية عبر عنها سمير فؤاد فى هذا المعرض ` المفاجأة ` فى موضوعه والذى يعد مرحلة مهمة ونقطة تحول فى تاريخه الفنى داخل مساره التقنى - بالطبع - فهو فنان صاحب توجه خاص ومتفرد فى أسلوبه الفنى الذى يعتمد فيه على لمسات فرشاته السريعة والمتلاحقة والقوية المحملة بالإحساس والتى تضطرك إلى ملاحقتها ، وكأنه وضعها فى التو ، لتخلق مع المشاهد حالة من التوحد والتواصل والمعايشة فى لحظات انفعالية خاطفة متوترة حتى وإن سعى فى بعضها إلى فى بعضها إلى ` تنميق ` أدائه . - علاقات لونية متوترة .. توتر علاقات عناصره ببعضها ، بين لحم الذبيحة والمواطن المقهور المحبط والرافض لهذا الوضع الذى لا يستطيع التعامل معها أو السيدة التى تمر مرور الكرام أمامها ، وكذلك التى لا تسطيع إلا أن تحصل على ما تبقى منها لتسد رمقها ، والمعانى التى تخرج من صرخات تلك الأفواه المحرومة والوجوه المكلومة ، وتلك الطفلة التى أصرت أن تقف أمامها لتحصل على صورة للذكرى . - تفقد وجوهه ملامحها ليختلط المرئى باللامرئى ليصب التعبير الذى تحمله والانفجار الذى سببه هذا ` اللحم ` .. الذى أصبح التعامل معه حلماً ليسد رمق الجوعى . لحم أخر اقتنصه سمير فؤاد من سجن أبو غريب ليكشف ما جرى من أحداث على صعيد السياسة العالمية ، ويعبر عن هذه الأحداث المؤسفة التى جرى فيها كشف لحوم البشر والتعامل معها تعاملا غير آدمى ولا أخلاقى أمام الادعاء الظاهر بحماية رفعة الإنسان ! - الصورة الأخرى السياسية ، وكما وقفت تلك الطفلة لتحصل على صورة للذكرى ، وقد حملت ملامحها الذهول والحيرة ، عبر الفنان عن صورة أخرى اعتدنا رؤيتها للشخصية المهمة حينما تلتقى الجماهير واختار ` ستالين ` .. ليقوم بها فى خلفية تكتنز فيها هذه اللحوم التى حرمت من تناولها الجماهير ومعظم أفراد الشعب وكأنه لا علاقة للحاكم بهموم المحكوم وأى هموم ؟! - وعلى الجانب الاخر وذاك لحم .. وتلك لحوم عبر عنها الفنان باقتدار وتمكن فى اختيار كل ما يتعلق بعنوان معرضه الذى يحمل كلمة واحدة من ثلاثة حروف ، لكنها تحمل فى طياتها العديد والعديد من المعانى والموضوعات التى نعيشها ، بل ونتعايش معها مرغمين ، وقد أوجز الفنان سمير فؤاد بقلمه فى كلمات مقدمة المعرض التى استهل بها الموضوع ، كما أوجز بفرشاته وألوانه فى لوحات المعرض . - إنه صرخة المواطنين المكلومين المحرومين .
د. محمد الناصر
مجلة نصف الدنيا - 2010
! لوحات سمير فؤاد `المتحركة `... غواية وافتراساً وغرائبية
- الحركة فى أعمال الفنان سمير فؤاد هى أول ما يسترعى الانتباه حين تطالع لوحات معرضه الحالى فى قاعة `بيكاسو`فى القاهرة تحت عنوان `لحم` والذى يستمر حتى منتصف الشهر المقبل.
- وفؤاد من خريجى كلية الهندسة عام 1966 وعمل لسنوات عدة فى مجال برمجيات الحاسب الآلى، وأحب الفن لأنه من أسرة محبة ومتذوقة لكل أنواع الفنون،فدرس بشكل حر واقترب من الفنان المصرى الراحل حسن سليمان ليتتلمذ على يديه. وكان لأسفاره وزياراته متاحف الفن فى أوروبا نصيب أيضاً فى صقل معرفته وبلورة موهبته حتى استقر على أسلوبه الذى عرف به .
-كان الأمر فى البداية مجرد هواية لكنه انساق وراءها إلى أبعد مدى حتى تفرغ لها بالكامل منذ عشر سنوات تقريباً. وظل أسلوبه القائم على الإيهام بحركة العناصر مرادفاً لأعماله منذ مشاركاته الأولى فى العروض الجماعية وحتى إقدامه على العرض منفرداً فى منتصف تسعينات القرن الماضى، ليسترعى انتباه النقاد والمتابعين له بأسلوبه الخاص فى التعامل مع العناصر خصوصاً فى معالجاته المرسومة بالألوان المائية .
- يعتمد فؤاد فى أسلوبه على صياغات هى أقرب إلى السوريالية أحياناً فى تصوير العناصر التى يتناولها، ويعتمد الحركة كعنصر رئيس وفاعل فى معظم أعماله، فيؤكد عليها ويتعمدها بوسائل مختلفة تتراوح معالجاته لهذه الحركة بين الحركة البسيطة التى تغلف اللوحة بنوع من المستويات اللونية المتباينة والمتجاورة، وأخرى تتسم بالقوة كما يبدو فى تكراره لعناصره المرسومة فى اللوحة الواحدة فى حالة أشبه بشريط السينما أو الرسوم المتحركة `لحم` عنوان صادم للوهلة الأولى، نظراًً إلى غرابته، أو عدم اتساقه مع ما يشير إليه، لكنه فى الحقيقة يتسق تماماً مع طريقة فؤاد فى التعامل مع موضوعات أعماله التى يغلفها عادة بنوع من الفلسفة والدراسة العميقة والمتأنية للعناصر والموضوعات التى يعمل عليها.
- ينتقى مفرداته من الطبيعة والبيئة المحيطة به، ويعتمد فى رسمه للأشخاص على أناس يعرفهم ويعرفونه، لكنه لا ينقل كل هذه الأشياء أو الملامح كما هى، بل يضفى عليها الكثير من المتعة اللونية، والغرائبية أحياناً.
- فهو حين يتناول موضوعات الطبيعة الصامتة على سبيل المثال، لا يلجأ إلى تلك العناصر التى تواريثها ذاكرة التشكيليين على مر السنوات كباقات الزهور أو أطباق الفاكهة وغيرها، بل يلجأ إلى مفردات أخرى مختلفة كثمار الباذنجان والفلفل، أو مفردات أخرى صادمة كعظام الحيوانات ورؤوس الأسماك.
- مفردات تبدو غريبة وغير مألوفة، لكنها تدهش بجمالها وتناسقها داخل اللوحة، ويتعامل معها بالطريقة ذاتها التى يتعامل فيها فنانون أخرون مع باقات الزهر والفاكهة .
- وفى السياق ذاته الذى يتعامل به فؤاد مع تلك العناصر يأخذنا بعيداً من معانيها ودلالاتها المباشرة إلى معان أخرى أكثر عمقاً وثراء.ففى كل معرض من معارضه التى أقامها ثمة بحث وراء الخامة والمفردات والمعانى والإشارات التى توحى بها. وفى أعماله المعروضة حالياً فى قاعة `بيكاسو` يعتمد الفنان المصرى على تلك التداعيات المختلفة التى تثيرها كلمة `لحم` من الالتهام والافتراس إلى التضحية، ومن الحب إلى الغوية والشهوة المتنافرة والمتضاربة لا يفصل بينها سوى خيط واحد رفيع .
ياسر سلطان
2010 / 11/ 18 - الحياة
حرية الجسد فى أعمال سمير فؤاد
* تعكس لوحات الفنان الحنين إلى عالم الطفولة بدءاً من اختيار عالم الألوان المائية بعفويتها وطزاجتها .
- لا يأبه الفنان سمير فؤاد فى معرضه الفنى الجديد بالتعبير الصارخ عن الحنين، رغم ما تحيل إليه هذه الكلمة من دلالات ماضية، خصوصًا فى مضمار الفن التشكيلى، وما ترمز له من نزعة عاطفية مستكينة تتنافى مع ملامح الفن المعاصر. ومع ذلك آثر الفنان أن يكون الحنين عنوانًا لمعرضه الذى أقيم بقاعة بيكاسو بالقاهرة، وفسَر هذا الميل فى مطوية المعرض قائلا : ` انتابتنى فى الفترة الماضية مشاعر حنين إلى الماضى، ربما لأن المرء عندما يتقدم به العمر ينظر إلى الوراء أكثر مما ينظر إلى الأمام، يتحسر على علاقات انفصمت بفعل رحيل أصحابها أو بفعل حاضر فرض علينا أن ننعزل بفعل ضغوط الحياة، أو يتحسر على وطن كان يحلم بأن يكون فى حاضرة أفضل مما أتى به الواقع.
- هل الواقع السياسى المصرى بكل وطأته هو ما جعل الفنان يبحث فى وجوه هذه الفتيات من الزمن الجميل؟ وهل هو نفسه ما دفعه لأن يستدعى نماذج من الراقصات الشرقيات - كان قد قدم مثيلاتهن فى معرض سابق فى 2004 بعنوان `شهرزاد ترقص`- كما لو كان الفنان يجمع لحظات مبعثرة من الماضى القريب والبعيد يريد أن يمسك بها قبل أن تنقضى أو أن تتلاشى تمامًا؟ وكما لو كان الأمر يتعلق بمعرض استعادى يتوقف فيه الفنان عبر مراحله المختلفة رغم حداثة الإنتاج المعروض ما بين عامى 2010 و2013. صحيح أن الفنان يقدم موضوعات فنية متنوعة تتمحور حول أربع تيمات رئيسية اقتنصها الفنان من الذاكرة الغزيرة الثرية، إلا أنه ليس معرضًا استعاديًّا بالمفهوم المتعارف عليه. حيث مجموعة أولى - هى البطل الرئيسى للمعرض إذا جاز التعبير- تصور الأرجوحة الشعبية ذات الألوان الزاهية التى طالما داعبت مخيلة الفنان، والطفل الذى كان، وشغلته حين شبّ وراح يبحث فى مشروعه الفنى عن سر حركتها والتقاطه لها فى حركتها البندولية صعودًا وهبوطًا. ثم مجموعة وجوه الفتيات التى تستدعى معرضه السابق `من الوطن للجنة`، الذى تحاورت فيه أعماله مع قصائد الشاعر أمين حداد، وتناول فيه الوجوه المصرية التى تزأر بالرفض والنساء المكلومات بعد الثورة المصرية.
- ومجموعة ثالثة من لوحات الطبيعة الصامتة التى تجمع الموضوعات التقليدية من زهور وأوانٍ وثمار العنب والرمان تعكس تحدى ومهارة الفنان فى استخدام الألوان المائية فى مساحات اللوحات الكبيرة. وأخيرًا مجموعة الراقصات الشرقيات فى إيقاعاتهن فى الحياة اليومية، ولفتتاهن الوحشية الفطرية بخطوط تجريدية. تتفرع الموضوعات، لكن تحكمها وتظلل عليها روح الحنين، حنين لنماذج شهر زاد المختلفة، المرأة الواثقة التى تتحدى السلطة الذكورية والسلطة القمعية بمرونة واقتدار، قد تظهر بفرشاة سمير فؤاد أشبه بالفنانة سامية جمال أو الراقصة كيتى، لكن يظل القاسم المشترك بين هؤلاء جميعًا هو حركة الجسد فى حريته وتحرره من أى قيود، وفى الوقت نفسه بعده عن الحسيّة المباشرة التى قد تغوى أى فنان فى تعامله مع موضوع الرقص الشرقى. كما تعكس الأعمال الحنين إلى عالم الطفولة، بدءًا من اختيار عالم الألوان المائية، بعفويتها وطزاجتها والنشوة التى تصاحبها - كما يقول الفنان نفسه- ثم التشبث بتيمة الأرجوحة بما تمثله من إثارة وانطلاقة وتحليق فى أفق مغاير عز أن يتوافر فى الواقع الحالى. يضاف إلى ذلك كله التقنية التى يلجأ إليها الفنان، حيث يحدث تشويه وتمديد طفيفا للشكل، مثلما الحال فى لوحة الحصان الخشبى أو فى جانب من لوحات الراقصات، والتى تظهر للمشاهد كما لو كانت انعكاسًا عبر المرآة أو عبر سطح من المياه. (هل أراد الفنان أن ينقل للمشاهد مفردات الحنين مستدعيًّا وعى الطفل الذى كان؟ أم أنه ربما أراد أن يصور - بهذه الغلالة الشفيفة تغلف الفورم وتمدده-المشهد الضبابى ليحاكى محاولات المرء التذكر ومقاومة النسيان؟). أما ما يشغل سمير فؤاد نفسه فى هذا التنوع والتمسك بتقنية التشويه الطفيف -الذى يختلف عن التشويه الذى نعرفه لبيكاسو أو لفرنسيس بيكون- فهو عنصر الحركة. الحركة هى شغله الشاغل، يتساوى فى ذلك حين يحاول الإمساك بلحظة النشوى الكبرى عند تعلق الأرجوحة فى الهواء ومشاعر الإثارة التى تتملك الطفل، راكب الأرجوحة وتداخل ألوان الأرجوحة وتشابكها فى حركتها السريعة الملغزة، أو حين يلتقط بقعة الضوء الساقطة من نافذة المرسم وهى تتسلل مخترقة سطح زجاجة زرقاء فتتوهج. تتغير الأشياء والجماد من حوله بفعل الضوء أو بفعل مشاعر الفنان حيالها من لحظة إلى أخرى لتتركه فى بحثه الدائم والدؤوب للإمساك بالحركة. أما عن أسباب هذا المنحى التقليدى لفنان تتلمذ على أيدي الراحل العظيم حسن سليمان، وعرف بضرباته الحداثية الصادمة مثل معرض `لحم` الذى أقامه عشية الثورة المصرية فى نهاية 2010، وارتصت فيه ذبائح اللحم جنبا إلى جنب مع صور لسجن أبو غريب، فلا يمكن الجزم به. هل هو `فضفضة` أخيرة قبل السكوت عن الكلام المباح؟ أم مجرد حنين جارف، و`رغبة محمومة لا نعرف لها اسما` كما يقول الفرنسى أنطوان دى سانت اكزوبيرى عن الحنين؟ أم أنها بالأحرى استراحة محارب، يترجل الفنان للراحة والتأمل قبل المعاودة من جديد فى المعرض العام للفن التشكيلى الذى فتح أبوابه منذ أيام قليلة، وشارك فيه الفنان بلوحة من مشروعه الجديد ` الاتجاه الواحد ` .
دينا قابيل
التحرير - 9/ 6/ 2013
توترات
- ` ويمكننا إدراك مبدأ تأليفى فى لوحات سمير فؤاد فقد نراه ينفذ الأشياء فى اللوحة الواحدة، من خلال الآخر أو فى تلاصق متداخل جنباً إلى جنب أو أحدهما فوق الآخر دون تأكيد على المرئى ، مع عدم الإصرار على اعتماد مساحة اللوحة فى تركيب الفراغ، وجعل الفنان لامتداد اللون أثاراً ربما تأتى خلفه لتحدث توترات قد تدركها العين، كآثار لأشياء تتشابك بين الوجه والخلفية، وحين ينفض التشابك تتهادى ثقيلة خارجة إلى خارج إطار اللوحة فى تثاقل بعيداً عن بريق اللون وومضه `.
الناقدة : فاطمة على
التأويلات الجديدة للحكاية فى معرض `النداهة` لسمير فؤاد
من بين الحكايات المتواترة التى تفتحت عليها ذاكرته ووعيه الطفولى ، وحدها بقيت حكاية النداهة فى وجدان الفنان التشكيلى سمير فؤاد ، الذى استلهم هذا المخزون الخيالى المنفتح على عدد لا نهائى من الحكايات ، فى معرضه المقام حاليا بجاليرى الزمالك بعنوان ` النداهة ` ويستمر حتى 18 مارس المقبل وعبرعشرين لوحة فنية ، لعشرين امرأة فى أوضاع وزوايا نظر مختلفة ، جسد فؤاد عشرات الحكايات الحية المكتنزة بالدلالات والتأويلات العديدة ، بطلتها المرأة ، رمز الغواية فى الوعى الجمعى العربى خصوصا والإنسانى عموما ، والنداهة فى أقرب صورها ، وضحية النداهة التى تخطف الرجال والأولاد والأحلام فى آن ، مخلفة أفقا متخما بالحكايات .
فى لوحات فؤاد مزج هائل بين طزاجة الألون الصاخية ومراوغة الظلال ، من أجل فكرة لا تسلم نفسها طواعية للمتلقى ، بل سرعان ما تشتت انتباهه ، قبل أن تعيده لمركز اللوحة فى رحلة دائرية ، يكتسب معها المعنى مدلولا أكثر سيولة وسعة .
ورغم الغموض النسبى بما يليق بصور وحكايات عن التيه، فإن ملامح بطلات فؤاد ، ذات مرجعية زمانية ومكانية واضحة ، تشى بها الملامح السمراء لنساء وادى النيل ، وشكل الملابس الذى ينتمى لتفاصيل قرن مضى، وكذلك الطبقة الاجتماعية المتوسطة والأقرب للشعبية ، كونها الطبقة القابضة على أكبر قدر من الحكايات ، وخزانة الذاكرة .
يبقى عنصر الحركة ، المزدهر بشدة فى هذه اللوحات، والواصل بين طرفى دائرة المعنى، بتفاعلات متفجرة ومتقاطعة مع جميع عناصر اللوحة من ألوان وظلال وخلفيات معرفية، وأخرى من هدايا الخيال.
ورغم التأويلات يبقى التشبيه الثنائى للحياة كوجه أخر لعملة النداهة ، كما يرى سمير فؤاد الذى يعد المرأة - النداهة - التية ، تنويعات على الحياة التى تتزين بمغرياتها البراقة، وتسحبنا خلفها بلا وعى فى رحلتها ، رغم علمنا بحتمية النهاية . لكنه لا يحجر برؤيتة تلك ، كما أكد لـ ` الشروق ` على خيال المشاهد وقراءته الخاصة ، ` لأن الفن التشكيلى لذته فى الاكتشاف ` .
يشار إلى أن سمير فؤاد فنان تشكيليى شارك بالعديد من المعارض فى البلدان العربية والغربية مثل إنجلترا وروسيا وإيطاليا والكويت وعادة ما تمتد أعماله من جذور لغة التصوير إلى أفاق الحداثة ، متأثرا بالموسيقى التى ساهمت بشكل كبير فى تشكل حسه الفنى منذ نشأته وتأثره بطفولته فى ضاحية مصر الجديدة .
صلاح عزازى
الشروق 24-2-2017
` ندّاهة ` سمير فؤاد تتجلى فى جاليرى ` بيكاسو2 `
` النداهة ` عنوان معرض الفنان الكبير سمير فؤاد المقام حاليا فى جاليرى ` بيكاسو 2` والذى هو ككثير من فنانين حقيقيين ويظلون على مدار حياتهم لا تكف نداهة الفن عن مناداتهم .. هذا ما حدث مع سمير فؤاد منذ طفولته أن ندهته ` نداهة الفن ` والإبداع وعاش حياته ينصت لها ..مستمتع بندائها المغرى ويستعد له .. وشجعه أخوه على الإنصات الدائم لندائها وعدم تجاهله وظل لسنوات يتفاعل مع ندائها عن بعد دون الغوص فى مياهها .. فقد أخذته الحياة إلى شطآن مياه أخرى .. ولكن ظلت فكرة ` النداهة ` مسيطرة عليه وكانت تعاوده لسنوات طوال حتى يحقق نفسه.. وحين استحضر اللحظة منذ ما يقرب من الثلاثين عاما ونادته بإغوائها الذى لم ينقطع كان مهيأ للمخاطرة .. فترك عمله وأهتماماته ولبى نداءها وأخذته إلى أعماق مياهها ولقنته بعضا من أسرار عالمها ..
وبعد هذه الفترة من تلبية النداء جاءه اليوم ليقيم عرضا ` لنداهته ` الكامنة داخله لسنوات وأسمى عرضه باسمها .. قدم فيه معنى إغواء خوض الأعماق إلى ما فوق أسطح لوحات بما للفن من معاناة وروعة لم يكفا عن مصاحبته من عرض لآخر منذ لبى النداء .. لذلك قدم مجموعة من أعمال لم تعرض من قبل لكنها تولدت خلال سنوات بتجارب متراكمة حسا وملمسا ولونا ورؤية مفاهيمية للإنسان فى خوض اللوحة لبعدها الرابع .. فلوحات العرض هذا نادته ليعرضها وقد التمست فى نفسها أنها كنادهته .. وربما هو أخذ دور` النداهة ` فلبت نداءه وكانت لوحات .. لذلك أعتقد أن المسافة مفقودة بين الناده والمندوه فى عالم الإغواء وعالم الفن معا .. وأرى أن هذا المعرض هو حصيلة لناتج فعل الإغواء والنداء من نداهتة الأولى ` نداهة الفن ` .. فهل اختزن الفنان ` نداهتة ` داخله .. خاصة وكل لوحة يختزن فيها جزءا من معنى ` النداهة ` لونا ومعالجة ..؟ ام انه فى واقع الفن هو الناده المندوه معا ..
يحيرنى تقديم الفنان لمعرضه وقد حدده فى كلمات بعنوان ` النداهة الأسطورة ` أو الحكاية المتوارثة فى ريف مصر للمرأة شديدة الجمال والإغراء التى تظهر ليلا فى الظلام تنادى على رجل ما فيستجيب لها فتجذبه إلى أعماق مياه الترعة التى تسكنها .. وحرفيا كصدى لكلمات الفنان تأتى نساء لوحاته ليس بهن هذه السمة لا بالجمال المبهر الأسطورى ولا يفعل الإغواء .. هذا ان التزمنا بمفهوم ` النداهة الأنثوى ` كما قدمه مباشرا فى كلمة كتالوج معرضه .. بل على العكس نساء لوحاته ومنذ ظهرن على سطح اللون وهن يمثلن معاناه قدرية مموهة الداخل والجسد ..
من داخل المعرض ورمزيا رأيت فى لوحته أسطورة المندوه الحائر وقدر معاناته .. وكيف أن النداه والمندوه يقفان فى تحد على أرض واحدة كما بدا هذا بوضوح فى ` لوحة الكوكا كولا ` المرأة هى ` المندوهة ` وزجاجة المياه الغازية هى ` النداهة ` وقد جمع بينهما الفنان على أرضية مفاهيمية بلون أخضر معبرة نفسيا وماديا عن فكرة ` النداهة ` النفسية فى رمزية عالية لمجتمع استهلاكى تعدى بمراحل مرحلة الكوكا كولا كنداهة إلى مئات النداهات تظهر لنا على السطح صارخة يوميا .. ولأن الفنان سمير فؤاد يقدم بجدارة لوحة التصوير ممزوجة بالرؤية المفاهيمية لذلك داخل معرضه قد تحتار .. هل المرأة هى النداهة كما ذكر الفنان أم هى المندوهة ؟ خاصة وكل سمات وعيون شخوصه الزائغة هى عيون مندوهات ولسن بعيون لنداهات مغويات .. لذا يبدو أنه فى كثير من لوحاته النسائية رسم المندوه وليس الناده .. وإن كان رسم نداهات فقد رأيت نداهاته مستسلمات مشوشات متأملات لأنفسهن وليس مشغولات بالغواية ..
فالمندوه يوضع فى حالة نفسية تتوه منه العيون وتزيغ ولم يتحقق بالكامل .. وقبلا كانت عيون شخوصه غائصة الى الداخل لكنها هنا ليست جزعة أو مجذوبة بشئ فنساؤه بلا غواية النداهة .وفى رسم النداهة كما فى أحلأم اليقظة أعتقد أن الصوت عنصر قوى للتعبير عن فحيح النداء الاتى من الظلام مثير الرعب .. وللإفلات منه ألا يرد المنادى على الصوت ولا يلتفت له أويعيره أنتباها .. وبدت فى ألوان الفنان وضربات فرشاته وتشهير العيون والوجوه قوة تقترب من الانمحاء وكأن هناك صدى لصوت يتردد صداه بين أرجاء اللوحة من بين شعيرات فرشاة اللون الخشنة الضاربة والساحقة للوجوه بما يجعلنا نتخيل صوت خرفشات حركة الفرشاة العريضة وخشونتها المهيمنة على كامل اللوحة بلا هوادة كأنها ليست صوت النداهة فقط بل وأيضا أثار إغوائها المرعب ..
وجسديا أعتقد أن المندوه - كما فى الحكايا الخرافية- بخوفه المسبق هو مدمر نفسى زائغ البصر وقد تأخذ ملامح وجهه شكل تلقى الصعقة بعيونه وتهشيرات وجهه الأقرب للمذاب .. لذلك أرى الفنان لم يرسم النداهة حرفيا قدر رسمه لأثر ندائها على روح المندوه .. فالمندوه هو حالة نفسية مهيئة مسبقا لنداء النداهة إن أقنع نفسه بوجودها الفعلى حتى تصبح حقيقة لديه حينها تصبح كل لحظاته مندوهة أو مترقب حتى يصبح كمن نده بالفعل .. تماما مثل المنتجر مجرد ما أخذ قرار الانتحار فهو قد أصبح نفسيا ميت بالفعل حتى ولو تأجل تنفيذ الانتحار .. كذلك المندوه هو على حافة بين الوعى واللاوعى أو الإدراك واللاشعور دون أن تصعقه النداهة أوتدمره .. ربما أكون أدركت بعض من هذا فى بعض وجوه شخوص لوحاته .. معرض ` النداهة ` برؤية فلسفية لوجودنا ولما يؤديه الفن وربما أراده الفنان من ` نداهتة ` أنها فعل إنسانى بدرجة كبيرة ..فأى منا هو مندوه بدرجة أو بأخرى .. لذلك وجوهنا مرهقة مترقبة الصفعة القدرية التالية وإن تلاقت عيون أيا منا يصبح ناده للأخر لاستنزافه واعتصار روحه .. ودون الخوض فى الأسطورة بل فى الواقع ندرك الناده والمندوه يكملان علاقة بشرية فى الأصل .. فكلنا تنادينا نداهاتنا ونتشوق للنداء وكل منها لها أدوات ندائها التى تتفق ورغباتنا .. وكلنا فى هذا العالم مندوهين ونادهين ..فكى نحقق وجودنا وسط هذا الوجود القاس يخفف عنا ولا يخيفنا أن تكون لنا نداهتنا فوتيرة حياتنا فى الربع الأول من القرن الحادى والعشرين هى ذاتها نداهة مربكة رغم واقعيتها .. هى غامضة ومعقدة كما فيما وراء الطبيعة .. ومع أنماط حياتنا المحمومة والتعامل النفسى العاجز مع ضغوط الحياة وهيئاتنا بدونا كأننا نسير ملبين لنداء غامض ونجاهد فى محاولة توازن فوق حبل مشدود بعيون زائغة .
أرى معرض ` النداهة ` عرضا بشريا إنسانياً وليس أسطوريا فكل منا ينادى اللآخر أو يلبى نداء له .. حتى لو بدا ان المندوه غير مهتم .. وعادة المندوه يحاول بكل طاقته أن يجذب نداهته لتناديه فيلبى على الفور رغبته هو وليس رغبة النادى .
لا يمكن إنكار أن هذا العرض المهم للفنان الكبير أثار تساؤلات حول حيوية وأهمية رمزية وجود النداهة لوجودنا ومبرر لأفعالنا .. فإن لم تنادينى أو تلح على ذهنى فكرة ما لما أقدمت على تنفيذها .. والنداهة تنادى فقط من تجده يريد ويسعى وراء ندائها وتلبية التحدى .. وبعضنا مندوه كونيا لادراك جدوى وجوديته فى هذا العام .. والآخر مندوه نفسيا لإدراك قدرات ما بداخل نفسه.. والبعض مندوه حسياً لتلبية رغباته الإنسانية .. والبعض غير المندوه ليس لديه ما يسعى لتلبيته .. لذلك كلنا نسعى لمندوهتنا ..
فاطمة على
القاهرة 27-2-2017
الحنين إلى الماضى فى أحدث معارض سمير فؤاد
- ( حنين ) هو عنوان أحدث معارض الفنان التشكيلى سمير فؤاد الذى افتتحه د. محمد صابر عرب وزير الثقافة ود. طارق وفيق وزير الاسكان والمجتمعات العمرانية بقاعة بيكاسو بالزمالك ونخبة من الفنانين التشكيليين ومحبى الفن التشكيلى والصحفيين والاعلاميين ويستمر حتى 10 مايو المقبل .
-الفنان سمير فؤاد قال عن ظروف إقامة المعرض وسبب تسميته باسم `حنين` إنه انتابته فى الفترة الاخيرة مشاعر حنين جارف الى الماضى أرجعها الى أن المرء عندما يتقدم به العمر ينظر الى الوراء أكثر من نظرته الى الأمام، وربما يتحسر على علاقات انفصمت برحيل أصحابها، أو لأن حاضرا كئيباً فرض علينا العزلة الى جزر بفعل ضغوط الحياة .
- وبمرارة من يحمل هموم وطنه يقول سمير فؤاد : ربما لجأت الى هذا الحنين تحسراً على وطن كنت أحلم بأن يكون حاضرة أفضل مما أتى به الواقع، أو أن هذا الواقع يجعلنا لا نريد أن ننظر الى المستقبل رهبة منه أو خوفاً عليه.
- وجد الفنان نفسة وهو فى هذه الحالة يعود الى اشياء كانت ممارستها تعطيه الفرح والحبور، ومن هذه الاشياء الألوان المائية بعفويتها وطزاجتها والنشوة التى تصاحب سقوط بقعة اللون على السطح الأبيض، ومحاولة الإمساك ببقعة الضوء الساقطة من نافذة مرسمة وهى تتسلل مخترقة سطح زجاجة زرقاء فتتوهج مثل مشكاة مضيئة فى عتمة مسجد فاطمى.
- أيضا وجد الفنان نفسة فى حالة حنين الى استكمال بحث بدأه ل`صياغة حركة الأرجوحة` فى حركتها البندولية ما بين صعود وهبوط أو حركة جسد فى الفراغ لراقصة تتثنى على إيقاع محموم .
-عاد الفنان كذلك الى لوحات بدأها ولم يستكملها، فكان استكماله لها محاولة لأستدعاء ما كان يستثيره فى شكلها ومحتواها وما كان يحاول الوصول إلية .
ويضيف الفنان انه بعد ان انتهى من `التجربة ` ونظر الى الأعمال فى مجملها وجد أمامة معرض شبه استيعادى يمسح قرابة العشر سنوات الأخيرة من تجاربة فى الفن وهكذا تأكد له ما كان يؤمن به دائما، وهو أن `المقاومة بالفن ` هى أمضى سلاح يملكه الفنان، وأن ` الحنين الى الماضى هو مخزون نلجأ الية لشحن إرادة أصابها بعض الوهن لكى تستعيد عافيتها، ولنمضى قدما ً الى غد نساهم فيه ـ ولو بجزء يسير ـ على أمل أن يكون هذا الغد أفضل وأجمل ، ومن هنا جاءت فكرة هذا المعرض .
- ومن جانبة أشار وزير الثقافة د/ صابر عرب ـ خلال افتتاحة المعرض ـ الى أن معرض سمير فؤاد أحد المعرض المهمة التى استفاد منها بما لدية من التنوع والخصوصية الشديدة مضيفا بانه من الممكن عمل مهرجان دولى للصناعات الثقافية مثل الملابس والحرف التقليدية والفلكلورية والمنمنمات والكتب والفن التشكيلى بساحة دار الأوبرا ولمدة خمسة عشر يوما لانه يقدر دور الأعمال الإبداعية فى الفن التشكيلى وخصوصا فى العام الماضى للفنانين المبدعين سواء من جيل الرواد أو الوسط أو الشباب، ودعا كل المتذوقين للفن التشكيلى لكى يشاهدوا هذا المعرض، مؤكدا أن الفن التشكيلى يحتاج الى جهد فردى وليس جماعياً مثل المسرح، فالفن التشكيلى جهد فنان مبدع لدية مشروع يريد تنفيذه وطاقة يعبر عنها ورؤية وثقافه، مضيفا بأنه شاهد الكثير من المعارض التشكيلية لكثير من الفنانين الشباب مؤكداً بأن بلادنا ستظل مضيئة بهم دائما.
- والمعرض يضم خمسين لوحة منفذة بالألوان المائية والزيتية وهو معرض شبة استيعادى للاشياء التى تثير الدهشة ومشاعر الفرح يسترجع فية الفنان مشروعة الفنى خلال العشرة أعوام الماضية إلا أن معظم أعمال المعرض تم إنتاجها خلال الأعوام 2010 - 2013 ويتناول أربعة موضوعات رئيسية خلال مراحل تطورها وهى : المراجيح والراقصة الشرقية والمرأة المصرية والطبيعة الصامتة.
- والفنان سمير فؤاد من مواليد عام 1944بمدينة القاهرة وهو يشارك فى الحركة الفنية بمصر منذ ثمانينات القرن الماضى فى المعارض العامة والخاصة، كما أقام العديد من المعرض الفردية وعرضت أعماله فى العديد من بلدان العالم الفردية وعرضت أعماله فى العديد من بلدان العالم وله مفهوم وأسلوب خاص يستدعى فيه الزمن والحركة فى لوحاته كما أن له العديد من الكتابات عن الفن منها كتاب عن الألوان المائية يعتبر المرجع الوحيد من نوعه باللغة العربية، وقد أصبح من الفنانين المعاصرين المرموقين منذ نهاية التسعينات وعرف بتميزه الكبير فى خامة الألوان المائية ويهتم فى أعماله بإشكالية تمثيل عنصرى الحركة والزمن .
نجوى العشرى
القاهرة : 7-5-2013
لوحات بين احترافية التلوين العالية.. ومهارة تحريك ملامس السطح
- فى معرض سمير فؤاد فى `بيكاسو` الزمالك ..
- معرض الفنان الكبير`سمير فؤاد` الذى اقيم بجاليرى`بيكاسو` الزمالك هو عرض جميل ومتميز ضم عدة مشاهد من لوحات متنوعة.. ورغم ان الفنان اسمى هذا العرض بـ`أزمنه مفقودة` إلا أنه بدى عنوان وصفى أدبى أكبر من طاقة العرض البصرية الذى تميز بذلك التنوع اللطيف للوحات من مشاهد جميلة بعضها من الواقع أو من الخيال وبعضها إعادة صياغه للوحات سابقه من لوحات الفن العالمى ومقاطع من لوحاته أو من فوتوغرافيا.. فلا يمكن تصنيف الزمن إن كان حاضراً أو مفقوداً إلا من ذاتية فعله أي بزمنيته وما يخلفه وراءه من آثار مروره وفعله هو بذاته..
- فى هذا العرض ألحق الفنان تصنيفات وصفيه على الزمن بما أطلقه من تقسيمات: زمن براءة وزمن فانتازيا وزمن عبث وزمن متجمد.. وتحت هذه التسميات جزأ معرضه.. ومن شاهد قبلاً أو تابع فكرة عمل الزمن فى مشروع سمير فؤاد الفنى الضخم الذى امتدلحوالي عشرين عاما ماضيه سيدرك بقوه فعل الزمن دون تلك التقسيمات أوالاستعانة بكلمات وصفيه ليدرج تحت كل مسمى لفظي منها عدد من اللوحات لم يضف المسمى لها من شئ.. بينما كان يعمل الزمن على لوحاته السابقةبطبيعية كطبيعية مروره بحياتنا دون مسميات قصريه من الفنان.. وإن راجعتم مراحل الفنان السابقة بدءاً بمرحلة الألوان المائية فائقة الروعة والتعبير نرى كيفية تغلغل الزمن مفهوماً وحساً وتركيباً بين ألياف الورق وألوان الرسم المائية دون وصفات سابقه التجهيز.. هذا غير مراحله البشرية الغائر فيها الزمن جلداً وروحاً ومفهوماً كمجموعات `العازفين البؤساء` و`اللحم البشرى المباح` و`صرخات البشر`.. والراقصات المصهورات الأجساد والوجوه`.. ولوحات أبو غريب والجسد المُهان`.. و`والنساء المقعدات والزاحفات أرضاً` تلك التجارب البديعةالتى لم يلحق بها أحد..
- وفى مراحله الرائعة هذه كان بإمكاننا أن ندرك قدر تمدد الأجساد والتواءات الجلود بما تركه الزمن عليها من فعل أثر مروره وذلك دون تصنيفات أو مسميات أكليشيهيه.. فكانت فكرة التحول الزمنى بكل قيمتها فكراً ومفهوماً هىالفكرةالتى عاشتها أعماله القديمة بشخوصها..
- شخوص لوحات وفوتوغرافيا.
- بينما قبلا تميزت شخصيات وموديلات لوحاته بوجوديتهن الحقيقية بيننا من لحم ودم يتفاعلن روحا وجسدا داخل دائرة زمنية انتقلت للوحاته..الآن نراه فى هذا العرض وعرضين سابقين عليه يستدعى الزمن جاهزا سابق التجهيز بمفرداته من لوحات عالمية أو صور فوتوغرافية قديمة أو مقاطع سبق له رسمها.. لم نر فيها اثر تفاعل الزمن مع حضورهم لأنهم مجرد شخوص مستدعاه من صور من الماضى.. جاءوا على حالهم القديم..ليتشكل إنسان لوحاته فى هذا العرض عن صورة أو لوحه لإنسان وليس الإنسان نفسه.. بينما كانت لوحات الجسد البشرى قبلاً نراه يتمدد حراً او تتراكم أجساده تتشكل بنفسها وبكل معاناة وآثار فعل الزمن عليه.. الآن اصبحت الصورةفى لوحاته لطيفه جداً تهتم فقط بجمالها الخارجى ومهارة التلوين وحرفية حركة الفرشاةلتهشير وتحريك السطح كمصدر وليس الإنسان المصدر.. ليتحول إنسان لوحاته مؤخراً إلى مجرد صوره.. بينما عمل الفنان طويلاً على مشروعه الفنى الذى بدى لي بمثابة تحرير نفسى وجسدىوروحى لشخوصه بكل مهارات أدواته كفنان مُجرب.. الآن لم يعد التحرر موجود بل أصبحت العمليةهى تأطيرالإنسان داخل لوحات قديمة ربما لها ذكرى او لها تماثل من أجل فقط إعادة الصياغة من أجل تجريبيات لونيه بلغ بها بالفعل مهاره حرفيه عالية لظل الإنسان .. ليتميز هذا العرض بالمهارات فى معالجات سطح اللوحة وتراكماته اللونيةوتهشيراتهاالمبدعة متحدياً نفسه تقنياً كمحترف فى تعاملات سطح اللوحة وبشكل هائل..
- لوحات هامه فى العرض الحالى.
- فى هذا العرض قدم الفنان سمير فؤاد تنوع لطيف انقسم بين لوحات الطبيعةالصامتة لزهور وسمكه وجمجمة.. واستلهام من صور فوتوغرافيا التقطت له فى طفولته وأعاد إقامتها داخل مشاهد خياليه.. ومقاطع فانتازيا من معالجات قديمة للمرأة والمانيكان.. وبورتريهات نسائية..واستلهام عن لوحات فن عالمى كلوحة `غذاء على العشب`.. ومشهديات لألعاب الاطفال عن مراجيح مرحله سابقه بحرفيه أكبر.. وعن مناظر داخليه لمسجد ومحل عجلاتى ومحل مكوجى.. فهىاختيارات لمشاهد متعددة ليس الزمن قصرياً شريك أساسى فيها إلا فى زمن رسم الفنان لها وهو زمن محدود.. وتميز هذا العرض بدخول بهجة اللون الصريح الى لوحاته بتركيز أكبر فى مهاره عالية وهو ما ميز هذا العرض حرفية التلوين ومنهجه البحثي..
- وفى معرضه الحالى.. تألق بإعادة معالجه لوحة الفرنسى إدوارد مانيه `غذاء على العشب` فى معالجه فريده فى عرض درجات اللون والضوء والملامس وبإزالة شخصين كما باللوحة الأصل.. وقد جعلها لوحة معاصره شكلاً وهى اللوحة التى كانت الأكثر معاصره فى زمنها فكراً وشكلاً معاً بجرأتها ومادتها الموضوعية والفكرية.. أيضاًفى صدمة تقابل الجسد النسائىالعارى بالجسد الرجالى المُغطى.. وبدت كأكثرأعمال المعرض عمقاً فى التقابل الفكرى لمفرده موحده فى زمنين مختلفين يفرق بينهما 160عام..
- وفى لوحته التى قدم فيها صورته طفلاً ذو ثلاثة أعوام وهى واحده من ثلاث لوحات رسمها عن طفولته فى أجواء خياليه.. نراه طفلاً يقف بين ميكى ماوس وابطال ديزنى لاند كذكرى لامست طفولته.. ولوحات ميكى عادة تمثل أيقونهللطفولةالملهمة عالميا خاصه فىالثقافةالأمريكية.. وسبق ورسم ميكىالأيقونةفى لوحاتهم الفنانين `روي ليختنشتاين` و`آندىوارهول` و`بانكسى` و`داميان هيرست`.. لتبدو بالفعل لوحة ملهمه لطفولة الفنان.. وبدت أكثر لوحات نوستالجياالطفولةحيوية بين لوحتى طفولته الأخريين..
- وفى لوحة مشهد داخل المسجد أو الضريح قدم الفنان روعه اهتزازات الضوء بمهارة وليس كمعالجة لأشعة النور لنجفه مضاءة تتدلى من سقف المسجد.. ليبدو الاهتزازالضوئى متناسبا مع ترنيمات يحتجزها المكان داخل وعائه الروحى من ذكر وترنيمات ودعوات متصاعدة جعلت من روحانياتها للضوء رد فعل متجاوب كذبذبات متحركة مرئية..
- بدت بالفعل المعارض الثلاث الأخيرةالسنوية على التوالى للفنان سمير فؤاد وآخرها هذا العرض أكثر لطفاً ووداعه وأكثر احترافيةفى مهاراته التقنية والتلوينيةالعالية.
بقلم: فاطمة على
جريدة : القاهرة ( العدد 1122) 17-1-2022
|