الفنانة سهير عثمان(1952) .. من العلامات التراثية إلى المدارات الكونية
- كرست الفنانة الدكتورة سهير عثمان الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية رحلتها الفنية منذ أواخر السبعينيات للبحث فى جماليات الحضارات المصرية المتعاقبة والفنون الشعبية ، وتوظيف نتائج بحثها لخلق لوحة تشكيلية معاصرة ، مستعينة فى ذلك برؤى حداثية وخامات ووسائط متنوعة ، مثل الطباعة بألواح الزنك أو بالشاشة الحريرية أو عبر أنوال النسيج اليدوى ، وفى اعتبارها الدور المزدوج للفن بين الرؤية الإبتكارية الحرة للمعرض، والدور الوظيفى للفن فى خدمة الحياة ،انطلاقا من قناعتها بمسئولية الفنان الذى يحمل على عاتقه رسالة حضارية ومسؤولية مجتمعية يتواصل بها مع ميراثه الحضارى الممتد.
- وبالرغم من الدور المحورى للون فى لوحاتها الجرافيكية ، فإنه يأتى مسانداً لدور الخط المحورى ، حيث تبنى به تصميمها الأولى المستقى فى بعض الأحيان من رسوم الفن المصرى القديم وعلاماته الرمزية والسحرية ، أو من رموز لغته الهيروغليفية ، أو من الأشكال الهندسية المتشابكة فى الزخارف الإسلامية ، أو من العلامات والموتيفات المستوحاة من الفنون الشعبية ، مع معالجتها بأسلوب تحليلى وتركيبى وصياغتها بروح عصرية تدخل فى نسيج الفن الحديث.
- وتميزت بصفة خاصة أعمالها فى السجاد اليدوى ، حيث يصبح ` التصميم ` هو بطل التكوين نظرا لكبر مساحة العمل مقارنة بحجم لوحة الجدار، وبرغم الغرض الوظيفى أو الاستعمالى لقطعة السجاد، فإن الفنانة تجعل منها ميدانا للإثارة البصرية بتكوين حداثى ، خاصة حين تعتمد على لون واحد أو اثنين فى حوار بصرى أخاذ يوحى بلغة العلامات الرمزية فى الفنون الحضارية .
- لكنها كثيرا ماتتجاوز الأشكال التجريدية التى تنحو نحو الطابع الهندسى أو الزخرفى أو حتى العناصر التشخيصية المستوحاة من الرسوم الفرعونية ، متجهة إلى خلق حالة كونية أو ميتافيزيقية ، بتكوينات تضم ما يشبه الأجرام السماوية فى أفلاكها ومداراتها ، بما يعكس إسقاطات تأملية للطبيعة والوجود ومكان الإنسان فى المحيط الكونى ، حتى ولو لم تصوره بوجوده المباشر فى اللوحة ، وقد يعكس ذلك أيضا رغبتها فى التحرر من سيطرة الإطارات التقليدية المستهلكة لمفردات الأشكال لمفردات الأشكال التراثية ، متطلعة نحو آفاق إنسانية أشمل ورؤى كونية أبعد .
بقلم : عز الدين نجيب
من كتاب ( الفن المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية )