أحمد محمد صبرى عبد الرحيم حمدى
قصة الكركدن بجاليرى مشربية
- أقيم بجاليرى مشربية بوسط البلد معرض تشكيليى للفنان أحمد صبرى بعنوان قصة الكركدن عن قصة الفنان والكاتب محمد عبد الكريم .
-فى البداية يقول أحمد صبرى أن النصوص القصصية هى المصدر الذى بنيت عليه مجموعة من معرض قصة الكركدن كنوع من أنواع السرد البصرى ربما تخرج الصياغة البصرية متخطية حدود المشهد بالشكل الحرفى سواء على مستوى الشكل أو المعنى أو الرمز وهنا يكتمل البناء التأويلى للنص هو يحاول على هذا الموروث ربما تكون هناك رمزية للصراع تحدث بين الناس والكركدن شئ يشبه ذلك الصراع بين التقدمية والرجعية لكن الصراع هذا فى النهاية يؤدى إلى التنوير
- أخذت النصوص محاولا فهم الشخصية والأحداث التى تدور فى هذا النص ومن ثم تجسيدها فنيا صندوق سداسى الشكل وشعر أزرق مستعار وميدالية حلزونية يحاول الكركدن الحفاظ على ذلك الميراث من عبث الآخرين فيما ينتظر الناس ذلك الظهور الكركدنى الذى لطالما انتظروه لكن هل يستطيعون أن يتعرفوا على ذلك المنتظر؟
- كاتب القصة محمد عبد الكريم لم يرد أن يقوم بتحويلها من سرد مكتوب إلى فنى بصرى حيث يرى أنه لن يضيف إليها لأنه نفس الشخص والمنهجية لكن من المهم برأيه وجود شخص آخر بفكر مختلف حتى وإن أضاف للنص كتابات أو تجسيدا مختلفا حسب رؤيته هو وقد كانت بداية عبد الكريم مع الكركدن عندما كان بمكتبة الإسكندرية لتقدم المكتبة 18أطروحة لآلن باديو فيأخذ كل فنان أطروحة واحدة يعمل عليها فكانت أطروحته تتحدث عن أن الفن المعاصر لا يجب أن يخدم الإمبريالية ومن هنا استخدم الكركدن لأنه يسير بخط مواز لا يناور هو ريدكالى فى رد الفعل استخدم الكركدن فى النص السردى ورغم كونه نصا سرديا متكاملا أنه تمكن قراءة كل فكرة بمفرداتها من فقراته الواحدة والعشرين .
- يقول محمد عبد الكريم فى القصة إذا انقسم العالم إلى شمولية الهجوم بالأفكار التقدمية ورجعية الدفاع بالمفاهيم التقليدية فسوف يكمن التنوير فى العبث ذاته.
سماح عبد السلام
القاهرة - 9 /7/ 2013
أحمد صبرى .. إلهامات فريدة من وحى وسائل الإعلام
-أمضى أحمد صبرى معظم السنوات الأربع الأخيرة فى شقة بالمنيرة يتقاسمها مع ثلاثة فنانين أصدقاء، فى حجرته التى يعيش ويعمل بها سرير لفرد واحد ومكتب وكرسى، وتصطف على مكتبه والأرض الخشبية للحجرة زجاجات الألوان وفرشات رسم من أحجام مختلفة وأقلام تحديد، أما جدران الحجرة فتزينها بضع لوحات من معرضه الأول `تليفزيون البرنس` الى أنتجه عامى 2009 و2010، بالإضافة إلى بوستر صممه لمعرض أحد أصدقائه واسكتشات وبعض القصاقيص والمتعلقات الشخصية.
يعمل صبرى على لوحاته أثناء فترة الليل، فيفترش أرض الحجرة ويثبت `الكنفا` على ظهر كرسى المكتب وهو يرسم، وطوال ساعات عمله يستمع لأصوات تصدح دون توقف من حاسوبه المكتبى، ولكن صبرى لا يستمع للموسيقى إذ لم يعتد قط على هذه الفكرة منذ أن كان طفلا، حيث عاش وكبر فى المنيا، وإنما يحب متابعة وسائل الإعلام، فيبحث طويلا على الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعى على فيديوهات للبرامج الإخبارية والتوك شو والأفلام والمسلسلات، إلى آخره ليستمع إليها أثناء رسمه كما يتابعها فى أوقات فراغه، هذا هو روتينه اليومى وهو مصدر إلهامه لأربعة معارض فردية أنتجها وعرضها فى جاليرى مشربية بوسط البلد على مدار العقد الماضى .
ظهر تأثير محتوى وأسلوب وسائل الإعلام بوضوح فى مشاريع صبرى الأولى مثل `السيد تليفزيون` (2008) وهو سلسلة من الرسوم الرقمية عُرضت فى الملتقى الدولى الأول لفنون الميديا للشبَاب بقصر الفنون. قام صبرى وقتها بتوصيل طبق استقبال القمر الصناعى مباشرة بحاسوبه المنزلى ليتمكن من مشاهد البرامج التليفزيونية وتسجيل اللقطات التى تثير اهتمامه، ثم أضاف صبرى إلى اللقطات صور شخصية له جردها حتى صارت تشبه الوجوه ذات الانطباعات الساخرة التى تستخدم على صفحات وسائل التواصل الإجتماعى (مثل صفحة أساحبى) فى التعليق على حادث ما، نرى هذه الشخصية فى لوحة تحضر إحدى جلسات مجلس الشعب التى اعتاد التليفزيون المصرى إذاعتها فى عهد حسنى مبارك، ونشاهدها فى لوحة أخرى تعبر الشارع مع شخصية قناة ميلودى الشهيرة `بوبى`. اتسم مشروع `السيد التليفزيون` بالبساطة والفكاهة، وهى صفات اعتدناها الأن فى الصور الرقمية التى تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعى، ولكن صبرى اتخذ هذا التجاه عام 2008 حين لم يكن الفيس بوك معروفاً فى مصر، وحين كان الفنانون الذين يصفون أعمالهم بأنها `مستوحاه من وسائل الإعلام` عادة يشيرون إلى أعمال الكولاج التى تجمع قصاقيص من الجرائد والمجلات .
استمر صبرى فى رسم صور مماثلة على `الكنفا` فى السنتين اللتين تلتا ذلك، فنتج عنها معرض `تليفزيون البرنس`، واتخذت الرسومات الأولى فى هذه السلسلة شكلا وثائقياً سلط الضوء على جماليات الصور الرقمية حتى أدرك صبرى أن اهتمامه الأساسى بالعلاقات غير المنطقية بين الصور والنصوص الظاهرةعلى الشاشة مثل محتوى الشرائط الإخبارية وترجمة الأفلام، وفى حالة قنوات الدردشة التليفزيونية النصوص التى تحتل الشاشة كاملة، فبدأ صبرى فى تغيير النصوص وتكوين صور مختلفة كما تظهر إحدى اللوحات فارسين فى زى أوروبى تاريخى، بينما يشير النص المكتوب كشريط إخبارى إلى: `قتلنا 22 جنديا وضابطا إسرائيليا وجرحنا 315 منذ بدأ الحرب`.
كان `تليفزيون البرنس` معرض صبرى الفردى الأول، وأعاد عرض مختارات منه فى السنوات التالية مما أكد ارتباط هذا النمط به عند متابعيه، ولكن صبرى لم يشعر بأنه نجح فى تطوير أسلوب فنى مُتفرّد إلا من خلال معرض `حقيقة مقتل مهند` (2012). استلهم صبرى فكرة المعرض من خبرغير صحيح تناقلته وسائل الإعلام العربية عن مقتل الممثل التركى كيفان تاتيلتيج (المعروف بمهند)، لم يهتم صبرى بالمسلسل التركى `جوموس` (المعروف بـ نور فى الدبلجة العربية) بقدر اهتمامه بالطريقة التى تمت بها كتابة ونشر وتناقل الخبر بدون التحقق منه، ولهذا اختاره عنواناً للمعرض. وظهر فى المعرض تطور كبير فى أعمال صبرى الأولى، فاختفت شعارات القنوات وشرائط الأخبار وترجمة الأفلام من اللوحات، وقام صبرى بتصميم اللوحات بخطوط بسيطة وألوان باهتة، مصوراً شخصيات لفتت انتباهه فى البرامج والأفلام التى يشاهدها، وأخذ يدمجها فى مشاهد مستوحاة من مجلات الكوميكس وتفسيراته الشخصية للبيانات الواردة فى الأخبار، عرض `حقيقة مقتل مهند` بعد سنة واحدة من ثورة يناير فكان حتمياً لكونه مستوحيا من الأخبار أن يشير بشكل مستمر إلى التطورات السياسية والإجتماعية وأحيانا بشكل شديد المباشرة. ولكن المعرض كان مثيراً للانتباه لأن الصور لم تكن رسوما توضيحية للنصوص المكتوبة على اللوحات وكان لها منطقها الخاص .
تلا ذلك مشروعان كانا أكثر نجاحاً على هذا المستوى وهما `قصة الكركدن` (2013) و`التجمع الخامس` (2015). كانا فاتنين من الناحية البصرية، يضجّا بالألوان والحركة وعدد من الشخصيات البشرية والأسطورية، واستطاع صبرى من خلال المشروعين أن يشكل شبه قصة مصورة مع الإبقاء على مساحة للمشاهدين فى تكوين آرائهم وأفكاره بحرية تامة. تضمن `قصة الكركدن`، وهو مستوحى من البيان المستقبلى الذى كتبه فيليبو توماس مارينتى عام 1909، معرضا وكتيبا أنتجا بالتعاون مع الفنان محمد عبد الكريم بأسلوب غير تقليدى فكتب عبد الكريم كل مشهد على حدة وأرسله إلى صبرى مثلما أرسل صبرى صورة لكل لوحة ينتهى منها إلى عبد الكريم، فكان كل منهما يتأثر بما يرسله الآخر له، واستخدم صبرى نصوص عبد الكريم كنقطة بداية وبنى معظم الأحداث التى تظهر فى اللوحات على البرامج المختلفة التى يشاهدها على الإنترنت، فاستلهم رجلا عارى الصدر ويرتدى قناعا على هيئة خنزير فى إحدى اللوحات من مصارع فى برامج المصارعة الأجنبية الشهيرة، إذ جسد له فكرة المنقذ شديد القوة والعناد فى ذات الوقت مثل الكركدن .
أما مشروع `التجمع الخامس` الذى انتهت فترة عرضه فى مارس الماضى، فركز على مناظر طبيعية تتكشَف فيها أحداث مستوحاة من أفلام ومجلات كوميكس وبعض تجارب صبرى الشخصية وأحلامه، فقدم من خلال عالما متكاملا بإمكانيات غير محدودة للخيال، وعرض صبرى لوحات مختارة من `التجمع الخامس` فى `تقاطعات` وهى منصة أسستها المؤسسة الثقافية السويسرية لإستضافة المشاريع الفنية على الإنترنت، وطلب من عبد الكريم إنتاج نص يستجيب مع أفكار الصور، فكتب عبد الكريم قصة قصيرة لمتنزه تديره الدولة يعرض مرضى عقليين. لكن هذا التعاون بدأ أقل نجاحا من `قصة الكركدن` إذ فرض السرد قراءة محددة جدا على اللوحات .
يريد صبرى فى مشاريعه القادمة أن يعود فى لأسلوبه فى `حقيقة مقتل مهند`، مجربا استخدام الصور مع النصوص بأشكال مختلفة بعيدة عن الطرق المعتادة للسرد. ولكنه بالتأكيد سوف يبنى كذلك على خبرته البصرية والفكرية فى `قصة الكركدن` و`التجمع الخامس` ليجعل مشروعه المقبل شيئا ترغب فى البحث عنه وزيارته .
مى الوكيل
القاهرة: 18-8-2015
معرض صبرى الجديد من التلفزيون الى الفيسبوك
- فى مدخل معرض أحمد صبرى المقام تحت عنوان ` حقيقة مقتل مهند ` بجاليرى مشربية ، وضع صبرى لوحة تحتوى على ورود وتشكيلات زخرفية بسيطة تحيط بعبارة مكتوبة ` يا دين أمى ` .
يستمتع صبرى بالتعليقات التى تأتى له على هذه اللوحة ، حيث يستغرب البعض من استخدام تلك ` العبارة البذيئة ` فى رأيهم ، يخوض معهم نقاشات حول موطن البذاءة فى العبارة فلا يجد من يشير أو يوضح له مكمن خروجه عن النص .
هذه الحالة من الاستفزاز والسخرية المبطنة تسيطر على كل أجواء المعرض ، كما أنها تشكل النواة الأساسية لمشروع صبرى ، برزت بقوة فى معرضة السابق ` تليفزيون البرنس ` وتستمر معه فى المعرض الحالى . يهتم صبرى بالطريقة التى يعبر بها الناس عن أنفسهم ، وكيف تعكس وسائط الاتصال المختلفة من تلفزيون وانترنت حياة البشر والأحداث السياسية والاجتماعية . لكن منبع هذا الاهتمام كما يوضح صبرى قائلاً ` ليس الدافع هو القيام بدور تنويرى أو الكشف عن التزييف والتسطيح الذى تمارسه تلك الوسائل ، بل تتبع أثر هذه الوسائط على حياة الناس وكيف تصيغ وتشكل الكثير من المفاهيم والتصورات ، ومحاولة اللعب على التناقض بين الصور التى تقدمها تلك الوسائط ` . فى المعرض سنرى سخرية صبرى تأتى من تعليقات وصور ` الفيسبوك ` والشبكات الاجتماعية ، هناك سخرية لاذعة من السلطة العسكرية ومن بعض ممارسات التيار الإسلامى السياسى كتلك اللوحة الجماعية حيث عدد من نواب حزب النور يلتقطون صور تذكارية على منصة رئيس مجلس الشعب . لكن لدى صبرى مثل الكثير من الفنانين المعاصرين حساسية اتجاه الأيديولوجيات المحددة بغض النظر عن مسمياتها لذلك فخط السخرية على حد قوله يأتى مستهزئا من كل شىء حتى أكليشيهات خطاب الوحدة الوطنية حيث ` مروة نفس حروف مريام ` .
تلعب الكلمات والجمل المكتوبة على اللوحات دوراً أسياسياً فى أعمال صبرى ، حيث تقريبا معظم اللوحات تحمل جملا أو تعليقات مقتضبة ، والكثير منها لايكون ذا علاقة باللوحة .ففضاء اللوحة لدى صبرى لا يتشكل من الألوان والخطوط المرسومة بالزيت فقط . بل هو المسافة المتخيلة بين اللوحة المرسومة ودلال الكلمة المصاحبة لها . بينما تأتى الجملة فى لوحات أخرى هى العنصر الاساسى والوحيد مثل لوحته التى تتكون من جملة واحدة هى ` عاوزة تفهمنى إن المشير سفر الامريكان لوحده والاخوان كانوا فارشين سجادة وبيصلوا ! ` .
روح الفيسبوك والصور المركبة التى تنتشر عليها تظهر فى بعض أعمال صبرى وفى رأيه يعود ذلك الى تضخم دور الشبكات الاجتماعية على الانترنت مع تراجع محدود فى مساحة التلفزيون الذى كان نجم معرضة السابق . الثورة أيضاً فى رأى صبرى وسعت مساحة هامش الحرية الى حد كبير . يتذكر أنه فى 2009 أنجز بورترية ضخما للرئيس السابق محمد حسنى مبارك كمشاركة منه فى أحد المعارض الرسمية ،لكن تم رفض عرضه .
حينما تخرج صبرى فى كلية تربية فنية عام 2004 كانت الخطة هى الاتجاه لرسم الكاريكاتير ، عمل بالفعل لفترة فى عدد من الجرائد والمجلات المصرية لكنه كان مطالباً ان تكون رسوماته واضحة ومباشرة حيث السخرية فى الكاريكاتير تقوم على المبالغة فى إبراز التناقض ، فى حين أن السخرية فى أعمال صبرى تأتى مبطنة وليس شرطاً أن يكون التناقض نقطة انطلاقها .
أحمد ناجى
أخبار الأدب : 22-4-2012
|