عايدة حسن سيد خليل
- تتمتع بمساحية عالية فى التعامل مع سطح اللوحة، وهى تتعامل بِحَذَقْ بالخامات المختلفة التى تٌعبٍرُ بها عن عالمها الداخلى وتتميز لوحاتها بمذاق شعرى وحيوية وعلى الرغم من ميلها الى التعبير عن عالمها الداخلى فهى لا تسقط من حساباتها ايماءات المناظر الخلوية والمناظر المعمارية، خصوصا العمارة المصرية القديمة .
محمود بقشيش 20 / 4 / 2000
-تملك الفنانة عايدة خليل فرشاة بالغة الحساسية، استطاعت بواسطتها خلق عالم من الرؤى البصرية والتعبيرية ، بأقل قدر من اللمسات والالوان ، لكنه غنى بالخيالات والمشاعر الانسانية. انها اقرب الى العزف المنفرد بآلة الكمان ، فهى لا تميل الى حشد المجاميع والتفاصيل والخطوط المتقاطعة والمتصارعة ، أو ما تسمية بالتركيب البلفونى، بل ان خطوطها ولمساتها المقتصرة تنساب فى رقة وشاعرية وغموض اقرب الى الحلم ، وهو حلم مغلف بنوع من الحزن على افتقاد شىء ما، إن شخصياتها ـ اذا صح ان نسميها ` شخصيات ` لان لوحاتها اقرب الى التجديد ـ تتلاقى أو تفترق وهى مسكونة بقدر كبير من الشعور بالغربة وهى غربة تتجاوز حدود المكان والاشخاص ، الى غربة وجودية أو ميتافيزيقية للانسان فى العالم الا ان ومضات الضوء الشحيحة التى تشع من بعض كائناتها هنا وهناك وسط كتل الظلام الحالكة تدلنا على ما تفيض به اعماقها من فورانية وطاقة امل فى الحياة .
عز الدين نجيب 22 / 4 / 2000
- الضوء والحرارة، والمجال المغناطيسى وغيرها من اشكال الطاقة المتحولة والمتحركة دائما تؤثر على الانسان وتلعب فى تشكيل حياته دوراً تلقائيا .. ومنفصلا عن وعيه وارادته . -هى حركة خلابة بين جزئيات المواد المختلفة ، فى اشكال غير منظورة من تلك الطاقة، ومحاولة الانسان الدائمة لصياغتها علميا وفلسفيا ، محاولته لان يكمل الدوائر ويصيغ تحليلاته وابحاثه ادبيا وفنيا ليصبح اكثر فهما لجوهر الحياة وجوهر وجوده . -هل قدرة الانسان على ان يسمع صوت جسده فى الصمت ، وان يسمع صوت الصمت فى الفراغ ، فى الصحراء مثلا وان يشعر ان الفراغ ملىء بما لا يرى ، هى اشكال مختلفة من الطاقة . -أنا أحاول أن أبحث فيما وراء نقطة التلاشى فيما بعد التبدد والاندثار، فيما نظنه فراغا، أليست كلمة فراغ فى الحقيقة مجازية ؟ هى محاولة لرصد نوع من انواع التواجد الفيزيقى للطاقة، وهو التشكيل، محاولة لرصد جماليات التحول وتعدد الصوت من اجل البقاء..!! - بتلك الكلمات قدمت الفنانة عايدة حسن خليل للوحاتها التى ضمها معرضها الاخير، والذى اقيم بقاعة الحسين فوزى، مركز الجزيرة للفنون بالزمالك ، وقد استخدمت الفنانة فى تنفيذ لوحاتها خامات مختلفة وسطوحا متعددة الانواع ، بين زيت ورصاص على توال والجواش على الورق ولم تستخدم من الادوات سوى الفرشاة المتعارف عليها، وفى الحقيقة استطاعت الفنانةعايدة خليل تحقيق الكثير مما تهدف اليه وما عبرت عنه فى كلماتها السابقة، وان كنت اميل الى ان لوحاتها حققت المطلوب بمستوى ارقى وافضل وببساطة تحسد عليها ، فهى هنا فنانة قديرة تعرف قيمة الاختزال وكيف تعبر عن الموضوع بخطوط فيها رقة ولكنها عميقة ، وتستطيع ان تنتقل من تكوين الى تكوين اخر مستخدمة عدداً قليلا من الالوان ، وقد يصل بها الامر لاستخدام لون واحد ينفرد على المسطح للتعبير عن ما تريده من البحث فيما وراء نقطة التلاشى .. لقد تحركت الفنانة فى لوحاتها بهدوء ودون انفعال أو افتعال وانما انطلقت فى حركتها من عمق الصدق الوجدانى التى تتمتع به واهتمامها بما تود تحقيقة، وبالاقتراب من اعمال الفنانة فى معرضها هذا ( رقم 4 فى المعارض الفردية ) يقفز الى ذاكراتنا على الفور ما حدث على مستوى العالم فى الستينيات لقرن العشرين من هبوط اول رائد للفضاء على سطح القمر وكيف احدث هذا تغييراً فى مفهوم الانسان لكل ما يحيط به من ظواهر طبيعية وغيرت من احساسه بها والذى رسخ فى وجدانه على مر العصور الى ان تحقق هذا الانجاز البشرى وبعدها بدأ عصر جديد كان له صدى لدى الفنانين والكتاب والمفكرين وتم عرض رائعة ستانلى كوبريك اوديسا الفضاء2001 وهو عمل سينمائى اضاف الكثير من الرؤى الفنية الجديدة، لعلاقة الانسان بما يحيط به وبما حوله واصبح هذا الكون بعد تلك المتغيرات اكثر اتساعا وكثرت التساؤلات الكبرى فى الفنون بصفة عامة ، وفى الفن التشكيلى بصفة خاصة، وبدا العلماء يبحثون عن حلول لكل الفرضيات التى ظهرت امامهم . - وبالعودة للوحات عايدة خليل دون تجاوزها نستكشف انها اعادت لنا من جديد اسلوبا يستكمل الجهود التى بداها الفنان التشكيلى باحثا عن الحقيقة أو اليقين . واذا كان بعض الفنانين اتخذوا من النظر الى الاشياء بمنظور عين الطائر لتسجيل الاشياء من منظور يختلف عن الرؤية الانسانية بشكل اكثر شمولية ، فان عايدة خليل تجاوزت ذلك وحلقت الى نقطة بعيدة .. بعيدة فى الفضاء وقبعت هناك ، واتخذت من تلك النقطة مركزا لاعادة النظر للعالم الذى اعادت صياغته على سطح اللوحة (فى مسقط افقى ) فتبدو لنا اللوحة وكانها بانوراما تشكيلية تعرض رؤيتها الخاصة لكل ما هو مرئى .. فنجد الاشجار والجبال والرمال تتجاور وتتجاور وقد نلحظ بعض الظلال المجردة لبشر فى حالة حركة نسبية وثبات فنى. - وفى تجربة شخصية للفنانة بدأتها بدافع شخصى ذهبت وسافرت الى واحة سيوة فى صحراء مصر الغربية تاركة من خلفها المدينة بكل مشاكلها ( الازدحام ـ الضوضاء ) وهناك تفاعلت مع مشاهداتها للطبيعة ذات الخصوصية لهذه المنطقة التى تبعد عن القاهرة حوالى 800 كم نظرت لها الشمس بنورها الساطع اكثر ضياء ، والظلمة الحالكة فى الليل اشد ظلاما ، واستمعت الى صمت الصحراء ، واستوعبت ظلال النخيل وانعكاس الضوء على البحيرات وسكون وثبات كل مكونات المنظر وانشغلت الفنانة بكل هذا الاتساع وشعرت باقترابها اكثر من جماليات التحول وتعددية الصور وعادت من هناك محملة بكل المشاعر الطازجة النقية التى اضافت لنفسها الكثير واسقطت هذا المتاع الذهبى والنفسى على مسطحات لوحاتها ولم تسترح الا بعد ان قدمت لنا وجبة شهية واثارت لدينا شعورا بقدرة الانسان على التحقق فى مواجهة الكون رغم ما يبدو عليه من ضعف أو خوف أو تردد . - إن الفنانة عايدة خليل (والتى مازال يشغلها ويخيفها ما حدث من تطورات مذهلة فى مجالات العلوم، وان العلم قد تقدم فى السنوات الاخيرة على الفنون وخصوصا الفن التشكيلى) مازالت تحاول أن تصل من بحثها الفنى الى تقزيم وتحجيم كل ما يحيط بالانسان لتعلى من شأنه وتعبر عن القدرات اللامحدودة فى التحكم والبحث فالانسان قد يكون ضعيف الجسد.. ولكنه صاحب وجدان ووعى وعقل وهذا يكفيه.. لوحات تواجه قسوة الطبيعة وترصد الحركة الكونية بكل التعقل الذى ينحاز للانسان، من هنا تأتى أهمية الأعمال التى قدمتها الفنانة والتى اتمنى لها ان تحاول وتستمر، ولكن فى مساحات اكثر اتساعا، فهى تحمل فى خطوطها وألوانها حرية طائر ينطلق فى الفضاء ويرغب فى السيطرة عليه .
محمد الشربينى 9 / 8 / 2001
|