عبد الرازق عكاشة يحقق حلمه فى جسر التواصل بين الشرق والغرب
- الفنان المصرى عبد الرازق عكاشة والمقيم فى باريس منذ أكثر من 15 عاماً استطاع بعد مجهود مضن وسعى دءوب أن يكون عضواً بمجلس إدارة صالون الخريف الفرنسى، ذلك الصالون الذى بدأت أولى دوراته عام 1905 بمشاركة كبار أسماء ونجوم الفن الحديث: رودان ورينوار وبيكاسو وبرنكوزى وموديليانى ومارسيل دو شامب وفلامنك وديران وماتيس وغيرهم لذلك أسهم الصالون فى كتابة تاريخ الفن الحديث .
- واستمر فى نشاطه المتميز حتى استطاع احتضان المبدعين من مختلف بقاع العالم ، يقول الفنان والناقد الفنى البروفيسور نويل كوريه رئيس الصالون : ( مايميز صالون الخريف منذ إنشائه هى تلك الرغبة فى كسر الحواجز بين الفنون المختلفة ورفض التفرقة بين الفنون الكبرى والصغرى والاحتفاء بأخوة الفن والتنوع الثقافى والأولوية التى يوليها الصالون للفنون التشكيلية ليست على حساب الفنون الأخرى المختلفة للإبداع الإنسانى، وهكذا اندمجت الفنون التطبيقية والموسيقى والرقص والشعر والفن المدنى والقصص المصورة شيئاً فشيئاً فى رقصة الفن .
- أما ( فريدريك ميتران ) وزير الثقافة والتواصل الفرنسى فيقول إن سر فتوة صالون الخريف تكمن فى عمله المستمر على أن يجدد نفسه وأن يبقى منفتحاً على العالم المحيط به وعلى كل الفنون وكل الثقافات وتخطى الحدود التى يصعب تجاوزها فى عقولنا أكثر من القيام بذلك على الخرائط وسنة إثر سنة استطاع صالون الخريف أن يبرهن بقوة أن أنصار الافنجارد هم اليوم فى طليعة أنصار الحريات والمشاركة من أجل غد أفضل .
- يفتح اليوم صالون الخريف الفرنسى أبوابه للحوار مع الفنانين والمبدعين العرب فى سعى للتواصل الإبداعى بين فرنسا والعرب لتكون فرصة للقاء المحترفات الفنية والاحتكاكات الذهنية والمغازلة البصرية الحية لهم لصنع حوار جاد وإنسانى بين مؤسسات المجتمع المدنى وأهمية التحديث فى البناء الاجتماعى للإنسانية والإبداع .
- الفنان والناقد عبد الرازق عكاشة سعى لإقامة هذه الجسور وهذا التواصل منذ حضوره إلى باريس قبل 17 عاماً حاملاً حلمه بأن يحقق شيئاً جاداً لبلده بشكل خاص وللعالم العربى بشكل عام حلمه الذى اصطحبه فى رحلته بالقطار من قريته إلى القاهرة ، وقد كان وجوده فى صالون الخريف عضواً بمجلس إدارته فرصة طيبة لتحقيق الحلم، وقد تحدث إلى عكاشة عن الصعوبات التى واجهته لوصوله إلى هذه المكانة المرموقة التى ساعدته بالتأكيد لتحقيق حلمه القديم والذى بدأ بإقامة قاعة عرض فى باريس عام 1993 لعرض التجارب العربية، وكذلك عمله كفنان وناقد ومستشار للعديد من الصالونات والبيناليات فى الغرب وشمال أفريقيا أو عبر رحلته الطويلة التى حصل فيها على جوائز دولية عديدة ، كان إصراره شديداً وعزيمته قوية فى طرح مشروع الحوار الإبداعى بين العرب والغرب رغم الحروب التى تشن عليه من البعض فى مصر .
- قدم عكاشة على مدار العامين الماضيين جسراً للتواصل بين فرنسا ومصر فى معرض أقيم بمركز محمود مختار الثقافى وكذلك حوار جنوب - جنوب الذى عقد بين (نيس) و (أسيوط) من خلال معرض ومؤتمر دولى يشرف عليه الفنان المصرى منصور المنسى رئيس قسم التربية الفنية بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط كما قدم عكاشة جسراً للتواصل صالون الخريف والمملكة العربية السعودية والذى أقيم مؤخراً فى مدينة الرياض وضم مجموعة من الفنانين السعوديين والفرنسيين بمبادرة من الفنانة السعودية هدى العمر.
د. محمد الناصر
الاهرام - 27/ 8/ 2010
لوحات القطار وحنين العودة
لوحات لمصرى مقيم فى باريس
بعض البشر كالقطارات بلا محطات ولا أرصفه وفى إنطلاقهم قد يدهسون أبرياء
الفنان التشكيلى`عبد الرازق عكاشة`مقيم فى باريس منذ حوالى ثلاثين عام .. لكن ظل قطار الظهيرة منذ خمس وثلاثين عاماً المار على قرية`عرب الرمل ماثلاً فى حياته رمزاً لمرور قطار العمر الذى رسم له حوالى المائة لوحة معظمها مترين طولا ومتر ونصف المتر إرتفاعا.. ليصبح القطار المار بـ`عرب الرمل`رمزاً لفكرة عبور المكان والزمان .. وهو فى الحالين رمزاً لعبور بين عالمين..
لاحظت أن الفنان`عكاشة` لم يرسم فى أى من لوحاته أى محطه داخلية أو رصيف للقطار..ربما لأنه يراه عابراً بجوفه الممتلئ بإناس عابرين أيضاً من أرض إلى اللامحدود من الحلم..
والفنان`عكاشه`الذى حقق لنفسه مكانة إيجابيه كفنان مصرى فى معترك باريس بفنونه المعاصره والمتلاطمة بدا لى كقطاراته..فهو مغادر وطنه..وعائد اليه دائماً..فمغادر ثانية..وهكذا حياته بين رواح وعوده لوطنه.. فإتخذ القطار لنفسه تجسيداً للحلم والأمل القائم ما بين الذهاب والعوده لمائة حلم ملون فى اللوحات..
فى اللوحات نرى القطار منطلق من أقصى نقطة فى اللوحة مندفعاً من الخلف على هيئة ملتفه وفى إنطلاقه تهشرت وإمتزجت بعض تفاصيله والوانه من سرعة حركته التى يتمدد بها المكان بينما يُقلص الزمان ويقطعه يربطه بالأرض فقط قضبان من سرعته يبدو متطايراً فوقها..ويبدو فى كثير من لوحاته بشر ينظرون اليه من بعيد كحلم متحرك..
ولأن قطارات عكاشة بلا محطة أو رصيف ركاب بدت فى إنطلاقها ككائن خرافى يمزق الفضاء ..وهذ الشرخ فى الفضاء لا يحققه فقط حجمه الوحشى ولا إيقاعه وقرقعاته وصافرته الهادره بل حققه ان القطارات معلقه كالفضاء بين مكانين لأنها تجسد صلة بين الأماكن غير المرئيه واللامتوقعه حتى تصبح مرئيه..فهو المنطلق فى رمزية ولا يعبأ وهذه الرمزية نراها فى كثيرين منا ينطلقون دون توقف ودون أن تكون فوق خريطة حياتهم محطات أو أرصفه..فمنا الكثيرون يتشابهون والقطارات التى فى إندفاعهم بأنفسهم قد يدهسون آخرين..
وقد رسم الفنان عكاشة لوحات راكبى القطار المار بالأرياف والقرى ومعظمهم من ركاب الدرجة الثالثة..ويعجبنى جدا فى ركاب الدرجة الثالثة وفلاحى قطارات الأرياف ما اضفاه عليهم نفسياً مفهوم القطار بأن إكتسبوا فكرة التحرك من وجوده وشجعهم هذا رمزياً على التحرك وعدم التواجد وحررهم من أسر المكان .. ورغم مفهوم القطار الإيجابى إلا أن عكاشة قدم قطارات الأرياف متهالكة قديمة ففى اللوحات نرى ألوانها معتمه ومُهشره رغم ما تحمله من أمل لراكبيها .. لكنه لم يسلبها قدرة الإنطلاق .. وكأن الشكل لا يُنبى عن القدرة والقيمة كما عند كثيرين ممن يخدعهم الشكل الخارجى..
ورسم كثير من الفنانين القطارات..من أشهرها لوحة البريطانى ويليام تيرنر عام 1844 `مطر وبخار وسرعه`فى قاطرة تمر فوق جسر للسكك الحديدية على نهر التايمز فى مايدنهيد..ورسم الانطباعى مونيه إثنى عشر لوحة للعديد من قطارات السكة الحديد داخل محطة سان لازار 1877
ومن أروع لوحات القطار إنسانية لوحة الفرنسى هونوريه دومييه`ركاب الدرجة الثالثة` 1862 والتى أظهر فيها بؤس الركاب المتعبين وهى اللوحة التى ألهمت الشاعر`لويس أرجون` بكتابة قصيده يقول في أحد أبياتها :`الشعب هم ركاب الدرجة الثالثة `
فاطمة علي
مجلة `آخرساعة` 2021/1/27