معرض 50 لوحة فنية تعبر عن الطابع الشرقى الأصيل
- تمسكه الدائم بالطابع الشرقى ..وتراثه الخصب العريق .. أضاف إلى أعماله نكهة خاصة وميزها عن غيرها من الأعمال الفنية التى آثر أصحابها على استخدام المذاهب الغربية المستوردة من الخارج عن إحساسنا الشرقى فبدت غريبة عنا لا تعبر عن قضايانا العربية وحضارتنا العريقة .
- لقد نجح الفنان ( سعيد عبد الحليم ) فى رابع معارضة الخاصة التى يقيمها الآن بقاعة السلام بمتحف محمود خليل .. فى إضاءة شمعة جديدة فى طريق الحركة الفنية .. من خلال 50 قطعة استواحى معظم موضوعاتها من الفن الإسلامى الأصيل وحروفه العربية مع صياغتها صياغة خاصة وأسلوب مستحدث أضفت على الأعمال شخصية الفنان الأصيل وروحة المصرية .
- اشتهر الفنان سعيد عبد الحليم منذ بداية حياته الفنية باستخدام الطباعة فى التعبير عن أعماله باستخدام سلك سكرين أو الشاشة الحريرية ـ وهو مجال تخصصه الأكاديمى ـ ألا أننا نجده اليوم يتجه نحو الجمع بين مجالى التصوير والطباعة .. بلمسات ورتوش لونية رقيقة .. خدمت موضوعاته المختلفة .
- وقد تم تخصيص قاعة خاصة لعرض 14 لوحة من أحدث أعمال الفنان تجمع بين الطباعة والتصوير .. قام فيها بتوظيف الخط العربى لخدمة التشكيل بأسلوب تجريدى رفيع ..
- كما آثر الفنان أن تضم القاعة خمس لوحات تصويرية عبر فيها عن روعة الطبيعة وجمال الحدائق فى روما .. التقطتها عين الفنان الصادق وسجلتها ريشته المعبرة أثناء إقامة أخر معارضة هناك .
- وحتى يقف الزائر على مراحل حياة الفنان المختلفة ..عرض مجموعة من أعماله التى خطها طوال حياته الفنية بقاعة خاصة .. منها ما عرض فى الخارج ولاقى إعجاب النقاد والمهتمين بالفن هناك .. ومنها ما سبق عرضه فى الداخل فى معارض خاصة أو جماعية موضوعات الأعمال المعروضة مستوحاة من آيات القرآن الكريم .. استخدم فيها الخط العربى بتشكيلات جديدة وأبعاد لونية وزخرفية مبتكرة .. كما استخدم أوراق البردى مع أرضية سوداء فى 5 لوحات رائعة .. والفنان ( سعيد عبد الحليم ) لم يتجاوز الرابعة والأربعين من عمره .. خريج كلية الفنون الجميلة عام 1965 .. وحصل على ماجستير فى الطباعة( السلك سكرين ) منذ ثلاث سنوات يعمل حاليا بالهيئة العامة للاستعلامات .. أقام أول معارضة الخاصة عام 1974 .
- ومنذ ذلك الحين وهو يشارك فى معظم المعارض الجماعية المقامة بالقاهرة كما أقام معارض خاصة بكل من النمسا وروما وكندا .
ثريا درويش
لوحات تخدم الدعوة بالفن الإسلامى الملتزم
- ( كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطاءين التوابون ) .
- انطلاقا من هذه القاعدة الإسلامية حرص الدكتور سعيد عبد الحليم – أستاذ الفن الإسلامى – على تغيير أسلوبه فى الحياة ، بل وتطويع كافة ملكاته المصقولة بدراسة أكاديمية فى كلية الفنون الجميلة لخدمة الفن الإسلامى الملتزم الذى نذر له نصف حياته الأخير ، وعمل على إحلاله محل نوع آخر من الفن يتصف بعدم الالتزام .
- فقد نشأ الدكتور عبد الحليم محباً للرسم ، عاشقاً للفن التشكيلى، فكان يقضى يومه فى متجر للقماش يملكه أبوه فى حى شبرا بالقاهرة. فإذا ما فرغت صناديق القماش المصنوعة من الورق المقوى من محتوياتها استولى عليها خلسة مع بعض أقلام الرصاص و `الكوبيا` المستخدمة فى المتجر ، جلس فى ركن منعزل ليرسم عليها ما يحلو له من مناظر طبيعية .
- ومع تشجيع الأهل والأقارب استمر الطفل استمر الطفل الصغير فى ممارسة هوايته المفضلة طوال سنوات الدراسة الابتدائية حتى عندما دخل كلية الآداب كانت علاقته بالرسم تقف عند باب الهواية ولا يتخطاها إلى طريق الاحتراف .
- وذات يوم عاد سعيد عبد الحليم إلى منزله ليقول لوالديه أنه سحب أوراقه من كلية الآداب وتقدم بها إلى كلية الفنون الجميلة ، وبرغم تعجب الوالدين من هذا العمل المفاجئ وشعورهما بالأسف على الثلاث سنوات التى قضاها الابن فى كلية الآداب ، إلا أنهما فى النهاية استجابا لرغبته فى صقل موهبته بالدراسة فراحا يشجعانه على الاستمرار ووفرا له كافة الإمكانات التى تساعده على ذلك .
- وكما يقول د. سعيد نفسه فإن سنوات الهواية كاملة مع عدد ليس قليلاً من سنوات الاحتراف الفنى لم تكن إسلامية ، بل ويصف اللوحات التى أنتجها خلال هذه الفترة أنها غير ملتزمة .
- أما بدايته الحقيقية مع الفن الإسلامى الملتزم فكانت فى أاخر السبعينيات عندما سأله ولده الصغير عن المعانى التى تحتوى عليها إحدى لوحاته – غير الملتزمة – التى تمتلئ شقته بها !
- شعر الفنان بالخجل يسرى إلى أعماقه بعد أن عجز عن إيجاد إجابة قاطعة يرد بها على سؤال طفله ، كما شعر بالإشفاق عليه من رؤية هذه اللوحات والنشوء على قيمها المهترئة ، فقرر تمزيق تلك اللوحات واستبدالها بأخرى لا تحتوى على القيم الإسلامية فحسب ، وإنما أيضاً على كلمات الله.
- وكانت أولى لوحاته فى هذا الإطار تحتوى على قول الله تعالى : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) وذلك فى إطار تشكيلى فنى ابتعد فيه عن الطرق التقليدية التى تقتصر فى تكوينها على حروف اللغة العربية من ثلث ورقعة وخلافه ، وذلك لتلافى التكرار وتقديم نمط جديد لهذا الفن الإسلامى الذى اتجه إليه لأول مرة . خاصة أن اتباع هذه الطرق يعد تقليداً أكثر من كونه إبداعاً ، ذلك أن الإبداع اختفى منها بعد أن تكونت مدارس الخط المعروفة ووضعت كل منها قوالب وأبعاداً ثابتة للحروف نادراً ما يحيد عنها الفنانون المعاصرون.
- المهم أن الفنان سعيد عبد الحليم وجد نفسه فى هذه اللوحة الإسلامية التى أشاد بها كل من زاروه . وكان ذلك دافعاً له على الاستمرار ، ثم يشاء السميع العليم أن تطلب منه والدته مصاحبتها فى رحلة للأراضى المقدسة لتأدية فريضة الحج ، ليعود من هناك وقد قرر بشكل قاطع اعتزال المهنة والكف عن رسم اللوحات اعتقاداً منه بوجود شبهة فيها ، وعمل لفترة طويلة كمهندس للديكورات المعمارية ، ثم ومع إصرار الأصدقاء الذين نصحوه بتطويع إمكاناته الفنية لخدمة الإسلام وعمل رصيد من اللوحات الإيمانية يستمتع بها المسلمون فى شتى الأمصار ، عاد إلى تبنى العمل الفنى الملتزم ، وقدم ثانية لوحاته فى هذا الإطار وهى عبارة عن سورة الفلق المكتوبة بطريقة السهل الممتنع على شكل المشربية باعتبارها أحد رموز العمارة الإسلامية .
- يقول د. سعيد : يمكن القول أن هاتين اللوحتين حولتا مسارى الفنى تماماً ، حيث قدمت فى أعقابهما عدداً كبيراً من اللوحات الإسلامية الملتزمة حرصت خلالها على دمج دراستى الأكاديمية بالموهبة التى حبانى الله بها لابتكار أنماط جديدة من اللوحات الإيمانية ، وعندما وجهت لى الدعوة لعرض لوحاتى فى الأكاديمية المصرية بروما ، وكان ذلك فى عام 1981 – لم يكن أصحاب الدعوة يعرفون أننى غيرت مسارى إلى الفن الدينى ولكنهم استمروا فى توجيه الدعوة حتى بعد أن عرفوا تغيير مسارى وذلك على اعتبار أن الفكرة جديدة ، وهناك حدثت مشكلة عندما رفضت وجود الخمور فى القاعة التى سأعرض فيها لوحاتى وكدت أنسحب من المعرض فى اللحظات الأخيرة لولا أن المسئولين هناك تداركوا الأمر واحترموا رغبتى وأخلوا القاعة من الخمور وهى المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك فى معرض فنى يقام بروما .
- أما المفاجأة الحقيقية فكانت داخل المعرض نفسه ، حيث أعرب الجميع عن إعجابهم بهذا الفن الجديد ، وكانوا يتساءلون عن أسماء الآيات التى تحتوى عليها اللوحات ، وكان مدير الأكاديمية يحتفظ بتفسير القرآن الكريم باللغة الإيطالية ، فقام بوضع ترجمات لهذه الآيات أسفل كل لوحة فى المعرض ، وقد كان هذا النجاح غير المتوقع حافزاً لى على الاستمرار ، كما كان حافزاً لعدد من الهيئات الإسلامية الخارجية لدعوتى لإقامة معارض فى أمريكا ولندن والبحرين وتونس والنمسا وغيرها من البلاد العربية والأجنبية ، وقد حققت كل هذه المعارض نجاحات كبيرة .
- وذات يوم سمع الدكتور سعيد عبد الحليم حديثاً مهماً بين رجلين كانا يزوران أحد معارضه ، وعرف من مضمون هذا الحديث أن بيع اللوحات الإسلامية حرام ، فأسرع بإغلاق المعرض واعتكف فى منزله عدة أسابيع ، وعندما سمع بأمره أحد الأصدقاء راح مستفتياً عن الحكم الشرعى لهذه القضية من الشيخ الراحل محمد عبد الواحد - وكان وكيلاً لوزارة الأوقاف المصرية وقتذاك - فإذا به يبيح بيع اللوحات الإسلامية باعتبار أنها مصدر لرزق القائم عليها ، بل ويحث على ذلك . ولكن الدكتور سعيد لم يقتنع بما سمعه من صديقه ، واصطحبه إلى الشيخ عبد الواحد الذى أعاد عليه فتواه ، وأضاف أن هذا النوع من الفن الإسلامى يعد جزءاً أصيلاً من مكونات الدعوة الإسلامية وأحد وسائلها الفاعلة ، وحثه على إنتاج المزيد منها ، مؤكداً أنه كلما باع عدداً أكبر من هذه اللوحات حصل على ثواب أكبر وأجر أوسع .
- نفس هذه الفتوى تقريباً سمعها الدكتور سعيد من شيخ الأزهر الشريف، ومن علماء إسلاميين ينتمون لدول عربية وإسلامية ، وذلك فى المعارض التى اشترك فيها فى عدد كبير من الدول ، وكان آخرها المعرض الذى أقامه فى فندق شيراتون الكويت الأسبوع الماضى على هامش مؤتمر ( الفكر الإسلامى المعاصر بين البناء والهدم ) والذى نظمته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت ، وحضره عدد كبير من المفكرين والدعاة والعلماء المسلمين .
سامح هلال