مصطفى عبده أحمد مشعل
- نتعرف فى هذا المعرض على أعمال فنان مبدع مرهف الحس يهتم باللون فى التعبيرعن موضوعات البيئة المحيطة من خلال تكوينات يؤلفها فى عناية وحرص يقدم القرية المصرية بحياتها التى يراقبها ويسجلها فى تكوينات لأشخاص يقترب منها الى جو الأسطورة المصرية فى صمت من الألوان الفاتحة تقطعه مساحات من النور تتدرج من الضوء الى الظلام فى نعومة بالغة بحس مصور يريد النور أن يصرخ ليبدد الظلام . - للفنان المصور/ مصطفى مشعل مذاق خاص فى إنتقاء الألوان التى يوظفها فى خدمة البعد الدارمى فى لوحاته كما يلجأ فى بعض لوحاته الى التكعيب فتبدو بقع الضوء وهى تتناغم وكأنها تعزف لحنا موسيقيا يؤكد حس الفنان المرهف.
حسن عثمان
ناقد ومحرر بجريدة الجمهورية
- تحتل المرأة الدور الرئيسى فى لوحاته سواء فى البورتريه أو فى التكوينات المركبة من عناصر شتى وفى كلا النوعين تبدو المرأة رمزا للتحرير والانطلاق والاتصال الحميم بالطبيعة وهو يصورها عادة فى جو طيفى سرمدى يكتنفه الغموض سابحة فى ألوان قوس قزح، وعلى رغم إحترامه للقيم التشكيلية الأكاديمية فى النسب التشريحية وفى تدرج درجات الظل والنور والتجسيم الاسطوانى وتداخل الألوان والمنظور الثلاثى الأبعاد. الا ان ثمة شحنة تعبيرية درامية تنفجر وتشتعل كالحريق فى عدد من لوحاته. فتنطلق بها بعيدا عن أرض الواقع الى عوالم أسطورية.
عز الدين نجيب
فنان وناقد تشكيلى
مصطفى مشعل وذوبان الضوء ..
الفنان مصطفى مشعل حاصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة بالقاهرة العام 1967 ، وهو من جيل حمل أحزان يونيه 1967 وأثقالها النفسية ، وكان زميل دراسة وصديق درس بقسم التصوير بينما كنت أنا فى قسم الجرافيك ، شارك منذ تخرجه وحتى الآن فى كثير من المعارض الطوافة بمحافظات مصر ، مضافاً إلى ذلك اشتراكه فى المعرض القومى على مدى سنوات متصلة كما شارك فى بينالى الإسكندرية لدول البحر المتوسط فى دورته الحادية والعشرين العام 2001، كما حصل على جوائز عدة نذكر منها الجائزة الأولى فى التصوير العام 1961 بمدينة طنطا ، جائزة أولى فى التصوير بينالى بورسعيد القومى الأول والثانى 91،1993 ، وله مقتنيات بالمتحف المصرى للفن الحديث بالقاهرة والإسكندرية ودار الأوبرا المصرية ، وقد انغمس الفنان منذ بداياته فى الطبيعة وتفاصيلها ، وإقترب من الحياة الإنسانية والبيئة الشعبية ، وانحصرت ألوانه الدافئة بين ثنايا هذه العناصر المتراكمة، فالبناء التشريحى فى الجسد عنصر أساسى فى بناء الكل ، والبناء الجغرافى للون مؤسس على مرجعية استقرار وثبات العناصر التى استمرت تحت التجويد المستمر الذى يصل إلى حد المبالغة فى بعض الأحيان .. ولكن فى السنوات الأخيرة يذكرنا بالفنان بول جوجان عندما قال إنه ترك اللون والتفاصيل باحثاً عن شىء لا يعرفه ، فالفنان مصطفى مشعل تجرد وتمرد على التفاصيل ولكن لم يضحى بها كاملةً فقد غمسها فى الجسد ، كأنها ضوءُُ منبعث من الجلد وتلاشت الملامح مع تأكيد بعضها كالعين والفم بينما نرى شعر المرأة كالشجرة الناضجة والتى تتزين بأغصانها وفروعها وأوراقها تحتضن وجهاً يتوهج ضوءا وحيوية وأنوثة شرقية خالصة، والفراغ الكونى والمساحى فى لوحات الفنان لا يقل بأى حالٍ من الأحوال عن العنصر الأساسى وهو وجه المرأة أو ثدييها فهو مكمل ومتحد ومتباين اللون وحركى التفاعل المضاد لبرودة الأزرق بالسماء وسخونة الأحمر فى الجسد وكلاهما يدخل دائرة البناء اللونى الممزوج بقدر كبير من الشعورية العميقة للفنان كونه رامياً بخبرته فى صياغة ومعالجة سطوحه الفنية والتى يستخدم فيها خشونة الورق المضغوط `السيلوتكس` وتألق الإحساس فى لمساته الخشنة الملمس والناعمة كضوئه المنبسط برفق على تضاريس الجسد، ولا ننسى هوية وجه الفنان التى يتأكد بناؤها التشريحى والذى ينعكس على وجوهه وخاصة فى البناء الهيكلى للوجه ويزداد بروزاً مع ضوئياته على الجبهة والوجنتين مما يعطى ملامح إخناتونية ، وغموض وضبابية العين سحر آتٍ من عمق .. وتعبير عميق ، ملىء بالمشاعر الإنسانية ، فشمس الدلتا ودفء الجسد وصفاء السماء والروح كلها شاخصة فى أعمال الفنان النجم مصطفى مشعل .
أ.د. احمد نوار
مجلة الفن - 2005
! النور وبصيص الأمل والحب
- سابحات أم هائمات.. يبحثن عن شط أو ملاذ .. يمسكن بأنامل الأمل فى خيوط الضوء القادم من اللا مكان .. أو من البراج كاتم الجراح كى يطرد عتمة الكهوف ودامس السراديب وكى يقاومن دوامة القوة .. لسن نساء أو أجسادا .. بل هن أرواح تبحث عن رونق الانعتاق بعيداً عن أسر الغباء وكآبة الانغلاق .. إنه فنان مهموم منذ أربعين عاما .. مهموم بناسه .. لهذا فإن قضيته الإنسانية تذهب إلى المفرد الأبدى الثابت .. المرأة ومن منا لا يحب المرأة .. أو لا يحب بها ومعها .. الحياة !! - نساء مصطفى مشعل مكبلات بقيود التيبس.. صارخات بكتمان يحول الصوت أنينا.. ورغم الأسى فى الوجوه للرغبة فى عبور أسوار القهر .. إلا أن انطلاق الأبدان بديناميكية الأمل للخروج إلى البراج .. هنا تطهر رؤية الفنان المستنيرة.. لكن ينال الإنسان حريته ويمسك بوثوق بمفاتيح السير فى دروب المعاصرة المتفتحة.. وما الفنان إلا موقف إجابى .. ومعنى جميل من أجل حياته وناسه .. ووطنه ينفرد مصطفى مشعل بأسلوبه المتميز فى ألوانه الباستيلية الصعبة , والتى يتمكن فيها بخصوصية لا تخطئها عين ولا تغيب عن مشاعر .. - الألوان متقدة .. بها فيض من الحيوية .. وانفعالة الأداء المتقد من فرط الإحساس.. ورغم صعوبة خامة الباستيل إلا أن مصطفى مشعل اختط دربا سلسلا بأدائه .. لكنه مغلق على من يحاول تقليده.. أما أسلوبه الواثق فهو من ملكياته الخاصة التى يسودها حماية ليونة الخط الذى تحده المستقيمات التى ترققها لسعات الضوء القادم من القلب ومن الألوان الفاتحة.. مصطفى مشعل حالة إبداعية دافقة االإنتاج.. خاصة الأسلوب.. دافئة الألوان .. ثرية التوجة .. لها معادن وأمان .. وكلما رأيناها جاءتنا منها آهازيج ومواويل وأغان وفى قاعة بورتريه بباب اللوق تحتفى الثقافة الجماهيرية بأعماله وتاريخه وجمال عطائه .
إبراهيم عبد الملك
صباح الخير 12 /2 /2008
رحيل مصطفى مشعل عاشق الجسد والتراب والضياء
- بعد رحلة طويلة مع الإبداع فى صمت، والإنجاز فى هدوء، رحل عن عالمنا مؤخراً الفنان الكبير مصطفى مشعل ( 1944م - 2010 م ) حيث سطر لنفسه ملمحاً فنياً متفرداً، منذ تخرجه فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1967 م، وحتى وفاته منذ أيام قليلة، وربما كانت إقامة مصطفى الدائمة فى طنطا ذات أثر بيئى واضح، كمعظم بلاد الدلتا التى تتميز بخضار البساط النباتى، وطراوة المهد الطينى، ورقرقة الشرايين النيلية، وبساطة الوجوة البشرية، وهدوء الطقس اليومى، وهى تركيبة تسمح بعمق التأمل الفكرى، واستيعاب المشهد البصرى.. ورغم أن مشعل قد عاش فى دول أخرى، مثل الجزائر التى مارس فيها تدريس التربية الفنية لمدة أربع سنوات من 1977م إلى 1981م، إضافة إلى بعض مغامرات أخرى عارضة فى المغرب وفرنسا والأقصر ورشيد والعريش، إلا أنه اختار طنطا كحضانة بصرية، ساعدته على نمو مشروعه الإبداعى بشكل منطقى،عبر اتساق بين الرافد البيئى والمصب التصويرى، وربما ساهم ذلك الإستقرار الجغرافى فى الوحدة العضوية لتراكيبه الفنية، من خلال استخدامه لأكثر من خامة ووسيط تقنى، مثل الرصاص والفحم والألوان الزيتية والباستيلية الطباشيرية،على أسطح متنوعة، بين الورق والتوال والخيش والسلوتيكس.. وقد كان مصطفى ولعا بمفرداته إلى درجة التوحد معها، ثم صهرها عند أعلى درجات الإندماج الوجدانى داخل بوتقة الجسد البشرى، والأنثوى منه خاصة، كوعاء تعبيرى رمزى، كان الفنان يضفر مع نسيجه كل تجليات وهجه الإبداعى.. فقد كان غالبا ما يدفع إلى قاعدة مسطحة التصويرى بجسد أنثوى يبدو كجزع نخلة عفية، ثم يبدأ فى بناء مشهده بشكل تصاعدى من خلال تراكمات متوالية من أشلاء بشرية تظهر كسعف مترامى الأطراف، وهو ما كان يجعل تكوينات قريبة من الإيماء الرمزى لحالة من الخصوبة الدافئة،عبر علاقة إيحائية بين الأرض والميلاد.. بين الحرث والنسل.. بين النبت والأجنة، سيما وأنه كان يستخدم اللون البنى بتكثيف متدرج، فى إشارة لمادة الطين التى تبدأ من اللزوجة إلى اليبوسة، حتى تتحول إلى التراب الناعم، وقد كان مشعل يوظف اللون الأبيض لخلق إيقاعات ضوئية غير معلومة المصدر، تبدو وكأنها نبض نورانى متواتر، نابع من فيض روحى سيال، وهو ما يظهر مصطفى مشعل فى تصاويره كعاشق للجسد والتراب والضياء.. وربما لعب السطح والخامة هنا دوراً محورياً فى صياغة الصورة عند الفنان، فمع استخدامه للباستيل الطباشيرى، كانت حبيبات الورق الخشن تبدو أحياناً كفصوص الطين أو فراكته عندما تلتحف بتدرجات اللون البنى، وأحياناً أخرى كقطرات ندى الصبح، وقتما تكتسى باللون الأبيض الناصع، والذى يحتل موضعاً برزخياً فى تحويل الزخات إلى ماء، والتراب إلى طين، والعكس، إضافة لمسحات الأخضر والأزرق كجسر نباتى ونيلى بين البيئة والمشهد التصويرى.. ونفس الآلية كانت تتكرر مع استخدام مشعل للألوان الزيتية على التوال والخيش وخشب السيلوتيكس المدرن، عبر جزئيات نسيجهم الناتئة..لذا فإن المتلقى كان يجول مع تكويناته بشكل بندولى بين الغريزة الجنسية والشفافية الروحية..بين الطاقة الجسدية والإنشطارات النورانية، خاصة وأنه كان يحيط مشارف كتلة بخطوط سوداء، وكأنها حدود فاصلة بين الإنفعالات الإنسانية المختلفة وأعتقد أن تمكن مصطفى من تشييد تراكيبه البشرية التصويرية يأتى من درايته الواسعة بالتضاريس التشريحية للجسد الآدمى، إضافة إلى كونه واحدا من أبرع رسامى الوجوه فى تاريخ الفن المصرى المعاصر ورغم أن هذا الفنان يعد من فصيل الكبار، إلا أن كان بعيدا عن الكعكة المباركة عبر تمثيل دولى شحيح، حيث شارك فى بينالى الإسكندرية الحادى والعشرين عام 2001 م، ثم معرض السلام الدولى الصينى عام 2005 م، ليختتم مشواره الإبداعى بملتقى الأقصر الثالث لفن التصوير فى منتصف شهر ديسمبر من عام 2010 م وفى افتتاح معرض جماعى بقاعة قرطبة، كان وجه مصطفى مشعل واجماً، وكأنه يودع زملاءه من رفقاء الدرب، ليرحل فى اليوم التالى مباشرة إلى مستقرة الأخير فى حضن نور العرش ، كعاشق للجسد والتراب والضياء.
محمد كمال -عضو المجلس الأعلى للثقافة
2010/12/30 - الأهرام
|