حالة بائسة من اللاوعى الجماعى للقضاء على أنفسنا واحداً وراء الآخر
حكايات `كليلة ودمنة ` للفيلسوف الهندى ` بيديا ` ترجمة ` ابن المقفع` تحمل الحكمة على ألسنة الحيوان.. اليوم لا نقرأها بل نعيشها فكما فى حكاية ` الثيران الثلاثة` ينطق الحال العربى واحدا وراء الآخر بعبارة التأسى الشديدة الأثر ` أكلت يوم أكل الثور الأبيض ` وهى العبارة التى جاءت على لسان الثور الأسود .
المعدل البصري للحكاية بذلك العمق المفاهيمى بدأ يشغل المثال ` باسم فاضل ` فنان نحت الريليف البارز والغائر بعد الغزو الأمريكى للعراق ونفذه فى هذه المنحوتة من سنوات قليلة .
الحكاية هادية لكننا لا نلتفت لحكمتها..` الثيران الثلاثة ` قوية ألوانها بيضاء وحمراء وسوداء يعيشون فى غابة يعيش فيها ` ابنى وآوى` و ` أسد ` وأراد ابنى آوى افتراسهم وخشى مواجهتهم فاهتدى لحيلة للتفريق بينهم لينفردا بكل منهم على حدة فقالا للثوريين الأحمر والأسود أن الثور الأبيض لونه ناصع ويعرضهم لهجوم الصيادين لسهولة رؤيته واقترح القضاء على الثور الأبيض ووافق الأحمر والأسود وتركاه يفترس شقيقهما وبعد فترة اتجها للثور الأسود وقالا له أن الثور الأحمر يأكل كثيرا ولن يجدا ما يأكلانه واقترح أن يقضيا عليه فوافقه الثور الأسود فاستفردا بالثور الأحمر وافترساه وبعد أيام انفردا بالأسود فى تأس وحسرة وقد أدرك عاقبة خيانته لأشقائه` لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض ` .
قسم الفنان جداريته إلى قسمين افقيين وللمفارقة جعل فى رمزية كزاوية رؤية جديدة للحكاية تناطح بين قرني الثورين الشقيقين الأحمر والأسود أعلى الجدارية بينما آمن ابنى آوى لإنشغال الشقيقين بالصراع فاستفردا آمنين بالثور الأبيض فى وضع افقى يوحى باللامقاومة بعدما حاصراه معنويا بتخلى شقيقه عنه وحاصراه جسديا بأن انقض كلا منهما على طرفى جسده فأحكماه شل حركته .
هذا العمل النحتى الجاد يمكنه أن يجعل من الفن الجاد جرس إنذار بأن لا وجود آمن دون أمن الآخرين حولك وجرس إنذار ضد فرقة الأخوة فى مواجهة عدو مشترك علنا ننقذ ما يمكن انقاذه .
فاطمة على
الأخبار 6- 4- 2015