محمد حسنين على
- إن شدة وكثافة الصدمات فى أعمال حسنين لا تزال حية فى الذاكرة وخاصة تلك الأنطباعات الدافئة التى أحضرها معه من اليمن والتى تشيد الى فن الرسم فيه .
- هذا التحكم الذى يمثل الأطار لكل تغيير واع أو حريص عن النفس أو الروح، أعطى الفنان حسنين القدرة على التحليل فى أجواء جديدة لم يكن يستطيع الوصول إليها بدونه .
- فى الوهلة الأولى للنظرة فى أعمالة تساءلنا عن القيمة الفردية التى توقعناها منه، ولكن بسرعة بعد ذلك شاهدنا محاولته الأولى لرسم الأسكتش والتى كشفت عن طاقة هائلة فى تشخيص صدماته الفنية .
- ومع هذا فقد تحولت أشكاله أخيراً الى اعتراض الأشكال الإنسانية فى الجو المحيط بها .
-فنان له مثل هذه المواهب مثل الفنان حسنين لابد من أن يصل إلى عمل ذى مغزى من خلال أعماله الفنية .
-إن البناء التصحيحى هو المبدأ العنصرى المشكل لفنه فقد كانت ألوانه فى البداية زاهية وشفافة تعكس الألوان الصافية والنقية للطبيعة فى مصر وهى الحقيقة التى تؤكد على وضوح الرؤيا لهذا الفنان .
الفنان/ حسين بيكار
جريدة الأخبار 10-10-1969
- يمثل محمد حسنين على صورة حية لضمير الفنان الشعبى. فهو نقى فطرى مثل الفلاح، وهو مخلص يحمل فيما يحمل بين جوانحه ملامح الشخصية الدارجة ` البلدية `، ويغوص فيها حتى الصوفية . وهو فنان يعيش مستلهما فى فنه لهجة التعبير المصرية ذات النكهة الحسية، والمثالية فى آن واحد. بل أنه لا يتورع غالبا - فى رسومه - عن السخرية المريرة بأولئك الناس الذين أحبهم حباً عاصفاً حتى ليخيل لنا فى لحظة محسوبة أن عشقه لهم لم يكن إلا اختياراً خالصاً. فربما كان ذلك لأنه يحيا على مجموع العوامل الدفينة التى تحفظ - بصلابة وقوة - مكونات ابن البلد، حين يعتمد فى تفجير طاقاته الأصيلة على المثير الخارجى، بينما يجد ملاذه وخلاصه حين يستخدم تحدياته الوراثية الدفينة فى تبرير العالم الذى يعبر عنه.
- ولا يكشف لنا حسنين جديداً إلا فى مقدار ما يجسد لنا من الأحزان، وثقل القلب فهو لا يستطيع أن يقامر بمشاعر أولئك الذين يعيش بينهم، من أجل أن يتاجر فى الأسواق، بل هو أمين على أن يجعلنا نلمس قيمهم الحقيقية من خلال أحزانهم الفياضة. بل ثمة ما يدفعنا على الاعتقاد بأنه يتظاهر معهم ضد الفقر وضد ظلام الحوارى الضيقة، وربما أيضا ضد الاستسلام الملح على طول الخط.. ومن أسف أن المقام لا يتسع لنا حتى نسوق أعمال محمد حسنين على من وجهة تقنية بحتة، إلا أنه يكفى القول بأن هذا الفنان لا يقدم لنا هنا صمتًا مطبقًا، أو صراخًا محيطًا، أنه يقدم لنا أشخاصًا هم حميمون إليه، ربما كانوا هم أصدقاءه الحقيقيين، حين نراه يسلط فوقهم الأضواء ويشدهم فوق أسطح اللوحات حتى يجسد لنا `التهمة `.
أحمد فؤاد سليم 1984
إبتسامه على الوجه واستغراق فى الإبداع
- حينما اتصل بى المهندس حسنين محمد ، أبن الصديق الراحل محمد حسنين على يدعونى لكتابة مقدمه لمعرضه الجديد الذى يعد له ، تداعت فى ذاكرتى ذكريات حميمه عن هذا الفنان وعلاقته بالمكان والزمان . فمنذ النصف الأول من الستينات ربطتنى به صداقه وود عندما عرفنى عليه استاذى الراحل العلامه سعد الخادم كنا وكنت أزوره فى منزله الذى يتميز بالألفه ، وفى مرسمه بوكالة الغورى بشخصية أبن البلد الساخر الجهورى ، الضحكة المجلجلة والصوت الصادر من الحنجرة، اراه يفحص صوراً فوتوغرافية لمبانى اليمن المرتكزه فوق الجبال بابراجها الملتويه الشاهقة والوانها الحجرية الرضينة ، أو لابراج وبوابات السد العالى ، ومن خلال الفانوس السحرى على الحائط الأبيض بمرسمه بوكالة الغورى ، يتأملها ويستشعر الايقاعات النوعية فى تلك الصورة وهذا المشهد .ثم تتدافع حركات الاصابع والذراع والكتف بصور روبوتية تخط حرز الخطوط وتقاطعاتها مستخدماً اقلام الفلوماستر ذات السنون العريضة ، أحياناً يتخذ من جندى احضره من الوحدة التى عمل بها ضابطا احتياطياً نموذج للرسم فى اوضاع مختلفة بزيه العسكرى والبندقية والسونكى . احيانا اخرى اراه غارقاً فى الصبغات والاكاسيد والعجائن اللونية يموه بها أوراق مبلله أو محترقة جزئياً باستخدام الفرجين والشفرات واسطوانات المطاط الدواره، ليحقق تأثيرات لونية هارمونية ، وملامس سطوح منعمة بالحيوية كالجدران القديمة أو الاخشاب والمعادن التى أكلها الصدأ ونحرتها عوامل التعرية . وعليها يطبع عناصر إصطلاحيه شخصوص كعرائس خيال الظل أو كقطع الخشب المخروط فى المشربيات التى يطل منها على حى الغورية العريق مصنوفه تلك الشخوص ذوات الاطراف المستدقه والشيلان الطويله يحملن الجرار والصفائح والمشنات فى توازن معمارى رصين ، امام خلفية بينية متماهية ، أو مندمجة مع زخارف متأكله لتحاكى منسوجات القباطى الصوفية التى بدع فى نسجها المرسم أقباط مصر القديمة ، ورجال ضامرة أطرافهم كعرائس الماريونيت الخشبية على خلفيات زخرفية مسرحية الطابع .
- وفى احيان اخرى كان يصور وجوهاً شعبية مختزلة التفاصيل ثرية الزخرف ، أو قرويات رومانسيات الطابع فى ليونه ايقاعية ونمنمة زخرفية ومن آن لآخر يرسم شخوصاً واقعية فى بيئات اليمن والصحراء مستعيناً بقواعد المنظور وبالنسب التشريحية الاكاديمية ولكن بقدر من الحرية والحيوية .
- رجال يمنين ذوى عمامات ثقيلة فى جلسات ساكنه ساهمة ، ويتبنى نفس المنهج المنظورى فى رسمه عمارات وجدران اليمن بنوافذها الفريدة الزخرفية وبواباتها التى تكشف عن الطرقات الثعبانية.
- فى مراسم وكالة الغورى تعرف حسنين وزامل فنانين مهمين مثل سيد عبد الرسول وجمال محمود وعبد الوهاب مرسى ، تبادل معهم الحديث والاكتشافات التقنية والصياغات الاسلوبية .
- وفى احيان اخرى كان يتوق الى التكوينات الزخرفية والحروفية فى تكرارات وتداخلات حداثية مع تعددية لونية لم تعرفها اعماله الاخرى ذات الطبيعة الارضية من درجات البنى والرماديات والزيتونى مع ظلال ذهبية وفضية لقد عرك الفنان حسنين فنون النحت والرسم والتصوير والزخرفة والطباعة واستفاد من كل تقنية فى تطوير التقنيات الاخرى وتغذيتها بالجديد بيد أن شريط الذكريات يبقى أكثر ما يبقى على تلك الابتسامة البرية الواثقة تقطعها من آن إلى آخر ضحكة جمهورية مجلجلة
د. مصطفى الرزاز
الفنان حسنين
- عندما نقترب ونتأمل شخصية الفنان البسيطة الممتلئة بالمشاعر وعشقه للحياة الشعبية وجمال إيقاعها اليومى المبنى على فطرة العادات والتقاليد الشعبية التى كونت موروثاً إنسانياً وفنياً، نجد حسنين الإنسان والفنان قد غاص فى عمق هذه الحياة الممتلئة بالعناصر والمفردات الدالة على علاقة الإنسان بالبيئة والطبيعة واتخذ من رسومه الأولى لأعماله الفنية بيئة راسخة عمقت صياغاته ومعالجته الفنية لأعماله الإبداعية فى فن الرسم الملون )التصوير(، وأكد الفنان الناقد الفنى الراحل أحمد فؤاد سليم على هذه الرؤية التى ميزت الفنان )حسنين) ويقول عنه عام 1984` يمثل الفنان محمد حسنين على صورة حية لضمير الفنان الشعبى فهو نقى فطرى مثل الفلاح وهو مخلص يحمل فيا يحمل بين جوانبه ملامح الشخصية الدارجة البلدية ويغوص فيها حتى الصوفية وهو فنان يعيش مستلهماً فى فنه لهجة التعبير المصرية ذات النكهة الحسية، والمثالية فى آن واحد بل أنه لا يتورع غالباً فى رسومه على السخرية المريرة بأولئك الناس الذين أحبهم حباً عاصفاً حتى ليخيل لنا فى لحظة محسوبة أن عشقه لهم لم يكن إلا اختياراً خالصاً فربما كان ذلك لأنه يحيا عى مجموع العوامل الدفينة التى تحفظ بصلابة وقوة مكونات ابن البلد حين يعتمد فى تفجير طاقاته الأصلية على المثير الخارجى بينما يجد ملاذه وخلاصه حين يستخدم تحدياته الوراثية الدفينة فى تبرير العالم الذى يعبرعنه `، ودائما تستدعينا شخصيته المرحة وعلاقتها بإبداعه الفنى نجدها تبوح بمشاعره وطاقته الحية فى كل جزء ومفردة فى أعماله الفنية، وكان لى الحظ أن نعيش سوياً فى النصف الأول من السبعينيات فى مدينة مدريد فى إسبانيا وكان شغوفاً ومتحركاً متأملاً لما تحويه المتاحف الإسبانية وكأنه يبدأ عالمه الفنى من جديد من شدة وعمق بحثه البصرى لأعمال كبار الفنانين الأسبان، ولم يتوقف عند ذلك، بل يمارس إنتاجه الفنى اليومى بشكل يثير الإندهاش ` وكان مهتماً بالمقارنة بين رواد الحركة الفنية الإسبانية أمثال ` فرانشيسكو جويا ` وبين على سبيل المثال بالمعاصرين فى ذلك الوقت أمثال ` بابلو بيكاسو ` وكان ثاقب الرؤية وإبداء الرأى فى هذه المقارنة فيما يحظى تطور الفن الإسبانى الذى يعد علامة فى تاريخ الفن العالمى، الفنان حسنين يعد شريحة الفنانين الذين أسهموا بجدية بالغة فى الفن المصرى الذى ارتكز على الجذور الشعبية والإنسانية، وكانت الزخرفة بتوليفاتها جزءاً أساسياً فى البناء التشكيلى لأعماله الفنية .. وقد عبر عن حياة الناس بتنوع أشكالهم وأعمارهم وبيئتهم الغنية بالطاقة والحياة، وكان لوجود مرسمه بوكالة الغورى تأثيراً مباشراً لكون المكان تحفة معمارية إسلامية تتحاور فيها المشربيات بزخارفها وبالضوء الذى يخترق فتحاتها مع حركة الشمس من الصباح إلى المساء ليتحول مرسمه إلى بيئة تنبعث منها طاقة المكان وطاقته الروحية .. ليعزف عزفاً تشكيلياً متميزاً تكمن روحه فيه.
بقلم : د. أحمد نوار
2017
حسنين .. أحد فرسان الأصالة
- منذ عام 1969 ، وعلى امتداد عقد السبعينيات، شهدت الحركة الفنية تجمعاً رائعاً لحوالى أربعة عشر فناناً فى المبنى التاريخى ` سراى المسافر خانة ` بحى الجمالية بالقرب من الجامع الأزهر، تحت إشراف النحات الكبير عبد القادر رزق مدير عام الفنون الجميلة آنذاك، وتم ذلك بمبادرة من وزير الثقافة الرائد د. ثروت عكاشة، الذى كان يرى فى الفن عنصراً جوهريًا - وليس ثانويًا كما هو اليوم - للبناء والتقدم، ضمن منظومة ثقافية متكاملة، تتفاعل مع معطيات الحضارات المصرية المتعاقبة، وتنتقل بالفن إلى الجماهير أينا وجدت...
- أما الفنانون فى هذا القصر البديع مراسمهم ومنتدياتهم المثمرة حول الفن والفكرة بلا شروط أو قيود، وتواصلوا مع المحيط الشعبى من أبناء حى الجمالية، واستلهموا روح التراث والتاريخ بنزعة مقبلة على تأصيل الهوية المصرية فى الفن.
- كان ` محمد حسنين على ` من أوائل هذه المجموعة، إلى جانب حامد ندا، وعبد الوهاب مرسى، ورمزى مصطفى، وصبرى منصور، وأحمد نبيل، ومصطفى الفقى، وجمال محمود، ومحمد مصطفى )النحات( وعدلى رزق الله ، ومحمد قنديل، وسمير تادرس، وإسماعيل دياب، وكاتب هذه السطور ... ومن بين هؤلاء كان ` حسنين ` الأكثر مواظبة على التواجد والإنتاج يوميًا، ومن أكثرهم استلهامًا لملامح البيئة الشعبية والتاريخية المحيطة بالمبنى، وهو ما نلاحظ أثره واضحًا فى أغلب أعماله.
- لم يهتم حسنين بتسجيل الملامح الخارجية لهذه البيئة، بل كان تركيزه على الروح العميقة التى تسكنها، وتضفى عليها هوية الجماعة المصرية، بما تمثله من تلاحم وأصالة، وما تعكسه من عبق التاريخ والحضارة، حيث نرى فى لوحاته وجوهًا ساكنة تذكرنا برسوم مخطوطات الكتب والأطباق الفخارية فى عصور الفاطميين والمماليك، مختلطة بوحدات زخارف والشرفات الأرابيسكية، وحى تصطف المشخصات منتصبة فى حالة سكون كالعرائس الخشبية، وقد رسمت بحس فطرى وشعبى يحطم النسب التشريحية المعتادة، ما يذكرنا بالعرائس الحجرية المتلاصقة أعلى جدران المساجد فى القاهرة التاريخية ، أو بقطع الشريعة المتراصة فى مصبَّعات ومُكوَّرات مخروطة ، بنظام يتيح للضوء والهواء أن يمرَّا من خلالها، وتواجهنا هذه الشخوص بعيون واسعة كعيون الأيقونات فى الفن القبطى والفن البيزنطى، وتغلب على اللوحات الزيتية درجات اللون البنى الداكن والألوان الترابية، ما يحملنا إلى عالم مشبع بعبق التاريخ، فكأننا أمام قطع أثرية تحمل زخم العصور السحيقة، لنرى من خلالها أجواء الحارة والحياة الشعبية عبر قرون مضت ولم يعد لها الآن وجود.
- ولم يكن دافع حسنين فى الأساس هو محاكاة هذا الواقع بملامحه الخارجية، بل كان إلى جانب رغبته فى تأكيد مكامنه الروحية - يبحث فى كيفية تحرير ` الشكل ` من هيئته الواقعية، عن طريق النظر إلى مرئيات الطبيعة كعناصرها الهندسية)من خط وكتلة ومساحة ومثلث ومستطيل ودائرة... الخ(، وإقامة علاقات إيقاعية تقود المشاهد إلى `حالة تراثية ` أكثر منها صورة للواقع.
- ويتأكد هذا البحث أكثر فى أعماله باللون الأسود، بإيقاعات نغمية رشيقة، قد تذهب اللوحة إلى ضفاف الزخرفة، فكان يعمل على تخفيف ذلك برسم الأشكال بالخطوط المجردة ، كمطرَّزات من الخيوط السوداء فوق خلفية من درجات الألوان المموَّهة بطابع القدم، وقد تآكلت حوافُّها بفعل الزمن، وما ينقلنا إلى ما يشبه الوثائق التراثية العتيقة، ويجعل من اللوحة عملاً عابرًا للقرون كرسوم المقابر الفرعونية.
- وقد نلاحظ التقارب الأسلوبى بينه وبين أعمال الفنان عمر النجدى وصالح رضا وعبد الوهاب مرسى وجمال محمود فترة الستينيات، لكنه تقاربٌ بين رؤى جيل من الفرسان، جمعت بينهم حماسة البحث فى الجذور الحضارية والهوية المصرية، فكأنما يشربون من ماء نهر واحد.. لكن .. من قال إننا نشرب من نفس النهر مرتين؟!
- ويبقى لحسنين تميزه الأسلوبى فى رسوم الإسكتش والعجالات الخطية واللونية بالألوان المائية، فهى ذات جرأة واختزال وطزاجة وألوان ناصعة قد لا تتوفر فى أعماله الزيتية ، لكنه أصبح - بعد ذلك - مشغولاً بما هو أبعد من الإبهار بعناصر الطبيعة المتغيرة واللون الصريح والضوء المشع.. أصبح مشغولاً بما وراء ذلك كله من رؤى أزلية تتماهى مع الزمن.
بقلم : عز الدين نجيب
أكتوبر 2017
الفنان الرائد محمد حسنين
- يسعدنى ويشرفنى أن أقدم لمعرض الفنان المتميز محمد حسنين على ... بداية أود أن أشير وأرصد للتاريخ أن محمد حسنين على يعد من أوائل الفنانين الذين صاحبوا قوات عسكرية للجيش المصرى ورسم ورصد وعبر عن بعض ملامح المعارك التى دارت فى اليمن لمساعدة هذا البلد العربى أثناء ثورته على النظم الرجعية التى كانت تحكم فى ذلك الزمان فى ستينيات القرن الماضى.
- حسنين رسام يحترف ويمتلك أدوات الرسم وله باع فى التحكم فى خطوطه ودرجات الظل والنور... غير أن هذا الفنان يحسب له أنه فى المقام الأول كان أحد الفنانين الذين عشقوا الحياة الشعبية المصرية والملامح التراثية التى تتمثل فى ملامح الفتاة الشعبية ذات العيون المصرية الشهيرة والتى لا يزال عدد من الفنانين المعاصرين ينهل منها ويتأثر بملامحها.. وقد شارك فى هذا النهج فنانين عاصروه أمثال الفنان جمال محمود والفنان رفعت أحمد والفنان سيد عبد الرسول وآخرين... وقد ظل هذا النهج يمثل التوجه الرئيسى لأعمال محمد حسنين على... وقد سعدت بزمالته فى معرضين متجاورين فى قاعة محبى الفنون الجميلة - موقع نقابة الفنانين التشكيليين الآن. وكان معرضه عن اليمن ومعرضى عن النوبة... أدعوا الأجيال الجديدة إلى تأمل أعمال هذا الفنان لتمثل كم الجهد والتضحيات التى قدمها الفنان ومثابرته فى مصاحبة قوات الجيش وهى تتحرك خارج الحدود تحية إلى هذا الفنان الرائد.
بقلم : فرغلى عبد الحفيظ
2017
- فنانون منسيون .. ` محمد حسنين على` .. اتساع الرؤية والوحدة فى التنوع التشكيلى
- على قدر ماوعيت.. تابعت من قبل بعض أعمال الفنان محمد حسنين على ` 1922 - 1986 ` .. والمعروف لدى النقاد من أساتذتنا والزملاء من كبار الفنانين ` بحسنين ` .. وبالعودة إلى التاريخ نجد عشرات من الفنانين فى مختلف جوانب الإبداع التشكيلى نزلت ستائر النسيان على عالمهم .. رغم القدرات التعبيرية والموهبة وماتركوا من أعمال ..تمثل تراكماً لمراحل فنية ودنيا تعبيرية رفيعة ويرجع السر فى هذا التعتيم إلى قصور دور الإعلام والذى يصبح من مسؤلياته ..تجديد ذاكرة مصر التشكيلية بإلقاء الضوء على أبناء الوطن من الرموز من فنانينا بعيداً عن تثبيت ` الكادر` أو الصورة على أشخاص دون أشخاص وهنا يختل الميزان ويبدو المشهد ناقصاً ..ولولا الإبن البار ` حسنين ` لفناننا ` ` محمد حسنين على` والمحافظ على تراث والده مع سعيه لعرض بعض أعماله .. لأصبح فى طي النسيان وهو صاحب الأعمال الغزيرة المتنوعة بتنوع الآداء والبحث فى الخامة وثراء هذا العالم الجياش الذى يعلن عن صور بصرية تمثل التعدد فى الوحدة ..والتنوع مع الثراء ..والعجيب أن فناننا ترك ما يربو على 500 لوحة تعكس للروح المصرية .. وصفاء التعبير هذا مع الأعمال التى تمثل عمق انطباعاته التشكيلية خارج مصر ..وهى أعمال تجمع بين تجارب عديدة بألوان الزيت والألوان المائية والباستيل مع دراسات بالحبر الأسود وأعمال أخرى تنتمى لفن الجرافيك أو الطبعة الفنية.
- اللحظة وسحر التعبير
- وحسنين كان دائب الإنتاج الفنى ..بقدر ماترك بقدر ما كان متوثباً ومتفوقاً فى الدراسة الأكاديمية ..فقد تخرج من كلية الفنون التطبيقية عام 1946 بامتياز والتحق بعد ذلك بالمعهد العالى للتربية الفنية وتخرج أيضاً بامتياز ولم يقتصر على هذا بل درس التصوير والنحت بالقسم الحر بالفنون الجميلة وحصل عى منحة تفرغ مرسم الأقصر ` 1950- 1952 ` .. ومع كل هذا كان متحرراً فى لمسته له لغته التعبيرية التى تمتد بصور الحياة .. مع شخوص وليدة التربة المصرية ذات إيقاع وقوام خاص ..مزج فيها بين التعبيرية وسحر اللحظة .. تحمل وجوهاً بعيون متسعة وملامح مصرية رغم التلخيص.. فيها دقة ورقة تتطلع إلينا مثلا نتطلع إليها تحمل سمات الطيبة والبراءة ..وبين البهجة اللونية من الألوان الخافتة والجهيرة إلى رصانة لونين معاً أو لون واحد بمجموعة من البنيات .. واللوحة عند حسنين بتعبير كمال الملاخ لها دفئ مصر وعبق ماضى حضارتها ..لم يتجه إلى الزخرف يداعب به فرحة تسمعها بعينيك ..أبداً ..إنه يحوم بألوانه البنية والمشتقة من البنى المحروق ..وهو لايخدعك ..وإنما يفتح لك طاقة الزمان لتتجرد فيه من اللحظة التى تقف فيها عند أعماله الفنية لتصبح واحداً من شخوصه ..واللوحة عنده تراك قبل أن تراها ` .. والألوان البنية فى بعض أعمال حسنين فيها من طمي النيل ` حابي ` باعث الخير.. من تلك الروح التي تتنفس فى فضاءاته التصويرية .
- لغة اللون والخط
- ومن البنيات إلى اللون الأسود فى معالجاته الجرافيكية ورسومه من ` الاسكتشات ` السريعة ينقلنا حسنين إلى حالات درامية غنية بالحركة إلى الإيقاع الساكن ..كما فى رسومه للجموع من البشر يجلسون فى توحد: الخطوط تنساب فى غنائية أفقياً ورأسياً وفى كل اتجاه كما فى لوحته التى تضم سيدة وثلاثة رجال يجلسون وينساب بينهما تيار المشاعر ..تاكيداً على التواصل الإنساني وتتأكد حيوية اللحظة من خلال تلك الظلال الكثيفة فى إيقاع يجافي الصمت والسكون بتنوع الحركة ..كل شخصية روح وحياة .. كل هذا مع لوحة` فلاحات ` والتى يختزل فيها الشكل واللون فى مجرد مساحات .. أربع ريفيات واقفات بوجوه بيضاء بلا تفاصيل وتنساب حركة اللون من الأسود إلى الرمادي المشوب بالأصفر .
- وفى فن الجرافيك يتبارى الأبيض والأسود فى ثنائية حوارية كما فى لوحة `عازفة الناى ` من خلال هذا التوازن النغمي الدقيق مابين الخطوط والمساحات التي تجسد عازفة حسناء بملامح مصرية مع تلك النقوش والعناصر الشعبية على الجانب الأيسر من اللوحة فى ربط بينها والناى تلك الآلة الشعبية.. آلة الرعاة البسيطة الصداحة التى تبث البهجة والشجن فى الحياة .. فى وحدة واحدة من السمع والبصر ..الصوت والصورة .
- ولاشك أن أعمال الفنان حسنين الملونة تكمل عالمه الممتد بلا انتهاء والذي يفيض بالحركة والتوثب فى جانب والصمت البليغ والسكون فى الجانب الآخر.. كما فى ` الراقصات الثلاث ` مع الشمعدان .. و` المضجعة ` و` الواقفة ` فى غنائيات لونية ..وسطوح واجهات البيوت ذات الملامس الخشنة والحس الحوشي من الأسود الفاحم والأصفر الناعس .
- وقد كان لسفر الفنان إلى اليمن لمدة عام ` 1963 - 1964` والتعايش مع المجتمع هناك ماجعله يعكس صور الحياة بإحساسه التعبيري مصوراً الناس خاصة النساء حاملات الأوعية والأوانى وقد أعاد إليهن حياة جديدة بتعبيريته .. و مواقف وأحداث تاريخية أضافت بعداً آخر فى أعماله هناك ..وقد تألقت تكويناته بحرية من إيقاع إلى إيقاع عكست لروح آخرى من البساطة والرصانة اللونية والجمال .
- لكن تظل أعمال حسنين فيما يتعلق بالقاهرة الفاطمية حالة خاصة ارتبطت به وميزت أعماله على تنوعها حتى أن المفكر الفرنسي جاك بيرك ` صاحب الكتاب الشهير` العرب تاريخ ومستقبل ` أطلق عليه فنان الجمالية ..وليس أجمل مما قاله : ` بالتجوال فى الحي القديم للقاهرة الفاطمية حيث أزقة سور القاهرة وبابيه` ` باب الفتوح ` و` باب النصر` وعلامات أساسية كثرة تحيط بنا إلا أن الحداثة اجتاحت القصور .. فتحت مدارس ومكاتب لتشييد المبانى البيضاء التى برزت من خلال الماضى القديم ..أصبح الفنان خير شاهد لقاهرة المعز وانتبه للحياة فى الثبات والتغير واستطاع أن يعيد الألم والبسمة إلى أهل الحي الذين مازالوا كماهم رغم تغير كل شىء .. حسنين بحث الشواهد ووجد التاريخ .. وهو فى فنه يأخذنا إلى قلب الجلالة التي أصبحت مألوفة ..وللمجد الذى أصبح وعداً للأوقات الجديدة.
- تحية إلى الفنان ` محمد حسنين علي` .. بعمق التنوع والثراء فى اللوحة بتجلياتها العديدة.
بقلم : صلاح بيصار
2017
- عاد من رحلته في أوروبا فى نهاية الصيف الماضى ليعرض أعمالاً جديدة فى معرض باب اللوق بالقاهرة.. وطالع المشاهد بنفس الملامح البشرية التى ارتبط بها منذ أنهى دراسته الأكاديمية عام 1946 وباستمرار تأمل أعمال حسنين ومناقشة فكره لاحظت التداخل الذى يطرأ على لوحاته خلال الأداء ... فبعد أن كان الحيز يمثل فى لوحاته مسرحاً لحركة الإنسان... إذ بي أشهد عملية إحالة تنمو ببطء واستطراد فتوحد بين الحيز وشاغله... وإذا بالفرشاة تنتقل بين السطوح والحجوم والواجهات والأعماق نفس انتقال عواطف` حسنين` وفكره من الحيز إلى الأبطال الذين يطبعون بطابعهم تاريخ المكان ..
- وكان تتبع ` حسنين ` وهو يبحث عن الحلول التى تشخص ما هو هندسى وتعطى التقاسيم العضوية للأشكال الهندسية مهمة تتطلب كثيراً من الروية والمثابرة. ورغم عدم جدوى الأسئلة المنطقية مع من يفكرون بوسائل الخطوط والألوان .. إلا إننى سألت `حسنين ` أن كانت شخوصه قد طبعت الطرز بخواصها أم أنها طبعته المكان بملامحها التى تطالعنا فى لوحاته فأجابنى أنه يكشف عن الملامح التى عبأ بها وجدانه خلال أسفاره للمنطقة العربية خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة... وأنه على أن اكتشف الطابع والمطبوع بنفسى إذ أردت ذلك... ولما اكتشفت أن البشر يبدون دائمًا فى العزاء وكأنهم فريسة لعدوان الطبيعة والمعتدون... فقد صارحني بأن الخلق الذين يتعاطف معهم لم تحمهم السقوف ولا الحصون ولا المدن المشيدة على مر القرون... ولم يوفر لهم المجتمع الدولي العدل ولا الأمان فى يوم من الأيام... ولا يسلم ` حسنين ` لأن النقد كأي فنان يقتحم المجهول. ويختار أن يتبع صدق غريزته... فقد وجهت إلى ألوانه الانتقادات من مختلف الاتجاهات... وكثيراً ما وصفت صوره بأنها تتبع ما يجري في النحت من التفريغ والحذف والإضافة.
- وأنا أختلف معه بسبب نمطية الإنسان إذ لا يتعرف المشاهد فى صوره أن كان يشاهد إنسان مرحلة الرعى أم الزراعة أم الصناعة... ولكنه يجابه النقد بروح ابن البلد التى لم تفقد فطرتها وطربه فيعلن أنه لن ينتقل إلى مرحلة لونية لاحقة قبل أن يستوفر مرحلة سابقة... ولرى، يتبع أسلوب مقتلع الجذور والأصول كى يرضى نزوات أو )موضة( عابرة... كما صارحنى أنه لن يفرض على أنماطه أدوات وآلات تفقده التعاطف مع توترات الروابط الأسرية البسيطة... أو محنة المصر العام... إن ` حسنين` يطلق صيحته فى الشرق والغرب با تردد... وأنى لأرجوا أن يستيقظ نقادنا على صيحته... إذ ما أحوجنا إلى فن يعيد النظر فى مشاعرنا... وفنان يطلق مصيدة تطابق ما تضمر أعماقنا.
بقلم : أمين ريان
1971
هذا الفنان
- إن حسنين على واحد من الفنانين القادرين الذى يعرف قيمة استيعاب ما قدمه السابقون. هو يكشف عن عناصر جديدة يشق بها مساره فى مجال التطور الفنى.
- ولذلك فنحن نلمس آثار الرسومات القديمة وطعم المقابر الفرعونية فى أعماله، ومن بينها هذا الأساس الراسخ الذى يبنى فوق أسطح اللوحة حين تمتلئ بالرضوض اللونية والكسور الخطية الصريحة. ولكن تلك المعالم فى إطار واحد هى العلاقة بالماضى والتراث، أنها عناصر فى إطار تكوين هندسي حديث، يمتد من خلال البناء الحضارى لمصر المعاصرة.
- إن حسنين يقدم لنا فى أعماله نظم العصور الماضية البعيدة، فهى أيضًا تلك الأزلية التى ما زالت كائنة فى وجوه المصريين الحاليين. ولقد استطاع هذا الفنان أن يبلغ إلى ما بلغ إليه عن طريق دراسته للفن الأوروبى الحديث والبحوث التحليلية لسيزان الهندسى العميق الهادي تماثلاً لتلك الفترة التى تلت التكعيبية.
- وحسنين يتفادى الصدف، وهو يحترم اللوحات الكاملة بصورة فنية نهائية ونحن نلاحظ ذلك من خلال مساحاته الهادئة، خلفياته، ورسومه الأمامية ذات الطابع الأفقى وأيضًا فى خطوطه ذات التكوين المتوازن للغاية.
- سوف يبقى محمد حسنين على فى ذكرانا كمثل للفن المصرى المعاصر هذا الذى استطاع أن يحفظ لنا تلك السمات الأبدية للعصور الفرعونية ألا وهى الهدوء والسلام والشمس.
بقلم : ستيفان ستانش
مجلة بوريا 25-10-1973
- محمد حسنين على أصبح فناناً ماهراً نتيجة لكرة مرانه التى جعلته جاهزاً كذلك فإن نشاطه أتاح إليه فرصة السفر إلى اليمن.
-حيث سجل عدة مواقف كانت قد أثارت فضوله عنها أحداث تاريخية وشخصية وذلك على لوحات تشهد على قدرته على السيطرة والحصول على ما يريده في مجال الفن.
- كذلك قام برحلات إلى الشرق العربى بحيث أن لوحاته قد قيدت وحفظت باسم ` طبائع ` و` بدو الصحراء ` و` الخطوط الجوهرية ` و`بيئة العرب `.
- وعندما استقر الفنان بالقاهرة حاول جاهداً توسيع تجربته الفنية مستخدماً ألواناً ومبتكراً لتكوينات ذات طابع تجريبى لرغبته فقط لا غير فى إعطاء حياة لأعمال تترجم روح هذا المجتمع والتى تستلهم من التقاليد، كل ذلك بمتابعة تجارب فنية حديثة ذات اتجاه للعصور الواضحة.
- لقد تخصص محمد حسنين على فى مصر القديمة وفى تقاليد أرضه ` مسقط رأسه `ولقد طبق برسوخ كشفه لإسراد حى من أحياء القاهرة -` كذلك استطاع خلق أعمال تنبعث من الروح وجمال هذا الحى القديم - جاك برك افتتح معرضه قال عنه أنه كان رساماً لحى` الجمالية ` وفنه يقودنا إلى قلب نفس الجلالة التى أصبحت مألوفة والفخر الذى أصبح مألوفاً ووعداً للأوقات الجديدة.
- كما أن محمد حسنين على ينتبه دائما إلى مناظر الحياة المحيطة محاولاً تحقيق الروح القومية فى فنه مع الاجتهاد على الحفاظ بطابعه فى لوحاته ضمن نزعة الفنانين المصريين المعاصرين كذلك فهو لا يحتاج إلى حماسة لأنه شاعر بقدر كاف بالقيمة الفنية التى ولدها بداخله مسقط رأسه ونزعة المدارس المعاصرة، صوته يسكن دائماً بسخاء مفتوح ملىء بالوعود.
بقلم: بدر الدين أبو غازى ( وزير الثقافة سابقاً 1980)
- أن تتوه فى عبق مجرد الزمان وساحة المكان الشرقى فأنت فى عالم `حسنين` المسحور الملون بعبق التاريخ .. عيون واسعة تتسع كلما تأملتها. هى تراك وأنت تشهدها.
- كعيون بيزنطية تطل عليك من سالف الأوان أنوف مسحوبة كالخط الرفيع الذى يحدد سيمترية الوجه رؤوس أكبر من أجسادها أو تكاد أن تكون كذلك .. ناس من ألوان وبشر تتطلع بكل حواسها إلى شعورك وأنت تراها.
- اللوحة عند ` حسنين ` تراك قبل أن تراها.
- اللوحة عند ` حسنين ` لها دفء مصر وعبق ماضى حضارتها.
- لم يتجه `حسنين ` إلى الزخرف يداعب به فرحة تسمعها بعينك.
- أبدًا .... أنه يحوم بألوانه ` البنية ` والمشتقة من البنى المحروق.
- ن ` حسنين ` هذا لا يخدعك وإنما يفتح لك طاقة الزمان لتتجرد فيه من اللحظة التى تقف فيها عند أعماله الفنية. لتصبح واحدًا من شخوصه ما تلبث أن تصبح ضيفاً يحمله فنه ليدخل بك دون أن تدرى إلى إطار دنيا لوحات فنه .
بقلم : كمال الملاخ
1980
- يعد الفنان محمد حسنين على أحد الفنانين المصريين الذين تميزوا بالقدرة على البحث والتجريب ومحاولة اكتشاف خطوط جديدة ترتبط بشكل ضمنى بالموروثات الثقافية والشعبية. تطور من مرحلة إلى مرحلة كطائر طليق يسعى للتجديد والإبداع متنوع الإنتاج الفنى يمارس النحت، التصوير، والرسم، نجح فى أن يؤدى رسالته كمعلم وباحث فى مرحلته التعبيرية التشخيصية أظهر الأشخاص كأجسام جنينية تشعر بنبض الدفء فيها، تتحاور، تتجاذب، تتنافر، تصنع فيما بينها دراما إنسانية عميقة تحمل فى طياتها موسيقى خافته اللون ثم فى مرحلته الأخيرة التى لجأ فيها للتجريد التى تشبه إلى حد بعيد الترديد والتوافق الموجود فى الزخارف الإسلامية والرسوم الهندسية والعضوية به.
- ويعد تكريم محمد حسنين على فى ذكراه أحد المحاور التى نهتم بها كمركز ثقافى قومى وجامعة مفتوحة للجماهير لها دور تعليمى ثقافى.
- وكما نهتم بتشجيع الشباب المبدع لا ننسى تكريم روادنا المخلصين لفنهم لذلك فإنه يسعدنا المشاركة فى تكريم فنان تشكيلى راحل هو الفنان محمد حسنين على.
بقلم : د. طارق على حسن ( رئيس هيئة المركز الثقافى القومى 1990 )
حسنين والخطوة الجديدة
- قدم الفنان محمد حسنين على نفسه فى بدايات الستينات من خلال لوحاته المرسومة بتهشيرات متراكمة متتابعة، فجسد تكوينات فوتوغرافية الطابع فى تفاصيلها وفى تراكيبها، وفى الظلال الساقط على السطوح وفقاً للقاعدة الضوئية الفوتوغرافية. فأضفت الخطوط القصيرة المتتابعة المرسومة بأقلام اللباد الجاف أو بأقلام الجرافيت السميكة، مذاقاً خاصاً لأعماله فى تلك المرحلة، ففيها تخلى عن خطوط التحديد واستبدل بها موجات الخطوط المتتابعة تعبر عن الهينات وجزئياتها وتقسم المساحات الكبرى إلى مناطق إيقاعية، وحدت بين عناصرها تنظيات الخطوط واتجاهاتها التى تتبع النمو التشريحى للأجسام على اختلاف كنهها.
- انحصرت موضوعات التعبير عند حسنين فى تلك الفترة على مشاهد تمثل الجنود المصريين باليمن، بطبيعتها الصخرية وتضاريسها المتميزة، وكان الموضوع الثانى الذى عالجه هو موضوع السد العالى فى مراحل إنجازه، حيث طاوعه أسلوب الرسم فى التعبير عن إيقاع البناء الشامخ حيث عبر عن الهيئات الإنشائية فى حضن البيئة الصخرية فى توافق مع موجات المياه الهادرة، والمركبات العملاقة التى استخدمت فى البناء.
- وفى تلك الفترة قام حسنين بعمل رسوم تخطيطية لمواطنين يمنيين فى أوضاع تقليدية بأجسادهم النحيلة وملامحهم القاسية، وملابسهم الواسعة وعماماتهم الضخمة وأحزمتهم العريضة، إلى جانب رسوم أخرى للتفاصيل الرائعة للعمارة التقليدية فى اليمن.
- وفى عام 1974 أقام حسنين معرضًا هامًا يمثل تحولاً فى أعماله بالمركز الثقافى التشيكى بالقاهرة . ضم مجموعات من اللوحات الزيتية تعج بشخوص ذات نسب ` جنينية ` ذات أجساد شاحبة ورؤوس حليقة تنوء بضخامتها الأجسام.
- وهم أحيانًا هائمون، وأحيانا نائحون، وأحيانًا يطربون لزمار أو لطبال أو
لمصفق. أو مجتمعون حول حنفية مياه عامة يشاركهم الفراغ الضيق أوانى
وجرار حملت عنى الرؤوس والأكتاف والسواعد. تتشابه تلك الشخوص بصورة نمطية بأعينها الشاخصة الهائمة وأغوفها المسندقة. وأطرافها النحيلة وأرجلها ذات الزوايا القائمة. وفى المحيط الجغرافى الذى يضمها، فهى متكتلة مبهمة فى تلاصقها، درامية حزينة، ساذجة ساخرة.
- وقد عامل حسنين خلفيات لوحاته تلك معاملة تكميلية سواء بضربات تأثيرات الطابع أو بتقسيمات تشكل إطارات تحدد العناصر أو بتفاصيل معمارية مبهمة استعان بها لتكامل بناء لوحاته ولإحكام تكويناتها.
- فى هذه الأعمال تبلورت تخطيطات حسنين وترجمتها إلى راقات شفافة
من الألوان الأرضية - درجات البنى والطوبى والأصفر والزيتونى والرماديات تتراكم تلك الراقات وتنسحب على الشخوص مستعرضة زاحفة على رفع من الأرضية لتحقق نسيجًا مندمجًا من الوجهة اللونية، بينما يعتمد على الدرجات الظلية للون فى تحديد مراكز الانتباه فى اللوحة وفى تمييز الأماميات على العناصر الثانوية فى التكوين. وفى هذه المرحلة تخلى حسنين تماما عن الارتباطات بالصيغة للتكوينات ونزح إلى مدخل جديد عليه. ثنائى الأبعاد فى صياغة العناصر وفى توزيعها على المساحة لكلية للعمل الفنى وبينما رصد بعض رواسب البعد الثالث فى أعمال أقل توفيقا من تلك التى تحرر فيها المنظور البصرى وتعكس هذه الأعمال بصفة عامة إحساسًا مقبضًا مرده إلى صيغة الحيز الذى تنحشر فيه الشخوص حتى تلاصق الإطار. وضمور الأجسام والأطراف، وضخامة الرؤوس وبلادة سحناتها. ولكنها من الوجهة الفنية، بداية حقيقية لبناء الشخصية الفنية للفنان محمد حسنين على بناء متميز محصل لا لمجمل خبراته السابقة، كنحات، وكرسام وصاحب خبرة تأملية.
- وفى وكالة الغورى حيات مراسم الفنانين احتك حسنين بعديد من الفنانين
وتداول معهم الخبرات التقنية كالتلوين بالأتربة الملونة والأحبار والخلطات
الشمعية المخلوطة مع ذرات البرونز والألمونيوم، وأنواع المخففات والورانيش والألوان المذابة فى الكحول، كما أجرى تجارب على إكساب الورق تأثيرا ملمسيا قديما باستخدام بعض حيل الطباعة الأحادية `المونوتيب ` فى تمويه اللوحة بمساحات ملونة مبصومة من على سطح مصقول إلى ورق الرسم ثم يتابع تهذيبها وأقلمتها لصياغته النهائية. ونتيجة لتلك المعاملات التقنية أصبحت العناصر فى أعمال حسنين تشبه `الاستنسل ` كأنها مقطوعة وملصوقة على السطح المموه بدرجات من الألوان كما لجأ إلى التكوينات العمودية التى تنسق عناصرها رأسية وأفقية واختفت الخطوط المائلة العنيفة التى ميزت لوحاته السابقة، فجاءت أعماله الأخيرة ذات طابع زخرفى ومسحة طغت فيها الحرفية التقنية على الحراسة التعبيرية. بيد أن تكويناتها صارت أكثر تحكماً ووضوحًا وتجلت فيها مقدرته على تداول العلاقة التبادلية بين الأبيض والأسود فى أحكام تصميمى.
- انتقل حسنين من تلك التقلبات التجريبية فى تقنية الصياغة والخامات إلى استخدام الشاشة الحريرية كوسيط ناقل للأشكال، فيطبع عدد من المستنسخات ثم يتناول كل منها بالتلوين اليدوى وبإضفاء التأثيرات اللونية واللمسية عليها فتصبح تنويعات على الأصل الواحد، وقد جاءت هذه المجموعة أكثر توفيقًا من الوجهة البنائية من المجموعة السابقة عليها.
- وفى عام 1971 أقام حسنين معرضًا فى قاعة المسافر خانة ومن بين معروضات هذا المعرض لوحة تصدرت دليل المعرض عبارة عن تكرار لقالب طباعى يعج بالتفاصيل الزخرفية ذات الطابع الشعبى المستخلص من زخارف النسيج والحصير الشعبى يتميز بكونه تكوينًا زخرفيًا منثوراً بالأبيض والأسود تنهل فيها التفاصيل لفرط زحامها لتصبح علاقات تجريدية يتنبأ بن فيها الأبيض، مع الأسود الذى يكاد يعادله فى الكم والنوعية.والوحدة فى ذاتها جيدة التكوين ولكن تكرار بها غر موفق لانها لا تعطى علاقات مضافة بتكرارها.
- غاصة وانه قد قام بتكرارها معتدلة تارة ومقلوبة تارة أخرى .بيد أن هذا العمل يعد نموذجا لتوضيع زاويتين يهيمنان على أعمال حسنين فى مراحل
إنتاجه المختلفة أولها. ذو نزعة تعبيرية سبق التنويه منها والثانى ذو نزعة
بنائية زخرفية.
- تتمثل فى هذا النموذج وفى بعض التفاصيل التى تقوم بمقام الحشوات الزخرفية فى الأعمال المطبوعة بالشاشات الحريرية والمونوتيب، الذى يعاد تلوينها يدويًا.
- وفى معرض ديسمبر 1984 بقاعة أخناتون، يطالعنا حسنين بخطوة جريئة ولكن غير مفاجئة. إذ يعرض مجموعة من التلوينات التى تنتمى إلى النزعة الهندسية فى تقسيم سطوح اللوحات )المربعة( عادة إلى جامات شريطية، ومثلثة ويعالج تلك المساحات معالجة جريئة بتقسيمات زخرفية متقابلة ذات مذاق أفريقى.
- كما يكملها بتراكمات الخطوط التى عرفناه بها فى بدايات الستينات ولكن فى محتوى أبعد عمقًا وأكثر تأثيرًا فى النفس فتصبح المساحات التى عالجها بالخطوط المتجاورة فى موجات أشبه بالتأثير النابض الذى نواجهه عند تأملنا لسطح حصيرة أحكم نسجها.
- إن أعمال حسنين الأخيرة ثنائية الأبعاد بلا مداورة وهى سلسلة متتابعة من التنظيمات التكوينية لعناصر بعينها مع إجراء التحويرات التى توافق كل عمل على حدة. إن العلاقة بين الجامات ذات الزوايا الحادة وبين ما تضمه من إيقاعات خطية من الحروف العربية تشكل توليفة جمالية ذات مذاق متميز وتمثل خلاصة التجارب التى مر بها الفنان فى السنوات الطويلة السابقة.
- وأياً كانت الرسالة التى يرغب حسنين فى توصيلها، سواء أسماء بعينها تنتمى إليه بالقرابة فى معرضه السابق أو أسماء الصحابة عليهم السلام فى المعرض الحالى، فإن الأعمال تنم عن تجربة فنية ناضجة يتداول فيها عناصر أولية فى احتمالات تجريبية مثيرة للتفكير وللتأمل ويقوم بتكرار تلك العناصر فى مسور غنية التنوع تذكرنا بانعكاس المرأة.
بقلم : مصطفى الرزاز
ديسمبر 1984
|