سعد غزال : شخصية الخطاط تظهر على السطر
- بدأ فنان الخط العربي سعد غزال التعلق بفن الخط بمحض المصادفة عقب مشاهدته أحد معارض الخط، واستماعه إلى الشيخ محمد عبد القادر، وكان ما يزال طالباً في كلية التجارة ببنها، فتقدم في نفس العام إلى اختبار القبول بمدرسة خليل أغا لتحسين الخطوط، والتي سمع بها من مدرس الاقتصاد فى المرحلة الثانوية، وكان يشجعه على مواصلة طريق الفن بتكليفه بتنفيذ لوحات لأنشطة المدرسة.
- وقال إن مقابلة الشيخ عبدالقادر أثرت فيه لدرجة أنه بدأ بعدها محاولة محاكاة الخطوط الموجودة في الجرائد والمجلات، وأغلبها كان بخطي الرقعة والثلث، ولعبت المصادفة أيضاً للمرة الثانية دوراً رئيساً في توجيهه نحو فن الخط، حيث كان يجاوره في السكن أستاذ في جامعة الأزهر يدعى مختار وكان يكتب الخط، فتتلمذ عليه حتى مهد له طريق النجاح في امتحان القبول بالمدرسة بعد مضي 5 أشهر من التعلم عليه، ثم تتلمذ بعد ذلك في مدرسة تحسين الخطوط على أهرامات الخط العربي الذين نفتقدهم الآن مثل محمد عبدالقادر ومحمود الشحات وحسين صالح .
- وأضاف أن الخط وثيق الصلة بالحياة العامة العملية، والحياة الدراسية والتعليمية، فهو من وسائل التفاهم وهو نوع من أنواع التعبير التي تخدم أغراضاً شتى بين الناس وهذا يتطلب أن تكون هذه الوسيلة واضحة موضحة.
*فن جميل :
- وأوضح غزال أن الخط العربي إلى جانب أنه وسيلة التعبير هو فن جميل، ولذلك ينبغي أن يكون تقديمه محققاً لهذه الغاية، وهي جمال المظهر وحسن الشكل إلى جانب الغايات الأخرى وهي الوضوح والسرعة المقبولة، والخط كالرسم له أصوله ومقاييسه، والنسب المحددة المتعادلة بين أجزائه المستقيمة والمنحنية، ولكل جزء وضعه وشكله واتجاهه.
- ويؤكد أن المحاكاة ليست وحدها عاملاً من عوامل إجادة الخط بل ينبغي أن ترتكز هذه المحاكاة على معلومات فنية خطية تيسر للدارس الوصول إلى الإجادة بسرعة.
- وقال إنه ورد على خاطره وبإلحاح أن يضع في الخط الديواني أوراقاً تشمل أصوله وفروعه وتتدرج بالكاتب حتى تصل به إلى أوج الكمال، فلم يسعه إلا تلبية هذا الخاطر المُلح بقلب ملؤه السرور ووفاء لفن مثير- فن الخط العربي- والوفاء أيضاً لأساتذته الذين تعلم من إخلاصهم للخط العربي الكثير، وخاصة الخط الديواني بما له من جمال وما يضفيه من بهجة على النفوس وللتعرف أيضاً على طبيعة حركات حروفه من ليونة في الالتواء والانحناء.
- وقال غزال إنه حينما انتهى من تنفيذ المشق الديواني، ذهب إلى الشيخ عبدالقادر في بيته في منطقة الحسين، والذي رفض أن يتركه حتى وفاته، وحين رأى قوة الحروف بالمشق، أحضر ورقة وحبرا وقلما وقال اكتب حرف كذا، وكلمة كذا، ليتأكد بنفسه من قوة الخط ويطمئن على المستوى، وإنه قبلها كان قد كتب صفحة مكونة من 20 سطراً من المشق وعرضها عليه في أكاديمية باب اللوق فقال إنها 90 في المئة غزلان.
* إجازة :
- وقد لعبت المصادفة دورها الثالث مع غزال، حيث أعطاه الشيخ عبدالقادر `إجازة`، والتي تعد ميزة خاصة لمن يكتب الخط العربي، وكان ذلك في أول عام يقوم فيه بالتدريس، وكانت قديماً هي الطريقة التي يستطيع من خلالها الشخص ممارسة وتعليم الخط قبل أن يكون هناك دبلوم أو تخصص، وتلك الإجازة كانت على لوحة أراد أخذ رأيه عليها فقط، واللوحة لسورة القدر وكُتبت بـ 6 أنواع من الخطوط منها الكوفي الفاطمي وكوفي المصاحف والنسخ والفارسي والثلث والديواني.
- وأوضح غزال أن شخصية الخطاط تُطبع على السطر وتُظهر قوته، وقد تحدث فيها الكثيرون من رواد الخط ومنهم الحاج عبدالقادر، والذي كان ينظر إلى الخط ويقول` أنظر بخله ظاهر في ضغطه لمقاييس الحرف` وكان الشيخ عبدالعزيز الرفاعي معروفاً بضغطه للحروف أفقياً أو رأسياً، ولم يستثن من ذلك حتى قصيدته `النونية`، فنجد أن الـ `و` لديه 3.5 نقطة بينما مقياسها القاعدي 4 نقاط، كما أن كاسة الـ `ن` في خط الثلث 5 نقاط، وكان يجعلها 4 أو4.5 نقطة، وبالرغم من ذلك لا تستطيع لقوة حرفه أن تعيب عليه ذلك.
- ويعتقد غزال أن بالخط العربي إلهاماً يعطيه روحانية خاصة، تظهر في تكويناته من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مع الممارسة وبالمثابرة، وأن الكثير من الخطاطين رفيعي القيمة لا يستطيعون الإجابة حينما تسألهم عن سر جمال بعض تكويناتهم سوى أن يقولوا `إنه إلهام من الله`، ولذلك فالخطاط أبعد ما يكون عن الغرور، وأن الخط إدمان، والممارسة في الخط هامة، وتعطي الثقة بالنفس، خاصة للوصول إلى مستوى الاحتراف.
- ويرفض غزال تطوير الخط العربي من ناحية تغيير القاعدة، في حين يرى أن تطويره من الناحية الجمالية واجب مع ثبات قياسات الحرف تبعاً لنوع الخط، مؤكداً أن الالتزام بالقاعدة يؤدي إلى جمال الحروف وقوتها، وأنها ليست عقبة في حركة التكوين التي ترجع إلى مهارة الخطاط والإمكانات الفنية له.
- وعما أثير من أنه الوحيد الذي أوصل `و` العطف مع الكلمة التي تليها في مشقه للخط الديواني، أوضح أن ذلك تجنباً للبس في القراءة خاصة في آيات القرآن الكريم، كما أنه فعل الأمر نفسه مع بعض الحروف المفردة كي لا تضاف إلى الكلمات التي تليها، مثل حرفي الـ`و` والـ`أ` في ` كفروا، ففروا`.
* الكمبيوتر :
- يوضح غزال أن الكمبيوتر أفاد المجتمع كثيراً من الناحية العملية بغرض السرعة الإنتاجية، حيث إن الخط العربي ليس مقامه أن تكتب به الصحف والمجلات، مع أنه حين تُكتب عناوينها بالخط يدوياً يجب أن يتم تحري الدقة في اختيار الخط الأقوى، كما أنه يمكن الجمع ما بين سرعة الأداء والجمال حين يتتم الاستعانة بالخطوط اليدوية للخطاطين وإدخالها ضمن خطوط الكمبيوتر، وهناك عدة محاولات جيدة في هذا المجال، وكانت له تجربة في كتابة الخط الفارسي لشركة صخر للبرمجيات.
- وعن مقاسات عرض أقلام كتابة الخط العربي أو `الباست` يقول إن خطوط النسخ والإجازة والرقعة وكوفي المصاحف عرض قلمها 1 ملم ودرجة ميله في الأولين 25 درجة، بينما في الأخيرين 20 درجة، أما الديواني فميله 30 درجة وعرض قلمه 1 ملم، في حين أن عرض قلم خطي الفارسي والثلث 2 ملم ودرجة ميلهما 15 و30 درجة على التوالي، ويختلف جلي الفارسي والثلث فقط في عرض قلمهما الذي يصل إلى 8 ملم مع نفس زاوية الميل في الاثنين.
- كان غزال صاحب فكرة أول معرض أقامته دار الأوبرا المصرية للخط عام 1991، ومنظمه، وقد اهتم بعرض الأعمال النادرة لكبار قدامى فنانى الخط العربى .
مجدى عثمان
دنيا الاتحاد - الثلاثاء 31/ 7/ 2012