عادل ثابت عطا الله
- هو عاشق للحرية والتنقل من مكان لأخر .. لا يعوقه حاجز ولا تمنعه جدران أو أسوار .. فأعماله تحط هنا وتتوقف هناك .. لكن يظل ارتباطه الأول وحبه الأكبر لأرض محافظة أسيوط التى شهدت ميلاده الأول .. وعاش وتعايش فيها بين أهلها وسكانها الطيبين .
- لكنه اليوم يقترب ويتعمق أكثر فى المكان وبين أعماق الأنسان .. ويقلب بجرأة صفحات من سجل ذكرياته وحاضرة وأيامه وهو سر اختيار فناننا الناقد ` عادل ثابت` `فى عمق الأمكنة ` عنوانا لاحدث معارضه المقامة حاليا بقاعة `الكحيلة`.
- يستعرض فيه الفنان 35 لوحة زيتية من أحدث إبداعاته.. تعد امتدادا لاستخدامه لتقنيه جديدة استعان فيها بالعجائن كأرضيات تحضيرية لسطوح أعماله.. أضفت سحرا وثراء على إبداعاته وأكسبتها قيما وملامس وأبعادا جمالية جديدة تعزف على أوتار المتناقضات.. ساعد على تأكيدها استخدامه لباليته لونية متفائلة تفيض بهجة وإشراقا بفعل تأثير ضوء أشعة الشمس سواء أوج توهجها أو عند غروبها أو شروقها .
- تنقلت ريشة ثابت `بين الأسواق والأعراس وانتقلت العادات والتقاليد وتوقفت فى الريف والحضر وتجولت على ضفاف النيل الخالد وعبرت ببساطة وتلقائية عن الصيادين أو البائعين الحائلين وعازفى الموسيقى سواء على آلة الربابة أو العود والكمان .. فكلها فى النهاية مشاهد تتواصل وتتداخل لترسم صورة صادقة لطبيعة وعراقة الأنسان وعمق وعظمة المكان .
-هذا الثراء الفكرى والتقنى صاحبة أيضا تنوع فى الأسلوب والمعالجة والتناول.. فكل عمل يمثل حالة بذاتها فأحيانا نراه يتجه للتعبيرية وأخرى للتكعيبية أو التشخيصية وغيره.. لكنها فى النهاية تمثل نبض المكان والأنسان وأصالة وتباين المشاعر والمواقف.. ولكن يبقى عنده `عمق الأمكنة `هى البطل مهما مرت الأيام أو العصور أو تبدلت طبيعة البشر والشعوب .
ثريا درويش
الأخبار -2009
رسائل الحنين الملونة
- عادل ثابت، فنان هادئ الابداع، يتحسس خطواته برقة .. ومنذ عشرين عاما واكثر وهو يشارك فى الحركة التشكيلية كصحفى وناقد ومبدع بدارالهلال ..
- أرتفعت لدى الفنان درجات الحنو لما يرسمه، فالنخيل قريب الى الطيور ، هائما فى سماء الحب يتعانق ..يتمايل مسقطا ظله على ارض الانتماء : والالوان فيها كما الحلم.. أو هى رؤى يريد ان نحلم بها ..وفى بيوته التى تحتضن بعضها فى الجنوب تسمع صوت الحوار .. وتمشيات الطيبة وتجمعات السمر... بأداء يقترب من تحويل اللقطة الى رمز لما يحمله الفنان لهذه البيوت ومن فيها .
ابراهيم عبد الملاك
مجلة صباح الخير
تنويعات جديدة على الحان شعبية قديمة
-عادل ثابت اسرع فى البحث عن مخرج من هذه الدائرة المغلقة التى تكتس بثياب الفطرة الشعبية وتغمض البصر عن متغيراتها الجذرية ، فنراه فى لوحاته الاخيرة يخطو خطوة واسعة نحو اعادة صياغة معالم البيئة الريفية مثل العمارة الشعبية والنخيل يحس تلخيص للتفاصيل الزخرفية والمظاهر التطريبية ، ساعيا الى رؤى تجريدية متحررة من `القافية التشكيلية` والسذاجة المصطنعة وان احتفظ بالايقاع الغنائى المتكرر فى نوع من الهمس مع ان الوانه ساخنة قوية الحضور، وقد ساعده على ذلك استخدام اسلوب القص واللصق ( الكولاج) على سطح اللوحة .
عز الدين نجيب
جريدة صوت الكويت
عادل ثابت وحميمية التراث
- فى هذه الاعمال التى يتحرر فيها الفنان من قيود التشخيص ، ومعايييره الكلاسيكية الصارمة ، ويستلهم الاشكال الهندسية فى ابنية منفتحه ورصينه ، وتتجلى الروح الشاعرية التى ينبض بها قلب الفنان وعمق وجدانه، سواء فى الخطوط أو الألوان أو المساحات .
- وكما تتناغم الاشكال ـ الهندسية خاصة ـ فى سياق مبدع يتسم بالتوازن والتماسك والرسوخ، جاء نتيجة طبيعية لتطور جمالى، تتناغم أيضاً الألوان التى تتميز بها الحضارات المتتالية على أرض مصر : الفرعونية ، والقبطية والإسلامية .
نبيل فرج
جريدة الانوار
ونخيل عادل ثابت الراقصة
- وأعمال عادل ثابت يتمثل فيها شباب طاغ ، وحيوية بالغة ، حيث سيطر فيها على مفرداته الفنية، وكأنه يقول لرواد الفن التشكيلى : ` هنا على هذه الأرض ما يستحق الحياة `.. وبالطبع ما يستحق الرصد، الذى يخرج يوماً ما فى صورة `أعمال ابداعية ` تستحق المشاهدة . إن لم يكن الاعجاب .
- بإحساس عادل المرهف، وريشته، حسم الإشكالية ، وهذا الحسم ناتج ونابع من فهم عميق بضرورة إيصال كل ما هو جميل فى حياتنا فيثرى الوجدان، ويجمل العين .
- ولا أستطيع أن أخفى اعجابى بعادل ثابت الفنان التشكيلى، الذى سرق منى عادل ثابت الناقد الجاد .
- ألم أقل .. `ومن الفنانين التشكيليين من يتبعهم الغاوون من أمثالى`.
محمد هيكل
مجلة الثقافة الجديدة
عادل ثابت يعرض فى الكحيلة : فى عمق الأمكنة
- تجربته الجديدة لاقت استحسانا جيداً من محبى الفنون والنقاد والفنانين عبر 35 لوحة زيتية تتنوع أبعادها بين الصغير والمتوسط والكبير والتى استخدم فيها المعاجين ذات المستويات المتعددة كتحضير أساسى للوحاته مع إحداث بعض الزخارف الغائرة والبارزة فيها.. بالإضافة إلى التشهيرات التى تضفى على أعماله ثراء فنياُ ذا أبعاد كبيرة، ثم يرسم على هذه التحضيرات موضوعاته الشعبية المصرية التى اتخذها منهجاً لأعماله ويلونها بألوان براقة مبهجة كأنها تعكس أشعة الشمس المتوهجة أثناء غروبها أو شروقها . - فقد اتخذ من معرضه الجديد عنوان `فى عمق الأمكنة `وهو يقصد أن يتوغل فى عمق الأماكن التى شاهدها وتعايش معها ثم يعاود التعبير عنها فى شكل جديد يضيف إلى اللوحة بعداً مختلفاً عن الأبعاد التقليدية.. والفنان عادل ثابت قد اعتمد فى معرضه هذا على موضوعات من الريف والحضر.. فهناك ` ليلة العرس ` و `الفرق الموسيقية الشعبية ` والمرأة التى تخطت الحواجز التقليدية واندمجت فى معترك الحياة ثم عبر عن صيادى السمك وعازفى الآلات الموسيقية كالعود والكمان والتشيللو وخلافه . - ولم يفت فناننا أن ينظر بعمق إلى نواحى المجتمع المتعددة فرسم `البلياتشو` و ` كوكب الشرق أم كلثوم ` و`صانع الكنافة ` إلى آخر كل هذه العادات المصرية والمعتقدات الجميلة . - ولاشك أن النظرة الفاحصة إلى أعمال هذا المعرض الذى أنتجه الفنان عادل ثابت خلال النصف الأول من عام 2009 يجد الملتقى أنه رغم تغير الموضوعات وتعددها فى أماكن مختلفة.. إلا أن هناك حالات مختلفة لكل لوحة.. فالحالة التى يرسم فيها لوحة عازف العود مثلاً تختلف عن الحالة التى يرسم فيها لوحة صياد السمك أو صانع الكنافة .. فكل لوحة لها مذاقها وحالتها.. وأن كانت ألوانه براقة ورسومه وتلخيصاته هى الرابط لمعرضه بالإضافة إلى تناوله لتلك الأماكن المتقاربة التى يضمها مجتمعنا . -عادل ثابت.. فنان وصحفى وناقد فنى وعضو مؤسس بنقابة الفنانين التشكيليين.. وقد تخرج فى كلية التربية الفنية وبجانب هذا له أنشطة عامة متعددة فهو أمين عام شعبة التصوير بنقابة الفنانين التشكيليين من 1993-1996 وأمين الصندوق الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلى بالقاهرة والأمين العام للجمعية الأهلية للفنون الجميلة وهو حاصل على الدبلوم والميدالية الذهبية من بينالى أنكو الدولى بإيطاليا ورئيس تحرير جريدة الحياة المصرية.. وأقام العديد من المعارض الشخصية والمشتركة بالقاهرة والإسكندرية وأمريكا وسويسرا وله مقتنيات عديدة بصندوق التنمية الثقافية ومتحف الفن المصرى الحديث ومكتبة الإسكندرية وجريدة الأهرام وقاعة المؤتمرات الكبرى بمدينة نصر بالإضافة إلى مقتنيات أخرى لدى الأفراد .
شيماء محمود
مجلة الكواكب -2009
عادل ثابت يعرض .. فى عمق الأمكنة .. فى الكحيلة
- الجديد للفنان عادل ثابت 35 لوحة زيتية تتنوع أبعادها بين الصغير والمتوسط والكبير، وفى تجربته الجديدة التى لاقت استحسانا جيدا من محبى الفنون والنقاد والفنانين والتى استخدم فيها العجائن ذات المستويات المتعددة كتحضير أساسى للوحاته مع إحدى بعض الزخارف الغائرة والبارزة فيها، والتهشيرات التى تضفى على أعماله ثراء فنيا ذا أبعاد كبيرة، ثم يرسم على هذه التحضيرات موضوعاته الشعبية المصرية التى اتخذها منهجا لأعماله ويلونها بألوان براقة مبهجة كأنها تعكس أشعة الشمس المتوهجة أثناء غروبها أو شروقها . اتخذ من معرضه الجديد عنوان `فى عمق الأمكنة ` وهو يقصد بأن يتوغل فى عمق الأماكن التى شاهدها وعاش وتعايش معها ثم يعاود التعبير عنها فى شكل جديد يضيف للوحة بعدا مختلفا عن الأبعاد التقليدية . والفنان عادل ثابت قد اعتمد فى معرضه هذا على موضوعات من الريف والحضر ، فهناك ` ليلة عرس` و `الفرق الموسيقية الشعبية `والمرأة التى تخطت الحواجز التقليدية واندمجت فى معترك الحياة حتى الغناء والموسيقى منها، ثم عبر الفنان عن صيادى السمك وعازفى الآلات الموسيقية كالعود والمكان والكونترباص والتشبللو وخلافه . ولم يفت الفنان أن ينظر بعمق إلى نواحى المجتمع المتعددة فرسم ` البلياتشو ` و ` كوكب الشرق : أم كلثوم ` و` صانع النافة ` و `عازف المزمار ` إلى آخر كل هذه العادات المصرية والمعتقدات الجميلة . ولا شك أن النظرة الفاحصة إلى أعمال هذا المعرض الذى أنتجه الفنان عادل ثابت خلال النصف الأول من عام 2009 ، تجد المتلقى وأنه رغم تغير الموضوعات وتعددها فى الأماكن المختلفة ، فإن هناك حالات مختلفة لكل لوحة ، فالحالة التى يرسم فيها لوحة عازف العود مثلا تختلف عن الحالة التى يرسم فيها لوحة صياد السمك أو صانع الكنافة ، فلكل لوحة لها مزاقها وحالتها . وإن كانت ألوانه البراقة ورسوماته وتلخيصاته هى الرابط لمعرضه بالإضافة إلى تناوله لتلك الأماكن المتقاربة التى تضم مجتمعنا وعادل ثابت فنان صحفى وناقد فنى وعضو مؤسس بنقابة الفنانين التشكيليين .
الأهرام الدولى 2009
محطات ... بين رمزية التعبير والتجريد
محطات فى حياتنا.. قلما غابت عنا.. فهى حاضرة دوما بداخلنا.. كثيرا ما نتذكرها ونشتاق إليها، فهى الماضى الذى يأخذنا ويحيطنا بمشاعره التى عايشناها وتعايشنا بها آنذاك.. والتى تبعث فى النفوس البهجة وأيضا الأنين حينما تأتى على الأذهان.
يعبر الفنان عادل ثابت فى احدث معارضه `محطات` ، والمقام حاليا بجاليرى أرت كورنر بالزمالك، عن تلك الحالة مجسدا من خلال 32 لوحة تشكيلية محطات متنوعة من حياته الفنية. فالمعرض هو مزيج لمجموعة منتقاة من أعمال الفنان تجمع مابين أعمال قديمة وأخرى حديثة، نفذها ثابت منذ عام 2000 وحتى الان.
وفى خلال تلك السنوات مر الفنان بعدة تجارب من الرسم، سواء كان بخامة الاكريلك او الفلوماستر. صاغها بتجريدية التناول للموضوعات المقدمة ومفرداتها المتخذة، كما أضفى من خلال تقنية الرسم على مسطح به عجائن حالة من الحيوية والبهجة.يقول عادل ثابت: `عشت طفولتى وحياتى فى محافظة أسيوط، وقد تأثرت كثيرا بتلك الطبيعة ومفرداتها الشعبية فضلا عن محافظات الصعيد كلها.. الأمر الذى أفضى على لوحاتى تيمات متفردة ارتبطت بى شخصيا.. لتجد تلك العناصر
والمفردات هى أبطال لوحاتى`.
وقد تناول الفنان فى العديد من لوحاته كوكب الشرق أم كلثوم، عاكسا اياها لحالة من الشوق والإعجاب المفرط ومدى ارتباطه بتلك الأيقونة المفضلة دائما لديه.
لم يلتزم أو يجنح ثابت نحو مدرسة فنية بعينها، بل تجده متنوعا، تارة للأسلوب الرمزى وتارة أخرى للأسلوب التجريدى، كما قد تجده أيضا مجيدا للتعبيرية. فهو فنان متحرر يجنح نحو حرية التناول الفنى المرتبط بكيفية صياغة الفكرة تشكيليا، لم يعر الفنان اهتماما للنسب التشريحية المنوط بها، بل تجده أكثر اهتماما بمكنون ومعنى العمل فى ان يعكس الإحساس الدرامى داخله، متخذا فى ذلك بالتة لونية متعددة ومتباينة ذات ألوان براقة وزاهية. من المقرر ان يستمر المعرض حتى 24 من مايو الجارى.
رانيا الدماطى
الأهرام 16-5-2016
عادل ثابت فنان الجوانب المشرقة للمجتمع
- تعود معرفتي الوثيقة بالفنان عادل ثابت بدءاً من عام 2000 ، أثر انتهاء خدمتي الدبلوماسية وتفرغي للنشاط الفني ممارسًا وناقدًا ، عرفته وهو يباشر نشاطه في الاتيليه الخاص به (جاليرى شاديكور) بمصر الجديدة ، الجاليرى الذي سعى من خلاله - بصدق وحماس - إلى نشر الوعي الفني والارتقاء به فأسدى بذلك خدمة جليلة لأهل حي مصر الجديدة في وقت كانوا يحتاجون إليها.
أتاحت لي زياراتي المتكررة لمرسمه خلال الخمسة عشر سنة الماضية ، التعرف عن قرب على نماذج متعددة من أعماله التى رسمها في الماضي ، وكذلك اللوحات التي صاغها بريشته وألوانه خلال السنوات الأخيرة ... وكانت متابعة أعماله ، وتطور أسلوبه في تلك الفترة أمراً مشِّوقاً للغاية . لمست فيه أخلاصه واحترامه الشديدين تجاه التراث المصري ، فقد عيّر في جميع لوحاته عن موضوعات شعبية واجتماعية مصرية صميمة، محبّبة لنفوسنا يستقيها من التراث الفني المبهج الذي يعيش بداخلنا .
عادل ثابت فنان يدفعه كريم خصاله ونقاء سريرته إلى رؤية الجوانب المشرقة للمجتمع دون سلبياتها ، فتجده حريصًا على نقل الصورة المبهجة التي يأمل في أن تسود حياتنا ، وينعكس تفاؤله هذا في خطوطه الرشيقة السلسة ، ومساحاته المتناسقة باتزان ، وألوانه المتناغمة التي تشجى البصر والروح.
وقد لاحظت زيادة في وتيرة نشاطه بشكل لا يخفى عن المتابع بعد عام 2003 عقب انتهاء خدمته الطويلة بدار الهلال ، فقد تفرغ تماماً لفنه وأصبح لديه متسعًا من الوقت ليجرّب ويطوّر في أسلوبه ، وبدا واضحًا ميله في الفترة الأخيرة لاستخدام العجائن لإكساب أعماله ملامسًا تُثرى سطح اللوحات بشكل يسّر عين الملتقي ، وفي نفس الوقت تزيد من استيعابه للعمل الفني.
أن عادل ثابت من قلائل الفنانين المعاصرين الصادقين في التعبير عن الحياة الشعبية المصرية بصورها المختلفة ، التقليدية منها أو المعاصرة على حد سواء ..
بقلم السفير يسرى القويضى
القاهرة : أغسطس 2015
إبداعات جديدة للفنان عادل ثابت
- تدهشني أعمال الفنان الكبير عادل ثابت في موضوعات لوحاته الحميمة وبساطتها، ولا أنسى رسومه الجميلة والمعبرة منذ منتصف الستينات من القرن الماضي بداية متابعتي لأعماله الفنية التي كان ينشرها على صفحات المجلات التي كان يعمل بها رسامًا وناقدًا تشكيليًا رفيع المستوى.
كانت موضوعات لوحاته حياتية ... خطوطها وألوانها تجمع بين مهاراته الأكاديمية ومخزونة الفطرى الذي لم يتخلى عنه طوال رحلته الفنية.
وفي لوحاته الأخيرة رغم تناولها لموضوعات تقليدية استلهمها الفنان المصري من موروثه الشعبي والتراثي ... إلا أن الفنان عادل ثابت أنجزها بتقنية جريئة وجديدة في مسيرته الفنية ، استعمل فيها العجائن كأرضية تحضيرية لسطح لوحاته التي جاءت ثرية بذلك الملمس البارز فأكسبها عمقًا وحيوية ساعد في ذلك ألوانه المبهجة الصريحة والمتوهجة بضوء الشمس ... فأكسبت موضوعاته التي تعودنا عليها في لوحاته السابقة بُعداً جماليًا جديدا كإضافة مهمة في مسيرته الفنية المتواصلة في الموضوع المصري الجميل.
عصمت داوستاشى
إنهـــا روح رحبـة
- مايزال الفنان `عادل ثابت` مخلصًا لأصوله وجذوره رغم تعاقب السنين ، إنه بلدياتي من أسيوط ، لذا فأنا أعرف كل مفرداته التشكيلية الواقعية ، لكنه ليس واقعيًا تمامًا في الصورة ، هو ينسج من الواقع حلمًا رقيقًا ملونًا مبهجًا على هواه ، لا تأتيه الكآبة من بين يديه ، انه يلوِّن الواقع بألوان أجمل مما هي عليه ، يزخرفه ، ويكتب له ألحانًا موسيقية ، كل لحن نابع من طبيعته ، طبيعة المنظر المصور المتأمل يجد أن `النوته` اللحنية للوحة `عادل ثابت` تعتمد على شكل القوس.
طبعًا فالقوس يأخذنا من أسفل إلى أعلى ثم يهبط بنا مرة أخرى في حركة واحدة . ثم أنه يتيح الفرصة للاحتواء ، يحتوى داخله أقواسًا أخرى أو إشكالاً أخرى وألوانًا أخرى فيكتمل الشكل.
إنه مخلص للمشاهد التي عاشها ، عشناها معاً في مجتمع الصعيد `الوسطاني` الريفي ، كلها مشاهد شعبية من حفلات الزفاف أو بائع الفول المدمس والعمل في الحقل .. وغيرها . إنها تعكس أيضًا اهتماماته الفكرية وحتى السياسية بشكل هادئ وغير مباشر.
هذا يذكرني بسنوات كان يرسم فيها في مجلة `صوت الجماهير` التي كانت تصدرها أمانة منظمة الشباب في محافظة أسيوط في ستينيات القرن الماضي ، مع الفنان سعد زغلول. رغم نزوحه إلى القاهرة ، كما فعلت ، وعمله في مؤسسة دار الهلال ، ظلت أسيوط تعيش فيه ، وزاد عليها مشاهد من العاصمة منها فرقة من شارع محمد على الموسيقية ، التي يبدو تكوينها تكرار لنغمة واحدة أجاد الرسام تلوينها ، ومنها مشهد `الست` وهي تغني `هذه الست` التي جذبت كثيرًا جدًا من الفنانين ليرسموها وينحتوها. كل منهم ابدع نسخته الخاصة من `الست` نفسها ، فهي أم كلثوم التي دخلت في النسيج الروحي لملايين من العرب. فكيف بالمبدعين؟ هنا نرى نسخة `عادل ثابت` الخاصة بـ `الست`.
و `الست` أيضًا مصطلح نسوى محترم ، لذا يطلق طفل الصعيد على جدته `ستّى` فالست بمعنى آخر ليست قاصرة على أم كلثوم ، أنها نظرتها لتوقير المرأة واحترامها. عادل أيضًا رسم `ستات` شعبيات بائعات على باب الله ، أو حاملات جرار اختفت من حياتنا الآن لكن الفنان يستدعيها من مخزون ذاكرته التي عاشها. ويرسم العروس قبيل أن تصبح `ستًا` ويرسمها فلاحة في أوضاع مختلفة تبدو فيها كلها `ولا القمر`. هي بالطبع ليست دائمًا كذلك في الواقع ، لكنها عين الفنان المتفائل المحب لبلده وناسه ببساطة لغته التشكيلية وبلا تعقيد مفتعل .
أنظر إلى لوحته التي صوّر فيها `سُبوع طفل` أي الاحتفال بمرور سبعة ايام على ولادته ، وهي العادة التي أرجو ألا تكون قد اختفت مثلما اختفت كثير جدًا من عاداتنا الجميلة. هذه اللوحة تلخص `روح` الفنان وفكره التشكيلي ، إنها دائرة داخل قوسين ، قوس داخل قوس ، الوجوه البريئة تتناثر بين الدائرة وبين القوسين وحولهم . كذا رمز الوطنية: أهرامات ثلاث ، وعلم مصر الملكي وكلها باللون الأخضر، الخلفية موزعة عرضيًا إلى ثلثين تقريبًا ، أن دققت في زخرفة أنسجة الملابس تجدها موتيفات شعبية مصرية جنوبية.
من المؤكد أن أي مشاهد غير مصري ويعرف مصر جيداً ، فهنالك كثير جدًا من المصريين لا يعرفون مصر جيداً ، عندما يشاهد لوحة لعادل ثابت سيدرك على الفور أن صاحبها مصري ، أو مصرية .. لوحة عادل ليست الآن موضوعاتها مصرية فقط ، ولكن لان نسيج تشكيل اللوحة التي رسم فيها شخصًا جالسًا يقرأ ، أنها تذكرك بتمثال الكابت المصري الفرعوني ، رغم أن التمثال لكاتب واللوحة لقارئ ، ورغم أن التمثال لرجل يجلس القرفصاء ، والقارئ لشخص ثانياً ركبتيه إلى الأعلى وممسكاً بكتاب بيمينه ، وقد جلس على سجادة وقد وضع الفنان إبريقًا وكوبا بجوار قدميه ، المدهش أن رسم الوجه أكثر تجريدية ، بينما الوجه في التمثال الفرعوني تشخيصي أكثر ، والمدهش أيضًا أن الرسام وضع هالة حول رأس القارئ تذكرك بهالات التقديس في الرسوم المسيحية. هذه الرموز المسيحية لأفكار نجدها في لوحات `عادل ثابت` أو هي نادرة على مارأيت.
إجمالاً يمكن القول إن لوحات عادل ثابت تدخل القلب وتبهج النفس ببساطة تنبع من أسلوبه الفني وروحه الرحبة.
سمير غريب
2015/9/4
مشاعر مشحونة بالطاقة الحيوية
- إذا أردت أن تشم رائحة الهواء العليل على شط النيل وهو يداعب أغصان الأشجار ويغازل الحِسان في الليالي القمرية ، وأن تحسّ بالشمس تكسو بأشعتها المشاعر، وتنعم بلحظات الرضا والبهجة والمرح ، فلتشاهد لوحات الفنان `عادل ثابت 1943` حينئذ سوف تشدك مشاهد الأسواق الشعبية والناس البسطاء والوجوه الصافية بقوة تأثيرها ، والبيوت إذ امتزجت بمعان إنسانية وتحولت إلى تشخيصات ، وسوف تنجذب ببصرك نحو صور فرق الموسيقيين ينقرون الدفوف ويعزفون على الناى والربابة وقد تحّدت صورهم الأنماط والقوالب بتأثيرات خطوطها وألوانها المهذبة والأنيقة ، وسوف تتعاطف مع مناظر المنشدين ، ومع إيقاعات حركات الراقصات في الأعراس الشعبية برقّة أزيائهن المزركشة ، ومع اللوحات التي تصور شدو المغنيين تنشغل الحواس بمناظر الجمال وبالمعاني النبيلة ، فننسى الهموم ، وفي كل لوحات الفنان تتحول الرؤية المعتادة إلى إبداعات لونية ، وإلى تكوينات مثيرة للدهشة ، وعندما يُسلّط الفنان على جوانب معينة من موضوعاته يجعلها تبدو أكثر توهجاً ، مثلما يجعل الألوان أكثر تألقًا وحركات الأشخاص أكثر مرحًا وأغنى بالتناغمات الهارومونية وللتعايش بين الإنسان والمكان في ألفة صداه في الرسوم على جدران معابد الفراعنة ، مثل مناظر الصيد والتحطيب وحمل الثمار للأسواق وأحاديث الوّد ، وكلها ذات تكوينات متسقة ، تموج بالحركة الإيقاعية الحيوية ومتشبعة بقوة العاطفة ، وتشيع فيها الأجواء الاحتفالية ، أما استخدام العجائن اللونية الكثيفة فتسمح للون بأن يوحى بالملامس وأن يوحي بالأصوات ، مثل رنين أجراس ، والقصد من الشكل الارتجالي والتنويع في أساليب التلوين أن تطمس الحدود ، فتوحي الصور بتألق مذهل مع التركيز على تصوير المشاعر المشحونة بالطاقة الحيوية قبل تسجيل التفاصيل والجزئيات ، وقد سمح الفنان لعاطفته بأن تتدفق بحرية خلال الصور المشبعة بالتوهج والإشراق لينقل إلى اللوحات شيئًا من مشاعره ، إضافة إلى عنايته بالتنويع في الألوان والملامس ، ويخلق تأثيرًا كُليّا مميزًا بطريقة غير تقليدية وبتحويل صور الأشخاص إلى ما يشبه الأزهار مع بساطة التكوينات ونضارة الألوان الوضاءة ، وبتلالؤ الزينة المنمقّة ، أنجز الفنان مثالية ذات جمال براقّ وفخامة ينأى بها عن الانجراف نحو تحليلات معقدة ، ويتخلص من التفسيرات المقلقة حول المجهول ، ويهيئ لمشاعر اللذّة والاسترخاء بفعل الجمال الهادئ وبأثر جاذبية الألوان الدافئة ، لقد كانت الطبيعة دائمًا تزوّد الفنان `عادل ثابت` بمادته الأولى وبنقطة البداية ، وقد جمع في لوحاته بين الموروث والمعاصرة ببلاغة تشكيلية فتوصل إلى حالة من التوازن الهادئ والاتساق لا يتوصل إليها إلا فنان أصيل.
أ.د محسن عطية
|