من الحديد الخردة لرقص الدراويش
قدم الفنان الشاب أحمد يحيى مجموعة متميزة من الأعمال الفنية التى استخدم فيها خامة الحديد الخردة وطوعها بسلاسة لتتحول بين يديه تارة إلى راقص تنورة رشيق وتارة أخرى الى راقص شعبى يجيد استخدام عصاه، أوعازف سمسمية او غير ذلك .
وقد اختار أحمد اسم ` شعبيات ` عنوانا لمعرضة الذى أقامة بساقية الصاوى بالزمالك والذى ضم ما يقرب من 40 قطعة فنية تنوعت بين الراقصين والعازفين والباعة المتجولين مثل بائع الفول وبائع الترمس والبطاطا ، كما اختار تقديم بعض المهن مثل البنا والفلاح .
ولم يتوقف يحيى عند الشعبيات بمفهومها الشائع ولكنه تطرق ايضا للفرعونيات حيث قدم تمثالا لتوت عنخ امون، وبعض التماثيل الأصغر حجما للمحاربين القدامى، فهو يرى أنت الفن الفرعونى لا ينفصل عن وجدان اى فنان فهو جزء من تاريخة وحضارته .
ولم يدرس أحمد يحيى الفن ، بل إن الموضوع لا يعدو كونه موهبة، فعشقة للفن بدأ منذ الطفولة حين كان والده ينحت بعض الأشكال الفنية أمامة ، ولكن سيطرته على خامة الحديد انتقل الية من خلال عمله بإحدى ورش الحدادة .
أقام الفنان أحمد يحيى معرضة الأول بأتيلية القاهرة عام ،2005 حيث وظف الشوك والملاعق لتقديم مجموعة من الأشكال الرائعة التى تتمحور حول الشخصية المصرية، ومنذ ذلك الحين أقام الفنان أحمد يحيى وشارك فيما يقرب من 16 معرضا فنيا كان آخرها معرض التحرير الذى استضافة قصر محمد على بالمنيل فى عام 2011، والذى قدم من خلاله مشاهد من موقعة الجمل الشهيرة ، ليسجل جانب من تفاصيلها بأعمال الحديد الخردة .
وتتنوع الاحجام التى يقدمها أحمد يحيى ، حتى أنه أحيانا ينفذ أعمالا بالحجم الطبيعى ، ففى معرضة الأخير بساقية الصاوى قدم يحيى جوادا بالحجم الطبيعى استغرق منه عامين حتى ينتهى منه ، وهناك قطع تستغرق منه فترات أطول من ذلك تصل الى عدة سنوات مثل تمثال مصر تتحرر الذى استغرق منه ما يقرب منه ثلاث سنوات ، وهو من الأعمال التى يرفض الفنان بيعها نظرا لأنه قريب جدا إلى قلبه .
يقول الفنان طارق زايد مستشار الفنون التشكيلية بساقية الصاوى إن أحمد موهبه متدفقة ، وكما استطاع ان يطوع خامة الحديد بسلاسة ، نراه كذلك ينتقل من خامة لأخرى حيث توجهه شحنته الفنية فهو ، يمزج أحيانا بين الزلط والحديد وغير ذلك ..ويضيف طارق إن الفنان أحمد يحيى يعتبر حالة فنية لأنه لا يمكن تصنيفة على أنه فنان فطرى أو تلقائى وإنما نراه أحيانا يميل الى الفن الكلاسيكى رغم عدم دراسته للفن .
ولعل تصنيف المدرسة التى ينتمى إليها أحمد تطرح تساؤلا قويا حول المفاهيم المرتبطة بالفن التلقائى والفطرى ، وحول ماهية الفن التلقائى فى مصر وفنانية .
ويقترب الفنان أحمد يحيى كثيرا من الفنان عبده رمزى ، إلا أن أعمال عبده رمزى النحتية تعبر فى الغالب عن الريف وقد تأثر الفنان أحمد يحيى بالفنان صلاح عبد الكريم ، وهو أول من اتجه إلى تشكيل التماثيل من قطع الحديد الخردة المجمعة عن طريق اللحام ، وترك بصمة فى هذا المجال جعلته رائد هذا الاتجاه الفنى حتى أن الناقد صبحى الشارونى قال عنه إن صلاح عبد الكريم استطاع ان ينتزع تقديراً عالمياً فى ميدان ` التماثيل المجمعة من قطع الحديد الخردة ` ، وأنه بالانتقال من الخامات التقليدية لفن النحت الى خامة لم يسبق استخدامها عند المثالين السابقين أو المعاصرين له فتح آفاقاً جديدة للتحرر والتجديد .
منى عبد الكريم
جريدة أخبار الأدب- 2014