تلازمية الخيال والأسطورة فى المعرض الاستيعادى للفنان على الروبى
- فى معرض الروبى بالهناجر
- أقيم بقاعة الهناجر فى الأوبرا الشهر الماضى معرض استيعادى للفنان الراحل على الروبى وهو الفنان الذى مر بعدة مراحل فنية تجلت فيها ملكاته الإبداعية من خلال تصوير وتجسيد البيئة بمفهوم سريالى بحت وبتعقيدات تضفى على أعماله طابعا من البهجة فى عالم الوعى واللاوعى وتمثل في صياغاته الفنية المستلهمة من البيئة المحيطة وتصوير المضمون الاجتماعى والفكرى الخرافى حيث تميزت موتيفاته وصياغات التصميمية فى لوحاته بالتسطيح والبعد عن التجسيم، والتلخيص الشديد من خلال فلسفة جمالية خاصة والفراغ فى أعمال الفنان له دور أساسي فى تأكيد عمق اللوحة، وترتيب الصياغات داخلها من خلال معالجات تشكيلية كالمبالغة والاستطالة والضغط لعناصره حيث جسم الإنسان فى الحيز الفراغي كوسيلة للوصول لإمكانيات تحويله في تصميم يحتوي المساحة في اللوحة وكذلك لا يفقد جوهره الاستعانة بالعناصر والأشكال المختلفة والمتنوعة مثل السمكة المجردة، الصياغات الخرافية، المنحيات اللونية، الأشكال الهلامية علي أرضيات اللوحة وهكذا اتجه الفنان في صياغاته إلى المبالغة فى التعبير عن العنصر الآدمى مع التركيز على الاستطالة فى بعض الأجزاء عن الأخرى.
- كما دمج الفنان العناصر الزخرفية فى صياغة أعماله فأصبحت الصياغات محتويه علي تلك الرموز وتحولت صياغاته التصميمية إلي التعبير عن مضامين رمزية يمتزج فيها الحلم بالأسطورة في تعبيريه وشجن تشكيلي يتسم بالخيال الأسطورى مستعينا في معالجة خلفيات أعماله ببعض العناصر والموتيفات اللونية ورؤس الحيوانات والطيور والأشكال الخرافية مشكلا بعداً خياليا في بناء أعماله.
- وظهرت في أعماله صياغات تصميمية سريالية للعنصر الآدمي ممثله في رأس أو أطراف حيوان أو أشكال خرافية وهي صياغات أقرب من الحلم منها إلى الواقع واستعان الفنان هنا بأسلوب التحطيم أو التحوير ليقدم صياغاته للعناصر الخرافية وتميز الفنان بالحس الميتافيزيقي السريالى، مما جعل عالمه يبدو مغلقاً.
- وجعل موتيفاته ذات طابع خاص وغامض، وقد أكد الفنان هذا المعني فضلاً عن المسحة الأسطورية في صياغته للعناصر وصياغاته مع التأكيد على التنوع والحركة العنيفة باستخدامه للعناصر كالرموز ذات الطابع الطوطمى، بالإضافة إلي الاستعانة بعناصر أخرى حية ذات دلالات سحرية فى المورث مثل القط والسحلية والبرص وراس الجمل والأشكال الخرافية غير واضحة الملامح مؤكدا على الغموض مزاوجا بين صياغات وموتيفات بشكل غير طبيعى أو مفهوم لتأتى لوحاته مخالفة للواقع المرئي مضيفاً إلى ذلك اتجاها فكرياً فلسفياً فى صياغاته لهذه العناصر.
- وإذا توغلنا فى لوحاته نلاحظ انه استطاع التعبير عن هذا الواقع بخيال مطلق يشوبه الطابع الأسطورى بأسلوب مغاير للواقع تماما حيث جاءت المعالجات التشكيلية للعنصر الآدمى ممثله فى المرأة لتعبر عن الحركة والحيوية فى صياغاتها فهى مخالفه للواقع ومتداخلة أحيانا مع موتيفات أخرى مكمله لها، دون الاهتمام بالتفاصيل المتعارف عليها، فهو يعبر فى معظم أعماله بصياغات للمرأة عن الحيوية والجاذبية والغموض، فهى صياغات مُحورة تدور حولها أغلب أعماله فالمرأة لديه تعنى رمز الحياة.
- ويحور الفنان مفردات أشكاله الواقعية إلى مدركات بصرية تحمل صياغات تصميمية تتعايش مع أجواء سحرية يختلط فيها الخيال بالواقع، في أعماله ليخدم به هدفه التعبيري الذي يعبر به عن رؤيته الذاتية مستعينا بالمعالجات التشكيلية لموتيفات مستخدما المبالغة في أجزاء من الجسم لتوحي بالتلقائية ومستخدما أحيانا الاستطالة فى بناء صياغاته ليؤكد على إيحاءات الحركة المستمرة.
- ويأتى ذلك إلى جانب استخدامه أسلوب التسطيح الذى ميز الصياغات التصميمية حيث اعتمد علي درجات لونية متعددة ليؤكد علي التفاصيل الداخلية للعنصر، المصاغ في الطبيعة أما بالنسبة للمعالجات التشكيلية للعنصر الآدمي الرجل فقد عبر عن رؤوس العناصر الآدمية مستخدما الشكل المستطيل والعيون الضيقة وعدم الاهتمام بالتفاصيل كالأنف والفم وجاءت كل صياغاته للوجوه جانبية أحيانا وفى أحيان أخرى أمامية، كما لم يعطى الفنان تفصيلا لصياغات الوجوه بل جعلها كتلة مصمتة كما لم يهتم بشعر الرأس عند الرجل فى معظم صياغاته. والجو العام الذي يجمع هذه الصياغات في أعمال الفنان هو جو سحرى تفرد به كبناء فى التعبير عن الواقع المسكون بالسحر والعوالم الخيالية حيث اعتمد الفنان علي عملية تكبير وتصغير الصياغات ليعطى الإحساس بالعمق الناتج من ترتيبها داخل الفراغ فى اللوحة.
- بذلك يعتمد الفنان علي الإحساس الفطرى لتأكيد العمق الفراغى داخل أعماله ولم يمثل الفنان فى أعماله خط الأرض، بل اعتمد علي فطرة التوزيع المنظم لصياغاته داخل العمل، والتكرار الذى يؤكد الحركة الراقصة بين موتيفاته.
- وكذلك العلاقات المتبادلة بين الصياغات والموتيفات فى بعض الأحيان تكون علاقات تماس أو تكرار أو تراكب أو تداخل، يعبر بها الفنان عن التجمعات المختلفة للعناصر الآدمية فى أعماله. كذالك تميزت الصياغات التصميمية الحيوانية والخرافية عند الفنان بالغموض والهيئة السحرية، فهو دائماً ما يظهر بصياغات مجردة في شكل مساحة مسطحه ولها عيون داكنة، وتميزت صياغات هذا العنصر بالتبسيط والتعبير الموجز عن هيئة هذا العنصر، معتمدًا علي التبسيط والاختزال الموجز لهيئة الموتيف والمعبر عن خطوط ونسب هذا العنصر في الطبيعة لكن في الصياغات التصميمية للعناصر الخرافية اتبع الفنان أسلوب التفكيك والتركيب بين أكثر من صياغة لأكثر من عنصر فهي رءوس آدمية وأجسام حيوانية أو رؤس حيوانية فقط أحيانا أخرى.
- كل هذه الأجزاء دخلت في تكوين الصياغات الخرافية عند الفنان التي غلبت عليها الخطوط والمساحات بأسلوب سريالى، كما ظهرت الصياغات التصميمية لعنصر الطيور عند الفنان بمعالجات تشكيلية مبسطة لتعبر عن حركة متفجرة على مسطح لوحاته كما اهتم بالنسب الخاصة لعنصر الطائر ممعنًا فى الخيال والمبالغة غير المطابقة للواقع فقد شغلت جزءاً كبيراً من أعماله حيث اختلطت هذه الموتيفات وتنوعت بشكل اثرى لوحاته وتداخلت الصياغات والموتيفات بشكل أكد على الانسجام والترابط داخل البناء العضوى للعمل الفنى.
بقلم : د./ أمجد عبد السلام
جريدة : القاهرة ( 21 - 2- 2023 )