- التيارات المتباينة المميزة لعصرنا نجدها تلتقى عند محمود حلمى بتيارات الفن الاسلامى القديمة . ومرد ذلك الى أن الاسلام قد ابدى عدم اكتراث بالمحاكاه من حيث هى تصوير لعالم الحواس ، بينما نراه فى فنونه يستلهم العالم المثالى وصورة المجردة . وفى وسعنا الآن فهم الأسباب العميقة التى دفعت محمود حلمى الى التحرر من النزعة الاكاديمية فى التصوير إثر سنوات أمضاها فى روما . فالواقع أن لغة الاشكال المجردة المستقلة التى أخذ بها لا ترتد الى النزعة المحدثة فى التصوير ولا هى خطوة خطاها الى الامام بل هى بالاحرى رجوع الى الوراء وعود على فن أمته واسلافه فى التاريخ العريق . فالخط لدية لغته الخاصة كما هو الشأن فى الماضى ، والانفعال والخبرة الذاتية تنقلان مباشرة والايقاع الباطنى يصبح ايقاع السطح المرسوم واللون تعبير عن رؤيا ذاتية .
- والاشكال عند محمود حلمى تذكرنا تارة بكتابات الحضارات الغابرة وتارة ـ عندما يكون سطح الصورة كثيفاً مضغوطاً تتقاطع فيه الخطوط ـ يعيد الى ذهننا رسوم الزوايا فى الجوامع التركية والاشكال الهندسية التى توحى بالجفاف والصلابة تكتسب انطلاقاً بتأثير الوانه الفنية المنوعة .
- وموضع التشويق خاصة فى فن محمود حلمى استخدامه لغة تولدت فى اوروبا عن حالة من البلبلة ولكنه اذ يستخدمها ينقل الينا صفاء النفس .
- فعنصر المأساة لا وجود له فى اعماله ، وكأن جو المدينة التى يزاول فيها نشاطه الخلاق قد اكسبه حساً مرهفاً ذكيا .
- يبد أن من العسير فى حالة محمود حلمى كما فى الحالات الاخرى ترجمة أعمال الفنان التجريدى ترجمة لفظية دقيقة .
ناقدة من المانيا الغربية / هلدا زلوشر