`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
ياسر عبد الحى مراد رستم
أجساد .. متمردة
- الرقص هو الباعث للحياة ومحرك الأحلام الساكنة والمشيد لقصور السعادة الأبدية، تلك الانطلاقة كانت حافزا للنحات والفنان التشكيلى الدكتور ياسر رستم فى معرضه تحت عنوان «من الثبات إلى الحركة»، والذى يستضيفه جاليرى (art talks) بالزمالك وافتتح الثلاثاء الماضى، حيث جسد الفنان بطريقة سيريالية جريئة فكرته ونظرته للرقص، مازجا أجساد الحيوانات بأجساد بشرية عارية، مضيفاً إليها إحساس راقصى الباليه.
يقول «رستم» إن فكرة معرضه جاءت للخروج من نفق السياسة المظلم والتركيز على جوانب أخرى باعثة للحياة والسعادة فجاءت الانطلاقة من الثبات إلى الحياة، ويضيف: «جاءتنى الفكرة فى بداية الأمر خلال تواجدى فى هولندا العام الماضى فبدأت بالفعل تنفيذ عدد من اللوحات متأثرا بإيقاعات الأوبرا الأوروبية وعندما عدت إلى مصر بدأت تمصير الفكرة».
وبالرغم من براعته الشديدة فى النحت إلا أنه أصر على استخدام الفن التشكيلى للتعبير عن فكرته حيث استخدم خامات بسيطة عبارة عن أحبار وألوان مياه لتنظيم معرضه.
ويوضح أن جميع رسوماته متأثرة بإيقاعات الموسيقى الرومانسية وهو ما تجلى من الحيوانات المتعانقة التى تربطها أجساد بشرية، مشيراً إلى أن فكرة مزج الحيوانات بالأجساد البشرية تعود للحضارة المصرية القديمة حيث رسم الفنان الإنسان بجسد الحيوان والعكس».
وعن استخدامه للجسد فى رسوماته بشكل جرىء، قال رستم إن العرى فى الفن له قدسيته ولا يحمل أى علامات إثارة الغرائز بل على العكس من ذلك العرى يضفى إحساسا بالبراءة والانطلاق.
وتابع: «مصر فى فترة الخمسينيات كانت تستخدم الموديل العارى فى دراسة التشريح بكليات الفنون الجميلة لكن بعد ظهور فترة السبعينيات بدأت تظهر فى المجتمع اتجاهات غريبة تحرّم رسم الجسد العارى باعتباره مثيرا للغرائز».
وفى منتصف المعرض تتواجد منحوتة واحدة لرأس غزالة ممتزجة قرونها بالأوتار وجسدها عبارة عن جيتار، ويعلق «رستم» قائلاً: «هذه المنحوتة لخصت فكرة المعرض بكل وضوح فالحيوان هنا صادق فى حركته والموسيقى باعثة للحياة بعد الثبات».
فادى فرنسيس
2018-3-3: المصرى اليوم
وداعا ` ياسر رستم `
- إحدى علامات السيريالية المصرية
- بقلوب ملؤها الحزن.. ودع الحياة الفنان ياسر رستم.. إحد علامات السيريالية المصرية.. ورغم رحيله المفاجىء عن عمر لم يتجاوز 53 عاما.. إلا أنه ملأ الدنيا صخباً فنياً.. بعالمه السيريالى الصادم الساخر والذى ينتمى إلى مافوق الواقع.. من سحر الخيال والأحلام.. ما يعكس أزمة الإنسان المعاصر فيما نعيشه حالياً من اللامعقول.. بين الواقع السياسى والإجتماعى للبشر فى أرجاء العالم.
- ورستم تمثل اعماله بانتاجه الغزير.. امتدادا لرواد السيريالية المصرية وتوالى اجيال هذا الاتجاه.. مع ما يذكرنا بروح دالى.. وكان له سحره الخاص باختلاف الزمان والمكان.. واستحضار افاق المصرى القديم.. وتجليات واشراقات ماحولنا من احداث معاصرة.. وواقع الفن والثقافة بانقلابات وايقاعات فريدة.. فى فضاءات الرسم والتصوير.
- كانت السيريالية ابنة محنة الحرب العالمية الاولى.. جاءت منفصلة عن جميع المدارس الفنية المعاصرة الاخرى.. وتقاليد التعبير الفنى المعترف بها.. فتعد تعبيرا عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والترتيب.. وامتدت كنزعة عامة فى الادب والتصوير والنحت وحتى الموسيقى.. تحت قيادة الشاعر اندريه بريتون.. بمثابة حرب ضد القوانين التى تخنق فكر الانسان.. ودعوة للتخلص من رقابة العقل واللجوء.. الى غموض الخيال بعيداً عن سيطرة المنطق.
- وهى وأن كانت تحتمى فى العقل الباطن واللاشعور وتتخذ من الاحلام ملاذا ومهربا.. الا انها فى نفس الوقت تهفو الى عالم اخر.. ودنيا جديدة تسودها الحرية وتحقيق الإرادة الإنسانية.
- وكانت غواية السيريالية للشاعر المصرى جوج حنين ما يثير التامل ..فى باريس تعرف حنين على رواد تلك المدرسة.. حتى ان بريتون كتب اليه يقول: `يبدوان للشيطان جناحا هنا.. وآخر فى مصر`. فكانت افكارها بمثابة برنامج عمل لجماعة `الفن والحرية`.. واحدة من اهم الجماعات الفنية فى مصر.. ضمت إضافة إلى حنين: كامل التلمساني الرسام والسينمائى ورمسيس يونان الرسام والكاتب وفؤاد كامل الرسام والناقد.. وتميزوا جميعا بانهم يبشرون بوحدة الفنون.. وعلاقة الصوت باللون والكلمة والرسم.
- وبعد البدايات الاولى.. تألقت السيريالية فى اعمال العديد من فنانينا من مختلف الاجيال باتجاهاتها المختلفة من الفنتازيا والاحلام والحس الميتافيزيقى الكونى الى الطقوس والممارسات الشعبية.. على سبيل المثال.. كما فى أعمال الجزار وحامد ندا.. وأحمد كمال حجاب ومصطفى أحمد ومحمد رياض سعيد وصبرى منصور ومحمد القبانى.. ونهى طوبيا التى تنتمى لجيل الثمانينيات.
- ويعد ياسر رستم من الأجيال الأحدث فى هذا الاتجاه.. تخرج من كلية التربية الفنية عام 1996.. وحصل على الماجستير فى الفن المصرى القديم.. مازجا بين تاريخ الفراعنة والصورة السيريالية لعالمنا وما نعيشه.. وفى عام 2009 حصل الفنان على درجة الدكتوراه فى التصوير من أكاديمية دومو فى ميلانو `إيطاليا`.. وأقام العديد من المعارض داخل مصر وخارجها.
- ... وعالمه
- تمثل أعمال ياسر رستم تاكيدا على سحر السريالية.. وانها مازالت تعبر بلغة الفن عن مكنونات الانسان المعاصر.. وان تربة العالم مازالت ارض خصبة لهذا الفن.. فى تحد مع الواقع المتردى وما يمر به البشر.. من خواء روحى بفعل الضغوط التى تمارس عليهم.. وظلم الانسان للانسان وعبثية فوضى العنف والارهاب وبؤر الصراع.. وفى النهاية تهفو الى عالم اخر ودنيا جديدة تسودها الحرية وتحقيق الارادة الانسانية.
- يقول ياسر: `الفن بالنسبة لى يمتد بين الفكرة والتكنيك.. ولا يوجد هناك طريق يفصل بينهما.. ولا حتى يمكن الاعتماد على احدهما دون الاخر`.
- وفى المزج بين العناصر السيريالية كعالم فنى متعارف عليه بالنسبة لى اعتمد على الفن المصرى القديم.. كما اننى أبدع اعمالى خلال ما استطيع ان اعبر به عن نفسى.. كفنان سيريالى جاء من مصر ونشا بها وينتمى اليها`.
- وهو هنا بتعبير الناقد الهولندى مارسيل سلومان: `يأخذنا إلى عوالم سيريالية تختلط فيها مخلوقات خرافية.. مع كائنات اسطورية ماخوذة من فنون الفراعنة القدماء واخرى لشخصيات نعرفها.. تاريخية أو من الزمن المعاصر وياسر رستم.. يفتت هذه الاشكال ويخلطها ليعيد تركيبها بالمنطق الخاص به.. لنجد رأس الموناليزا فوق جسد تمثال دافيد لمايكل انجلو.. أو هتلر ممتطياً حصان نابليون بونابرت.. وفى لوحة أخرى رأس نفرتيتى على جسد أم كلثوم`.
- ولا يكتفى ياسر بخلط هذه الرموز وكانه يقول ان التاريخ المتراكم للأحداث يمكننا أن نعيد قراءته من زوايا متعددة.. ولكنه يخلق أيضا عالما قائما بذاته قد نتعرف فيه على أشكال نعرفها وأخرى.. لم نواجهها من قبل تذكرنا أحيانا بعوالم دالى وأحيانا أخرى ماكس ارنست.. ولكن يظل هذا العالم الخرافى عالمه هو الخاص.. النابع من رؤاه وخيالاته وأحلامه.
- وإذا كان ياسر يستحضر فى أعماله القديم من التاريخ أو الماضى برموزه وكائناته مع المعاصر.. ويزاوج بينهما فى إيقاع آخر جديد وغريب وبلغة بصرية.. تتميز بقوة الأداء وثراء التفاصيل بخامات عديدة من الأقلام والألوان والأصباغ.. فهو فى النهاية يريد أن يصل بنا إلى ما يريد أن يقول أو يعبر عن المعنى الحقيقى لعالمه.. وهو قائم فى الأساس على اللامنطق.. يعتمد مع الإيهام على فكرة التحول والإنتقال من معنى إلى معنى ومن وظيفة إلى أخرى.. من خلال عناصره التى تحتمل التأويل والتفسير وتبدو فى أكثر من حالة.
- هو والإيهام
- على غصن شجرة عارية من الأوراق يقف طائران فى حميمية.. الرأس فى الرأس.. الغصن أكثر ضعفاً وضالة من أن يحملهما ولكن.. نجح فى ذلك من فرط الحب والحنان.. والمدهش هنا أن يلجأ الفنان إلى الأيهام فتتحول ساقاً الطائرين إلى ذراعين آدميتين.. وينطبق الكف مع الكف مع فرع الشجرة وكأن الروح الانسانية.. روح الحب والوئام هى التى جمعت بينهما!!.. كل هذا على خلفية بالأسود ومساحة هندسية خضراء اعلى اللوحة.. وشرائح خشبية فى أسفلها.
- وفى لوحة يصور رجلا يعطى ظهره لأمراة.. هو وهى بوجه مشطور.. فقط مساحة بيضاوية صماء وكل منهما يمسك مرأة.. الرجل بدلا من أن يرى وجهه يطل منها وجه المرأة.. والعكس بالعكس المرأة كذالك.. هل يريد أن يقول لنا الفنان ياسر بأن المراة والرجل شطرا الحياة وأن كل منهما يرى نفسه فى الآخر؟.
- وهو يكمل تلك الثنائية فى لوحة اخرى.. أدم وحواء بوجهى قط متحفز نافر أقرب إلى النمر.. فى أشارة إلى معاناة الانسان فى عالمنا المعاصر.. ورغم هذا يتوحدا معا وتبدو حواء فى رداء داخلى أحمر.. وآدم القط يطوقها.
- الكوتشينة.. والسخرية من نفسه
- وربما جاءت مجموعة أعماله من وحى الكوتشينة لشخصيات فى الفن والسينما والثقافة.. تأكيداً على قيمة الرموز الساطعة ..وهنا نرى أحمد مظهر بهيئة `الولد`.. فى فيلم النظارة السوداء وجه من أعلى وآخر من أسفل.. يده فى يد أنثوية مع العديد من الإشارات: النظارة مكسورة نصقين.. ومجموعة من التروس المعدنية لضبط الوقت ومجموعة من نجوم الفيلم.
- وفى تلك السلسلة يصل إلى ذروة أخرى مصوراً من أعلى الرائد محمود سعيد بالبايب.. ومن أسفل فى مرحلة عمرية اخرى.. مع فرش الرسم ونسائه وبطلات اعماله من بنات بحرى.. وحماره الشهير برداء إنسانى والذى تكرر فى العديد من أعماله وأهمها لوحة `المدينة`.
- ومع كل هذا يجعلنا نبتسم وتاخذنا الدهشة.. فى لوحة إسماعيل ياسين والشاويش عطية.. ولوحة لوريل وهاردى.. فى أشارة للكوميديا فى الشرق والغرب.
- وياسر يسخر من نفسه.. فى لوحة.. يبدو فيها جالساً يرتدى قناعاً فرعونياً.. فى رداء من زمننا.. حافى القدمين الساق على الساق وحوله بعض العناصر الشعبية مثل لمبة الكيروسين.. وأعلى اللوحة نرى لافتة كتب عليها `انت ياياسر يازفت`.. وهى تمثل رمزية عامه لمن يحملون صفات التربع والاستعلاء.
- ومثلما يلجأ ياسر رستم إلى السخرية والمفارقة.. التى تدعو إلى الابتسام كما فى لوحته التى صور فيها أمراة عارية شاحمة بدينة متربعة من فرط سمنتها.. ورغم هذا تبدو بجناحى فراشة.. يظهران من جانبيها.. ويدعو إلى الوئام بين البشر كما فى لوحته التى يصور فيها قطين أحدهما أسود والثانى أبيض.. يتحول ذيل كل منهما إلى يد إنسانية بمعنى أدق كف إنسانى تتوحد مع اليد الثانية فى لحظة حب وموده.. لحظة دفء تعوزها البشرية فى دنيا التشابك والتطاحن والصراع الحالى فى عالمنا المعاصر.
- وفى لوحتيه حول فيلم `باب الحديد`.. بطولة هند رستم وفريد شوقى ويوسف شاهين وحسن البارودى ونعيمة وصفى.
- يدور حول بائع الجرائد قناوى المشوش نفسياً `يوسف شاهين` وبائعة المياه الغازية هنومة `هند رستم` ومحاولة قتلها.
- يبدو من اللوحة الأولى يوسف شاهين مع مجموعة من العناصر مثل: درج السلم والدرابزين الحديدى يتحول إلى يدان تمسكان بمجموعة من السكاكين المعلقة بحبل ورجل عار.. على الدرج يتحول وجهه عدسة كاميرا وديك وسماعة ورجل ينفرج راسه عن فضاء تحوم حوله طيور سوداء.. أنها صورة تجسد عبثية الأحداث الواقعية فى إيقاع سيريالى.
- وفى اللوحة الثانية يظهر قضيبى السكة الحديد وتمثال افروديت ودلو بداخله زجاجة كوكاكولا.. وتلك العناصر تمثل رموزا للأحداث.. فقط مجرد ملامح طيفية.
- وليس أكثر تعبيراً من صورة البقرة حتحور.. آلهة السماء والأمومة والحب والسعادة والموسيقى والخصوبة.. والتى صور من خلالها حالنا وما نمر به وما كنا عليه.. صورها كسيرة ممزقة.. أحدى أرجلها مكسورة صور فيها حالة من البؤس والشقاء.
- ومثلما تحمل العديد من اعماله ما يدين التسلط والارهاب.. لا يخفى الحس الوطنى للفنان فى لوحته `الاقصى` التى تختلف فيها العناصر والشخوص.. ويبدو `حنظلة` ناجى العلى فى المقدمة وفتاه تتكىء على بندقية بينما تبدو أسرائيل بهيئة شخص وجهه يجسد نجمة داود بقرنين.. ونرى الأقصى فى الخلفية ويدان ضارعتان ناتئتان من قبته.
- سومة ونفرتيتى
- كما صور الملكة نفرتيتى بروح أم كلثوم يتدلى من يدها المنديل بهيئة علم مصر وترفع اليد الأخرى فى إيماءة وهى فى رداء من النسيج القبطى عليه صورة السيد المسيح.. ونفرتيتى هنا متوجة بتماثيل وصور ايقونية لسعد زغلول والمسلة الفرعونية وبرج الجزيرة ونجيب محفوظ.. تأكيداً على تواصل الحضارة المصرية من المصرى القديم إلى القبطى والحديث.
- وفى لوحة أخرى تحلق كوكب الشرق فى فضاء شفاف بالمنديل ومكبر الصوت معلق ينتهى بوردة.. ومن أسفل داخل بهو أعمدة تجلس الفرقة الموسيقية شخوص آدمية برؤوس لزهور مع الإنتقالات اللونية بين الأسود والأبيض والأزرق الهادىء.
- ومع كل هذه الإنتقالات من حالة تعبيرية ودرامية إلى أخرى.. يصور فتاه معصوبة العينين جالسة وسط طريق للمركبات ممتد بلا نهاية.. وتتشابك الاذرع والسيقان وكانها مكبلة وإشارات الخطر على الجانبين.. فى إشاره إلى ما يعيشه العالم حالياً من تخبط وفقدان بوصلة الوعى والحقيقة.
وألوان رستم تمتد فى توليفات ومنظومات مقتصدة بين السطوع والخفوت وبين الشفافية والأظلام.. فغايته أن تصل رسالته ببلاغة.. أما خطوطه التى تنساب بلا حدود أو قيود تؤكد طاقته التعبيرية.. وقدرته الفائقة على إبراز المعانى بتنوع فى الانفعال.
- فى أعمال ياسر رستم نطل على صور سيريالية تعبر بنا من المعقول الى اللامعقول ومن المنطق إلى اللامنطق.. إشارة إلى ما نحن فيه حالياً ضغوط وصور مقلوبة.
- سلام عليه وتحية إلى روحه بعق ما قدم من إبداع.. فى رحلته القصيرة العريضة.
بقلم : صلاح بيصار
جريدة : القاهرة : 6-8-2024
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث