إيهاب لطفى .. إضاءات على الروح
-أهم شئ يلفت نظرك لإيهاب أنه أحيانا لا يذهب للتعبير عن البيئة بشكل مباشر، فهو مثلا لا يقدم لك لوحة بأكملها تعكس مظاهر شعبية معينة، ولكنه ربما يستعين بعنصر مثل شجرة أو نخلة لابد أن تقطع ان هذه النخلة من الصعيد أو من الواحات، رغم أنه لم يقدم لك لوحة متكاملة تكشف عن الموضوع أو المكان، إيهاب يبدو متلبسا بالروح المصرية حتى وهو يرسم أى مركب فى أى نهر، لا يقدم لك ثمة ما يثبت أن هذا المركب فى نهر النيل ولكن يجعلك تشعر بذلك من مجرد إلقاء نظرة على اللوحة، هناك بالطبع فى أعماله لوحات تعكس اهتمامه المباشر بالبيئة، بيوت من الصعيد والواحات، ولكن فى كثير من الحالات يعتمد على حميمية الأسلوب والموضوع .
- واللافت أن إيهاب رغم احترافه الكامل أى أنه ليس له مورد رزق آخر إلا إنتاجه الفنى، فإن ذلك لم يغره بالتنازل ومحاولة مغازلة المتلقى بموضوعات تجارية، وطبعا هذه جرأة بالنسبة لبلد يعتبر فيه عدد مستهلكى الفن بمعنى الأقتناء قليلا للغاية بالنسبة لعدد سكانه، ثم إنه لا يتوقف عن التجريب واكتشاف الخامات، وابتداع الأساليب مثل تقنية فى الحفر تعطى له درجات الإحساس والألوان والتأثير التى يريدها من اللوحة .
- وإيهاب الذى هو فى بداية الأربعينيات لا يعترف بالمراحل، ولكن يعترف بمزاجه الخاص، فهو يرسم حسب الحالة المزاجية، له لوحات كثيرة موضوعها المراكب والبحر، تشعر بأنه فى هذه الفترة مثلا كان ملحا عليه هذا الموضوع، لوحات كثيرة ولكن أبدا لا تكرر نفسها، عشرات المراكب والأشرعة ولكن من زوايا وأحاسيس مختلفة، يمكن أن تقول ذلك عن النخل والصحراء وأشجار تعبث بها الرياح، وإضاءات تعيد اكتشاف منابع الروح، ثم ينتقل بك إلى الطبيعة الصامته وحتى رسم الحيوانات والأسماك، لا تعرف من يأتى بغزارة الموضوعات، وهذا الحماس والقوة فى التناول دون أن يكون متأثرا بأحد إلا بنفسه .
د / محمد الناصر
مجلة نصف الدنيا - 2010