لوحات هادية طاهر مساحات حرة لحوار الألوان
تحدت الصمم والبكم لتعبر بالفن عن عواطفها
أنا منحازة إلى الأخضر فهو يستفز برودة الألوان ويلغى الأزرق بحلمه البارد ويظهر إشراقة الطبيعة وتألقها .هكذا تفسر الفنانة هادية طاهر فى حديثها من خلال الإشارات الذى ترجمته سامية شنودة لـ ` الحياة ` طغيان الأخضر فى لوحاتها التى عرضت فى مركز محمود سعيد للمتاحف فى الإسكندرية، مشاعر وأحاسيس حاولت طاهر تحدى ما تعانيه من صمم وبكم للبوح بها من خلال حوار بين الألوان يظهر إبداعها فى تقصى تفاصيل الطبيعة الخلابة. إرادة طاهر وتصميمها على التعبيرعما يجول فى خاطرها على طريقتها الخاصة جعلا لوحاتها تنطق بما لم تستطع ألسنة الصم أن تبنيه فى حياة مليئة بالعوائق .
قدمت الصبية الهادئة كإسمها 43 عملاً فنيا من التصوير الزيتى عن الطبيعة بكل تخومها مستخدمة الألوان الصريحة أحيانا والصارخة أحيانا أخرى مختزلة التعبير عن أفكارها بواسطة الإضاءة الداخلية للون ما أعطى انطباعا عن بداية حوار قوى .
وتعبر طاهر فى تجربتها الفنية بصدق الإنصات إلى يد قلب إذ استطاعت تخصيص مساحة مهمة للتعبيرعن عواطفها تتحاور فيها الألوان ضمن إحساس منسجم من فهمها للطبيعة ويبدأ عملها بانفعالية التلوين والمساحات الموزعة على السطح التصويرى لتقوم فى ما بعد بتنظيمها وربطها بنسيج الخطوط الموصلة إلى تلك المساحات حيث يشهد الخط الموصل بين مساحة وأخرى والذى يمر عبر دوائر غير منتظمة تمسكا بانفعالية اللون وتهدئة عبر نظام بصرى متسق مع مناخ اللوحة .
وفى المعرض لوحة لنباتات مختلفة تم تنفيذها بأسلوب يجمع بين الرمزية والتجريدية وهو عمل يربط فى تكوينه الشكلى بين جمال التصيم المتعدد العناصر والمعالجات وبين دور الفراغ الملون الهندسى كما أن الإطار للوحة من الناحية اليسرى يمثل بؤرة الكتلة الأساسية الخاصة والملاحظ أن التكوين ملئ بالأبعاد الحوارية الدافئة بين عنصرى البتلات الزهرية والأوراق الخضر المختلفة الملامس والأشكال ما أثر فى مدى التكوين الأساسى للعمل .
لطاهر طريقة ذكية ومتقنة فى تعاملها مع الألوان والعناصر التشكيلية المكونة للوحاتها آخذة فى الاعتبار الفلسفة الماورائية من عملها الفنى .
وتشير طاهر إلى أن ` أكثر ما يهز مشاعرى ويدفعنى للتعبير عبر لوحاتى كل ما اجده من تناقضات فى الطبيعة والحياة عبر تجاربى أو تجارب الآخرين أو عبر العلاقات التكوينية فى منظومة اللون والأشكال النباتية والحيوانية` . وتضيف : ` الفنون التشكيلية فى نظرى لغة عالمية تصل إلى الملتقى ببساطة يفهمها الجميع وعلى الرغم من إنها مليئة بالرموز إلا أنها رموز يفهمها كل منا عبر رؤيته وحلمه` .
وعن فلسفتها فى حوارها مع الألوان قالت طاهر إن الألوان عالم ملئ بالمتعة ولولاه لما كانت اللوحات`. وهى تحب عادة استخدام الألوان بعكس مدلولاتها مثل الأخضر الذى يدل على الطبيعة والهدوء والراحة والذى تستخدمه طاهر لتعكس غضب الطبيعة مستمتعة بإخراج اللون عن طبيعته وهى ترجع ذلك إلى طبيعة الفنان المتمردة دوما فهى كفنانة تعانى من تمردها على كل ما يدور حولها وتفضل طاهر الرسم على القماش وتعشق استخدام الألوان الزيتية فهى تعتبر إنها لا تختلف عمن سبقها من الفنانين ومع مرور الوقت أصبحت أكثر احساسا بأهمية الألوان ولهذا اخترت اسم معرضى ليكون `حوار الألوان` .
ويقول رئيس قطاع الفنون التشكيلية الفنان محسن شعلان الذى افتتح المعرض أنها فنانة مسحورة بالطبيعة تنهل من معينها الذى لا تنضب أبدا ويفيد بأن طاهر` جعلت الطبيعة بكل ما فيها الموضوع الرئيسى فى أعمالها حيث تتراكم وتتحلق فى تكوينات دائرية أو رباعية ، كما لو أنها طلسم سحرى يخرج كل المشاعر السلبية التى تحيط بنا ` .
ويضيف ظهرت الحياة النسيجية فى طبيعة تكويناتها التى تمتلك ترددات العناصر الحية من خلال اصطفافية عمودية وأفقية لتملأ سطحها التصويرى بمناخات تجمع بين الأصالة والمعاصرة ` .
ويشير إلى أن هذه المناخات تتحرك عبر الألوان فى حوار لامتناه لتصبح مفردات الطبيعة رموزا تحرك الخيال وتلهب الاحساس وتدعو إلى الحلم فهى التيمة الرئيسية فى بناء عملها الفنى المبنى على نسج مشهدياتها البصرية والتى جعلت للألوان حوارا مؤسسا علاقة مهمة قائمة على تقطيرها اللونى أقرب إلى البنائية الغرافيكية ما أعطى لوحات طاهر الخصوصية اللونية المتفردة.
سامر سليمان
الحياه 22-12-2009