`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمود محمود عبد العاطى

ـ لقد دفع السعى وراء التجديد بعض فنانينا التجريبيين إلى البحث عن وسائط جديدة غير الخامات المالوفة لكى تنافس الفرشاة التى احتكرت التصوير طوال هذه القرون ... ولعل الفنانة / عفت ناجى كانت أسبق الفنانين جميعا إلى استخدام الواح الخشب كعنصر تشكيلى يشارك الألوان فى لوحاتها المتعددة الأسطح .. ثم جاء بعدها الفنان عبد الرحمن النشار ليبتكر ثنائيا ` توأميا ` من التصوير المسطح والتشكيل البارز ، وبذلك أصبح البعد الثالث بعداً حقيقياً وليس وهمياً ثم يفاجئنا الفنان / محمود عبد العاطى هذا الاسبوع بمجمع الفنون بانطلاقة جديدة فى هذا المجال بعد ان اكتشف فى المقرنصات والمشربيات والمفروكات التى أبدعها العرب إمكانات بلا حدود يمكن أن تكون منطلقا لرؤية جديدة فى مجال التشكيل .
ـ إن الناظر إلى المشربية من الداخل أو الخارج يتأمل مفرداتها الدقيقة كيف تتشابك وتتناسج مع خيوط الضوء الذى يتخللها أو المفروكات التى تكسو المنابر والأبواب والحوائط وهى تتراص فى حوار إيقاعى بديع بأشكالها النجمية اللولبية يتعجب كيف استطاع الفنان العربى أن يبعث الحياة فى المادة الصماء وأن يبث الحركة فى الاجسام الجامدة .
ـ من هذا المنطلق بدأ الفنان / محمود عبد العاطى رحلته الجديدة فاختار ( المفروكة ) كجملة عربية صميمة وجعلها مركز إشعاع شديد الخصوبة يتوالد منه ما لا يحصى من الاشتقاقات الهندسية عن طريق التبادل والتوافق بعد أن يحلل هذه الجملة ( المروحية ) إلى جزئياتها الثلاثية الشكل ثم يعيد صياغتها فى نسق جديد بعيداً عن الرتابة الصارمة التى كانت تحكم التأليف التقليدى ... وبهذه الصياغة الجديدة يضيف بعداً حركياً أكثر حيوية من البعد السابق يمنحه مزيداً من الحرية والمرونة التى تتسع لجميع تخيلاته .
ـ وبعد أن كان هذا النسق الإيقاعى فى استعمالاته السابقة أسير التجميل المعمارى الزخرفى ، استطاع الفنان بذكاء شديد أن يرفعه إلى أفق التصوير ليصبح أداة معبرة وخلاقة وتسهم بإمكاناتها الجديدة فى إثراء الحركة التجريدية المعاصرة ولو أن لوحات الفنان / عبد العاطى ثنائية الأبعاد الإ أن تطابق الوحدات الخشبية السميكة يضيف إلى التصميم فراغات ` بينية ` هى التى تقوم بدور ` التظليل ` وصنع الخلفيات التى تتغير بتغير الضوء الساقط عليها .. ثم إنه عن طريق تلوين ما خفى من الأجزاء الخلفية استطاع أن يصنع من إنعكاساتها مؤثراً لونياً غير مباشر يضيف إليها إيحاءات بصرية لا تتوافر فى اللوحة التقليدية المرسومة ويقربها من فن ` الأوب ` أو الفن ` البصرى ` .
ـ ويمكن القول دون ادعاء بأنه استمرار متطور للتصوير الجدارى الفرعونى البارز الذى يجمع بين النحت والتصوير فى وعاء واحد .
ـ إن ما حققه الفنان / محمود عبد العاطى إضافة جديدة مبتكرة وجادة تضاف إلى رصيد الحركة الفنية المحلية والعالمية المعاصرة جديرة بأن يراها الغرب تأكيداً بأن مصر مازالت تسهم فى بناء الحضارة وصنع الإنسان .
حسين بيكار
الاخبار 10 / 1 / 1991

ـ أعد محمود عبد العاطى مفاجأة حقيقية فى مواجهة تلك المنظومات الصعبة التى تتحدث عن مهمة الفن فى ذلك الضوء المشع لفكرة `التراث والتجديد` ذلك أن تركة ` التراث ` ثقيلة وسط ذلك العالم الذى يعج بثقافات البحر الأبيض المتوسط كما أن المضامين الدالة التى تشير الى ` التجديد ` صارت هى الأخرى منهاجا لمتواليات أكثر ثقلا ، وحين أخذت أتأمل أعمال محمود عبد العاطى كنت قد عبرت الى `ورشته` وسط ذلك العبق القديم فى منطقة ` الغورية ` أحسست للتو أنى أخطو فوق عجائن الزمن والتاريخ وأن الدمج بين ذلك ` التراث ` وبين ذلك ` التجديد ` قد صار قضية مجسدة حيال الفاعلية الجمالية التى هى ` تميمة ` الفن وأن محمود عبد العاطى فى أعماله المميزة البرهان فى مواجهة ركيزتين من الثوابت .
ـ أولها : الديمومة المتغيرة لقوة المخيلة الفاعلة تلك التى تعتمد على التكرار البنائى للعنصر الجمالى من داخل الاطار الى خارج الاطار وهى احدى الخواص الهامة لعلامات الفن الاسلامى من حيث تشكلت طبقا لمعطياتها مدرسة ` الباوهاوس ` الألمانية وذلك حين بدأت التصعيد البنائى للفكرة الجمالية منذ أواخر العشرينات .
- ثانيها : الاستمرار الحركى للعنصر البنائى فى المكان باستخدام فعاليات ضوئية قادرة على بث الكيفية الباطنة لتوالد العنصر دون تدخل اضافى .
- والواقع ان محمود عبد العاطى قد مسح أعماله بتلك الصبغة الصوفية البناء لمعطيات التحديث ( بين قضية التراث وفكرة التجديد ) حين استخدم ذلك الضوء الابيض الكلى فوق معظم الاسطح مستعينا فى بنائياته الفياضة بالتجسيم ثلاثى الابعاد ، وبمجموعة من الشواغل المكانية للقواطع والفواصل ، والحشد الرأسى للعناصر فى مواجهة التوليفات الافقية الى آخر المنظومات اللونية المشعة ، والعاكسة فى معظم مجسماته تقريبا . كما انه استطاع ان يقدم لنا مفاجأة تستحق احترام المتأمل حين ساق إلينا أدواته البنائية كاملة ذلك أن الفن ليس فقط كشفا لنطاق قوة المخيلة ، كما أنه ليس فقط تعبير عن مدى الارادة المبدعة ، وإنما هو أيضاً فى صميم كيانه مهارة حرفية ، وفنية ، على النحو الذى تشتاق إليه عملية البث الجمالى فى المكان وفى الزمان .
أحمد فؤاد سليم

ضوء محمود عبد العاطى
ولد الفنان محمود عبد العاطى فى الثالث من شهر أكتوبر العام 1950، وهو من أبناء قرية أويش الحجر بمحافظة الدقهلية وحصل على بكالوريوس الفنون والتربية من المعهد العالى للتربية الفنية العام 1973 `عام نصر أكتوبر العظيم` كما حصل على درجة الماجستير فى التربية الفنية قسم التصوير - جامعة حلوان العام 1981، وتوج دراساته الأكاديمية بحصوله على درجة دكتوراة الفلسفة فى التربية الفنية من كلية التربية الفنية العام 1987، وهو عضو فى كثير من الجمعيات الثقافية والفنية، ونشاطات الفنان متنوعة على المستوى القومى وبعضها على المستوى الدولى .
الضوء عند الفنان محمود عبد العاطى يختلف كثيراً عن باقى الفنانين ، لأن الحزم الضوئية الساقطة على العمل الفنى تتكامل مع الطاقة الضوئية الصادرة من اللون، هذا بالإضافة إلى اعتماد الفنان على خروج الأشكال من السطح ، إذ أن بناءها على السطح يشكل نظاماً هندسياً له طول وعرض وعمق .. فالإسقاط الضوئى الخارجى ينتج عن طاقات ضوئية لونية ناصعة فى المسطح ، والعناصر البيضاء تزداد جمالاً بفعل الضوء الساقط والباعث والظلال المتوالية والمتتابعة مع حركة المشاهد .. ويتم ذلك بشكل ميكانيكى ومثير بصرياً ومحرك وجدانياً ومحرض للتفكير مما يجعل المشاهد أكثر مشاركة فى العمل الفنى . ولم تتوقف قيمة الطاقة الضوئية فى أعمال الفنان عند هذا الحد بل تصل إلى تحقيق رؤية جديدة أكثر إثارة وهى تلوين المسطحات المبنية على سطح اللوحة من الخلف وبشكل غير مرئى، الأمر الذى يتطلب صياغة تقنية دقيقة .. فعند سقوط أشعة الضوء على اللوحة فبطبيعة الحال ترتد الأشعة مرة أخرى فى اتجاهات مختلفة لتصطدم بالمسطحات اللونية العكسية الغير مرئية وبالتالى تعكس على السطح المرئى ألوانا على شكل ضوء ملون كأنه أمواج لونية أسطورية تتحرك خلف الأشكال المحسوسة والملموسة بصرياً ، وهنا تكمن تجربة محمود عبد العاطى الجادة والقيمة .
محمود عبد العاطى استطاع باقتدار أن يحول الموروث إلى جينات مختزل فيها عمق ثقافى وإبداع بصرى بالغ الأهمية ، وهنا تتحقق معادلة هامة جداً ونموذج قدير لكيفية استدعاء القيمة الفكرية والفنية للموروث كقاعدة للاستمرار والاكتشاف والإضافة .. وهذا قانون الحياة الفاصل بين الإبداع الفنى الحقيقى وبين التزييف ، فلا إبداع فنى حقيقى بدون جذوره .
ا.د.احمد نوار
جريدة الحياة - 2004
حين تفيض اللوحة من أجنابها!
- أصبح من النادر اليوم أن نشهد تمسُّك الفنان بخصوصية ثقافية فى إبداعه، بعد أن استهوى تيار `الاستهلاك الحداثى` فنانين، كانت لهم يوما بصمات قوية فى بناء شخصية الفنان المصرى المعاصر، بأبعادها الموغلة فى التراث والحداثة معا ... من هنا يتى اهتمامنا بتجربة الفنان محمود عبد العاطى الأخيرة، التى عرضها بقصر ثقافة سيدى جابر بالإسكندرية، إذ تسعى لتأكيد وتعميق تلك الخصوصية، سوف نحاول استشفاف محركاته الإبداعية، وما قد يكون أضافه إلى تجاربه السابقة وإلى الحركة الفنية المصرية ككل.
- يبدأ عبد العاطى - فى تجاربه السابقة - من الولاء للتراث العربى الإسلامى، واستكناه مراميه الروحية ومفرداته الجمالية فى آن واحد، من خلال بناء أنساق تجريدية تجنح إلى الأنماط الهندسية والتكرار الزخرفى المتراقص فوق سطوح ممتدة عبر بياض نورانى، أو سطوح متشكلة بتقاطعات ومتوازيات ومتواليات رياضية تحكمها عقلانية صارمة، وهى تتراوح بين الحركة والسكون، وبين الألوان الساخنة والباردة، وبين التحليق الشعرى والتطريب الغنائى، لكنه فى كل الأحوال يستثير دوافع المشاركة لدى المشاهد، مرة بتحريضه المباشر على اللعب معه، بإعادة تشكيل عناصر اللوحات المتحركة فوق محاور يصنعها الفنان داخل مجسماته، ومرات بإشغال بصر هذا المشاهد فوق سطوح الأعمال، التى يتلاعب فوقها الضوء والظل تبعا لمستويات السطح المتبادلة بين الغائر والبارز، ومن ثم تبدأ لعبة من نوع آخر بين عين المشاهد وعمل الفنان، وهو بذلك يحقق أحد أهداف العملية الإبداعية: وهو تفجير طاقة الحرية والمشاركة لدى المتلقى، ليكون طرفاً إيجابياً، وليس طرفاً سلبياً يكتفى بالتلقى.
- وإذا كان عبد العاطى قد تعامل مع التراث بهذا القدر من التبجيل لكل تقنياته ومقاييسه المثالية، فإنه لا يتعامل مع مفرداته الجمالية كأدوات شكلية بحته، بعيدا عن مضمونة الروحى، حتى وإن تباعدت الوظيفة الدينية أو الروحية عن استخدام أنماط التراث، ويتضح ذلك بقوة فى معرضه الأخير، الذى يعتمد الاستلهام فيه على الحروف العربية .. وهو اختيار ينم عن مخاطرة شديدة من الفنان، بالسير فى اتجاه وَصَل على أيدى الحروفيين العرب إلى طريق مسدود، حتى أعلنوا إفلاسهم وانصرفوا عنه أو كادوا، غير مدركين أن بذرة فشلهم كانت أساسا فى منهج تناولهم للخط العربى، فهو منهج التجريد الغربى الذى استخدم الحروف كعلاقة شكلية مفرغة من ميراثها، تدخل فى سياق لوحة البرواز الأوربية، دون التفات للمحتوى الروحى ودلالاته التاريخية.
- بهذا الوعى الناقد لمسار الحروفيين، دخل عبد العاطى تجربته الجديدة مع الحروف، من منظور كونها أوعية لدلالات تراثية ما تزال أصداؤها تتردد فى نفوسنا، وإشارات موحية بتاريخ حضارى مازلنا نتنفسه، وعلامات فى السلم الموسيقى الشرقى المتصاعد نحو مدارج روحية، وذبذبات بصرية بين السالب والموجب (أعنى: الغائر والبارز ، والمفرغ والمصمت) فى السطوح البيضاء، وهى تصنع نسيجا مشعشعا بنور غامض، أشبه بستار المشربية العربية عكس الضوء، وهو يحمل إلى النفس فيضا من الصفاء ودعوة إلى التأمل، بل قد يتجاوز تأثيرها المشربية والكتابات البارزة على أعتاب المساجد وأحزمة العمائر المملوكية الشاهقة، ليقترب من تأثير دندنة التطريب على العود فى العمارة الأندلسية، وربما ينتقل بنا إلى تجليات الزخارف الفارسية، وخرُّمات الرخام الهندية المشعة بأطياف العذارى من وراء الخدور الحالمة .. ولِمَ لا يكون عبد العاطى قد تماهى برؤيته أيضا فى دوائر وجودية متصلة، متصاعدا من الحياة إلى الحلم إلى التسبيح إلى الموت؟.. ألا تتردد فى صدورنا - عبر حروفه النغمية المتقاطعة، المكتوبة بخط النسخ ذى المنحنيات والتداوير: تراتيل الذاكرين وترانيم الصوفيين؟.. وألا تذكرنا حروفه بخط الثُلُث - الذى يشكل الألف واللام من خلاله إيقاعا رأسيا ساقطا - بشواهد القبور الرخامية فى العصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية، التى يفيض بها فناء المتحف الاسلامى بالقاهرة، مرسِّبة فى نفوسنا بُعدىْ الفناء والخلود معا؟!
- غير أن هذا الولاء الذى يكُّنه الفنان للتراث لا يجعله سجينا فى أطره المثالية، فإن أعماله تتخطى الحّيز المحدود لمسطح اللوحة، ليفيض مكنونها متفجرا من أجنابها الأربعة، كاسرا إطارها، محلقا فى فضاء بغير حدود، صانعا لها فلكها الخاص، إرهاصا بتمردها على فكرة الإطار، وقد تخترم الثغرات سطح اللوحة بين الحروف هنا وهناك، تعبيرا عن كسر الاكتمال المثالى وإيماء إلى عامل الزمن.
- ولا يقلل من هذا التمرد المشاغب على منظومة التراث: ذلك الإتقان المتأنق الذى نلاحظه فى تنفيذ أعمال الفنان عبد العاطى، فإنه ببساطة يلغى الحاجز الوهمى بين الابداع والحرفة، إنه - كسليل لأجيال عبقرية من الحرفيين صناع التراث - لا يملك إلا أن يكون جملة مفيدة وجديدة على طريقهم المهدد بالانقطاع، فيحيى فى خواطرنا تراثهم، بقدر ما يفتح أمامنا - وأمامهم - آفاق الانطلاق نحو عالم بغير حدود.
- ولا شك أن وجود مرسمه بوكالة الغورى إلى جوار ورش الحرفيين التقليدين المهرة فى مجالات التعشيق والخرط الخشبى والتفريغ فى النحاس والجص كان له تأثير قوى فى ذلك.
- يبقى أن نعرف أن الفنان محمود عبد العاطى أستاذ بكلية التربية الفنية بالقاهرة، وأقام العديد من المعارض بمصر والخارج، وحاز عدة جوائز منها الجائزة الكبرى فى التصوير فى مسابقة تجميل دار الأوبرا المصرية بعمل جدارى كبير.
بقلم الناقد: عز الدين نجيب
من كتاب( الفنان المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية)
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث