عبد الفتاح بدرى محمد عبد الكريم
وثق التراث الشعبى وأعماله تعرضت للسرقة والحرق - عبد الفتاح البدرى غزارة فى الإنتاج وقلة فى الاهتمام
- حرص الفنان التشكيلى عبد الفتاح البدرى على توثيق مشاهد كادت أن تختفى من البيئة الشعبية ، مستلهما إبداعاته من التراث الشعبى خاصة لوحات أبناء الجنوب فى أسوان والنوبة من خلال فنون تجريدية تلقى الضوء على إحياء التراث الشعبى ، حيث أبرز فيها ألعاب الأطفال مستعينا بخامات البيئة المحيطة مثل ` النحلة الخشب ، الشقف ، السيجه ، الكره الشراب ، أغطية المياة الغازية ` ، بجانب رسوم الأفراح والموالد والمراكب والصيادين والمبارزة بالعصا ` التحطيب ` والشباط ` الذى يشبه المصارعة ، وذلك بالطابع الفطرى الملىء بأشكال بسيطة يتذوقها العامة قبل المتخصصين ، الأمر الذى مكنه من تدريس أعماله بمناهج التربية والتعليم ، حيث يعد الفنان من أكثر التشكيليين المصريين الذين ينشرون أعمالهم على شبكات التواصل الاجتماعى إلا أنه أكتشف سرقة أعماله الفنية بوكالة الغورى عقب نشوب حريق بمرسمة بأسوان قضى على معظم إبداعاته .
يقول البدرى لـ ` الأهرام المسائى ` علمت بسرقه أعمالى الفنية عندما أنذرونى بإخلاء مرسمى بالدور السفلى بوكالة الغورى ليتسلمه الفنان راغب اسكندر ، حيث ألقوا بأعمالى بأحد الطرقات المتطرفة لعدة أشهر لحين تجهيز مرسم آخر بالدور العلوى ، أدى إلى سرقة أكثر من 1000 عملا فنيا جارى البحث عنها حتى الآن . بينها مجموعة ` التحطيب ` والتى تعدت ال200 لوحة ، وبعض الأعمال التى لم تكتمل وبدون توقيع ،وأيضا مجموعة ` فتياتى ` بلغت أكثر من 40 عملا فنيا ضمت لوحة ` ابنتى الوحيده ` ، وأيضا ` الراقص والمزمار ` بجانب مجموعة ` النوبة ، التنورة ، المراكب ، والنيل ` ولوحة ` حيوانات باردة الدم ` إنتاج 1971التى لم أفكر فى بيعها إطلاقا لأنها تاريخ موثق وتعد من النوادر ، أما الاسكتشات لا أستطيع حصرها ، هذا الى جانب لوحة ` الحناء ` التى فقدت بإحدى المعارض الطوافة بنادى الصيد ، ولوحة ` الموسيقى ` تمت سرقتها منذ 2010 عقب انتهاء احد دورات المعرض العام بقصر الفنون بالأوبرا مما جعلنى أقاطع المشاركة بالمعرض العام حتى الآن ، فغزارة إنتاجى توثق للتراث الشعبى ورغم فقد العديد منها مازالت امتلك الكثير .
ويضيف من غرائب القدر أن قطاع الفنون التشكيلية أرسل لجنة تحقيق لإدانتى بسبب وضع الأعمال خارج المرسم ، مشيرا الى أن أسعار بيع لوحاته بدأت فى التراجع عقب أكتشاف تلك السرقات حيث أن أغلى لوحاته ` قطار الأطفال ` قدر ثمنها بـ2 مليون دولار ، لافتاً إلى أن الحريق الذى شب بمرسمة بحى العقاد بأسوان منذ عام 2002 قضى على 712 عمل فنى بالإضافة الى 120 ألف مستنسخ فنى .
محمد عبد العلى
الأهرام المسائى 26-8-2017
أحدث إبداعات البدرى بقاعة كحيلة
- الفنان عبد الفتاح البدرى .. فنان مبدع ورغم معيشته فى القاهرة الا أن روابطه الفنية بالحياة فى أسوان بقيت هى الغالبة فهو قد حافظ على كل أركان مظاهر الحياة الشعبية بأسوان وفى مقدمتها الحنطور الشهير والحياة مع النيل والعاب الصغار والفرق الشعبية الراقصة وفى مقدمتها بالته الألوان الساطعة الدافئة والتى تعكس عمق الحياة فى أسوان من خلال توليفة من الأعمال المبهرة والتى تؤكد أصالة الفنان وقدرته الفائقة على التعبير والسيطرة على ادوات إبداعه. هذه مقدمة بمناسبة معرضه فى قاعة كحيلة 15 شارع البطل أحمد عبد العزيز بالمهندسين والذى يستمر حتى 22 من نفس الشهر.الفنان عبد الفتاح البدرى .. فنان مبدع ورغم معيشته فى القاهرة إلا أن روابطه الفنية بالحياة فى أسوان بقيت هى الغالبة فهو قد حافظ علي كل اركان مظاهر الحياة الشعبية بأسوان وفى مقدمتها الحنطور الشهير والحياة مع النيل والعاب الصغار والفرق الشعبية الراقصة وفى مقدمتها بالته الألوان الساطعة الدافئة والتى تعكس عمق الحياة فى أسوان من خلال توليفة من الأعمال المبهرة والتى تؤكد أصالة الفنان وقدرته الفائقة على التعبير والسيطرة على ادوات ابداعه. هذه مقدمة بمناسبة معرضه فى قاعة كحيلة 15 شارع البطل أحمد عبد العزيز بالمهندسين والذى يستمر حتي 22 من نفس الشهر.
- وللفنان عبد الفتاح البدري ابداع مميز فى مجال فن التصوير والرسم والحفر والحفر التصويرى وتجسد اعمال الفنان تأثره بالحياة فى جنوب الوادى والتي تتميز فيها العناصر التشكيلية بالدقة والوضوح كما يتميز بتناول التراث الشعبى واحياء هذا التراث الذي بدأ بالاندثار وتمتاز أعماله بحيوية اللون ودقة الخط والرسم مما يجعلها تعكس حس شعبيا خاصا يشعرك بالعمق والاصالة، هذا إلى جانب استخدام الفنان لمجموعة من التيمات الشعبية والعناصر التي اجاد صياغتها في أكثر من تشكيل ويؤكد الفنان فى هذه الجزئية انه حاول ان يمارس كل المدارس الفنية على اختلافها ليبحث عن خصوصية ذاتية تكون أكثر التصاقا بروحه وعواطفه وواقعه واعتبر هذه المرحلة نظريا وتجريبيا فى آن واحد حتى توصلت إلي الاسلوب الذى كان يبحث عنه وكانت بدايته مع مشروع البكالوريوس الذى استلهم فيه الفنان النوبى الفطرى واضاف إليه اسلوبه الخاص فالنوبى يزخرف بيئته من الداخل والخارج باستخدام رسوم لاحياء وحشرات البيئة التى يعيش فيها مثل النحلة والعقرب والاطباق والعقود ويرسمها بألوان صريحة وهى عملية تسجيل وليست تمائم وتظهر هذه الاعمال الذوق العالى والنظرة المملوءة بالجمال والخير ويضيف الفنان أننا نستطع ان نقول ان البيئة الاسوانية التى نشأت بها كان لها اثر فى اختيارى هذا اللون الشعبى ويهتم الفنان فى اعماله بتصوير التجمعات البشرية فالبشر يعكسو الاحساس بالمودة والالفة.
- من ناحية أخرى، الجماعات تدخل فى نطاق التشكيل كعناصر وهى مهمة للفنان الذى اطلق الفنان الراحل بيكار عليها `عين الطائر` إلى جانب أن أحد عناصر التشكيل فى اعمال الفنان هى عناصر التعبير فالناس فى القرى والمساكن الشعبية يعيشون جماعات ويذهبون جماعات بل ويحزنون ويفرحون جماعات. ولانستطيع ان نتجاهل الواقعية التجريدية فى اسلوب الفنان على الرغم من ان الفنان اعترف بأنه لايقيد نفسه بأسلوب أو مدرسة ولكن الفنان بيكار قال عن اعماله انها تتبع الواقعية التجريدية باستخدام منظور عين الطائر دائم التحليق ويرى آخرون أنه بنظر إلى الناس والكون من تحت اقدامه ولكن الفنان يؤكد ان النظرة العلوية تكشف له العالم ولاتخفى شيئا منه.
- هذا إلى جانب الحرية التى يمارسها الفنان فى وضع العناصر على سطح اللوحة وتحريكها كما يشاء إلى ان يصل إلى تكوين متكامل من ناحية البناء والخط والفنان عبدالفتاح البدرى مهتم بالتكتيك ودائم البحث فى اللون لأن اللون يجسد احساس الفنان تجاه العمل باللحظة ونلمس هذا فى لوحات التحطيب، زفة العروسة، الطقوس الجنائزية والمراكب الشراع.
بقلم : نجوى العشرى
جريدة الأهرام : 15-4-2010
الفنان عبد الفتاح البدرى (1949 ).. صانع البهجة الشعبية
- مثلما يتغنى الشاعر الشعبى فى جنوب وادى النيل بالسير والمواويل العذبة، ويشارك الشعب أفراحه واحتفالاته بالحياة ، فإن الفنان عبد الفتاح البدري - ابن الصعيد القادم من أقصى جنوب الوادي - جعل رسالته التشكيلية هى العزف بريشته وألوانه، والتغنى بحياة الفلاحين البسطاء، فى أفراحهم وعاداتهم وتقاليدهم، وكأنما ينسج لنا موالاً صامتاً، لكنه صاخب بالخطوط والألوان.
- يمثل النيل خط الأستمرار فى رحلته الفنية ، بما يمتد على شاطئيه من بيوت، اتخذت سماتها من معابد مصر القديمة وزخارف بلاد النوبة المتوارثة، وكذلك من المساجد والعمارة الإسلامية، تتناثر فتحات أبوابها ونوافذها كالعيون الساهرة، وتتوزع الخطوط والألوان فوق جدرانها فى إيقاع رشيق ، كأنما تكتسي ثياباً مزركشة وتتهادي القوارب راقصة في انتظار ركابها ، أو حاملة العابرين إلى الشاطئ الآخر ، أو الصيادين الساعين إلى رزقهم .
- في كل لوحاته نستشعر احتفالية بالحياة ... مثل ألعاب الطفولة ، التي خصص لها العديد من اللوحات ببرءاتهم وسذاجهم العفوية ، وهم يصنعون طابوراً يمثل القطار ، أو دائرة تحاكى لعب الكبار ، أو أطواقاً يسابقون بها الريح ...
- كما نجد هذه الإحتفالية في أفراح الزفاف ، وليلة الحنة ، وجلسات السمر في الساحات وأمام المنازل ، وحول العازفين الشعبيين .
- لكن أكثر ما يستهوى الفنان البدرى:هو رقصات التحطيب ، تلك المبارزات الدالة على الفروسية والمرتبطة بالمناسبات السعيدة، وهى تجمع بين أقصى درجات القوة الرشاقة فى آن واحد ، وتتحلق الجموع حول الفارسين المتبارزين بنبوتيهما الغليظين، وهما يتقاطعان ويتوازيان، ويتباعدان ويتقاربان، وتتطاير فى الهواء الملابس الفضفاضة اللاعبين المتبارزين، موحية بحركة عنيفة أو راقصة، لكنها فى كل الحالات تتسم بالرشاقة والخفة .
- وكما استوحى الفنان ملابس الرجال الفضفاضة لصنع تكوينات متباينة، كذلك استوحى ملابس النساء بألوانها الغنية الناصعة، خاصة شال القطيفة بخطوطه الزجزاجية أو المتوازية، ليشكل بها إيقاعات نغمية ملونة ، وتأثيرات بصرية أخاذة ، مثلما نرى في مجموعة النسوة اللاتى غطت ظهورهن الأوشحة المقلمة، فى تكوين يذكرنا بفنون الجرافيك والفسيفساء والكليم.
-ولا تقتصر هذه الزخارف الملونة ، المستوحاة من زخارف الشال الكليم، على أزياء الفلاحات أو بسط الأرضيات، بل تمتد إلى كثير من العناصر المكونة للوحة، مثل العمارة والأثاث .
- ويميل الفنان إلى التعامل مع مجاميع البشر أكثر من الأفراد ، ومن انشغال بتفاصيل الملامح مستلهماً الروح الجمعية للشعب، لذا نراه يفضل الرسم من منظور رأسى، مطلاً من أعلا إلى المشهد بعين الطائر ، فنرى الزحام كتلة متماسكة ، ونرى الرؤوس بقعاً ودوائر بيضاء متلاصقة ، وهي في ومجموعها تشكل دوائر متجاورة تحيط بالمتبارزين في لعبة التحطيب، وقد تحدها خطوط مستقيمة لدكك خشبية، فرشت ببسط مزركشة ذات ألوان بهيجة،وقد تساهم ألوان الملابس فى صنع هذا المهرجان المحتشد، وإن كان يقترب فى محمله من لوحة تجريدية زخرفية.
- وللفنان اهتمام خاص بعنصري الضوء والظل ، ليس بمفهوم التجسيم الإسطواني للأشكال ، بل بمفهوم المصدر الذي يشع منه الضوء عكس كتل الأجسام أو في مواجهتها ، وقد يكون هذا المصدر مباشراً من البيئة الريفية ، مثل لمبة الجاز فوق طبلية الطعام ، أويكون مصدر الضوء من داخل اللوحة ، يلقى بظلال الأشخاص والكائنات على الأرض ، فيشكل ثنائية العنصر وظله ... إلا أن تأثيرها يتعدي المعنى الواقعي المباشر للضوء ، إلى المعنى لطاقة النور، إذ تنفتح فى الصدور أملاً وإشراقاً ، وتعكس درجات عليا من الحس الروحانى الشفيف.
- إن أغاني النوبة ورقصاتها وإيقاعاتها العذبة، وجدت معادلها البصري الأخاذ من خلال لوحات عبد الفتاح البدرى ، فلم تقف عن مستوى المحاكاة السطحية لأنماط الفلكلور، بل انطلقت إلى رؤى العصر الحديث، دون أن تتخلى عن مخاطبة وجداننا القومى ومزاجنا الشعبى .
بقلم الناقد :عز الدين نجيب
من كتاب ( الفنان المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية)
|