عبد المجيد إسماعيل عبد المجيد محمد
أسماك القرش تلتهم الهوية العربية فى عمل مركب
- اعتراضا علي الثبات الذي تعيش فيه الشعوب العربية منذ زمن بعيد ، وأدي إلي تراجع حضارتها، وهوانها في عيون الشعوب المختلفة، وخضوعها للعديد من الثقافات الأخري الجديدة عليها ، والتي لم تكن تتمتع بتاريخ عريق كالعربية ، يعرض الفنان تجربته الجديدة في قاعة ` كمال خليفة?` بمركز الجزيرة للفنون تحت عنوان ` العرض مستمر ` .
- ضم الفنان قاعة العرض كلها في تجربته ` عمل مركب?` ، حيث امتلأت ساحتها بكتب بيضاء اللون مرصوصة في صفوف ، ومن فوقها أنصاف بورتريهات باللون الأزرق ، وكأنها تتحدث مع بعضها البعض ، توحي بالموت ، يعلوها 49 سمكة قرش معلقة ومصنوعة من الورق الأبيض ، وقد قسمت أسماك القرش إلي سبع سمكات في كل صف بعدد أيام الأسبوع ، ليوضح الفنان أن الأيام تدور ، ومازالت الشعوب العربية تتجمد وتثبت في نفس أوضاعها ، وكأنهم موتي صبحهم كليلهم ، ويومهم كأمسهم .
- أما الأجزاء السفلية من جدران القاعة فكانت بمثابة شريط يعرض صفحات منفصلة زرقاء اللون من كتاب يتناول الحضارة الإسلامية والعربية ، لصقها الفنان مقلوبة دليلا علي انقلاب الأوضاع ، ومن فوقها تحاط بأسماك قرش أخري مصنوعة من الورق تمر عليها ، لتلغي بعض من تفاصيل الكلمات ، كمحاولة لمحو هذه الثقافة واستبدالها بأخري ، وقد كان ذلك الشريط بمحاذاة باقي العمل في ساحة العرض ، الذي يشكل أيضا الجزء الأسفل من القاعة ، وكأن الفنان أراد أن يجعل الرؤية من أعلي واضحة للمتلقي لتكون إنارة له فيتمسك بموروثه وحضارته العربية الأصيلة?.
- وعن موضوع المعرض قال الفنان : هذا العمل يعد استمرارا لتجربتي التي أعمل عليها منذ فترة ، حيث أنني قمت بعمل ثلاثة أعمال أخري كانت تحمل نفس فكر وفلسفة هذا المعرض ، والذي أعني من خلاله اندثار الحضارة العربية وهيمنة بعض الثقافات الأخري عليها ، فأنا قدمت عملين بنفس الأسلوب الذي تناولته في هذا العرض مع تغيير العنصر ، وحصلت بواسطة إحداها علي جائزة في صالون الشباب ، وأنا أؤكد بهذا فكرة أننا كشعوب عربية نظل ثابتين في مواضعنا ولا نتقدم ، وعبرت عن ذلك من خلال أنصاف البورتريهات التي تتحدث مع بعضها فوق الكتب البيضاء لأعطي مفهوم أننا موتى .
- وتابع : أنا استخدم أحد رموز القيم غير النبيلة التي تعبر عن هيمنة الغرب علي الثقافة العربية ، والتي لا تتواجد علي المستوي العالمي ، وتأكيدا لهذا المعني صممت دعوة المعرض من صفحة كتاب عربي مقلوبة وتمر من فوقها أسماك القرش ؛ لتلخص مفهوم العمل ، وهو ازدهار الحضارة العربية في فترة من الفترات ، ومحاولة طمس معالمها حاليا ؛ ولذلك أضعها مقلوبة .
بقلم : رهام محمود
جريدة روزاليوسف 2009
فى معرض ((من وحى الجسد )) فى جاليرى ضى عبد المجيد إسماعيل واختزال النحت
- قام الفنان عبد المجيد بإفتتاح معرضه بعنوان ` من وحى الجسد ` فى جاليرى ضى بالمهندسين وهى تجربة جميلة تستحق المشاهدة والقاء الضوء على النواحى المختلفة فيها .
دائماً جسد المرأة موضوع من الموضوعات المحببة فى فن النحت والمقربة . جسد المرأة كتكوين وكبنية من العصر البدائى تقريباً . المرأة كانت تعبد فى العصور القديمة . وكانت كيانا مقدسا . اختار الفنان عبد المجيد إسماعيل جسد المرأة فى مجموعة من القطع الا بعض القطع عبارة عن وجوه لمرأة أيضاً .
يحاول الفنان تقديم جسد المرأة فى اوضاع وحركات مختلفة ، حالة الوقوف ، الجلوس ، الحركة العنيفة . وفى الوجوه يحاول تبسيط الشكل الى أقل درجة ممكنة ويضع طائر بسيط الشكل . فوق بعض القطع . كطائر صغير جداً ومختزل جداً . الفنان يقوم باختزال الشكل الى أقل درجة ممكنة متبعاً محاولات بعض الفنانين الكبار فى فترة من الزمن . بمحاولة تبسيط الشكل الى أقل حد ممكن وان كان نجح فى بعض القطع وفشل فى بعض القطع .
الاختزال هو طريقة ورؤية للعالم بحكم أن الشكل يعطى الايحاء بالموضوع بدون اضافات وتفاصيل .الاختزال أشبه بتبسيط اللغة الى أقصى حد أو أن تكون اللغة حدية . اللغة بالمعنى `اللغوى ` واللغة النحتية عنا أيضاً حدية ، هو يحاول الحفاظ على الشكل التقليدى للجسم ، فهناك رأس ، بدن ، أقدام ، فهو يحاول الحفاظ على الشكل التقليدى بدون تحريف أو مبالغات فى مناطق وتضخيم مناطق أو تغيير فى شكل الجسم ، أحيانا يصغر حجم الرأس ليعطى الاحساس بالاستطالة . تدور محاولاته حول منطقتين :
ــ جسم المرأة : فى الأجسام بعض القطع ، نجح الحركة والتكوين فى اضفاء نوع من الرقة ونوع من الخطوط المشدودة حول القطع . والنعومة الشديدة للقطع .
ــ الوجوه : فى الوجوه نجحت المحاولات فى اختصار الشكل الى أقصى حد ممكن مع المحافظة على رشاقة القطعة ورشاقة الكتلة .
فى بعض القطع يأتى من جزء من أداء الفنان الكبير عبد الهادى الوشاحى فى فكرة الاستطالة وتحويل الأقدام الى منطقة رفيعة جداً كأنها مركز لثقل الكتلة . وجسم المرأة طائر فى الفراغ . حتى حركة الرؤية فى أحد التماثيل كأنه زرقاء اليمامة العمل الجميل للفنان الوشاحى .
يحاول الفنان عبد المجيد إسماعيل من خلال تبسيط الشكل واختزاله الى منطقة أو مدرسةMinimalist فى معظم انتاج هذه المدرسة يعتمد على `اللا ــ شكل ` ولكننا هنا نجد الفنان يعتمد على أشكال مادية محددة وواضحة مثل المرأة أو الطيور . وهنا يحاول الفنان بحكم طبيعة علاقة فن النحت المصرى وبعده عن هذه المدرسة فيكون المدخل هو التعامل مع أشكال مادية واضحة مثل المرأة ، الطفل ، الطيور . ثم يحاول اختصارها محاولات جادة لاختصار الشكل الى أقصى حد ممكن ، فيتحول الوجه مع القاعدة الى كتلة صلبة قوية مصمتة . وتتحول تماثيل المرأة بحركاتها المختلفة مع حساب قاعدة التمثال وأشكالها المتنوعة مع الجسم مع أشكال طولية كأنها أعمدة مثل أعمدة المعابد القديمة التى تحمل الأسقف فى الفن الاغريقى القديم . تحس أن هذه التماثيل تستطيع اذا وضعت بجوار بعضها أن تحمل سقف مبنى بحكم الطول والعلاقة مع القاعدة القوية وبحكم نحافتها . فهى ليست كتل متضخمة . وليست تماثيل فيها أجزاء بارزة أو حركة عنيفة مثل الفن الرومانى واليونانى ولكنها أقرب فى تداخلها المصمت للفن المصرى القديم منه الى فنون مدرسة Minimalist.
يحاول الفنان فى بعض التماثيل تبسيط جسم المرأة وحركتها الى حد أن تختفى شكل الوجه وأحياناً شكل الجسم . وأحيانا ينجح ويستطيع أن يقوم بإختزال الجسم واستخراج جماليات منه وأحيانا لا يستطيع السيطرة على الكتلة فى بعض القطع .
لماذا يستعمل الفنان قاعدة للتمثال ؟
من صاحب فكرة اختراع القاعدة للتمثال ؟ الحقيقة لا أعرف . حيث قاعدة التمثال تكون مفصولة عن جسم الانسان وفى معظم الوقت تكون من خامة مختلفة ، كأن يكون التمثال من البرونز والقاعدة من الحجر . من اخترع القاعدة وما الفائدة منها ؟ ولماذا الفنان عبد المجيد إسماعيل مهووس بفكرة القاعدة . هل فائدة القاعدة لا ضافة حجم للتمثال ؟ هل تعطيه احساسا بالفخامة مثلا ؟ أو ليكون نقطة ارتكاز للقطعة ؟ اذا كانت القطعة لها مركز واحد تتحرك منه . عبد المجيد مهووس بقاعدة التمثال . يضعها فى اهتمامه . أحياناً يقلل من قيمة العمل وتضعفه ولكن فى بعض القطع هو يعيد صياغة القاعدة ويحولها الى مساحتين مختلفتين ويتداخل الجسم مع القاعدة بحيث لا يمكن فصله . وفى بعض الأحيان تتحول القاعدة الى شكل نحتى منسجم مع القطعة وطولها ونحافتها ولكن فى بعض الأحيان القاعدة تضعف الشكل تماماً وتقلل من قيمته . هل يحاول الفنان التعامل مع قاعدة التمثال كأنها جزء من العمل أو مفصولة عنه . هو نجح فى بعض القطع أن يجعل من قاعدة التمثال جزء مهم من علاقة الكتلة مع القاعدة . وهذه تحسب له . أحياناً فى الوجوه يحول القاعدة الى جزء من الجسم ثم يضيف لها قاعدة من خامة مختلفة وهذا يفسد العمل . وفى بعض الوجوه يحافظ على علاقة الوجه مع الجسم مع حركة البدن كقطعة منسجمة ومتصلة مع بعضها البعض كقطعة فنية متكاملة بدون القاعدة .
الحركة : حركة الجسم ` جسم المرأة ` عند الفنان عبد المجيد إسماعيل بسيطة . انحناءات . حركة هادئة أكثر . بها سكون وصمت الا أحيان قليلة جداً فى مثلا شعر يتطاير أو حركة يد أو فستان يتطاير .
محمد الجنوبى
القاهرة : 2018/4/10
|