- وقد انعكست مثالية الفنان ` كمال النحاس ` وتمسكه بمبادئه على فنه طوال فترة ممارسته للفن فقد كان منذ أمسك بالريشة أن الطريق بالغ الصعوبة ، ويؤمن بجدية الدراسة ، والنظرة الواقعية الى الحياة ، والتفقه فى أساسيات التقنيه والاداء .
- وكان يؤمن بأن المظهر قميص الجوهر ... كلاهما يحكى عن الآخر .. وأن التهاون فى المظهر يعتبر تحريف فى مقدسات الطبيعة التى تشكل بعبقريتها الأشياء وتفرض عليها قوالبها واشكالها التى تعتبر مثلا أعلى لكمال الصورة وجمال الهيئة .
- وكان ايمانه الشديد بالواقع المرئى يحصره فى دائرة ` الأكاديمية ` التى لا تقبل الشطط ولا تجاوز الحدود فى علاقة الفنان بظواهر الأشياء . وكان من أثر ذلك أن اكتسبت ريشته قدرة متميزة فى الرسم وترجمة الواقع بأمانة شديدة بتدفق سلس دون ثأثأة أو ركاكة فى الاداء والتعبير .
- غير أن أمانته المفرطة فى محاكاة الواقع لم تجعله يشرف فى تأكيد التفاصيل الثرثارة ، فكان يلجأ الى التلخيص والايحاز دون اسراف لكى يخفف من ثقل الواقع . كما كان يقتبس من التأثيرية بعض لمساتها التى تكسب أعماله مزيداً من الحيوية سواء فى الملمس أو اللون المحتشم بعيداً عن الابهار والمبالغات المثيرة .
- أتاح له وجوده فى لبنان فى الخمسينيات مزيداً من التعرف على الطبيعة ..ز وكانت أجمل مناظره الطبيعية هى التى صورها فى ربوع هذا البلد الشقيق .. غير أن تفوقه الحقيقى يبدو فى رسم الوجوه وتصوير الاشخاص وخاصة اذا ما كانت تربطه بهم علاقة حميمة .
- كان رحمه الله نموذجا أخلاقياً للفنان المحافظ الذى يحترم التقاليد ويتمسك بالمبادئ .. مفضلا أن يخاطب جمهوره من منبر الاعتدال بلغة يفهمونها دون ان يتعالى عليهم بشطحات تنفرهم من الفن بدلا من ان تجذبهم اليه .

حسين بيــكار