عبد المعبود أبو اليزيد على شحاته
- لعل أوضح ما يتميز به فن عبد المعبود شحاته، هو الاتصال المباشر بجوهر الثقافة والحضارة المصرية التى بلورتها الأجيال وتمخضت عنها العصور .. والتى تتمثل فى ذلك الغموض الصوفى السحرى الذى يكتنف تراكيبه وعناصر لوحاته، والتكتل النحتى الذى يكسبها ثقلا ودسامة، والشموخ المعمارى الذى يضفى عليها مسحة من الأباء والرسوخ والاستقرار .. وهذه كلها خصائص مصرية أصيلة ، نشم أريجها ينبعث من كل عمل رغم الإطار العصرى الذى تطل من خلاله .
- وتحدد هذه الصفات التشكيلية مجتمعة ، الرؤية والقالب الذى يلتزم بهما الفنان ، كما تكون فى مجموعها اللغة والمنطق الذى يتحدث بهما ليعبر عن ذاته كفرد فى مجتمع يتفاعل مع الحياة والأحداث فى إيجابية يقظة واعية .
- ولا عجب إذا ما انعكست على أعماله تلك المسحة الأدبية التى تعتبر احدى مقومات فنه عندما يتناول القضايا العربية والإنسانية ليعبر عنها ببلاغة وصدق ، مستعينا فى كثير من الأحيان بالرمز ، دون أن يفقد العمل مقوماته التشكيلية الأساسية ، ففن عبد المعبود شحاته ليس فن متعة بصرية ، بل فن رأى يخاطب العقل ويمس الضمير والوجدان .
- والفنان عبد المعبود شحاته عندما يقدم لنا معرضه الأول بعد تسع سنوات من تخرجه فى كلية الفنون الجميلة ، فانه يضرب مثلا طيبا فى عدم التسرع فى اقتحام الأضواء قبل اكتمال النضج وتبلور الشخصية .
- فقد كنا نتابع أعماله عندما كان يشترك فى المعارض العامة بقطع مع إنتاجه ، ونتابع بإعجاب الخط البيانى الصاعد الذى ترقاه أعماله سنة بعد أخرى بخطى ثابتة ووعى ناضج ، وكثير من التواضع .
والآن ، وقد أحس الفنان بأنه فى وضع يسمح له بمواجهة الجمهور ، فانه يتقدم بحوالى 30 لوحة تمثل آخر نقطة بلغها فى رحلته الطويلة .. وليست الأخيرة .
حسين بيكار 1967
فلسفة تشكيلية فى قاعة إخناتون
- عن أرضنا العظيمة وأنساننا الجديد وقضايا الفكر الانسانى المصرى المعاصر قدم لنا الفنان عبد المعبود شحاته قصيدا سيمفونيا تضمن 33 عملا تشكيليا فى معرضه الاول الذى افتتحه فى الاسبوع الماضى الفنان /عبد القادر رزق المدير العام للفنون الجميلة بقاعة إخناتون .
- ونرى فى أعمال هذا الفنان اهتمامه الواضح بالتكوين ثم استخدام الرمزية فى تطعيم هذا التكوين مبتعدا عن المواجهة المباشرة ، مثال ذلك لوحة السد العالى ، التى استخدم فيها مساحة صريحة من الضوء الابيض المنطلق وسط الظلام ثم تطعيم هذه المساحة برمزين فى لونين الاحمر والاخضر مستخدما فى ذلك اسلوب التلخيض والتعبير فى نفس الوقت ، وحقيقة أن هذه اللوحة من أجمل المشاهد الفلسفية التى حاول فيها فنان مصرى التعبير عن السد العالى .. وتنتقل بنا همسات القصيد السيمفونى التشكيلى فى هذا المعرض فنلتقى بارتباطات فلسفية وتحليلية أخرى فى ـ الإنسان والسلام ، الفتاة والتفاحة ، الغضف ، العمل حياة ، رأس تحطم الاطار ، وهناك ايضا ، عروس النوبة الجديدة ، التى ربطها بأرض الفراعنة وتحليل اللون الابيض فى فلسفة تعبيرية مقنعة .
- والفنان عبد المعبود شحاته خريج كلية الفنون الجميلة والمعهد العالى للتربية الفنية وهو أستاذ به فى نفس الوقت ، وعمل فترة طويلة بالرسم الصحفى الذى ما زال يمارسه حتى الآن ، ونحن نأمل أن يتفرغ مثل هذا الفنان لكى يستطيع ترجمة مفاهيمنا الإنسانية المعاصرة فى قصائد سيمفونية تشكيلية مثل هذا القصيد الذى استمتعنا برؤية لمساته وأبعاده .
عادل كامل
جريدة وطنى 1967
|