( من رسالة الماجستير عن النحت المصرى والعراقى )
يتنوع انتاج الفنان عبد الحميد الدواخلى ليشمل النحت والخزف والتصوير ، ولكن نحته يتفوق على تصويره تفوقا واضحا وخاصة تماثيله التى يقيمها من الفخار .
يقول الناقد الاسبانى ` كارلوس اريان ` فى تقديمه للكتاب الذى اصدره بالاسبانية والعربية عن الفنان :
` ان اعمال الدواخلى فى النحت تعطينا صورة واضحة عن عمق هذا الفنان فى انتاجه الذى يتكشف فى معالجته التعبيرية لمواضيع الحيوانات الاليفة والتى تتراوح احجامها بين المتر ونصف المتر .
ومن هذه التماثيل التى حازت اعجابى تمثال القبلة الذى يصور لنا شابا وشابة فى تكوين فنى متكامل مع كمال فى التنسيق بين الفراغ والكتلة .
وجدير بالملاحظة أيضاً تمثال ` الامومة ` الذى يفسح فيه تناسق وتداخل السطوح وعلاقتها الشكلية المجال امام الفراغ الداخلى وقد أجيدت احاطته حيث يمكننا ان نستشف منه صدى المفهوم الاسلامى ازاء العواطف الداخلية .
وهنا يسعنا التركيز على انه بقدر ما تحمى اشهر المساجد .. المؤمنين بعديد الاقواس والقباب فان الدواخلى فى عالمه التشكيلى يقدم لنا تماثيله فى حماية استوحاها من التراث الاسلامى . فان الانسان فى حاجته للحماية يجد دواما ، حوله فى العالم الاسلامى عددا من الاقواس والقباب التى تتكرر الى ما لا نهاية فى تنغيمات موسيقية .
اما الفنان فيعلن انه لا ينساق فى نحته وراء البحث عن الكتلة المجردة بل يهتم بالموضوع ويقدمه فى ابسط صورة ممكنة مستمداً من الفن الحديث خبرة ثمينة فى مجال هذا التبسيط .
لقد حقق الدواخلى نجاحه الفنى لارتباطه الوطيد بالتراث واستيعابه لفنون النوبة والفنون التقليدية عموما بالاضافة الى دراسته للفن الفرعونى بالاقصر ودار الآثار .
د. صبحى الشارونى
عبد الحميد الدواخلى (1940-1991).. والصراع من أجل البقاء
- صوت متميز لا ينسى فى سجل الحركة التشكيلية بمصر منذ الستينيات، بالرغم من رحيله عن عالمنا سنة 1991، ومن قبلها كان قد غاب عن وطنه سنوات طويلة ممتدة خلال السبعينيات والثمانينيات، حيث كان يعمل أستاذاً للفن بالمملكة العربية السعودية.
- الدواخلى نحات وخزاف ومصور، وفى كل مجال منها تحمل أعماله صفة التعبيرية الدرامية التى قد تصل إلى الحوشية، فلوحاته فى التصوير تتفجر بضراوة الألوان وصراع الحركة الداخلية بها حتى لو اقترب أسلوبه أحياناً من التجريد، لكن إضافته الإبداعية المهمة منذ منتصف الستينيات تتمثل فى النحت. إن تعبيرية التمثال لا تقف عند حدود موضوعه الذى عبر عن الصراع من أجل البقاء، ليس فى حياة الإنسان وحده، بل كذلك فى حياة الحيوان والطير، فلا تستطيع مشاعرنا أن تفلت من تلك الشحنه الهائلة من التوتر الذى تعكسه خطوطها القوسية المتشابكة وملامسها الخشنة، لكنه فى ذات الوقت يشى بدرجة من الحنان الذى توحى به انحناءات الكتل واحتواؤها لبقية العناصر، ليس فقط فى مشخصاته الإنسانية - خاصة تمثاله `الأمومة` - بل كذلك فى شخصياته الحيوانية الأليفة.
- ومع تأثره بالفنون الغربية الحديثة، إلا أن تأثير الحضارة العربية الإسلامية يبدو واضحاً فى المعمار الفنى لمنحوتاته، عبر الأقواس والقباب التى تتكرر بكثرة، موحيه بمعنى الاحتواء والحماية اللذين توفرهما العمارة الإسلامية لمن بداخلها، وهذا ما لاحظه الناقد الاسبانى كارلوس إريان فى تقديمه للكتاب الذى أصدره عن الفنان عام 1986بالإسبانية والعربية، ما يؤكد عمق جذوره الإبداعية فى كل من التراث وثقلفة العصر الحديث.
بقلم الناقد: عز الدين نجيب
من كتاب( الفنان المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية)