`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
الغول على أحمد الغول
الغول ورؤيته الفنية
- الفنان الغول على أحمد الغول من أكثر النحاتين المصريين تميزاً وخصوصية.. وتمتاز أعماله بالغرائبيه الغير مألوفه رغم انه يستلهمها مباشراً من البيئة المصرية الصحيحة وخاصة بيئة جنوب مصر بأصالتها وعمقها المتأصل فى الموروث المصرى القديم والشعبى بفطريته من ناحية وتلقائيته التى أخذها الغول كمنطلق لتنفيذ أفكاره النحتيه مستخدماً حرفيه عاليه أكتسبها بمهاراته الخاصه ودراسته الأكاديمية وفى مجموعة أعماله التى شارك بها فى بينالى فينيسيا عام 1997 تجاوز موضوعاته التجريبيه المستوحاه من البيئة ومن أحداث الوطن مثل تمثاله السلام 1959، الكرسى والقطة 1960، وزوجة شيخ البلد 1963، وحاملة الأبريق 1970، الحاجه زبيدة 1960، الفلاح المفكر 1959- تجاوز كل هذه الموضوعات التى نفذها بالجبس والطين المحروق- إلى تنفيذ مركبات ميكانيكية عجيبه لم يشاهدها فن النحت المصرى من قبل مستخدماً خامات متعددة كالبوليستر والحديد والخشب والنحاس والحبال مستلهمها من الشادوف وبئر المياه وغيرها رابطاً تشكيلاته العجيبة هذه بين فكرة الأخذ والعطاء وبين ملحمة المياه والأرض وأسطورة الحياة والموت.. كانت طريقة تشكيل الوسائط التى يستخدمها مع الأشكال الابتكارية التى يحلها محل الأشكال التقليدية قد أخذته إلى علاقات جمالية تثير الدهشه والتأمل عند المتلقى.. وإن ظلت ابداعاته فى حدود ذاته وعالمه الخاص ولم تترك حتى الآن أثر يذكر على مجمل الرؤية الجمالية للإبداع المصرى الحديث والمعاصر.
2003/1/25 عصمت داوستاشى

النحات والمصور الغول أحمد ( 1933-2011 )... وأيقونات الكوكب الأخضر!
- من أعماق عزلته الإجبارية المتصلة منذ سنوات بسبب المرض ، يطل علينا حاليا النحات والمصور الكبير الغول على أحمد من خلال معرض رمزى يضم عددا محدودا من أعماله فى النحت بعنوان ` إعادة رؤية ` بمبادرة من قاعة خان المغربى بالزمالك، التى عودتنا على تسليط الضوء من حين إلى آخر على بعض الرموز المنسية فى حركتنا الفنية المعاصرة، وعلى تقديم الفنانين الشباب ممن يتسمون بالجدية والمثابرة وإحترام المعايير النوعية للفن، بما يبدو كالسير فى الاتجاه المعاكس!
- وقد لا تمثل المعروضات أهم إنجازات ` الغول ` وربما جاء ذلك لاعتبارات إجرائية مثل صعوبة نقل أعماله الكبيرة من الإسكندرية إلى القاهرة أو لضيق مساحة القاعة ، أو لعدم احتفاظه حاليا بأهم علامات مشواره الفنى، لكنها - على أية حال - بمثابة نفحة تحمل نكهة عالمه فى النحت والتصوير.
- الغول على أحمد هو أول قطاف لكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية ، أى من خريجى دفعتها الأولى عام 1962 فى قسم النحت ، حمل معه من أقصى الجنوب - حيث ولد عام 1933 بإحدى قرى محافظة سوهاج وأكمل مراحل تعليمه الأولى - عالما من الخيال المشحون بالرؤى الأسطورية والثقافة الشعبية الغنية بالملاحم والبطولات والإيماءات السحرية والتهويمات الكونية ، على الحافة الفاصلة بين الواقع وماوراء الواقع ، تلك الأرض الخصبة دائما بالإبداع الفنى والشعرى والروائى ، ولنذكر أن المنطقة التى أتى منها متاخمة للمنطقة التى قَّدمت إلينا من قبل الشاعرين أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودى، والقاص يحي الطاهرة عبد الله ، والمصور فرغلى عبد الحفيظ ، وكثيرين غيرهم فى مجالات الأدب والفن من أبناء ذلك الجيل ، لكن` الغول` يكاد أن يكون هو النحات الوحيد الذى جاء من أعماق الجنوب آنذاك، وربما نرى أنه الوحيد حتى الآن بين النحاتين الجنوبين الذى ظل محتفظاً بذلك النفس الأسطورى ، نابعا من بئر اللاوعى الجمعى لأبناء بلده، واللاوعى الشخصى لذاته الفردية، تبعده عن ذلك معايشته عشرات السنين لمجتمع الإسكندرية ` الكوزوبوليتانى` منذ عام 1957 حتى اليوم، ولامعايشته للمجتمع الإيطالى فترة بعثته الدراسية إليها فى النصف الأول من السبعينيات حتى عاد للتدريس بكليته الأم بالإسكندرية عام 1977، فلم ينضب معين مياهه الجوفية طوال هذه العقود ، ولايزال - حتى وهو فى محنة مرضه ووحدته - يعطى من الرؤى والتجليات من مخزونه العميق.
- يطل علينا من المعرض ما يشبه الأيقونات التى طالما ترددت خلال مشواره الفنى ، منها أيقونة البطل الشعبى، ويضم معرضه من بينها عملا بالنحت البارز لفارس يرفع السيف لينقض على وحش مجنح أقرب إلى الثعبان، بحس بدائى يحاكى الفن القبطى، كما يضم من بينها أيقونة الصراع بين القوى الشريرة والقوى الخيرة أو حتى بين أبناء الجنس الواحد ، مثل هذين الديكين اللذين التحما فى قتال حتى تحولا إلى جسم واحد كثمرة الخرشوف وبرزت منهما زوائد شوكية بدلا من الريش ، فوق قدمين حيوانيتين وفى عمل آخر ( بالرسم بالحبر الأسود هذه المرة ) نرى صراعا بين طائرين جارحين، بعد أن صرع أحدهما طائرا ثالثا نراه ملقى على يسارهما ..ومن هذه الأيقونات : أيقونة العروسة السحرية الحارسة، ونرى منها عدة نماذج بالمعرض ، أحدها لرأس فتاة بعيون كالفجوات الغائرة وضفائر شعر مسننة الحواف لدمية طينية ، وقد عالجها الفنان بحس تكعيبى ذى سطوح حادة ، وأخرى نرى فيها العروسة الطينية تقف فوق رأس فتاة بضفيرتين نافرتين من الجنبين تبدوان مثل قرنين ، يتوازيان أفقيا مع ذراعى العروسة فوق رأس الفتاة ، وضمن تلك الأيقونات مايمثل الحيوان السحرى بغير ملامح تدل على نوعه ، ربما يكون دبا أو فيلا أو كائنا أسطوريا له ستة أرجل ، وهو يتسحب كنذير للخطر، ويبدو فى إحدى تجلياته الأسطورية بعنق طويل يلتوى فوق ظهره كرأس تنين أضف إلى ذلك أيقونة الجنس، التى تتبدى فى لوحة زيتية لا مرأة ريفية تضع يدها على ذكر البط أمام فخذيها العاريين ، وأيقونة الحرية، ويرمز لها فى لوحة مرسومة بطائر أسود يقتحم بمنقاره قرصا أحمر .. وإذا كان الفنان يبدو فى هذه اللوحة رمزيا مباشرا على حساب الفن، فإنه فى لوحة أخرى يبدو أكثر فنا وإبداعاً وأقل مباشرة فى تعبيره عن الخطر الزاحف الذى يبيت الشر خلف قناعه الآدمى وجسمه الحيوانى كجسم أسد أو نمر، وقد استبدل الدوائر والخطوط السوداء التى تكسو جلده بنجوم بيضاء فتبدو وكأنها وشم سحرى، بل تتناثر النجوم فى الفراغ المحيط بجسده ولبدته التى توحى خصلاتها النافرة الملتوية بألسنة الشمس الملتهبة حاملة معها نذر الموت !
- وفى محبسه الانفرادى يجتر ` الغول أحمد` ذكريات أسطورة البيت القديم الذى بناه جده فى الصحراء عند سفح الجبل الذى يشرف على قريته ` فزارة ` بسوهاج ، ويبدو أنه كان فى الماضى البعيد ملاذاً للأسرة من الغرق عندما يأتى فيضان النيل مثل جبل ابن نوح فى الطوفان، وشب وعى الطفل ثم الصبى عليه وقد أصبح أطلالا خربة تحمل ذكريات الأحداث والحكايات التى شهدها قديما، بعمارته الطينية المهدمة وبئره المهجور الذى تعوَّد أن يستحم فيه وبقايا آلاته الزراعية وأثاثه الريفى المتهالك ، ليكمل بخياله تلك الحكايات والأشكال فى رؤى فنية مدهشة ، وقد استدعاها فى عام 1997 عندما اختير لتمثيل مصر فى بينالى فينسيا الدولى ، من خلال عمل تجميعى مركب حمل معطيات روح أسطورية مضمخة بالسحر وبثقافة الجماعة الشعبية فى الجنوب ، مما جذب إليه أنظار النقاد الأوربييين الذين رأوه كبقايا عالم منقرض ربما منذ ملايين السنين، وكان حلم الفنان حينذاك أن يستكمل هذا العمل بأجزاء تالية يستدعى فيها ذكريات هذا البيت أو` الكوكب الأخضر` حسبما يطلق عليه ، لكن المرض أقعده عن تحقيق حلمه .
- وبكل أسف لم يُكتب لهذا العمل الفريد أن يرى النور فى مصر، كى نراه نحن أيضا .. حيث رحل عن الدنيا قبل أن يستكمل عمله ببقية عناصر كوكبه الأخضر.
بقلم : عز الدين نجيب
من كتاب ( الفن المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية )
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث