`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
أنور عبد المولى محمد

وقد تميزت اعماله بالخطوط الشمولية وتبسيط التفاصيل وطولا الى تجسيد المعنى الكلى لموضوع التمثالفى بساطة واقتدار . رغم دقة الملاحظة فى التقاط السمات المميزة واتصفت تماثيل عبد المولى واكثرها من الحجر الجيرى بالرقة وقوة المعانى وبالحركة الحيوية ، وبالجمع بين الهدوء الراسخ والبساطة والجلال ورغم استنادها الى الموروث القومى من التقاليد الفرعونية ، الا انها قد عكست بين موضوعاتها روح الحياة المعاصرة ، وكان باستطاعة الفنان انور عبد المولى ان يعبر من خلال الحجر وفى بلاغة ورقة عن المعانى الانسانية فى قوة ، وتشعر امام هذه الاعمال بالنيل والطمى وبمعانى الحب والانسانية وبوضوح الفكرة التشكيلية وبسحر طابعها الحسى وبجمال خطوطها وببلاغة التعبير وتفردة .
محسن عطية

النحات أنور عبد المولى( 1920 - 1966).. وتمثال الأمومة
- إن طاقة الإحياء الكبرى التى فجرها محمود مختار فى النحت المصرى فى عشرينات القرن الماضى، استمدت قوة التفجير والدفع من زخم ثورة 1919 ومن روح الفن المصرى القديم ومن مناخ النهضة الشاملة الذى أشاعه جيل الرواد فى الفن والأدب والفكر، قد انتهت فى أواخر الثلاثينات إلى حالة من الركود والخمول الإبداعى لدى فنانى الجيل الذى تلاه لغياب الدوافع التى فجرت موهبة مختار، بتلاشى قوة الدفع للثورة، وشحوب مشروع النهضة للجيل اللاحق بها ودخول المجتمع حالة من البلاده والجدل العقيم، إن على صعيد الحركة الوطنية والحراك السياسى أو على صعيد الحراك القيمى والمجتمعى ، هذا إضافة إلى التأثير الطاغى لموهبة مختار الاستثنائية التى طبعت بطابعها أغلب نحاتى الجيل الذى تلاه بدون إشراق مواهب مشعة من بينه ببريق يصمد أمام موهبة مختار ومن ثم يستطيع أن يتجاوزها .
- ومن ثم تركز اهتمامهم على أن تتميز أعمالهم بالحداثة الفنية النابعة من جذور مصرية عميقة ومن قضايا الواقع المصرى، وأن تتخذ هذه الأعمال السمت الصرحى للفن المصرى القديم ومن بعض تأثيرات نحت مختار، كل ذلك على عكس توجهات جماعة الفن والحرية، التى انطلقت روحها الثورية من التيارات الجديدة فى الفن الأوربى، وأقامت معارضها فى قاعات مغلقة بعيدة عن الجماهير فارتبطت أكثر بنخب المثقفين .
- وتمثال الأمومة لأنور عبد المولى تمثيل نموذجى لشخصيته الفنية شكلاً ومضموناً ، فهو يعكس حالة النهضة المصرية الجديدة بعد ثورة 1952 ، وروح الشموخ والسمو والكبرياء التى ولدتها الثورة فى الإنسان المصرى، والعطاء غير المحدود للوطن والانسانية الذى تجسده هنا فكرة الأمومة، بما تمثله من تضحية ونبل وتلاحم وتواصل للأجيال ، ومن مسئولية عن صنع الحاضر والمستقبل، وهو ماتراه فى احتضان كل من المرأتين المتلاحمتين لطفليهما، وأحد الطفلين يشب عن الطوق متشبثا بساق أمه رمزاً للحاضر، والآخر وليد على صدر أمه متشبثا بكتفها رمزا للمستقبل ، لكن الموضوع والفكرة - على سموهما - ليسا كل مايميز هذا التمثال وإنما نجد أن أكثر مايميزه هو صرحية الكتلة وانسيابيتها، وانطلاقها فى خطوط رأسية متجاورة نحو الفضاء الأعلى، وكذا الحركة الإيقاعية الناعمة والجياشة بعاطفة حميمية تعمق حالة التضام والاحتضان إلى حد التلاحم والتوحد بين الأمين والطفلين، بالرغم من أن المرأتين تقفان فى اتجاهين متعاكسين .. لكن اختلاف الاتجاهات أدى إلى ثراء الحركة البصرية والبناء الصرحى للتمثال فجعله أكثر ديناميكية وتحرراً وانطلاقاً نحو الفضاء، وهو ما أكدته الكتلة الرأسية التى تستند اليها المرأتان وتتلاحمان معها، فينتقل ثقل الكتلة المتضامة من أسفل إلى أعلى كعمود شامخ .
- وقد عالج عبد المولى موضوع الأمومة فى مجموعة من التماثيل تمثل مرحلة نضجه الفنى أوائل الستينيات، فترة حصوله على منحة التفرغ للفن فى أول عهد هذا النظام ، مع مجموعة متميزة من النحاتين والمصورين الذين شكلوا عصب النهضة المصرية الحديثة فى الفن، وأقاموا معارضهم فى عدد من الأماكن الأثرية التاريخية مثل بيت السنارى بالسيدة زينب وسراى المانسترلى بالروضة ، ويعود الفضل فى وضع هذا النظام ورعاية الفنانين إلى د. ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك، وكان يرأس إدارة التفرع المفكر الرائد حامد سعيد، الذى استقطب مجموعة كبيرة من المواهب الفنية المؤمنة بتأصيل فن مصرى جديد ينبع من جذورنا الحضارية الممتدة وكان عبد المولى من أهم تلك المواهب .
- وبالرغم من أن التمثال صنع فى البداية فى حجم يعلو عن نصف المتر بقليل فإن تكوينه ينم عن روح صرحية واضحة ، بما كان يرشحه ليكون تمثالاً ميدانياً، ولأن يكبر ويعرض فى مكان مفتوح ، وهو ماحدث فعلاً، حيث نفذ بالحجر الجيرى بارتفاع يصل إلى مترين ونصف المتر، ويتخذ مكانه الآن بإحدى ساحات أكاديمية الفنون بالهرم .
- لقد اختطف الموت هذا الفنان وعمره 46 عاماً وهو فى ذروة عطائه الفنى ، ولنا أن نتخيل ماكان يمكن أن يثرى به حياتنا الفنية لو امتد به العمر.
بقلم : عز الدين نجيب
من كتاب ( الفن المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية )
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث