`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
صبحى جرجس سعد
صبحى جرجس.. محاور الفراغ
-فاز فى القاهرة بجائزة الدولة التقديرية للفنون .. لوحاته فى شخوصها، لا تختلف من حيث الشكل والحركة والاختزال عما هي عليه في أعماله النحتية. اختزال يحاكي المضمون، وتجريد يظهر أسلوباً باحثاً عن سطوع الفكرة. وعلى رغم أنّ كنية `النحات` اقترنت باسمه منذ زمن بعيد، إلا أنّ لوحاته تنفرد بخصوصية تعبيرية تحاكي أعمال العديد من الفنانين العالميين وطرق تنفيذها. فكما هي مجسماته في حوارها مع الفراغ المحيط، غالباً ما نجد الحوار عينه متماهياً مع فلسفة اللون في لوحاته. وهذه الأخيرة طالما صوّرت قيماً إنسانية بتعبيرية لا تخلو من رغبة التساؤل. ليست جائزة الدولة التقديرية للفنون التي حصل عليها أخيراً في القاهرة، أولى الجوائز التي نالها الفنان المصري صبحي جرجس (1929). إذ إنّه حاز `ميدالية البينالي الدولي للرياضة البدنية في الفنون` في إسبانيا عام 1973، والجائزة الأولى (عن فئة النحت) لـ`بينالي الإسكندرية في الدورة 18` ثم جائزة لجنة التحكيم في `بينالي القاهرة الدولي الخامس` عام 1994.
- على رغم أنّ صبحي جرجس تخرّج من المدرسة الفنية الإيطالية، حيث حصل على دبلوم من أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا عام 1964، إلا أنّ المتابع لأعماله النحتية كثيراً ما يتلمس محاكاة لأعمال النحّات الإنكليزي هنري مور (1898 -1986). يبدو ذلك جلياً لدى معاينة تكوين الوجوه وحجم الرأس والاستطالة في أعماله. وعن هذا، قال جرجس في أحد حواراته الصحافية `أحببت أعمال المثّال هنري مور والإيطالي مارينو ماريني وغيرهما، إذ وجدت جديةً وقدراً كبيراً من الإنسانية في أعمالهما. وقد جذبتني خصوصاً أعمال مور مثل جميع فنّاني العالم وتأثرت مثلهم بهذا المثال العظيم`.
- في معرضه الأخير الذي أقيم العام المنصرم في متحف محمود خليل في القاهرة، فاجأ جرجس جمهوره بعرض أعماله النحتية إلى جانب أعمال تصويرية ضمت العديد من اللوحات، كأنّه يقدم للزائر خلاصة تجربته الفنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن. كانت لوحاته التي تضمّنت قصص الإنسان وأمنياته، تحاكي أعماله النحتية... إلى درجة تصور الزائر أنّها تتقارب مع روح تلك الأعمال، تماماً كما تتقارب روح الإنسان مع صورته. وعن ذلك المعرض قال الفنان أحمد فؤاد سليم المشرف العام على متحف الفن المصري الحديث `نحسّ بالإهانة حين يسخر أحد العابرين من صورة المدينة لمحمود سعيد مثلاً، أو من منحوتة عروس النيل الرائعة لمختار، إذْ إن تلك السخرية تُهيننا كأننا نملك رأياً لم نعبر عنه، أو كما لو أن أعمال أولئك الفنانين تُعلمنا شيئاً عن معنى وجودنا حين تُخْدش. وهذا ما يخلّفه فينا صبحي جرجس لدى معاينة تماثيله المعروضة. إذْ ينطوي عمله على `جماعية` تشهد عليه، أي إنّ كل واحد منا يملك خصوصية وشراكة مع منحوتات صبحي جرجس كلما التقاها`.
- حصل صبحي جرجس على جائزة الدولة التقديرية للفنون هذا العام، بعد ترشيحه ضمن قائمة ضمت 13 فناناً تشكيلياً، من بينهم الفنان أحمد نوار وأحمد عبد الوهاب وسامي رافع الذي كان مرشحاً قوياً للجائزة، ومريم عبد العليم ومحمد طه حسين وغيرهم. والجوائز لها قيمتها الخاصة في عالمنا رغم معارضة بعضهم لهذا الرأي، معتبرين أنّه ينبغي للدولة ألا تجعل المبدع يلهث وراء الجوائز وقيمتها المادية، لتحسين أوضاعه وسد ثغرات حياتية تعرقل مسيرته الإبداعية... إلا أنّ حصول جرجس على جائزة الدولة وهو على مشارف الثمانين، وبعد رحلة وخبرة فنية طويلة، يعد مكسباً ودعماً معنوياً مهماً، بعيداً عن قيمتها المادية. فكم كان جميلاً لو تسلّم الفنان سعد أردش الذي رحل عن عالمنا أخيراً، وكذلك الراحل رجاء النقاش، شخصياً جائزتهما التي حصلا عليها في المناسبة نفسها التي حصل ضمنها الفنان صبحي جرجس على جائزته؟ فمنذ زمن بعيد وبلداننا لا تنتبه لمبدعيها إلا بعد موتهم.
حسين السكاف

( رحل صبحى جرجس فنان ( النحت الفقير
- رحل الفنان الكبير المثال صبحى جرجس 1929 - 2013عن 84 عاما وقد حقق لنفسه مكانة إنفرادية لحالة فنية لها خصوصيتها فى تاريخ حركة النحت المصرى لما يقرب من الستين عاما وليحصل عام 2008 على جائزة الدولة التقديرية التى تأخرت عنه كثيرا لتصله وعمره تسع وسبعين عاما وعمر فنه يزيد على الخمسين عاما بين الجدية والمعاناة والإبداع فذهبت إليه الجائزة ولم يذهب إليها .
- سبق وقال فنان مصر الكبير قبل رحيله أنا عاشق للمجسمات التى أقوم بعملها وشديد النرجسية معها تجربتى وإن كانت قاسية إلا أن لها ذات معنى خاص إنها تشعرنى بالإنفرادية وكانت تجربة الأساتذة الكبار الذين سبقونى دائما نصب عينى وكان على وقت رأيت آلاف المجسمات المشخصة لفنانين عظماء قديما وحديثا أن أمارس تجربتى الخاصة وتساءلت لماذا لا أضيف شيئا فى التشخيصية وأعمل فيما لم يفعله التشخصيون ؟
- ونرى صبحى جرجس على مدى سنوات طويلة من حياته الفنية مخلصا وكرسا نفسه للإنسان دون إفراط فى التشخيص وتعبيرية الفكرة التى نلمحها بقوة فى بعض أعماله .
- وإنسان أعماله الرمزية المشكلة بخامات على هيئة مسطحة أو مستديره نراه أحيانا مكبلا فهناك ما يعوق أن يمتد ذراعه على طولها أو أن يتحرك فى أى إتجاه أو حول نفسه فالحركة دائما فى اتجاه واحد متلاصقة فى غالبها أو متجاورة والأذرع لا تنال مطلبها من محيطها والرأس وجزء من الجذع موصولان باسطوانة والتى لولا اتجاه الوجه لما بدا من أى اتجاه الوجه أو الظهر وهذه السيقان القصيرة المتلاصقة المتقاربة والأذرع القصيرة الراغبة فى الإبتعاد عن الجسد بل والإنفصال عنه نراها فى الحقيقة هى شخوص مكبلة الحركة أو موحية بحركة مزيفة تزيد من درامية تواجد شخوص تحمل قانونها الخاص ذلك القانون الذى يكبل حركة شخوص طفولية الوجوه ليبدو شخوصا حزينا بوجوه بريئة يغلفها حزن غامض ويغلفها إحساس بعبور الزمن خلالها وهم على هذا الوضع الوجودى الذى فى بعض الأعمال نراها صغيرة الحجم لكن طاقة وجودها وحضورها الإنسانى بدراميته العالية يوحى بأنها أشكال أكبر كثيرا من حجمها خاصة مع إجادة الفنان لتقديم تفاصيل دقيقة لقيم جمالية يحملها التمثال كما أن الفطرة فى التصميم التى حافظ عليها الفنان فى أعماله على مدى حياته تعكس قدر ما للفطرة الحقيقية من هيمنة وسيطرة على الفعل الإنسانى الحق فهذا الفنان خريج الفنون والرئيس السابق لقسم النحت بفنون القاهرة تدهشنى قدرته وهو الفنان الأكاديمى فى الحفاظ على طفولته التعبيرية وفطرية تناول شخوصه بهذا القدر من الصدق الإنسانى فى التعبير عما يعكس صدمة شخوصه ولحظة تلاقيهم والتفاعل مع المحيط فعجزت الأيدى وتجمدت الأقدام وسكن اتجاه الرؤية وكأنهم صدموا لحظة مواجهتهم والحياة فكبلوا وقيدت حركتهم داخل محيط من الهواء ينفذ إلى ما بين أجزائهم ليخفف من وطأة الحياة وبما يتوقع من صدور رنين لهذا التواجد التلقائى الفريد بين المعدن والمحيط رغم ما يغلفها من صمت خارجى يبدو صدى معاكسا لما فى داخلها وما فى خارجها الكونى .
- إن أعمال الفنان الراحل الكبير رغم تشوهات تركيباتها لأجزاء الجسد الإنسانى هى ممثلة لورطة الجسد فى عصر مشوه مادته الثقيلة الجافة وأيضا لإفتقاد الروحانية أمام هذه المادة إلا أن كفاح الفنان يبدو فى قدر حفاظه على فطرته وبراءته فى ظل هذا الثقل والجفاف المادى والروحانى.
- أمام كثير من أعمال الفنان صبحى جرجس استشعر بالمعدن البارد يسود على التواجد الإنسانى ذاته وهذا عكس أعمال `البرتو جياكوميت` البرنزية الذى أمامه يبدو بإنسانية طاغية رغم الإحساس بالوحدة وربما الغربة لكن الإحساس هنا عند الفنان صبحى جرجس مرتبط بالمحيط السيئ القاهر لحركة شخوصه بعجز الحركة أو تكتيفها وليس بالوجود ذاته المنطلق نحو المجهول كما عند جياكوميتى وما بين ميل صبحى لتسطيح أسطح معادنه أو ترقيق ثقلها إلى البناء التجسيمى الذى نراه على مدى سنوات طويلة من إنتاجه الفنى .
-لقد قام الفنان الراحل طوال حياته تعويذته المعدنية الصامة نحاسا وحديدا وبرنزا مطلقة على مدى سنواتها رنينا معدنيا خشبيا غير مسموع لكن محسوس الطاقة مدرك الرؤية بكل ثراء مادتها الثقيلة الخشنة الهجين بين طبيعة المادة ويد الفنان ومناورة الخامة العنيدة الغلق الفقير الملمس والفقيرة المصدر والمعبرة عن عالم الفقراء .
- عالم الفقراء بين حديد ونار الحياة ومنحوتاته أيضا تتشكل بين قلق الفنان والحديد والنار وحديد ونار حضور الإنسان فى أعمال صبحى جرجس بين التشخيص والرمز والتجريد والمجاز وبين التصريح بلون خامة النحاس والأكسدة التى توحى بالقدم والمعاناة ودرامية أن تتحول الخامة الصلبة الثقيلة إلى مظهر تعلوه هشاشة طحلبية اللون لتزداد الأعمال مزيدا من حميمة التواجد والحياة ومعطياتها عبر مرور الزمن .
- رحل الفنان الكبير تاركا رصيدا كبيرا كما وقيمة من أعمال التصوير والنحت وقد بدأ الفنان حياته الفنية حتى من قبل تخرجه من كلية الفنون الجميلة قسم النحت وحصل عام 1964 على دبلوم أكاديمية الفنون الجميلة بفلورنسا الإيطالية وعمل كأستاذ متفرغ بكلية الفنون بالقاهرة وكان رئيسا لقسم النحت .
- وأقام الفنان ما يقل عن عشرة معارض خاصة وحوالى اثنين وعشرين معرضا جماعيا وقد أقام أول معرض خاص عام 1971 فى قاعة إخناتون بقصر النيل وأقام آخر معارضه فى قاعة أفق عام 2007 فى النحت والتصوير وأصدر قطاعا الفنون كتابا مهما وضخما مصاحبا للمعرض ضم كلمات لوزير الثقافة السابق فاروق حسنى ولرئيس قطاع الفنون السابق محسن شعلان ولرئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض السابق صلاح المليجى ولمدير قاعة أفق إيهاب اللبان ضم الكتاب دراسة وبحثا نقديا مهما للغاية للناقد الفنان الراحل الكبير أحمد فؤاد سليم مكون من تسع زوايا نقدية فى شروحات الإبداع عند صبحى جرجس والذى يعد أهم ما كتب عن النحات الكبير .
- رحم الله فقيد الحركة التشكيلية المصرية والعربية الكبير .
فاطمة على
القاهرة - 5/ 2/ 2013
صبحى جرجس قبضة الوهج وموسيقى المفارقة
- صبحى جرجس ذلك المقاتل المتفرد الباحث عن النغم الفريد، ذلك النحات العنيد المفارق للتقاليد،المجدد، الممتلك لناصية التشكيل النحتى البليغ، ذلك النحات الذى اتخذ من النيران أداة لصهر فيوضاته التعبيرية ومن المعدن نهراً يغترف منه كل يوم ويبث موسيقاه فى الكون، إن النحت يجسد.. والجسد يطلب حياة ويفتقر الكثير من الأعمال النحتية إلى الصفة الجوهرية المميزة للحياة ألا وهى الحركة، و لقد بلغ الفنان صبحى جرجس مبلغاً شاهقاً فى قهر تلك الصفة التى يتسم بها العمل النحتى وفجر فى كل قطعة يبدعها مجرى جديداً للحركة والايقاع التشكيلى ومفارقه مدهشة لمفهوم الثبات، فهو يقوم باستخلاص وجود فذ جديد من مشهد الحياة المتغير الموار، إنه يضيئها ويطلقها حقائق كونية خالدة متجاوزة حدود الزمان والمكان إن النحات صبحى جرجس هنا يربط بين الماضى والمستقبل من خلال هذا الحضور الدائم للعمل الفنى .
- وقد حرصت الدولة والدوائر الثقافية على تكريم الفنان ورصد تجربته الإبداعية وكان نيله لجائزة الدولة التقديرية فى الفنون أحد صور هذا التكريم، كما صدرت عن قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة مطبوعة مصاحبة لمعرضه الأخير الذى أقيم بقاعة العرض بمتحف محمد محمود خليل، كما تناول أعماله بالدراسة والتحليل والتوثيق العديد من الباحثين بكليتى الفنون الجميلة والتربية الفنية بجامعة حلوان وقام الفنان إسحق عزمى بجمع وعرض وتوثيق الكثير من أعمال الفنان بمتحف الشونة بالإسكندرية.
- وفى إبداعاته النحتية ذات الصبغة الطفولية الفطرية الخشنة يتحرى كشف المفارقة ويصنع الصراع التشكيلى باقتحامه للجسد البشرى تشريحاً وبناءً وتحديه للفراغ وتفكيكه المدهش للصياغة الهندسية والاتجاهات الموضعية للجسد المشكل من حديد قاس، فتلك الروح البريئة تتغنى بأوليات التشكيل من مربع ومستطيل ودائرة، بطلاقة فذة طاهرة كطفل ماهر يلعب لعبة الأشكال الهندسية ويتحدث عن الوجود الانسانى على الأرض ويفلسف عناصر الدراما والحوار بالحديد والبرونز والفضة قابضاً على النار وقسوة المجابهة ونرى ذلك فى عمله المسميا اللقاء.
- ويبث صبحى جرجس صوراً غنية متنوعة ومخلوقات قدت من معدن قاس لخبرته الجمالية وبوح روحه بما اعتملت به من معارف وآلام وشجون،فخصوصية النحت المعدنى لدى صبحى جرجس تفيض من تلك الخصائص الفيزيقية والإدراكية المميزة للمعادن التى يختارها وينتقيها ليعزف فى الزمان ويغرس فى المكان فكرته الصاخبة بالجدة والطرافة و يقاوم جرجس ذلك القدر النحتى المهدد دوماً بالثبات والاستقرار بعناد وحنكه ورهافة ذكية،فعلى الرغم من أن فن النحت وكذلك التصوير وكل فن يتمثل هو فن قائم على امتصاص ومضة تكمن فى المشهد الحياتى المتغير والتى تبدو ساكنة ثابتة لا تتغير وتحميل تلك الومضة بدلالات وتعبيرات وإضاءات للعقل والوجدان تتجاوز بها ثباتها المكانى الأرضى وتعبر إلى حيث تيار من البث والتلقى والبوح والمتعة والتفجر والتواصل عبر تلك الكتلة- البؤرة التى انتخبها لنا صبحى جرجس كى نرى العالم من خلالها .
- إن العمل النحتى لدى صبحى جرجس يتجاوز حدود التمثال/الجسد ويبلغ أفاقاً شاهقة من الانفلات من قبضة المعنى الأحادى ويحلق بالرمز العميق الكامن فى أفق الإبداع الخاص به عن طريق خلق تيمات دالة فياضة تتوازى مع الشكل الطبيعى أو تقابله أو تعبر خلاله برشاقة مذهلة، أو يستخدم أليات من الانقباض والانبساط أثناء التشكيل بمصاحبة الخامة القاسية التى تلين بين ضفتى موهبته ودربته، وتخشع بين المقاومة واللدونة والصعود والهبوط وكون كامل مدهش من السيطرة على الإمكانات التشكيلية والدلالية للايماءات الكتلية لكائناته الرائعة تلك الكائنات القابعة فيما بين الحياة والموت، فيما بين البوح الصادح والصمت، فيما بين الرقصة والثبات، تلك القدرة الصافية على تشكيل الوجود وإدراك كوامن الجمال والانطلاق بقوة خارج إطار المحاكاه وعلى بوابات الدهشة والتوتر والمفارقة.
- إن المفارقة لدى النحات العظيم صبحى جرجس تعبير متقن بالغ الكثافة والنقاء، يرتكز أساساً على تحقيق العلاقة الذهنية بين العناصر الهندسية المجسمة كالاسطوانة والمكعب، وتصدر أساسا عن ذهن متوقد، ووعى شديد للذات بما حولها، وبالبنية الحقيقية للشكل وما قد تنطوى عليه من إمكانات لا حدود لها.
- إن المفارقة التى يكرسها النحت لدى صبحى جرجس عازفاً على أوتار الجسد البشرى والحيوانى فى مرحلة من مسيرته الإبداعية تقع فى ما بين عامى 1972، 1977من القرن الماضى والخامة المعدنية والتقنية المعقدة ترتبط بكثير من أشكال التعبير الفنى، فهى تعد خليطاً من فن الهجاء وفن السخرية وفن الجروتسك `الغريب المهوش المضحك ` وفن العبث والفن الضاحك والنقد الاجتماعى والسياسى وتتخذ الشجن مساراً للعزف الجميل، و كأن نشأته فى رحاب والده عازف الناى الشهير الفنان جرجس سعد، قد سقته الموسيقى وتشرب بها كيانه كله منذ زمان بعيد وشكلت أعماق الوعى لديه فتحت سبل البحث وآفاق التحليق.وكان لأثر البيئة فى حى القللى وأحياء القاهرة العتيقة ودراسته بكلية الفنون الجميلة أثر واضح فى لغته التشكيلية ودراسته للاتجاهات التعبيرية والتجريدية والسيريالية والتكعيبية والبنائية علامات بارزة فى تكوين أسلوبه الفريد، ومن المهم هنا أن نشير إلى تنوع الخامات المعدنية التى استخدمها صبحى جرجس وفجر طاقاتها التعبيرية وأنطقها بمكنونات ذاته الشاعره، فقد استخدم الحديد والنحاس والفضة والقصدير والسبائك المعدنية بحذق وفراده، ونرى ذلك فى عمله المسمى `الزمن` وهو من البرونز المسبوك، ويتألق الخط عن صبحى جرجس فى العديد من الأعمال حيث تتشكل الاسطوانات والقبضبان الحديدية على تنوع أقطارها وأطوالها.
-فنحن نرصد لدى النحات صبحى جرجس مستويين للمعنى الجمالى التشكيلى بل عدة مستويات، أساسها إدراك الحقائق والتناقض بينها، وتكوين سطح خارجى كثيف الدلالات عن طريق الخلخلة فى النسب الشكلية والكسر البالغ الروعة للملمس العادى وابتكار منظور بديع فريد لتفجير مناطق ثرية للصراع والنبض والحيوية التى نجدها فى أعماله حيث يصل الاختزال لديه إلى حد البتر والحذف ويصل التناقض الحاد بين رهافة المعنى وخشونة وتعقد المبنى وصعوبة تشكيله فالأنوثة والأمومه والطفولة الغضة يصورها الحديد والنحاس والبرونز فى تكوينات تتدفق بمشقة بالغة وبتقنيات بالغة التعقيد مثل التسكين النحتى باللحام حيث تتصل قطعتا المعدن باستخدام الحرارة ليصل الفنان لمبتغاه التعبيرى وقد كان لصبحى جرجس أسلوبه الخاص المتفرد فى لحام النحاس كما نرى فى عمله الذى يمثل جسداً آدمياً يجلس على مقعد وأسلوب الطرق والتى تتم بالحرارة ويكون الطرق حراً أو محكوماً بقالب ثابت للحصول على تجسيمات ونتوءات وانحناءات متنوعة ويعتبر صبحى جرجس من أهم النحاتين المعاصرين الذين استخدموا ببراعة تقنية الطرق كما نجد فى أعماله أيضاً تقنية السحب حيث تسحب القضبان المعدنية اللينة من أثر الحرارة من فتحات تكون أقل من مساحة مقطع القضيب المعدنى الخاضع لعملية السحب والتشكيل، تلك التقنية الغنية بكل إمكانات النحت الخطية الثرية فالقضيب المعدنى المسحوب هو الخط التشكيلى المطلق بكل تجلياته، كما استخدم صبحى جرجس العظيم تقنية والتركيب وللألواح المعدنية السبك ونرى ذلك فى عمله الذى أنجزه فى الفترة بين عامى 1985، 1990 والمسمى سوبرانو حيث نرى التحليل لجسد المطربة والتركيز النشط على العلامات الأيقونية المميزة للسوبرانو والتى تعمل على ضفاف الجسد الأنثوى فتجرده وتبسطه وتكثفه وتفجر نقاط التعبير فيه بأقصى طاقاتها وأبدع تناسباتها الإيقاعية والتشكيلية حين يستطيل العنق ويمتد وكأنه يومض ببرق الغناء الأوبرا إلى الحاد ذى الطبقة العالية وكأن المعدن الجامد يصدر صوتاً سوبرانو يجرف الكتلة فى طريقه فيطير الثوب ويتحرك إلى اليمين وينحرف الشكل فى قوة واندفاع إلى الأمام وإلى أعلى أيضاً فى نفس الوقت، وكأن المغنية السوبرانو تشدو ويستطيل شدوها ويمتد وهى ترسل طبقات صوتها الشاهق بعيداً ولذا تستطيل الساقان وتبدو كمن تقف على أطراف أصابعها.. والنتاج الإبداعى لدى صبحى جرجس كما فى عمله المسمى أمومة هو الصورة المحورية الرمزية للعملية الحركية المتناوبة، التى يظل عليها الأداء النحتى لديه والتى تشمل فى أحد أطوارها تفكيكاً، يهدف إلى إعادة التنسيق على مستوى أعلى، وذلك من خلال الاستمرار فى تمثل المعلومات الموروثة والمكتسبة من الطبيعة البشرية الجسدية والتجريد الهندسى تمثلاً تدريجياً متصاعداً ويستخدم صبحى جرجس هذه المعطيات بطرق عدة،على المستويين الابتكارى والتقنى فهو يحاول دائماً أن يعيد التنظيم، ويحكم التناغم، ويعزز الاستقبال مما حوله من معطيات الكون على إطلاقها فى حالة بديعة من الوعى الفائق النشط ونرى ذلك فى عمله المسمى الإنسان السلبى.الشكل يسرى فى مجالين بصريين نشطين هما الهندسى المستطيل والاسطوانى والبشرى العضوى فهو يشكل المعدن بأداة وامضة متحركة دائبة النشاط، عالية النبرة تتحاور فى حساسية دقيقة مع حدة الموجود الهندسى المجرد وحيوية وجدة التشكيل لدى صبحى جرجس، فالتناغم والتاكل الذى يصنعه على حواف المجسم الهندسى يطلق التعبير التشكيلى والفلسفى بقوة، وتلك الكتلة المرتدة إلى الخلف فى نكوص وقراءة مذهلة للغة السلبية والتنحى لدى الجسد البشرى واستخدام الحجم والإيماءة العبقرية بحركة الرأس وإشارة اليد التى تصد وتبتعد عن محور الفعل وبؤرة الوجود..ففى منحوتات صبحى جرجس يتم التحريك للكتل والمسطحات والقلقة، وتناثر المعلومات والكيانات المكونة للمعين البصرى الشكلى والملمسى وينفتح مدى رحيب من القدرة على التناثر والتكثيف والتحريف والانفلات البديع من علائق الضرورات ورتابة المنطق المعتاد حتى يؤلف موسيقاه النحتية الحديدية الشجية وهكذا يلتقى النحت لدى صبحى جرجس بفن الموسيقى من حيث أنهما إبداع وصياغة فى الإيقاع المنظم، والومضة المكثفة والحركة الدائبة، فالجسد النحتى عنده كما قال يونج عن الحلم والإبداع أنهما كبديل كشفى وثورى لواقع داخلى وخارجى، يتحدى باستقراره وجموده كل وجود.
د. هبة الهوارى
نهضة مصر - 9/ 11/ 2012
هــو أكبـر من أســطي في النحت
عندما أعدت رؤية أعمال للفنان المصري الكبير صبحي جرجس في قاعة آرت توك بالقاهرة استعدادا لمعرضه‏,‏ طفت علي ذهني أسئلة من البدايات‏:‏ ما النحت ؟ ما التصوير؟ ربما لتطرح علي سؤالا عن فنان أعرفه‏:‏ من هو صبحي جرجس ؟

تعريف فن ما لا يأتي من فراغ مجرد, تعريف الفن بالذات يأتي من ممارسته وذاكرة تاريخه. لذا تظل مثل هذه الأسئلة بالفعل مطروحة دائما أبدا في تكرار متجدد تجدد الإبداع ذاته. ذلك أن المعني يكمن في التجربة, كما يدخل الجوهر في الشكل في العمل الفني. لذا لا يعرف الإبداع إلا من يكابده تماما كالشوق.

مع فنان مبدع مثل صبحي جرجس, عاش بما يكفي ليعرف أسئلة الرؤية البصرية للحياة وما وراءها, فإن إبداعه المتنوع علي مسار حياته يعيد علينا طرح الأسئلة الكبري لنستخلص إجاباتها من إبداعه ذاته.
أجابت أعمال صبحي جرجس عما هو النحت, وعما هو التصوير كما مارسهما. هو نحات في الأساس, ظل طوال حياته المبدعة مخلصا لفن النحت, لكنه مارس التصوير في ربع القرن الأخير من حياته بجانب النحت. هو في الحالتين فنان تعبيري من طراز رفيع. تعبيري متخصص في الإنسان علي وجه التحديد. فكل منحوتاته ولوحاته تقوم علي شكل بشري. لكن التعبير عن هذا الشكل يتفاوت بين التمثال وبين اللوحة. تكوين الإنسان في التمثال تكوين سريالي عادة, سواء في إعادة تشكيله في ذاته, أو إعادة تقديمه لنا. في إعادة التقديم يصبح الإنسان جزءا من كرسي, أو معلقا علي جدار سجنه, أو هاويا فيه, أو رقيقة مقطعة الجوانب أو غير ذلك. يعيد تركيب أعضاء الإنسان كما يتطلبه القانون الخاص بالعمل الفني. يبدو ذلك أيضا في بعض من لوحاته. فلكل عمل فني قانونه الخاص, مثلما لكل فن قانونه العام. ففي كل منحوتة تشكيل مختلف.
الإنسان عند صبحي جرجس سواء في منحوتاته أو لوحاته هو رمز. لذا هناك تلخيص في منحوتات صبحي وكذا في تصويره. يخلص الجسد من التفاصيل, ويلخصه ليؤكد ما يرمي إليه أو يرمز. وكم أحببت لوحته المسماة المفكر, إذ فيها سمات بارزة في كثير من فن صبحي جرجس: التعبيرية السريالية ملخصة. ووددت لو نحتها تمثالا, كان سيعارض بها بشكل فذ مختلف التمثال المشهور للنحات الفرنسي الأشهر أوجست رودان والمسمي بالاسم ذاته المفكر. التلخيص رمز علي مستوي الشفرة, شفرة الإنسان, أو رمز اختفي وراء قناع. وجوه صبحي جرجس كلها أقنعة. أو أنها أقنعة تلخص الوجوه. بلغ قمة جمال التشكيل التعبيري عن قناع الإنسان في منحوتته من الحجر التي أبدعها في سمبوزيوم أسوان للنحت عندما شارك فيه. إنها قناع علي حدة, من الصعب التعبير عن جمالها بلغة الكتابة. فهي جدار من وجه أو وجه من جدار أخذ حساسية الخامة فحولته إلي واد لوجه. محكم التقسيم والتوازن. توازن محكوم بدقة بين عناصر الوجه: العينان في الأعلي والشفتان المضمومتان الغاضبتان في الأسفل وبينهما أنف طويل. هذا عمل جميل بلا شك. في منحوتة أخري نجد قناعا طويلا يقوم علي ساقين قصيرتين, فما الإنسان إلا قناع.
عند صبحي جرجس يقف عالم الطفولة منتصرا علي تحديات الكبار في عالمهم الشقي. لا فرق في ذلك بين نحت وتصوير سوي الخامة ومتطلبات استعمالها, وردود أفعالها. لكنها ليست طفولة ساذجة. إنها طفولة واعية, مدركة, وأحيانا لا تخلو من الخبث. أو أن صبحي يتخابث علينا متوسلا بعالم الأطفال ومفرداته للتعبير عن موضوعات كبري, مثل موضوع الزمن. يتسق تلوينه في لوحاته مع هذا العالم في اختياراته للألوان الصريحة والقوية. في كل الأحوال تنطلق منها حرية الخيال, فتعيد تشكيل العالم: عالم الكبار. إنها تبدع للكبار عالمهم. هنا يختفي الفخ الذي ينصبه الطفل داخل إبداع الفنان لمن يعتقدون في أنفسهم أنهم كبار. عودوا إلي رشدكم أيها الغاوون. نحن نمتلك إعادة تشكيل العالم كما نهوي, أو كما ينبغي له أن يكون. ذلك أن عالمكم بائس محدود ومحدد. لذا فلكم فقر الروح, ولنا ثراء القلب بلا نهاية.
إنه التنوع الثري الذي مارسه صبحي جرجس منطلقا من خزانه العاطفي البصري معجونا بخبرته التقنية العريضة. هذا دفعه إلي ألا يكتفي بممارسة النحت وحده. هو النحات الأصيل. أحيانا يبدو تجسيد النحت غير كاف ليتلبس الروح. يمكن أن يبدو أحيانا شاهدا عليها وليس هي. إذ يحمل المعدن وطأة طبيعته. فيظل حابسا للروح داخله. أما قماشة اللوحة التي هي من كائن حي في النهاية تبدو حنونة علي من يفترشها من كائنات صبحي جرجس المدهشة. هي مهد لها. تأخذ عليها كل ما تحب من أوضاع: تقف, تظهر, تلعب, تنام, ترقص أو تتناجي. تمارس عليها كل ما يطفر منها من مشاعر: تضحك تبكي تندهش, وكذا توحي لك, كمشاهد لها, بأفكار, أو تغريك بأحلام. فكيف تفعل كائنات صبحي جرجس كل ذلك ؟ إنها الألوان بجسدها وضوئها ودرجاتها ودرجات درجاتها ز ز. ز ز زس هو أكبر من أسطي, في النحت, يبدو محترفا في التصوير, يتبع قواعد الرسم ويحافظ عليها من اتزان وعلاقات محبوكة بين المساحات وبين الكتل وبعضها. أحيانا, في بعض من لوحاته, يقترب من عالم وتشكيل حامد ندا, وأحيانا يذكرك بفكرة اخترعها بيكاسوس. هذا أمر نادر الحدوث. ليس النادر أن يجمع فنان بين النحت والتصوير. كثير من الفنانين فعل ذلك مثل النحات الكبير آدم حنين, لكنه لم يكن كبيرا بالقدر نفسه في التصوير أو الرسم الملون. أنا أعلم بملابسات لجوء آدم للتصوير واختياره لخامة البردي ليرسم عليها تجريده. هناك آخرون من كبار الفنانين جربوا خامات وأشكالا مختلفة في الإبداع أشهرهم بابلو بيكاسو الذي لم يوفر خامة أو شكلا. لكنه يظل في الحساب الأخير أكبر مصور عرفه القرن العشرين في العالم. وليس أكبر في غير التصوير.
لا أقول إن صبحي جرجس علي ذات القدر القيمي في نحته كتصويره. المؤكد أن النحات أكبر. لكن المؤكد أيضا أن تصويره رائع, ممتع ولطيف. هذه ليست صفات مجانية. ولا هي علي سبيل المجاملة. فأين لكل من يمارس التصوير أو الرسم أن تمتلك أعماله هذه الصفات, وأين له أن يصل إلي هذه المدارج ؟
تعبيرية صبحي جرجس في تصويره شجية أيا كان موضوعها: من الطفولة أو من الحياة الشعبية أو العلاقات الإنسانية مثل الأمومة أو الحب. يصوغها الفنان كلها باقتدار علي سطح اللوحة. يبدو هذا الاقتدار في عناصر الاتزان الداخلي والتلوين( درجة وخامة وملمسا وضوءا) المؤكد للموضوع والنسب. أضافت ممارسة التصوير بجانب النحت إلي صبحي المبدع ثراء علي ثراء. أتصور أنه أرضي كل زاوية في خزانه الشعوري الذي لم ينضب حتي مات. إنه فنان فحل الإبداع. علي الرغم من أن شكله لم يكن يوحي بذلك. أتذكره مثل النحات السويسري ز ز. توحد جياكوميتي مع إنسانه. لكن صبحي, طويل القامة, تعارض مع زس خلق لهم قامات جديدة لخص بها قامات بعض البشر ليضعهم في تكوينات جديدة فلسفية.
هنا يتشارك صبحي جرجس مع جياكوميتي ز. يبدو لي. فلسفة الاغتراب. خلق كل منهما إنسانه غريبا. يعبر عما في الحياة من غرابة عن طريق شكل الإنسان ووضعه. طويلا نحيفا جدا عند جياكوميتي لكنه يحمل رأسه طبيعية عمودية علي رقبته الطويلة أيضا. قصيرا عريضا أو منبعجا عند صبحي جرجس, ولا يحمل رأسه في وضعها الطبيعي عمودية علي رقبته, وإنما أفقية أو منحرفة وبلا رقبة. أحيانا تبدو رأس الإنسان في منحوتة صبحي عبئا كبيرا علي جسده بالمبالغة في حجم الرأس في هذا الوضع الأفقي. وصبحي مثل جياكوميتي في خلفيتهما السريالية, وقد كانت السريالية عند جياكوميتي المرحلة الأكثر زخما في حياته الفنية. بينما هي عند صبحي أكثر رمزية في طابعها الشكلي. المهم أن كليهما أبدع شكل إنسانه. أبدعا شكلين مختلفين لإنسان واحد داخله الهم ذاته. وبينما تنضح مصرية صبحي علي كثير من لوحاته, تبدو منحوتاته عالمية. الفكر هنا غالب علي المفردات, والتعبير الفني القدير أقوي من التفاصيل. هل أدرك صبحي هذا فكتب مثلا عبارات عربية علي بطن واحد من ناسه, وعلي رأس واحد آخر ليوضح أن النحات عربي؟
علي كل حال, هكذا فلسف كل فنان حياة إنسانه وواقعه من فلسفة واحدة. نعم لا يخلو فن من فلسفة. علي الرغم من أن موضوع الفلسفة محير, إلا أن تعبير كل منهما جياكوميتي وصبحي جرجس الفلسفي لا يحيرك. فالتعبير واضح وضوح المبادئ الأولي للفلسفة التي يحملها الإنسان, أي إنسان, ويعبر عنها لكنه لا يدركها لأسباب شتي معروفة.
كذا, علي الرغم مما أعلنه صبحي جرجس من حبه للنحاتين الإنجليزي هنري مور والإيطالي مارينو مارينيس. مع عمل لأي منهما أنه يشبهه. مثل تقاطع الوضع الشهير ز ز ز ز ز ز ز ز ز ز. وضعيات وموضوعات تكررت عند كثير من الفنانين, ولا يعني ذلك أنهم متشابهون. الفارق الواضح بين صبحي جرجس وغيره من الفنانين الكبار في العالم أنه يعبر عن مصريته, عن طفولته المصرية, وعن شخصيات الحكايات الشعبية المصرية( لاحظ مثلا لوحة مزخرفة سماها النسيج, وتمثال سماه مصير إنسان), والحكايات اليومية الواقعية المصرية( استنتجها من لوحات وتماثيل عدة), بل هناك تأثير فرعوني وآخر قبطي في بعض من لوحاته( حاول أن تكتشفهما). مثلما عبر الفنانون الغربيون الكبار الذين ذكرت أسماءهم هنا عن مجتمعاتهم الغربية, هو عبر عن مصريته, وهم عبروا عن غربيتهم. التعبير مختلف ولكن اللغة واحدة: لغة الإبداع بالتشكيل.
من الصعب الإحاطة بكل أعمال صبحي جرجس علي مدي حياته المبدعة. لكنني أحتفظ داخلي بتقدير خاص وذكري حانية لمنحوتاته الخشبية التي رأيتها منذ سنوات بعيدة, لا يذكرها أحد الآن. شخصيا أحب خامة الخشب, بل هي عندي أجمل وأفضل الخامات. ليس فقط لأنها من الطبيعة, فكل الخامات المعدنية من الطبيعة أيضا. ولكن لأن الخشب من كائنات حية لا تموت. أتصور انه لو مات الخشب بعد اقتلاعه من أرضه لكف عن أن يصبح خشبا أصلا. وتشكيلات صبحي جرجس الخشبية النحتية زادت حياة الخشب ومنحتها عمرا أطول بما لا يعرف طوله. وأرجو أن يقام معرض خاص لاستعادة إبداع صبحي جرجس من خامة الخشب.
بقلم : سمير غريب
جريدة الأهرام يناير 2014
صبحى جرجس ` سجينى ` جديد يبهر العالم فى فن النحت
- كان صبحى جرجس طالباً فى بداية الخمسينيات فى كلية الفنون الجميلة يضحك ثم يحتضن تمثاله الجديد وهو لا يزال فى عجينة الطمى ونحن زملاءه نندهش ، وأنا أرفع قرون استشعارى وأعرف مستقبله من أول لحظة .. إنه مختار أو سجينى جديد يبهر العالم فى فن النحت .
- وتحققت النبوءة لألتقى به وأصبح توأمه فى مراسم الشونة التى أنشأها الفنان صديق الطفولة إسحاق عزمى ، مرسمى بجوار مرسمه وبيننا حوض سباحة ، وهى فكرة رائدة لاختيار بعض الفنانين المتميزين لهذه الدعوة فى شهور الصيف بالإسكندرية.
- وتحولت أعمالنا فى التمثال واللوحة إلى متاحف ، بل إنه اختار بعض الأعمال لتكون مسلة فى حديقة متحف الشونة وبجوار متحف داخل المبنى المجاور .. متحف منير كنعان ومتحف جاذبية سرى.
- فى أمسياتنا التى اختلط فيها لحن النغم من القيتارة والناى إلى العود والمزمار وفنون التشكيل حولنا وموج البحر وعطره .
- عندما أرسمه أبدأ بخطوط الابتسامة التى تصل إلى الضحكة حتى يستلقى على قفاه وحديثه الفنى يزدهر بثقافة الأجداد الذين تركوا لنا روائع التاريخ فى البر الغربى الأقصر مع تطور الزمن وترك الحجر والبرونز إلى الحديد فى كثافته الأسطوانية البسيطة .
- صبحى جرجس الذى تعاصر أعماله الإنجليزى هنرى مور والرومانى برانكوزى وبيكاسو.
- وداعاً صديق العمر الفنى صبحى جرجس.
بقلم : جورج بهجورى
مجلة الخيال العدد ( 38 ) مايو 2013
النحت على مقام الصبا ` رؤية لأعمال الفنان: صبحى جرجس `
- ومع تعدد بدايات المغامرة هناك بداية أخرى، فلقد كان الفنان جرجس سعد (والد الفنان) وعازف الناى الشهير واحداً من أهم عازفى التخت الموسيقى خلف كوكب الشرق أم كلثوم، وكان يقيم فى حى القللى الذى ولد فيه صبحى جرجس عام 1929م ومازال يقيم فيه، ويتأثر صبحى بوالده ويحذو حذوه، فعزف على الناى مثل أبيه، ثم احترف العزف على آلة القانون ثم الأورج، غير أن الفتى يلتحق بكلية الفنون الجميلة حيث كان طالبا نمطياً منصاعاً لتعاليم أباطرة الكلاسيكية فى سنواته الدراسية الأولى، إلى أن تبدت ملامح نبوغه وتفرده فى السنة الدراسية الثالثة، وبعد تخرجه عام 58 سافر فى منحة دراسية لدراسة النحت فى أكاديمية الفنون الجميلة فى فلورنسا، وحصل على دبلومها عام1964 وعاد إلى القاهرة عام 1967م ليعمل مدرسا بالكلية التى تخرج منها إلى أن تولى رئاسة قسم النحت بها، وصولاً إلى عمله حاليا بها، أستاذا متفرغا، غير أن انخراطه فى هذه المسيرة النحتية الحافلة، لم يصرفه عن عشقه للموسيقى إلى الآن، فما زال يؤلف المقطوعات والألحان وكلمات الأغانى ، ولأن علاقته بالموسيقى، وبخاصة الناى علاقة روحية ونفسية وأسرية، فإن هذه العلاقة كانت وراء ميلاد المغامرة الأولى، والتى كانت ميتافيزيقية الطابع، فكان صاحب أول تمثال للناى فى تاريخ النحت المصرى، ولعله بهذا العمل الرائد كان يخلد ذكرى الأب، ويؤرخ لهذه العلاقة الروحية التى ترسخت بين قطبى العائلة وبين الموسيقى، بل ويؤرخ لخصوصية هذه الآلة لدى العامة من المصريين، وياله من تضافر نحتى موسيقى حيث نجد القيمة التجسيدية والتعبيرية فى الموسيقى فيما (نرى) القيمة الموسيقية للكتلة، إنه تلاقح فنى خلاق كان وراء الحلم الملح الذى مازال يراود الفنان بأن يجمع ماألفه من موسيقى ليجعلها خلفية موسيقية لشريط فيديو يستعرض مسيرته النحتية غير أن الاشتباك المتواصل مع النحت لم يسمح بخروج المشروع (الوثيقة) إلى النور لقد نجح صبحى جرجس فى الانفلات من أسر التشخيص، وسطوة العناصر، والكتل المتعينة، وصولاً لإحداثيات نحتية، وكائنات مستحدثة تخص صانعها، ذلك أن الخروج على مسيرة نحتية عمرها ثمانين قرناً ليس بالأمر اليسير، أو المأمون العواقب، غير أن الفنان حقق اختلافاً، وإضافة ما عن سابقيه ومعاصريه سواء هنرى مور وماردينى أو زادكن وجاراكاللو وإبستيان، فكان بذلك سفيراً فوق العادة باعتباره واحداً من أبرز النحاتين المعاصرين،وكواحد من الراسخين فى النحت، وواحد من أبرز فرسان جيله آدم حنين وجمال السجينى وحامد ندا وأحمد عبد الوهاب، بما يتبوأه من مكانة بارزة على خريطة النحت العالمى المعاصر، ومن بين ماأهله لاحتلال هذه المكانة عكوفه الفردى الطويل على العمل، وانخراطه فى دراسات متخصصة عن الخامة، وحرصه على الاشتباك مع ظروفه التاريخى، والنجاح،فى إبراز العلاقة بين شكل الكتلة وحالتها.
- ولاتقتصر خصوصية الفنان على مايبدع، وإنما تمتد لتشتمل على قناعاته النظرية، فيرى `أن الفن خروج ابتكارى على الواقع قناعاته النظرية، وصولاً لاستقلالية الدلالة` كما يرى أن أفضل الحلول النحتية لديه يكمن فى `تحقيق التصالح بين الشكل، والفراغ، وهذا الحل تحديداً - قد لجأ إليه الفنان فى بداياته للانفلات من أسر تأثره الطاغى بأعمال هنرى مور الذى كان يقلقه كثيراً وفى زمن يعتبر فيه البعض التأثر بالرواد نقيصة،فإن الفنان بعد هذا التاريخ الحافل والتمثيل المشرف محلياً وعالمياً، وبعد مجموعة هامة من الجوائز المحلية والعالمية لايجد غضاضة فى التصريح بأنه تأثر بزملائه، وأساتذته، بل وتلاميذه وعلى الرغم من هذا التواضع، إلا أن ثقته غالباً ما كانت تدفعه لرفض تدخل أساتذته،بأى تعديل،ولو كان طفيفا فى أى من أعماله.
- غير أننا لانجد غضاضة فى تذكر رأى هربرت ريد حين قال:`إن جياكوميتى قد تأثر فى بداياته بالمصريين القدماء` بل إننا لانتورع فى الذهاب لما هو أبعد وأوسع من هذا الرأى حين نقول أن هنرى مور لم يتأثر فى بداياته بمثل ما تأثر به جياكوميتى، وإنما تأثر أيضا بالنحت المكسيكى والأفريقى والصينى فحسب.
- كما أن جيوفانى بللينى رغم تفرده - فإنه لم ينج كذلك من تأثير مانتيينا وقد يبدو هذا الرصد تمهيداً منطقيا لمقولة عميقة - رغم بساطتها - لـ صبحى جرجس إذ قال: `وماالمانع؟، وماالعيب؟! إن من أسباب تواصل حلقات التطور فى الفن أن تاريخ الإبداع يقوم على التأثر والتأثير والتواصل الزمنى الذى يقوم على التسلم والتسليم، لأن ذلك بالضرورة يفضى إلى التفرد لنجد فى النهاية برانكوزى مثلاً يقدم حلولاً، معاصرة للشكل البيضاوى وجياكوميتى يقدم معالجات حداثية للشكل الأسطوانى`.
بقلم : ماهر حسن
مجلة: إبداع ( 1 -8- 2001)
المثال صبحى جرجس ومعرض جديد
- أقام المثال صبحى جرجس معرضاً لآخر أعماله النحتية بقاعة ` كريم فرنسيس`. وهى قاعة مخصصة للتجارب الحداثية فى الفنون المرئية، والتماثيل كلها منفذة بمعدن النحاس المسبوك، وهى إحدى الخامات التى تعلق بها الفنان منذ ظهوره فى الحركة الفنية المصرية فى أواسط السبعينات عندما أقام معرضه الأول بقاعة عرض كانت تسمى وقتها قاعة `إخناتون` وتسمى الآن قاعة `أرابيسك` بعد تحولها من قاعة عرض إلى مطعم، وترك صاحب المطعم ممراً لعرض اللوحات على مرتادى المطعم من السياح!.
- كانت تماثيله صغيرة الحجم، لا تزيد كثيراً عن حجم كف اليد، وكانت تتسم بتلقائية الأداء وخشونة المظهر، أشبه بإبداعات الفنانين الفطريين، وكأنما أراد للطفل الكامن داخله أن يتجلى بمعابثة مادة الشمع اللينة قبل أن يثبتها فى معدن البرونز الذى يستطيع مقاومة عوامل الفناء، حتى يحفظ لصدق اللحظة العابرة صفة الدوام، أذكر أن ذلك المعرض قد قوبل وقتها بشئ غير قليل من الدهشة، ليس من الجمهور العادى فقط بل من النقاد أيضاً، وقد وصف بيكار تجربة صبحى جرجس وقتها بأنها أقرب إلى عبث الأطفال - وبالتحديد أقرب إلى عجين الفلاحة أمام فوهات أفران الدور الريفية. وذلك قبل أن ينقلب بيكار نفسه من مستنكر لقيمة الفنان إلى معجب مؤيد له ولفنه!. وربما كنت الناقد الوحيد - وقتها - الذى سانده وأقنعه بأن الإلحاح على الذاكرة الجمعية أمر ضرورى إذا أراد الفنان الصادق لفنه أن يحقق تعاطف الغير معه، وهو ما حدث معه بعد ذلك وأصبح الآن أحد الرموز اللامعة فى مجال النحت المصرى المعاصر.
- هل اختفى ذلك الطفل؟!
- تجيب علينا مجمل مراحله الفنية بلا وتؤكد بأن الطفل لا يزال حياً رغم بلوغ الفنان سن السبعين(!) وهو طفل عابث وشاعر فى آن واحد، كان وما يزال محطماً لكل القواعد الأكاديمية لفن التمثال، لهذا قابل ما يقابله أمثاله فى حقل التدريس بكلية الفنون الجميلة، من إهمال لم يأبه له مستدفئاً بإيمانه بالطريق الذى اختاره لنفسه وبالمتعة التى تتحقق بفعل الإبداع، قال فى الكلمة الاعترافية التى قدم بها نفسه فى المعرض: `أنا عاشق للمجسمات التى أقوم بعملها وشديد النرجسية معها` ولحسن حظه وحظنا أنه حافظ على تلك الطفولة وتلك الشاعرية وإن تعددت تجلياتها بحكم الزمن وتنامى الخبرة الشخصية.
- إحياء تجربة سابقة
- لا يستطيع فنان صادق مع نفسه وعصره أن يسجن خياله ومشاعره وأفكاره فى دائرة الاجترار وإلا حكم على موهبته بالموت، لهذا استلهم صبحى جرجس من تجاربه الشخصية فى الفن ومن تجارب النحت العالمى طريقاً ناقض به طريق الأداء التلقائى/ العشوائى الذى تواتر فى معارض السبعينات والثمانينات، وظهرت أعمال له فى العقد الأخير تحتفل بالبناء المعمارى/ المدارى، ولم يتخل - رغم أناقة البناء وسكونيته - والتى يمتد إيحاؤها - بوعى منه أو بغير وعى - إلى جماليات النحت المصرى القديم - لم يتخل عن براءة طفله القديم، كذلك لم يتخل قط عن العنصر الإنسانى.
- الثابت والمتغير
يمكن تقسيم رحلته فى الإبداع النحتى إلى قسمين مختلفين؛ تجمعهما صفات مشتركة وتميز كلا منهما صفات أخرى، ففى مجال `الشكل` كان يسود الميل إلى التسطيح - أو بدقة - الميل إلى ترقيق الكتل، للدرجة التى تقترب فيها من كثافة المسطحات الورقية، دون أن يجازف بالمشابهة مع أعمال المثال `كالدر` التى يتلاعب بها الهواء الطلق بل استعار من` الفن التجميعى`: ` تجميع العناصر سابقة التجهيز` بعض مظاهره التى ترمز أحياناً إلى مأساة الاغتراب فى عصرنا، لهذا ظهرت له أعمال تمثل شخوصاً معلقة فى الفراغ أو تهوى من علٍ وتظهر أحيانا أخرى ملتصقة أو محاصرة داخل دوائر لا أمل فى الإفلات منها، وعندما انتقلت رقائقه العشوائية إلى سياق البناء التجسيمى تخفف من الإيحاءات الحكائية والمسرحية، غير أنه أحتفظ لمرحلة البناء بشئ من طفولة البدايات وإن احتفاظه بها محسوب، بحكم شروط البناء فى الفراغ وما يستلزمه من تصور ذهنى/ رياضى، فأنت عندما تنشئ مبنى معماريا - مهما كانت أغراضه - لا تستطيع أن تكون تلقائياً بالقدر الذى تستطيعه وأنت تجرى خطوطاً ورسوماً حرة على الورق، إضافة إلى ذلك فإن هذا البناء الذى يشترط ذهنية هندسية/ رياضية حاكمة يشترط حالة موازية للمتلقى، لهذا لم يكن من باب المصادفة أن تحصد تلك الأعمال ذات الطابع البنائى/ التركيبى على جوائز مهمة وأن تحصل لصاحبها على ما هو أهم من الجوائز وهو احتفاء نقاد الفن - على اختلاف مناهجهم - بتك الأعمال.
- إنسان صبحى جرجس!
- إنصرف صبحى جرجس - إلا فيما ندر - عن التجريد بأنواعه - وإن أفاد منه بطبيعة الحال، غير أنه كان حريصاً كل الحرص على حضور الإنسان أو ما يدل عليه، وكان حرصه الأكبر هو ابتكار شكل إنسانى، غير مسبوق، من نبت خياله، واجتمعت لهذا الإنسان المتخيل مجموعة من الملامح الثابتة` وجه كامل الاستدارة أو قريب منها، أطراف ذات ثلاثة أصابع، لا فرق فى الشكل بين اليد والقدم، أشبه بشوكة الأكل، ويتكرر الرقم (3) فى المثلث متساوى الساقين الذى يجمع فى قاعدته بين عينين أشبه بالفوهتين، وفى قمته يظهر فم يبدو كأنه فى طريقه إلى الاكتمال!.. والوجه بشكل عام طفلى الملامح أقرب إلى وجه العروسة الخشبية، جامد، خالٍ من التعبير، غير أن طفله القديم يظهر فجأة ليباغتنا بأوضاع غير متوقعة للأذرع والسيقان فيشيع فى الكتلة اضطراباً محسوباً، وتحسب العينين، للوهلة الأولى `فوهتين` سرعان ما يتبدل إيحاؤهما عندما يسقط عليهما ضوء عارض وظل منعكس، فنستشعر حركة همسية معبرة، وهو يختزل التفاصيل مكتفياً بمبدأ `ما قل ودل`، وتنوب الأشكال الأسطوانية للإيحاء بأعضاء الجسد المختلفة؛ فهى توحى تارة بالجسد كله، وتارة ببعض أجزائه، ولست على يقين إن كان الفنان صبحى جرجس قد استلهم تلك الأشكال الاسطوانية من لوحة (مان راى) التى شكل فيها من لفائف التبغ الاسطوانية تكويناً لامرأة جالسة أم لا، وعلى الرغم من انصرافه عن المشابهة مع الواقع فإنه يلتقط أحياناً من أعضاء المرأة ما يلطف من هندسية الشكل وصرامته، فهو يستلهم أحيانا شكل الثدى الأنثوى ويترجمه إلى كتلة كاملة الاستدارة أو شبه كاملة، ولأن الإنسان ليس مجموع أعضائه بل هو قيمة جوهرية، لهذا يجمع كل أعضائه فى سلة واحدة وربما يكون الفنان صبحى جرجس قد تأثر بتمثال القبلة للمثال العالمى `برانكوزى`.
- عمل إستثنائى أم بداية طريق!
- ضم معرضه عملاً استثنائياً خالف بها إنحيازه إلى ظهور العنصر الإنسانى ظهوراً لافتاً، والعمل يغلب عليه الطابع التجريدى الهندسى ولم يظهر من الإنسان هذه المرة إلا أطرافه ثلاثية الأصابع، على أن الإضافة الحقيقية بهذا التمثال هى ظهور ميل واضح إلى علاقات دينامية بالفراغ البينى والفراغ المحيط، والعمل عبارة عن عمودين سوداوين يتقاطعان تقاطع ضربات لعبة التحطيب الشعبية، إن هذا العمل `على أيه حال` هو آخر أعمال الفنان صبحى جرجس فهل يكون إشارة لبداية طريق جديد.. ربما!
بقلم: محمود بقشيش
مجلة : الهلال (العدد 6 ) يونيو 1999
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث