حسن حشمت
رحلة إبداع توجت بجائزة الدولة التقديرية - حسن حشمت : أنا أول من أبدع تمثالاً بالبورسلين فى العالم
- حسن حشمت 82 عاما - فنان يذوب عشقاً لبلده مصر وأعماله الكثيرة جداً خير شاهد على ذلك وقد توجت رحلة إبداعه مؤخرا بجائزة الدولة التقديرية ومنذ أقل من عام أهدى بيته ومتحفه إلى وزارة الثقافة وهو بيت بسيط بساطة الفنان لكنه أضاف إليه لمساته الفنية ليتحول من بابه الخارجى وحتى قلبه الداخلى إلى تحفة فنية ومكان جدير بتحويله لمتحف يرتاده الناس .. كل الناس ..
- سعيت إليه لأدخل من بوابة الفن والجمال التقى به ، بابتسامته `وقفشاته` التى لم يستطع مرضه إخفاءها لتظل ملازمة لنا أثناء الحوار الذى بدأته بالسؤال عن حكاية هذا المكان.. يصمت قليلاً .. يسترجع ذكريات أكثر من أربعين عاماً مضت .. ويقول :
- هذا المكان له قصة فقد كنت أقطن فى عزبة النخل وأنتج أعمالى الخزفية فى المنزل وأضعها فى `عربة يد ` وأجرها حتى الفرن الذى يقع فى الغيط ، كان شيئاً شاقا ، وصاحب الفضل فى وجودى هنا د. ثروت عكاشة - أطال الله عمره - حينما كان وزيراً للثقافة فقد سألنى انت مرتاح فى المكان الذى تسكنه ؟ أجبته : أبدا وأرغب فى مكان أسكن وأباشر فنى فيه فدلنى على هذا البيت ، وحينما رأيته أعجبت به وكان إيجاره 18 جنيهاً شهرياً وراتبى 30 جنيها وقتها عام 1959 وبعد أن سكنته عشت فى الطابق العلوى وجعلت الفرن فى الأرضى وأنتجت أول تمثال فى هذا المكان ` نفرتيتى ` برؤيتى ولغتى الخاصة بالبورسلين وذهبت به إلى د. ثروت عكاشة وأعجب به قائلا إنه عمل مصرى خالص .
- لفتت نظرى كلمة ` البورسلين ` فسألته أنتجت أعمالاً بالبورسلين عام 1959 ؟
- أجاب : نعم فأنا أول من أنتج تمثالاً بالبورسلين للمرة الأولى فى العالم وقد تعلمته أثناء البعثة فى ألمانيا والتى استمرت عامى 1957، 1958 وحصلت عليها بعد الإعلان عنها وإصرارى عليها لأتعلم الألمانية خلال شهر ونصف مما جعل المستشار الثقافى الألمانى د. كرامر يتعجب لإجادتى هذه اللغة أثناء الاختبار الذى تفوقت فيه على 15 متقدماً ، وفى ألمانيا كنت أكبر زملائى فى الدراسة ، اندمجت معهم وبدأت أنتج التمثال المصرى بالبورسلين وبهرهم لدرجة أن الألمان اقتنوا كل أعمالى حينما أقمت معرضا فى ذلك الوقت وكتب عنه صفحتان كاملتان فى كبريات صحف ألمانيا آنذاك .
- وبعد العودة ؟
-عدت مدرساً للرسم بمدرسة محمد فريد الثانوية ، وأثناء عملى بالمدرسة استدعانى الناظر ليخبرنى أن الوزير د. ثروت عكاشة يريدنى فذهبت إليه وعرف أننى مجرد مدرس رسم فى مدرسة ثانوية ليبادرنى متسائلا: والفن الذى تعلمته فى مصر وألمانيا ؟ قلت له : سيذهب أدراج الرياح ماذا أفعل ؟ قال : تفعل الكثير ، وساعدنى فى شراء متطلباتى من الأدوات والخامات من الخارج وابتعثت عن طريقه فى تبادل ثقافى مع سوريا عام 1960 أقمت خلالها معرضين أحدهما فى دمشق والآخر فى حلب .
- من هنا جاءت فكرة إقامة معارضك بالخارج؟
- بالفعل ، جاءتنى دعوة من روما لعمل معرض وبالفعل افتتحه سفير مصر فى روما آنذاك وحضره العديد من السفراء ..
- يصمت الفنان الكبير قليلا ثم يقول : حينما أتذكر هذه الأحداث أشعر أننى عشت الزمن بفخر وزهو واعتزاز كمصرى يعشق بلده ، عشت فى أوروبا كلها وتجولت فيها لدرجة أننى استقللت سيارتى مع بعض أعمالى والأخرى قمت بشحنها وسافرت إلى فينيسيا ثم فيريوس فى اليونان ثم إنجلترا فالسويد والنرويج ثم ألمانيا ، وأقمت معرضا فى هولندا بدعوة شخصية تلاه معرض فى بلجيكا ثم فى باريس حيث عرضت فى قاعة اليونسكو الكبرى وكان الإقبال منقطع النظير ، وهاتفنى أثناءها د. مرسى سعد الدين من لندن لأنقل المعرض إلى هناك ، وبالفعل أقمت المعرض فى لندن عام 1956، وتوالت المعارض الخارجية بجهودى الشخصية فأقمت معرضا فى برلين وقابلنى هناك بارون من الدانمارك دعانى للعرض فى`روسكيلده` بالدانمارك وأعطانى جناحاً كاملاً فى قصر عرضت فيه أعمالى أما السويد فأقمت فيها 4 معارض .
- سألته عن أول مرة يسافر فيها خارج مصر ..
- أجاب: عام 1955 فى معرض شاركت فيه مجموعة متميزة من الزملاء فى مهرجان الشباب الدولى ببولندا وارسو وكان عمرى وقتها 35 عاما استمر هذا المعرض 10 أيام ومن نجاحه كانت الجماهير تتوافد فى المطر والصقيع لتشاهد الفن المصرى الذى تمثله أعمال منير كنعان ويوسف فرنسيس وممدوح عمار .
- تذكر أول معرض أقمته ؟
- نعم عام 1953 وافتتحه محمد نجيب الرئيس الأسبق ولله الحمد نجح نجاحاً باهراً وكان حديث الناس .
- عدت مع الفنان حسن حشمت إلى بداية الرحلة ..
- درست الابتدائية فى العياط وكنت أخرج فى فناء المدرسة وقت الفسحة وأرسم قطعة من الحجر أو الزلط وكنت أترك لعب الكرة الذى يمارسه زملائى وأذهب إلى النيل لأمتع نظرى بصفحة مياهه وأمواجه اللطيفة وشاطئه وبنات البلد ، كان عمرى وقتها 11 عاما ، وبعد حصولى على الابتدائية خيرنى والدى فى الالتحاق بالمجال الذى أحبه وهو الفن وكان الالتحاق بالفنون بعد الابتدائية لمدة 3 سنوات قسم أول ثم ثلاث سنوات قسم عال وهى تعادل كلية الفنون التطبيقية حالياً، وصدقنى فإن ما تعلمناه فى السنوات الثلاث يعادل 10 مرات ما يتعلمونه اليوم ، كنا ملازمين للعمل والفرن والسهر مع الفن الذى كان كل حياتنا ..
- وكان هناك المعلم ..
- إنه الفنان العظيم سعيد الصدر فله الفضل فيما تعلمته فقد حببنا فى الفن والعمل وكان يصطحبنا مرة كل أسبوع فى المتحف المصرى ثم الإسلامى والقبطى وفى الطبيعة كذلك حيث بذر بداخلنا حب رسم الطبيعة والحياة ، وعشت المتحف المصرى وكل مرة أدخله أجد شيئاً جديداً حتى وقت قريب فكل أسبوعين أو ثلاثة ` أحج ` إلى المتحف المصرى حقيقة وهذا تعبير أدرك معناه تماما لما يحتوى هذا المتحف من كنوز حضارتنا وعمق فنون أجدادنا المصريين القدماء التى أثرت فى كل حضارات العالم .
- بدأت مشوار الفن بعد التخرج ؟
- تخرجت فى الفنون التطبيقية أول الدفعة والتى كانت ثمانية طلاب ، وبدأت مشوارى فى الفن والإبداع من خلال برميل صاج بطنته بالطوب وعملت فيه بيتا للنار وقبة ، يعنى `فرن بدائى جداً` وكنت أشترى الطين من مصر العتيقة وأشكل به أعمالى ، الحقيقية منذ التحاقى بالفنون التطبيقية ودراستى للخزف عشقت هذه الخامة كخامة إبداعية عميقة ومتنوعة ، فلم أستخدمها كغيرى فى عمل الآنية والأطباق فقط لكننى استطعت من خلالها وبها عمل نحت وتصوير ، المصورون يبدعون بالتمبرا والجواش والألوان الزيتية والأكواريل ، أنا أنتجت أعمال تصوير بالخزف وكذلك استعملت الخزف فى النحت ، أقمت تماثيل كاملة بالخزف مما أعطى أعمالى مذاقاً خاصاً يدل على شخصيتى بالإضافة إلى المصرية الأصيلة والصادقة التى تتسم بها .
عروس البحر الأحمر
- لأننى نشأت فى الغردقة وتفتحت عيناى على هذا التمثال البديع الذى أبدعه الفنان حسن حشمت والقابع أمام مبنى محافظة البحر الأحمر والذى اتخذته المحافظة شعاراً لها ..
- سألته عن حكاية هذا التمثال ؟
- فأجاب : اللواء سيف اليزل خليفة محافظ البحر الأحمر عام 1960 شاهد أعمالى الخزفية الجدارية فى فندق الغردقة وكانت تعبر عن الصيد والبيئة الساحلية واستدعانى لعمل تمثال يوضع أمام مبنى المحافظة وفى الحال رسمت له الشكل على ورقة وأعجب به لأنفذه بارتفاع ثمانية أمتار بالإضافة إلى عدة لوحات بالفسيفساء عرضها 40 متراً وموضوعها مشروعات الثورة ، وكذلك تمثال للزعيم جمال عبد الناصر فى مدخل المحافظة .
- الفنان الكبير حسن حشمت قام بعمل العديد من الجداريات فى الفنادق الكبرى والمؤسسات والتى استخدم فيها البوليستر الشفاف والخشب وكذلك التماثيل الصرحية التى استخدام فيها الحديد والمعادن ، الفن عنده هو البطل والفكرة هى التى تحدد الخامة ، وقد كان ينفذ إبداعاته بيديه ، ولإيمانه بأن الفن للملايين أبدع تماثيل كثيرة من البورسلين دون استنساخ ليكون فى متناول الناس ليدخل فنه كل البيوت.
محمد الناصر
مجلة نصف الدنيا 1/ 7/ 2001
النحت والتصوير الخزفى فى أعمال الراحل حسن حشمت
- الفنان الكبير حسن حشمت يعد واحداً من الرواد من الجيل الثانى .. تمتد رحلته الفنية بالتنوع والثراء والإخلاص الشديد للإبداع ..فقد تنوعت أعماله من النحت والتصوير والخزف بما يجعله أغنية طويلة وممتدة فى حب مصر .. أغنية مسكونة بالتفاؤل والإشراق صور من خلالها كل المشاعر الإنسانية التى تفيض بها الشخصية المصرية ..فى أعماله النحتية استلهم الفنان حسن حشمت من النحت المصرى الثبات والاتزان والقوة والجلال .. واسكن الحجر دفئا إنسانيا شديد العذوبة.. جعله يتنفس بصور الحب خاصة تلك الثنائية الخالدة الرجل والمرأة .. من خلال فلاح وفلاحة أشبه بياسين وبهية والتى تشكلت الحضارة الإنسانية خلال رحلتهما فى الزمان والمكان بطول الوادى .. وتشرق أعماله بالصفاء والحب والود والبشاشة .
- تبدو من انحناءات الرؤوس وهذا التوحيد الشديد حيث يصير الرجل والمرأة كياناً واحداً ثابتاً خالداً كما فى تمثال حب هرمى والذى جعلهما سوياً أشبه بالهرم المسكون بالوداعة والحلم .. وتتنوع الأعمال هنا وتتماوج السطوح تشكل ملامح المرأة بابتسامة لا تنتهى وملامح الرجل بنظرة مسكونة بالطيبة.. فشخوص حشمت تمتلئ بالبراءة والشجن والبهجة والطمأنينة وفى ` بنت النيل بزهرة اللوتس ` تطل المرأة امتداداً لتاريخنا النحتى الطويل وأيضاً اتصالاً بقوة الفن الفرعونى.. برأس مائلة فى انحناءه بجلال تتطلع إلى خصوبة الوادى .. برداء موشى بزهرات اللوتس الرشيقة فى سيقانها الطالعة من الماء المقدس .. ماء ` حابى ` النيل العظيم .
- لقد شكل الفنان حشمت من الحجر ملامح نحتية انسابت رقة وعذوبة وجاءت حديثا مصريا طويلا بطول رحلته .. وتعد أعماله التصويرية استكمالاً لهذا النبض .. تتوهج بسحر اللون فى غنائيات تنتمى لنفس الروح الصافية .
- أما خزفيات فناننا فتعد بمثابة خزفيات تصويرية أو معلقات خزفية نطالع خلالها كتابات عربية وآيات قرآنية تموج برشاقة وانسيابية مثل ` بسم الله الرحمن الرحيم ` التى تأخذنا إلى عالم من الانشراح .. كما شكل عالم الطفولة فى الريف المصرى فى حشود تطل بالبهجة ويغلب على الأعمال مع تنوع السطوح تجليات لون واحد من الأخضر أو الأزرق أو الأحمر النارى وهو يعتمد إلى هذا الاقتصاد اللونى حتى لا يشغل المتذوق عن تعبيرية الأداء شديدة الرهافة ويمتد عطاء الفنان فى الفن والحياة ..
- فقد أهدى مدينة العاشر من رمضان متحفاً مفتوحاً بمساحة فدانين بحديقة الكفراوى به 12 تمثالاً حجريا ولوحة حجرية كبيرة ` مع متحف داخلى على مساحة 150 مترا مربعاً به أكثر من 150 تمثالاً حجرياً ومعدنياً وخزفياً ولوحات تصويرية .
- كما أهدى وزارة الثقافة متحفه بكلية عين شمس ` 1200 متر مربع ` وبه أكثر من 20 تمثالاً ولوحة حجرية وخزفية كبيرة ومتحفا داخليا علاوة على مصنعه المتكامل لإنتاج الخزف ليكون مركزاً ثقافياً لشباب ضاحية عين شمس .
- والفنان حسن حشمت ولد عام 1920 بالمنوفية وتخرج فى كلية الفنون التطبيقية عام 1938 وانهى منحه دراسية فى ألمانيا عام 1958 لدراسة الأعمال الفنية بخامة البورسلين وقد تم تكريمه فى بينالى الخزف الدولى عام 2000 وفى العام نفسه حصل على جائزة الدولة التقديرية .
صلاح بيصار
مجلة حواء 27/ 8/ 2006
ورحل حسن حشمت أول من أبدع تمثالاً من البورسلين
- رحل الفنان الكبير حسن حشمت فى عامه السابع والثمانين بعد حياة حافلة بالعطاء الفنى حباً وعشقاً لمصر من خلال أعماله العديدة الشاهدة على ذلك ، وكذلك إهداؤه بيته ومتحفه إلى الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة خير دليل على ذلك ، هذا البيت البسيط بساطة صاحبه الذى أضاف إليه ليحوله إلى متحف فنى بداية من بابه الخارجى وحتى قلبه فى الداخل ، كان فناناً لا تفارقه الابتسامة رغم معاناته من المرض سنوات ، وقد لمست ذلك فى لقاءاتى معه التى كان يسترجع فيها ذكرياته حينما كان يقطن فى عزبة النخل وينتج أعماله الخزفية فى المنزل ويضعها فى ` عربة يد` ويجرها حتى الفرن الواقع فى الغيط ، وقد كان شيئاً شاقاً ،أما سكنه الحالى الذى أهداه إلى الدولة فيدين بالفضل لوجوده فيه إلى د. ثروت عكاشة حينما كان وزيراً للثقافة ، الذى دله عليه وهو من طابقين سكن الفنان الراحل فى الطابق العلوى واختار أن يكون الفرن فى الطابق الأرضى، وأبدع أول تمثال من البورسلين عام 1959 وكان لنفرتيتى برؤيته ولغته الخاصة وقد أعجب به د. ثروت عكاشة كعمل مصرى خالص .
- الفنان حسن حشمت أول من أبدع تمثالاً من البورسلين الذى تعلمه أثناء بعثته فى ألمانيا التى استمرت عامى 1957، 1958 وأبدع التمثال الذى بهر الألمان حينما أقام معرضاً لأعماله، فاقتنوا منه كل أعماله وأشادت به كبريات صحف ألمانيا ! وفى عام 1960 أقام معرضين فى سوريا أحدهما فى دمشق والآخر فى حلب فى بعثة تبادلية مع الأحداث التى مر بها الفنان فى حياته . كان يشعر أنه عاش الزمن بفخر وزهو واعتزاز كمصرى عاشق لبلده ، تجول فى أوروبا بسيارته وأعماله إلى فينيسيا ثم فيريوس فى اليونان ، ثم إنجلترا فالسويد والنرويج ثم ألمانيا ، وأقام معرضاً فى هولندا بدعوة شخصية تلاه معرض فى بلجيكا ثم باريس حيث عرض فى قاعة اليونسكو الكبرى ، وكان الإقبال عليه منقطع النظير ، وانتقل بهذا المعرض إلى لندن عام 1959 بدعوة من د. مرسى سعد الدين ، وتوالت المعارض الخارجية بجهوده الشخصية فى برلين حيث قابله فى المعرض بارون من الدانمارك دعاه للعرض فى `روسكيلده ` وأعطاه جناحاً كاملاً فى قصره لعرض أعماله، وفى السويد أقام الفنان أربعة معارض
- كانت أول أسفار الفنان حسن حشمت إلى الخارج عام 1955 فى معرض شارك فيه مجموعة متميزة من زملائه منير كنعان وممدوح عمار ويوسف فرنسيس فى مهرجان الشباب الدولى ببولندا وكان عمره وقتذاك 35 عاماً .
- أما أول معرض أقامه فكان فى عام 1953 وافتتحه محمد نجيب الرئيس الأسبق لمصر .
- مع بداياته وعمره لا يتجاوز 11عاماً كان يذهب إلى النيل ليتمتع بصفحة مياهه وأمواجه اللطيفة وشاطئه وبنات البلد، التحق بالفنون بعد الابتدائية ثلاث سنوات قسم أول وثلاث أخرى قسم عال وهى تعادل الفنون التطبيقية حالياً، وارتبط حسن حشمت بأستاذه الفنان الكبير سعيد الصدر الذى يدين له بالفضل فيما تعلمه فقد كان يصطحبه مع زملائه مرة كل أسبوع إلى المتحف المصرى، ثم الإسلامى والقبطى وفى الطبيعة كذلك، حيث بذر بداخله حب رسم الطبيعة والحياة المصرية.
- تخرج الفنان وكان أول دفعته وقوامها ثمانية طلاب وبدأ مشواره الفنى من خلال ` برميل ` صاج بطنه بالطوب وعمل فيه بيتاً للنار وقبة ليكون به فرناً بدائياً جداً ، وكان يشترى الطين من مصر القديمة ليشكل به أعماله تلك، الخامة التى عشقها الفنان كخامة إبداعية عميقة ومتنوعة ، فلم يستخدمها كغيره فى عمل الآنية والأطباق فقط ، بل تعدى ذلك إلى التصوير والنحت ، أبدع أعمال تصوير بالخزف وكذلك استعمله فى النحت وأقام تماثيل كاملة بالخزف ، وهو ما أضفى على أعماله مذاقاً خاصاً يؤكد شخصيته ، بالإضافة إلى المصرية الأصيلة والصادقة التى تتسم بها.
- ارتفاعات أعمال الفنان حسن حشمت الميدانية بدأت بالمترين ووصلت إلى الثمانية أمتار وتنوعت بين البرونز والحجر وانتشرت فى مصر : بالغردقة رمز محافظة البحر الأحمر مع مجموعة من لوحات الفسيفساء بعرض 40 متراً ، وتمثال للزعيم جمال عبد الناصر فى مدخل المحافظة ، تمثال ` انطلاقة ` بميدان الجلاء بمصر الجديدة وأربعة تماثيل داخل وخارج استاد القاهرة وثمانية بمداخل كبرى فنادق القاهرة ، وثلاثة بمداخل محطات مترو الأنفاق فى عين شمس وغمرة والمرج وتمثال ابن البلد بشارع عين شمس وآخر بالميدان الرئيس بالعاشر من رمضان، وتمثالان بمداخل مصانع فى العاشر من رمضان وآخر بمدخل نادى هليوبوليس الرياضى ، والعديد من اللوحات الحجرية الكبيرة ، وكذلك الخزفية فى القاهرة ونجع حمادى وخارج مصر فى الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا والسويد وباريس ، وفى مكاتب مصر للطيران ، فى لاجوس ونيجيريا وبرلين الشرقية وجنيف وغيرها ، وحصل الفنان على العديد من الميداليات الذهبية والفضية فى إيطاليا عامى 1964، 1965 والجائزة الأولى فى مسابقة دولية لإقامة نصب تذكارى للكنيسة ببلجيكا عام 1970 وشهادة الجدارة من أكاديمية الفنون عام 1980 وقد أهدى مدينة العاشر من رمضان متحفاً مفتوحاً على مساحة فدانين بمدينة الكفراوى .
- رحل حسن حشمت وهو يؤمن بأن الفن عنده هو البطل، والفكرة هى التى تحدد الخامة ، وقد كان ينفذ إبداعاته بيديه ولإيمانه بأن الفن للملايين أبدع تماثيل كثيرة من البورسلين .
د/محمد الناصر
جريدة الوفد 7 / 8 / 2006
أعماله عن الفلاحة المصرية لا تتكرر (( رحيل حسن حشمت آخر المناضلين لإحياء الخزف الشعبى ))
- رحل الأسبوع الماضى الفنان الخزاف الكبير حسن حشمت ( 1920 -2006) عن 86 عاماً بعد فترة طويلة امتدت لسنوات مع المرض فوق مقعد متحرك.. ورغم هذا لم يكن بعيداً أو معزولاً عن التفاعل وحركة التشكيل المصرى .. فقبل وفاته بسته أعوام فى يونيو 2000 كرمه بينالى القاهرة الدولى الخامس للخزف وخصصت قاعتا صالة عرض الأوبرا لعرض أعماله وزميل كفاحه الخزاف الراحل الكبير محمد الشعراوى وقد تم تكريمهما كضيفى شرف البينالى الدولى ( 66 دولة ). - وكان هذا التكريم ذا أثر كبير على الفنان وسط خزافى العالم أكثر من حصوله عن جائزة الدولة التقديرية حتى إنه قال حينها ` تكريمى كضيف شرف فى بينالى دولى كان أمنية من أمنياتى ` وهذا التكريم هو جزء من مشوار عمر الفنان الذى لم يتوقف عطاؤه منذ أمسك أول كتلة من طمى النيل يشكلها وهو فى سن العاشرة.. ومنذ ذلك الوقت وإلى أن عجزت يده عن العطاء لفن الخزف لم يتوقف عن العطاء فقد قدم كل ما يملك ، فيلته حولت لمتحف وارضا وخزفاً ومنحوتات للدولة وهو المتحف الكائن فى 4 شارع غرب الشريط بعين شمس وتبلغ مساحته ألف ومائتين متر مربع به أكثر من 20 تمثالاً ولوحة حجرية، وخزفية كبيرة، ومصنعاً أو ورشة متكاملة للخزف .. وهذا المتحف بالفعل هو ناتج كفاح متصل منذ الطفولة وتحد منه لكل المعوقات لإحساسه برسالة الفن التى عليه توصيلها للآخرين محافظاً بها على تجسيد الهوية المصرية - ورغم هذا فقد اقتحمت إحدى السيدات الشهر قبل الماضى فناء متحفه وحطمت تمثال العبور وسط ثلاثة أعمال أخرى - وهذا ليس أول عطاء من الفنان الراحل الكبير فقد سبق وأهدى مدينة العاشر من رمضان متحفاً مفتوحاً على مساحة فدانين بهما 12 تمثالاً ومتحف داخلى به أكثر من مائة وخمسين تمثالاً متوسط الحجم . - وأعماله الخزفية النحتية بحيويتها وشعبيتها وقيمتها الجمالية والتى كان ينفذها بخام البورسلين فى أحجام صغيرة وتباع منها آلاف النسخ كان يقتنيها ذواق الفن والإنسان العادى لقربها من الروح المصرية وكانت خزفياته النحتية تدخل بيوتاً مصرية وكانت معالجات الجمالية للفلاح والفلاحة المصرية والأسرة والأمومة والحلاق والبائع تلقى قبولاً من جميع المستويات الفكرية .. قد كتب عن معرضه الخاص الأول الذى أقامه عام 1953 ` منذ 53 عاماً ` أستاذ ورائد الخزف المصرى سعيد الصدر قائلاً ` حسن حشمت أحد المناضلين لإحياء فن الخزف بمصر بعد رقدته الطويلة والتى تتسم بشخصيتها وتميزها عن غيرها ولا جدال أن استعداده وثقافته الفنية فى تنمية مداركه للسمو بأعماله إلى درجة الكمال كلها عوامل فعالة نرى أثرها فى معرضه الأول ` وقال عنه الفنان الكبير حسن سليمان : ` لأول مرة فى حياتى أرى فناً تطبيقياً سليماً فى هذا البلد `.. أما الراحل الكبير الناقد حسين بيكار كتب عنه مقالاً جاء فيه : ` من الفخر لمصر أن يكون من أبنائها أمثال الأستاذ حشمت الخزاف الذى استطاع أن يسجل الروح المصرية الشعبية فى هذه القوالب الحية النابضة فهنيئاً به للفن المصرى`. - وأعمال الفنان الراحل هى ترجمة لمخزونه البصرى الوجدانى من طفولة فى قريته ومشهده اليومى للنيل ولممارسة الفلاحين لحياتهم فى الحقل وفى البيع والشراء فنرى كتلة الخزفية النحتية تنساب من ذاكرته ومن بين أصابعه طيعة فناً وإحساساً راقياً فى خطوط مبسطة وحيوية داخلية تعكس ديناميكية عاطفية كامنة تؤكدها حركة الخطوط وانسيابياتها فى حوار متصل وتواصل محيطة بالعمل الفنى بالكامل فى نغمية لا تترك جزءاً منه ساكناً أو جامداً دون تحاور مع الأجزاء الأخرى والتى تؤكدها وتضيف إليها حيوية الوجوه التى تلتقى عندها قمة الإنسانية المادية والمعنوية.. رحم الله الفقيد الكبير ونتمنى أن يظل متحفه واجهه لرحلة فنان أضاف لحركة التشكيل المصرى . الفنان حسن حشمت - ولد عام 1920 بإحدى قرى المنوفية - تخرج فى كلية الفنون التطبيقية 1938 -أنهى منحة دراسية فى ألمانيا عام 1958 لدراسة الأعمال الفنية بخامة البورسلين - حصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة عام 1958 ولمدة ستة أعوام .. تم تكريمه فى بينالى الخزف الدولى عام 2000 وفى نفس العام حصل على جائزة الدولة التقديرية.. أهدى متحف النحت الخزفى بعين شمس لوزارة الثقافة عام 1988 . - انتقل إلى رحمة الله فى يوليو 2006 .
فاطمة على 1/ 8/ 2006
صمود الصناعة المصرية :آخر أعمال فنان الخزف المصرى حسن حشمت
- حسن حشمت فنان الخزف الذى أقنع الناس فى مصر بأن يكون هناك تمثال صغير يحتل جزءاً أساسياً فى بيتهم مثل اللوحة تماماً . ولذلك صمم التماثيل وأنتجها وجعل سعرها فى متناول كل مواطن مصرى .
- تماثيله دخلت بيوتنا لأنها تمثل حياة الشعب المصرى ونبعت من طين شواطئه التى تحيط بالترع . فى قرى مصر هناك تماثيل للفلاح المصرى وابن العمدة وبنت البلد وجحا وحماره والراقصة وتمثال الراقصة الذى أبدعه كان لراقصة من ريف مصر استوحى نموذجها من الراقصة المتفردة فريدة فهمى . كل أعماله تلمح فيها الخطوط المنحنية الناعمة رغم تماسك الكتلة فى أعماله .
- أعماله سافرت إلى الخارج سفيرة للفن المصرى ، واقتناها الهولنديون والبلجيك والألمان واليابانيون. وكثيراً ما يذهب السياح إلى ضاحية عين شمس حيث يقيم حسن حشمت ليقتنوا تماثيله التى ينتجها فى الفرن الخاص الذى أقامه فى حديقة منزله..
- هذا الأسبوع قدم الفنان الكبير آخر أعماله فى مدينة العاشر من رمضان التى تتوسط طريق الاسماعيليه الصحراوى .
- صمم الفنان تمثاله عن ` صمود الصناعة المصرية ` يمثل انسانا مصرياً شامخاً وجهه قوى الملامح يتحدى الزمن . التمثال يمثل نسيجاً يجمع بين المرأة والرجل فى كتلة واحدة من ناحية ملامح رجل ، أما ظهر التمثال فيمثل المرأة . التمثال كتلة خرسانية ضخمة ترتفع إلى السماء. القدمان مثبتان فوق قاعدة والساقان ينمو بينهما أفراد العائلة مثل التماثيل الفرعونية فى المتحف المصرى. من ناحية ( الرجل ) مجموعة من الرجال بأزيائهم المختلفة . ومن الناحية الأخرى ( المرأة ) يقف بين الساقين مجموعة من النساء بأزيائها مختلة وكأن الحياة تستمر بالرجل والمرأة معا وتضع صمود الحياة والصناعة والزراعة والتنمية والنماء . - صدر التمثال زخرف بالفسيفساء وعليها رموز فرعونية .
- التمثال أقيم فوق قاعدة أمام مصنع أزياء B.T.M ومارى لوى فى مدينة العاشر من رمضان . فى ذكرى مرور عام على احتراق مصنع B.T.M . لقد احتفظ رجل الصناعة الكيماوى د.لويس بشارة باطلال ما تبقى من المصنع المحترق واقام بجواره مصنعا جديداً أكثر حداثة من القديم .
- وكما يقول المثل من `اكتوى من طبق الشوربة .. ينفخ على الزبادى ` ولذلك فقد أقام نظام إطفاء حديث فى كل شبر من المصنع وانتشرت فى أسقف المصنع الجديد فتحات صغيرة تتأثر بارتفاع درجة الحرارة أو عند تصاعد أى دخان بحيث تنطلق المياه فورا لإطفاء أى حريق .
- وفجأة سمع المدعون للحفل صفارات إنذار حريق وتلفتوا حولهم فوجدوا أن هناك نيرانا مشتعلة فى بقايا المصنع القديم المكون من طابقين . وفى لمح البصر وصلت سيارة حريق تحرك منها 3 أطقم من الرجال كل منهم كانت له مهمة. الأول مد خراطيم المياه وربطها بحنفيات الحريق ووجهها إلى الحريق الثانى وجه رغاوى الكيماويات فاندفعت بقوة تحيط بالمبنى . والطقم الثالث من الرجال صعد مع السلم المتحرك إلى أعلى المبنى حيث الدور العلوى ووجه إليه خراطيم المياه . فى نفس اللحظة كان هناك رجل يرتدى بدلة مثل بدل رجال الفضاء وهى بدلة ضد النيران ولا يتأثر مرتديها بحرارتها . حطم باب المبنى واقتحمه وانقذ من فيه من العمال .فى تلك اللحظة لمحت الدموع فى بعض عيون من شاهدوا حريق العام الماضى .
- حضر احتفال ذكرى مرور عام على حريق المصنع مجموعة من الوزراء ورجال الأعمال والصناعة من مدينة العاشر من رمضان على رأسهم محمد فريد خميس وأحمد عرفة ومحمد غانم وخميس فريد حسنين وعدد من الفنانين التشكيليين منهم كمال الجويلى ومحمد سليمه وسمير الجندى ، حضروا ليقفوا بجوار الفنان الكبير وهو يقدم أخر أعماله فى عيد ميلاده الرابع والسبعين .
نصف الدنيا 26/ 6/ 1994
|