`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
مصطفى ربيع صديق سليمان
فرح × مرح
- ` السعادة ` فكرة أساسية نلمحها على مدار تجربة ` مصطفى ربيع ` الفنية منذ بدايتها فى حوالى عام 2009 مرورا بمعرضه الأول فى العام الماضى وحتى معرضه الحالى لهذا العام 2018 ، السعادة يراها ` ربيع ` فى صور بسيطة من التلاحم الإنسانى بين البشر ، فى علاقاتهم سواء العابرة أو الحميمية ، فى لحظات الفرح التى تبنى حاجزا ضد مشاعر الحزن والطاقات السلبية ، وفى العودة إلى الفطرة والبساطة ، وفى صور اللاعبين وعازفى الموسيقى ، فى إدخال البهجة على قلوب الآخرين حتى ليبدون ككأئنات نقية لا ترى من الحياة إلا جانبها المرح ، إنه يأخذنا عبر لوحاته فى رحلة مع شخوصه الممتلئين باللطف والطرافة ، رحلة بهيجة تحتفى بالإنسان تنطلق به لتحرر الطفل بداخله فيرفرف فى خفة كطائرة ورقية ، رحلته مفعمة بحيوية الزخارف ، بالألوان المتألقة والخطوط الإيقاعية والحانية ، فتزهر الأيام صباحات متجددة بإشراقات تمحو الهموم وتستبدل مشاعر القلق بالطمأنينة ، هكذا كانت لأعمال فناننا الشاب ` مصطفى ربيع ` القدرة على تبديل المزاج من حال إلى حال وبث نفحات التفاؤل .
- فى معرضه المقام بجاليرى الزمالك يقدم ` ربيع ` مجموعة من إنتاجه الجديد مستخدما خاماته المفضلة ، أقلام الحبر والألوان المائية والاكولين وأيضا ألوان الأكريلك ، خامات وسيطها المائى يوفر له طلاقة التعبير التى تناسب رؤيته وإسلوبه فى تماه بين الرسم والتصوير وهذا يحلينا إلى إشكالية التصنيف والتى تضاءلت أهميتها فى وقتنا الحالى حيث تداخلت الأنماط الفنية وأصبحت فكرة المزج سمعة معاصرة، أما وإن كان للتصنيف ضرورة ، فالفنان هنا يجمع بين الرسم والتصوير مثل العديد من الفنانين على مر العصور.
- بين رسوم تحررت من قيود الحرفية وتخطت صنعة الشكل، جمعت بين سمات الفن الفطرى ورسوم الأطفال مع أطياف من الفلكلور الشعبى والفن الساذج ، يستمد عالم` الفنان ` سمته الخاص والذى رغم إقترابه من كل الأنماط سالفة الذكر إلا أنه لا ينتمى بشكل كامل إلى إحداها ، بل هو سمت تعبيرى نابع من عالم الفنان ومشاهداته من الحياة اليومية ونظرته الخاصة لواقع مرئى عاش ويعيش فيه ، بعضه من نسج خيال صاغته حكايات الجدة بمدينة المنيا فى صعيد مصر ، فأوحت له بشخوصه الذين ألفناهم وكدنا نطلق عليهم الأسامى كأناس مقربين نعرفهم وننتظر حكاويهم اليومية .. فهذه أخت .. وتلك عمة .. وذلك خال .. إنهم أقرباء وربما جيران أو معارف .. أناس بسطاء يطوفون هائمين فى ود وسلام فوق أسطح أوراقه ولوحاته فى مساحات زمنية أخرى .. يمارسون أنشطة حياتهم العادية ويأنسون بوجودهم مع بعضهم البعض .. يمرحون ويجلسون ويشربون ويعزفون الموسيقى فى جماعات بملابس مزركشة قد تبدو تراثية أو شعبية الطابع ، وأحيانا تذكرنا بشىء من صور المنمنمات الفارسية ، ليجسدوا فكرة السعادة والتى هى المدخل المتسع لإستقبال أعمال` ربيع ` .
- ترى لماذا ننسجم ونتألف مع تلك اليوتوبيا الشعبية - إذا جاز لنا التعبير - ؟ ربما لإستخدام الفنان أدواته على نحو يجعلنا نتغنى معه بعذوبة الشكل ، فخطوطه الرفيعة غير القاسية تنساب فى ليونة غير محملة بحدة إنفعال اللحظة ولا عابئة بالحسابات العقلية ، بل تعكس هدوء الفنان واستمتاعه وقت العمل ، إنه يعتمد على عنصر الخط إعتماداُ كبيرا فى بناء تكوينات أعماله ، نادرا ما يكون مستقيما أو منكسرا ، بل نراه حرا يسرى متموجا ومنحنيا بعفوية ورقة يتهادى رأسما أشكالا يغلب عليها الأقواس والإستدارات صيغت فى تناسق وعناية بين تكرارية الأنماط الزخرفية من خطوط طولية أو عرضية متوازية وأنصاف دوائر متوالية ونباتات مبسطة ونجمات صغيرة .. وغيرها ، جاءت كلها فى إيقاعات نشطة ومتنوعة لا تملها العين ، مما حقق عنصر الحركة داخل التكوينات فهيأ العين لأن تتجول صعودا وهبوطا بسلاسة واستمتاع بين أرجاء اللوحة ومساحاتها المبنية على تركيبات بصرية خطية ولونية حرة تماما ، كاملة التسطيح ومتجاوزة للمنظور الهندسى.
- يعتنى ` ربيع ` برسم تفاصيل كثيرة ودقيقة بإسلوب طفولى محبب إلى النفس يضفى حميمية على مشاهدة حتى لتبدو كل المساحات مشغولة بتلك التفاصيل والزخارف التى جاءت فى شكل وحدات من إبتكاره يرسمها باستغراق وفى تأنى وتؤدة كرسام المنمنمات وكأنه يدندنها بالأقلام والفرشاة الرفيعة ، منها نقوش الملابس والجوارب وأقمشة المفارش والأثاث وأسبته الفاكهة ، كما يعتنى برسم الأظافر المطلية وأحمر الشفاة ، الأسنان وخصلات الشعر المجعد ، ولا يغفل نظرات العيون ذات الحضور الواضح فى كل الأعمال حيث تواجه عين المتلقى مباشرة مرحبة بالتحاور معه بمحبة ليدخل إلى عالمها الخاص ، كل ذلك منغمسا فى كرنفال زاخر بكل التقابلات اللونية الحيوية ، وفى توزيع حر ومتوازن فى نفس الوقت فيما بين الساخن والبارد وحتى الفسفورى عبر الوسيط المائى الذى قد يزداد أحيانا لتبدو الألوان شفافة غنائية ، أو بقعا تباغت سطح الورقة بعفوية ، ولكن على الرغم من ذلك فمن الملاحظ فى مجموعة هذا المعرض أن اللون أصبح أقل صراحة من المعرض السابق ` زمن البراءة ` 2017، ربما أضفت درجات البنى والرمادى بعض الخفوت والذى تناسب بدوره مع الإستقرار النسبى فى التكوينات وحركات الأشخاص الهادئة داخل الحيز وأوضاعهم التى جاءت ثابتة فى كثير من الأعمال ليعبر كل هذا عن شىء أبعد من السعادة ، ربما حالة من الرضا والسلام الداخلى ، السعادة بمفهومها المتغلغل داخل النفس وليس ظاهريا فقط على العكس من مجموعة المعرض السابق والتى تناولت مفهوم ` اللعب ` فكانت الحركة الظاهرة والباطنة من أهم مقومات العمل .
- وبين المعرض السابق والحالى رسمت عشرات وعشرات الإسكتشات والقصاصات التى تحمل مخزونا ثرى بالإنسانية نلمس فيها شغف الفنان وانهماكه فى تجربته بصدق كى يصل إلى بلورة رؤياه الإبداعية ، رسوم تعبيرية وكأنها مدونات بصرية تحكى بعضا من حواديت الجدة الملهمة وبعضا من خيال وأمنيات وبعضا من إنطباعات حول حالات شعورية وأشخاص مروا بحياة الفنان ، كما تفصح دون تكلف عن مصريتها الصميمة النابعة من العمق الشعبى وملامح أولاد البلد الآتين من بيوت العائلات المصرية البسيطة .
- من منا لا تتوق نفسه إلى زمن طفولته الأولى .. إلى ذلك الونس فى بيت العائلة الدافىء المتسع الذى عاش بين جنباته مع أناس طيبين من الكبار والصغار متعايشين بأريحية فى وصال إنسانى سرمدى ..
- من منا لا يتذكر فرحته بليالى العيد ..برائحة الحلوى وأطباق الطعام ..بزهرة الملابس الجديدة والطراطير البراقة ، ببهجة البالونات وتلأ لؤ الزينات وسط أنغام العازفين ودندنة الأمهات بالأغانى القديمة ..
- من منا لا يناديه الحنين ليمر بشارعه القديم المؤدى إلى مدرسته أيام الطفولة والصبا.. إلى أرصفة وممرات وبيوت بسيطة تتدلى من شرفاتها أسبته البوص ومناشر الغسيل ..
- ربما من ذلك المعين الذى لا ينضب ، معين الحنين والذكريات والأحلام البريئة جاء إلتفاتنا إلى أعمال ` مصطفى ربيع ` ، فهو يرسم عالما تفتقده وسط تعقيدات الحياة المادية والعلاقات الإنسانية المركبة ، عالم نحتاجه ونتمنى أن نحياه .. عالم صداحه نغمات ألوانه وكأنها أنشودة مسرات ومعزوفة فرح .
بقلم : أمانى فهمى
من كتالوج معرض ( فرح × مرح ) ديسمبر 2018
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث