حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

إذا بحثت عن البطل الحقيقى فى لوحات معرض الفنان ` هانى عبد البديع`،ستجده فى` إحداث الدهشة `. وعندما تلتقى بلوحة من لوحاته، تجدها فى ظاهرها مجرد مجموعة من الألوان المتناغمة برقة وبعذوبة، كلحن موسيقى حلو النغمات، غير أنه ومع قليل من التمكن تتكشف الصور التى تشكلت باندفاعات الشحنات العاطفية، التى منحت العمل الفنى الغموض، الذى هو سر من أسرارالجاذبية. إن الفنان هنا لم يكن يهدف أن ينسخ صور مكررة للواقع، بل أراد أن يعيد تشكيل الواقع فى صور متألقة، ألوانها مشرقة ومساحاتها متناسقة ، تسر عين الناظرين. ورغم تعلق الفنان بموضوع غلب على لوحاته وهوالأمومة، إلا أن المعانى التى اختبأت وراء الشكل الظاهر، تتسع لاعتمالات الوجدان بمختلف المشاعر والتى تسكن مخيلة الفنان. والأشكال المحوطة بخطوط تنطلق بسرعة، لتخلق علامات، ترسم أجساداً حيوية ووجوها معبرة. والعفوية أضافت جمالاً مضمونه البساطة والصدق والحرية. ويسمح هذا النوع من الفن للمشاهد بأن ينفذ إلى أغوار الرسم بمشاعره ليخترق حواسه، وليعثر فيه على ما يكمل به ذاته.
إن الحرية هى شعار آخر لعنونة المعرض، والحرية وراء كل التشبيهات أو المجازات التى تشيع فى أنحاء لوحات الفنان، وهى وراء نوع الجمال المدهش، وهى تدعم ثقة القنان فى بداهته، والتى هى سبيله للإبدع ، القادر على تجديد عين المشاهد أمام أعمال الفن المفعم بروح. وإذا تيقنا أن أجمل الصور يصنعها الخيال، فسوف نقبل حقيقة أن نقص بعض التفاصيل من الصور، يمكن أن تستكمله `عين العقل` وبطريقة مشوقة، يصعب محوها من الذاكرة. ولايكفى أمام لوحات `هانى عبد البديع ` لأنها قطعاً بالتعمق فيها سوف يمكن اكتشاف أسرارها، واكتشاف الجمال الذى يتحدى التوقع، والقادرعلى الاستحواذ على الخيال، ويمنح من يشاهده فرصة أن يعيش لحظة سحر للعيش دون قيد، يربطه بزمان أو بمكان. حينئذ سوف تنفذ مساحات اللون المشرقة ، وتبرز التخطيطات وهى تنساب لترسم والتلميحات المدهشة فى تعبيراتها، وهى تعبر قنوات الشعور ، وتلتقى بالمساحات الفراغية المتراكبة فى حالتها الشفافة، فتشيع فى النفس بهجة منعشة. وبهذا الأسلوب يحتفل الفنان بأداء فرشاته، وهى تجرى على السطح كنوع من التغبيرالصورى الحر. ان رسالة هذا المعرض هى مد جسر بين الفنان وجمهوره، لتقوية التفاعل المستمر مع العالم من حوله متحرراً من مشاعره السلبية، ومحولا إياها إلى ألوان مشرقة وخطوط شاعرية إيقاعية متوهجة، بتكثيفاتها وبجرأتها الرائعة، وبصيغها البديعية لتبقى عالقة فى الذهن، رمزاً لسعة الخيال ولزخم الشعور ولفاعلية البديهة والتحوير ولاستثمارالذاكرة الصورية بروح خيالية شابة، بعد اختمارالصور فى الذهن، قبل أن تنتقل إلى سطوح اللوحات، كرؤى متحولة ، وكرموزً لمعنى التوق للحرية والاندفاع بجسارة فى تجربة الإبداع.