..`لا أسمع ولا أتكلم .. لكننى أرسم `
* `حنان ` رسمت مبارك عشان تقول ` حاكموه `.. ورسمت الثورة عشان تقول ` حافظوا عليها ` .
- ما لا تستطيع التعبير عنه بالكلام تعبر عنه بالرسم، فإعاقتها لم تفصلها عن الأحداث الساخنة التى تمر بها البلاد، تقضى وقتاً طويلاً أمام التليفزيون تشاهد وترصد وتحلل، ولكن بينها وبين نفسها، لأنها غير قادرة على التواصل مع أفراد أسرتها، وفى النهاية تدخل غرفتها وتعبر عن رأيها فى كل ما شاهدته بالرسم.
- حنان النحراوى فنانة تشكيلية من ذوى الاحتياجات الخاصة ، كانت تتمنى أن تكون واحدة ممن يسمعون ويتكلمون، ليس لتسمع وتتكلم فقط ، بل لتصرخ بأعلى صوتها وتقول : ` أنقذوا مصر، حاكموا مبارك، سلموا السلطة لمدنيين، احموا الشباب، وحافظوا على الثورة `، وإن كانت محرومة من التفوه بتلك العبارات، فإن الله حباها بموهبة الرسم، لتجد مخرجاً يساعدها على التعبير عن رأيها.
- بالريشة والألوان، عبرت حنان عن أحداث كثيرة تدور حولها، منها تباطؤ محاكمات مبارك ورموز نظامه السابق، ودور جمال وعلاء، نجلى الرئيس السابق، فى إفساد مصر وجبروت حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، فى قتل المتظاهرين وتعذيب المحتجزين وعظمة ثورة 25 يناير التى نقلت مصر من عصر الظلام إلى عصر الحرية، وعبرت أيضا بمجموعة من اللوحات عن بعض المصطلحات التى انتشر تداولها بعد الثورة، ومنها : `الفوضى ` و `القلة المندسة ` و ` الطرف الثالث ` و`حزب الكنبة ` و `الأغلبية الصامتة ` .
- وبعيدا عن السياسة،عبرت حنان بالرسم عن مشاكل ذوى الاحتياجات الخاصة والمعاناة التى يتعرضون لها ، سواء فى التعليم أو العمل أو الاندماج فى المجتمع والحصول على الحقوق نفسها التى يتمتع بها الأسوياء، وتمنت `حنان` أن تهتم الدولة أكثر بالصم والبكم وتستفيد من طاقاتهم غير المستغلة ليشعروا بأنهم جزء من هذا المجتمع.
- `حنان` التى حصدت العديد من الجوائز تجاوزت الـ 30، لا تتوقف عن الرسم، فهو بالنسبة لها كالماء والهواء، وذلك رغم الظلم الذى تتعرض له لأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها وحماية حقوقها : `عانيت كثيراً من الفساد والظلم والنصب،فكلما من الله على برحلة إلى بلد أوروبى لعرض لوحاتى، يتم سرقة لوحاتى وأعود دون أى عائد مادى أو تقدير. ذات مرة سافرت إلى أمريكا للمشاركة فى معرض من خلال وزارة الثقافة.
- وحينما أشاد رواد المعرض بلوحاتى اتهمنى مسؤولو الوزارة بأننى لست صاحبة تلك اللوحات فلم أستطع الدفاع عن حقى، وتحملت مصاريف الانتقال وعدت إلى مصر لأقوم بتقطيع كل اللوحات التى رسمتها `.
غادة محمد الشريف
المصرى اليوم - 14/ 2 / 2012
حنان النحراوى .. صماء كسرت حاجز الصمت بالرسم
خرجت من عالم الصمت بالفرشاة والألوان، وأصبحا هما لسان حالها التى تعبر بهما عن كل ما يدور فى عالمها الخاص، لدرجة فاقت التعبير بالكلام, لم تكتف برسم الطبيعة الخلابة، بل جذبها الشأن العام ، وعبرت عن قضايا هامة تؤرق الكثيرين، كالبطالة والفقر والظلم، وقد تسبب ذلك فى حرمانها من المشاركة فى أحد المعارض بواشنطن عاصمة الحرية، ولكن لم تيأس وأكملت مشوارها الفنى .. أنها الفنانة التشكيلية الصماء حنان النحراوى 51`عاما ` التى كان لنا معها الحوار التالى وقامت بترجمة لغة الإشارة فيروز الجوهرى.
فى البداية تذكرت تفاصيل حياتها وقالت: فقدت القدرة على السمع والكلام وعمرى 6 سنوات نتيجة إصابتي بحمى شوكيه شديدة، وقد منعنى ذلك من الالتحاق بالمدرسة لعدم وجود مدارس للصم فى محافظتى الغربية، وعندما وصلت للعاشرة من عمرى التحقت بمدرسة الأمل للصم بشبين الكوم، وكانت مدرسة داخلية، لذلك لم أعش مع أسرتى سوى يومين كل شهر، واستمر الحال حتى حصلت على الشهادة الإعدادية وبذلك أنهيت تعليمى لعدم وجود مدارس ثانوية للصم فى محيط محافظتى ، بعدها تقدم لخطبتى شاب أصم مثلى، وبالفعل تزوجنا وانتقلت للعيش معه فى القاهرة, وبدأت أبحث عن فرصة عمل حتى وجدتها فى إحدى الشركات، وأصبحت موظفة بالأرشيف، ولكن لم أكن سعيدة بذلك، وشعرت أن بداخلى طاقة أكثر من مجرد موظفة، مما جعلنى اتقدم بالاستقالة أكثر من مرة، وكان يتم رفضها لأن المسئولين يرون أننى أقوم بعملى على أكمل وجه.
الفرشاة والألوان
عن حبها للرسم قالت: عدم قدرتى على السمع والكلام جعلنى أفضل العزلة بعض الشئ، ولجأت إلى الفرشاة كى أعبر عما بداخلى والذى أعجز عن التعبير عنه بالكلام، وكانت الخطوة الأولى عندما أصيبت بالصمم، حيث كنت أجهل لغة الإشارة وكذلك جميع من حولى، وكنت أعبر عن طلباتى بالرسم على الورق، وعندما دخلت المدرسة اكتشف المدرسون موهبتى وشجعونى على الرسم خاصة البورتريه، وظللت أرسم حتى أصبح حلم حياتى أن أصبح فنانة تشكيلية معروفة, وعندما انتقلت إلى القاهرة بحثت عن هيئات تقيم لى معارض، ولكن كان يتم رفضى لكونى صماء- لا أكثر-، ورغم ذلك تمسكت بحلمى، وكنت استقطع جزءا من راتبى حتى أشترى أدوات للرسم، وعندما انجبت أبنى الأول` باسم` الذى تخرج من كلية الهندسة حاليا، كنت أشعر بألم شديد، ولكن لم أستطع التعبير عن شعورى لعدم وجود مترجم لغة إشارة فى المستشفى لذلك غادرت المستشفى فى نفس اليوم طبقا لتعليمات الطبيب، وعند وصولى للمنزل أمسكت الفرشاة والألوان وبدأت أرسم حتى أسكن الألم الذى اكتشفت فيما بعد أنه ناتج عن مشكلة فى الكبد .
الوصول للعالمية
وحول اشتراكها فى معارض عالمية قالت: رغبتى فى إقامة معارض خاصة بى دفعتنى للاشتراك فى جمعية الفن، وهناك وجدت أكثر شخص دعمنى فى أثتاء مشوارى الفنى ومنهم عبد السلام محمد البنا رئيس الجمعية الذى أعجب بموهبتى وجعلنى أشارك فى معرض بمدينة هونج كونج بالصين، وقد لاقت لوحاتى إعجاب الحضور وتم بيع أربع لوحات منها فى أثناء إقامة المعرض، بعدها توالت المعارض فى تركيا والإمارات والسعودية, ومعظم لوحاتى يغلب عليها التعبير عن الشأن العام كالبطالة والفقر وتدنى مستوى المعيشة والظلم والعدوان، ومن أهم اللوحات التى قمت برسمها لوحة تعبر عن المجازر الوحشية التى يتعرض لها أطفال فلسطين على أيدى العدوان الإسرائيلى، وعندما تلقيت دعوة للمشاركة فى معرض الفن الخاص للصم بواشنطن لم تمنحنى السفارة الأمريكية بالقاهرة التأشيرة وتم رفضى بسبب تلك اللوحة وكان ذلك عام 2006ولكن مؤخرا سافرت إلى أمريكا وشاركت عام 2011 فى ورشة عمل لذوى الإعاقة، وقد شاركت حتى الوقت الحالى فى أكثر من 35 معرضا داخل وخارج مصر، وغالبا لم يكن معى مترجم لغة إشارة، وكنت أتعامل مع الجمهور عن طريق الكتابة، ولكن لم أحقق حلمى فى أن أصبح فنانة تشكيلية معروفة حيث أجد أن المسئولين لا يعطون اهتماما لحالتى مثل الأسوياء، وفى أغلب الأوقات تكون المعارض جماعية لذوى الإعاقة ولا يكتب عليها أسماء.
تشجيع مصطفى حسين
بعد مشاركتى فى بعض المعارض حلمت بإقامة معرض خاص بى، فذهبت إلى فنان الكاريكاتير الشهير مصطفى حسين بدار أخبار اليوم، وعرضت عليه بعض لوحاتى وقد حازت إعجابه، وطلب منى رسم بعض الشخصيات الشهيرة مثل العندليب عبدالحليم حافظ، وأصبح ينشر لى كل يوم خميس رسمة فى جريدة الأخبار واستمر ذلك 5 سنوات، وبعدها شعرت بالملل وفضلت التركيز فى المعارض.
وعن دورها كزوجة وأم لـ 4 أبناء تقول: رزقت بأربعة أبناء ولد وثلاثة بنات، أكبرهم باسم 28سنة وأصغرهم يمنى 12سنة، جميعهم يسمعون ويتكلمون وتعلموا لغة الإشارة ليتواصلوا معى ومع والدهم، والدتى ساعدتنى فى تربيتهم حيث تولت مسئولية أول طفلين بشكل كامل حتى وصلوا إلى المرحلة الثانوية، وذلك أتاح لى التفرغ للرسم، وكذلك زوجى ساعدنى وتحملنى كثيرا، ففى أغلب الأوقات كنت أندمج فى الرسم وأنسى إعداد الطعام، ورغم ذلك لم يكن يغضب، بل كان يشجعنى دائما لأننى كنت أقنعه بمدى حبى للرسم وتأثيره على حالتى النفسية، لذلك أقول لكل زوجة بالكلمة الطيبة تقنعى زوجك بكل ما تريدين دون خلاف.
أحلام
وعن أهم أحلامها تقول حنان: منذ خمس سنوات وأنا فى السابعة والأربعين من عمرى ألتحقت بمدرسة ثانوية للصم ودرست منازل، وذلك حتى أحسن من وظيفتى ويزيد راتبى، ولكن دون جدوى حيث رفضت الشركة لأنها قطاع خاص، لذلك أتمنى أن تسرى اللوائح والقوانين على الجميع, وأن يهتم المسئولون بالصم ويتواجد مترجم لغة إشارة فى كل مصلحة حكومية حتى يساعدونا على إنهاء مطالبنا, وأيضا لماذا تكون المساحة المخصصة فى شاشة التليفزيون لمترجم الإشارة صغيرة جدا لا نتمكن من رؤيتها، كما أن الأحداث الهامة لا نعلم عنها شئا سوى بالصدفة من بعض الزملاء والأصدقاء مثل قيام المجلس القومى للمرأة بتخصيص خط للشكاوى بعد تكرار حوادث التحرش، لم أجد أى تنويه للصم فى التليفزيون وكان المفترض أن يخبرونا بذلك حتى لا نتأخر خارج المنزل, وعدم وجود مترجم لغة إشارة لخطاب رئيس الجمهورية عبد الفناح السيسى يوم التنصيب أصابنى بحيرة شديدة من كثرة اهتمامى بأن أعرف كل كلمة قالها.
وعن أخر لوحتها تقول: قمت مؤخرا برسم لوحة للسيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى حيث أعجبنى جدا قراره بتقديم مواعيد العمل.
وفى نهاية اللقاء ناشدت حنان وزير الثقافة قائلة: أرجو أن تمنح ذوى الإعاقة بعض الاهتمام وأن يحصلوا على فرص توضح مواهبهم المختلفة من خلال إقامة معارض خاصة بهم، وأحلم بإقامة معرض لى يضم كل لوحاتى وليس مجرد مشاركة وسط الكثيرين.
إجلال راضى
الأهرام 28 -10 -2014