- يعرف شادى النشوقاتى القيمة الثنائية لبقعة اللون فى الصورة التى يرسمها . الضوء المشع الذى يتلقاه المشاهد حين تقع عيناه على العمل لأول مرة ، ثم ذلك المخفى تحت السطح - ذلك - الذى يصنع نسيج الروح و طاقتها الفاعلة .
- إذ بدون تلك الثنائية التى تنشأ عليها الصورة الفنية ، لا يكون الفنان قد حقق وحدته الضرورية من ثنائية الباطنى ، والظاهرى. وبدونها لا يكون قد حفر ميلاده بالفعل، أو التقى ذاته المبدعة .
- ونحن حين نتأمل أعمال النشوقاتى ونقترب منها ، يبدو لنا الحال ركاماً مهملاً من الخطوط والألوان ، وقطع فى الفراغ معزولة كالجزر ، وصمت بين العناصر ، وحبس المساحات الملونة، واقتحامات تبدو فجائية كما لو أنها حدثت بين الصدفة والخطأ ، أو أنه قد صاغها ، فلما شق عليه الأمر تركها تركاً حتى ينتقل لغيرها ، ثم حين نعود اليها ، ونعيد التفكير والتأمل يبدو لنا الحال مختلفاً ، ويتجلى المشهد متطهراً من أخطاء خبرتنا الأولى - فأذا ابتعدنا قليلا تتجمع الأشياء وترتبط بأجزائها كالمشيمة الآدمية التى هى علامة الخلق .
- ومثلما يعرف النشوقاتى القيمة الثنائية للون، فهو يعرف ايضا النشوة الثنائية للخط .
-الخط الذى يضم التباين بين حدين، مثلما يكشف التناظر بين مساحتين، ثم الخط الذى هو مرتهن بتوتر الصورة وثرائها مثلما هى كذلك فى الشعر، ومثلما هى كذلك فى ذراتها الممتدة الى بعضها وبين بعضها حتى تصنع الشكل .
- وبدون تلك الوحدة الثنائية فى الخط عند النشوقاتى، لا يكون الشئ قد أتى بمعناه فى الصورة، ولا تكون سحنة العمل قد اكتمل وقعها وحفرت ملامحها وجمالها .
- ومثلما يعرف النشوقاتى القيمة الثنائية فى اللون، والنشوة الثنائية فى الخط فهو يعرف أيضا التيار الثنائى لفكرة `الصورة `، الفكرة التى هى ومضة الناظر، ثم الفكرة التى هى اكتشاف الفنان فكلتاهما ليستا سوى ثنائية المعرفة التى تولد بسببها الرسالة، والنشوقاتى حين يرسم يفكر ويغوص عميقا ويسخر من نفسه أحيانا و يعاقبها احيانا ويوبخ صورته ويمسخها، ويلغيها ويضيف اليها ويعبدها . فهو بذلك الناقد الاول اللصيق بصورته الفنية التى يخلقها فى هذا العالم .
إن النشوقاتى يحمل ملكات فنان سوف يصعد عاليا .
الفنان والناقد / أحمد فؤاد سليم