`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
سيد إبراهيم

- كان علماً من أعلام الفن والأدب فى مصر المعاصرة، ازدهر على يديه وعلي أيدي النخبة من زملائه فن أصيل من فنون التراث، هو فن الخط العربي، الذى تنفرد به لغتنا دون سائر اللغات، والذي يمثل بما يتصل به من تذهيب وزخرفة وحلى أبرز الفنون التشكيلية التى عاشت مع تراثنا العربى والإسلامى قرونا عدة.
- ومن المحقق أن الخط العربى وفنونه هو أحد المكونات الأساسية لذلك الإنجاز الحضارى الضخم الذى أصبح له عشاق ودارسون وعلماء متخصصون والذى يعرف باسم `الآثار الإسلامية`.
الدكتور / أحمد حسين الصاوى


- قدم عميد الخط العربى الخطاط المرحوم سيد ابراهيم عطاء سخيا استمر سنين طويلة وتتلمذت عليه نخبة من الخطاطين المعروفين، حتى أصبح علماً فى مصر والعالم العربى.
الأستاذ الدكتور / أكمل الدين احسان أوغلي


- `قليل هم الذين تركوا بصماتهم علي قمم المجد وخلدوا أعمالهم في أسفار مضيئة للأجيال حفلت بها بطون التاريخ، كان سيد ابراهيم من أبرزهم شأنا في فنه الرائع الذي انتشرت لوحاته في معظم البلدان الإسلامية والعربية تحمل كلمات النور و الهدي من كتاب الله الكريم وتنشر الابداع في مجال الخط العربي بكل شفاهة ودقة صنعة بين عشاق االخط ورواده، وفي مجال الثقافة الفنية ملماً عالما بفنون الأدب وفروعه ذواقا للشعر وراوية لأجل ما سمع وقرأ.
وفي علوم التاريخ وعبر عصوره القديمة والحديثة يروي ما تحدث به التاريخ من الوقائع والروائع في أجمل ما يكون القصص للتاريخ الموثق بالأدلة والبراهين، لا أجدني مغاليا ان قلت عن سيد ابراهيم انه الخطاط الأرسخ قدما والأبرز فنا في هذا العصر وقلما يجود الزمان بمثله.
الأستاذ / على حسن الشاعر


- أحببت الرجل من أول محاضرة، كانت المحاضرة عن الناحية الجمالية في الخط وتذوق الجمال في الخط، وما يتمتع به الخطاط من حسن وذوق في كتابة لوحاته، كان يتخير لنا النموذج ويكتبه علي السبورة ويطلب منا مضاهاته وتكرار كتابته ويصوب لنا الخطأ وتحولنا إلي عشاق للرجل ولكل ما تكتب يده.
- كان الرجل بين جيل العمالقة الكبار-ذوق سيد ابراهيم منة إلهية ومنحة سماوية تمنح للعباقرة وصناع الأجيال، فكل ما كتبه حسن جميل، بل إنه صانع الجمال، ومن حظ الجمال أن يضاهيه ويتتبع فنه والفن عنده ليس علما فقط بل روح وعطف وانسانية وإني لأهيب بالأمة العربية والعالم الإسلامي أن يهتم بالخط العربي واللغة العربية فإن إحياء الفنون العربية والخط العربي وتدريسه وتحسينه غاية جميلة.
الدكتور / عبد الله شحاته


- كان استاذاً لنا في كلية دار العلوم وكنا نقتدى به في كثير من الأمور في الذوق والفن وتجويد الخط وتحسينه، وكان لا يفتأ يعمل دائما وأبدا متطوعا ولا يكتفي بالمحاضرات الرسمية، بل كان يتطوع ويجمع الطلاب حوله ليعلمهم هذا الفن العظيم الراقي الذي فقدناه وفقدنا أصوله منذ زمن بعيد، ولم يكن سيد ابراهيم مقتصرا في دراسته علي الخط، لقد كان فنانا، ذواقة، يصحح بعض الأبيات القديمة ويشرح لنا شرحا جديدا بارعا، كان متمكنا من الأدب العربي، قديمه وحديثه، تمكنا كافياً .
د. كمال بشر


- كان استاذاً لنا في كلية دار العلوم يمثل الفنان المبدع في تعامله مع الخط العربي والفكر الواسع والمعرفة العميقة بالأدب العربي ومتذوق رفيع لنصوصه، فلم يكن خطاطا أو عارفا بالخط العربي فحسب، وإنما كان رجلا موسوعيا يحفظ الكثير من تاريخ الأدب العربي ويعرف اللغة العربية في أدق تفاصيلها، ويلم إلماما تاما بالحضارة العربية والإسلامية علي وجه العموم.
د. أحمد هيكل


- كان صديقا وكان استاذا وكان عالما وكان موجها وقبل كل هذا فنانا رفيع المستوي بالاضافة إلي خطه، الذي كان يعتبر فنا من الفنون الرفيعة، كان يجيد الأدب والفكر ولذلك يستعمل كلمات وعبارات جيدة فيما كان يعلمه لنا من خط كان واسع الثقافة في علومه وأفكاره متعددة وأخلاقه في القمة، وقدوة عظيمة في العمل والإيمان به ومحاولة أجادته وفي اخلاقه الطيبة التي نعمنا بها طوال فترة اتصالنا به من المعروف أن الخط العربي فن من الفنون الجميلة وكان سيد ابراهيم يجيده اجادة هائلة ويرتبط به ارتباط العابد بمعبوده وأني اشكر كل الذين يحاولون أن يسجلوا حياته أو يكتبوا عنه ليبرزوا أفضاله علي المجتمع.
الدكتور / أحمد شلبى


- انه علم من أعلام الخط العربي، فالخط العربي ليس مجرد رموز تسجيل اللغة أو تسجيل النطق ولكنه فن متميز من فنون الجمال التي تعكس جمال النفس العربية التي ارتفعت بجمال القيم الإسلامية ، كان دائما يسعدنا بالكثير من طرفه ولمحاته الأدبية لم يكن يعلمنا خطا فارغا جامدا.. رموزا ميته...ولكنه كان يعلمنا الخط في نصوص جميلة تحفل بالقيم والمثل العليا رحمة الله علي سيد ابراهيم فقد كان أمة وحده في عالم الفن العربي ولقد شرفت بأن تتلمذت عليه وتعلمت منه فن الخط، واستطعنا أن نغير كثيرا من عاداتنا الخطية التي تجعل للخط معني ومذاقا لم يكن مجرد معلم يعمل الناس مهارات الخط، ولكنه كان حارسا من حراس الحضارة العربية.
الأستاذ الدكتور / عبد الصبور شاهين


- ان اسمكم الفني ملأ الأقطار العربية بشذاه لما اسبغتم علي الخط العربي من روعة تجلت في نتاج أناملكم الكريمة وثمرة أقلامكم البديعة حتي أصبحتم رائد الخط العربي دون منازع وحتي أصبح سيد ابراهيم وحسن الخط توأمين واسمين مترادفين، فكنتم قبلة المتذوقين والمحترفين معا يتهافتون علي آثاركم ويكتحلون بجمالها، ويروون فهمهم الفني بتأملها ودراستها هذه كلمة حق أسوقها إليكم لأعبر لكم عن مدي امتناني بنوغكم الفني وسحر بنانكم وان من البنان لسحراً.
الأستاذ / كامل البابا


- الأستاذ سيد ابراهيم ملك الخط العربي غير منازع والوصي علي التراث الشعري لأبي العلاء المصري فهو يحفظ شعره كله ويجيد الاستشهاد به في لمحات مشرقة ولا يكاد يخطر ببالك معني من المعاني أو موقف من المواقف أو سانحة من السوانح ثم تسأله ماذ قال أبوالعلاء في هذا إلا وقال: لقد قال كثيراً وفي مثل لمح البصر كتب أمامك من شعر المعري ما كأنه قيل في هذه المناسبة وحدها وكم كان يبهجنا بهذه الظاهرة كلما لقيناه وسألناه.
الأستاذ / خالد محمد خالد


- `إنني اعتقد أن عبقرية سيد ابراهيم لا تنحصر في مجال الخطوط التي ابدعها وحدها بل في جمال التنسيق الذي ابدعه في الخطوط والأشكال والألوان فجعل من كل واحدة من لوحاته قطعة موسيقية فكانت لوحاته مصدر متعة فنية للعين والأذن والقلب`
الدكتور / حسين نصار


- هو علم من أعلام الخط العربي في مصر والعالم الإسلامي، ما قدمه يساوي كل ما مضي لحرصه علي الأداء الجيد والمتميز في عمله وتدريسه خطه يمتاز بالسلاسة المتناهية وله لون واحد لم يتغير طول عمره الطويل وغزارة انتاجه ملأ بها العالم الإسلامي
- لم يتأثر بقواعد الخط السائدة في جيله بل درس القواعد القديمة للخطوط التركية والفارسية السائدة منذ قرون ومصرها بأسلوبه الخاص وظهر كشخصية مستقلة تعتبر مدرسة أو أكاديمية مستقلة في عالم الخط وتاريخه، فكان همزة وصل بين الخط العربي منذ قرون وبين جيله ويمكن تمثيل دوره في تاريخ الخط العربي بمثل دور سيد درويش في تطوير الموسيقي العربية، كان شاعرا له أحاسيسه وظهر ذلك جليا في انتاجه الغزير من حيث اختيار المعني وجمال الكتابة والإنتاج ولا يستطيع الخطاط العادي تذوق جماليات خطه ففهم الخط يتطلب حس واحساس وعلم وثقافة.
- ومن محاسن الصدف ان جمعتني بأحد تلاميذه وطلبته بكلية دار العلوم وجرنا الحديث عن المرحوم سيد ابراهيم فقال لقد كان استاذا عظيما غزير العلم عفيف اللسان واسع المعرفة عميق الرؤية بليغ اللفظ, شامل العطاء, لا يقف عند الوصف للحرف بل يغوص الي شرح الاسباب والدوافع والأغراض والخواص واللوازم..رحمه الله رحمة واسعة .
الأستاذ / كامل ابراهيم


كنت للخط رائــــــــداً ورفيقـا ولعشاقــــه أبا وصديقــــــا
لكل في كل بقعــــــة بصمات طوقت هامة الدني تطويقــا
قد رأىنا فيك ابن مقلــــــة حيا وكذا ابن البواب حرا طليقا
إن فنا ابدعــــــــت فيه سيبقي مشعلا نيرا يضئ الطريقـا
عشت من أجله مجدا فأضحي مثلما قد أردت مسكا فتيقـا
هو أحدوثـه المحامــــــــل لما أن رأته نبتا ثــريا دفيقــــا
قر عينــا فكل طلابك الكــــثر رأوا فيه عطفــك المغدوقـا
ترجوه فعلا فقد زرعوا الدرب كما شئت نرجســـا وشقيقــا
قر عينــــا فهـم علي العـــــهد باقون بجد دربهم لن يضيقا
فهم بعدك الشـــــروق بحـــق حيث إنا فيهم رأىنا الشروقا
إن ما قد اعطيتهم هو بـــــاق وسيبقي مدي الزمان وريقــا
الشاعر / محمد جعفر العربى


- كان سيد ابراهيم امنية كل طالبب وأمل كل متعلم والصورة الكريمة للمربي القدير رأىت فيه القدرة الفائقة والوهبة الملهمة لكل حرف عنده قصة وتاريخ وتجربة فهو يعرف قدسية الحرف وجلاله وفلسفته ومدلوله، يكتب الحرف شارحا ومحللا وموضحا ومفصلا فتحب الحرف وتعشق كتابته وكان يري أن الحرف اساس الكتابة كلها.
- وتمضي الأيام وألتقي مع استاذي في عام 1984 مشتركا معه في لجنة جوائز الدولة التي كان يرأسها فرأيت فيه الحاكم العادل والميزان الصادق والرؤية الصائبة والقرار الحكيم لايعرف المجاملة ولا المحاباة إنه رجل عالم وإنسان مستقيم وفنان صادق أمين.
الاستاذ / عبد الرازق النعمان


- سيد ابراهيم هو هرم الخط العربي وهو من الأساتذة القلائل الذين يكتبون جميع أنواع الخطوط كان الوحيد في عالمنا الذي يعرف اسرار وقواعد خط المحقق والريحاني والإجازة وهو الوحيد في العالم الذي وضع كتابا جمع فيه جميع أنواع الخطوط العربية بما فيها المحقق والريحاني والإجازة والطغراء كان غيورا علي الخط العربي طالما أوصاني بالإلتزام بالخطوط العربية الأصيلة فيما يظهر علي شاشة التليفزيون.
الاستاذ/ مسعد خضير البورسعيدي


- كان مكتب استاذي سيد ابراهيم ملتقي الشعراء والأدباء والكتاب ومأوي لكل مؤلف يريد أن يتوج كتبه بعنوان كتاب ليضع عليه بصمته الأخيرة ولمساته الساحرة يخطها بقلمه فتشد القارئ، رأيت في مكتبه حبا لفنه عباس العقاد والمازني، وعلي الجارم وكامل الكيلاني وغيرهم من عمالقة الجيل الذين أثروا الساحة الأدبية والفنية في مصر والوطن العربي.
الأستاذ / محمد حداد


- سيد ابراهيم مثلي الأعلي، كنت أتردد علي مكتبه في طريقي إلي مدرسة تحسين الخطوط أراقبه وهو يكتب وهو يبري قلمه متأملا اللوحات التي يزين بها مكتبه لكبار الخطاطين وخاصة رئىس الخطاطين الأتراك أحمد كامل صديقه الحميم .
- كان يحاسبني دائما عندما يدعوني عملي في الصحافة إلي الخروج علي القواعد الأصيلة ويدعونني إلي الالتزام والحرص علي القواعد الأصيلة للخط العربي.
- قدم استاذي للفن الإسلامي والخط العربي من الآثار الباقية ما ينفع الأجيال والأجيال إلي ما شاء الله.
الأستاذ / محمود ابراهيم


- قليلون هم الأفذاذ, قليلون هم العباقرة, قليلون هم النبغاء, قليلون هم العظماء, والخالدون بعد الرحيل قليل, لقد رحل عن دنيانا نابغة من النوابغ, فذ من الأفذاذ, عاش عمره الطويل, ويده الكريمة المعطاءة, وأنامله السخية الندية, لا تكل ولا تمل, كم سطرت من الابداع فنونا, ومن التحبير سطوراً, ومن العلوم طروساً, جددت التراث وأسبغت عليه من الرقة نوراً وضاء, دائم السطوع, يتلألأ بريقه في دنيا العلم والمعرفة, تلك اليد الكريمة الحانية التي اعطت بلا عدد, وأفاءت بال حساب طيلة ثمانين عاماً وأكثر.
- كتب آيات القرآن, كتاب الله الكريم, خشية واعتزازاً وكتب حديث الله القدسي اجلالاً وخشوعاً, وكتب أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم تعظيماً وفخراً,وكتب الحكم والأمثال, وابدع من آيات القرآن زخارف يعجز عن الاتيان بمثلها كبار الفنانين, هذه هي كتب التراث,وكتب الأدب, ودواوين الشعراء, وأسماء العلماء والشعراء والمؤلفين والكتاب, وعناوين الصحف والمجلات, كل هذا الكم الهائل من الابداع, يقف شاهداً علي عبقرية وعطاء هذه الموهبة الفذة, في دنيا الخط العربي الرحبة.
- انه شيخ الخطاطين في العالم الاسلامي والعربي المغفور له (سيد ابراهيم) الخطاط الذي رحل عن دنيا الفناء الي دنيا البقاء رحل الي جوار رب غفور كريم, خالق الخلق ومبدع الحسن والجمال.
- لقد انطوت بفقده صفحة ذهبية زاهية, ليس لها من عوض أو خلف أو بديل, فكانت الخسارة كبيرة.
- رحم الله فقيدنا العزيز رحمة واسعة, وأسكنه فسيح جناته, وألهم آله الصبر والسلوان.
الشاعر والأديب / محمد صالح القرق

موسوعة فنية تاريخية لعميد الخطاطين العرب
- نشرت مكتبة الإسكندرية ضمن سلسلة دراسات الخط العربي المعاصر، كتاب ` سيرة العميد: سيد إبراهيم، قراءة في سيرة عميد الخط العربي` ، للباحث محمد حسن أختصاصي بحوث الخط العربي في مركز الخطوط في مكتبة الإسكندرية. تضمن الكتاب سيرة العميد وأهم مراحل حياته المختلفة، مع عرض كامل لأهم لوحاته وتكويناته الخطية وأهم كتاباته في العمارة داخل مصر وخارجها، وتطرق الكتاب لسيد إبراهيم وتدريسه في كلية دار العلوم والجامعة الأميركية في القاهرة ومعهد المخطوطات العربية، ونشر ملخصات لمؤلفاته وطبيعة تأليفه.
ولد سيد إبراهيم في آب (أغسطس) 1897، وتفتحت عيناه على الآثار الإسلامية التي يمتلئ بها الحي القاهري العريق، وتزخر بآيات الخط العربي جمالاً وروعة، وتلقى تعاليمه الأولى في أحد الكتاتيب التي كانت منتشرة آنذاك، وكانت عادة هذه الكتاتيب أن تعلم الصغار مبادئ القراءة والكتابة حتى يتمكنوا من قراءة القرآن وكتابته على ما كان يعرف بـ ` الألواح`، وكانت من الأردواز أو الصفيح، وشاء الله أن يكون شيخ الكتاب الذي يتعلم فيه الطفل الصغير صاحب خط جميل ويشجع تلاميذه على الكتابة الجميلة. ولاحظ الشيخ جمال خط تلميذه الصغير فتعهده بالرعاية والتشجيع.
بعد الُكتاب التحق سيد إبراهيم بالقسم النظامي في الأزهر الشريف الذي كان يرأسه الشيخ محمد شاكر والد المحدث الكبير أحمد شاكر والأديب العلامة محمود شاكر، وكان هذا القسم يُعنى بتعليم الخط العربي إلى جانب دراسة العلوم الشرعية واللغوية، فتقدم كثيراً في تعلم الخط، إلى جانب أنه كان يمارس الكتابة حفراً على الرخام في محل لأخيه.
بدأت رحلة سيد إبراهيم مع الخط من خلال البيئة الغنية بالآثار الإسلامية التي كان يعيش فيها، وكانت الخطوط التي تزين المساجد والمباني الأثرية في حي القلعة في قلب القاهرة أول درس يتلقاه في فن الخط، وتأثر أيضاً بصفة خاصة في بداية حياته الفنية بخط الثلث المكتوب على سبيل ` أم عباس` ، الذي أبدعه الخطاط العثماني الفذ عبدالله بك زهدي، وكان الخديوي إسماعيل استقدمه إلى القاهرة، وعهد إليه بكتابة الخطوط العربية الجميلة على سبيل ` أم عباس` في حي الصليبية في القاهرة، وجامع الرفاعي في حي القلعة.
وكان خط عبدالله بك زهدي في غاية الروعة وحسن الذوق، واعتاد سيد إبراهيم أن يقف أمام خط زهدي ساعات طويلة مبهوراً بجمال فنه، محاولاً تقليده. كما تأثر بالخط الفارسي المكتوب على جدران مسجد محمد علي في القلعة، وظل حتى نهاية أيامه يزور تلك الأماكن بشغف وحب كأنه يزورها للمرة الأولى، وتعلم أيضاً على خط محمد مؤنس الذي يُعد مؤسس النهضة الكبيرة في فن الخط العربي بمصر.
كان سيد إبراهيم رائداً لفن الخط العربي، وأحد أهم خطاطي الجيل الثاني في المدرسة المصرية، بعد جيل مؤنس زادة وتلاميذه، وتخطى دوره وظيفة الفنان ثم المعلم الذي علم مئات الخطاطين من كل أرجاء العالمين العربي والإسلامي، إلى طور المجدد والمطور، سواء في تشكيلاته الخطية في لوحاته أم في ما هو أهم؛ وهو تحويل أغلفة الكتب المطبوعة إلى لوحات خطية رائعة صارت محل عناية من هواة الخط العربي، فضلاً عن هواة اقتناء كل ما هو ثمين. لقد كانت أغلفة الكتب قبله نمطية تخلو من روح الجمالية للخط العربي، وصارت تنطق بالجمال والتناسق البديع.
طارت شهرة سيد إبراهيم مبكراً، وعرف الناس فنه المبهر، وقدروا موهبته حق قدرها، ونظر إليه على أنه واحد من أعظم المواهب التي ظهرت في فن الخط، وتسابقت إليه المعاهد العلمية والفنية ليقوم بتدريس فن الخط على مدار 50 عاماً في مدرسة تحسين الخطوط العربية في القاهرة، وتخرجت على يديه أجيال متعاقبة من الطلاب المصريين والعرب والمسلمين والأجانب، كما درس الخط في كلية دار العلوم، وفي قسم الدراسات العربية في الجامعة الأميركية، وفي معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية. إلا أن شهرته الكبرى جاءت من طريق كتابته عناوين المجلات والصحف المصرية والعربية، مثل عناوين مجلة: الهلال والمصور والبلاغ والإخوان المسلمين والأهرام، والعديد من المجلات والصحف اليومية الصادرة في الخليج العربي. وكان يكتب لوحات ملونة لآيات القرآن الكريم توزع مع مجلة ` الإسلام` ، وكانت يومئذ أوسع المجلات الإسلامية انتشاراً.
وكانت خطوطه الجميلة تزين صدور الكتب العربية، وكان من أكثر الخطاطين الذين كتبوا عناوين الكتب لأقطاب رجال الأدب والفكر في مصر والعالم العربي، وقد نوه بخطه العلامة الكبير محمود شاكر في مقدمة تحقيقه لكتاب ` طبقات فحول الشعراء ` لابن سلام بقوله: ` وأما خطاط أخي الأستاذ الشاعر سيد إبراهيم فقد وهب كتاب ابن سلام وفصوله ديباجة يترقرق فيها الجمال` ، ووصفه الكاتب الكبير خالد محمد خالد في كتابه `حياتي` بأنه ` ملك الخط العربي من غير منازع` .
وتجاوز سيد إبراهيم كل تلك الأدوار كاملة ليصل الى مرحلة خاصة في تاريخ الخط العربي، وأيضاً في تاريخ مصر المعاصر. فكان الرجل ` رسالة ` فنية وثقافية كبيرة طوال سنوات عمره التي امتدت سبعة وتسعين عاماً، حيث لم يكن مجوداً ومعلماً فقط، بل كان صاحب رسالة في حفاظه على الخط العربي عبر الزمان والمكان، وورثت أسرته ` الرسالة` فكانت حاضنة لتاريخ الخط العربي في مصر لفترة طويلة في تاريخها. تفتح أبواب بيتها معلماً ثقافيّاً أو متحفاً من نوع فريد لكل من أراد أن يتزود من فن الخط العربي حول العالم، وكان لها دوراً كبيراً في دعم نشر هذا الكتاب بكثير من المخطوطات والأصول الفنية النادرة، والتوجيه طوال مراحل الكتاب.
تمتع سيد إبراهيم بثقافة واسعة وحب للتراث العربي الى جانب حبه للخط العربي، فقد نشأ في رحاب الأزهر واحتضنه أستاذه الشيخ كمال الدين القاوقجي حين وقف على ميوله الأدبية فشجعه على دراسة اللغة وحفظ عيون الشعر، ودله على أمهات كتب التراث العربي، ونمى موهبته الشعرية. وإضافة إلى ذلك حضر سيد إبراهيم دروس الأدب للشيخ المرصفي في الجامع الأزهر، وندوات شيخ العروبة أحمد زكي باشا، صاحب الأيادي البيضاء في حفظ التراث العربي ونشره، وهو يعد رائد فن التحقيق في العالم العربي، وأول من أدخل علامات الترقيم إلى اللغة العربية. وأغرم سيد إبراهيم بشعر المتنبي وأبي العلاء المعري، وكاد يحفظ شعرهما كله، وقد أشار إلى ذلك خالد محمد خالد فوصفه بأنه ` الوصي على التراث الشعري لأبي العلاء المعري؛ فهو يحفظ شعره كله، ويجيد الاستشهاد به في لمحات مشرقة` . كما شارك سيد إبراهيم في الحياة الثقافية بتأسيس رابطة الأدب الحديث وجماعة ` أبوللو` ، وتحتفظ مجلة ` أبوللو` بقصائد شعرية رقيقة لسيد إبراهيم.
وقد أورثته هذه الثقافة نظرات دقيقة في الخط العربي، فكان شديد الحرص على القواعد التقليدية له، ولم يجوز في التركيبات الخطية، بخاصة في كتابة ` آيات القرآن الكريم` أن يطغي عامل الجمال على ترتيب قراءة الآية، وكان يرى أن الخطاط العظيم لا بد من أن يكون مثقفاً ملما بقواعد اللغة العربية وتراث الأمة الإسلامية عالماً بأئمة هذا الفن، ودعا الخطاطين إلى كثرة التأمل والاطلاع على النماذج الخطية الجميلة؛ لأن الخط لا يكتسب بمداومة الكتابة فقط بل بالتأمل في إنتاج الآخرين.
كان سيد إبراهيم بتصميماته وروحه المميزة لفن الخط العربي امتداداً طبيعيّاً للفنان العربي المسلم في العصور الوسطى، وكانت إمكاناته الإبداعية تأتي من مقومات تلك الفترة الزمنية لتؤرخ مراحل التطور في الفكر والمعرفة والفن ونواحي الحياة كافة، فاشترك في كتابة خطوط قصر الأمير محمد علي المطل على النيل في حي المنيل في القاهرة، وكان هذا الأمير صاحب ذوق جميل ومن محبي الفنون العربية، وبنى قصره الجميل على الطراز العربي، وحلاه بأجمل النقوش والزخارف الإسلامية. ولما أراد أن يزينه بالخطوط العربية استدعى الحاج أحمد الكامل بك رئيس الخطاطين في مدينة إسطنبول للقيام بهذا الغرض، واختار معه سيد إبراهيم لإنجاز هذه المهمة، فاشترك مع الخطاط العثماني في كتابة قاعدة السلاطين وبوابة القصر وبعض اللوحات الخطية، وكان سيد إبراهيم يعد اختياره مع الحاج أحمد الكامل للكتابة في القصر أعظم تكريم له في حياته.
وتعدت شهرة سيد إبراهيم حدود مصر إلى غيرها من البلدان العربية والإسلامية، ففي إحدى زيارات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للهند زار مسجد جاما، وأعلن تبرعه بالسجاد للمسجد، لكن المسلمين هناك طلبوا أن تكون هدية مصر لهم هي خطوط سيد إبراهيم بدلاً من سجاد المسجد، ويعد ما خطه في المسجد هو أعظم آثار هذا الفنان الكبير، وبخاصة سورة الجمعة التي كتبها كاملة في صحن المسجد.
عاش سيد إبراهيم حياته موضع تقدير الناس والدولة، فكان عضواً في لجنة تيسير الكتابة العربية في الأربعينات، وعضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وفي المجلس الأعلى للفنون والثقافة. وظل موضع تقدير من محبيه وتلاميذه حتى توفي عن عمر يناهز السادسة والتسعين في 21 كانون الثاني (يناير) 1994، وبعد وفاته قام مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بتسمية المسابقة العالمية الخامسة للخط العربي بإسطنبول باسمه، وهي التي تقام لتخليد أسماء عظماء فن الخط في التاريخ.
بقلم : عصام السعيد
جريدة الحياة 29- 11- 2014
سيد إبراهيم .. شاعر الخط العربى
- ولد سيد إبراهيم في شهر أغسطس عام 1897. في حي القلعة الذي يعرف بآثاره الإسلامية, وكان لمكان نشأته وزمانه الذي عاصره أثره البالغ على حياته الفنية والأدبية هو وصديق طفولته كامل الكيلاني رائد كتب الأطفال.
- التحق بكتاب الشيخ فرج الذي كان يملك خطاً جميلاً وصدراً واسعاً لمحبي الخطوط حيث كانوا يمارسون الكتابة على ألواح الأردواز والصفيح واكتشف فيه الشيخ خطه الجميل فشجعه على إجادة الخط .
- وفي نفس الوقت كان يذهب هو وصديق طفولته كامل الكيلاني كل مساء إلى سوق القلعة ومقاهيها ليستمعا إلى قصص التراث الشعبي مثل: أبوزيد الهلالي وعنترة وقصائد الشاعر الصوفي عبدالغني النابلسي وإلى الأساطير اليونانية من الأرملة اليونانية التي كانت تسكن بيت كامل الكيلاني.
- بعد الكتاب التحق سيد إبراهيم بالقسم النظامي بالأزهر الشريف الذي كان يرأسه الشيخ محمد شاكر والد صديقه الأستاذ العلامة محمود شاكر, وكان هذا القسم يعني بالخط العربي بالإضافة إلى العلوم الدينية .
- استمر في نفس الوقت يمارس هوايته في الكتابة على الرخام بمحل شقيقه إلى أن يسر الله له شيخاً جليلاً من شيوخ الأزهر هو الشيخ مصطفى الغر الذي كان يمر مصادفة أمام المحل وأعجبته لوحة فدخل إلى المحل وكان سيد إبراهيم يكتب ثم ينحت فسأله عن كاتب اللوحة ولم يصدق أن كاتبها هو الصبي الصغير فطلب منه أن يكتب أمامه ودهش الشيخ وطلب منه الحضور إليه في الأزهر الشريف ونهاه عن الحفر على الرخام .
- الأستاذ الأول
- وعندما حضر إلى الأزهر أهداه الشيخ مشق الخطاط التركي محمود جلال الدين وكان يكرر عليه نصائحه كل حين .
- كان هذا المشق هو بداية الطريق للدراسة العلمية للخط العربي إذ تلاه مشق محمد مؤنس, ثم قام سيد إبراهيم بتجميع مختلف الأمشق التركية والفارسية الموجودة ومعظم صور اللوحات الخطية للخطاطين الأتراك والإيرانيين الذين تأثر بهم والمخطوطة الأصلية (الوضاحة في الخط العربي) التي تشرح قواعد الخط شعراً ليدرسها جيداً. كما اقتنى كثيراً من اللوحات الخطية لمشاهير الخطاطين الأتراك والمصريين مثل محمد مؤنس والحافظ عثمان .
- وكانت المدرسة العملية له في خط الثلث هي سبيل أم عباس بقلم الخطاط التركي عبدالله الزهدي الذي كان يقف أمامه كل يوم بالساعات ولعدة سنوات يحاول أن يقلد هذا الخط الجميل. أما مسجد محمد علي باشا فكان مدرسته في الخط الفارسي.
- واحتضنه في الأزهر أيضاً أستاذه الشيخ كمال الدين القاوقجي السوري الأصل لما لمس ميوله الأدبية فشجعه على دراسة اللغة وحفظ الشعر ونظمه وساعده الاغتراف من كتب التراث الدينية والفنية والأدبية والشعرية على تنمية مواهبه.
- كان معجباً بالشيخ المرصفي بالأزهر ودائم الحضور له, ومعجباً بأفكار الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وقد بدأ ينظم الشعر وهو في العاشرة من العمر حيث كانت أمنيته أن يزور بلاد العالم المشرقة فقال:
وطفت بلاد الله شرقاً ومغرباً
كأن زمام الدهر طوع بناني
ومتعت بالأسفار نفساً مشوقة
لرؤيتها قبل انقضاء زماني
- وكان لا يتقاضى أجراً من أصدقائه الأدباء والشعراء سواء من مصر أو من خارجها, وكان يحضر الندوات الأدبية حيث كان ركناً أساسياً في ندوة صديقه شيخ العروبة أحمد زكي باشا الذي أدخل علامات الترقيم إلى اللغة العربية لأنه رأى أن اللسان العربي مهما بلغ درجة العلم لا يتسنى له في أكثر الأحيان أن يتعرف على مواقع فصل الجمل وتقسيم العبارات وذلك في رسالته 1912, وكان قد ترك العمل كسكرتير لمجلس النظار عام 1924 واتجه للعمل في قضايا العروبة والتراث, وكان يملك مكتبة ضخمة من الكتب والمخطوطات تسمى المكتبة الزكية, وقد قام بتعريب الكثير من الأسماء الأجنبية مثل: السيارة بدلاً من الأتوموبيل. ومن الأعمال التي استدعت جهداً كبيراً منه اختصار حروف الطباعة إلى 427 شكلاً بدلاً من 905, وكان سيد إبراهيم عضوا في جماعة أبولو الشهيرة التي كان يرأسها أمير الشعراء أحمد شوقي.
- القرآن في لوحات ملونة
- بتأثير هذه النشأة دخل سيد إبراهيم إلى عالم الخط العربي والإسلامي عبر كتب الأدباء والعلماء العرب ومجلاتهم التي كانت تطبع في مصر ـ مركز الطباعة في العالم الإسلامي والعربي ـ وعبر لوحاته الملونة لآيات القرآن الكريم التي كانت توزعها مجلة الإسلام ـ أوسع المجلات الدينية انتشاراً في ذلك العهد ـ وعبر عناوين المجلات والصحف المصرية والعربية مثل المصور, والإخوان المسلمين والهلال والبلاغ والبحرين والمدينة المنورة ومنبر الشرق بسويسرا ـ وعبر أقطاب العالم العربي الأدباء والعلماء والشعراء الذين كانوا يفدون إلى مصر مركز الحضارة والطباعة.
- يقول الأستاذ محمد علي حافظ في مقدمة كتابه روائع الخط العربي.
- عرفت الأستاذ سيد إبراهيم الخطاط عندما فتحت عيني على الدنيا, فقد كان صديقا لوالدي وعمي. وعندما كنت طالبا في المرحلة الجامعية بالقاهرة كان منزل الأستاذ سيد إبراهيم هو بيتي الثاني بعد بيت والدي في المدينة المنورة, ونعمت هناك بمصاحبة أسرة مصرية مثالية لها رب مثالي. وهناك تعرفت على هذه الشخصية النادرة, وكنت دائما أقف مندهشا أمام الحافظة (الكمبيوترية) التي تختزن آلاف الأبيات الشعرية, وأقول الآلاف حتى لا يتهمني أحد بالمبالغة, فلم يكن يتحدث أو يناقش أحدا إلا وهو يضرب الأمثال من أروع ما نظم شعراء العربية بدءا من العصر الجاهلي حتى شوقي.
- كان معجبا بالمتنبي وأبي العلاء المعري وأكاد أقول دون مبالغة إنه يحفظ عن ظهر قلب أشعارهما جميعها, وهو ليس حافظا للشعـر يردد ما يختزن في ذاكرته, وإنما هو ذواقة من نوع فريد, وهذا في رأيي الذي ساعده على الحفظ وعلى استـرجاع ما حفظه في الوقت المناسب.
- هذا جزء من طبيعة الأديب والشاعر والفنان والخطاط الأستاذ سيد إبراهيم, ولكن الجزء الآخر من الشخصية هو أنه يعتبر بحق أستاذ الخط العربي على مدى عقود طويلة لم يتوقف عطاؤه إلا قبل عامين فقط.
- آراؤه في الخط العربي
- كان سيد إبراهيم مولعا بالخطاطين الأتراك متأثرا بهم محبا شديدا للخطوط التركية, وكان دائما يردد أن الأتراك لهم فضل كبير على الخط العربي, وأن أكبر نكبة حلت بالخط العربي هو الانقلاب على الخطوط العربية واستبدالها بالحروف اللاتينية. وكان صديقا حميما للحاج أحمد الكامل آخر رئيس للخطاطين باسطنبول. بدأت الصداقة في قصر الأمير محمد علي ولي عهد مصر والمحب للخط العربي الذي استقدم الحاج أحمد الكامل من تركيا لكتابة قصره ومسجده واشترك سيد إبراهيم في كتابة قاعة السلاطين وبوابة القصر وبعض اللوحات الخطية واستمرت الصداقة حتى بعد رجوع الحاج أحمد كامل إلى تركيا. كان دائما يردد قول الحاج أحمد الكامل له: (كنت أتمنى أن أغمض عيني في قبري قبل أن أشهد مصرع الخط العربي في تركيا). وكان سيد إبراهيم يردد أن اختياره مع الحاج أحمد الكامل للكتابة في القصر هو أعظم تكريم له في حياته.
- كما كان معجباً بالخطاطين الفرس خاصة عماد الحسني ويردد دائماً الخط الفارسي للفرس. بالإضافة إلى محمد مؤنس ومحمد جعفر من مصر ولا يؤمن بكلمة المدرسة العربية أو التركية أو الفارسية بل بكلمة الخط العربي الذي تطور لخدمة القرآن الكريم.
- ويقول إنه عاش في جيل غير جيله فوجد الخط العربي في نكوص متواصل وحاله كحال الشعر العربي. لقد كان الجيل في العهد الماضي يهتم اهتماماً بالغاً بالخط العربي وجماله أما الآن فقد عم فساد الذوق في الخط والشعر معاً وقل الاهتمام باللغة العربية.
- فمن صائح يصيح بأن الكتابة العربية صعبة ويجب تيسيرها وآخر ينادي بالعامية وثالث باستعمال الحروف اللاتينية, ولكن ذهبت صيحاتهم هباء وانفرط عقدهم ولم تقم لهم قائمة وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
- كان يردد دائما: (جاء الزمن الذي يمكن أن ينازع فيه الجاهل العالم, في الماضي, كان رجل الشارع العادي قادرا على النقد الخطي أما الآن فالأمور اختلفت). ولذلك لم يفكر في إعادة طبع أي كتاب من كتبه خاصة كتاب فن الخط العربي وقد أعاد إصداره الأستاذ محمد علي حافظ ناشر جريدة الشرق الأوسط والذي أصدر أيضاً كتاب الأستاذ سيد إبراهيم روائع الخط العربي (وقد ارتبط الأستاذ سيد إبراهيم والسيدان علي وعثمان حافظ اللذان أسسا جريدة المدينة المنورة بصداقة طويلة دامت أكثر من نصف قرن ).
- كان الأستاذ سيد إبراهيم شديد الحرص على القواعد التقليدية للخط العربي وكان يردد دائماً: (إن أوضح الخط أبينه ولا يجوز في التركيبات الخطية خاصة القرآن الكريم أن يطغى عامل الجمال على ترتيب قراءة الآية). كما كان يقول (بأن الخط العربي هو الفن الوحيد الذي تنفرد به الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم ويتفهم الغرب قيمة هذا الفن ويقدره أكثر من ) .
- كما كان يردد دائماً أن المواهب متجددة وليست مرتبطة بعصر معين أو قطر معين ولكن أين الأستاذ فالخط مخفي في تعليم الأستاذ وأين أهل زمان ؟
- كان يرى أن الخطاط العظيم لابد أن يكون مثقفاً ملماً إلماماً تاماً بقواعد اللغة العربية وتراث الأمة الإسلامية عالماً بأئمة هذا الفن.
- وأن الخط لا يكتسب بمداومة الكتابة فقط بل يكتسب أيضاً بكثرة التأمل والاطلاع على النماذج الخطية الجميلة لانطباعها في الذهن. فالعين تنقل الصورة الخطية الجميلة إلى الذهن واليد تقوم بكثرة التمرين على إخراج هذه الصورة الجميلة إلى حيز الوجود مثل ذلك في القول ,فاللسان يعبر عما في الذهن من معان جميلة ويقول الشاعر:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
- فإذا اجتمع الاطلاع على نماذج جميلة والرغبة والموهبة والاستعداد الفني وكثرة التمرين والجهد الشديد المستمر والثقافة الخطية وجد الخطاط النابغ الموهوب.
- إن تنفيذ فكرة ما طرأت لإحساس بمعنى أو تأثر بفكرة وانبهار بجمال قد يستغرق من الخطاط الموهوب مدة قد تطول أو تقصر حسب رضائه عن إخراج ما أحس به وما أراد في الصورة الجميلة التي يريدها.
- والخطاط الموهوب لا يخرج أي عمل فني له إلا إذا اكتمل هذا العمل وأصبح في صورة يرضى هو عنها وليست العبرة بالزمن إنما العبرة في العمل الفني بالجودة والكمال.
- والخط والشعر كلاهما محبب إلى قلبي, تأتي الفكرة لكتابة لوحة أو قصيدة في لحظة استغـراق قد أكون نائماً أو متيقظاً, وأذكر أنني في منامـي رأيتني أكتب الآية الكريمة (ولسوف يعطيك ربك فترضى) في صورة معينة وتركيب فنـي خاص, وما إن استيقظـت من نومـي وجدت نفسي ألبي هذا النداء وأكتب ما رأيته في منامي.
- أما لوحات الفنانين التي تتخذ من الحروف العربية أساسا لتشكيلها فهو يرى أن مثل هذه اللوحات ليست بحال لوحات خطية وإنما إبداعات لا تتعدى نطاق الرسم ولا صلة لها بالإبداعات في تراثنا الفني الإسلامي التي اشتهر بها هذا التراث.
- ولم يكن رافضا للاجتهاد ويقول: إن باب الاجتهاد في الخط العربي كان ومازال مفتوحا أمام المبدعين الحقيقين الغيارى على لغة القرآن, فالاجتهاد يجب أن يكون لمن بلغ القمة في هذا الفن ومن في مرتبة الأئمة العلماء.
- فالخط العربي هو الفن الوحيد الذي تنفرد به الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم وتفهم الغرب قيمة هذا الفن أكثر منا.
- أما الخط المستحدث فلا يوجد خط مستحدث إلا القبيح الذي يلجأ إليه العاجزون عن كتابة الخط العربي الصحيح السليم. ورحم الله شاعرنا الذي قال:
إذا تم شيء بدا نقصه
توقع زوالا إذا قيل تم
- ويقول سيد إبراهيم إن الخط قد أخذ عمره كله وحتى وهو في التسعين من العمر كان بالاطلاع يكتشف أسراراً جديدة من أسرار الخط العربي, والآن كل من لا يستطيع أن يكتب حرفا صحيحا على القواعد يستطيع أن ينقد الأئمة الكبار وأن يؤلف الكتب.
- ولذلك فقد ابتعد سيد إبراهيم برغبته عن الحياة العامة وعن الاشتراك في المعارض وعن إصدار كتبه مكتفيا بالطباعات الخاصة .
- وكان يردد دائما أنه عاش في ظل دولة الخط وامتد به العمر ليعايش جيلا غير جيله ويكفيه تلاميذه في جميع أنحاء العالم وكان كثيرا ما يردد أبياته:
كلفت نفسي بالفن
وكم للفن سحر

قد أضاع العمر في
ريعانه خط وشعر

كلما سطرت سطرا
ضاع من عمري سطر

- متحف صغير
- إذا قدر لك أن تزور منزل سيد إبراهيم فإنك تجد نفسك داخل متحف صغير يحتوي على مئات اللوحات بمختلف أنواع الخطوط بعضها قام بزخرفته محمد خليل الذي كان يعتبره إبراهيم أحد أبرز مزخرفي وكتاب الخط الكوفي في العالم.
- وقد اشترك تلامذته العرب د. محمد شريفي وبوثليجة محمد وعبدالقادر بوماله من الجزائر ورياض جوهرية من فلسطين وعقيل أحمد من تركيا ومحمد يوسف مندني من الإمارات وبدر أحمد من مصر والمسيو بازيل مدير مطبعة المركز الثقافي الفرنسي في إخراج وزخرفة اللوحات, وبعد وفاته تولي الزخرفة في مصر مسعد خضير وبوثليجة محمد من الجزائر والذي تجلت فيه أكبر مظاهر الوفاء حيث مكث هذا العالم أربعة شهور لترميم وزخرفة حوالي 04 لوحة مضحياً بوقته وعمله. هذا بالإضافة إلى ما يتم تذهيبه الآن في اسطنبول بتركيا بمعرفة الفنانين الأتراك وبمساعدة الأستاذ محمد التميمي رئيس قسم التراث بمركز الأبحاث باسطنبول, وبذا أصبحت لوحات سيد إبراهيم مجمعا لمختلف الاتجاهات والمدارس الزخرفية. وقد ترك سيد إبراهيم من كتب الخط بالإضافة لكراسة خط النسخ وخط الرقعة كتاب فن الخط العربي (80 صفحة) ويحوي جميع أنواع الخطوط الرئيسية بما فيها المحقق والرياحاني والطغراء وأعد كتاب نماذج من الخط العربي وهو يحتوي على تطبيقات الخط العربي واستخدامه للخطوط التركية والفارسية والعربية كل على حدة. وأعد كتاباً عن تاريخ الخط العربي له آثار في قصر الأمير محمد علي بالمنيل وجامع صديقه الشيخ علي حسب الله بالهرم وجامع الفولي بالمنيا وجامع أحمد زكي باشا بالجيزة وكسوة الأضرحة بالسيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة.
- ويعتبر جاما أحد المساجد بالهند من أعظم آثاره وأحبها إليه خاصة سورة الجمعة كاملة في صحن المسجد على النمط المغولي إذ ترتفع الكتابة إلى سبعة أمتار بالإضافة إلى حوالي 20 قطعة من الثلث الجلي من صحن المسجد. كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قد زار المسجد وبرفقته الرئيس نهرو وعندما أعلن تبرعه بالسجاجيد للمسجد طلب منه المسلمون أن تكون هدية مصر هو خط سيد إبراهيم بدلاً من السجاجيد.
- كان من أصدقائه في القارة الهندية الدكتور أحمد فيظي سفير الهند السابق في مصر. كان أول ما فعله عندما حضر إلى مصر التوجه إلى مدرسة تحسين الخطوط ليسأل عن سيد إبراهيم ويعانقه وكان يدعوه إلى الحفلات الخاصة بمنزله الذي يدعو إليها أصدقاءه القادمين لمصر.
- كما كان من أصدقائه الدكتور أحمد حسن الأعظمي عميد كلية اللغة العربية بكراتشي والذي كان يحضر إلى مصر لإعداد كتبه عن تاريخ الإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية والذي قام بترجمة أغنية حديث الروح لأم كلثوم من اللغة الأوردية إلى اللغة العربية.
- توفي الأستاذ سيد إبراهيم عن 96 عاماً بعد أن أعطى فنه لتلاميذه ومحبي الخط في جميع أنحاء العالم الإسلامي واستمر محافظاً على القواعد التراثية للخط العربي مدافعاً عنها عبر الصحف والمجلات والمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب الذي كان عضواً به.
- كما دافع بشدة عن الخط العربي وحروفه عندما كان عضوا بلجنة تيسير الكتابة العربية في عام 1947 التابعة لمجمع فؤاد الأول للغة العربية.
- وكانت أمنيته أن يعود الخط إلى سابق مجده وعبر عن ذلك بقوله:
يا خالق الأرض والشمس والدجى والبدور
وخالق الروض والزهر والندى والغدير
ارجع إلى الخط عهدا من السنا والنور
عهد الفنون كما كان من قديم العصور
أيام يزهى بثوب على الزمان نضير
أيام يلقي من العرب أحسن تقدير
بقلم : خالد سيد إبراهيم

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث