`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
بسمة محمد عبد العزيز محمد حسين

- أدهشنى فى معرض بسمة سرعة اختطافها شخصيات لوحاتها خطفة من القلب وهذا هو الفن الأصيل .
الفنان/أحمد نوار 2002

بسمة عبد العزيز درست التشريح فتخصصت فى النحت
- الفنانة بسمة عبد العزيز فنانة مصرية شابة، درست الطب النفسى ، وتهوى النحت على الخشب أقامت معرضها الأول فى إحدى قاعات أتيلييه القاهرة فى الصباح طبيبة وفى المساء فنانة تشكيلية .
- الفنانة بسمة عبد العزيز تمارس الفن كهواية بداً معها قبل دراسة الطب وقد بدأ الرسم منذ طفولتها تقوم الفنانة بعد دخولى إلى المراحل الدراسية ، كان اهتمامى بالرسم أكثر من قبل ، وكانت لوحاتى توضع داخل حجرات الدراسة ، كل ذلك كان قبل اهتمامى بالنحت ، بعد انتهاء المراحل الدراسية بما فيها الطب النفسى ، أقمت أول معرض خاص وكان بألوان الأكليرك والألوان المائية .
- شاهدت الفنانة أزميرالدا حداد أعمالى وشجنى فى تلك الفترة، وأيضاً ذهبت إلى الشونة وهى مركز ثقافى يهتم بفنون الطفل، ويشرف عليها الفنان أسحق عزمى، كنت أذهب إلى الشونة حتى أتمكن من ممارسة الرسم مع الاستماع إلى تعليمات الفنان .
- دعتنى الفنانة أزميرالدا حداد للإشتراك مع مجموعتها من شباب الفنانين، وكان أول اشتراك فى العرض صالون هليوبولس وهو معرض سنوى ، بدأت بعد ذلك فى التفكير فى معرض خاص وفعلاً اقمت معرضاً للبورنزية وكانت خامة الرسم بالأكليرك. أخذت خامة الأكليرك لأننى كنت فى مرحلة دراسة الطب ، وكانت تحتاج إلى وقت طويل حتى تجف طبقات اللون على اللوحة، ولكن الأكليرك يجف بسرعة ويمكن الاضافة حتى انتهى من اللوحة، وهنا اتعامل مع الخامة فى وقت سريع بخلاف خامة الزيت .
- فى شهر ديسمبر عام 2002 اقمت معرضاً فى قاعة تحية حليم بأتيلييه القاهرة .
- تعرفت بالفنان الكبير صبرى ناشد وهو فنان نحات متخصص فى النحت على الخشب والمعروف أن نحت الأحجار يختلف عن النحت الخشبى بل وله أدواته الخاصة .. كانت أمنيتى قبل التحاقى بكلية الطب أن التحق بكلية الفنون الجميلة وتحديداً قسم النحت ، هنا بالنسبة للمجموع الكبير فى الثانوية العامة ، إلى جانب كلام الناس والأهل جعلنى التحق بالطب .
- أول مقابلة لى مع الفنان صبرى ناشد وكان يعمل فى نحت تمثال كبير بإرتفاع 3 أمتار ، وكان ذلك فى ورشة قريبة من منزلى .. كنت أراقبة أثناء العمل بل وأذهب إليه فى الصباح الباكر حتى أتعرف على أسرار فن النحت ، ثم أذهب إلى الكلية ، كنت أسأله عن بعض التفاصيل فى فن النحت وكنت أخذ منه بعض القطع الخشبية التى تتبقى من أعماله .
- بدأت استخدم الأزميل والدفرة وهى الأدوات الخاصة بالنحت على الخشب وكان يضيف إلى بالمعلومات الفنية الهامة بالنسبة للأخشاب ..
- قمت بعمل بعض القطع الفنية المعروضة هنا فى معرضى الأول للنحت الخشبى، وكانت أول إنتاجى مع الفنان صبرى ناشد هما تمثال الأم ثم الطائر .
- بدأت التعرف على مكان شراء الأخشاب ثم الحصول على الأدوات كالأزميل والدفرة وغيرها من اللوازم الضرورية للعمل .. بدأت النحت بمفردى ولكنى كنت أعرض عليه كل قطع انتهى منها .
- وقد شجعنى الفنان صبرى ناشد حيث قال لى : أنت أول فنانة تتعلم لدى ولكن لك أسلوبك الخاص والفن هنا هو رؤيتك انت وأسلوبك وسيرى على بركة الله ، وكان هذا المعرض الذى تشاهده أمامك .
- وتختم الفنانة بسمة عبد العزيز كلامها عن علاقة الطب بالنحت علم التشريح كان العامل المهم فى النحت فقد استخدمت دراسة التشريح فى إجادتى لفن النحت .
رشاد القوصى
جريدة العربى الناصرى ديسمبر 2007

- لا أعرف بالضبط ما الذي دفع بكلب جياكومتي الضال أمامى لحظة دخولى عالم بسمة التشكيلى رغم الهوة الكبيرة بين شخوصها التى جاءت بفعل التراكب وشخوصه التى جاءت بفعل الإزاحة والحذف... ربما يكون المشترك الذى دفع به أمامى هو تلك المساحة المتسعة لرصد الكثير من عذابات الروح والجسد، تلك المساحة التى جعلت تراكيبها النحتية تشعرنى وكأننى أرصد عذابات العالم عبر منظومة قهر تمتد من الطين إلى النهر، ومن جذور الشجر إلى سماوات العالم .

الفنان /أحمد الجناينى
الممثل العام لسمبوزيوم أهدن لبنان التشكيلى الدولى2007

- جميل هو تحليل المساحات سواء فى الوجوه أو التكوين، ألوانها صافية، وهى كذلك نحاته لها أساس متين فى الفن ، ترقب الكتلة الخشبية وتعطى لها إحساس البناء، وتؤكد على وجودها بغير ثرثرة، هادئة هى تكويناتها ورصينة ومحكمة.. ما أجمل أن يحب الإنسان عمله، وما الفن إلى تأكيد لإنسانية الإنسان .
الفنان / صلاح بطرس 2006

التعبيرية بين الشعبى والنفسى فى معرض بسمة
- فى قاعة تحية حليم عرضت الفنانة بسمة عبد العزيز أكثر من عشرين منحوتة أغلبها من الخشب، أرتكنت فيها كذلك إلى التداعى التعبيرى الفياض ولكن من القناة النفسية ربما لطبيعة داراستها للطب النفسى، وذلك مثلما بدا من آلية البناء الشكلى التى وظفت من خلالها الجسد البشرى كمفردة محورية بجانب عناصر ثانوية كالسمكة والطائر ، حتى إننا يمكن أن تصطلح على هذا النوع من الآراء بـ ( التعبيرية النفسية ) حيث تركز فيه بسمة على حالة الانسحاب من الواقع والمستندة إلى مبدأى ( اللذة والألم ) و( الواقع ) وبين الاثنين يتولد الصرع داخل الشخصية مجسداً المجابهة بين المتعة الذاتية والحرمان المصاحب للواقع الذى ينتصر فى النهاية بعد تبادل للسيطرة ، مولداً اللذة المؤجلة كما ذكر فرويد فى نصوصه عام 1911 ، ولأن الفن هو أحد صور المصالحة بين الذاتى والواقعى ، فقد أدى هذا النزال بين البوح والكبت إلى نوع من الإفراغ الحركى داخل تمثال بسمة نفسه ، ويبدو هذا فى عملها ( نظرة للداخل ) ، الذى يؤكد ذلك الاتجال البندولى بين القهر والتحرر بين القيد والتمرد .
- وقد يترسخ هذا أيضاً فى عمل ( محاولة للبقاء ) من خلال ذلك الجسد البشرى الجاثى على ركبتيه ، متشبئاً بجسد آخر واقف، وفى هذا التكوير يتجلى التجاذب بين الأنا والأنا العليا أكثر من كونه نزاعاً بين جسدين، أما العلاقة بالواقع المحسوس فهى للوصول إلى أدنى درجة من التوتر وفى هذا السياق لعب الإيقاع البصرى الحيوى للماء والخشب دوراً ملموساً فى توطيد الصلة بين ظاهر وباطن التمثال .
- وعلى ذات النهج النفسى تأتى جل أعمال الفنانة فى إيماءة متكررة إلى الإنسحاب من الواقع أو تحييد قسوته كما يبدو فى أعمال مثل( انطواء ) ، ( نظرة إلى الوراء ) ، ( طائر ) ، (غريق )، ( كهف الشمس )، ( التصاق ) وهو ما يحتم عليها التركيز على هذه الآلية فى الفكر والأداء دون غيرها ومن ( التعبيرية الشعبية ) عند علاء محمدى إلى ( التعبيرية النفسية ) عند بسمة عبد العزيز يبرز من ركام الأحداث جيل جديد يتحلى بفطرة الانتماء وثقافة المقاومة داخل غرفتى النفس والوجدان ، فى إفصاح إبداعى متدفق عن حرارة العشرق وألم الجراح .
محمد كمال
جريدة القاهرة - أغسطس العدد 331
التعبيرية النفسية فى منحوتات بسمة عبد العزيز : بين وهج الإبداع وشجاعة الموقف
كنت وما زالت أرى المبدع فى وطنه كالجوهرة التى تسعى السلطة دائماً لحيازتها داخل جرابها الخاص ، وعندما تفشل فى مأربها ، لا تجد مفراً من حرمان الجماهير منها، إما بإخفائها ، أو بوضعها فى صندوق زجاجى من أجل متعة الفرجة فقط ، بعيداً عن نشوة وجودها فى كفوف الناس ، وهو ما تفعله غالباً الأنظمة الديكتاتورية المستبدة ، خاصة وأن المبدع عادة ما يكابد حفنة من المشاكل مع سياقه الإجتماعى المحيط ، عبر علاقة جدلية ملتبسة تتأرجح بين الرفض المتبادل والقبول المرهون والمهادنة المشروطة .. وعلى الأرجح أن هذا الخلاف العتيق يكون بسبب التباين فى طرق التفكير بين نمطية الجموع وميولها المحافظة وحداثية المبدع ورغبته الدائمة فى الفرار من سجن المألوف ..وعلى جانب آخر يبدو نفس المبدع مثقلاً بهموم إنسانية مضاعفة نتيجة حساسيته المفرطة تجاه العالم بأسره ، داخل دائرة محتشدة بالصراع المستمر بين الخير والشر ،إضافة لتمزقه النفسى فى كثير من الأحيان طبقاً لما يورده العلماء داخل إطار ما يسمى بنظرية ` الدور الاجتماعى ` التى قد تتضارب فيها مهامه مع أسرته الصغيرة أو عائلته الكبيرة ، بين كيانه كراع لثله من البشر ، وبين أعبائه الإبداعية المضطردة بالتوازى مع تطور شهرته وخبراته اللتين تصيران كطوق حديدى يزداد إحكاماً حول رقبته مع مرور الوقت، حيث تتضخم عزلته الإجتماعية وتصيبه بالإكتئاب أو البرانويا بين الفينة والأخرى ..فإذا كان هذا هو حال المبدع الذى يتسق مع نفسه على الصعيدين الإنتاجى والوظيفى ، فما بالنا بمن يقع فى فخ الحيرة بين وجوده الفنى والمهنى ، عند عمله بوظيفة مغايرة لممارساته الإبداعية ، بما يفاقم أثقاله النفسية والوجدانية والعقلية ،الأمر الذى يقتضى منه بذل جهد مضاعف لمواجهة هذا المأزق سيما أن ضمير المبدع غالبا ما يكون كشوكه فى لحم جسده ، تصيبه بالوغز المتتابع كلما وجد نفسه وسط فضاء من الظلم والطغيان يعم أرجاء وطنه ، وقد يضم لنفسه مسئولية ضبط ميزان العدالة فى أوطان أخرى ..وأظن أننى فى إطار بحثى عن عينة تطبيقية تلائم أطروحتى السابقة ،لن أجد أفضل من الفنانة والأديبة والطبيبة النفسية بسمة عبد العزيز التى قدمت لنا نموذجاً مثالياً لكيفية التحلى بالفروسية الإنسانية والوطنية الواجبة ، عندما خرجت مؤخراً على الرأى العام المصرى لتفضح ممارسات بقايا النظام السابق فى التنكيل بمعارضيه ، عبر إيداعهم مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ، على خلفية تحويل الناشط السياسى مايكل نبيل للكشف عليه بمصحة العباسية بعد اتهامه بإهانة القوات المسلحة المصرية على مدونته الإلكترونية ، ولم تلتفت د. بسمة للحكم القضائى على مايكل ، بقدر ما آلمها أن يكون الوصم بالجنون هو البديل عن محاولة رد الحكم عبر قنوات شرعية وإضراب عن الطعام ، وهو ما جعلها تعيد للأذهان حالة الشاعر الكبير نجيب سرور الذى سحقه النظام لخلافه الجذرى معه، رغم موهبته الفذة .. وعندما أماطت بسمة اللثام عن هذا فى بيان لها كمديرة لإدارة الإعلام بالأمانة العامة للصحة النفسية حولها للتحقيق د. عمرو حلمى وزير الصحة فى الحكومة المستقيلة لمجرد أنها لم تضع ضميرها فى الثلاجة .. وقد تضامنت معها الكثير من هيئات حقوق الإنسان والمنظمات والجمعيات المهنية ، إستناداً إلى المادة 15 من إعلان مدريد الصادر عام 1996 م ، والذى وقعت عليه مصر عام 2005 م ، بشأن المسئولية المزدوجة للطبيب النفسى أمام مريضه كصاحب حق أصيل فى معرفه موضوع فحصه وأسبابه، وقد تضامن أيضاً معها بعض الناشطين السياسيين والحقوقيين الذين وقعوا على بيان مؤازرة لها فى موقفها الشريف ، بما دفع وزير الصحة لإلغاء التحقيق معها بما يتسق مع روح ثورة 25 يناير التى سربت للجميع روح اقتناص الحق بعقيدة صلبة وعزيمة عتيدة .. وهنا أجد نفسى ثانية أمام الدور الإجتماعى للمبدع الحقيقى الذى ينام دائماً على سرير مطرز بأشواك الضمير، فلا يدركه الصمت إلا بصحبة زفير الموت ، لذا فإننى أود عند هذا المنعطف أن أكشف عن الوجه الإبداعى للفنانة والأديبة بسمة عبد العزيز ، ربما نرى موقفها المهنى السالف من زاوية أكثر جلاءاً ونصوعاً .. فقد درست النحت على يد الفنان الكبير صبرى ناشد بعد تخرجها من كلية الطب جامعة عين شمس عام 2000م ، قبل أن تحصل على ماجستير الأمراض النفسية والعصبية عام 2005 م ، ودبلومة علم الاجتماع عام 2010 م ، لنجدها تنخرط فى عالم الإبداع ، بين القلم والفرشاة والأزميل ، مشاركة فى العديد من المعارض التشكيلية العامة والمنتديات والمؤتمرات الأدبية ، حيث أصدرت مجموعتين قصصيتين تحت عنوان ` عشان ربنا يسهل ` ، ` الولد الذى اختفى ` ، وكتابين فى التحليل النفسى هما ` ما وراء التعذيب `،إغراء السلطة المطلقة ..مسار العنف فى علاقة الشرطة بالمواطن عبر التاريخ ` - لاحظ فحوى العنوانين وعلاقتهما بالتوجه الفكرى لبسمة - إضافة إلى إنجازها لعدد من المقالات والدراسات والرسوم الكاريكاتيرية والصحفية فى أكثر من مطبوعة دورية ..أما على مستوى العروض التشكيلية الخاصة فقد قابلت هذه العصفورة المناضلة لأول مرة مع نهاية شهر يوليو عام 2006 م فى إحدى قاعات أتيلية القاهرة ، حيث كانت تقدم جزءاً من منجزها النحتى ، وهو ما تناولته فى جريدة القاهرة بتاريخ 15 / 8 /2011 م ، بتركيز على الحراك النفسى البادى فى منحوتات بسمة، لذا سأحاول التركيز هنا على نفس الوسيط، باعتباره القناة المؤدية لسبر أغوار هذه الشخصية الغنية بمعطيات إبداعية وعلمية أخرى تربض فى المسافة الفاصلة بين وهج الإبدع وشجاعة الموقف ..يتجلى الصراع الإنسانى عند الفنانة بسمة عبد العزيز بين معطيات الواقع المحيط بها وآليات الحراك الذاتى داخل صندوقها النفسى ، على جسر إبداعى يحكمه الأداء النحتى التعبيرى ، وربما يجعلنا هذا نصطلح على أدائها ب ` التعبيرية النفسية ` ، حيث تركيزها على حالة الإنسحاب الجزئى المرتكن إلى مبدأى ` اللذة والألم ` و ` الواقع ` كسورين يأوريان مساحة محتشدة بالنزال بين النشوة الذاتية وجفاف الواقع الذى يعلن انتصاره فى النهاية، مولداً ما يسمى ب` اللذة المؤجلة ` ، إستناداً لما ذكره فرويد فى نصوصه عام 1911 م .. وهنا يأتى دور السلوك الإبداعى الذى تتم من خلاله المصالحة بين الذاتى والواقعى ، كإحدى صور الجدل الداخلى بين الكبت والبوح ، بما يؤدى إلى تلك الحركة الترددية بين القهر والتحرر ..بين القيد والتمرد .. بين الإنسحاق والثورة ، وهو ما يتجسد واقعياً فى التركيبة الشخصية لبسمة كواحدة من ثوار 25 يناير فيما بعد .. وفى السياق الإبداعى النحتى نجد بسمة تشيد حالتها التعبيرية النفسية على المحورين التقنيين الأحادى والمركب من خلال وسيطها الخشبى .. ففى عملها ` نظرة إلى الداخل - تسمية الأعمال من وحى الكاتب - تقدم جسداً جالساً على أريكة وهو فى وضع محنى الظهر، منكس الرأس ، واضعا ذراعية على ركبتيه ، بينما يحتضن بكفيه جسماً كروياً بدا ملتحما مع فخذيه .. ومن يدقق فى وضع المنحوتة سيجد ثمة علاقة بين انكفاء الجسد إلى أسفل وما ذكرته سالفا عن الإنسحاب الجزئى من الواقع، وهو ما يبدو فى تلك النظرة المائلة إلى أسفل نحو الكرة ، وكأنها تواصل بصرى وروحى مع كنائن الذات التى تستحضر طاقتها الدافعة نحو التواصل مع الواقع ثانية .. وربما تكون مثل هذه الحالة الإسترخائية الممزوجة باليقظة النسبية هى قناة الإيحاء التى يدرك من خلالها المتلقى ذلك البندول الترددى بين الفردى والجمعى .. بين الذاتى والواقعى ، ليظل يتأرجح معه على إيقاع نحتى يجمع بين الهدير الداخلى والهمس الخارجى .. وأعتقد هنا أن لحاء الخشب قد ساهم فى زيادة وتيرة الإيقاعين البصرى والذاتى للعمل ، حيث ظهر ذلك البناء الدوامى الموشوم على جسد الشخص الجالس كمثل حركة الدورة الدموية الداخلية ، والتى امتدت للكرسى الجالس عليه ، فبدا التدفق الحركى البصرى رابطاً بين المرئى واللامرئى ، بما ذاد من موسيقى البث والتلقى معا ..ويتكرر نفس الحراك النفسى فى عمل ` الميلاد ` لنجد بسمة تكشف عن كتلة من بطن كتلة أخرى هى جزع شجرة حقيقى ، وقد اندفعت فى إزاحة الغطاء من أعلى عن الجنين الكامن بالداخل ، والذى بدا وجهاً آدمياً خالياً من التفاصيل، وربما يوحى هذا بخفة وزنه الذى يساعده على المروق إلى أعلى ، ساعياً للخروج من كهف الجسد إلى براح التحقق الذاتى ، أى أن الميلاد هنا يجنح صوب الفضاء النفسى الرحيب أكثر من الحيز البدنى الضيق ، رغم الاعتماد على وسيط مادى ملموس كالخشب ، وقد ساعد على تنوع الإيقاعين النفسى والبصرى معا ذلك التباين بين ملمسى الجنين الخشن والرحم الأملس ، بما أوحى بالزئير النفسى المنبعث من الهديل الجسدى ، عبر الجدل الترددى المستمر بين الإقبال والإدبار الذاتى على مائدة الواقع .. ثم يتكرر ذلك الإرتجال بين الإنسحاب والإشتباك فى أعمال ` مخاض ` ، ` كمون ` ، ` كف الذات ` ، حتى يصل الصراع عند بسمة بين الظاهر والباطن إلى ذروته فى عمل ` مقاومة ` الذى تدفع فيه بجسد نصفى يظهر من الخلف رافعاً بذراعيه كتلة هلامية غير محددة الملامح ، بما يسحب خاطر المتلقى إلى ذلك الصراع المتصل بين الأنا والأنا الأعلى داخل النفس البشرية ، والذى يتحول أحياناً إلى تحالف مؤقت بينهما من أجل خفض التوتر الناتج عن الإندماج مع الواقع المعاش .. وقد استطاعت بسمة هنا تجسيد هذا الجدل بتعبيرتها النفسية ، عبر ذلك الإيهام بعلاقة نحتية برزخية تقع بين الجسدى والنفسى .. بين السفلى والعلوى .. بين البائن والمستتر ، داخل كتلة واحدة تتراوح حركتها الموحية بين الإتصال والإنفصال ، داخل دائرة للرؤية الحدسية والحسية التى تعتمد على البث والتلقى داخليا وخارجياً ... ثم يترسخ هذا المفهوم فى عمل ` دفع الذات ` من خلال جزع شجرة مفتوح من أحد جانبيه بشكل طولى نصفى ، وقد انخرطت الفنانة فى الحفر الغائر بداخله ، حتى انجلى ذلك الجسد الرابض فيه ، دافعاً إلى أعلى كياناً كروياً يشبه الرأس الآدمى الخالى من التفاصيل ، والعمل يتجسد فيه نفس الصراع الإيهامى بين الأنا والأنا الأعلى عبر قوة الدفع من أسفل إلى أعلى ، ولكنه هنا داخل تجويف جزعى ونباتى يوحى بخبايا النفس المحتشدة بصنوف النزالات المختلفة وربما كان هذا الوعاء الرأسى النصفى المفتوح هو القناة المؤدية للتواصل البندولى مع الواقع ، فى إشارة واعية من بسمة إلى أن الجدل النفسى سيظل باقياً ومفتوحاً على الفضاء الحياتى ،طالما بقى الإنسان مقبلاً على التعايش مع واقعه المحيط به .. وقد امتدت الفنانة منحوتتها بقدر عال من الطزاجة البصرية المعادلة لتلك المجابهة النفسية ، عبر تلقائيتها النحتية التعبيرية التى لم تلتزم من خلالها بأى ضوابط تشريحية قد تؤدى إلى حالة من الموات لذلك الموار الذاتى ، حتى أنها جعلت قاعدة التمثال من نفس نسيج الجزع النباتى، فى حين حافظت على لونه الداخلى البنى الداكن ، بالتضاد مع لونه الترابى الخارجى الفاتح ، بما خدم توظيفها لفكرة التنقيب عن المجهول داخل النفس البشرية المكتظة بالأسرار ، فى مقابل الواقع المغتسل بالضوء الفيزيقى الكاشف .. وعلى جانب آخر نجد بسمة تتفاعل مع الواقع عند أدنى حد من التوتر النفسى فى عدة أعمال تحاكى فيها المرئى ، مجسدة عبرها بأزميلها أرق معانى الأمومة والرفق الإنسانى عبر العلاقة الفطرية بين المرأة والذرية والحيوان معاً ، حيث صورت حالة التوحد الفطرى بين الأنثى وجنينها فى عمل ` الحضن ` ، وتشبث الوليد بجلباب أمه فى عمل ` التعلق ` ، والتحاف القطة بمشاعر وملابس راعيتها فى عمل ` إحتواء ` .. وعلى صعيد أخر نجد الفنانة تغازل تراثها الشعبى بشكل رمزى فى عمل ` الإنسان والسمكة ` الذى يبدو فيه جسد بشرى فى لحظات عشق مع سمكة ،إيماءاً للخصوبة والتكاثر .. والمدقق هنا سيلحظ تلك الصلة النحتية الثنائية بين عنصرين يكشفان عن فعل إستوائى وجدانى أكثر منه نفسى ، ربما لاستعادة التوازن الشعورى الذى يؤهل بسمة لمواصلة الجدل الذاتى الفنى ثانية ، مثلما بدا ذلك فى عمل ` إنصهار ` الذى تلملم فيه عدة أجساد بشرية داخل جسد واحد بعدة رؤوس ، وقد ظهرت المنحوتة خالية من التفاصيل ، بما أوحى بالتوحد الآدمى على المستويين البدنى والروحى ، علاوة على اختزال المسافة بين النقر الخارجى والفوران الداخلى إلى أدنى درجة ، وهو ما يكشف عن وصول الفنانة إلى أعلى نقطة على منحنى النبض الإنسانى ، فى مصالحة واضحة بين الأنا والأنا العليا ، بما جعلها تستبدل اللذة المؤجلة بالنشوة الحاضرة ، وقد ساعد على إبراز هذا الفعل النفسى الباطن ذلك الإيقاع النحتى الظاهر ، والمتمثل فى الإيقاع الدوامى المتواتر للحاء الخشب، حيث أكدت من خلاله رسالتها التى استلتها من بئر التعبيرية النفسية ، كمنهج فكرى وتقنى تعتمد عليه فى خطابها البصرى والروحى مع المتلقى الذى تسعى لتفاعله مع العمل بنفس حمأة أدائها الإبداعى .. ثم نجدها ترسخ لنفس المفهوم التعبيرى والتقنى فى عمل ` توحد ` ، حيث تصل فيه إلى قمة الإندماج مع شخوصها الواقعية ، صاهرة إياها فى بناء نحتى يجمع بين ذكر وأنثى كرمز لشقى النوع البشرى وهما فى حالة ذوبان روحى وجسدى دفعهما للإستطالة إلى أعلى ، بالتوازى مع نفس الإيقاع الخشبى اللحائى الدوامى الذى يساعد على الشعور بالإرتقاء والسمو المضطرد داخل واقع جديد ترفض الفنانة الإنسحاب منه مرة أخرى ، بعد أن هلت نسائم ثورة 25 يناير 2011 م وفى صحبتها البشرى بفجر جديد تحلق فى سمائه عصافير الحرية والكرامة والعدالة ، وهو ما بدا فى عمل ` رسول الحرية ` ، الذى استحضرت فيه بسمة عبد العزيز عصفورها المكسى كالعادة بتكوينات لحائية دوامية أوحت بوشوكة على الطيران، منطلقاً نحو آفاق إنسانية مغايرة ، فى إيحاء خاطف بتوحدها تعبيرياً ونفسياً مع العصفور ، بما سرب لفضاء التلقى شعوراً برغبتها فى خلع عباءة الواقع المأزوم ، لتغتسل مع شعبها بضياء الشمس الذى يمدها بمزيد من وهج الإبداع وشجاعة الموقف.
محمد كمال
نهضة مصر : 15 / 12/ 2011
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث