`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
سامى أحمد إبراهيم أبو العزم
في أحدث معارض الفنان سامى أبو العزم: نساءُ صامدات وترقبُ للأمل
- البشر عبر الأزمان فى ينتظرون دائماً ما يلقيه إليهم البحر
- لوحات الفنان `سامى أبو العزم` المُعلقة إلى جدران قاعات عرض جاليرى `المسار` بالزمالك حتى 17 ديسمبر هذا الشهر.. واقعية الأسلوب.. وقد جاء فى دعوة المعرض أن اللوحات مستوحاه من قراءات الفنان بالأدب الإنجليزي والأمريكى القديم لأعمال مسرحيات لشكسبير وميلفيل فى القرنين السابع عشر والتاسع عشر.. لكننى من خلال لوحات الفنان التى تابعتها فى معرضين سابقين من معارض أربعة أقامها بنفس الجاليرى أجد واقعية الفنان ربما تنتمى شكلاً للواقعية الأمريكية لكن شخوصه لحماً ودماً تنتمى بجداره للأيرلندى `صمويل بيكت` 1906-1989 الكاتب المسرحى العبثى دوماً بين عبثية القدر والانتظار.. لتجتمع فوق أسطح لوحات `أبو العزم` الطبيعة وشخوصه محملين بروح `بيكيت` فى مسرحيته `فى انتظار جودو` الذى لم يأت أبداً وكما ندركها أمامنا فى اللوحات..
- لذلك هناك في لوحاته شيء آسر غامض مُعطل داخل اللوحات.. شئ لم يتجاهله الفنان فتعطل.. بل زمن تعطل.. وطاقة شخوصه وطبيعة لا تعمل ولا تتنفس.. ورغم مشاهد الفنان المختارة بعناية من `مياه بحر` و`مراكب صيد` و`نساء` و`أعشاب` التى قد تستدعى حالة رومانسية.. إلا أن `المراكب` و`الأعشاب` و`النساء` بدت صامته وحيده تعطلت بها الحياه على حافة شاطئ بحر عشبى بلا معالم.. فمراكبه هيكلية مرفوعة معطله فى انتظار نزول البحر كنزولها الحياة.. وأعشاب جافة كالهيش جافة متمائلة تنتشر فى وحشه حول مستنقع فى دلالة تعبيرية رفيعة انسانية رغم انها لنبات هيش ضعيف فى انتظار بين الموت والحياه او الامل والرجاء.. وفضاء ساكن بلا هواء.
- وأيضاً كالأعشاب والمراكب نرى نساءه كعناصر لوحاته وأشياءها فى حالة انتظار.. كـ`انتظار جودو` صمويل بيكت بلا فائدة أو أمل لعودة الغائب.. فبدت نسائه الجميلات الهيئة وحيدات حزينات على حافة البحر ينتظرن صامدات داخل زمن لا يتحرك.. وفى انتظار بلا ملل لما يلقيه اليهم البحر من أمل ومن غائب مُنتظر.. فكالعادة نحن البشر وعبر كل الأزمان دائماً فى انتظار ما يلقيه الينا البحر ينعش به الأمل والحياة.
- ونساء `أبو العزم` أكثر ما يجذب فى لوحاته رغم أننا لا نرى وجوههن كأنهن بلا ملامح عابرات ممر بلا اتجاه ينتهى مقصدهن عند حافة الماء.. وبين الرمال والأعشاب والصبار وبتعبيرات وجوه لا ندركها إلا أننا نستشعر من هيئات أجسادهن أنهن قد استسلمن ساكنات فى حالة انتظار مفرط فى الصبر دون حركة.. فقط هن فى انتظار القادم.. كهياكل المراكب فى لوحات الفنان فى انتظار الإبحار رغم عدم صلاحيتها.
- هذا الصمت البشرى الممتد كموجة صوتية مكتومة من لوحة لأخرى بسياقاته المتقطعة لأشكال مُلقاه فى الفضاء توقفت أرجلها عن اكمال المسير.. فسكنت مكانها فى دراماتيكية دون أن نتوقع أن تتغير وضعيتها فى اللحظة التالية.. وكأن بشر لوحاته يمثلن حالة من مخاطر اللانهائية.. فقد تناثرت النساء فوق الشاطئ ينتظرن القادم الغائب فى ترقب داخلى كأنه ما كاد بدا أملاً حتى انتهى إلى لاشئ.. وتماماً كأعشابه البحرية القائمة على حافة ترويها مياه مستنقع متشعثه جافة كأنها على حافة خطرة وليست حافة ماء..
- فى أحدى لوحات `أبو العزم` بدت احدى نسائه التى لا نرى عينيها لكنا ندرك كأن روحها ألقت بثقلها متكئة على جسد مرهق يكاد ينشط فيه الترقب لللاشئ.. وأخرى تنتظر فى قلق.. وأخرى فى حزن يعوقها عن الحركة والتنفس.. وبنسائه الصامدات رغم انقطاع الأمل استطاع الفنان أن يقدم صلابة المرأة وقدرتها على الانتظار فى صبر فى ندية والصخرة المتكئة اليها وكأنها تستمد الصبر اللامتناهى من البحر أمامها دون هشاشة أو اهتزاز..
- أعمال `سامى أبو العزم` فى مجملها وليس لعرض محددا من عروضه السابقة.. نجده يستثير كثير من التفكير والتأمل ليقدم طبيعة جافة وبشر أحياء رغم وجود الماء والأمل إلا أنهم جميعاً تُعساء.. ربما يترقبون عطاء صعب المنال نال من نفوسهم من طول الانتظار.. وتصل هذه الأحاسيس سريعة مباشرة للمشاهد للوحات لأن الفنان أنجز رؤياه بطريقة واقعية مباشره فى الشكل وهيئات الجسد وفى هيئة الحالات التى تمر بنا جميعاً ونعبرها أو تعبرنا.. ورغم عبورها داخلنا فى زمن وجودنا إلا أنه هنا فوق أسطح لوحات سامى أبو العزم توقف الزمن وبقسوة.. وأرى أن بطل لوحاته ذلك البحر الصامت الساكن فى موقف المتفرج رغم أنه الفاعل الوحيد لإنهاء حالة الانتظار والترقب..
بقلم : فاطمة على
آخر ساعة 2 ديسمبر 2020
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث