`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
خلف طايع حسين طايع

- نتأمل لوحات خلف طايع، إن الأشكال الهندسية بألوانها تسبح فى سكون وعزله. وتغتسل بضوء حالم يوحى أنه نابع من داخلها. هذا الضوء غير الواقعى يضيف إلى المشهد حلماً ينتسب إلى الماضى أو اللا زمان وفى كل لوحاته يلعب البحر الساكن دور البطولة ويرمز إلى الامتداد اللانهائى أو المطلق مثلما يرمز لاكتشاف مدينة عريقة هى مدينة الاسكندرية حيث ولد الفنان.
بقلم : أحمد بهجت
جريدة الأهرام

- القيمة الحقيقية لأعمال خلف طايع أنها وقفت بنا هذه الوقفة المتشوفة للمجهول، والنافذة إلى الماوراء، والساعية `للرؤيا` دون مانيكانات دى كيركو، أو زجاجات موراندى.. دون استنادها إلى أى معطى شكلى من معطيات الطبيعة المباشرة، دون إقامتها لعلاقات مستغربة ودالة بين مفردات الواقع المألوف أو المعتاد كما فعل السرياليون.
- بل إنه يرتفع بجوهر البنية `السيزانية` من مستواها الأول المباشر.. ليجلوها لتسطع فى ضوء أكثر توهجاً، وربما لأنه- هذا الضوء- لايعرف موسيقى العقل والوعى والإدراك فقط وإنما موسيقى الروح، والإرادة المسلوبة ازاء هذا الجمال الأعمق واللاوعى الفاتح لكنوز المخيلة.
بقلم : ماجد يوسف
أدب ونقد

- فى أعمال خلف طايع، ثمة نهوض بالبعد الثالث، واحتفاء بالمسكوت عنه، فالتواتر المختفى عن سطح العمل يمكن `التوصل` إليه عبر جزئيات مهملة قد تمر على عين قارىء اللوحة فى الوهلة الأولى بينما تكشف عن نفسها فى حال القراءة المتأنية، إننا إزاء فنان يخفى توتره تحت `عباءة` أسطح هادئة وألوان متناغمة، لكنه فى نفس الوقت لايستطيع إقصاءنا عن التوصل إلى `جوانياته` الرامزة والتى تمور بالاشتعال` .
بقلم : أحمد مرتضى عبده
مجلة الإذاعة والتليفزيون
صمت الأوانى ينكسر على صدى الألوان
- تستحق أعمال الفنان خلف طايع وقفة تأمل طويلة حتي ندرك طبيعة وسحر عالمه الخاص الذي يتعامل فيه مع الزمن وفيما وراء الطبيعة للأشكال الصامتة وكيفية صياغتها في هذه الأجواء الساحرة.
- وفي المعرض الذي أقيم مؤخرا وضم أعماله نجد الفنان خلف طايع يتفرد في حركة التشكيل المصري بقدرته المبدعة علي مزج الطبيعة الصامتة المرئية بغلالة سيريالية راجعة للعالم الميتافيزيقي غير المرئي الذي يلقي فيه بأشكاله في عالم مطبق الصمت لتحدث حالة من روعة الحس لادراك ما لهذه الطبيعة الصامتة من أبعاد عديدة تؤكد بها وجودها الآسر بل والمسيطر علي المشاهد لما تضمه من أجواء مكثفة تجعل لها سطوة التواجد ذاته الذي يقترب من حالات الفنان الميتافيزيقي الذي ولد في اليونان وعاش في ايطاليا جورجيو دي كيريكو (1888 1978) وإن كان كل منهما دي كيريكو وخلف طايع مختلفين في نظريتهما لفكرة الوجود وللعناصر المستخدمة إلا أن كلا منهما يتميز عن الآخرين بأجوائه المميزة.
- فالفنان طايع اعتمد علي خياله في عالم السيريالية وهو من أصعب المداخل حيث ركز اعتماده علي الطبيعة الصامتة المحدودة والمكونة من عناصر يعيد تركيبها معا في شكل واقعي ومنطقي دون اعتماد علي ما لجأ اليه السيرياليون من تركيب عناصر لكائنات حية مع الطبيعة في واقعية التفاصيل لتقديم تكوينات غير منطقة ولا واقعية الرؤية معتمدا فقط علي الخيال واللاوعي والتركيب غير المنطقي وغير المرئي في حياتنا.
- وعادة الطبيعة الصامتة من أكواب وأوان وأباريق لا تساعد علي أن تكون لوحة سيريالية ميتافيزيقية إلا اذا كانت روح الفنان ذاته هي التي تصبغ عليها أجواءها غير المدركة واضافته عليها حالة من الدرامية حتي ان تأمل المشاهد قليلا طبيعته الصامتة لحدثت له حالة من الحنين والتآلف معها كأننا من نفس الخامة التي صنعت منها أو كأننا مثلها بشر تجمدنا داخل لحظة الوجود وألقينا في عالم شديد الصمت وقد ثقلت وطأته وامتد من الشكل أمامنا الي خلفيات ممتدة في معظم اللوحات تكون بحرا ممتدا أو خلفية من طبقات الهواء الكثيف.
- وقد تستشعر أمام لوحاته بحالة من الوحشية والترقب الشديد لشيء غير مرئي لا تدركه يسكن هذه اللوحات غير المباشرة فهي ليست مجرد مشهد جميل لطبيعة صامتة لأن هذه الطبيعة ذاتها كيانات مؤكدة لا تفردها في عالم متغير ويثير التأمل والوجدان ويدفع كي لا نري الأشياء علي علاتها بل نبحث فيما وراءها.. والفنان خلف كشخصية انسانية هو ذاته غير مباشر ولا يقبل الأشياء علي علاتها.
- فحالة التأمل التي تستغرقه في رؤية كل ماحوله تظهر بوضوح فيما وراء لوحاته التي تكشف عن فنان قاريء جيد للنظريات الوجودية والفلسفية وان كنت لم أسأله في هذا ولا أعرفه يقينا لكن لوحاته تكشف عن هذا حتي وإن لم يكن قاريء في هذه المجالات فإنه يلمسها من شدة تأملاته المتصلة من ترقب الوجود ومحاولة سبر غوره في لوحات شديدة الصمت جمد خلالها زمنها الخاص رغم تدفق الزمن حولنا.
- ولتجمع اللوحة ذاتها بين النقيضين في مفارقة رائعة بين ذلك الوجود المهيمن وبين السكون الشديد.. بين طبيعة تراها صامتة لكنها هي في ذاتها كيانات لها حضورها الآسر كأنها شخصيات بشرية لكل منها عالمها الخاص حتي ولو اجتمع أكثر من عنصر فهناك تآلف الرؤية وأيضا فرديتها لأن لكل عنصر شخصية ولا يمتزجان لكن تظل لكل منهما حالة متفردة داخل نطاق موحد من ميتافيزيقا الوجود.
- وهذا التفرد في آنيته تجعلها كأنها شخوص منغمسة في حالة من التأمل الذاتي الشديد.. فلا تجد عند طايع آنية تشبه الأخري حتي وان كان النموذج الواقعي هو لنفس الاناء أمامه كنموذج موديل لكن مجرد أن يدخل الي لوحته فهو يغادر شخصيته الجماعية كإناء له سمات معينة لتغلفه حالة ميتافيزيقية التواجد (فيما وراء الطبيعة).
- وهذا من الصعوبة أن تجعل لمادة أو لعنصر غير حي عالم يخوضه و شخصية تميزه في ذلك الوجود الجديد الذي دخله بعده كان مجرد آنية وأدوات للاستخدام أصبحت أشكالا جمالية تعطي أبعادا أكثرمما تحت أيدينا في الواقع.
- حتي تكاد تقترب هذه الأجواء الملقاة فيه كأن عالم غريب الزمان والمكان أو كأنه عالما من المثالية المخيفة من شدة تمثلها لمثاليات التواجد الأمثل في عالم غير مؤكد.
- ورغم مثاليتها هي ملقاة في عالم تسوده الحدة.. حدة التواجد الأمثل كما أراده الفنان في عالم من خياله الخاص.. عالم دون بشر له خصائصه السيريالية الحالمة الخاصة به المتأملة في ذاتها كأنه يسعي للمثالية.. مثالية لم يجدها في البشر واستطاع أن يجعل من أدوات الطبيعة الصامتة في مرسمه البسيط من أكواب وآنية وفازات أن يجعل منها أدوات يتسلح بها ليدخل الي غمار عالم غير مرئي ساحر صامت مثالي الحلم والذي فيه يجول بحرية رغم السكونية والصمت المطبقين.
- حتي أن الفنان طايع حين رسم حصانا رائعا جعله محاصرا فوق قاعدة رخامية لا يغادرها وقد حدد أمامه مكانا داخل عالم سبق وجمد لحظة زمانه.. ورغم انه فنان لا يحبذ التعامل مع الكائنات الحية ويختار الطبيعة الصامتة الجامدة الصماء إلا انه أجاد بث أفكاره التأملية ألوانا وحالات مثلما سبق وأن حقق هذا الفنان الايطالي موراندي أشهر فناني الطبيعة الصامتة والتي رسمها علي مدي حياته لكن بمنهج مختلف عن منهج طايع حيث جعل طبيعته الصامتة حالة تصوف وحالة تكشف للشفافية الروحية كأنه داخل محراب.
- أما خلف طايع الفنان الكبير فطبيعته الصامتة ليست داخل محراب ولا متصوفة بل هي بواقعيتها تخترق طبقات الرؤية لتحل علي وجودها ا لخاص داخل عالم خاص هو في العراء غالبا داخل خيمة الوجود ذاته متفردة بذاتها ووجودها المحقق ذات الثقة العالية بحقها الوجودي حتي ولو في عالم غيرو اقعي.
- عالم ميتافيزيقي خاص وقد ابتعدت آنيته بنفسها عن تواجدها الاستخدامي أو تواجد أي من البشر أو الكائنات الأخري التي تزاحمها هذا العالم الخاص ويؤكد علي هذا المعني وعلي وجودها تلك الألوان الصريحة القوية وظلال النور الحادة التي بها تتعامل مع الضوء بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع العمق والزمن وطبقات الهواء الكثيفة الرطبة رغم الصفاء الظاهري إلا أن لثقل الهواء المحيط وجود نستشعره من بعض اللوحات وقد أثار حول عناصره حالة من الرهبة خاصة في وجود العميقتين.. السماء والبحر.
بقلم : فاطمة على
مجلة أخبار النجوم
مائة بورتريه لخلف طايع
- تتوقف يد الفنان عن الرسم، وتصمت روحه عن البوح بأسرارها ورؤاها إنما تظل أجزاؤه الروحية تنبض فى أعماله التشكيلية والتصويرية التى خلفها وراءه هذا ما ينطبق تماما على الفنان التشكيلى خلف طايع الذى فارقنا الثلاثاء الماضى الثالث والعشرين من سبتمبر فى هدوء وصمت فالصمت الظاهرى سمة شخصيته رغم انفعال كل حواسه بكل ما حوله فهو ابن الاسكندرية التى ولد فيها عام 1943 مطلع القرن الماضى فى حقبة زمنية تاريخية هامة من تاريخ مصر حيث الاهتمام الكبير بالثقافة والفن ، تلك هى البيئة التى ولد فيها طايع وتشكلت فيها ملامح شخصيته عميقة الثقافة بل موسوعية لروح ثائرة لا تهدأ فى تعاطيها مع ما يحيطها ربما كان هذا سببا فى اختياره للبورتريه كمعادل موضوعى أو وسيط ينقل به ما يراه وما يشعره فى مئة بورتريه تحمل توقيع خلف طايع .
- طايع لم يكن مجرد مصور متمرس فى رسم البورتريه لكنه كان فنان بحق يستطيع التقاط روح صاحب البورتريه الذى يرسمه بل ويودع فيه من شخصيته فتجد البورتريه وكأنه يحاور المتلقى والناظر إليه ، لم يلتقط يوما طايع لحظة ساكنة لموديله الفنى بل كان يجتهد فى تصوير التفاتة خاصة تميز الشخصية ليستعرض من خلالها قدراته الفنية كرسام متمكن بخطوطه المتراقصة والمتقطعة لتحدد الشكل العام والملامح الأساسية للشخصية فى هدوء ليملأها بلماسته الملونة بألوان متأثرة بروح المدينة الساحلية الإسكندرية حيث الألوان الباردة كالأزرق لكنها تصدر ضوءا خاصا من داخلها كذلك الدرجات الدافئة من الألوان الساخنة ليمزجهما معا فى كيان يحدد الحركة الداخلية للمساته التى تشبه فى حركتها حركة موج البحر الذى يبدو عشوائيا ومتحركا فى كافة الإتجاهات لكنه فى نفس الوقت محددا داخل إطار غير ملموس وغير ظاهرى، حملت لوحات طايع شحنة انفعالية كبيرة وكأنه يعزف لحنا` بيتهوفنيا ` لم ينته بعد إنما مساره محدد ومنطلق صونه دون توقف .
- خامة الرصاص أيضا كان لها نصيب كبير من أعمال طايع الفنية لا سيما فى الرسم الصحفى الذى تألق به على العديد من صفحات الجرائد والمطبوعات المتنوعة تميز استخدامه للرصاص بقوة الخطوط المتراصة لتكون كتلة صلبة محددة لقوة السطح والملامح كذلك حافظ على الشحنة الإنفعالية التى تحملها اللوحة والرسم .
- للعينين وضع خاص جدا لدى طايع، التى كان يخرج فيهما كل طاقته الفنية لتمنح البورتريه الروح اتى يبحث عنها ويحاول الإمساك بها فى نظرة البورتريه والتى تلخص فلسفة وقيمة العمل الفنى ككل.
- أقام طايع معارض محلية ودولية كثيرة ، كما شكل دويتو مع الروائى الراحل خيرى شلبى ينبض بالتفاهم الناجح، كان شلبى يكتب صفحتين فى مجلة ` الإذاعة والتليفزيون` تحت اسم ` بورتريه ` وكان طايع يرسم الشخصية استمرا أعواما قدما خلالها مئات البورتريهات لغالبية الشخصيات المصرية الوطنية المتميزة مكتوبة ومرسومة، كان أبرزها الرئيس جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك وزاهى حواس والإعلامية درية شرف الدين وسناء منصور والفنان كمال الشناوى وفنان الشعب سيد درويش وأحمد مظهر وصلاح ذو الفقار وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وسيدة الغناء العربى أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد سلطان.. وغيرهم من العظماء الذين أثروا الحياة السياسية والفنية فى مصر، بالإضافة إلى رسمة روايات وأعمال محمد جلال وخيرى شلبى كرواية ` الأوباش `.
- فى أحد حوارته الصحفية صرح طايع بأنه بعدما عمل مخرجا صحفيا بدأ يهتم بعمله الصحفى وأهمل التشكيلى حتى فوجئ فى أحد الأيام أن صاحب أحد المطاعم الصغيرة يستخدم أوراق المجلة فى لف السندويتشات، ما جعله يقرر العودة إلى الفن التشكيلى وأقام فى الشهر نفسه لهذه الواقعة معرضا ضخما لبورتريهات سبق له أن رسمها ونشرها فى المجلة بالإضافة إلى عدد من اللوحات .
- أوضح طايع فى حواره أنه فوجئ بالإقبال الكبير على المعرض من قبل المهتمين بالرسم والفن التشكيلى وكتبت عنه المجلات والصحف كلاما جيدا للغاية وثناء لم يكن يتوقعه ما حفزه أكثر على أن يركز فى الرسم والفن التشكيلى فالصحافة ستخطف عمره من دون إنجاز حقيقى يذكر، وكان قد اقترب من المعاش .
بقلم : تغريد الصبان
جريدة أخبار الأدب 5 /10 /2014
طاقة الصمت
فى المرة التى قبل فيها دعوتى مع مجموعة من الاصدقاء على سهرة فى بيتى ، كان صامتا تقريبا طوال السهرة ، لم يترك مكانه الإ كى يتأمل اللوحات القليلة التى علقتها على الجدران ، أبدى اعتراضا- لم ألتفت إلية وسط صخب الاصدقاء -على لوحة ما ، لفنان مصرى ، وسط لوحات صغيرة كنت قد لصقتها على عجل ، دون إطار ، لكنه لم يقل لى أيها .
طب قول لى هى أية وأنا اشيلها لكنه رفض ` وحتى هذه اللحظة لم أعرف أى اللوحات أثارت استياءه `
امتلك ذلك النوع من ` الصمت الذى أعرفة تماما ، وأحبه أيضا ، الصمت الذى يشع دفئا حوله الصمت المشحون بإحساس لا يمكن أن تقبض علية ، الصمت الذى يشبه عينين تتسعان دهشة بالحياة ، كان يمتلك ` طاقة الصمت ` التى تخلق إيقاعا ما ضروريا ، لصخب السهرة .
ذات صباح صحوت على بورترية رسمه لى ، لم يضعه على صفحتى ، عرفت من صفحات الأصدقاء ، وحين شكرته ، لم يرد لكننا فى لقاء آخر بعدها قال لى : أنا لم أكتب اسمك على البورترية كتبت فقط : ` الشاعرة ` كانت أجمل كلمة مديح سمعتها فى حياتى .
فى عيد ميلادى الماضى وضع البورترية على صفحته ، ليهنئنى بعيد ميلادى ، ووضع اسمى إلى جواره .. اتفقنا على أن نلتقى : أنا وهو وصديقى محمد جاد ليعطينى البورترية ورقيا ، لكننى لم أذهب لعذر لا أتذكره ، لم يغضب وأرسله لى مطويا مع محمد جاد .
التقينا صدفة ، فى الجريون منذ شهرين ، انقطعت علينا الكهرباء وأنا منهمكة فى الحديث عن إعجابى ببورتريهاته فى الضوء الخافت لكشاف الكهرباء لمحت شيئا من الضيق فى وجهه : بس أنا مابارسمش بورتريهات بس ده أنا بامرن إيدى بس ! كدت انمحى من الخجل ، أنا اسفة ، ممكن تدعونى أشوف رسوماتك ؟ وعدنى مبتسما ، لكننى فى اليوم التالى صحوت على رسالة منه كانت لوحة ، ادركت ما ارتكبته من خطأ جسيم فى حقة ، خطأ ` الاختزال ` و حسدته على أنه يملك تلك الروح التى غفرت لى جهلى واختزالى له فى رسم البورترية ، وهو ما لا أغفره أنا للآخرين ، أن يختزلنى أحد فهى جريمة عندى وعادة ما اقطع علاقتى بمن يختزلنى ، وبكل قسوة ممكنة .. علمنى درس المحبة ، فى ذلك الصباح منذ شهرين . كلما علقت تعليقا على لوحة لم يرد على المديح ، يرسل لى غيرها بذلك الصمت الذى يحوطه كهالة ، لم يكن ينتظر مديحا كان فقط يمحو جهلى ، بلوحة تلو لوحة كان يعلمنى درسا كأنه تحول هو نفسة إلى ألوان ، إلى مساحة تتجدد للروح ، إلى كائن يطل على من خلف العالم ، من خلف كل الضجيج الذى يحوطنى ليضع رأسى بكامله فى الحقيقة الوحيدة التى عاش من أجلها .
أظن أننى عرفته جيدا فى ذلك الصباح ، والا ما سر هذه الدموع التى تنبعث من روحى كفيض من اللون ، وكلوحة لا أستطيع أن أرسمها ، فتثقلنى بالمستحيل ؟
ليس لحزنى علية أية علاقة ` بافتقادة ` لم اكن أراه كثيرا كأصدقائة ، ليس بينى وبينه سوى ذلك الصمت ، ذلك الصمت الذى عاش فيه ، وسكنه الآن للأبد ، وتركنى وحدى معه ` فطمنى ` من روح كبيرة كانت تفهم الوحدة والصمت وهأنا الليلة أواجههما وحدى .
بقلم : فاطمة قنديل
جريدة القاهرة 30 -9 -2014
فيلسوف الخط
عمل خلف طايع كرسام ومشرف فنى فى العديد من المجلات والصحف ولم تكن تكنولوجيات الصحافة وطباعتها ودخول الطباعة الرقمية والاخراج الفنى المتطور يمثل أى هاجس يبعده أو ينحية عن الرسم الرصين الدقيق بأدواته الكلاسيكية من أحبار وأقلام وأوراق فقد أدرك واحتوى كل هذا وظلت أعماله تطرح نفسها بقوة وأستاذية لأنه كان يملك مالاتملكة التكنولوجيا وهو الروح والحس المرهف هذه الملكات التى تجعل العمل واللوحة تنبض بالحياة دائماً .
تفتحت عيونه وبصيرته على لون البحر وضوء حضارات مضت وأجناس وأعراق عاشت فى مدينة الاسكندرية بزخمها الفرعونى القبطى الإسلامى اليونانى الرومانى الاوروبى ، امتزجت الألوان والأصوات والعمارة والنحت بسحر ورقة أمام الفنان الذى فتح قلبه وعينة وروحة وأبدع لنا أعمال لا تقل بهاء وجمال عن أعمال الكبار ، سواء على المستوى المصرى أو العالمى . نعم موهبة خاصة وحس مرهف صقلة الفنان بالدراسة والعلم والدأب والمثابرة فى معركة طويلة أنهكته ولم تقعده وامتعتنا ولم تشبعنا فأنا لا أصدق أننى سأفتح صفحة خلف طايع ولا أرى جديدا ، لقد رحل خلف طايع تاركا لنا ميراثا وثروة فنية وكنزا مصريا نادرا من الوجوه واللوحات التى تشى بعبقرية فنية سواء على مستوى الرسم الصحفى أو لوحة الفن التشكيلى كمصور يقف بهدوء وثقة بجوار العباقرة أمثال بيكار وصبرى وحسن سليمان وسيزان ودى جريكو وموراندى . فلم يجعلنى تواضعك وبساطتك الا أن أضعك بين الكبار بأعمالك التى تدهشنا كلما طالعناها ولمسنا سحر همسك من خلال الخطوط بانحناءتها وصلابتها وألوانك الثقيلة المعبئة بميراث طويل من الشجن والتأمل الصوفى وبشخصية فنية مصرية خالصة ومتفردة .
لم تكن فلسفة طايع لتأتى لنا بيسر وسلامة دون دراسة جادة امتدت طوال حياته سواء فى كلية الفنون الجميلة أو من خلال الدراسة التى تبعها فى فلسفة الفن وتاريخة ، فرسالة الماجستير كانت حول التطور التاريخى لعلاقة الصورة بالكلمة المكتوبة ، وهنا سنرى تطبيقاته العلمية المدهشة وإنتاجة الوفير فى الصحافة المصرية والعربية التى لا تخطئها عين فنقف أمامها نعيشها كلمة وصورة .
وظل يعمل ولم يتوقف ولم يمل بل جاءت رسالته فى الدكتوراة لتتوج رحلة بحثة الفنى والفلسفى من خلال رسالة حول المنمنات الإسلامية ودورها فى عمل تصوير إيقاعى معاصر وهو ما نراه فى إنتاجة الفنى كمصور وفنان تشكيلى يطرح حلولا جديدة للمسطح بخطوط وألوان لا تنحو للتجريد المطروح والمبهم أحيانا فى كثير من أعمال الفنانين كحلول رياضية أو هندسية تعتمد على المنطق من كتل واتزان وحركة
داخلية ونصوعات لونية وضوئية بل استفاد من ليونة الخطوط فى مفردات اللوحة كالفاكهة بألوانها والأوانى بتشكيلاتها وزخرفتها ليخلق تناغم داخلى يضفى دفئا وحميمية ولم يقع فى جمود التشكيل وصرامة التعاليم البنائية الأكاديمية المعتادة بل تمرد عليها بهدوء لتطالعنا أعمالة وكأنها أتت إلينا من عصور سحيقة .
رحل خلف طايع وما زالت وجوه مصرية أبدعها تطل علينا تحدثنا وتحكى عن مبدع وصل لجوهر وسمة كل شخصية وروحها الحقيقية وهو يرسمها ما زالت العيون والملامح تنطق بعبقرية من خطها ببساطة وعمق وتفرد لم يكن فقط تمكن خلف طايع من الرسم القوى واصطياد الملامح واختيار الزوايا والإضاءة المناسبة فقط أدواته لعمل صورة شخصية لأحد أبطال لوحاته أو تصميماته الصحفية ، بل كانت دائما روح خلف هى السحر الذى يجعلنا دوماً نغوص فى حنايا الخطوط وتناغم الظل والنور فى حوار طويل يستغرقنا داخل اللوحة ولا ننسى فية المبدع أبداً ، نحن نستعذب ونذوب فى اللوحة ولا ننسى الذى قدمها ونتساءل كيف له أن يصل ويقدم لنا روح الشخصية عبر الخطوط والظلال ، وفى بعض الأعمال بالألوان إلى هذا العمق ، وكيف يعبر بها من عالمه إلينا ليجعلها تنطق وتحدثنا وكأنها أتت من عالم أخر لا شك أنه عالم خلف طايع .
انه لا يكتفى فقط بدقة محاكاة الملامح واصطياد الشبة ولكن من قدره هى خاصة يملكها تقدم تشريح مزاجى ونفسى للشخصية موضوع العمل وهى خاصية يملكها الكبار أمثاله من فنانى ورسامى البورترية .
رحلت ياصديقى وتركت لنا هذا الإرث العظيم من لوحاتك ورسومك والآن أرانى أتجول فى معرضك ، لوحات الطبيعة الصامته تقف صامدة المكعبات بأشكالها الهندسية الحادة تحتضن ثمرات الفاكهة بخطوطها اللينة الناعمة ، ألوان قوية واضحة فى معادلة بصرية جديدة تجعلك تحس أنك أمام أعمال السيراليين العظام أمثال رينية ماجريت وسليفادور دالى ، لكن الموضوع ما زال لا يتخطى كونه طبيعة صامته ومكعبات وأوانى وثمرات من الفاكهة هنا وهناك تماماً كالموضوعات التى رسمها العباقرة فى أوائل القرن الماضى مثل بول سيزان ومن فنانينا المصريين حسن سليمان الفارق فقط أنك وبالرغم من تكرار المفردات قدمت صرخات مكتومة من خلال طبيعتك الصامتة هى أقرب الى المنبة الذى يحرك فينا السؤال كيف لهذا المبدع وهذا الصامت طويلاً أن يعرض عملاً وموضوعاً يفتح المجال لكلام وحكى يبعدنا عن لغة الشكل وصرامة التكوين ودقة هندسته والاهتمام برصد الضوء والظلال داخل اللوحة فنظل هائمين محاصرين داخل الاطار نتمعن فى ملامس السطوح الغنية باللون وكأنه رسمها ولونها طبقات فوق طبقات ليؤكد أن هذا السطح ليس هو فقط مضمون وشكل العمل ولكن يختفى تحتة وخلفه ماهو أعمق وأهم .
الغريب انك عندما ترى أى عمل لخلف سواء أكان رسما صحفيا يبدو عاديا وكأنه دال على شخصية بعينها أو طبيعة صامته بألوان زيتية أو منظر طبيعى فأنت دائماً ما تعبر موضوع اللوحة وتستغرق فى حوارك معها أنه لا يهتم باستعراض مهارات التكنيك مثلما يقع فى هذا الفخ كثير من الفنانين المتمكنين مثله أنه ينحاز دائماً للجوهرة للروح ولهذا الدياليكتيك بين العمل الفنى والملتقى انه يلتقى إلينا بهمومة وصبره وتأمله مع من يرسمه فتحتضنه عين المتلقى ، فعندما كنت أنشر أحد لوحاته على صفحتى أجد تعليقات الأصدقاء من يعرفة ومن لا يعرفة فألاحظ التعليقات تتخطى حدود الرسم الجميل والتلوين العبقرى لتحكى وتعلق على الشخصية المرسومة وتثنى وتؤكد كيف لهذا الفنان أن يتمكن من روح الشخصية وسماتها وليس الملامح الشبة فقط . لم تكن تكنولوجيا الصحافة والرسوم الرقمية تمثل هاجساً يجعله يتوقف عن أسلوبه فى استخدام الأدوات المعتاده فى الرسم والتلوين ، فأننا نرى فى رسومات وأعمال خلف طايع السر والسحر من نفسة وروحة داخل العمل ، فكيف لهذه الأدوات ومستخدميها بجمود التكنولوجيا المعروف أن يستحضروا الروح ويستنطقوا الشخوص ليبوحوا بمكنون النفوس وأحلامهم وأحزانهم الدفينة إلا إذا جاءت بريشة وفرشاة وقلم لفنان مثل خلف طايع تطوعت وانحازت لإبداعة ولا تطغى على روحة وحسة الذى ينبض حياة .
إن خلف طايع ليس رساماً صحفياً يملك مهارة الرسم وخبرة الصحافة وليس أيضاً فناناً تشكيلياً متمكن من أدوات المصور الذى يقدم لوحة مبهرة ولكننا نستطيع أن نراه مع الكبار من الفنانين الذين جمعوا بين الفن التشكيلى والرسم الصحفى أمثال بيكار وجمال كامل وحسن سليمان وإسماعيل دياب وجوده خليفة وجميل شفيق ، إنه مع هذه الكوكبة المتفردة التى قدمت وجوه مصر وشخصية مصر ، فكل رسم صحفى هو لوحة تشكيلية فى كل مقومتها من تكوين وإيقاع وظل ونور وعمق يتخطى العمل ذاته والهدف الإعلامى أو الخبرى منه وأيضاً فإن لوحاته وإن قلت مفرداتها أو بدت بسيطة فإنها تذكرها بأعمال الكبار أمثال دى جيريكو ومارجريت وآرب .
لقد ترك لنا خلف هذا الميراث الجميل والآن نحن نلملم أحزاننا على فراقة وجب علينا أيضاً أن نلملم ونحتوى أعماله لنعيد اكتشاف رحلة هذة العبقرية الفنية ولنقدمة للأجيال القادمة كواحد من اساتذة الرسم الصحفى المصرى المعاصر .
بقلم : وحيد مخيمر
القاهرة 30- 9 -2014
خلف طايع .. بورتريه على البحر
`- حين نتأمل لوحات طايع .. نجد أن الاشكال الهندسية بألوانها تسبح في سكون وعزلة.. وتغتسل بضوء حالم يوحى أنه نابع من داخلها.. هذا الضوء غير الواقعى يضيف إلى المشهد حلماً ينتسب إلى الماضى أو اللازمان وفى كل لوحاته يلعب البحر الساكن دور البطولة ويرمز إلى الامتداد اللانهائى أو المطلق مثلا يرمز لاكتشاف مدينة عريقة هي مدينة الإسكندرية حيث ولد الفنان ` .
- بهذه الكلمات جاء وصف الكاتب الموسوعى الراحل أحمد بهجت، لفنان البورتريه الأول فى مصر ، خلف طايع الذي رحل عن دنيانا أمس الثلاثاء، وذلك لأن المتابع لأعمال طايع، يدرك من الوهلة الأولى مدى ارتباطه ارتباطا وثيقا بمحافظة الإسكندرية ، تلك المدينة التي شهدت مولده عام 1943، وحفرت شوارعها وشواطئها وأشخاصها مكانا لا يتزحزح من ذاكرته ووجدانه، وهو ما انطبع بشكل كبير على أعماله ولوحاته، منذ أن خطت يده أولى لوحاته وإلى أن فارق دنيانا منذ ساعات.
- على جانب آخر، تعددت مواهب طايع ولم تقف عند الفنون التشكيلية وفن البورتريه الذى برع فيه، وكان سبباً فى أن يكون رفيق للروائى الكيبر خيرى شلبى، خلال رحلته بمجلة الإذاعة والتليفزيون، فبعد أن التحق بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية وتخرج منها عام 1968 ، إذا به يلتحق للعمل كمخرج صحفى فى العديد من الإصدارات فى مصر والوطن العربى، ولم يكتف بذلك بل قدم دراسات وبحوث فى فلسفة الفن تخدم هذا المجال، فكانت رسالته للماجستير حول `التطور التاريخى لعلاقة الصورة بالكلمة المكتوبة` وهو بحث بالغ الأهمية يمتد فى التاريخ بين النص وكل ما هو مصور بمعنى آخر بين سحر الكلمة واللغة البصرية للصورة.
- وكان عمل طايع فى العديد من الصحف سبباً فى حصوله على عضوية نقابة الصحفيين، إضافة إلى عضويته لنقابة التشكيليين، وكذلك عضويته للجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلى ` الأيكا`، وعضويته لاتحاد الفنانين والكتاب لآتيليه القاهرة والإسكندرية.
- وأقام طايع العديد من المعارض الخاصة به وكان على رأسها معرض بجاليرى اليمامة سنتر بالزمالك2000، ومعرض آخر بقاعة مركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية 2003 ، ومعرض بقاعة )محمد ناجى( بآتيليه القاهرة مايو 2006 ، فضلا عن اشتراكه بعشرات المعارض مثل معرض فنانى الإسكندرية، المركز الثقافي الروسى1969، وصالون الإسكندرية - متحف الفنون الجميلة- الإسكندرية 1970 ، وفنانى الإسكندرية - آتيليه الإسكندرية 1977 ، وفنانى الإسكندرية - قصر ثقافة الحرية- الإسكندرية 1981، وبينيالى فنانى دول حوض البحر الأبيض المتوسط الدورة السابعة 1973 ، والمعرض التشكيلى السنوى - الكويت 1985 ، معرض بغداد الدولي 2002 ، وملتقى الأقصر الدولي الأول للتصوير بالأقصر 2008.
- وتتميز أعمال طايع بتفردها عن حركة التشكيل المصرى بقدرته المبدعة على مزج الطبيعة الصامتة المرئية بغلالة سيريالية راجعة للعالم الميتافيزيقى غير المرئى الذى يلقى فيه بأشكاله في عالم مطبق الصمت لتحدث حالة من روعة الحس لإدراك ما لهذه الطبيعة الصامتة من أبعاد عديدة تؤكد بها وجودها الآسر بل والمسيطر على المشاهد لما تضمه من أجواء مكثفة
تجعل لها سطوة التواجد، وهذا التفرد فى آنيته تجعلها كأنها شخوص منغمسة فى حالة من التأمل الذاتى الشديد.
- لم يفلت من بورتريهات طايع أحد من الكبار أو نجوم الفن والغناء مثل أم كلثوم وزكريا أحمد وبيرم التونسي ومحمد عبد الوهاب وصلاح عبد الصبور وبليغ حمدى ويوسف شاهين ومحمد الموجى وصلاح جاهين وأبلة فضيلة وفردوس عبد الحميد وصنع الله إبراهيم ومحمد الموجى وعماد حمدى وأحمد مظهر ونجيب محفوظ.
- وقد جاء رحيل الفنان خلف طايع، فى هدوء ليعكس شخصيته التى تهيم إلى سكون البحر، وسط أمواجه الهادرة وأحداثه الجسام.
بقلم : محمد حافظ

خلف طايع .. قلب القديس
- ضوء خافت يتسلل من بين فتحات ` السلك الواقى ` يستريح عى وجهه المطمئن، تتوهج لحيته البيضاء، وتتكسر الظلال على الغضون، فتشع القداسة والمحبة، التى تعكس طيبة قلب هذا الفنان الكبير، قلب خلف طايع.
- فى عام 1997 كنت أتخبط فى خُطاى وأنا فى طريقى إلى مجلة الإذاعة والتليفزيون، لمقابلة الكاتب الكبير خيرى شلبى، حين وصلت سألت عنه، فأجابونى بأنه يجلس عند ` الدكتور` المدير الفنى للمجلة، بخجل دخلت المكتب الذى كان يقع نهاية صالة فسيحة، وعزل عنها بقاطوع من الألومنيوم. كان الدكتور منهمكا فى رسم ` الماكيتات` ، بينما خيرى شلبى يخط بضع كلمات على أوراق ` الدشت ` ، جلست أمام الفنان، الذى رحب بى سريعا بعبارة أثيرة لديه، ` أهلا وسهلا `، قالها كما لو أننا أصدقاء منذ سنوات، وسألنى : تشرب إيه؟ وألح كى أطلب شيئاً ، ثم صاح مناديا: يا محسن، وعرفت فيا بعد أنه كان يقصد كبير المنفذين فى القسم الفنى، الذى كنا نلقبه بــ ` الجنرال `.
- انتهى اللقاء ونسيت خلف طايع، وبعد شهور ذهبت مجددا للمجلة، التى كانت تحتل دورا كاملا فى مبنى ملحق بمؤسسة دار الهلال، اضطررت إلى الجلوس فى مدخل المبنى، إلى جوار رجال الأمن، انتظارا لقدوم مدير التحرير وقتها، حين دخل سريعا باتجاه المصعد، التفت إلى الوراء فرآنى، وسأل: إيه الأخبار، عملت إيه؟ هززت كتفى علامة على اليأس، دعانى للصعود معه، وطلب لى الشاى ولنفسه ` النسكافيه ` المعتاد .
- منذ تلك اللحظة صار خلف طايع أبى الذى فتح أمامى مدارك جديدة، فى الفن والحياة، وقد كنت جاهلا تماما بالفن التشكيلى وبالموسيقى العالمية، وكان عالما فى المجالين، إلى جانب ثقافته المبهرة، وعشقه لقراءة الأدب، الرواية والشعر تحديدا، كثيرون يعلمون ريادة الفنان خلف طايع فى فن البورتريه، لكن البعض قد يجهل شغفه بالموسيقى، الكلاسيكية بالأخص، فالراحل تعلم فى كليته، بالإسكندرية، العزف على` الفلوت `، وشارك فى فرقة الجامعة الموسيقية، وقدم معها حفلات عدة.
- فى جلساتنا بوسط البلد، بالقاهرة، كان يشاركنا كثير من فنانى الغناء، وحين يختلط عليهم الأمر حول اسم ملحن أو شاعر لأغنية من الأغانى القديمة، كان الجميع يتجه بأنظاره نحو الفنان، ليحسم الجدل، وصار بعد فترة قصيرة المرجعية الأولى لكتاب ومثقفى `مثلث الرعب ` فى وسط المدينة، فى كل ما يخص الموسيقى.
- تعلمت، وعلمت من الفنان أسماء فى الفن لم أكن أسمع عنها: عباس البليدى، حورية حسن، نعيمة المصرية، ويوسف المنيلاوى، وسيد الصفتى، وزودنى بأندر أغنيات سيد درويش وأبو العلا محمد ومنيرة المهدية، بخلاف أعمال عمالقة الإنشاد مثل، محمد عمران، وإبراهيم الفران، وطه الفشنى، وغيرهم الكثير.
- لنحو سبع سنوات كنت مع ` الدكتور ` نقطع مشوارا يوميا، من المجلة بالسيدة زينب، إلى وسط البلد، نتبادل أحاديث الفن والثقافة وقضايا الصحافة، نجلس لنحو4 ساعات معا فى أحد المحلات، وقد لاحظ كثيرون أننا قد نجلس طوال هذه المدة، بلا ` كلام` ، فقد كان الراحل يميل إلى التأمل أكثر من أحاديث تمضية الوقت، وكنت أحترم هذه الرغبة، بل تعلمت الأمر منه، فصرت صموتا مثله، وبين الصمت كانت مئات الإشارات تتواصل فيما بيننا، حول أداءات المثقفين، وزيف كثير منهم، وهو أمر لا يطيقه الفنان، لذا دخل فى كثير من الصدامات مع مثل هؤلاء، يفضحهم بلا هوادة أو مجاملة ، لذا لم يكن يجلس معه غير الأسوياء روحيا، فيما كان يختار موقعه إلى جوار النافذة لتنعكس الإضاءة القادمة من الخارج على وجهه الهادئ المطمئن.
بقلم : سامح الأسوانى

45 لوحة قدمها الفنان المصرى خلف طايع فى القاهرة
- للبورتريه إيقاع خاص فى أعمال الفنان التشكيلى خلف طايع، وقد تجلى ذلك على نحو لافت فى معرضه الذى أقيم حديثاً بجاليرى اليمامة سنتر بضاحية الزمالك بالقاهرة .
- قدم طايع في المعرض 45 لوحة (صور شخصية) تمثل خلاصة تجربته فى فن البورتريه استخدم فيها ألوان الماء بتدرجات وتنويعات تعبيرية مؤثرة، تتجاوز الرصد المباشر لملا مح الشخصية، وتتوغل فى ما تضمره هذه الملامح من أبعاد ورؤى على المستوى النفسى والفكرى، فنحس بأنها وجوه حميمة وصديقة تحمل قدراً من الحب للبشرية. وبضربات فرشاته السريعة والمتتالية تظهر تلك الوجوه نابضة بالحياة، تلمع عيونها بذكاء مميز، وتظهر هذه الضربات السريعة قدرة الفنان على استيعاب الشخصية موضوع اللوحة ، فى إطار تصوره الخاص عنها، ولذلك اقترب البورتريه من المتلقى واصبح بدون حاجز، فالفنان يهتم بتفصيل الوجه أكثر من اهتمامه بالمحيط من ملابس أو خلفية قد تقف حائلاً وتمنع هذا الاندماج الضرورى بين المشاهد والعمل.
- وفي جانب آخر من المعرض 14 لوحة استخدم فيها خامة )التمبرا(، وهى الخامة المعروفة قديماً باستخدام زلال البيض وقد نفذ بها فنانو عصر النهضة جدارياتهم على حوائط وأسقف الكنائس والقصور فى ما يعرف بفن الفريسك، وهى خامة تحافظ عى قوامها ولا تؤثر العوامل الجوية على درجات ألوانها، وقد استخدمت فى المعابد المصرية القديمة.
- فى هذه اللوحات استطاع طايع ان يكسر حيز التجريد والخطوط الصلدة والمساحات اللونية الصارمة ويتماس مع الواقع المعاش بأسلوب فنى متميز حيث جعل من الأفق محوراً لتلك الأعمال، وتحولت أمامه الاشكال الهندسية الصامتة فى منظور يختلف من شكل لآخر إلى علامات تساؤل كبيرة مفتوحة من خلال نظرة الفنان على بحر أزرق هادىء وسماء ناصعة البياض فى علاقة لانهائية تدفع للتأمل، والصفاء الذهنى، وهى علاقة مفتوحة على توترات الشكل الكروى أحياناً والمربع أحياناً أخرى، وتتردد أصداء موسيقية بن جنبات اللوحة تتصاعد في أسماعنا كلما ازداد التركيز، لنكتشف تجليات ذلك الفنان والتى جسدها بعد أن طال بحثه فى داخل روحه عن اصداء تجربته وحياته وواقعه.
- ألوان طايع تذكرنا بسلم ألوان محمود سعيد الفنان السكندرى الكبير، فبين ألوان هادئة وساخنة تنقل خلف طايع عابراً أفق التجريب ليصل بنا لشاطىء ناعم ملئ بهواء رقيق ينعش النفس ويجعل الروح تقفز لتطير فى لحظة نشوة نادرة الحدوث.
بقلم : محمد الشربينى

بورتريه طايع حكاية مرسومة ونص مروي - لوحاته اكتشاف لعلاقات زمنية ومكانية
- من الأسكندرية مدينة النور حيث طبيعتها الساحرة ومبانيها العريقة استقى فنان السريالية والبورتريه الذى أثرى عالم التشكيل خلف طايع رؤيته المتأملة العميقة الآثر التي نلمحها في لوحاته ذات الصبغة السريالية.
- هذا التصوف وارجاع العناصر والأشكال لخطوطها الأولى والوعى بالعلاقات الهندسية حتى أننا نراها فى تكويناتها المبتكرة كالبنايات المعمارية الشامخة وهذا الوجد المتلاشى فى الألوان الرصينة، إنما يعكس حالة من التوحد التام بينه وبين ما يراه بداخله من معانى، فاللوحة عند طايع انما هى اكتشاف لعلا قات زمنية ومكانية تتجلى من توهج داخلى مفعم بالتأمل.
- طايع لم يثر عالم السريالية فقط وانما استخدم طاقاته الإبداعية فى عمل فن البورتريه لمشاهير الفنانين والكتاب والسياسيين من خلال عمله في مجلة الاذاعة والتلفزيون حيث نجد أن البورتريه عنده حكاية مرسومة ونصا مرويا بالألوان فالفنان يبرزالطاقة الداخلية للوجه المعبر عنه فيطل به اطلاله جديدة مؤثرة.


بقلم : سهام سالم

خلف طايع.. عناقيد النور
- حتى قبل أن أعرفه تعرفت على أعماله وريشته التى تعيد صياغة الناس والعالم، أنت أمام فنان يكتب نوتة موسيقية للحن ممتد . لم يستسلم للعمل اليومى فى الصحافة، لكنه عالم من الفن والنغم والبناء الشامل لدنيا يصنع لحما ودما . وترى فى لوحاته الصوت، وتسمع اللون.
- كانت البورتريهات التى ينشرها خلف طايع فى الصحف تتجاوز كونها مجرد أعمال صحفية، لكنها لوحات من لحم ودم ، يبدو الجهد وراءها درسًا من الفنان خلف طايع. أعمق من يقدم البورتريه، بشكل يجسد شخصية الفنان أو السياسى أوالشاعر أو حتى الرجل العادى.. أنت تسمع وترى الشخص، نجيب محفوظ ومحمود درويش ويوسف إدريس وطه حسن وحتى خلف طايع نفسه.
- كان الروائى الكبير خيرى شلبى ابتدع شكلاً جديدًا بين النثر والرواية، البورتريه المكتوب، يعيد كتابة الوجوه ورسمها فى مجلة الإذاعة والتليفزيون، عشرات الشخصيات كتب عنها وكان يحول الوجوه إلى كلمات ولوحات ، وشخصيات تتحرك وتروى، عشرات من الأدباء والفنانين والمثقفين والسياسيين من حسن فتحى، إلى جبران خليل جبران، ومن سعد زغلول، إلى سعد الدين وهبة، وسيد مكاوى، ونجيب محفوظ، ومحمود درويش وسهير القلماوى ، ومى زيادة وغيرهم، كل هؤلاء كانوا يخرجون فى مجلة الإذاعة ومعهم كان البورتريه للفنان خلف طايع، فترى أنك أمام شاشة سينما تسمع بقلم خيرى شلبى
وترى بريشة خلف طائع. جمع العم خيرى شلبى البورتريهات أو بعضها فى كتابه ` عناقيد النور ` وهو عنوان يعبر تمامًا عن طبيعة شخصية خلف طايع الفنان، والإنسان.
- تعرفت مباشرة إلى خلف طايع الذى يجمع بين الأب والصديق والفنان المتواضع الذى يشع فيمن حوله براءة وعمقا وثقافة ومشاعر أسطورية. كنت محظوظا أن اقتربت مرات منه فى جلسات وسهرات، امتدت لتصنع خيطا من الصداقة العميقة ، التى تربطنا بخيط من الود. وأرانى محظوظًا أن كنت من بين كثيرين عرفوا عن قرب هذا الفنان العظيم والإنسان الأكثر عظمة. الذى يشع فيمن حوله روحا من التفاؤل والمعرفة. بدفء ونسمات وروح ترفرف عى من تعرفهم، وللفنان خلف طايع أياد بيضاء على كثيرين، فهو من مثقفى الأشجار المثمرة، التى تمنح الثمر والظل للعابر والمقترب. وأسعدنى زمانى أن تزاملت معه فى جريدة القاهرة وكنت تضبط الساعة عليه، فى الدقة والإخلاص.. هو رجل يرسم لدنياه وآخرته. فيعيش معنا بالرغم من الرحيل.
- الرحيل الذى أصبح عادة لمن نحبهم، ونعجز عن اللحاق بأياديهم الدافئة. نودع `عناقيد النور العم والصديق.. خلف طايع` .
بقلم : أكرم القصاص
السبت- 27 سبتمبر 2014
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث