- اختصر ثروت فخرى الطريق ، وامسك بأول نماذجه فى محاولة لخلق جو خاص من الخبرة وما اعنيه هنا بالخبرة ليس فى محاولة استقطاب قوانين للفن خلال الممارسة ، وانما اعنى بها تتويج السيطرة على مساحة ما من خلال النموذج .
إن إشكالا ما ، يوشك ان يتخلق فى أعمال ثروت فخرى . بينما العنصر البطل عنده لا يتحصل على استلهاماته الا من خلال قدرة هذا الفنان الطالع على ان يرفض القوانين ذات الواقع الاصطلاحى .
- لقد عرفت ثروت فخرى عن قرب وسعدت اذ رأيت الأجيال فى مصر قادرة على استيعاب مأسيها ، ومن ثم مستطيعة أن تغير فى جلدها، وفى جوهرها وحين وقفت بعض اللحظات أمام معالجات ثروت فخرى الأولى . أحببت فيه ما عنده من زمن الاندهاش المخزون ، وأيضا من العصيان .
- يكون اذن هذا هو المدخل الى فننا لو عرفنا ان المياه الراكدة التى لا تتحرك، لا تجلب إلا الأمراض والعفونة والعطن .

أحمد فؤاد سليم 7 فبراير 1968

- قد تكون للصدفة دور كبير فى وجود هذه الأعمال الفنية .. فحين سألت الفنان ثروت فخرى عن أسلوبه المستخدم .. اجاب كنت فى حاجة للورق ولم أجد امامى إلا ورق المجلات .. والواقع أن الصدفة هنا كان دافعها انفعال وتؤثر فنان أصيل .. فنان أراه يخطو بجرأة واثقة نحو المستقبل .
- وقد نطلق على هذه الأعمال دراسة تجريبية فى فن البورتريه فقد أسقط ثروت فخرى انفعاله .. حزنه .. فرحه .. تؤثره .. ذهوله على مائة وجه .. نستطيع أن نتعرف فيها على وجه واحد يتلون بمائة لون .
وهو يتحرر من الشكل الجامد المتعارف عليه .. فالتعبير ينبعث من منطق التشكيل ومن منطق ورق المجلات الذى آثر الفنان ثروت أن يتركه على حالته الطبيعية وأن يستغله فيقترب بذلك من مفهوم الكولاج .
- العينان والانف والفم .. عناصر متحركة فى الوجه .. أما الوجه فهو كتلة تعبير متحركة .. فلقد توتر الوجه وتشوه ضاربا عرض الحائط بالنسب الطبيعية المتعارف عليها فالذى يتحرك على الورق هنا ليس يد الفنان ولكن قلبه هو الذى يمسك بالريشة وهو الذى يحدد المسار .. وهو الذى يختار عينا حمراء .. محترقة وممزقة .. وعينا بيضاء ساذجة وعنقا مستطيلا تمزقه كلمات تراها ولا تسمعها .
وجدان متأجج يعبر عن ذات أصيلة من خلال واقع عمرها وظروفها .. عزلتها .. وتأملها المحورى .
نأمل أن تتفتح على العالم العريض بعد هذه التجربة الصادقة .

روضة سليم 21 يوليو 1970

بجريدة المساء