`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
خالد زكى
نحات من قلب الحضارة
- يجسد هذا النحات الواعد مثالا للإرادة الحرة التى لا تلين .. شاب يخطو بداياته الفنية ، ومع ذلك استطاع أن يلفت الانتباه بإحساسه العالى فى التعامل مع الخامات ومزجها ببعضها البعض بشكل جديد ، مثل الجرانيت والنحاس والرخام فى إبداعات شديدة الحداثة لكنها تؤكد فى الوقت نفسه إتقانه ومعرفته لأسس تقنيات الفن الأكاديمى الكلاسيكى .
- ورغم صغر سنه إلا أنه قطع مشوارا يؤكد إصراره الشديد على النجاح ، تخرج فى كلية التجارة قسم إدارة أعمال عام 1986 واستقر فى الإسكندرية التى تفتح وعيه فيها بعد عدة هجرات بين السويس وسوهاج ، وخاض معركة شرسة مع قصر ثقافة السويس ليحصل على فرصة للسفر إلى ألمانيا رغم أنه ` مالوش واسطة ` وفضل خالد زكى أن ينهل الفن من منابعه الأصلية .. واتجه إلى إيطاليا وتنقل بين أشهر مدينتين للنحت ` كرارة ` و ` بيترا سانتا ` واختار الأخيرة .
- وكان المصرى الوحيد فى المدينة الصغيرة التى تعد من أشهر المدن اجتذابا للناحتين فى العالم ، فهى تقع بجانب أكبر محاجر الرخام الإيطالي الأصيل . رأى الفنان أكبر وأشهر نحاتى العالم ، يجلسون فى بساطة على مقاهيها ` إيجور ميتوراى ` ، ` فانجى ` ` بوتيرو ` ، ` ماريو جاليوتى ` ، ` فرانشيسكو ميسينا ` .. نعم كان لا يحلم أن يرى هؤلاء بجانبه فى المقهى والشارع .
- وفى أحد المقاهى بحس تلقائى اتجه إلى إحدى الموائد التى يجلس عليها النحات المعروف ` ماريو جاليونى ` وطلب منه فى بساطة أن يعمل معه ، وأفضى إليه أنه مبتدئ ويسعى إلى تعلم النحت بداية من الصغر .
- ورحب به هذا الفنان الذى يعد من أشهر خمسة نحاتين فى العالم . وكان الدرس الأول أن يتفهم الخامة ، ماذا يعنى الرخام أو الجرانيت أو الحجر وسر جمالياته إذ إن لكل موضوع نحتى نوع الحجر الذى يلائمه ، وكيف يمكن تحويل القطعة الحجرية بشكلها الهندسى المكعب واستخراج منها قطعة النحت المراد عملها .. وقد احتاج خالد لثلاث سنوات حتى يدرس تلك المبادئ الأساسية .
- يقول خالد زكى : عملت مع ` شرفييتى ` وتأملت لأيام ` كانيا شودا ` أكبر نحاتى اليابان وهو يعمل و ` ميتوراى ` من رومانيا و ` بوتيرو ` من كولومبيا ، وكان مبهورا بتلك المدينة الحلم وناسها البسطاء .
- وبدأت تستهوينى أنواع الأحجار النارية والبركانية والجرانيت والبازلت والحجر الرملى الجيرى الرسوبية - وهى تتحول إلى نحت طريف تحت درجات من الحرارة ومع مرور السنين الجيرى يتحول إلى رخام والرملى إلى كوارتزيت .
- وبدأت أمارس نحتى الخاص ، وأسعد لحظات حياتى حين بعت أول قطعة لأحد أصحاب المعارض ` جاليرى سبيترز ` فى بروكسل ببلجيكا .
- وهذا الفنان قادم من قلب الحضارة والتاريخ وثلث آثار العالم فى بلده . والنحت المصرى هو البصمة الحقيقية والذى استوقف أنظار العالم ، هكذا كان يقول عنى الناس ، لاحظت احترام فطرى لأننى مصرى ، فكان لزاما على ألا أبتذل فى النحت ، وبدأت أبحث عن روحى وتقابلت مع فرانشيسكو ميسينا 90سنة وقد مات الآن .. واختارنى للعمل معه لأنى مصرى ، كان هذا الفنان يتحرك فى آخر أيامه مع طبيبه الخاص ومدير أعماله والجاليريست ومساعد لعمل القهوة والشاى ، وكان يزمع عمل تمثال لآدم وحواء .. وطلب منى كمصرى أن أحضر له الجرانيت من ضيعة فى أسوان وجئت إلى مصر .. وارتميت فى حضن الآثار الفرعونية أنهل من هذا النهر الجارى ولا أرتوى .
- ويستأنف : ` وحين عدت إلى إيطاليا وبدأنا العمل ، كان ` ميسينا ` يتغزل فى الحجر الجرانيتى ويناضل مع المساعدين حتى لا يضعوا فى العمل إحساسا روحانيا أو إغريقيا وكان هذا التمثال خلاصة وعصارة تجربته فى دنيا النحت ، وقد تعلقت بكلمته ` انحت .. بلا كلل وسيكون لك
أسلوبك ` .
- كان يترك إحساسه الفطرى يندرج للانصياع وراء مطالبه الفنية ، ووضع نصب عينيه ، أن ينفعل فنيا ، حتى يتأكد شعوره بأنه يد خفية تحرك يده للعمل .. وفى إحدى جولاته فى إيطاليا عند مقبرة أمام البايليون رأى تمثالين لأسدين فى حجم ضخم ، أحدهما كان نائما ، والآخر مستيقظا ، ويطلق عليهما الكانوفا .. من صنع النحات الإيطالى آدم برانكوزى فى القرن السابع عشر .. ويقول خالد : ` رأيتهما طار عقلى .. وبدأت فى تنفيذهما فى حجم الكف ، كنت مؤمنا بالحس الفطرى .. أحسست أننى يمكن أن أراهما فى بيتى على إحدى المناضد وأتأملها فى هذا الحجم المريح للعين ، أحسست أن فى الإمكان أن يصبح النحت البديع فى متناول أى يد وأى جيب .. رجعت إلى الوراء ، وتذكرت تلك التماثيل الصغيرة الفرعونية لأفراد وحيوانات وطيور ، والتى تطلى بلونين أو بلون ذهبى خالص .. وقادنى إحساسى بأن أستخدم خامتين فى ذلك التمثال الصغير الجرانيت وخامة النحاس الذهبية .. وسكبت فى هذين التمثالين حسى الخاص ، وبعدها قمت بعمل عدة اسكتشات عن الساعة وهو مزج فلسفى بين الزمن والعمل الفنى .. وقد نفذته بشكل تجريدى صرف .
- وحين نترك الفن الأكاديمى عند خالد زكى ونتكلم عن بدايته مع الحس التجريدى ، الذى عبر عن ذاته بلا عوائق .. إذ إن ` التجريدية ` كما يعرفها المعجم الوسيط من مجمع اللغة العربية كالآتى : ` عزل صفة أو علاقة عزلا ذهنيا .. أو تصوير للفكرة ، والفكرة كما نعلم شئ نستطيع أن نعبر عنه شفاهه أو كتابة .. ولكن عند أدراجها فى عمل فنى خاضعة تماما للأحاسيس والمشاعر والحالة الذهنية البحتة فى ساعة الخلق والنقل من الطبيعة حين نصور وردة أو أسدا بشكل أكاديمى لا يصل إلى الطبيعة ذاتها التى تتألق من لحظة إلى أخرى ، أما التجريد فهو حالة ذهنية متفردة تخص الفنان ذاته ، ولذلك نجد أن الفن التجريدى له جمهوره الواعى ، إذ حين أقبل على رسوم ` كاندنسكى ` فى بداية القرن العشرين أو على أعمال ` بيكاسو ` و ` براك ` التجريدية إنما عن تبادل عاطفى بحت بين المتلقى والفنان . وحين نعود إلى القطع التجريدية عند خالد زكى نجد أنها تمثل قوة الكتلة وتماسكها وهذا ما يميز الفن الفرعونى ، ولكن عند خالد متأثرة إلى حد كبير بمكان دراسته واستيعاب التجارب البصرية المتكررة للفن الإيطالى ، فنجد الاستدارة والحس الميكانيكى فى ` أعمال الساعات `وهو حس نابع من روحه التى أحست بتواؤم مع تقديم لب الأشياء : الماكينات والمسامير الدقيقة داخل ` الساعة ` النتوءات الدقيقة التى تلقى ظلا مدروسا من تصميم المدرسة الرومانية .. تلك التماثيل الرومانية التى تتألق فيها العين بقطعة من النحاس المذهب . كل ذلك الحس الأسطورى العتيق المسربل فى آلات الزمن الدقيق . خالد ابن القرن الحادى والعشرين فى تقنياته ، وابن المدرسة الإيطالية التى يتمنى معظم فنانيها أن يتوصلوا إلى التجريد فى الفن الفرعونى وهو الحلم المثالى لأى نحات .
- اشترك خالد زكى فى ` سمبوزيوم ` أسوان وقدم أحد أعماله ونفذه فى شهرين .. حين حضر إلى أسوان مدير إحدى شركات الرخام الكبرى فى ` مصر ` ورشحه للعمل معه كإدارى وفنى فى آن واحد لهذا المصنع الضخم وقد أخذ هذا المصنع عملية تشغيل الرخام فى المسجد النبوى ، وقد كان يصنع فى إيطاليا من قبل .. ويجد خالد زكى أن التوليفة فى دراسته وفنه وشخصيته هى التى أهلته فى مسار حياته .. ولكننى أجد أنه يملك المستقبل الفنى ، لأن يحمل جزءا من التاريخ .
بقلم : نجوى صالح
مجلة البيت -2004
خالد زكى ... بين ابداع تتموزى وصوفية الرومى
- كان تواجدى بقاعة( جاليرى مصر الخاصة ) بحى الزمالك الشهير . والذى كان يستضيف كوكبة من فنانى ومثالى مصر المعاصريين هو يوم حاسم وفارق فى إنجذابى نحو أعمال الرائع / خالد زكى ... والتى باغتتنى ما أن أصبحت داخل القاعة بذلك الوابل من الأحاسيس والمشاعر الممزوجة بالمتعة والإعجاب المفرط والذى أستند بداخلى على خلفيتان لا ثالث لهما ... وهما رصانة فن النحت العتيق تاريخيا .. وعشقى المفرط لحالات الصوفية الحقيقية و الصادرة من غير تكلف ... قتوقفت عينى من البحث الروتينى المجرد الحاصل لنا جميعا عند دخول لأية مكان .. وصار من الصعب أن تنجح أية محاولات ومغريات لتحويل عينى عن تلك الأعمال ..أو يتغير مسارى عن الوصول إلى سواها .. وكنت كلما إقتربت خطوة تغيرت زاوية الإضاءة الواقعة على إحداى تلك الأعمال لتتغير معها إنطباعتى السارية فى إتجاه واحد وعلى وتيرة من الإيجابية والمناصرة لتلك الأعمال ..وأخذت أدور حول العمل فى تأدب لمبدعه وإحتراما لإحترامه لذاته ولى من خلال صياغته المبهرة والدقيقة لتلك الكتلة التى تمثل ذلك الرجل الممد على الأرض ويرتكز على مرفقه ويجسد نهوض المنتبه من إحدى حالات الثبات .... ووجدتنى أتمايل داخليا من جراء نوعين من الإيقاع الرخيم والمطرب بلا وتريات ..ويعكس كلاهما مشهدا مزدوجا ...كان أولهما قفزا فى خيالى مشهد المثال المصرى الأسطورى تتموزى أو ( تحوتمس ) مبدع تماثيل الفاتنة ( نفرتيتى ) ..وضربات إزميله على تلك الكتلة من الحجر الجيرى ( السلطانى ) ليخرج لنا رائعته الشبه نصفية لوجه الجميلة ( نفرتيتى ) .. والثانى كان لهيام إبن الرومى ودورانه المتهادى بعد وقفة إصغائه الطويلة لإيقاع طرقات صناع نضار الذهب . ليؤسس لطقس المولاوية الشهير ..
- كانت خلفية الإيقاع التى إجترها تمثال خالد زكى تكمل داخلى رحلة الإستكشاف لمنحوتته والتى تعكس ما صدره لى من أحاسيس ممسوسة بمسحة الشجن التى تسيطر على كافة أطروحاته وكتله ... وشعرت أننى أمام حالة لا تقل فى صدقها ورصانتها وصوفيتها عن حالة كلا من (تتموزى ) العظيم و( جلال الدين الرومى ) أحد أشهر المتصوفة .. ثم حضر الفضول بسؤاله البديهى عن مبدع العمل ... وأخذت أدور حول القطعة حتى وصولى إلى توقيع مبدعها وكان / خالد زكى ... وكنت أذكر اسمه من عرض إستضافته قاعات مركز الجزيرة الواقع بقصر النبيل / عمرو ابراهيم بالزمالك قبل عام 2002 على ما أذكر وكان عرضا لافتا لانتباهى لمجموعة من المنحوتات يغلب عليها التجريد والإزاحات المحسوبة والصياغة الجيدة والتى نفتقر اليها فى معظم منحوتات فنانينا إما لعدم إهتمام الفنانين بأهمية تلك الناحية أو لضعف الإمكانيات المادية التى تحد كثير من مبدعينا ...
وصممت على رؤية المزيد والمزيد من أعمال خالد زكى والتى ظلت عالقة فى ذهنى بشكل كبير إلى أن تعرفت عليه وزرته فى مرسمه لأجدنى أمام عدد من أعماله التى صادفت كثيرا مما وقع فى إنطباعتى الأولى عنها .. كتل متراصة .. تتسم بالشموخ والكبرياء والثقل والرصانة ... مسحات الشجن لا تخلو منها قطعة .... روح من التعبيرية المهندمة والتجريد المقروء ... إختزالات مفرطة دون إنتقاص من المضمون بل تلعب دورا رئيسا فى دراما الكتلة وتتيح للمتلقى أن يطرح ما يريده من إستفسارات .. بل تتيح له أيضا أن يضع ما يهوى من إجابات ... وهيام من قبل الفراغ بما تشغله الكتلة من جسده وحيزه ... بساطة غائرة فى عمق التعقيد ... تفاصيل دقيقة لكتلة ضخمة ... وحذف موظف لتفاصيل غير ضرورية زادت من غموض العمل ... وتشويق يرقى لقصص وحكايات الأساطير ... بروز للأنامل من الجسد عباءات تستر تحتها حكايات ... تعدد الإرتكاز وتأرجحه فى مسطح التلامس بين الكتلة والقاعدة ... فتارة هى فى أضيق حيز ربما وأقل مساحة لتعبر عن رقة المفهوم داخل روح الشخوص وكأنهم عاتبين ومعلنين رغبتهم فى الرحيل والمغادرة إلى عوالم أفضل ... وتارة يأخذ الإرتكاز حيزا أكبر مما ينبغى لمثل كتلته ولكن دون التشويه والترهل . ربما أرادت فيه شخوصه إعلان الإمتلاك وفرض التواجد وإستعمار الفراغ ... حتى فى صياغات البرونز إتخذت شخوص تماثيله أجواء غائمة ذات دفئ كتلك التى نشتاق اليها فى أيام الشتاء الباردة ....
إستوقفتنى كثيرا تلك الحلول التى عالج بها خالد زكى درويش المولاوية والتى أصاب بها صميم فكر ومفهوم جلال الدين الرومى .. فجعل إرتكاز كتلة الدرويش الزاهد الباحث عن ذات إلهه والعازف عن دنياه فلا يأخذ من عالمه سوى ما تحتاجه نفسه وذاته وحتى حجمه فارتكز على نقطة محدودة تتماس مع الأرض عند محيط نصف الدائرة التى مثلت نهاية ردائه والتى إختزل فيها خالد زكى ما سطره غيره فى صفحات محاولا شرح وتفسير فكر وصوفية الرومى ...وكأن خالد زكى أرد أن يضيف القاعدة الواحدة والأربعون من قواعد العشق عند جلال الدين الرومى ليقول للعاشق الحق ( لا تطمع فى الدنيا وخذ من حيزها ما يقيم إنتصاب قامتك (..... .
- وتحتل الخامات النبيلة عند خالد زكى مكانا فى نفسه وذاته ويتجلى إحترامه لها من خلال مشاهدة أعماله .. إلا أن خامات كالكرارة من درجة .. ( الإستاتواريو الأبيض ) النقية وحجر ( البروفير ) الصلب بلونيه الأحمر والأسود . وحجر ( الترافرتينو ) البيج والأحمر بمسامه ذات الإتساع .. ورخام ( الروزا ) البرتغالى . والجرانيت الأسوانى الأسود .. تعد جميعا من الخامات المفضلة لديه ويكون إختياره ?حداها خاضع لحالة منحوتاته .. ويعد خالد زكى من قلائل المثالين الذين يتحلون بمثل تلك الجرأة فى تلوين أحجاره إذا ما حتم عليه مفهوم المنحوتة ذلك ... وقد يرى البعض فى ذلك تجريب ومجازفة إلا أننى أرى أنها أصالة محمودة .. ومحاكاة وتمسك بنفس الأسلوب المصرى القديم فقد قام ( تتموزى ) بإضافة الألوان الحجارة فى تماثيل ( نفرتيتى ) وكذلك مثالى الدولة القديمة وخاصة فى الأسرتان الخامسة والسادسة ولا أدل على ذلك من تمثالى ( رع حوتب والجميلة نفرت ) من الأسرة الرابعة أيضا ..
- ولم يكتفى بما إعتبره الكثير مجازفة وجراءة بتلوين أحجاره .. بل ذهب إلى ابعد من ذلك وأظهر تلك الشجاعة فى استخدام اكثر من نوع حجر فى منحوتة بشرية .. ليستعيض عن تلوين الأحجار بإدخالها كألون كما فعل فى تمثاله الجالس ذو الرداء الأحمر ليصنع الرأس من خامة ( الإستاتواريو الأبيض ) و الجسد والرداء معا من حجر ( الترافرتينو ) الأحمر وحتى فى البرونز فكانت بتائنه مميزة من حيث اللون ودرجاته ولا أدل على ذلك من منحوتة ( السيدة ذات الرداء الأزرق(
.. أما عن منحوتاته المعدنية من خامة الحديد فيقف تمثاله فى أحد التجمعات السكنية الراقية والواقعة بطريق مصر / الإسكندرية الصحراوى فى نفس ذات الحالة المسيطرة على أعماله وبارتفاع يصل الى احدى عشر مترا مجسدا إحدى شخصيات تماثيله ذات المسحات الشجية ... وكذلك كانت مشاركته فى بينالى فينيسا الأخير من خلال عمل نحتى مركب ... مثلت ثلاث قطع من منحوتاته أبطال العمل وكانت إحداها من خامة الحديد وهو التابوت المعدنى والذى إمتد بطول ستة أمتار و الذى قبع فيه تمثال المناضل البرونزى .. واكثر ما لاحظته من خلال هذين العملين حفاظه على النسبة والتناسب والسيطرة على كلاهما وصولا الى الإتزان والراحة البصرية للمشاهد ...
إن أعمال خالد زكى واحدة من أفضل ما مثل النحت المصرى المعاصر وارتقت لتوضع فى مصاف أعمال أهم النحاتين فى العالم بتكامل عناصرها وبتخمة ما تطرحة من جدل .. وبنسبها وعلاقتها مع حيزها .. وبإمتلاكها لهذا الكم الهائل من الطاقة التى تصدرها للعقول والأبصار .. وبصنعتها المتقنة من غير تكلف .. وبتلك الثقة التى تبثها لمتلقيها بانه إختار العمل الجيد للوقوف أمامه دون هدر وقته وضياعه .. والقيمة المحسوسة لدى مقتنوها بان لديهم إستثمارا فى العقل والفكر قبل أن يكون إستثمارا فى المال وغريزة الإقتناء والإمتلاك ..
- ويداهمنى هنا سؤال هام ... ماذا لو ان خالد زكى بعد ان امتعنا باسلوبه فى استخدام تلك الطقوس الحازمة وأخرج لنا تلك الروائع .. ماذا لو اطلق العنان لأنامله المبدعة التى حولت الطقوس إلى متعة بصريه محمومة بالفكر والمفاهيم .. وصالح شخوصه المهمومة ليبدل شجنها .. أو ألبسها رداء الحرية التى تطوق إليها .. أعتقد أننا سنشهد منه إبداعا يدعونا للبحث عن مفردات خاصة لوصفه
..ولا يسعنى إلا أن أفتخر بأننى عاصرت نحاتا مثل خالد زكى ونهل بصرى من إبداعه وأطروحاته التى تأخذنى إلى عوالم إستثارة الذهن وحرية الروح فأجدنى أتأرجح مع منحوتاته بين ( إبداع تتموزى وصوفية إبن الرومى ) .
بقلم : ياسر جاد

خالد زكى .. ` درويش ` فى ` محراب الحرية `
- تفيض أعمال الفنان خالد زكى بمزيج من المشاعر النبيلة، والأفكار العميقة والتكنيك الفنى الدقيق الذى يستخدمه بحرفية عالية، ويزيد من إحساسك بتفرد إبداعاته وقار فن النحت وعراقته، وماتعكسه أعماله المستمدة من التراث من ملامح الحضارة وشموخ الشخصية المصرية من ناحية، وماتتركه داخلك منحوتاته الأخرى المستلهمة من الصوفية من روحانية وسمو وصدق من ناحية أخرى .
- يظهر تأثره بالفن المصرى القديم فى المضمون والأسلوب على السواء، فأنت تجد فى شخوصه هذا الشموخ والعلو، وكأنهم ملوك وملكات من عصر الفراعنة، بالإضافة إلى القطع التجريدية عنده، والتى تعكس قوة الكتلة وتماسكها وهو مايميز الفن الفرعونى، فيأخذك إلى المثال المصرى اتتموزى وهو يبدع رائعته الأسطورية ` نفرتيتى`، فهذا الفنان الذى تنطق أعماله بأنه ابن الحضارة المصرية والتاريخ العريق جذب انتباه العالم وحاز على تقديره ببصمة متفردة هى بصمة النحت المصرى، وهى بصمة على حد تعبيره ` يحترمها الجميع ممن يتذوق هذا الفن ويقدره فى أى مكان فى العالم، وقد جعلنى ذلك أشعر بالمسؤولية بشكل أكبر، وألا أقدم إلا ما يستحق أن يتواءم مع هذا التقدير، كما دفعنى أن أبحث عن روحى الكامنة فى حضن الآثار الفرعونية أنهل وأنهل من هذا النهر الجارى ولاأرتوى`.
- كما يظهر تأثره بالفن الفرعونى من خلال الجمع بجرأة وأصالة بين الخامات المختلفة فى العمل الواحد، وفى تلوين الأعمال الحجرية والمعدنية وهو لايفعل ذلك بهدف التجميل أو التزيين ، إنما لتعميق المضمون وتأكيداً لما يحمله العمل من أفكار، ويؤكد ذلك تناغم خاماته وتماهى ألوان القطعة النحتية مع روح العمل وتأثره فى ذلك بالتماثيل المصرية وهو مايقر به قائلا:` نعم تأثرت فى التلوين بالتأكيد بالحضارة المصرية وفنونها، هل رأيتم التماثيل الصغيرة الفرعونية للأفراد والحيوانات والطيور، والتى تطلى بلونين أو بلون ذهبى خالص؟`.
- من أهم خاماته الجرانيت الأسوانى الأسود والكرارة من درجة(الإستاتواريو الأبيض) وحجر (البروفير) الصلب بلونيه الأحمر والأسود ورخام ( الروزا ) والمثير حقاً هو توظيف الخامات الملونة لتظهر أعماله بالألوان فيستعيض عن تلوين الأحجار بإدخالها كألوان كما فعل فى تمثاله الشهير` الجالس ذو الرداء الأحمر` والذى استخدم فيه خامة ( الإستاتواريو الأبيض ) ليصنع الرأس بينما استخدم حجر ( الترافرتينو ) الأحمر للجسد وكأنه يرمز إلى دلالة النار.
- ومن تشربه للحضارة الفرعونية إلى عشقه للصوفية وفكر جلال الدين الرومى يتنقل خالد زكى بين أروقة الفن، لينقلنا معه إلى عوالم من السمو والروحانيات من خلال أسلوبه الفنى، ففى رائعته ( الصوفى )على سبيل المثال تستقر كتلة الدرويش الزاهد على نقطة محدودة تستند بدورها على الأرض عند محيط نصف الدائرة التى مثلت نهاية ردائه، ليكثف شرح الصوفية ببساطة وإبداع مطلق .
- تبهرك قدرة زكى على ان يقول كل شىء فى أعماله برغم ماتتسم به هذه من الأعمال من اختزال واختصار وتجريد للكتلة النحتية التى بين يديه ، ذلك دون أى خلل أو انتقاص من أفكاره أو مضمون العمل فتصلك أفكاره واضحة بقليل من التفاصيل والبروزات والتعبيرات الصامتة وربما يساعد المتلقى على الفهم العميق لأعماله مايختاره من أسماء لها مثل ` الاستماع إلى السماء ` أو` امرأة فى ثوب أسود` و` رجل فى النار` ، وبرغم ماقد يؤدى إليه ذلك من فرض لرؤيته على المتلقى إلا أنه لايمنعه فى واقع الأمر من إطلاق خياله لينسج بنفسه تفاصيل وأحداث وحكايات تخص هذه المرأة أو ذلك الرجل أو ينصت للسماء، فى تواصل عميق مع هذه المنحوتات وغيرها .
- فى المرحلة الفنية التى سبقت عودته إلى مصر حيث كان يقيم فى إيطاليا كان يسيطر عنصر الزمن على أعماله حيث كان مشغولاً للغاية فى هذه المرحلة بموعد عودته إلى مصر حتى أنه أطلق على معرضه فى المرحلة 2002 اسم ` وقت العودة ` والذى اتسم فى معظمه بالأسلوب التجريدى وكان تأثره الشديد بفنانيها حيث ، رأى الفنان أشهر نحاتى العالم ، يجلسون على مقاهيها أمثال إيجور ميتوراى وانجى وبوتيرو، وماريو جاليوتى وفرانشيسكو ميسينا وفى أحد المقاهى اتجه إلى إحدى الموائد التى يجلس عليها النحات المعروف ماريو جاليونى الذى يعد من أشهر خمسة نحاتين فى العالم طلب منه فى بساطة أن يعمل معه ، وأفضى إليه أنه مبتدىء ويسعى إلى تعلم النحت .
- فكانت المفاجأة أنه رحب به.، وكان الدرس الأول أن يتفهم الخامة ويحولها إلى عمل فنى .
بقلم : ندى على
المصرى اليوم 4-2-2017
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث