`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
صبرى محمد سليمان حجازى
فن الدكتور / صبرى حجازى
ـ اذا ما نظرنا إلى أعمال الفنان صبرى حجازى بالعين المجردة التى لا ترى إلا الجمال العادى والعابر فسوف نرى التوازن فى الأضواء والظلال والانسجام فى الأشكال والحساب الدقيق للمساحات والفراغات والتدفق فى المشاعر والقدرة الفائقه على الأداء .
- ورغم أن هذه الصفات تجعل من أى عمل فناً عظيما إلا أنها بالنسبه لإبداعات الفنان صبرى حجازى تبدو كشواطىء لبحر شاسع وعميق ومتلاطم .
- ولكن بالعمق والوعى والعاطفة يمكن الغوص فى العالم الداخلى المحير والمذهل والغريب الذى يقدمه لنا هذا الفنان .
- عالم لا تحده قيود ولا حدود ولا حتى معالم وإنما يسيطر عليه الانفعال الجاد والمتقن والمقنن .
- فهو جاد لأن الروح الداخلية المحركة له هى روح فنان مثقف واع .
- وهو متقن لأن مبدعه فنان يجيد التحكم فى أدواته ويسيطر عليها
- وهو مقنن لأنه يخضع لكل ما تعاقدت علية البشرية من مقاييس .
- إن عالم الفنان صبرى حجازى لا يمكن الدخول اليه من باب واحد فقط لأن له أبوابا متعددة تعدد الفوارق الثقافية عند الإنسان وهذه سمات الفن الكبير .
أ.د / محمد حامد عويس

حجازى والضوء الأسود
- الفنان صبرى محمد سليمان حجازى من مواليد 1942، حصل على درجة الدكتوراه فى التصميم الجرافيكى، أقام معارض خاصة نذكر من أهمها معرضاً بمتحف الفن الحديث بإيطاليا ، وكان ضيف شرف ترينالى مصر الدولى لفن الجرافيك فى دورته الرابعة العام 2002 ، كما أقام معرضاً بالأكاديمية المصرية بروما العام 1997، ومجمع الفنون بالزمالك، كما شارك فى بينالى القاهرة الدولى ، وبينالى اللاذقية الدولى بسوريا حيث حصل فى الدورة الأخيرة على الجائزة الأولى، كما حصل على جائزة محمد رشيد فى بينالى القاهرة الدولى، والفنان له مساهمات نشطة على المستويين المحلى والدولى وهو من الفنانين المتميزين والمتفردين، من خلال رؤية ثاقبة تملؤها العمق والوقار والقيمة الفنية، وهو من العاشقين لطريقة الطباعة الغائرة والتى تعتمد على المصدر الطباعى المعدنى كالزنك باستخدام الخط كأساس لعالمه، والخط هنا يعنى مساحة لها عرض وطول فاستخدامه لكثافة الخطوط وتعاشقها وتلامسها وتقاطعها بإحساس بالغ الدقة والعضوية فى نفس الوقت ولكن هناك قدرة على السيطرة التى تتحدى الأدوات بدءاً من الخطوط المنسابة فى الفراغ الأبيض وصولاً متدرجاً ومروراً بدرجات متفاوتة حتى كثافة معتمة دالة على عمق الأسود الذى نستطيع أن نتأمله وندخل فى كيانه وقوامه، فهناك فارق كبير بين مسطح أسود مطبوع ساكن الأداء، ومسطح آخر أسود مطبوع من مصدر محفور بإحساس وحالة شعورية مليئة بطاقة تعبيرية حادة، فالحالة الثانية هى من خصائص وميزات فناننا الكبير صبرى حجازى، الذى يتكلم كما يرسم، ويتعمق فى معرفته كما يحفر الخطوط فى عمق مصدره الطباعى المعدنى.. وهذه صفات فنان أصيل أضاف الكثير لفن الجرافيك المصرى المعاصر، وقد علّم الكثير من الفنانين فهو أستاذ قدير بعلمه وفنه وفكره وقد يندهش المتلقى لأول وهلة حينما يتأمل أعماله ولكن سرعان ما تستدعيه القيم الجمالية البليغة،فالأبيض والأسود جناحان لطائر عملاق تتوازن أجنحته مع ثبات الجسد.. وينطلق وفق طاقة دافعة نحو فراغ ملىء بالتناقض والتناغم والانسجام والتوافق والتجانس، وإذا اقتربنا من العمل لنتأمل ونتحسس بروز وحجم الخطوط التى كونتها الأحبار نشعر بأنها صادرة من وجدان فنان مرهف.. وغاصت فى عمق السطح المعدنى لتنطلق مرة أخرى على سطح الورق القطنى فى تعاظم وبهاء وجمال إنسانى بدون حدود.
أ.د. احمد نوار
جريدة الحياة - 2006

- إن التوقف عند المعرفة الأدائية يعنى أن نكون بعيد عن رؤية الجوهر الذى يشرق على امتداد متحرك للعلاقات بين الأشياء والإنسان، بالنسبة لصبرى فأنه يمكن المطابقة التامة بينه وبين مفهوم `رسكن` عن دور الفنان .
- إن وظيفة الفنان فى هذا العالم أن يكون كائنا مؤثرا ، وأن يكون أداه مرهفة لا نهرب منها شاردة من الضوء أو الظل أو التعبير عن كيفيات الموضوعات المرئية ، قد تكون منسية أو ملقاه فى ثنايا ذاكرته ، إن دوره ليس هو التفكير أو المناقشة أو المعرفة أو الحكم حيث أن وجوده له بعدان أن يرى وأن يشعر .
- وصبرى يرحل معه هذين البعدين - ليس بدون صعوبة - ولكنها مسيرة فياضة بالنتائج ، أن رؤيته ترحل لتجمع جمال الأشياء الحقيقية ليس بغرض النقاش معها أو عنها ولكن لتحقيق الانسجام بينها وبين عاطفته المفكرة ولأكتشاف أنكاستها الباطنة وليس لترجمة المعطيات المقررة لهذا التيار الحيوى الذى يتبع النسيج الكامل للوجود .
- ومن هنا أعتقد أنه روح المشاركة الفعالة والذاتية مع الحضور المرئى للأشياء فإن صبرى يحدد لتجربته الإبداعية تلك القيمة الروحية العالية مثل المباشرة والتنوع والغنائية .


الفنانه/ ستيفانو ترايانو

صبري حجازي المدينة... الطبيعة...التجريد
- المدينة..الطبيعة.. التجريد : مسارات ثلاثة تتحرك داخلها تجربة الفنان المبدع صبري حجازي.. ذهاباً وإياباً وقد يكون الرابط بينها هو الخروج من الذاتي للكوني ومن الجزء إلى الكل ومن الداخل إلى الخارج، ولنبدأ في الارتحال معه عبر تلك المسارات الثلاث : المدينة قاسية متسلطة بزحامها وضجيجها، لا تخلف إلا مزيداً من الوحدة والعزلة، المدينة بيئة استبدادية تعصف بالإنسان، وقد تناولها الفنان فى الكثير من أعماله ربما يأمل فى أن يحرره الفن من تسلطها، وربما ينفر مما تدخله المدينة على الفطرة من إعادة تصنيع تخرب المشاعر. تارة يخترق الفنان فكرة المدينة كفضاء واقعي فنجده يرسم في دأب تفاصيل حياة الفلاحات النازحات من القرى لبيع بضائعهن فى المدينة، فتبدو رحلة كفاحهن اليومي منقوشة على وجوه عرفت المشقة وأياد ضخمة لم تكل من حمل الأثقال، عرفت طعم العمل والحياة الصعبة التي تجعل لمكسب القروش اليومية القليلة فرحة قانعة. شخصيات معبرة ينسج فيها الخط تراجيدية رمبرانت ومعاناة فقراء دومييه وشظف عيش أكلى البطاطس عند فان جوخ ( شكل 1 ) يرسم السوق وعربات يدوية تحاصر البشر تجرها أحصنة منكسة الرؤوس تخلت عن فروسيتها.
- وتارة أخرى يتأمل الفنان المدينة كمفهوم فى مشهد مفارق، تتشابك فيه مشاهدها مع مساحات مسطحة مضببة سوداء وشبكات من الخطوط الداكنة متراكبة تخفى أكثر مما تبوح، وفيها نرى ملامح البشر بصعوبة، فالمدينة تطمس التفرد وتضع الجميع في حلقة جهنمية من الانشغال والتصارع والعجلة والانصياع لقبضة عليا لا نراها لكنها لا تتوقف أمام أى ملمح إنسانى .
- هنا نتذكر قول شاعر اليونان قسطنطين كفافيس ( 1833 - 1933) : ` ليس هناك يا صديقى أرض جديدة، ولا بحر جديد ستتبعك المدينة ` وبالفعل نحمل مدينتنا معنا أينما ذهبنا قيوداً وتسلطاً وحلما يقاوم ليتحرر، فالمدينة حافلة بتراجيديا الحياة. والإنسان يعيش فى ميادين تكتظ بالبشر ولكنه فى حقيقة الأمر محاط بفراغ موحش هجرته المشاعر وإنحصرت فيه العلاقات الإنسانية . والفنان يصور المدينة وهى تتماهى مع أهلها من خلال عدة مسطحات متراكبة تتسم بالحدة والوضوح فى مقدمة الصورة، ثم مسحة ضبابية فى الخلفية تتلاشى فيها كل الأشياء. إن هذه البنية قد تقدم الأشكال فى مصفوفة لأعلى بشكل يذكرنا بالتصميمات العمودية في الفن الشرقي بحيث لا تدخل في مدى منظوري، بل تتالى تفاصيلها فى محيط الرؤية من أدنى الصورة إلى أعلاها. لقد كونت هذه المعالجة ميداناً جديداً للتجربة فى مجال التكوين أعطى الفرصة لوضع الأشخاص في مستويات مختلفة، وكذلك وضع الأشياء بعضها فوق بعض وتقديمها بشكل متوال، وبطريقة مختلفة متواترة ومتماسكة، فقدم بذلك تركيبة بصرية جديدة، التمس خلالها الجمع بين الأداء المجرد باللمسات والخطوط ومساحات اللون وبين التفاصيل الواقعية لحياة المدينة.
- وفى أعماله كثيراً ما يتواجد الناس فى المدينة كظلال مسطحة بلا تجسيد أو ثقل، بل وجود يتلاشى في صخب المدينة وتسلطها، وأحياناً ما تندمج جموع البشر فى كتلة واحدة يصعب معها التعرف على خطوط خارجية تحدد الفاصل بين كل شخصية والأخرى، فهي تلتقي في مصب واحد، تتجمع في بؤرة واحدة داكنة يعوضها بمسطحات من الأبيض المضي الخالي إلا من بعض الخطوط الهندسية القليلة التى ينتظم معها بناء الصورة ( شكل 2 ) .
- وأحياناً ما يكون التجمع البشرى منضماً فى مساحة صغيرة تتركز أدنى الصورة، بينما يحتل بقية العمل بناية أو مساحة خطية تتحرك عليها مسطحات لون تتخذ أشكالاً لا تتطابق بالضرورة مع ما تلونه من خطوط، فالخط يعمل على مستوى واللون يعمل على مستوى آخر والأشكال الظلِّية تتحرك على مستوى ثالث، بينما يتألق الأبيض والأسود بوجود مجموعة الألوان المتناقضة التي تؤكده وتضفى عليه بهاءً كلما مرت به تلك الشرائح الملونة الشفافة فتتغير قيم الأسود كلما شفه لون مختلف .
- والشخصيات غالباً ما تغيب فى شكل ظلّى تنطمس معه التفاصيل، فالفنان يمحو علامات تفرد الشخوص الغائبة فى تلك العتمة لكنه يفتح علامات للإيحاء والتنبؤ، ويذكرنا بحركة ساكنى البيوت اليابانية التقليدية خلف الأبواب المنزلقة المصنوعة من الورق الأبيض نصف الشفاف وأعواد الخشب . ومن اللافت هنا أن الإشكال الظلية عند الفنان لا تبدو كمساحة معتمة معبرة عن القتامة، ولكن كقيمة شكلية تخلق حالة من التناقض بينها وبين مساحة الفراغ الخاص بالخلفية. مما أدى إلى ترابط الأشكال بصورة أكبر من السطح، أشكال معتمة وفراغ يتحول إلى شكل أبيض ينافس الأشكال المعتمة في الأهمية والحضور، وكثيراً ما تتحول الشخصيات لبقع سوداء مجردة منتظمة داخل المسطح فى هيئات تبدو تجريدية لكن تفاصيلها لا تخلو من ثرثرة بشرية ..
- ونستطيع بسهولة أن نقرأ فى أعمال صبري حجازي إنفعالية فان جوخ وضوء رمبرانت المقدس ورمزية أود يلون ريدون وسحر فيرمير، وهو يؤمن بأنه كلما زاد عمق وقوة وغنى الحالات الانفعالية الخاصة بالفنان كلما تجاوز الحالة الزمنية والمكانية متصلا بأجواء أرحب تكون أكثر سعة لاستقبال الروح، ربما يمنحه هذا الاندماج بروح أشمل بعض الطمأنينة وسط تسلط الحياة المعاصرة بكل صخبها ولا إنسانيتها، لذا فهو دائم التردد بين الواقعية والتجريد دون أن يشعر أن ثمة تناقضا بينهما، فهو يتلمس كل الأشياء والكائنات بحس حاضر وصولاً لان تتحول إلى نقطة أو بقعة أو لمسة، وكأنه يعيش رحلات تتناوب ذهاباً وإياباً بين السماء والأرض، وفى كثير من أعماله التجريدية نجد تعبيراً وصدى للطبيعة فقد يتحول لون أزرق داكن إلى سديم غامض، وقد يتحول مثلث ضوء إلى شراع مركب، وقد تتحول خطوط متشابكة إلى كومة قش، وقد تتحول مستطيلات إلى شواهد قبور، وقد تُطمس كل تلك القراءات أمام جلاء مساحة لون صريح أو خط قوى يافع، ودائماً ما يكون اللون عنده موحياً حتى في أكثر أعماله تجريدية فهو يعالجه بطريقة تشعرنا أن الظلمة أفق ليلى، وأن العتمة حالة سرمدية لانهاية لها وان الخط المضي شعاع ثاقب يتجه إلينا، ولا يمكن أن نتخيل خلفياته المعتمة دون أن نتذكر حالة إنسان يتأمل سماء ليلية على شاطئ البحر، محاولاً أن يتلمس بصعوبة خط الأفق التائه بين السماء وعمق البحر، حتى المسطحات شبه الهندسية يشعل الفنان حوافها بضوء قمرى ليلى، فيكسر حدتها ويحملها بحالة أثيرية وعاطفية سرعان ما نتماهى معها. وفى وسط التجريد تتسلل حالة شعرية نلمحها في إيقاع خطى غنائي شرقي يظهر في طرف من أطراف اللوحة التجريدية.
- إن تجريدية صبري حجازي تجريدية تتفق مع اتجاهه الروحى في النزوع إلى تنقية الأشياء والأشكال من طبيعتها المادية الثقيلة لتصبح ظلالا أثيرية. وهى تحمل تلك البلاغة التى قد لا يكتفى بها الكثير من السذج الذين تلهيهم التفاصيل ويشغلهم التنميق المسطح، لكن يقرأها جيدا من يدرك جوهر الفن وقد تصور صبرى حجازي الواقع مثلما تصوره ` هنرى برجسون ` كسيل متشابك ومتداخل من العناصر الدائمة التغير التى لا يستطيع الذهن فصلها عن سياقها .
- ورغم إنشغال صبرى حجازى بالمدينة وناسها إلا انه يمتلك توقاً دائماً لمعاودة الاتصال بالطبيعة حيث يعتبرها موطن لقائه مع الروح، ذلك السر الذي لا يمكننا الدخول إلى تجربة صبري حجازي دون محاولة تجلى دلالاته حتى أننا نراها تتسلل لبعض أركان لوحاته التجريدية الصرفة، فى مشهد ليلى أو أفق أو موج بحر هادر وهو يشترك فى ذلك مع فنانى الشرق الأقصى فى ربطه عناصر الطبيعة وتفاصيلها بدلالاتها على مغزى الحياة والانسجام الكوني الذي يربط الإنسان في علاقة جدلية بالمنظومة الكونية ككل، ويشاركهم أيضاً الإيمان بأن تلك الصلة الرمزية بين الإنسان والكون لا يمكن التعبير عنها بشكل أحسن مما هو في تصوير المناظر الطبيعية، مادامت الطبيعة نفسها رمزاً بالغ الوضوح لهذا الكون .
- فالطبيعة مازالت تظهر فى وسط أعماله التجريدية، تطل بحضور خاص أحياناً من أحد المسطحات بشكل تجريدي خالص، وأحياناً فى وضوح كمناظر طبيعية كاملة للبحر أو لمشاهد برية تتألق فيها الشجرة عنصره الأثير ( شكل 3) ، حيث نجد لها حضوراً أسطوريا رمزياً، وأحيانا تعبيريا حيث تظهر كشكل شبكى مخيف موغل فى أعماق تاريخ الأرض، وهو ما يذكرنا بوجه الميدوزا ذات الشعر الثعبانى وأحيانا أخرى تظهر كأشجار عامرة بالتفاصيل تذكرنا فروعها بالأيدى المتعددة فى تمثال الإله الهندى شيفا وما تدل عليه كثرة الأذرع من قوة خارقة .
- ويعد الرسم أحد الأعمدة الأساسية فى تجربة الفنان صبري حجازي ليس فقط لأنه حفار فى الأساس، ولكن لأنه يعتبر الرسم طبيعة بنائية تقدم صياغة لكل شيء، فبناء المفهوم لا يتم بدونه .
- وقد تبنى الفنان فكرة الرسم كوسيلة للاكتشاف وتعامل معه بمعنى البنية الخطية، أى أنه من الممكن أن ينشئ مساحة ممتدة لكن أساس بنيانها هو الخط والتجريد بالنسبة للفنان هو بناء لموسيقى الخط بتداعياتها وأصواتها الصداحة أحيانا، والخافتة أحيانا أخرى، فتارة نرى البناء الخطى من فرط تلقائيته وتتابعه ينقل انفعال وعصبية يد الفنان أثناء الرسم، فيبدو وكأنه يستجيب لإلحاح داخلى لا يستطيع معه التوقف عن العمل، وتارة أخرى يمضى الخط رزيناً بإيقاع هادئ، يصيغ بتؤدة بنية شكلية مريحة ومتزنة، ذهنية ومتأملة، وأحيانا ما يتسق الخط مع بنايات متزاحمة مكثفة خاصة فى صور المدينة، فيبدو كأنه يتصارع ويشتبك ويحاول أن يلاحق حركة المدينة اللاهثة فى أعمال مشغولة تماماً بالخط، لا متنفس فيها ولا وقفات ولا مساحات بيضاء ولا صمت.. إنها حكاية مدينة معاصرة .
- وأحياناً ما يرسم الفنان بالخط المضىء فيتخذ شكلاً إشارياً داخل العمل عندما تغلب عليه العتمة، وهو يضع لمسة اللون الأحمر كبصمة أو توقيع، يذكرنا بأختام فنانى الشرق الأقصى، بينما ترتد إلينا البصمة وتتراجع العتمة الخافتة فى ظلالها البعيدة ودائما ما يتقدم الأداء عند الفنان صبري حجازي متوحداً مع الفكرة فيبدأ تراكب الخطوط المتشابكة التى تبدو كستائر مختلفة الكثافة تفكك كتلة الأسود الظلِّى وتجعل المسطح يناوش العين فى إضاءة وظل تجريديين لا يرتبطان بعناصر موجودة، فهو كثيراً ما يمزج بين الأشكال الواقعية والتجريدية بصورة تقبلها العين .
- وللرسوم السريعة ` العجلات ` أهمية خاصة فى تجربة صبري حجازى فهو يعتبرها قاموس الفنان الذى يحمل صدى أفكاره ويشهد ميلادها الأول واعتراكها من أجل أن توجد، فالعناصر الشكلية التلقائية التى يطرحها الفنان فى عجالاته والتى قد يقدمها بشكل تلقائي حر وسريع تشتمل على دلالة خفية للنظم البنائية التى يتبعها إن خطوط الفنان التلقائية المليئة بالعفوية وأحياناً بالفوضى تعد أكثر تمييزاً للشخصية من الأشكال المعتمدة المقصودة كبيرة المساحة، وهى تسمح للخبير الفني بأن يحدد صاحب اللوحة بطريقة أكثر فائدة من دراسة التكوينات المقصودة لذاتها والتى تبدو أكثر أهمية، ذلك لأن هذه الخطوط العشوائية كثيراً ما تعد أعمق تعبيراً عن مكنونات اللاشعور كما يذكر أهنزتايج ؛ بل تعتمد على الانفعال الوقتى بحالة العمل والتدقيق المباشر للأداء الذى يحقق دفئاً أكثر ثم ما يلبث أن يحدث الجدل بين التدقيق الذي تمنحه ` تلقائية الأداء ` وبين السيطرة التى تمنحها ` الخبرة ` للوصول بالعمل إلى درجة التكامل، وهذا التناوب بين طرفى معادلة الإبداع : التلقائية والخبرة هو ظاهرة لازمة فى العملية الإبداعية لكن تختلف درجات تعادلها واتزانها حسب أسلوب كل فنان واتجاهه الفنى .
- وللفنان تجارب هامة يستخدم فيها الألوان المائية فى محبة واضحة لاقتناص لحظات ضوء اللون الهاربة من خلال تقنية تؤازر التلقائية وسرعة الأداء للاحتفاظ بالحالة الانفعالية الوقتية للفنان فى أداء سريع لا مجال فيه للتردد ولا عائق يعيق الصياغة الفورية للإحساس بنضارته الأولى، فالمائيات تخلق حالة أثيرية ملائمة لشفافية المشاعر والقرار الأول فيها هو القرار الأخير؛ لذلك مثلت مائيات صبري حجازي نبوءات للوحات قادمة وبذورا لأعمال كثيرة أخرى أكبر حجما وأعقد تقنية ( شكل 4 ) ..
- وفى النهاية فإن صبرى حجازى فنان مبدع عاكف على إبداعه لا يشغله ذلك الزخم الزائف الذي تقدمه لنا الحياة، ولا يجيد فن التملق وإعادة تصنيع الذات لخدمة التصورات الملائمة للآخرين، فهو واضح صادق حاد تنطوى دواخله على قلب نقى وحساسية فائقة فنان يؤمن بأن الفن هو أن تجعل العاطفة حية، ليست كفكرة أو خيال لكن كوجود مجسد، وأن كل عمل فنى يجب أن يحتوى على إمتداد وحضور للروح، وأننا من خلال العمل الفنى نستطيع أن نسكب طوفاناً من المشاعر على مساحة الرسم الصغيرة .
د / أمل نصر
صفحة الناقدة على الفيس بوك - 31 / 10/ 2014
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث