`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
عبد السلام أحمد محمد صالح

الكتب أو المجلات المنشورة.. وقدرته على التركيز على الموضوع بطريقة بسيطة ومختصرة.
ولإخراجه التصميم بشكل فريد ومتكامل فكان يطور فكرة الوحدة تطوراً كاملاً.. وذلك عن طريق حبكته العضوية لكل من العلاقات الوظيفية.. والمرئية والتعبيرية.. والعضوية هنا تعني العلاقة الوظيفية الضرورية بين الجزء والكل.
وهو ينظر للغلاف كمساحة بيضاء أمامه لها بعدين فقط الطول والعرض وكان اهتمامه الدائم بالخطوط الرأسية والأفقية في جميع تصميماته كما كان يفعل الفنان التجريدي الهندسي موندريان بخطوطه الأفقية والرأسية وهندستها الصارمة والمحددة بالخطوط السوداء.. ومسطحاته الواضحة البسيطة وألوانها الحية البهيجة.. وهنا فعل الشريف بخطوطه ذات البعدين في الفراغ التي تعتبر الدلالة المرئية المعادلة التي نحكم بها على مدى الاتزان دون الاستعانة بالبعد الثالث أو المنظور.
وكان استعماله للدائرة نادراً كما سنرى في غلاف كتاب محمد حسنين هيكل عن جمال عبد الناصر والعالم.. وإعلان معرض الفن الإسلامي الذي أقيم بمناسبة مرور ألف عام على إنشاء القاهرة الفاطمية.. فالدائرة هنا يسهل رؤيتها أكثر من غيرها من الأشكال الهندسية.
بالإضافة إلى إجادته التحكم في حركة العين داخل تصميماته.. بمعنى أنه حافظ على استمرار حركة العين في نطاق الشكل المرئي.. حتى يمتص انتباه المشاهد وانتفاء وجود الثغرات في تصميماته التي تسمح بهروب العين العرضي عن الشكل.
أما الاتزان في الشكل العام كان من أهم المعضلات التي كان يجد لها الحلول بسلاسة ومعيار قياسي محكم.. كأنه يحل معضلة رياضية أو يزن بميزان صائغ.. كأنه يزن لآلئه وجواهره.. كان هذا الاتزان في الخط والشكل واللون والكلمة.. ولدرايته الكاملة بجميع خطوط الكلمة الكلاسيكية والحديثة.. كان في مقدرته التحكم فيها وتطويعها لما يجب أن تكون في التصميم مع إعطائها الذوق الكامل لمعنى الكلمة فالخط الثلث له مقياس خاص غير الخط النسخ أو الكوفي بجميع أشكاله الهندسية في الشكل.. والاتزان.. ولم ينس تناغم الأشياء مع بعضها أو نسبها المتناسقة.
وكان يعبر عن التباين اللوني ويعتبر التحكم في هذه التباينات أساساً للنظام المرئي.. وقد كان يختار الأحبار بنفسه وفقاً لتألقها اللوني الذاتي وكان يمزج تلك الأحبار الملونة في الطباعة حتى يصل إلى دسامة اللون ومقومات ثرائه، كما كان يتحكم في قوة إضاءتها وتدرجها اللوني وديناميكيتها. وكان عشقه للون الذهبي في الطباعة له المقام الأول الذي وضعه في العديد من تصميماته.. ليزيدها ثراء وغنى.
أما تقديمه لتصميماته فكانت عرضاً مثالياً لخطواته الأولى التي تسمح باقناع العميل أو الشخص الآخر بقوة التصميم وفهمه وتقديره.. فكان يقدمها بنوع خاص بمهارة في الاخراج الشبيهة إلى حد يثير بحلوله الابتكارية ولهذا كان التقديم والإخراج في حد ذاته فناً للإقناع. بوضعه الفكرة.. الابتدائية للتصميم بحجمها الطبيعي متضمنه جميع المساحات الفراغية في دقة ووضوح وبساطه للفهم العام.
وإنى اعتبر هذه العجالة لأحد روافد أعمال الفنان عبد السلام الشريف الذي اتقنها ونجح فيها بخلاف ابداعاته في المجالات الأخرى المتعددة وإني أحيي فيه تلك البساطة والتواضع والدهشة التي تعتلي وجهه عندما يشرح له أحد تلاميذه أي فكرة.. كأنه اكتشف الطاقة النووية في تلك الفكرة البسيطة البرئية.. الخاطفة.
الناقد الفني/ أ. محمد حمزة
كتبها خصيصاً للندوة المقامة في قاعة المحاضرات - بكلية الفنون الجميلة – القاهرة بمناسبة تأبينه
`التصميم والتبسيط فى أعمال الفنان عبد السلام الشريف`
- عبد السلام الشريف له قدرة فائقة في التصميم والابتكار.. لانه كان يستغل موهبته.. وقدراته التخيلية.. وثقافته الفنية.. ومهاراته التقنية العالية.. لقد جال وصال في تصميم الكتاب.. والمجلة.. والصحيفة وإخراجها إلى حيز الوجود.. وكل المطبوعات على تنوعها.. واختلافها.
- إن التصميم الفني في حد ذاته عمليه اجتماعية تشمل قطاع عريض في المجتمع أولهم هذا المصمم الفنان.. وتلاميذه.. والشق الثاني – الذى أقصده في مجال خاص وهو التصميم والإخراج الفني في الكتاب والمجلة والجريدة - العامل الماهر الجامع للحروف.. والمصور الميكانيكي المحترف.. والطابع الدقيق.. كل تلك المهن المتطورة التي تشملها الطباعة.. ثم الموزع والبائع.. ومقتني هذا الكتاب أو المجلة.. أن تلك العملية تشمل قطاع عريض من العاملين في هذا المجال إلى أن يتحقق النجاح..
ونتيجة موهبة عبد السلام الشريف الشخصية كمصمم، ومهاراته الأدائية العالية نجحت أغلب تجاربه الفنية منذ بداياته الأولى.. التي جذبت إليه الأنظار كأول فنان يقتحم هذا المجال.. فبعد أن كان غلاف الكتاب صامت.. متراصة الكلمات بجوار بعضها.. اسم الكتاب بالبنط العريض واسم المؤلف ببنط أصغر وهكذا.. اصبح للكتاب غلافاً موشى بالجمال وبفنون التصميم.. من رسومات.. أو صور.. وخطوط مطوعة لهذا التصميم.. وهكذا فعل في المجلة والجريدة.. إلخ.
فإذا نظرنا إلى أعمال الفنان عبد السلام الشريف وخصوصاً في تصميمه لأغلفة المجلات الشهرية أو الدورية.. نجد أن تميزه ينحصر في الآتي:
أولاً: الجاذبية وقدرة الانتباه عند المشاهد.. وهي تعني اهتمامه بقوة الجذب المباشر للمشاهد.. بحيث يرى العمل الفني أو المجلة من بين العديد من
كتبها الدكتور/ ثروت عكاشة في الكتالوج الخاص بمعرضه الشامل بمناسبة تكريمه


- الفنان عبد السلام الشريف هو الأب الشرعي والمؤسس الأول لفن التصميم الطباعي في مصر في مجال الإخراج الصحفي أو الكتب أو الإعلان أو الملصقات، هو الذي وضع في مستهل حياته الفنية الرئيسية لعدد من الدوريات الكبرى تجلت فيها مواهبه المتميزة، مثل مجلة الشهر 1950 وصحيفة المساء 1956 وغيرها.
وإلى جانب اتساع أفقه الإبداعي والمفهومي كانت له دراية واسعة بالجوانب التقنية والصناعية في إنتاج المطبوعات مما مكنه من إثراء تصميماته التي بلغت الذروة في إخراجها.
لقد سعى حثيثاً إلى إحداث تغيير جوهري في المجال الفني الذي أفنى حياته مستغرقاً فيه، فكان صاحب رأي واتجاه دفعاه لأن يحمل لواء التوجيه، لا يعنيه ما اعترضه من عقبات ومشاق لم يدخر وسعاً في سبيل تذليلها، فلقد كان الشريف فناناً مؤسساً ورائداً للمهنة بحق بعد ان انتزعها بجدارة وكفاءة وبراعة من أيدي الحرفيين الأجانب الذين كانوا يحتكرون السوق إلى وقت قريب، ونقلها نقلاً إلى ما يسمى فن الطباعة أو بمعنى آخر إلى فن المثقفين بعد أن كانت فن الحرفيين، وإذا هو يحظى بمكانة مرموقة وغير مسبوقة في هذا الميدان، فأمام الفن الجيد يشف وجدان الإنسان ولا يعود يرى إلا الجمال.
وإنى شخصياً لأقف بخشوع أمام تصميمات كتب الفن التي حرصت على أن يتولى تصميمها وإخراجها سواء لى أو لغيري، فثمة عنصر في الفن يفوق (الجمال) هو (الجلال) الذي برع فيه عبد السلام الشريف، فعلى حين يبعث (الجمال) (البهجة) في النفوس، يثير (الجلال) (الهيبة).
وعلى حين يحبو الفنان العادي مسايراً عصره يسبق خطو الفنان العظيم الموهوب خطو عصره، فإذ هو يغدو مؤسساً لمدرسة قائمة بذاتها تشمل العديد من الحواريين الذين برزوا بدورهم في هذا المجال وأمسوا بفضل تعاليمه وريادته أصحاب النقلة التالية في فن التصميم الطباعي.
ولعبد السلام الشريف محاولات هامة أيضاً في تطوير الحرف الشعبية وإضافة بعد ثقافى (جليل) إليها مثل تصميم قماش السرادقات بلوحات فنية غاية في البساطة والجمال مستلهمة من الفن الشعبي هو الفن المعروف بإسم (الخيامية) أو أسلوب النسيج المضاف.
وله أيضاً سلسلة من اللوحات الرائعة المرسومة بألوان الجواش قدم فيها تجربة تمزج تقاليد الرسم المصرية القديمة بسمات الفن الشعبي المصري ومفردات الحياة اليومية لبسطاء الناس مثل لوحة (النعمة) الخالدة الشمخاء، حيث يضم فلاح زوجته بذراعه وقد جاءت إليه في الحقل تحمل له رغيف خبز وعود فجل، ومثل لوحة (ليالي الكرنك) التي تمثل حفلات السمر في صعيد مصر.
وقد لا يعرف البعض أن الشريف قد اشتغل بعد تخرجه في الفنون الجميلة في إعداد الديكور لأفلام السينما في بدايتها مثل فيلم تيتا وونج، فضلاً عن اشتغاله بإعداد ديكور بعض المسرحيات.
أما عبد السلام الشريف الإنسان فلعله أحد أفراد الصفوة الذين تصدق عليهم مقولة إن (الفن والأخلاق صنوان لا يفترقان) فعلى مدى أربع وأربعين عاماً رافقته فيها منذ تعاون معي ومع تلميذه الفنان حسن فؤاد في مجلة التحرير التي رأست تحريرها عام 1952/1953، مروراً بتعاونه الوثيق معي خلال عملي بوزارة الثقافة، ثم عكوفه على إخراج كتبي، لمست في دماثة الخلق، واحترام الذات، وإيثار الغير، والوطنية الحقة، والتواضع الجم متمثلاً في الحكمة القائلة (رب إخفاق في حياء أنبل من نجاح في تبجح)، والتسامح إيماناً منه بأن التسامح محبة أصابها داء التعالي، والقناعة والزهد المتواشجين مع الكبرياء، فإذا هو على الدوام يهب ما فوق قدرته، ويأخذ دون حاجته رحمه الله رحمة واسعة.
بقلم/ د. ثروت عكاشة
وزير الثقافة الأسبق

- يتواكب مع بيكار- على نفس الطريق - ابن جيله ورفيق رحلته- عبد السلام الشريف.. فإلى جانب لوحاته الزخرفية التى تستوحى الروح الشعبية بحس يميل الى التبسيط والصراحة، كرس حياته لترقية ذوق المشاهد- من خلال القنوات الصحفية العديدة التى عمل بها مشرفا فنيا بتقديم أعمال الفنانين الى القراء عبر صفحاتها، التى تحولت على يديه الى مساحات تشكيلية أنيقة ، كانت بمثابة مدرسة لفن الإخراج الصحفى خرجت أجيالا من المصممين والرسامين.
بقلم : عز الدين نجيب
من كتاب التوجه الإجتماعى للفنان المصرى المعاصر
رائد فنون الصحافة والكتب فى الوطن العربى
- رجل يهرب من الأضواء وهو صانع الشهرة للكثيرين من الفنانين والصحفيين والكتاب.
- بعد جهود طويلة ورائدة قام عبد السلام الشريف `74 سنة ` بتدريس مادة الإخراج الصحفى بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ،كما يعمل مستشارا لمؤسسات النشر والإعلان الكبرى فى السعودية.
- ولد فى مدينة تعشق الفل والزعتر وتزرعهما فوق النوافذ !
- قام بتصميم الأوراق النقدية وطوابع البريد والخرائط الحربية.
- كان للشريف دور أساسى رائد فى إخراج معظم الصحف العربية المعروفة.
- أول محاولة واسعة لاخضاع الاعلانات وأغلفة الكتب للمقاييس الفنية الرفيعة .
- كانت الكتب العربية فى مطلع القرن العشرين يطبع على غلافها عنوان الكتاب واسم المؤلف بحروف المطبعة الكبيرة دون أى زخارف أو رسوم أو ألوان، ولا تتضمن الصفحات سوى النص بغير تصاوير أو حليات، وكان حال المجلات والصحف مماثلا لحال الكتاب، حتى استطاع الفنان ` الشريف` أن يحقق الدفعة الأولى فى التطوير، ويعلم الكثيرين لعدة أجيال، ويعمل الآن تلاميذه من الأجيال التى تعلمت على يديه فى مهنة الاخراج الفنى للكتب والمجلات والصحف فى جميع انحاء العالم العربى.
- والفنان الذى يتخصص فى فنون الصحافة والكتاب عليه أن يكون وثيق الصلة بمختلف الثقافات ، وأن يكون ذواقاً للفنون الأخرى كالأدب والموسيقى والمسرح، وعلى درايه بمختلف العلوم، لأن تصميم كتاب يختص بالقصة يختلف عن تصميم كتاب فى علوم الفيزياء أوآخر عن الأزياء وهكذا.. هذا الفنان لابد أن تكون معلوماته موسوعية ولديه ادراك دقيق لطبيعة كل نوع من هذه المعارف ، مع التعرف على إمكانات الطباعة المتاحة أمامه.. لقد كانت إمكانات الطباعة محدودة فى الثلاثينات والأربعينات ولم يكن هناك أى مفهوم للاخراج الفنى للكتاب قبل عبد السلام الشريف ، فهو الذى نبه إلى ضرورة التعرف على ايقاع الصور والرسوم والفراغات فى صفحات الكتاب أو المجلة أو الجريدة لتتناسب كل هذه المواد وايقاع الكلمات المطبوعة ، مع تجنب الملل والتكرار سواء فى الأحجام أو الألوان أو تشابه الرسوم وتكويناتها، وهذا المنطق يشبه إلى حد بعيد منطق تتابع اللقطات السينمائية فى الأفلام من الناحية الشكلية، كما انه يشبه أيضاً التنويع فى الايقاعات الموسيقية داخل العمل الموسيقى.
- كما نبه الأذهان لأول مرة إلى ضرورة وجود تلاؤم وانسجام بين المادة المكتوبة أو الموضوع من جانب، وطريقة كتابة العنوان وأسلوب الرسم المصاحب له من جانب آخر.. فلا ينشر موضوع طريف - مثلا- ويكتب عنوانه بالخط الثلث الوقور.. اننا نحس فى مثل هذه الحالة بالخلل فى الرؤية الجمالية والتنافر بين الشكل والموضوع.
- لقد استطاع عبد السلام الشريف وتلاميذه ان يحدثوا انقلاباً فى عالم الاخراج الفنى للمطبوعات العربية حتى ارتقوا بها إلى حالها الآن.
- لكن هذا الفنان الرائد لم يقتصر نشاطه على هذا الفن وحده.. فقد كانت حياته سلسلة متصلة من المعارك من أجل الارتقاء بجميع فروع الفنون الزخرفية ، فضلا عن اهتمامه بالفنون الشعبية، وعمله الدائب من أجل المحافظة عليها والارتقاء بها.. وقد أنتج لوحاته بخامات البيئة المحلية وبنفس أسلوب الفنانين الشعبيين فى صناعة ` الخيام ` أى استخدام الأقمشة الملونة المضافة بعضها إلى بعض لتحقيق لوحاته المرسومة، بدلا من استخدام الألوان الزيتية وما شابهها.. وقد شارك بهذه اللوحات لسنوات طويلة فى معارض الفنون الجميلة بمصر وخارجها.
- هوايات الطفولة
- ولد الفنان عبد السلام الشريف (عبد السلام أحمد محمد صالح) فى حى ` الصليبة` بمدينة المنيا التى تتوسط صعيد مصر، وكان مولده يوم 2 مايو عام 1910 .. والفنان يعتقد ان هذا الحى كان من الأحياء القليلة التى احتفظت بالأشكال والتقاليد المتوارثة عن الأحياء الشعبية المصرية القديمة ، فى شكل عمارتها ودروبها، مع تقاليد زراعة الفل والزعتر فى نوافذها، ثم تكاتف أهل الحى وتعاونهم وكأنهم أسرة واحدة.
- كان أحد جيرانه `عريف` ضرير له صوت قوى، وكانت نافذة حجرة ` الشريف` تطل على نافذة فى بيت هذا الجار، وكثيراً ما كان يستيقظ عند الفجر فيصله صوت عزفه على الكمان أو العود وهو يردد نغمات الأغانى القديمة أو الألحان التى تنحدر من أصول فرعونية عتيقة.
- وهكذا امتزجت فى وجدانه.. واختزنت فى أعماقه منذ الطفولة، ابتهالات مؤذن الفجر وقراءة القرآن من المسجد القريب..
- كما أن جاره `عزيز` الذى يكبر عبد السلام الشريف ببضعة أعوام كان رساماً، وكان الطابق الأرضى فى منزله يشبه الأقبية، ويستخدمه كمرسم يتجمع حوله أطفال الحى يتفرجون ويندهشون.
- عندما خرج الصغير من الحى اكتشف منزل `عم أسعد` الصائغ وابنه نجيب الطالب فى مدرسة المعلمين العليا (الفنان المعروف نجيب أسعد) وكان اذا أراد أن يطل عليه ليشاهده وهو يرسم جعل أحد الصغار يحنى ظهره ليقف فوقه مطلا على طالب مدرسة المعلمين العليا وهو يرسم صوراً لوجه أبيه وللشخصيات المعروفة فى ذلك الوقت.
- وتفتحت كل الهوايات الفنية فى أشكال ألعاب الأطفال، فكان `عبد السلام` يصنع خوذات من الورق وسيوفاً من الصفيح للمبارزة ، ومن أوراق الكراسات دمى ومراكب.. ثم التمثيل وعمل الماكياج باستخدام أبسط الخامات كالدقيق والفحم، ثم كتابة الاعلانات عن تمثيليات الأطفال المرتجلة على جدران منازل الحى.
- ثم ظهرت موضة تطريز ملابس السيدات، فكان الشريف يرقب المطرز وهو يزخرف الملابس بدون رسوم مسبقة أو أمشق، وحاول تقليده بعمل رسوم مشابهة على ملابس الدمى الخاصة بالبنات الصغار اللآتى يشاركنهم اللعب فى الحى العريق..
- كانت هذه هى ألعاب الطفولة.. وعندما بلغ التاسعة قامت ثورة 1919 فكان يخرج فى مظاهرات الأطفال تشبهاً بالكبار ويعود إلى المنزل مبحوح الصوت، فى هذه الفترة كانت المدرسة توزع على التلاميذ صوراً لمحمد فريد وبعض الرياضيين والكتاب، فكان الشريف يرسم منها نسخاً ويوزعها على زملائه فى الحى.
- فى عام 1924 أفرجت حكومة سعد زغلول عن المعتقلين السياسين فى ثورة 1919 الوطنية، وكان ناظر المدرسة أحد المعتقلين المفرج عنهم.. كما أن الشيخ ` أحمد حتاته ` الذى تزعم ثوار ` المنيا ` كان أعرج يقود المظاهرات راكباً حماراً .. وقد أثار الاحساس بالنصر جواً حماسياً عاماً وكان عبد السلام الشريف متفوقاً فى المطالعة والانشاء، لهذا أختاره ناظر المدرسة ليكون خطيب حفل التهنئة بخروج الزعماء من السجن وقد أقيم الحفل على مسرح أعد فى فناء المدرسة خصيصاً لهذا الغرض، وفى نهاية الحفل هنأه الشيخ ` أحمد حتاته ` على خطبته وشكره.
- أما جانب الابداع والبحث فكان يتجلى فى محاولات الشريف لعمل كل ما يتمناه بيديه، فشرع فى صناعة دراجة.. وعندما انتقل إلى المدرسة الثانوية قام بعمل آلة تصوير عام 1927 بمجموعة من العدسات المتفرقة.. ونجح فى التقاط بعض الصور الفوتوغرافية بها.. كل هذا كان يتم إلى جانب النشاط الأساسى وهو الرسم.
- كانت أسرة عبد السلام الشريف تريد أن يلتحق ابنها بالأزهر فهو ينحدر من سلالة ` السيد البدوى` لكن الفتى كان يرغب فى الالتحاق بالدراسة الثانوية، وتعللت الأسرة أنها لا تستطيع تحمل نفقات الدراسة الثانوية.. فذهب الفتى إلى ناظر المدرسة يطلب قبوله مع اعفائه من المصروفات.. وقد تحقق له ما طلبه لأنه تحدث بثقة وحماس فى مجلس جمع ابن شيخ الجامع الأزهر وآخرين وعرفوا حبه للرسم وتفوقه فى اللغة العربية.. وما ان قبل حتى أخرج مجلة مدرسية مطبوعة كان هو البطل الأول فى تحريرها واخراجها وكانت تلك هى أول مجلة مدرسية فى مدينة المنيا.
- امتحان فى الرسم
- أقيمت فى تلك الفترة مبان جديدة للمدرسة على شاطئ النيل كلف ` الشريف` برسم صور شخصية للزعماء لتزيين الممرات بها بين الفصول، وتقرر ان يفتتح المدرسة الملك فؤاد، فاختير عبد السلام الشريف ليقف أمام الملك ويرسم فى دقائق صورة للأمير فاروق.. وقد حضر وزير المعارف `على الشمسى` إلى المدرسة قبل الموعد المحدد للافتتاح ليتأكد من سلامة البرنامج، ووافق على قيام عبد السلام الشريف برسم الأمير فاروق من ذاكرته أمام الملك.. ومن هذا الحدث تأكد الفنان الصغير من كفاءته وبدأ يتطلع إلى آفاق أخرى.
- كان أبرز عضو فى جمعية الرسم، وعضواً فى الجمعية الموسيقية حيث تعلم العزف على العود والكمان.. كما كان عضواً فى الجمعية الأدبية.. وكان زملاؤه محمد صبيح الكاتب المعروف مؤسس دار التعاون فيما بعد وأحمد الأحمداوى وعبد العظيم عبد الحق وغيرهم، وقد تعاونوا فى العمل بالصحف المحلية التى كانت متعددة فى ذلك الوقت، أما اشهرها فكانت جريدة الإنذار لصاحبها الأستاذ `صادق سلامة`.
- بعد أن أتم الشريف دراسته الثانوية عمل هو ومحمد صبيح فى بلدة المنيا حيث تولى الشريف وظيفة أمين متحف الآثار الذى كان مقاماً فى أحد القصور المطلة على النيل .. فى هذه الوظيفة تدرب الفنان على فحص الآثار القديمة والتعرف على قيمتها فى وقت كانت زيارة الآثار وقفاً على النساء العواقر اللائى يخطون فوقها طلباً للحمل والانجاب طبقاً للخرافات الشعبية التى كانت شائعة فى ذلك الوقت.
- ويقول الفنان أنه عمل على تغيير هذه المفاهيم، فوجه دعوات أسبوعية لمدارس المدينة كى يزور تلاميذها هذا المتحف ويتعرفوا على قيمة ما به من آثار من الناحيتين التاريخيه والفنية.. وعندما زاره فى المنيا مدير دار الآثار بالقاهرة وتعرف على نشاطه دعاه إلى زيارة متحف القاهرة لاختيار مجموعة من النماذج الجصية لعرضها فى متحف المنيا كى يستكمل الزائر الصورة التاريخية والفنية للآثار القديمة..
- وكان يدير` المتحف اليونانى الرومانى` بالاسكندرية أثرى أجنبى قام هو الآخر بزيارة متحف المنيا وأعجبه تمثال سيدة من المرمر استخرج من حفائر منطقة `البهنسا` ويرجع تاريخه إلى فترة الحكم الرومانى لمصر.. انه يشبه تمثال فينوس الشهير إلى حد كبير.. هذا الأثرى الأجنبى طلب نقل التمثال إلى متحف الاسكندرية، لكن ` الشريف` عارض هذا الطلب ومنع نقل التمثال من المنيا .. ولم تنقل هذه التحفة الأثرية إلى الاسكندرية الا بعد أن ترك الشريف هذا الموقع.
- الهجرة إلى القاهرة
- كان محمد صبيح وعبد السلام الشريف يلتقيان بعد أوقات العمل، وفى احدى الجلسات قررا استكمال دراستهما العليا بالقاهرة ، واختمرت لدى عبد السلام الشريف فكرة الالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة دون علم اسرته، أما محمد صبيح فقد اتجه إلى كلية الآداب، فسافرا إلى القاهرة.
- كانت المدرسة قد انتقلت من مقرها الأول بدرب الجماميز إلى مكانها الثانى بشارع خلاط بشبرا وأصبح اسمها `المدرسة العليا للفنون الجميلة`، وكان المتقدمون 170 شخصا نجح منهم 15، وكان الشريف هو الوحيد الذى التحق بقسم الزخرفه عام 1930، بينما لم يلتحق أحد بهذا القسم فى العامين السابقين، فكان ينضم إلى طلاب قسم العمارة فى كل المواد ماعدا مادة التخصص.
- كان عليه ان يعول نفسه بعد ان استقال من وظيفته بالمنيا فعمل مدرساً للرسم باحدى المدارس الخاصة، واتصل بحسنى الخطاط (والد سعاد حسنى ونجاة الصغيرة) الذى كان له مرسم بشارع الأزهر مملؤ بالتروس الحديدية والصواميل واجزاء الماكينات.. وفى نهاية المحل مكتب يجلس عليه أعظم خطاطى عصره.. لكنه لم يقبل أن يعمل عنده عبد السلام الشريف.. فاتجه إلى رسم الاعلانات الكبيرة التى تلصق على واجهات دور السينما.. كانت الدعوة إلى الاستقلال الاقتصادى منتشرة فى الثلاثينات وكانت أول شركة مصرية للإعلانات هى ` شركة لوتس`، وكان من مؤسسيها الفنان عماد حمدى وشقيقه، وكانا مقربين لطلعت حرب مؤسس بنك مصر وشركائه.. فى تلك الفترة أسس عبد السلام الشريف ثانى شركة مصرية للاعلانات تحت أسم ` شركة مصر للاعلان` وبدأ ارتباطه بحزب `مصر الفتاة ` هو ومحمد صبيح.. وكان مقر الحزب هو نفس مقر شركة مصر للاعلان وبالطبع ساهم بالناحية الفنية فى صحافة الحزب.
- كان الشريف هو أول من نادى بدخول الفتاة المصرية مجال تعلم الفنون وقد نشر سلسلة مقالات عام 1930 فى مجلة كوكب الشرق يطالب فيها بفتح باب تعليم الفنون للبنات.. ولكن هذه الدعوة لم تتحقق الا فى عهد ولاية الدكتور طه حسين على وزارة المعارف العمومية عندما كان الفنان الرائد يوسف كامل عميداً لكلية الفنون الجميلة عام 1950.
- وخلال الإجازة الصيفية كان يعود إلى مدينته `المنيا` حيث بدأ ينظم المعارض ويلقى المحاضرات بمقر جمعية الشبان المسلمين عن الفنون الجميلة.
- وفى عام 1933 وهو لا يزال طالباً بالفنون الجميلة ، شارك فى تصميم مجلة الشبيبة واخراجها، وكان يصدرها وحيد شوقى.
- وفى المعرض الثالث للفنون الجميلة الذى اقامه الفنان فى شهر سبتمبر عام 1933 بمقر جمعية الشبان المسلمين بالمنيا كان عبد السلام الشريف سكرتير لجنة المعرض وكان فى نفس الوقت مدير شركة مصر للاعلان. وقد شارك فى هذا المعرض الفنانون نجيب اسعد وانطون سليم مظهر.. وكان العرض يضم الرسم من الطبيعة والكاريكاتير والنحت والعمارة والزخرفة ثم النقل والتكبير والأشغال اليدوية وأشغال الابرة والرسم على الجلد وتفريغ النحاس والنقش على الفخار والرسم على القماش.
- وهذا هو أول نشاط فى مصر لاقامة المعارض الفنية خارج العاصمة، وهى تعتبر حركة رائدة فى هذا المجال.
- وفى العام التالى 1934 أقيم المعرض الرابع للفنون التطبيقية من المعرض الأول للتصوير الشمسى. وكان من بين لجنة التحكيم فى المعرض الأستاذ صلاح طاهر المدرس بالمدرسة الابتدائية والأستاذ حسين بدوى بمدرسة الصنائع بالمنيا بالاضافة إلى الأستاذ عبد السلام الشريف.
- وقد شارك فى هذا المعرض المثال عبد القادر رزق ونجيب أسعد وحسين بيكار وصلاح طاهر وحسنى البنانى وعبد السلام الشريف وأبو صالح أحمد الألفى بالفنون الجميلة العليا - وحسين بدوى.
- وفى عام 1934 عمل الشريف فى جريدة الاهرام حيث أسس لها مع رشاد منسى قسماً للاعلانات بعد أن كانت شركات الاعلان هى التى تصمم ما ينشر بالجريدة من اعلانات.. كان مرتبهما معاً الشريف ورشاد منسى خمسة جنيهات شهرية.
- ورغم انشغال الشريف فى هذه الأعمال الخارجية الا أنه فى عام 1935 أتم دراسته بتفوق بمدرسة الفنون الجميلة، وحصل على الشهادة الاهلية لتعليم الفنون وهى شهادة تربوية تتيح له العمل مدرساً للرسم فى التعليم العام.. وعين فى مدرسة العطارين الثانوية بالاسكندرية بينما كان الفنان صلاح طاهر مدرساً بنفس المدينة فى مدرسة العباسية الثانوية، لكنه لم يستمر سوى عام دراسى واحد لانشغاله بأعماله السينمائية بالقاهرة فاستقال، وانتقل إلى القاهرة حيث شارك فى عمل الرسوم والتنظيمات الخاصة باقامة متحف التعليم وكان مقره مكان نقابة المعلمين الحالى بالجزيرة.
- خلال حقبة الثلاثينات كان محمد صبيح له اهتمامات مشابهة لكن فى الكتابة والتأليف. وأهم مشروعاته كانت اصدار كتاب شهرى لكاتب واحد هو محمد صبيح تحت اسم ` كتاب الشهر`.. وتولى الشريف تصميم أغلفة هذه الكتب الشهرية التى بلغ عددها عشرين كتاباً، أما الجديد فى هذه الأغلفة فهو انها كانت تتضمن رسوماً لأول مرة إلى الداخلية لمجلة `اللطائف المصورة` مع اسكندر مكاريوس، وكانت تلك هى بداية تطويع الخط العربى ليتلاءم مع الموضوعات الصحفية والدراسات التى تنشر فى المجلات المصورة.. ثم قام بهذه المهمة فى `مجلة العروبة`.
- أما مجلة ` نداء الحرية ` التى كان يصدرها محمد صبيح، فقد قدم فيها أول محاولة لرسم الشخصيات العامة رسماً كاريكاتورياً على الغلاف.. وقد أصبح هذا الأسلوب علماً على مجلات صدرت بعدها، أبرزها هى مجلة `روز اليوسف`.
لكن رغم هذا بهرته السينما وكاد يهاجر من مصر بسببها.
- تجربته فى السينما
راودته فكرة الهجرة إلى `هوليود` مدينة السينما فى أمريكا.. وعرض الفكرة على محرر صفحة ` السينما والمسرح والفنون` ليساعده فى هذا المشروع.. لكن المحرر الفنى اتجه به وجهة أخرى اذ صحبه ليتعرف على الفنانة ` أمينه محمد` التى كانت مهمتة بالانتاج السينمائى.. كان ذلك عام 1935، وكان رأس مالها 17 جنيهاً فقط.
- هذه المغامرة المجنونة جعلت اسم عبد السلام الشريف مشهوراً على المستوى الشعبى، فكان العاملون بالميدان السينمائى يحضرون لمشاهدة هذه المغامرة ومنهم `صلاح أبو سيف` و` كمال سليم` أما الممثل الأول امام ` أمينه محمد ` فكان `محسن سرحان`.. لكن المصور `دافيد كورونيل` الذى شارك فى المغامرة بالافلام الخام والتصوير اعترض على `محسن سرحان` فقام الوجه الجديد `حسين صدقى` بدوره، وتولى عبد السلام الشريف عمل الديكور والماكياج بينما قامت أمينة محمد بالاخراج والتمثيل، وكان أجر حسين صدقى خمسة جنيهات فى هذا الفيلم.. أما عبد السلام الشريف فقد مثل فى هذا الفيلم البطولة الثانية، كما وضع تصميمات المقدمة.. وابتدع فيها لأول مرة الحركة، وكانت فى ذلك الوقت تعتبر عملاً جديداً شاذاً، لكن المصور الفرنسى `سامى بريل` - مصور استديو مصر الذى نفذ تصوير المقدمة - تحمس لها.. المهم أن الفيلم كان اسمه `تيتا وونج` يمثل قفزة جديدة فى جوانبه التشكيلية وهى الاعلانات والديكورات والمقدمة.. صحيح ان الفيلم فشل تجارياً لكن الوسط السينمائى بدأ يتهافت على عبد السلام الشريف ليعمل الديكور فى عدة أفلام ويقوم بتصميم العديد من اعلانات الحائط والملصقات.
- ويقول الفنان إن الفيلم كان سبباً فى تعرفه على زكى طليمات ويوسف وهبى وحسين سعيد مدير استديو مصر فى ذلك الوقت الذى طلب منه ان يعمل معهم..
- واشترك فى عام 1938 مع مجموعة من الفنانين من بينهم رشاد منسى وأحمد عبد الفتاح وانطون سليم فى محاولة انتاج أفلام الرسوم المتحركة، واستمرت التجربة لمدة عام كامل ولم يواصل العمل فى هذا المجال سوى انطون سليم الذى نجح فى عمل بعض الأفلام التى تحض على اتباع الارشادات الصحية والأخلاق الحميدة.. ثم هاجر إلى الولايات المتحدة وانقطعت أخباره..
- كما عمل فى اخراج الأفلام التسجيلية من خلال الشركة التى كونها `مصرف وصبيح ` وقد اخرج `الشريف` فيلماً تسجيلياً عن الأقصر..
- وكان عبد السلام الشريف أول من يلتحق بمدرسة الفنون الجميلة من أبناء الصعيد، وكان أول خريجى هذه المدرسة الذى يعمل فى ميدان الديكور والاعلان السينمائى، كما كان أول فنان يعمل فى الصحف والمجلات مخرجاً ومصمماً للاعلانات التى تنشر بها.
- لكن الفنان قطع علاقته بالسينما عام 1939 مع قيام الحرب العالمية الثانية ولم يعد إليها سوى مرة واحدة عام 1942 عندما قام بعمل مناظر وديكورات فيلم ` بحبح فى بغداد `.
- ركز الفنان جهوده فى تطوير الشكل الصحفى عندما أدخل أسلوباً جديداً فى عناوين الأبواب الفنية الخاصة بالسينما والمسرح له شكل مبتكر يتناسب مع الموضاعات الفنية، وهو مستمد من الخط التقليدى بعد تبسيطه تبسيطاً زخرفياً جعله مناسباً لقواعد التكوين الفنى، فى وقت كان الخطاطون يرفضون أى تطوير أو تطويع للحروف لتناسب شكل الاعلان ومساحته.. هذا هو الذى جعله يمارس كتابة الخط كجزء أساسى من التصميم الفنى لمساحة الاعلانات أو عنوان المقال.. وقد جعل الفنان من هذه المسألة قضية فنية يدافع عنها بحرارة فى كل مكان.
- وقد أقام الفنان سلسلة من المعارض الخاصة بالقاهرة فيما بين عامى 1936، 1942 .. عرض فيها لوحاته المرسومة بطريقة النسيج المضاف .. نلاحظ فيها اهتمام الفنان بخطوط الرسم لتعبر بغير تظليل أو تدرج لونى عن الاستدارة والعمق، اما الألوان فطبيعة النسيج فرضت المساحات الصريحة والمحددة النهايات بشكل قاطع. وهذا الأسلوب فى الرسم مستمد من الفن الشعبى والفنون الاسلامية التى لم تهتم بالتظليل أو تحقيق الاحساس الخادع بالعمق أو الاستدارة.
- النفى إلى سوهاج
- وفى عام 1940 طلب للعمل رساماً فى مصلحة المساحة (بالقسم المخصوص) حيث تولى تصميم أوراق النقد (البنكنوت) وطوابع البريد. وكذلك وضع الخرائط الحربية للحلفاء وخرائط المعارك.. كان يرأس القسم رجل انجليزى بينما المدير المصرى كان الفنان يوسف همام.. واستمر فى هذا العمل عامين حتى اتهم فى قضية سياسية كانت مرتبطة بقضية `عزيز المصرى`، وبعد التحقيق نقل الفنان إلى سوهاج ورفضت استقالته لأسباب سياسية. وأثناء أبعاده فى سوهاج طلب مرتين لتصميم سندات القطن.. وفى كل مرة كان يلغى الطلب، مرة فى وزارة `حسين سرى` والأخرى فى وزارة `مصطفى النحاس`.
` الشريف` استاذاً للزخرفة
- عاد إلى القاهرة عام 1944 ففوجئ بعميد الكلية يرشحه للعمل استاذاً بقسم الفنون الزخرفية الذى تخرج فيه بناء على تزكية جماعة من مجلس الكلية نتيجة لما حققه من نشاط متنوع فى هذا التخصص، ولتاريخه الفنى الحافل وليس بسبب حصوله على الدرجات النهائية عند التخرج.
- كانت الدراسة فى قسم الفنون الزخرفية تقدم بشكل شامل لكل فروعها سواء المسطحة كما فى تصميم الاعلانات وورق الحائط والأقمشة والستائر وتنسيق الحدائق وتصميم البلاط.. الخ أو الفراغية كالديكور المسرحى والسينمائى والمنزلى وتصميم الأثاث وواجهات المحلات التجارية وغيرها...
اهتم الفنان بادخال الفنون المتصلة بالطباعة كتنسيق الجريدة والمجلة وتصميم الأغلفة والاعلانات كما نادى بالتوسع مع التخصص فى هذه الدراسة التى تتصل بالحياة العملية وبمعيشة الانسان اليومية أكثر من اتصال فروع الرسم والنحت والجرافيك بها.
- وقدم بنفسه النموذج الايجابى للفنان المتفاعل مع المجتمع والمؤثر فيه.. فتوقف عن عمل اللوحات للمعارض، وانغمس فى الأعمال الفنية المتصلة بحياة الناس اليومية وخاصة الطباعة.. فوضع تصميم الشكل الأساسى لصفحات جريدة ` الأساس` عام 1947، وكذلك ` الجريدة المسائية` التى كان صاحبها ` أحمد حمزة ` الوزير الوفدى، وكان رئيس تحريرها ` كامل الشناوى`.
- كما صمم وأخرج مجلة الشهر التى كان يرأس تحريرها `أحمد الصاوى محمد` وكانت تطبع طباعة فاخرة.
- وفى عام 1952 اشترك مع على أمين ومصطفى أمين فى وضع التصميم الأساسى لاخراج صفحات جريدة `الأخبار` اليومية.
- وقد كلف من مكتب جمال عبد الناصر عام 1953 للأشراف على إقامة الجناح المصرى فى المعرض السياحى الدولى الثالث بالقصر الكبير (جراند باليه) بباريس .. وقد حقق نجاحاً اعلامياً بعرض نسخة طبق الأصل من تمثال `نفرتيتى` الموجود فى المانيا، ونشرت الصحف ان رأس نفرتيتى فى باريس، مما حقق اقبالاً جماهيرياً على الجناح المصرى، وفاز الشريف بجائزة عن تصميمه للجناح.
ثم عين عضواً بلجنة المهرجانات التى كان يرأسها وجيه أباظه.. وقد صمم أقواس النصر التى تعبر عن `الاصلاح الزراعى` فى أعياد الثورة، وكانت تمثل ساقية ضخمة متحركة..
وفى عام 1955 تم اختياره عضواً بلجنة الفنون التشكيلية ثم لجنة ثقافة الطفل فى المجلس الأعلى لرعاية الفنون و الآداب عند انشائه، وظل فى عضوية المجلس حتى عام 1970.
- وقد واصل الفنان عمله فى الصحافة والمطبوعات والملصقات الحائطية إلى جانب عمله أستاذاً بكلية الفنون الجميلة، حتى انتدب مديراً للانتاج الفنى بوزراة التربية والتعليم عام 1956 .. فنظم المسابقات فى فنون الرسم والنحت والعمارة والفنون التطبيقية كان مجموع جوائزها فى آخر مسابقة أقيمت 1957 أربعة آلاف جنية مقدمة لاقرار جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية للفنون الجميلة التى تمنح سنوياً حتى الآن.
- كما أقام أول معرض للحضارة المصرية فى مدينة بكين عاصمة الصين عام 1956، وقد سافر لاقامة هذا المعرض مع المرحوم الفنان عزت مصطفى قبل ان يقع العدوان الثلاثى على مصر، وكان المعرض مظاهرة اعلامية وحضارية عن الوطن لم يسبق لها مثيل.
- وفى عام 1957 خلال عمله فى إدارة الانتاج الفنى قام باختيار وفد من الفنانين المصريين لزيارة بولندا حيث اقاموا معرضاً للفن المصرى المعاصر فى `وارسو` و` كاراكوف `.
- وفى عام 1958 قام بتصميم أجنحة وزارة ` الزراعة والاصلاح الزراعى` و ` التربية والتعليم` داخل القسم المصرى الكبير فى معرض بروكسل الدولى وكان التصميم الشامل للقسم من وضع الدكتور سيد كريم مع الفنان `فتحى محمود` .. ومعرض بروكسل الدولى يقام مرة كل عشرين سنة تحت شعار تقدم الحضارة فى العشرين عاماً التالية .. كان السابق هو معرض باريس الدولى عام 1937 .
- وقد وضع تصميمات الاخراج الفنى لمجلة اليونسكو ودوريات اليونسكو الست مع الأستاذ عبد المنعم الصاوى .. وكذلك مجلة المجلة مع الدكتور على الراعى والأستاذ يحيى حقى، ثم مجلة الفنون الشعبية مع الدكتور عبد الحميد يونس.
- كانت ضمن اهتمامات الفنان الاعلانات الحائطية وملصقات الشوارع، وقد اعتبرها قضية ثقافية حضارية هامة، فهى تمثل الجانب الجماهيرى المعروض على كل الناس من الفنون الجميلة وتوجيهها يرتبط بالتخطيط العام للمظهر الحضارى للمدينة، وهذا الأمر يرتبط بتثقيف الجماهير وصقل اذواقهم وفى نفس الوقت يتعلق براحة اعصابهم، لهذا يعتبر فن الملصقات مسئولية هامة فى طريق الاحتفاظ بسمات الذوق الخاص للمواطنين وارتباطهم بأرضهم وببعضهم .. وقد حاول تفادى أقحام الذوق الأوربى والأمريكى ممثلا فى الملصقات التى تعلن عن الأفلام السينمائية .. وهو يقدم ايطاليا كمثل لدولة حريصة على ذوقها الخاص وعلى مصالح فنانيها، لهذا أصدرت منذ وقت مبكر قانوناً يمنع استيراد الملصقات الاعلانية عن الأفلام وغيرها من خارج ايطاليا، ويحتم رسم هذه الملصقات بأيدى فنانين ايطاليين وطبعها فى مطابع ايطالية .. ان هذا النموذج لو تم تطبيقه فى بلادنا العربية ربما ساعد على تأكيد الذوق العربى والطابع المحلى فى فنوننا ابتداء من مئات الصور والملصقات التى يراها المواطنون فى شوارع المدن تعلن عن الأفلام والبضائع.
- وبعد قيام ثورة يوليو 1952 طلب منه أنور السادات وضع تصميمات الاخراج الفنى لجريدة الجمهورية عام 1953 .. ثم وضع تصميمات مجلة التحرير بالاشتراك مع حسن فؤاد وزملائه .. وفى عام 1956 طلب منه خالد محى الدين وضع تصميمات جريدة المساء .. ثم قام بوضع تصميمات الاخراج الفنى لجريدة الشعب مع صلاح سالم .. وبعد ذلك طلب منه مجلس قيادة الثورة العمل فى اخراج مجلة بناء الوطن ثم `أراب ريفيو` مع أمين شاكر مدير مكتب جمال عبد الناصر فى ذلك الوقت. وخلال فترة الوحدة المصرية السورية قام بوضع تصميمات الاخراج الفنى لجريدة `الجماهير` التى صدرت فى دمشق مع الدكتور جمال الاتاسى.
-وعمل مستشاراً فنياً بهيئة الكتاب، فقام باعداد جناح مصر فى معرض الكتاب ببيروت عام 1964 ثم 1966، وكان الجناح المصرى أبرز الأجنحة وقد فاز بعدة جوائز عن تصميمه لهذا الجناح .. خلال هذه المعارض توثقت علاقة الشريف بالناشر `محمد المعلم` فأشترك معه فى تأسيس دار الشروق حيث نفذ بعض الأعمال الفنية لكتب ذات صفة خاصة وتعتبر نماذج فى اخراج الكتاب مثل كتاب ` كلية ودمنه` المصور.
- وقد حصل الفنان عام 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى كما عمل مستشاراً فنياً فى مكتب الدكتور ثروت عكاشة عندما كان وزيراً للثقافة.
- وفى عام 1957 أشرف على إنشاء مشروع رائد للثقافة العربية وهو مشروع معهد التذوق الفنى، تأسس المعهد وكان أول عميد له.
- ثم طلبته جامعة الملك عبد العزيز بجده لتدريس مادة الاخراج الصحفى بقسم الاعلام، واستمر فى هذا العمل حتى 1980 عندما انتقل للعمل كمستشار فنى بمؤسسة `مروة ` والدار السعودية للاعلان والكتاب حيث يعمل حتى الآن، فأشرف على اخراج `المجلة العربية` ثم جريدة ` الجامعة `.
صانع النجوم
- ولعل أبلغ وصف لشخصية الفنان عبد السلام الشريف هو ما كتبه أحد زملائه الصحفيين عنه يقدمه للقراء عام 1948 .. ولا تزال معظم الصفات التى ذكرها تلازمه إلى الآن .. قال: ` اذا قابلته لأول مرة فلن يوحى لك شكله بأنه فنان عبقرى مرهف.. جسم ممتلئ ووجه أسمر مستدير، وعينان صغيرتان نفاذتان عليهما منظار غليظ يحجب بينك وبينهما أنف أفطس قليلاً وشفتان عريضتان، ثم جبهة لامعة عريضة يعلوها رأس أصلع تناثرت عليه شعرات خشنة متنافره .. تتعرف عليه، فيبتسم فى خجل ويتكلم فى حياء، وتحدثه عن بديهيه من البديهيات فيرفع حاجبيه وصوته فى دهشة متعجباً مما تقول.. تحس انك ترغب فى لقائه مرة ومرات، فتطلب منه موعداً، فيشد على يدك فى حرارة مؤكداً سروره بوفاء هذا الموعد، ويتركك وقد لا تراه الا بعد أعوام.. وفى مصادفة عابرة.
- له بين اللوحة والريشة واللون والقلم مواكب زاخرة بالمجد والنبوغ. فى الصحافة وعلى الشاشة الفضية وبين دور العلم ودور الحكومة.
- يرفض عبد السلام الشريف فى تواضع وانزواء أن يوضع اسمه فى اعلان، أو يكتب فى صحيفة أو يلتصق بقصة فاتنة مشهورة .. الحياة فى قلبه احساس وتجربة ومعرفة ومغامرة، يحب فيتفانى، ويهرب من الدنيا بضجيجها وصيحات مجدها الزائلة، ليجرب الهدوء والوحدة والسكينة تحت سفح جبل أو عند مجرى ماء .. يقرأ ويرحل وينتقل من مكان إلى آخر ومن عمل إلى عمل ليمتلئ معرفة.
ويتساءل البعض فى دهشه لماذا يفضل عبد السلام الشريف الانزواء عن الشهرة، وهو الذى يقدم تلاميذه إلى دور الصحف يوجههم ويدربهم ويسعى إلى إبراز أسمائهم ويدفعهم إلى المجد؟!
بقلم: د. صبحى الشارونى
مجلة الدوحة يناير 1985
عبد السلام الشريف الأسطى الفنان
- البيئة، والنشاة، وكيفية توجه دفة الموهبة
- ولد عبد السلام أحمد محمد صالح الشهير بعبد السلام الشريف فى بيئة كانت منبتاً للفن بصفة عامة، فالوالد الصعيدى ابن الجنوب الذى كان يعمل بالغلال، كان محباً لفن الموسيقا فى حى الصليبة بمدينة المنيا، وكان هذا الوالد يمتلك عوداً وآلة كمان، يعزف عليهما كلما سنح له الوقت بذلك، وفى البيت المقابل لسكنه، كان يقبع بالطابق الأرضى مرسم الفنان الشاب نجيب أسعد (1903 - 1988م) نجل شيخ الصاغة بالمنيا، والذى كان عضواً فى جماعة الرسم بالألوان المائية، وكان الصبى الصغير عبد السلام الشريف يتسلق كتف أحد أقرانه، ويتعلق بنافذة المرسم، ليراقب فى دهشة وفضول، الجار الرسام الشاب، كلما عاد إلى بلده المنيا فى إجازة من إجازات الصيف فى كل عام ، ليرسم لوحة من لوحاته التى يختزنها، لوحة بجوار لوحة فى مخزنه.
- بعد حصول الصبى عبد السلام الشريف على الشهادة الابتدائية - من المدرسة الأولية الملحقة بمدرسة المعلمين - رفض بشدة العمل بالبلدية، وسعى فى الخفاء للانتظام فى المدرسة الثانوية الجديدة، حيث كان يحفظ فيها القرآن الكريم، ويتدرب على تجويد الخطوط وتحسينها، ومن ثم أصبح خطاطا مرموقا، يستكتبه الناظر التماسات المساعدة المالية التى كان يرفعها إلى وزارة المعارف العمومية، وإلى السيدة هدى شعراوى راعية الثقافة والفنون فى ذلك الحين.
- كان وكيل المدرسة صالح زهير يعمل صحفياً، ويصدر مجلة محلية اسمها `البريد`، وسرعان ما التقط الطفل الموهوب عبد السلام الشريف واصطحبه إلى المطبعة ليكتب له عناوين الجريدة، ويساعده فى تنسيق صفحاتها، وهو ما زال صبياً دون العاشرة، وعلى الرغم من صغر سنه، فقد وقف أمام الملك فؤاد دونما خوف أو وجل ليرسم ولى عهده الأمير فاروق، وذلك عند قيام الملك بافتتاح مدرسة المنيا الثانوية.
- ولم يكن الفنان عبد السلام الشريف بصفة عامة ممن كانوا يقفون على أعتاب السلطة، طلباً لنوال حلوان ما أو فتات ما من بقايا موائد علية القوم، بل كان على العكس من ذلك، فقد انحاز إلى الفقراء، ووقف ضد الاحتلال الإنجليزى، وكذلك ضد النظام الملكى المصرى نفسه، وانضم إلى خلية من خلايا الثورة، وهذه الخلية الثورية كانت تتصل بالفريق الثائر الوطنى عزيز المصرى، الذى كان يشغل منصب رئيس أركان حرب الجيش المصرى، وبرز دور الشاب الوطنى عبد السلام الشريف وقتها، كحلقة اتصال مهمة فى عملية تهريبه خارج مصر فى أربعينيات القرن العشرين، على الرغم من فشلها، حيث لم تتم هذه العملية بنجاح كما كان مخططاً لها من ذى قبل.
- الاتجاه نحو تصميم إعلانات الأفلام أو `الأفيشات`
- الأفيش فى مصطلحات السينمائيين هو الملصق الدعائى الذى يعلق على واجهة دار العرض أو على الحوائط أو فوق السنادات الخشبية فى الشوارع أو فى الصحف والمجلات والتليفزيون بهدف تعرف الناس، من خلال الرؤية البصرية، بموعد عرض فيلم ما أو بأبطاله أو بكليهما معاً.
- يقول محمود قاسم فى كتابه `أفيش السينما المصرية`: `إن الأفيش هو أول ما نراه من الفيلم، وبفترة طويلة. لذا، يجب أن يكون بمثابة المختصر المفيد، والجذاب المؤكد الذى عليه أن يولد ما يمكن تسميته بالحب من أول نظرة بين الطرفين: المشاهد/ الفيلم، مما يدفع بالمتفرج إلى انتظار العرض والتهافت لرؤية الفيلم، ربما فى الحفل الأول، أو اليوم الأول، وأحياناً فى أيام لاحقة`.
- وقد برز فى مجال بتصميم إعلانات الأفلام المصرية أو `الأفيشات` بعض الأسماء الأجنبية، حيث كان بعضهم من الأرمن أو من الطليان أو اليونانيين المقيمين فى مصر، كالمصمم اليونانى فاسيليو فى الخمسينيات وغيره، ثم جاء من بعدهم المصرى محمد مفتاح محمد، الذى بدأ التصميم فى منتصف الأربعينيات، والمصمم المصرى حسن مظهر الشهير بجسور، وأحمد فؤاد، وغيرهم.
- غير أن الفنان عبد السلام الشريف سبق كل هؤلاء، فكان رائداً فى هذا المجال، وذلك منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، بتصميم إعلانات أفيشات الأفلام الآتية وتنفيذها: تيتاوونج، `أجنحة الصحراء`، و`بحبح باشا`، و `أحب البلدى`، و`الورشة، و`ليلة الفرح`، و`شهداء الغرام`، و`ليلى بنت الريف`، و`ثمن السعادة`، و`خلف الحبايب`، و`ضحايا المدنية`، و`غدر وعذاب`، و`وادى النجوم`، و`السقا مات`.
- إن إعلانات الأفلام عند الفنان عبد السلام الشريف أو `أفيشاته` تتميز بالبساطة والوضوح، وهى فى الوقت نفسه على درجة عالية من جودة التعبير، وقد اتسم أغلبها بروح الابتكار والتجديد فى مجال طرح الأفكار.
- فنه فى مجال الديكور
- ظهرت على ساحة تصميم ديكورات الأفلام وتنفيذها فى أربعينيات القرن العشرين بعض الأسماء الأجنبية فى مصر، مثل: روبرت شارفنبرج، وأنطون بوليزويس، وهاجوب أصلانيان. كما ظهر بين هؤلاء الأجانب بعض من المصريين، مثل ولى الدين سامح، وأمينة البارودى، وجعفر والى، ومحمد كامل، وعبد الحميد السخاوى، ومحمد كامل حفناوى، ومحروس زيادة.
- وبين كل هؤلاء وأولئك، ظهر جهد الفنان عبد السلام الشريف بارزاً فى مجالى تصميم وتنفيذ الديكور، وينقسم هذا الجهد فى حقيقة الأمر إلى قسمين: القسم الأول فى مجال تصميم ديكورات الأفلام السينمائية، والقسم الآخر فى مجال ديكورات المعارض الخارجية والداخلية.
- القسم الأول: فى مجال تصميم وعمل ديكورات الأفلام السينمائية
- بحكم حبه لفن السينما، قام الفنان عبد السلام الشريف بعمل ديكورات أفلام: `تيتاونج`، و `خلف الحبايب`، و`بحبح فى بغداد`، و`العامل`.
- ففيلم تيتاونج عام 1937- كما اعترف صلاح أبو سيف بنفسه أكثر من مرة بأنه قام بدق مسامير الديكورات التى أعدها الفنان عبد السلام الشريف.
وفيلم `بحبح فى بغداد` كان فى عام 1942، بطولة: فوزى الجزايرلى، وبشارة واكيم، ومحمود المليجى، ومحمود شكوكو، وعبد العزيز خليل، ومن إخراج حسين فوزى. وقد اعتمد الفنان فيه على إبراز جماليات الطراز العربى فى تصميم ديكوراته كلها، وذلك من خلال تصميم الأعمدة، والأرشات (الأقواس أو الانحناءات)، وفوانيس الإضاءة المدلاة، والدرابزينات الخشبية المصنوعة بطريقة الخشب الخرط العربى المتميز.
- القسم الآخر: فى مجال عمارة وديكورات المعارض الخارجية والداخلية
- قام الفنان عبد السلام الشريف بعمل عمارة وديكورات المعارض الخارجية والداخلية الآتية:
- جناح الإصلاح الزراعى فى يوليو 1954 - مسلة الإصلاح الزراعى بميدان محطة مصر فى أعياد الثورة 1955 - المعرض المصرى فى الصين 1956 - جناح مصر بمعرض بروكسل الدولى 1958 - نصب تذكارى للإصلاح الزراعى بميدان المحطة - جناح الإصلاح الزراعى بالمعرض الصناعى الزراعى - جناح الإصلاح الزراعى أكتوبر 1969 بالمعرض الصناعى الزراعى - معرض الكتاب العربى ببيروت نوفمبر 1967 - عربة زهور جريدة `الأهرام`، وعربة زهور مصر كولا.
- ولعل وحدات تصميماته فى هذا المجال أبرزت فى وضوح مقدار نجاح الفنان فى التعبير الصادق عن البيئة التى يعبر عنها كيفما كانت هذه البيئة، فإذا كانت البيئة ريفية فتكون وحداته هى: النخيل، وأبراج الحمام، والسواقى، ودروات الأسطح المنخفضة الارتفاع المفرغة فى أشكال زخرفية مثلثة، وإذا كانت البيئة صناعية جاءت هذه الوحدات عبارة عن تروس مكن، وأسقف مسنونة كأسنان المنشار، تحاكى أسقف المصانع والعنابر والورش فى المناطق الصناعية.
- استخدامه الزخارف والألوان وصور من التراث الشعبى
- مما لا شك فيه أن استخدام الزخارف والألوان يعد أداة مهمة من أدوات الفنان التشكيلى فى إضفاء قيم جمالية معينة للعمل الفنى المراد إبداعه. هذه الحقيقة الفنية أدركها جيداً فى أعماله وإبداعاته المتنوعة والمتعددة الفنان الموسوعى عبد السلام الشريف.
- أولاً: استخدامه الزخارف
- فى أغلفة الكتب سواء أكان التصميم لها من الخارج أو من الداخل، نجد النماذج الكثيرة لاستخدام الفنان عبد السلام الشريف للزخارف مما يضفى عليها متعة وبهجة راقيتين، ففى كتاب `مسخ الكائنات` للدكتور ثروت عكاشة، نجده قد وضع عنوان الكتاب، وكذلك عناوين الفصول الداخلية داخل أُطر زخرفية مكونة من تحويرات الزهرة العربية.
- وفى كتاب `مساجد مصر وأولياؤها الصالحون `استخدم وحدات زخرفية من الزخرفة الإسلامية المنتشرة على جدارن شبابيك المساجد فى الصفحة الأولى التى حملت عنوان الكتاب ككل، وكذلك فى بدايات الفصول، وفى مفتتح الأبواب الداخلية. ووضع زخرفة تمثل شريط السينما كخلفية للفصول والأبواب الداخلية فى كتاب `مذكرات رقيبة سينما` لاعتدال ممتاز.
- كما وضع زخرفة عبارة عن ورود فى تصميمه وإخراجه الفنى كتاب `سلوى: الشعر والحب والموت`.
- ووضع زخرفة عبارة عن تكرار لأوتار آلة العود فى تصميمه وإخراجه الفنى للعناوين الداخلية لكتاب `أم كلثوم وعصر من الفن`.
- زخرفته الخطوط
- أدخل الفنان عبد السلام الشريف زخارف على الخطوط المستخدمة فى تصميماته، سواء بوضع الزخرفة فوق حروف الخط، أو وضع الخط فى إطار زخرفى معين: ففى كتابى `مساجد مصر` و`أنبياء الله` نجده قد أدخل بعض الزخارف فوق الخط المستخدم، وهو الخط الأندلسى، متخذاً من شكل الزهرة العربية دوائر زخرفية فوق مساحة هذا الخط. وفى كتاب `مسخ الكائنات` نجده يضع خطوط العناوين داخل إطار زخرفى زخارف الفواصل بين الصفحات أو بين السطور.
- إراحة العين عند القراءة مطلب مهم، يهتم به مصمم الكتاب قبل القارئ، وهو أمر يلجأ إليه كثير من المسئولين عن الإخراج الفنى للكتب والمقالات، ولذا سعى الفنان عبد السلام الشريف إلى تحقيق ذلك من خلال وضع فواصل زخرفية بين الصفحات أو بين السطور.
- ففى بعض الكتب التى أخرجها فنياً، مثل كتاب `سلوى: الشعر والحب والموت` لصالح جودت، وضع فواصل زخرفية بين الصفحات عبارة عن صف واحد من الدوائر الأفقية المتجاورة، كما وضع ثلاث وردات متجاورة فقط، كعنصر زخرفى، فى وسط السطر بين السطور فى كتابى `مساجد مصر` للدكتورة سعاد ماهر وفى `الرواية العربية` لفاروق خورشيد مما أتاح للموضوع أن يبتعد عن أن يكون مجرد موالاة تكرارية للسطور، آتية تباعاً، فيتسبب ذلك فى إجهاد العين، أو يصيبها بنوع من الملل.
- ثانياً: استخدامه الألوان
- يمكن تقسيم استخدام الفنان عبد السلام الشريف الألوان فى إبداعاته إلى محورين: الأول هو استخدامه الألوان لإعطاء دلالات رمزية معينة، والآخر هو تخيره استخدام الصور الملونة لإعطاء دلالات جمالية طباعية Typographic أخرى
- ( أ ) استخدامه الألوان لإعطاء دلالات رمزية معينة
- مال الفنان عبد السلام الشريف إلى توظيف استخدام الألوان لكى تعطى دلالات معينة، سواء أكان هذا التوظيف فى أرضية التصميم أو فى لون الخط المستخدم، فاللون الأخضر نجده عند كثير من أرباب الطرق الصوفية، وكذلك عنده هو لون النماء والخلود، كما بدا ذلك فى تصميمه أرضية كتاب `مشهد الإمام على فى النجف وما به من الهدايا والتحف `لمؤلفته الدكتورة سعاد ماهر، واللون الأزرق هو لون الثلث السفلى لغلاف كتاب `البحرية فى مصر الإسلامية` فى تكوين يشكل بحراً، لتبدو صورة السفينة الإسلامية كأنها تعوم فوق الجزء السفلى من الكتاب. وتصميمه أرضية ذهبية اللون لكتاب `أم كلثوم وعصر من الفن` يعطى مفهوماً واضحاً ودلالة للعصر الذهبى الذى عاشت وأبدعت سيدة الغناء العربى فيه، فضلاً عن رسوخ حب داخلى لهذا اللون فى نفس الفنان. سواء باتخاذه أرضية لونية لغلاف ما من الكتب أو للون خط ما من الخطوط. ومن دلالات اللون، استخدامه اللون الأسود فى التعبير عن حالة الموت فى تصميمه خلفيات سوداء اللون فى كتاب `سلوى: الشعر والحب والموت` وذلك عن مذيعة التليفزيون سلوى حجازى التى لاقت مصرعها فى حادث الطائرة الليبية العائدة من ليبيا إلى مصر فى فبراير 1973.
- ( ب) تخيره استخدام الصور الملونة
- تعد تقنية طبع الصور الملونة مكلفة بصفة عامة، فضلاً عن صعوبة تنفيذها بدقة عالية فى ظل وجود تقنية طباعة محدودة الإمكانات، أو غير متقدمة، وبرغم هذه التحديات الصعبة، استخدم الفنان عبد السلام الشريف الصور الملونة إلى جوار الصور (أبيض وأسود)، فى بعض الكتب التى قام بتصميمها، مثل كتب الدكتورة سعاد ماهر `البحرية فى مصر الإسلامية`، المطبوع فى عام 1967 م، و`مساجد مصر`، المطبوع فى عام 1971 م، و`مشهد الإمام على فى النجف`، المطبوع عام 1388 ه، وكتاب `مذكرات رقيبة سينمائية `لاعتدال ممتاز، المطبوع فى عام 1985 م، وكتاب `الفن الفارسى القديم` للدكتور ثروت عكاشة المطبوع فى عام 1989 م.
- ففى كتاب: `البحرية فى مصر الإسلامية`، عرض الفنان عبد السلام الشريف 82 لوحة مصورة بالأبيض والأسود، واختار أن يكون من بينها ست لوحات ملونة. وفى كتاب: `مساجد مصر` ذى الأجزاء الخمسة، عرض الفنان عبد السلام الشريف ألفاً وواحد وسبعين لوحة مصورة بالأبيض والأسود، واختار أن يكون من بينها 159 لوحة ملونة فقط.
- ثالثاً: استخدامه لوحات عالمية ومحلية تبرز التراث الشعبى
- لجأ الفنان عبد السلام الشريف إلى استخدام اللوحات التى أتاحها مؤلفو كتبه لإبراز جماليات التراث الشعبى، سواء العالمى منها أو المصرى المحلى، ومن أمثلة ما استخدمه من صور هذا التراث الشعبى العالمى ما قام به فى كتاب `أوفيد.. مسخ الكائنات` للدكتور ثروت عكاشة، حيث عرض مائة وتسع وعشرين من اللوحات لكبار الفنانيين الأوروبيين الذين استوحوا هذا التراث الشعبى الأوروبى، من أمثال: فرانشسكو جويا ونيكولا بوسان، وفرنسسكو ألبانى وأنطونيو كانوفا وغيرهم، وكان الرابط بين كل هذه الإبداعات المستلهمة هو المادة الأسطورية الرومانية والإغريقية الخاصة بتحول الكائنات من صورة لأخرى مخالفة تماماً لصورتها الأصلية فى شعر الشاعر الرومانى القديم أفيدوس الذى ولد قبل الميلاد بنحو سبعة وخمسين سنة.
- وأما اللوحات التى تبرز التراث الشعبى المحلى، فقد استخدمها فى تصميمه وإخراجه صفحة قصيدة فى كتاب `سلوى: الشعر والحب والموت` لصالح جودت، حيث وضع فيها الفنان عبد السلام الشريف لوحة صممها بنفسه، واستلهم فيها `بائع بسكويت الفانيليا` فى الركن الأيمن من اللوحة، فى مقابل ركنها الأيسر، ورسم المذيعة الشاعرة مع ابنتها، وهى تمسك بها فى حنان، بينما الابنة الصغيرة تمسك بطائرة ورقية، تلهو بها فى براءة طفلة أمام البائع نفسه، بعد مرور السنين، وبذا يكون قد عرض الفنان مظهرين من مظاهر المأثور الشعبى المحلى المصرى، الأول: صورة بائع الفانيليا، والآخر: لعب الأطفال بالطائرة الورقية.
- بحثه عن الفنانين الموهوبين
- اهتم الفنان عبد السلام الشريفبعينيه الحساستين الخبيرتين بالبحث عن الفنانين التشكيليين الموهوبين الحقيقيين، فساهم فى الكتابة عنهم، ومن هؤلاء: الفنان على دسوقى الذى كتب عنه من خلال إقامة معرضه بأتيليه القاهرة فى إبريل 1964، فقال: `يتضح لنا فى هذا المعرض مدى استواء مفهوم الفنان على دسوقى لرسالته، واستجابته الفطرية لمنابع فننا الأصيل، لأعماق البيئة المحلية التى يستلهم منها الكوامن الخفية، ثم إيجابيته الواعية فى استيعاب الثقافات المختلفة التى تتصل بفنه وتدعمه، ولكنها لا تدمغه.. !!`.
- وقد خص الفنان عبد السلام الشريف مجلة الفنون الشعبية بمقالين فى الفنون التشكيلية الشعبية والتلقائية، أولهما عن إبداع أطفال الحرانية تحت عنوان `زهرات الحرانية فى متحف اللوفر` بالعدد الثانى فى إبريل عام 1965، وثانيهما عن الفنان التلقائى حسن الشرق بالعدد رقم 23 (إبريل - يونيه 1988) تحت عنوان `حسن عبد الرحمن فلاح من زواية سلطان وبقال ومقاول وفنان`.
- فى الموضوع الأول، أشار الفنان عبد السلام الشريف إلى مناسبة سفر مجموعة من أطفال قرية الحرانية إلى العاصمة الفرنسية باريس لعرض بعض من فنونها فى مجال صناعة السجاد الحائطى فى قاعات الفنون الزخرفية بجناح المعارض بمتحف اللوفر الشهير.
- بمثل هذا الحدث، جاء المحرك للفنان عبد السلام الشريف لكى يذهب إلى ويصا واصف المحرك الرئيسى لعملية النجاح للتعرُّف منه على أسباب هذه الشهرة العالمية لأطفال الحرانية فى أوروبا، فى مجال صناعة السجاد الحائطى.
- أما الموضوع الآخر فكان عن الفنان التلقائى حسن الشرق أو حسن عبد الرحمن، واصفاً إياه بأنه `فلاح من زواية سلطان، وبقال ومقاول وفنان`، وهو عنوان يشير فى حد ذاته إلى أنه بالرغم من تعدد اهتمامات هذا الفنان التلقائى إلا أنه متمسك ومتشبث بالرسم الذى يتصارع فى زحام الحياة مع ضرورة الحصول على لقمة العيش.
- ريادة الفنان عبد السلام الشريف فى مجال التعبير الفنى بأسلوب الخيامية
- عن ريادة الفنان عبد السلام الشريف فى هذا المجال يقول صفوت كمال موضحاً: `حينما توسل عبد السلام الشريف بهذا الأسلوب التقليدى من أشكال التعبير الفنى الشعبى توسل به رغم صعوبته ليؤكد من جديد، ضرورة التواصل الإبداعى بين خبرات المجتمع التقليدية وخبرات الفنان المحدثة. وعلى الرغم من صعوبة العمل بالإبرة والخيط، أمكنه التحكم بكل دقة الفنان فى تحقيق وسيلة جديدة من وسائل التعبير يخرج بها من إطار الأساليب التقليدية الشائعة فى الفنون التشكيلية إلى إطار جديد من أشكال التعبير الفنى، وكأنه يؤكد من جديد خبرة الإنسان المصرى فى أساليب الإبداع الفنى، من نقش وحفر وتصوير ونسيج وسجاد وفخار... إلخ.. ليؤكد المهارة فى التسجيل على القماش بالخيط الدقيق صوراً جديدة من حياة الإنسان.. إبداعاً وموضوعاً.. وهى خبرة فنية، له فيها فضل الريادة الحديثة.. وكذلك فضل الريادة فى استحداثها فى أعمال فنية حديثة`.
- وتاريخ الفنان عبد السلام الشريف مع الخيامية بدأ منذ أواسط ثلاثينيات القرن العشرين، فقد أقام عدة معارض فيما بين عامى 1936 و1942 عرض فيها لوحاته المرسومة بطريقة النسيج المضاف.
- عبد السلام الشريف وفن الإخراج الصحفى
- الإخراج الصحفىLay out وفن، يختص بتحويل المادة المكتوبة إلى مادة مطبوعة قابلة للقراءة تؤدى الغاية التى توخاها المخرج، أو بمعنى آخر يختص الإخراج بتوزيع الوحدات الطباعية Typographic units كالحروف، والعناوين. والنصوص، والأشكال، والصور، والخرائط وترتيبها فى حيز الصفحة، واختيار ألوانها بأسلوب يغرى القارئ بقراءتها، ويلفت انتباهه إلى ما فيها من مواد.
- وقد اكتسب الفنان عبد السلام الشريف خبرة كبيرة، بعد أن تمرس فى مجال الإخراج الصحفى للكثير من إصدارات الصحف والمجلات المصرية، والعربية، والعالمية.
- الصحف والمجلات التى أخرجها إخراجاً فنياً
- شارك الفنان عبد السلام الشريف فى الإخراج الفنى للعديد من الصحف والمجلات المصرية والعربية والعالمية، مثل: مجلة `الرسالة` مع أحمد حسن الزيات منذ صدور عددها الأول فى 18 رمضان عام 1351 ه، الموافق 15 يناير 1933 م، ومجلة `اللطائف المصورة`، و`العروسة`، و`مجلتى`، والأساس`، و`الأسبوع`، ومجلة `الشهر`، ومجلة `التحرير`، وجريدة `الجمهورية`، والجريدة `المسائية`، وجريدة `الأخبار`، وجريدة `المساء`، وجريدة `الشعب`، والجماهير`السورية`، و `التحرير`، ومجلة `المصور`، ومجلة `بناء الوطن`، ومجلة `آراب ريفيو`، ومجلة `بنت النيل`، و`الصرخة`، وجريدة `الإنذار` بالمنيا، و `مصر الفتاة` و `نداء الحرية`، ومجلة `أكاديمية البحث العلمى`، ومجلات دار التعاون، ومجلة `رسالة اليونسكو`، و`مستقبل التربية`، ومجلة `ديوجين`، ومجلة `العلم والمجتمع والعلوم الاجتماعية`، ومجلة `الفنون الشعبية`.
- ملامح إخراجه الفنى فى مجلة الفنون الشعبية
- لقد تحددت الفترة الزمنية للإخراج الفنى للفنان عبد السلام الشريف مجلة `الفنون الشعبية` من خلال المدة التى شملت إصدار 52 عدداً من المجلة، وهى الفترة الزمنية التى امتدت فيما بين الإصدارين التاليين:
- العدد الأول يناير 1965، والعدد الأخير رقم 52 يوليه سبتمبر 1996.
- وعلى الرغم من الثراء الذى يضمه عالم الفولكلور من موضوعات متنوعة ومتعددة إلا أن البداية والنهاية لغلاف المجلة حملاً معاً موضوعين من موضوعات الفنون التشكيلية الشعبية، وهما `دمى العرائس`، و`الزخارف التشكيلية للجسم الزجاجى للشيشة` أو ما يعرف باسم الفارغة.
- نشرة الوثائق فى مجال إخراجه الفنى
- اهتم الفنان عبد السلام الشريف بنشر صور متعددة من وثائق مختلفة، سواء أكانت هذه الوثائق شعبية أم غير شعبية، وذلك وفق مقتضيات الموضوع ومتطلباته، ففى العدد 29 من مجلة `الفنون الشعبية` (أكتوبر - ديسمبر 1989)، نشر الفنان بعض وثائق لإشهادات كانت تكتب وتسلم مع تسليم مصر كسوة الكعبة المشرفة كل عام، مثل إشهاد تسليم الكسوة الشريفة لعام 1380 هجرية، الموافق 1961 ميلادية.
- كما نشر فى المقال ذاته الحجة الشرعية لكسوة الكعبة الشريفة عام 1905 ميلادية فى أربع صفحات كاملة.
- وفى العدد 47 (أبريل - يونيه 1995) من المجلة ذاتها، نشر وثائق فى ثمانى صفحات فى مقال سحر الملك الأندزون، حيث امتزجت الحكاية الشعبية بالاعتقاد فى الحرز نفسه.
- وفى كتاب `أم كلثوم: عصر من الفن للدكتورة`نعمات أحمد فؤاد` نشر الفنان عبد السلام الشريف وثائق ضمت:
1- عقد اتفاق بين والد الفنانة أم كلثوم وأحد أصحاب الليالى فى كفر الشيخ، نظير قيام ابنته بإحياء ليلة وتلاوة القصة النبوية الشريفة مقابل مبلغ 550 قرشاً يوم الخميس الرابع من ذى الحجة عام 1328 هجرية الموافق 19 أغسطس 1920 ميلادية.
2-إيصال استلام الفنانة أم كلثوم شيك بمبلغ عشرين جنيهاً من عضو اتحاد كلية الطب، كمقدم من أصل ثلاثين جنيهاً، وذلك نظير قيامها بإحياء حفلة الكلية، على مسرح حديقة الأزبكية، فى مساء يوم الأحد 12 أبريل 1936.
3- إعلان عن حفلتين لأم كلثوم فى أسبوع واحد، يوم الخميس 4 ديسمبر 1930 ، ويوم الخميس الموافق 11 ديسمبر 1930، والحفلتان على مسرح رمسيس بشارع عماد الدين حيث تغنى فيهما، وتعزف على العود..!!
4- صورة من كارت قديم للسيدة أم كلثوم، بوصفها مقرئة السيرة النبوية، وعليه عنوانها طماى الزهايرة، ومحطة السنبلاوين.
5- صورتان من خطابين قديمين أحدهما بتاريخ 16 يناير 1932 للسيدة أم كلثوم إلى الشيخ زكريا أحمد، مكتوب على ورق مطبوع باسمها.
- عرضه الأشكال التوضيحية
- عرض الفنان عبد السلام الشريفالعديد من الأشكال التوضيحية، سواء فى الكتب أو فى المجلات، ففى كتاب `مشهد الإمام على فى النجف وما به من الهدايا والتحف` للدكتورة سعاد ماهر، عرض عشرين شكلاً توضيحياً، ما بين ملون وأبيض وأسود، وهى لأشكال تبين الطرق الفنية لنسيج النسيج بمشهد الإمام على بالعراق.
- وفى مجلة `اليونسكو`، نشر موضوعاً عن لغة الأيدى بين الصم والبكم، استعان فيه بلوحات توضيحية غير ملونة، تبين بعض مفردات هذه اللغة، فبدا الموضوع كأنه قاموس أو جسر يصل ويقرب بين عالمين بعيدين فيما بينهما.. بين عالم الصم والبكم من ناحية، وعالم الناطقين من ناحية أخرى.
- اختيار خلفية العنوان وإيحاءاته
- عند الفنان عبد السلام الشريف، يتحدد العنوان فى أمرين، هما: الاختيار الفنى للون العنوان ودلالاته، والخلفية التشكيلية له، بما تعطى هذه الخلفية من إيحاءات ذات دلالات محددة مرسلة بإحكام إلى عين الرائى لها.
- ( أ ) الاختيار الفنى للون العنوان ودلالاته
- فى مقال بعنوان `سيدنا الخضر فى الإبداع الثقافى الشعبى` بالعدد 23 من مجلة `الفنون الشعبية`، استقى الفنان عبد السلام الشريف لون الخط من عنوان المقال، فجاء العنوان أخضر.
- وفى العدد 25، أكتوبر ديسمبر 1988، كان لون المقال `الموت فى الفكر الإغريقى` للدكتورة منيرة عبد المنعم كروان متشحاً بالسواد، حيث اتخذ من اللون الأسود المعبر عن الحداد لوناً لخط كلمة (الموت) وجعل حواف خطها الحر خطوطاً مستقيمة، سواء أكانت هذه الخطوط أفقية أم رأسية.
- ( ب ) الخلفية التشكيلية للعنوان وإيحاءاتها
- استخدم الفنان عبد السلام الشريف خلفيات كأرضية زخرفية للعنوان، ولم يغب عنباله مضمون عنوان الموضوع الذى يضع له هذه الخلفية، فحين كان العنوان `الفولكلور ومشكلة الخزف المصرى الحديث` للدكتور هانى جابر فى العدد رقم 23 من مجلة `الفنون الشعبية`، كانت الخلفية إطاراً بنياً على شكل آنية فخارية بداخلها صورة فوتوغرافية لمجموعة أوان فخارية متراصة متجاورة.
- وحين كان العنوان `الخيامية` لطارق صالح فى العدد رقم 23 من المجلة ذاتها، كانت الخلفية إطاراً أخضر اللون على شكل بيرق من البيارق التى يقوم حرفيو الخيامية بعملها، وبداخل رسم البيرق كتابات كتلك التى تكتب على مثل هذه البيارق الخاصة بالطرق الصوفية.
- وحين كان العنوان `هز القحوف فى شرح قصيدة أبى شادوف` عند عرض كتاب طاهر أبى فاشا فى العدد العشرين من المجلة، كانت الخلفية تحمل صفحة ذات طرفين متموجين كما لو كان أحد قد قام بهزهما فعلاً فتماوجا معاً. ولما كان العنوان `احتفالية العزاء` - فى مقال الدكتور مدحت الجيار بالعدد العشرين من مجلة `الفنون الشعبية` - متضمناً التعازى الشعبية الشيعية فى العراق، كانت الخلفية سوداء ممزقة مهترئة، تناسب جو حالة الحزن التى تعتلى وجوه وأجساد المحتفلين بهذه المناسبة الشيعية، فى حين بدت دمعتان كبيرتان متساقطتان من العنوان، فظهر العنوان كما لو كان برقية عزاء تقول: `نشارككم الأحزان`..!!
- وحين كان العنوان `المسرح العربى الشعبى` -بالعدد 34 من مجلة `الفنون الشعبية` -وضع ستاراً حول العنوان، وإن اتخذ الستار شكل الشال أو `التلفيحة` الصعيدية لرجال الصعيد لكى يضفى على العنوان سمة من السمات الشعبية المعروفة. واتخذت خلفية العنوان `السمكة ذات 99 لوناً لمقال كاتب الأطفال عبد التواب يوسف فى العدد 34 من مجلة `الفنون الشعبية` شكل السمكة.
- واتخذت خلفية العنوان `كسوة الكعبة الشريفة` شكل مجسم الكعبة المشرفة باللون الأسود، وذلك فى العدد 29 من مجلة `الفنون الشعبية`، ومتخذاً من شكل `الشرًابات` المدلاة إحلالاً لحرفى الألف فى كلا من الكلمتين `الكعبة` و `الشريفة`، ومحيطاً مجسم الشكل بإطار من اللون الوردى.
- خصائص تنفيذ إخراجه الفنى للكتب وموضوعات المجلات
فى رحلة العطاء الفنى الغزير للفنان عبد السلام الشريف تميز هذا العطاء بعدة خصائص مختلفة، منها: التنوع والثراء فى تصميم البدايات والنهايات، سواء للكتب، أو للموضوعات فى المجلات، وكذلك استخدامه الصور الدالة على الحياة الشعبية فيها.
- أولاً: تصميم البدايات والنهايات للكتب
- بلغ عدد الكتب التى قام الفنان عبد السلام الشريف بإخراجها الفنى نحو مائة وواحد وأربعين كتاباً، وقد اخترنا منها كمجالب للبحث والدراسة كتاب `مسخ الكائنات` metamorphoseon للشاعر الإغريقىأوفيد، ترجمة ثروت عكاشة، وكتب `مساجد مصر` و `مشهد الإمام على بالنجف وما به من الهدايا والتحف` و`البحرية فى مصر الإسلامية` للدكتورة سعاد ماهر، وكتاب `القاهرة فى ألف عام` وكتاب `سلوى: الشعر والحب والموت` لصالح جودت، وكتاب `فى صالون العقاد.. كانت لنا أيام `لأنيس منصور، وكتاب` مذكرات رقيبة سينما` لاعتدل ممتاز.
- تأتى البداية فى كتاب `سلوى: الشعر والحب والموت` على هيئة صفحة وردية اللون لوردة بيضاء وحيدة فى الركن الأيسر منها، وهو أمر يتناسب وجو تناول سيرة حياة مذيعة التليفزيون سلوى حجازى وأشعارها.
- وفى حين جاءت البداية فى كتاب `فى صالون العقاد.. كانت لنا أيام` خالية من أى صورة نرى أن خاتمة الكتاب جاءت جامعة تتضمن 151 صورة من حياة العقاد أو من الحياة العامة، وهو ما نلاحظه فى نهاية كتاب `مساجد مصر`، و`مشهد الإمام على فى النجف`.
- ثانياً: استخدام الصور والرسومات الدالة على الحياة الشعبية
- تتبين لنا هذه الخصيصة فى كتاب القاهرة فى ألف عام حيث نشر صوراً خاصة ببعض الحرف الدالة على طبيعة الحياة الشعبية فى القاهرة: كالفخارانية، وصانعى الخشب الخرط، وعرض نماذج من شبابيك القلل، وراكبى السوارس، ومرقصى الخيل.
- كما تتبين لنا هذه الخصيصة فى كتاب `سلوى: الشعر والحب والموت` حيث رسم لوحتين لبائع `بسكويت الفانيليا`: الأولى له بحجم اللقطة المتوسطة، على خلفية سوداء أمام مبنى هيئة قناة السويس، حيث مياهالقناة والسفن، والثانية له بحجم اللقطة الكلية على خلفية وردية، مظهراً إياه وهو يجر عربته الشعبية بصورته التقليدية المعروفة إلى جوار قصيدة الشاعرة المذيعة الفقيدة، وذلك حين كانت تتذكر طفولتها فى مدينة بورسعيد، ورؤيتها لهذا البائع بعربته الشعبية، وهو يدق صنجاته ليجذب إليه أعين الأطفال لشراء حلواه.
- وكذلك حين رسم فى الكتاب نفسه لوحة للمذيعة مع ابنتها، والابنة تلهو باللعب بالطائرة الورقية فى الهواء كخلفية أخرى لقصيدة الشاعرة المذيعة الفقيدة، واضعاً الطائرة الورقية فى غلالة بيضاء اللون.
- استخدام الشعر فى تصميمه الفنى
- أحب الفنان عبد السلام الشريف الشعر العربى وتذوقه، واستخدم بعض أبياته فى تصميم إحدى مطبوعات النتائج السنوية للبنك الأهلى المصرى، مع صور أربع تعبر عن مصر: الأولى صورة مقاتلين يقفان بجوار مدفع يقاتلان، والثانية صورة أعمدة معبد مصرى قديم من الآثار المصرية القديمة، والثالثة صورة فلاحة مصرية مبتسمة فى الأمام بينما تبدو فى الخلف معالم عمرانية متعددة، والأخيرة صورة لمآذن وقباب. وهذه الصور الأربع تحيط بنجمة ثمانية من الطراز الإسلامى، وفى داخل هذه النجمة لفظ مصر، ويحيط بالنجمة الثمانية من الخارج بيتان من شعر أمير الشعراء أحمد شوقى يقول فيهما:
- يا مصرُ، أنت كنانة الله التى
- لا تُستباحُ، وللكنانة حام
-استقبلى الآمال فى غاياتها
- وتأملى الدنيا بطرفٍ سام
- ويُلاحظ على تصميم هذه المطبوعة استخدام عنصرى التوازن والتماثل فى وضع الصور، وفى كتابة الأبيات الشعرية حول محورين هندسيين: أفقى، ورأسى.
- فى مجال تصميم الشعارات
قام الفنان عبد السلام الشريف بتصميم الشعارات الآتية: البنك الأهلى المصرى، وجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية، ودار الشروق، وكلية الفنون الجميلة، ووكالة أنباء الشرق الأوسط، واتحاد بنوك مصر، ، والدار السعودية للنشر والتوزيع، وإدارة الشئون العامة بوزارة التربية والتعليم، والمؤتمر الأول للشباب الأفريقى الآسيوى أمانكو.
1-تصميمه شعار البنك الأهلى المصرى
- استوحى الفنان عبد السلام الشريف شعار البنك الأهلى من تراثه العريق والذى يمتد لأكثر من مائة عام من مهام البنك المصرفية فى خدمة الاقتصاد المصرى، مستلهماً التراث الفرعونى، حيث يرمز الإطار الخارجى الأخضر إلى البيت كما ترمز نصف الدائرة ذات اللون الذهبى، وأسفلها ثلاثة أعمدة بنفس اللون إلى الأشياء الثمينة والذهب. والشعار فى مجمله يعنى بيت المال، والذهب، وكل الأشياء الثمينة.
2ـ تصميمه شعار جامعة الملك عبد العزيز
يعتمد تصميم الفنان عبد السلام الشريف شعار جامعة الملك عبد العزيز على إكساب التصميم المعنى الرمزى، من خلال الرسم والكلمة فى آن واحد، فمن خلال الرسم نجد أن الشعار يتضمن رسم فنارة تشع بالضوء يميناً ويساراً، أى فى مختلف الاتجاهات كافة، دلالة على إمداد كل الاتجاهات بالنور، فى حين يوجد فى أسفل رسم الفنار كتاب مفتوح به الآية القرآنية الكريمة `اقرأ باسم ربك`.
3ـ تصميمه شعار دار نشر الشروق
- وضع فى مجال الديكور فى تصميمه شعار دار الشروق قرص الشمس فوق الحرف الأخير وهو حرف القاف، ليعطى الاسم معنى الشروق ذاته.
- لقد وصف الناقد الفنى محمد السيد شوشه الفنان عبد السلام الشريف فى عام 1978 فى كتابه `رواد ورائدات السينما المصرية `قائلاً: `هو شاب كله خلق وكله فن، هو قطعة من الفن النقى الخالص، الذى لم يختلط به أى معدن آخر، هذا الشاب قد عرفته عن كثب، لأنه كان يعمل معنا فى (الأهرام) و(مجلتى)، وقد حرنا جميعاً فيه وفى تكييفه، لا يتقيد بزمان أو مكان، ولا يهمه المال، ولا يغريه المجد، ولا يبحث عن الشهرة، ولا يعنيه إن جاع أو شبع، ما دامت روحه مخطوفة فى يد معبوده الفن. هذا هو عبد السلام الشريف الذى لم يقبل العمل فى جريدة ولا مجلة، ولا فى الحكومة، لأنه عمل فيها جميعاً ثم تحرر منها، وانطلق إلى عالم السينما، يرسم ويلعب ويمثل ويجعل من سطح بيت عتيق فى تحت الربع جواً من أجواء بكين عاصمة الصين، ويؤثر أن يحب أو يكره، ويحيا أو يموت فى عالم الخيال`.
- هذه كلمات صادقة تمام الصدق فى وصف الفنان عبد السلام الشريف، وإن كان يعوزها التصويب فى تحديد المكان الذى اختاره لتنفيذ أول أفلامه، فلم يكن المكان هو تحت الربع، وإنما كان سطح عمارة المنتجة المخرجة البطلة أمينة محمد فى شارع الجمهورية..!
- ثم ماذا حدث بعد مضى السنين من الرحيل؟
- بعد كل هذه الرحلة من العطاء.. وبعد كل هذا الثراء فى إبداعات الفنان عبد السلام الشريف نجد أنفسنا مسئولين أمام الله عن ضرورة عدم نسيان فنه وحفظه وكذلك حمايته.
- لقد رحل الفنان عبد السلام الشريف عام 1996، وبالرغم من مرور السنين فمازال اسمه حتى الآن مكتوباً على الصفحة الأولى لمجلة `الفنون الشعبية` كأحد أعمدة البناء الشامخة لها.. عبد الحميد يونس.. عبد السلام الشريف.. صفوت كمال.. إنها لفتة طيبة من أسرة تحرير المجلة يجب ألا تمر دون أن نلفت الانتباه إلى قيمة هذا الفعل فى حد ذاته وأن نلفت الانتباه أيضاً إلى أنه مازال يوجد من يقدر رحلة العطاء للفنان المخلص لفنه ولعطائه عبر مشواره الطويل، على الرغم من كل هذه المسافة الزمنية التى تفصلنا عن لحظة رحيله وخلوده أيضاً..!!
بقلم :إبراهيم حلمى
مجلة : الفنون الشعبية ( العدد 90 ) يناير 2012
النجم الذى لم تدركه الأبصار..عبد السلام الشريف
- ... هو عبد السلام الشريف (86 سنة) أبو فن الاخراج الصحفى لم يحصل على جائزة الدولة التقديرية، بينما نالها رفاق جيله من الرواد، الذين لا يقل عنهم قدرا ان لم يزد درجة منذ الطفولة الباكرة، قبل أن يبلغ الثالثة عشرة من عمره، وهو مندفع بقوة لا يدرى مصدرها، نحو فن الاخراج الصحفى والرسم والتلوين، تساعده على السير فى الطريق عدة مصادفات، كتلك التى تصاحب الموهوبين عادة، كتبها الله لهم فى لوحه المحفوظ، لتشغيل الضوء الأخضر للمضى فى تأدية الرسالة، تصديقا لقول المتصوف منذ القدم: علامة الاذن التيسير..
- لم يقتصر فن الكتاب عنده، على تصميم الغلاف وتنظيم المادة الكتابية كان بفطرته الخلاقة يستكمل تقاليد تمتد جذورها الى العصور الاسلامية، فتصميم الغلافين الأمامى والخلفى، لا يقل أهمية ولا يزيد، عن اختيار القطع أى نسبة الطول والعرض، للتعبير عن المحتوى فبلمحة خاطفة، مع اعتبار القيم الجمالية والفنية، وعوامل لفت النظر والجاذبية، ثم زخرفة الصفحة الأولى أو `تزويقها` على حد المصطلح الإسلامى، ومداخل الفصول والأبواب ونهاياتها، ومقدار الهوامش والفراغات فى أعلى الصفحات وأدناها وفى جوانبها، وتصميم العناوين وحجم الحروف ونوعيتها، وما يكتب باليد وما يجمع بالماكينة، عوامل كثيرة تدخل فى إطار الحس الجمالى والفنى، المناسب لثقافة المجتمع الذى يصدر فيه الكتاب، وكيف يلبى بالشكل احتياجات المضمون واحتياجات الجماهير، والقوى الروحية التى ترغب فى التمتع بالجمال لتتزود بطاقات خفية، تدفعهم الى الاستمرار فى الحياة
- أعاد الشريف الصحوة الى هذا الفن، الذى يعتبر من صميم تراثنا الحضارى، الذى صدرناه للعالم منذ قرابة الألف عام، فوضع اللبنات الأولى للصرح الشامخ، الذى نعاصره لفن الكتاب، عبد السلام الشريف هو المبتكر والرائد، الذى أقام هذا الصرح المعاصر فى مصر والعالم العربى.
- غنى عن الذكر أننا نتحدث عن ثقافتنا المحلية، التى تختلف فى نوعيتها ومرحلة تطورها، عن أى ثقافة أخرى متقدمة فى أوربا أو أمريكا أو روسيا، المطبوعات المصرية قبل عبد السلام الشريف، بما فى ذلك الصحف والمجلات كانت تنقصها اللمسات الفنية والجمالية، التى تشحذ الذهن وتلهب الخيال وتثير المشاعر.
- المطبوعات المصرية قبل قدوم الشريف إلى القاهرة سنة 1929، ليلتحق بمدرسة الفنون الجميلة، كانت كالأرض البور - وفى مقدمتها الصحافة - خالية من الذوق والنظام والجمال، لا تحترم المشاعر الإنسانية بل تؤذيها، لا تلبى احتياجات النهضة الإعلامية والثقافية، التى بدأت تزدهر آنذاك فى مصر، بعد عشر سنوات من ثورة 1919 وعام واحد من اقامة تمثال `نهضة مصر` للمثال العبقرى: محمود مختار (1891-1934) فى أكبر ميادين العاصمة، باكتتاب عام من الجماهير، كاشهار لبدء المسيرة الحضارية، والنهضة التعليمية، والنزوع لاستقبال الأفكار الشابة المتحمسة، التى يحملها الفتى الأسمر، القادم من المنيا عروس الصعيد، معبأ بخبرات حداثية، بالنسبة لحقل الإعلام المصرى، بالرغم من بساطتها اذا قورنت بالثقافات المتقدمة.
- لم تمض سنتان على قدومه إلى أم الدنيا، حتى فتحت له جريدة الأهرام أبوابها، لينشئ قسما لتصميم الإعلانات، مع زميل الدراسة الراحل رشاد منسى وهما مازالا طالبين، بدلا من الشركة الخارجية ما كاد الشريف يبدأ العمل حتى لفت الأنظار بابتكاراته المثيرة فى كل من التصميم والرسم الإيضاحى، والخطوط العربية التى كان يكتبها قبله رجل يهودى اسمه `رحمين كوهين` بصياغة ركيكة مغتربة، وكانت الاعلانات نفسها، مجرد كتابات متفرقة لا تكاد تختلف بأحجامها وخطوطها عن المواد الصحفية الأخرى، بل ان الصحف ذاتها، كانت مجرد أعمدة من الكلمات والجمل الملقاة على الصفحات كيفما أتفق فى أوضاع فوضوية خالية من القيم الإنسانية والإعداد التنظيمى، لذلك كانت الإعلانات التى صممها عبد السلام الشريف، كالطيور الغريبة على صفحات جريدة الأهرام الأمر الذى حدا بصاحبها ومؤسسها `ابراهيم تكلا`، أن يستدعى الشاب الصعيدى ويكلفه بتصميم حروف جديدة، تناسب العناوين الصحفية والموضوعات، وتضفى رونقها على الصحيفة الرائدة.
- هكذا بدأ الشريف حركته الحداثية فى الواحدة والعشرين من عمره من القمة، من أقدم وأعرق وأشهر صحيفة مصرية، كانت منطلقة للصعود الدائم، والتأثير فى جميع المجالات التى تتصل بالفن والحياة: ديكورات السينما، والمعارض المحلية والدولية، وأغلفة الكتب والرسوم الإيضاحية والابتكار فى أشكال الحروف الهجائية فى أثواب تعبيرية.. وتصميم الإعلانات الصغيرة الصحفية، والكبيرة الخاصة بأفلام السينما.. الخ. فضلا على الإبداع الفنى المنزه عن الغرض فى شكل لوحات ملونة بالجواش أو الماء أو الزيت، أو القماش المركب بطريقة الخيامية، التى يقتصر تأثيرها على القوى الروحية للإنسان المصرى الذى كان فى ذلك الزمان، فى أشد الحاجة الى عوامل الدفع التى تعينه على التغير الثقافى الى الأفضل، مع الارتباط بماضيه وتراثه وعدم فقدالاتجاه.
- قصة عبد السلام الشريف مع الرسم والتلوين والإخراج الصحفى، قصة قلما نلتقى بمثلها فى حياتنا اليومية. لكن.. من قال إن حياة الرواد والموهوبين حياة عادية؟ إنها مليئة بالمصادفات السعيدة، التى لولاها ما كتب للبشرية، أن تحقق كل هذا التقدم الحضارى، فالصدفة تلعب دورا حاسما لإبراز الملكات، ووضعها على طريق التنفيذ، لتهيئة المناخ الاجتماعى المناسب، خاصة فى الثقافات المتخلفة، التى تقتل المواهب فى مهدها وتحاربها عن غير قصد إذا أفلتت ولم تصادف من يساندها.
- ولد عبد السلام الشريف سنة 1910، لوالد يتجر بالغلال فى مدينة المنيا، فى حى يسمى الصليبة، ربما لكثرة العائلات المسيحية، التى كانت تعنى بتنشئة أبنائها على التعليم حتى أقصى الدرجات، الأمر الذى أتاح طفل عبد السلام ان يشب فى بيئة خاصة، يتمتع فيها بصداقات على مستوى ثقافى غير عادى، سواء من أبناء المسيحيين، أو أبناء المسلمين مثل عبد المنعم ابن شقيق النحاس باشا عبد العظيم عبد الحق الذى أقرضه بذلة سوداء، يرتديها عندما يقف ليرسم الأمير فاروق، أمام والده الملك فؤاد حين يفتتح مدرسة المنيا الثانوية، هذه البيئة الثقافية هى التى حفزت الطفل عبد السلام، على أن يرفض العمل فى البلدية، بعد حصوله على الشهادة الابتدائية كعادة ذلك الزمان، دفعته الى السعى فى الخفاء للانتظام فى المدرسة الثانوية الجديدة (كان الابتدائى أربع سنوات والثانوى خمس.. ثم الجامعة)، حيث أصدر أول مجلة مدرسية.
- لن نمر مرورا عابرا بمرحلة التعليم الابتدائى فى حياة الرائد الكبير لأنها سنوات حاسمة رسمت الطريق للمستقبل، بدأها فى السابعة من عمره تلميذا فى مدرسة أولية ملحقة بمدرسة المعلمين. يقوم بالتدريس فيها معلمو الغد، كان يحفظ فيها القرآن ويتدرب على تحسين الخطوط - أى كتابة الحروف العربية والكلمات بصياغات منوعة، بينما كان ابناء الحى ورفاق اللعب، يتباهون بتعلم الانجليزية فى مدرسة المنيا الابتدائية الأهلية، الأمر الذى أشعل الغيرة فى صدره، ومازال يلح حتى ألحقته الأسرة مع أقرانه، بعد ثلاث سنوات قضاها فى المدرسة الأولية، وما كادت تفعل حتى بدأ مشوار التألق فى سماء الفن، الذى مازال يصاحب رائدنا الكبير حتى اليوم.
- لم يمض قليل على انتظامه فى المدرسة الجديدة حتى أصبح خطاطا مرموقا، يستكتبه الناظر التماسات المساعدة، التى يرفعها الى وزارة المعارف، والسيد هدى شعراوى راعية الثقافة فى ذلك الحين أما صالح زهير - وكيل المدرسة - الذى كان صحفيا فى نفس الوقت، يصدر جريدة محلية اسمها `البريد` فسرعان ما التقط الطفل الموهوب، واصطحبه للبيت والى المطبعة البدائية التى تشبه عصارة القصب ليكتب عناوين الجريدة ويساعد فى تنسيق صفحاتها، وهو مازال صبيا دون العاشرة! تضافرت المصادفات السعيدة لتهيئة المناخ المناسب للازدهار والعطاء حين تطوع مدرس اللغة النجليزية لمساعدته حتى يلتحق بأقرانه الذين سبقوه إبان انتظامه فى مدرسة المعلمين الأولية.. وبدأ طريق الصحافة بشكل أو بآخر. قبل أن يحصل على الشهادة الابتدائية فى سن الثالثة عشرة.
- الفارق بيننا وبين الثقافات المتقدمة، فى أوربا وأمريكا والاتحاد السوفيتى، أنهم يعملون هناك على توسيع دائرة عامل الصدفة، بأن يتيحوا لأطفال المراحل التعليمية الأولى، مختلف أنواع الأنشطة الإنسانية: الفنية والأدبية والعلمية، والممارسات العلمية البدنية والذهنية، يبذلون جهودا تتكلف الكثير من الأموال، لأنهم يدركون أن الإنسان هو أعظم رأسمال وأقوى استثمار، يذكرون بشرائح السليكون والحسابات الالكترونية المعقدة، إنما أبدعها قلة من العباقرة الموهوبين، لذلك يخضعون أطفال الحضانة والابتدائى، لبطاريات اختبار صممها أكبر علماء النفس تقيس درجة الذكاء والقدرات الخاصة للجميع ثم يعزل الموهوبون لتجرى لهم برامج تربوية معينة، عسى أن يبرز من بينهم اديسون آخر أو نيوتن أو أينشتين أو بلانك أو منكوفسكى أو بنهيمر.. أو `طه حسين` أو `محمود مختار`.
- .. لكن الموهوبين فى المجتمعات المتخلفة ينبغى أن ينتهجوا نهج الطفل عبد السلام، أن يلفتوا الأنظار بقوة ويفرضوا مواهبهم على البيئة والمجتمع المحيط، ويستمدوا الحماية والمساندة من عائلاتهم الموموقة أو أهل الهمة كأستاذ اللغة العربية، الذى سانده فى الالتحاق بالمدرسة الثانوية مجانا، واستعان بمواهبه فى اصدار أول مجلة مدرسية فى مدينة المنيا.
- معظم المؤرخين والنقاد، يمضون قدما فى سرد الانجازات التى حققتها الشخصية التاريخية التى يترجمون لها، وابراز مظاهر التغير الثقافى الذى تحقق على يديها، لكن توجد تفاصيل لها دلالات تجلو بصيرة المجتمع، حين يختلط سلوك الموهوبين من تلاميذ المدارس، بسلوك المشاكسين والمتخلفين، فى مظاهر الضجر والملل والعناد وفرض الإرادة.
- التفاصيل البسيطة التى سنشير اليها فيما بعد، وسبقت نزوح الفتى عبد السلام الى القاهرة سنة 1929، وهجره للدراسة الثانوية التى كان قد بدأها، هى التى شحنته بالخبرات الواسعة والطاقات الدافعة، وأتاحت له إجراء التغير الكبير الذى شمل فنون المطبوعات المصرية والعربية منذ الثلاثينات وحتى يومنا هذا بعد أن كان الكتاب مجرد حروف وكلمات مرصوصة على الصفحات، يضمها غلاف فارغ هزيل، يحمل العنوان واسم المؤلف، فى ثوب فقير متهافت، ويفتقد الايقاع الموسيقى والفراغات المعبرة، والتوزيع المريح للمادة المكتوبة وتنويعات الخطوط، والتكوين المستقر والتماسك المحكم، والشكل الفنى الذى يغرى بالقراءة ويشبع الحاجة الى الجمال، كما أشرنا فى مطلع الحديث.
- .. أقبل الفتى عبد السلام على القاهرة من أعماق الصعيد، طالبا منذ الثلاثينات فى مدرسة الفنون الجميلة، وأستاذا بها منذ الأربعينيات، لكنه فى كل الأحوال رائد مبتكر وفنان مجدد، كأنما يمتلك عصا سحرية، يضفى بها الجمال على كل ما تلمسه من مظاهر الحياة، وخرجت من عباءته أجيال تفرخ أجيالا من المخرجين الصحفيين والمزخرفين والرسامين، يرفعون راية الرائد وينشرون تعاليمه فى مركز الإبداع الفنى فى القاهرة والأقاليم والدول العربية. وأصبح ابداعهم أمشق، يهتدى بها من يستجدون من المخرجين والفنانين، الحديثون منهم لا يدرون أنهم يسبحون فى فلكه الذى رسمه لهم ووضع الإطار منذ أكثر من ستين عاما ومازال يعطى كالنبع المتجدد، وإذا كانت الأجيال الحديث لا تدرى الكثير عن عبد السلام الشريف، فهو قصور فى حركة الإعلام نحاول أن نستدركه فى هذا `البروفيل` أو تلك العجالة عسى أن يستدرك المسئولون ما فاتهم، ويتبينون أن الوقت قد حان، لإهداء الرائد جائزة الدولة التقديرية فى الفنون، ولو أنها - كما قال الكاتب الإنجليزى الشهير برنارد شو حين رفض جائزة نوبل - مثل طوق النجاة الذى يلقى للغريق بعد أن يصل الى الشاطئ.
- كان والد عبد السلام تاجرا، وعاشقا للموسيقى فى نفس الوقت، لديه من أدواتها عود وكمان وشب على انغامها وكثيرا ما كانت لا تغمض عيناه، حتى يمتزج آذان الفجر بأنغام آلات `العريف`، جارهم منشد الكنيسة القريبة الذى يزورهم أحيانا، تبادل مع الوالد حديث الفن وآخر المعزوفات، هكذا شحذت الموسيقى أحاسيس الصبى المرهف، تصديقا لفكرة أفلاطون فيلسوف الإغريقى عن علاقة الموسيقى بالسلوك الطيب، أما فى البيت المقابل، بالحارة الضيقة فى حجرة بالطابق الأرضى، فكان يقع مرسم الفنان الشاب: نجيب أسعد (1903-1988) نجل شيخ الصاغة، كان طالبا فى المعلمين العليا بالقاهرة، عضوا فى جماعة الرسم بالألوان المائية، الذى أصبح من أقطابها فيما بعد، كان الصبى عبد السلام يتسلق كتف أحد أقرانه ويتعلق بنافذة المرسم، يراقب فى دهشة وفضول، الرسام الشاب كلما عاد الى المدينة فى اجازات الصيف.
- اضطر عبد السلام أخيرا الى العمل فى البلدية أمينا لمتحف الآثار بالمنيا ويتردد خلسة على المدرسة الثانوية وما لبث المتحف أن تحول بين يديه الى مركز ثقافى، يؤمه شباب المدرسة الثانوية والأصدقاء، يعزفون الموسيقا ويتطارحون الشعر ويرسمون ويلونون، ويمثلون أحيانا مقطوعات مسرحية، الى أن قرأ اعلانا فى الصحف عن مدرسة الفنون الجميلة بالقاهرة، حتى شد الرحال اليها، وأصبح واحدا من قادة النهضة الثقافية الفنية، وصاحب تصميم `العدد الزيرو` لكثير من الصحف والمجلات التى صدرت فى مصر منذ ذلك الحين.
- مصطلح الريادة يفيد معنى الأولية. وقد كان عبد السلام الشريف الأول فى العديد من ميادين الإبداع الفنى. لكن ريادته شملت نوعية الإبداع أيضا وقيمته، ولو رصدنا كل مجالات ريادته لاستنفدنا ما بقى من سطور عجالتنا، ولو أن صاحب السيرة قصر جهوده على فن واحد، ودق الطبول من حوله وفتح أبواق الصحف العديدة التى عمل بها لحصل على الجائزة التقديرية من زمن بعيد كما فعل غيره، إلا أنه ككل الكبار متواضع شديد الحياء، يقطن على الدوام منعزلا فى فيللا صغيرة بين الحقول فى ربوع الأهرام يرعى تلاميذه وحوارييه، كما يراعى البستانى أندر أزهاره، حتى يتبوءوا مكانهم فى الصدارة، ثم يمضى دون انتظار لكلمة شكر أو عرفان، أما الفن بالنسبة اليه، فأريج يفوح من حديثه وسلوكه أينما تلقاه..
- كان طالبا فى الفنون الجميلة سنة 1933، حين استهوته السينما وأغرته بالهجرة والعمل فى هوليود، لكنه وجد ضالته فى القاهرة، حين شيد ديكورات فيلم تيتا وونج الذى انتجته الراقصة أمينة محمد على سطح منزلها، شيده من نفايات الخيش والخشب المستعمل، وقام بعمل الماكياج للممثلين ولنفسه حين قام بأحد الدوار. ذاع صيته بعد ذلك فى ستوديو مصر، وقام بتنفيذ الديكور للعديد من الأفلام التى ينتجها.
- ما كاد يتخرج سنة 1935، حتى افتتح مكتبا مصريا لتصميم الاعلانات، انتزع به الكرة من ملعب المصممين الأجانب، افتتحه فى مقر حزب الفتاة، وصمم وأخرج مجلة الحزب، واتسع نشاطه الإبداعى فى كل ما يتعلق بالفن والمجتمع. أصبح مخرجا ومستشارا للمجلات والصحف التى يصدرها كبار الكتاب والأدباء مثل: أحمد الصاوى محمد، يحيى حقى.. مصطفى أمين، وبعد عام 1952 أصبح الخبير الذى اعتمد عليه رجال الثورة، فى كل ما يتعلق بالإبداع الفنى، من تصميم الصحف والمجلات الى ديكورات المعارض المحلية والخارجية.. الخ فوضع التصميم الأولى والإخراج لصحف الشعب والجمهورية ومجلات التحرير والثورة وبناء الوطن.. الخ وفى سن الستين استطاع أن يحقق واحدا من أعظم أحلامه وهو: معهد النقد الفنى: بالتعاون مع شيخ مؤرخى الفنون: ثروت عكاشة، حين كان وزيرا للثقافة سنة 1970، وضع عبد السلام الشريف التصميم والإخراج لهذا الصرح الثقافى الفريد فى العالم العربى، أعد برامجه واختار أساتذته وكان أول عميد له، ومن الجدير بالإشارة فى هذه المناسبة أن الشريف، هو صاحب فكرة تدريس مادة التذوق الفنى فى المدارس الثانوية فى الستينيات أما الإبداع الفنى الشخصى الذى يفضله، فهو لوحات القماش المنفذة بطريقة الخيامية، ذات القيمة الجمالية العالية، والمضامين الإنسانية الرفيعة، يفضله على الرسم بألوان الزيت أو الماء لأنه يمكن استنساخه بدقة تضاهى الأصول، فينتشر بين الجماهير العريضة، وهو الهدف الذى ندر الرائد الكبير حياته من أجل تحقيقه ،،،
الناقد ./ مختار العطار
من ( كتاب رواد الفن وطليعة التنوير فى مصر- الجزء الأول )
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث