`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
حسام الدين حسين حسين غربية
الهمس نحتا
- حسام غربية .. صامت .. هادىء .. خلوق .. مبتعد .. وحين رجع الينا .. أو لنا .. تكلمت الموهبة .. فسمعنا العشق الأمين .. وأصوات الحنين .. وطيبة العطاء فى صادق الآداء .. تنطق أعماله كلها بأبوة حانية وأخوة دافقة .. وتعاطف باهر مع الإنسانية كلها .. ففى موضوعات نحته الامومة .. والحب .. والحنان .. والألفة والاسرة .. والانتماء .. مرحبا به فى حديقة الإبداع فرعا فى شجرة الصدق ممتلئا .. بأعشاش لطيور الجمال .

إبراهيم عبد الملاك
مجلة صباح الخير 2001
أعمال المثال حسام بمركز الجزيرة
- الفنان المثال حسام غربية يبزع بفنه الجميل بعد غياب طويل بسبب وجوده فى الخارج حيث كان يعمل فى الكويت وحسام هو أحد العلامات البارزة فى دفعة 1962 من خريجى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وقد زامل فى قسم النحت الفنان المثال فاروق ابراهيم وآمال متولى وفى قسم التصوير الفنانين مكرم حنين ـ جميل شفيق ـ زهران سلامة ـ اسماعيل دياب ـ اللباد ـ عز الدين نجيب ـ عبد الغفار شديد ومصطفى على فاضل الذى استقر به المقام فى مدينة ميت غمر والفنان غازى الخالدى السورى وزميله عدنان انجيله والمصور سمير ثابت الذى استقر بلندن .
- ينتمى الفنان حسام غربية الى دائرة المبدعين الجادين الذين يرتكزون على وضع الانسان كمحور للابداع ومعه الكائنات التى تصادقة فى الحياة ، وهو فنان حساس يهتم بقوة الفورم منذ تخرجه وقد تقدم بمشروع الشهيد كمشروع التخرج فى الكلية وقد نال شهرته كمثال مدقق يصوغ تفاصيله بكل العناية والاحترام وقد برع فى فن البورترية كما نشاهد فى معرضه بمركز الجزيرة للفنون .
- هذا هو المعرض الاول للفنان حسام وهو ليس مثالا فقط ولكنه مصور ايضا وله أعماله فى غاية العمق وهذا ليس غريباً ، نحن امام فنان صاحب قوة ابداعية لايستهان بها ويتضح ذلك عندما نتجول ونتفرس فى تماثيله من كافة الزوايا ولسوف يندهش زوار معرضه من هذه المهارة الفريدة فى معالجة جميع زوايا الرؤية وهو انفراد له قيمته كمثال اصيل .
مكرم حنين
جريدة الاهرام 2001
حسام غربية .. والانعتاق من الجاذبية الارضية
- وفى مركز الجزيرة للفنون اقيم فى أول يونيو معرض النحت للمثال الكبير حسام غربية . وبالرغم من أنه فنان مخضرم راسخ القدم منذ تخرج فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة 1962 ، فإن هذا هو معرضه الاول بالقاهرة ، بعد ان عاش خارج بلده اكثر من ربع قرن ، يعمل بإحدى الدول العربية ، واستطاع خلالها أن يحمى روحه المبدعة من التأكل والذوبان .
- هذا المعرض يرد الاعتبار الى فن النحت بعد أن اجتاحته واكتسحته رياح ما بعد الحداثة وكادت تخرجه من تصنيفات الفن ، حتى بات طرازا رجعيا اشبه بالطربوش .. أو تحول الى مجسمات عشوائية مهجنة بالخامات الوضيعة وسقط المتاع ، والى اشكال مجردة عجفاء ` تتقصع ` فى الفراغ بغير احتشام أو مشاعر انسانية ، لقد غرب الانسان عن كل هذه التشكيلات تحت شعار الحداثة ، فى حمى اللحاق بالاتجاهات ` العالمية ` .
- جاءت منحوتاته لتذكرنا بالبديهيات التى لا يستقيم النحت فى غيابها : الحس الانسانى هو روح الفن ، الطبيعة هى منبع الرؤية ، الكتلة تلد الفراغ والفراغ يلد الكتلة ، والحركة تتولد عن تزاوجهما وجدلهما ، فيما يشتركون جميعا فى ولادة الفكرة ، التى لا يستغنى عنها أى عمل فنى حتى لو كان تجسيدا لشكل مجرد ، أما الابتكار والحداثة فلا يأتيان عن طريق نفى أو تجاهل هذه الاسس المحورية ، بل يأتيان بالقدرة على استخلاص الجديد من عناصر الطبيعة ، بعد تحليلها واعادة صياغتها ، بفكر يتوازى ويتحاور معها ولا يهدمها ويأتيان بتفجير الشحنة التعبيرية داخل الكتلة حتى تمتلك الفراغ وتتلاعب به وتنشىء من خلاله اشكالا وعلاقات بصرية ، ويأتيان ـ أخيرا ـ بإطلاق الخيال والرؤى والرموز من داخل الفنان عبر تجليات الشكل وايقاعه النغمى .
- فوق هذه الاركان قامت تماثيل حسام غربية ، متخايلة أمامنا وملتبسة بين الواقع واللاواقع ، تحترم الجسم البشرى وتتغنى به لكنها لا تقع أسيرة لجماله المثالى حسب المقاييس الاغريقية ، بل تتحرر من القواعد التشريحية وتحتفظ بليونته الانسيابية وبإيقاعاته القوسية ، وتستولد من تشابكات الاذرع والسيقان عبر اوضاع حركة الاجسام المتقابلة أو المتعاكسة أو ` المتشقلبة ` فتحات هوائية وفراغات بينية تصبح بدورها اشكالا سلبية أو نقاط ارتكاز فوقية فى الجزء العلوى للتمثال ، تعمل على انعتاق كتلته من الجاذبية الارضية واطلاقها والتحليق بها فى الفضاء ، محققة للانسان سموا روحانيا يتجاوز المحسوس نحو المطلق .
- وليس مهما بعد ذلك إذا كان موضوع هذه المنحوتات هو أكروبات السيرك أو الاسرة أو الامومة أو الرقص أو حتى الشهيد ، فقد انتقل بنا الفنان ، بذكاء تحليلاته وتحويراته وتفريغاته للكتلة عبر فضاءات مفتوحة ، من اسر الموضوع المحدود الى رحابة المضمون المطلق ، متجاوزا حواجز المدارس والزمان والمكان .
- ولعل هذه السمات جميعا ترشح اعمال حسام غربية للتكبير فى احجام صرحية تقام بالحدائق والميادين ، لتساهم فى ملء الفراغ الرهيب فى حياتنا الذى احتلته البلاليص الفخارية القبيحة على ايدى مقاولى تجميل الميادين والمتربحين من ورائها .
عز الدين نجيب
جريدة الهلال 2001

- فى الوقت الذى أصبح كثير من الفنانين المصريين سماسرة ، لا يرون فى العمل الفنى الا جانبه ` السلعوى ` ولا يرون فى شهرة الفنان الا وسيلة من وسائل الثراء يوجد قليل من الفنانين ينتمون ـ أو بدقة ـ يتمنون الانتساب ـ ولو الى الدرجات الدنيا ـ من فئة الفنانين الانبياء الذين عاشوا حياتهم يكابدون الواناً من العذاب ولم يتنازلوا عن الصدق مع النفس والايمان بثمار الروح المبدعة التى تتجلى فى الفن . وتركوا لغيرهم اثاراً لا تزال حية تعلم وتسعد أجيالاً لا حصر لها من البشر ـ بمن فيهم تجار الفن ـ الذين تطورت أدواتهم بتطور العلوم التطبيقية والتهموا الثروات وحدهم . فمن كان يصدق ـ مثلا ـ أن فناناً مثل ( فان جوخ ) الذى لم يبع فى حياته غير لوحة واحدة بعدة فرنكات فرنسية قديمة تجاوزت احدى لوحاته ثمانين مليوناً من الدولارات الامريكية ! .. إن الفنان واحد واللوحة التى لم تبع فى حياته هى ذاتها التى بيعت بعد موته بهذا الرقم المستفز . الاصلان ثابتان : ` الفنان ولوحته ` انما الذى تغير هو مستجدات الحياة المادية والفكرية التى تراكمت وخلقت بتراكمها حواجز كثيفة بين فنان اليوم / التاجر وفنان الامس / النبى الذى يكرم فى المناسبات ويختفى به فى كتب التاريخ ، أما أن يصبح قدوة تحتذيها الاجيال المعاصرة فأمر لم يعد مرغوبا فيه !
الغياب والحضور
- أقدم الآن ـ لأول مرة ـ لقارىءالعربية مثالاً مصرياً موهوباً غاب عن الاضواء ـ عامداً ـ منذ تخرجه فى قسم النحت بكلية الفنون الجميلة سنة 1962 ، ولتحديد هويته منذ البداية أقول : إنه ليس منتسبا لطائفة الفنانين الأنبياء أو مدعى النبوة وليس منتمياً الى طائفة الفنانين السماسرة فى ذات الوقت . كان ولا يزال عشقه للكتل والحجوم والملامس النحتية اكثر من اى شىء آخر ، ولم يحفل بالمشاركة فى المعارض الا فيما ندر . وقد أدهشنى عزوفه عن ممارسة ما يمارسه غيره من الفنانين من زهو بالذات وبما ينتجونه من انتاج ـ مهما كان متواضعاً كما ادهشنى فى هذا الغياب الاختيارى أن معظم تماثيله صرحيه الايحاء رغم صغر حجمها . ويعترف المثال ` حسام غربية ` بأنه لم يكسب مليماً واحداً من النحت منذ تخرجه سنة 1962 . وكان يكسب عيشه من العمل فى دولة الكويت فى مجال التدريس واخراج المطبوعات . وكان يحلم ببناء محترف ضخم يتفرغ فيه تفرغاً كلياً ، غير أن حرب الخليج حصدت ثروته فاضطر الى قبول الامر الواقع . وعاد الى بيته بالمقطم يمارس النحت فى ركن صغير يزاحمه فيه أبناؤه !
- وعندما التقيت به أخيراً ـ بعد أربعة عقود تقريباً ـ فاجأتنى مفاجأتان : المفاجأة الاولى أن ملامحه لا تزال محتفظة بنضارة طالب الفنون الجميلة . وكانت المفاجأة الثانية هى وجود مجموعة من التماثيل تربو على العشرين ، تضعه ـ بجدارة ـ بين فنانى الصف الاول بمصر . وتثبت تلك التماثيل أن الموهبة الحقيقية لا توقفها عتمة التجاهل . ولحسن حظه أنه لم يتعرض الى ما تعرض له المثال كمال خليفه من فقر مدقع ومرض ساحق واهمال لا مثيل له من صناع القرار الثقافى ونقاد الفن وانقضاض ذئاب السمسرة على ما تبقى من أعماله حيث تباع اليوم أعماله بأسعار ضخمة . ولحسن حظ الموتى أنهم لا يعودون الى الحياة والا مات كمال خليفه بحسرته للمرة الثانية بعد أن قتله الفقر والمرض فى المرة الأولى !
- عندما التقيت بالفنان ` حسام غربية ` بعد هذا العمر اسعدنى ان وجدته هادىء الملامح والسلوك مثلما كان عندما كنا طلبة وكان يسبقنى بدفعة واحدة . وأسعدنى أن الاحداث الجسام التى عصفت بالعالم العربى فى حرب الخليج لم تصب معنوياته بسوء . ولم يفقد ثقته فى جدوى الفن . كان النحت ولا يزال بالنسبة له هو وسيطه التعبيرى المختار .
مشروع التخرج
- اختار ` حسام غربية ` موضوع الشهيد عنواناً لمشروع تخرجه . وكان تمثالاً صرحياً تفوق به على كل أقرانه وكان التمثال ـ على المستوى المباشر ـ ضرورة لا يتخرج الطالب دون أن ينجزها وعلى المستوى غير المباشر كان التمثال استجابة للخطاب السياسى وقتها ، المؤازر لحركات التحرر الوطنى ، أما على المستوى الاستيطيقى فكان التمثال تتويجاً لتأمل حميم فى جماليات النحت المصرى القديم .
- كان ` حسام غربية ` مثل غيره من الطلبة المتميزين ـ مبهوراً بتجربة المثال العظيم ` محمود مختار ` وكان يكفى وقتها أن نقرأ فى مجلة ` صوت الفنان ` التى كنا نقتنيها من سور الازبكية أن ` مختار ` كان يبقى لساعات طويلة أمام لوحات النحت البارز فى الدولة القديمة ليكون هذا حافزاً لتقليده والتفرس فى تفاصيل اللوحات أملاً فى الوصول الى أسرارها الكامنة . وكان ` حسام ` من الذين أدمنوا زيارة المتحف المصرى . وكان يحلم أن يحتل تمثاله ميدانا مثل ميدان الجامعة حيث تتألق فيه الآن رائعة ` مختار ` نهضة مصر .
- يظهر الشهيد / التمثال عملاقاً ، شامخاً ، منتصباً ، متناسلاً من جماليات النحت المصرى ذى الكتل النقية ، الواضحة المعالم ، الخالية من التفاصيل غير الضرورية ، راسخاً ، فى وقفته رسوخ المسلة . وعلى الرغم من أنه يضع كتلة الرأس على الكفين ـ اشارة الى الفداء ـ فلم نشعر باقتلاعها من الجسد لأن فى وضعها استقراراً واعلاءً لقيمتها . إن الفراغ الفاصل والواصل بين الرأس والكتفين يمتلك ايحاءً قوياً بأن خطوط الجسد الرأسية تستطيل وتزيد من عملقة الجسد الذى جمع بين صلابة البناء المعمارى وليونة الخطوط العضوية . لم يبالغ الفنان فى هندسة البناء المعمارى ولم يبالغ ـ فى ذات الوقت ـ فى طراوة الاشكال العضوية . ولأن هذا الشهيد لا يمثل شخصاً بعينه بل يمثل قارة هى قارة أفريقيا فقد أخفى ملامح الوجه . وعلى الرغم من أن هذا التمثال ينتمى الى ` النحت المدارى ` يراه الرائى من كل جانب ، فقد أعطى ` حسام ` لظهر التمثال الاولوية بين كل الزوايا . قد يكون السبب فى هذا هو أن منطقة الظهر قد أعطته فرصة للتحرر من المشابهة بالواقع والتعامل مع النحت باعتباره عمارة تنهض فى الفراغ أو على حد تعبير المثال الكبير عبد الهادى الوشاحى تفرض الكتلة النحتية حضورها باعتقال الفراغ ! .. لهذا أتاحت له تلك الزاوية من التمثال فرصة التحليل والتأليف دون وقوع فى قيد النقل من نموذج واقعى . نفذ هذا التمثال سمة 1962 بارتفاع قدره 200 سم بخامة كان يضطر اليها الطلبة ـ لاسباب اقتصادية ـ وهى خامة الجص .
- وعلى الرغم من السنوات الفاصلة بين تمثال المقدمة ـ أو الشهيد فقد كان لهذا العمل آثاره الأسلوبية فى تماثيله اللاحقة .
- وكان أكثر تلك الآثار سطوعاً هو حرصه على الطابع الصرحى ـ مهما صغر حجم التمثال ـ ونبذ الثرثرة . من آثار تمثال البداية أيضاً استمرار العنصر الانسانى وإن حرف نسبه الواقعية ـ بدرجات بتفاوت يتفاوت الحالات التعبيرية وإن حافظ لهذا التفاوت بقدر واضح من الاعتدال يجعل التشابه التشريحى بالواقع قائماً . ورغم ذلك فهو يحتفظ بذهنية رياضية تتجسد فى تنظيم الحوار بين الثنائيات المختلفة : بين الكتلة والفراغ . بين الفراغ المحيط أو المؤطر للكتلة والفراغ البينى الفاصل والواصل بينها ، وعلى الرغم من تعاطفه مع الحلول الجمالية التى كان يقول بها الفنان القديم فلم يستدرج الى نقل ` النمط المحفوظ ` مثلما يفعل الصناع المهرة ، بل أراد لفنه أن يعبر عن ذات فردية حرة ، مستقلة وموصولة ـ فى آن واحد ـ بعصرها وجذورها الثقافية . لهذا يكتشف المتأمل فى أعماله دعوة ثابتة الى الوئام بين البشر . وتقوم العلاقة بين الرجل والمرأة بدورها الرئيسى فى تجسيد تلك الدعوة ويشارك الاطفال ـ بالطبع ـ فى تلك الدعوة الوئامية تحيطهم الحيوانات والطيور الاليفة ، حتى الطيور سيئة السمعة تظهر فى عالمه رقيقة ، مسالمة ، تشارك فى الدعوة ـ ليس الى النوع الذى تنتمى إليه فقط ـ بل الى الانتماء الى الاصل الثابت ` مصر ` .
السيــرك
- السيرك من الموضوعات التى حظيت باهتمام كثير من فنانى العالم لما به من مادة تعبيرية ثرية ، اغرت البعض بما يظهره من انضباط واحكام يبدو ـ للوهلة الاولى ـ تحديا لقوانين الطبيعية ووجهت البعض الآخر الى ما يشيعه من بهجة فى النفوس وما يظهره من توازن دقيق وتآلف فى الأسرة الجامعة بين الإنسان والحيوان والطير ، والزواحف ، بين ما هو مفترس وما هو مستأنس . وهو انسجام لا نظير له خارج حدود السيرك . ذهب بعض الفنانين مثل بيكاسو الى ما يدور فى الخفاء من حكايات حزينة . واكتفى ` ممدوح عمار ` بموضوعات حزينة لا تدور فى خفاء الكواليس بل فى قلب ساحة العرض . وتألق الفنان ` عبد العزيز درويش ` فى رائعته المسماة ` المهرج الحزين ` ( اللوحة موجودة حالياً بمتحف الفن الحديث ) واكتفى المثال الايطالى ` مارينو مارينى ` بالخيول الجامحة . لم يحفل ` حسام غربيه ` بما يدور فى الكواليس من حكايات ولا بالجو الضاحك الذى يشيعه مهرجو السيرك وانما توقف عند السيرك باعتباره مجالاً لاستعراض ذكاء الانسان وقدرته على تحدى المعتاد من الامور اليزمية وقدرته على الاحتفاظ بتوازن دقيق ، غير أنه لم يتوقف عند حدود التعبير المباشر عن تلك الدقة التى لا تقبل الخطأ والجمال الذى ترسمه الخطوط الهندسية الوهمية فى الفراغ والايقاع الرياضى المنضبط الذى يحكم حركة اللاعبين ، بل اتخذ من كل هذا مثيراً لتأملات ذاتية ، ففى تمثال بعنوان ` لاعبا السيرك ` تتمدد ساقا اللاعب الأول ، تبدوان ملتحمتين فيما يشبه كياناً نباتياً تنبت فى ذوروته كتلة انسانية صغيرة . والكتلتان تبدو ان منسجمتين . وتشكلان بانسجامهما والتحامهما كياناً واحداً يجمع بين ` الفعل ` ورد الفعل . وتتكرر فكرة الالتحام بين كتلتين أو فكرة التمثال ثنائى الكتلة فى تمثال بالغ الرقة بعنوان ` العناق ` يجمع بين رجل وامرأة أنجزه سنة 1996 بمقياس 71 سم × 23 سم ومنفذ بمادة ` البوليستر ` وعلى الرغم من أن الرجل والمرأة ظهرا عاريين فقد حالت المكونات الثقافية والاجتماعية دون افصاح الفنان عن رغبات الجسد الصريحة ، وحتى يموه تلك الحقيقة فقد بالغ فى استطالة الكتلتين . وجعل عناق العاشقين يتم عند الذروة السامقة للتمثال وكأنه عناق فى السماء مبارك منهما . ولم يكتف بتلك المراوغة الذكية بل أعطى الفراغات البينية دوراً ملحوظاً فى التلطيف والانصراف عما هو حسى ومباشر فى فن يسمح بفضول الاصابع المرهفة على النقيض من لوحة الحامل المسطحة التى تسمح بالنظر دون اللمس ! .. ويتكرر الحوار ذاته فى تمثال ` الامومة ` حيث يقوم الفراغ البينى الواصل والفاصل بين كتلة الام التى تفتح ذراعيها وكتلة الطفل المتكىء على كتف الام بدور تمهيدى لهذا الاستقبال الجميل والعناق المتوقع .
الطيــور
- إذا كان ` حسام غربية ` قد أعار للشكل الإنسانى بعضاً من صفات النبات فقد اعار لتماثيله عن الطيور شيئاً من صفات الإنسان ، ففى تمثاله عن البومة لم يحفل بما يدار حولها من حكايات شعبية ، وإنما جسدها فى كتلة تنتمى بنقائها ووضوح معالمها الى الجمالية المصرية القديمة وتنتمى بهيئتها الموحية بالكيان الأنثوى الإنسانى الى ملامح امرأة من ريف مصر . ويصبح المثال شاعراً عندما يجسد طائر الديك ، يبدو الطائر منتصباً ، مشرئب الرفبة ، منفرج المنقار تمهيدا لاطلاق صيحته الغجرية إيذاناً بمولد يوم جديد .
محمود بقشيش

هيستيريا .. الجسد تحت وطأة فكرة التوازن وفكرة ` أكروباتية ` الحياة
- أقام المثال الكبير حسام غربية معرضه الثاني في بداية ابريل الماضي بعد معرضه الأول الخاص الذي اقامه منذ عشر سنوات وفي نفس القاعة بمركز الجزيرة للفنون .. معرضان فقط منذ تخرجه في كلية الفنون عام 1962 على الرغم من فرادة وثراء تجربته علي مدي الخمسين عاما الماضية .. شاهدت معرضه الثاني وادركت كم كان النقد الفنى مقصراً في حق هذا الفنان الكبير . واخترت ان اجعل مقالي هذا حول اعمال الفنان قبل السابقة علي عرضه الحالي لأهمية إدراك المفهوم الفكري والجمالي لأعمال الفنان الكبير خاصة في مرحلته الاكروباتية الأقرب لسيرك الحياة .. والأشد قرباً من ادراك طاقة الجسد وعلاقات أجزائه معاً في تأكيد لجمالياته ذاتها .. هذا الي جانب ادراك فلسفة عمل الجسد بتمديده الي أقصي درجة تجعله على حافة تفصل بين الوجود والعدم ..
- انجز الفنان اعمالا كثيرة تجمع بين جسدين في حركات اكروباتيه في ظاهرها لكنها تكشف عن ميكانيزم عمل الجسدين معا كجسد واحد تتحول فيزيقيته المادية الي شحنه كتحول الكهرباء الي طاقة تجاوز بها حسام غربية بفلسفته الانسانية وجمالياته الشكلية حدود القدرة والجهد .. ليصبح الجسدان امام اعيننا في حالة تحول مع اقل حركة تحت ضغط محيط فضائي كأنهما معزولان يقاومان معا للبقاء رغم الانهاك الجسدي الذي من زاوية اوسع تؤكد كيف اصبح الانسان مادة منهكة نتيجة عنف حركة عصرنا الحالي ..
- ومثلما يتعامل حسام غربية مع الجسد بجرأة وتحد تتآلف بوضوح أعماله والحساسية الجمالية والاحساس الحاد بالشكل .. فهو يهتم بالجسد الكتلة وثنائية اداء الجسد للفعل وردة فعله لدي الطرف الآخر في تبادلية رغبة البقاء بمزيد من المقاومة كصورة لواقع نراه جمالي لكن واقعه هو صراع يومي مؤلم بين لحظة واخري ليظل شخوص منحوتاته في فعل ابدي للحفاظ علي التوازن في فعل يتعادل والفعل السيزيفي الأسطوري في معاناته الابدية .. حتي انه لايبدو امامنا في اعماله لا منتصراً ولا مهزوما رغم انها لعبة حياة وليست حرباً الا انها في باطنها تحمل فكرة المصير وحتمية التوازن من اجل البقاء ..
- ويهتم الفنان غربية للغاية بلغة الجسد التي تتحقق بصرياً حين تبلغ شخوصه اقصي حد لتمديد العضلات المشدودة مكتسبة لنفسها مساحة جديدة في الفضاء ويأتي تحققها كمجسد لكثافة مختصرة فنيا وسيكولوجيا ًومادياً في اقصي قدرات الجسد التعبيرية دون الاهتمام بتفاصيل الوجه الذي دون أن نراه نستشعر كم الانفعالات وكتم الانفاس لتصبح منحوتاته الثنائية مسرحا للتشريح النفسي والمادي ولروعة التواجد علي حافة بين الوجود والعدم في جسدين اصبحا واحدا يؤدي حركات اكروباتية.. لكنها بشكل ما هي صورة من اكروبات الحياة التي قد ندركها مجازا كاكروبات سياسية .. أو إكروبات العلاقات الاجتماعية والعمل .. او اكروبات علاقة المرأة بالرجل .. وصور كثيرة من حياتنا قائمة وتدوم بالاكروباتية التي تربط اكثر من مصير معاً وبحركة هيستيرية واحدة غير محسوبة يتجاوز فيها جسد واحد ذاته يكون السقوط للجسدين .. ونلاحظ تعامل الفنان بذكاء وهذا المفهوم الوجودي أو المصيري في العمل الذي نراه امامنا وقد اعطي كل من الشخصين ظهره للآخر وتماسكا بالأيدي ونلاحظ ان القدم اليسري للشخص الي اليسار قد انزلقت عن الحافة لولا القوة المقاومة من الطرف الآخر وأيضاً لرمزية الدائرة المغلقة التي تكونت من التفاف الجسدين ليبدو التصعيد بادئا ومنتهياً في المكان تبعا للقوة الدافعة والمقاومة التي تتشابك والمكان المستعد لإلتهام شخوصه لو تجاوز احدهما واصاب الفضاء المنغلق بين الجسدين بثغرة ينفذ اليها ما يخل بالمعادلة فيكون السقوط وأيضا هذا المكان هو محبس شخوصه فأي حركة تعني السقوط .. وفي عمل آخر نري شخصين وقد ارتكزا فوق ذراعيهما وانطلقا بجسديهما منفصلين في الفضاء مكونين علاقة ثنائية جمالية للغاية لو تمت ازاحة احدهما لسقطت جمالية التكوين والرمزية الفضائية لذلك التكوين الثنائي المعلق في الفضاء حتي لا يصبح الجسد الثاني معلق في اللاشئ بإنعدام التوازن بعدم وجود الآخر ..
- اعتقد ان الفنان حسام غربية يقدم مفهوما خاصاً به لجماليات الفن ومفاهيمه وأن الفكرة عنده تشكل العمل الفني ورغم الجمالية وألفة الاشكال الا انها تحمل رسالة غامضة وعلي المشاهد تأويل الدلالات وتفسيرها .. وتتميز اعماله بأنها صراعية تحول مجاهدة الاتزان والفضائي والطاقة الداخلية وطاقة قوة الدفع الذاتي والمقاوم الخارجي .. وأيضاً شخوصه متمردة وثائرة ترقص رقصتها الهيستيرية كي تتوازن وسخرية الحياة فتندفع شخوصه جسديا وروحيا نحو الحدود القصوي لتمدد الجسد وطاقته في رغبة اختبار الحياة والي اي مدي وزمن يتحقق التوازن .. هذا التوازن القابل للسقوط وما تثيره من قلق فكرة التوازن في عالم غير متوازن كفكرة عبثية واختبار لقدر الاحتمال تحت هاجس الزمن اللحظي الذي ما بين لحظة واخري قد يأتي بالسقوط .. لذلك اعتقد ان الهاجس الزمني مسيطر علي اعمال الفنان رغم ارتباط الفعل وفي نفس الوقت صعوبة تمييزه بين الصدفة والإرادة لتندمج في اعمال حسام غربية مفهوم البقاء والعدم في ذات اللحظة ..
بقلم : فاطمة
جريدة القاهرة مايو 2012
العمال .. ذراع مصر اليمنى القوى
- هذا العمل النحت ريليفى ( البارز والغائر ) للفنان المثال الكبير حسام غربية بعنوان ` نحاسان ` يطرقان فيه على خامة النحاس يشكلانها .. العمل الفنى له جماليته الفنية وقيمته المعنوية برفع قيمة العمل وتقدير جهد العامل خاصة ونحن فى شهر الاحتفال بالعمل الذى نتمنى أن يدفع بمصر الى الصفوف الأولى حيث مكانها اللائق وأيضا الاحتفال بالعمال وهم ذراع مصر اليمنى .. من جمالية العمل ذلك التقابل التناغمى بين الأكف الثلاث للنحاسين فى تحقيق التوازن والتثبيت للكتلة النحاسية وعيونهما ثابتة على الهدف ثم لتأتى الطرقة قوية محددة هدفها من أعلى بالمطرقة بيد العامل اليمنى .. وكأن منهج العمال فى عملهم فيه تلخيص جميل لمنهج انجاز لمناحى الحياة من تثبيت وتحديد الهدف ثم الطرق عليه بقوة لإنجازه بخطبة محددة واعية لا نهدر بها وقتاً أو جهداً .
بقلم : فاطمة على
جريدة آخر ساعة 9 مايو 2012
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث