`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
وائل كمال وهبى فهمى درويش

- معرض وائل درويش تميز بالشخوص، والتجريد، والشحنة التعبيرية القوية، والازدواجية، والغموض، وطاقة فنية قوية جدا تقتحم كمد البحر، رغم مسحة الألوان الزرقاء الباردة كواقعنا الآنى، هذا هو الإحساس العام للأعمال الزيتية الجديدة المعروضة ؟
- مساحات لونية تتقاطع لتكون شخوص وائل درويش، ظاهرها ليس كباطنها، تشبه ازدواجنا ؟ عندما نظهر ما لا نبطن ، ونغلق على دواخلنا بأغلاق من حديد، أحيانا يصعب علينا نحن أن نفتحها مرة أخرى، ظهرت الأقفال بالفعل فى معظم الأعمال، وفى أكثر من مكان، لكنها تؤدى نفس الوظيفة وهى إحكام الغلق على صفحات حياتنا لإخفاء وجهنا الثانى؟
- من الطبيعى أن يتطور أسلوب وائل ليصل للتجريدية التعبيرية فمن البداية وائل يبحث فى أساسيات العنصر ويلخص التفاصيل، فأصبح يهتم بالعينين فقط التى هى الأخرى ليست سوى مساحة سوداء تبحلق فى العالم من خلال عتمتها، فماذا نشاهد؟! لن نشاهد سوى الواقع الأسود، إنهم شخوص مكتئبة، تبحث عن الجديد والمختلف فلا تجد، رغم تحركاتها بحرية فى اللوحة فى محاولات لرؤية الواقع بزوايا أخرى، لكن الحقيقة أن واقعنا هو الذى يتفرج علينا ويسخر منا ؟
- وائل درويش حقق المعادلة الصعبة والتوازن فى الحوار ما بين أمامية اللوح وخلفيتها من خلال مساحات اللون المختلفة لكنها فى النهاية جاءت مشتركة فى اللون الأزرق وهو البطل فى هذه الأعمال، لأنه أكد حالة الإهمال والتراخى والبرود السائد الآن لأننا فقدنا إحساس الاندهاش والانبهار لتشابه أيامنا وأحداثها .
تغريد الصبان
مجلة روزاليوسف - 2010
وائل درويش أنا وراء اللوحة أينما كانت
- فنان مجتهد وله رؤيته الفنية المميزة والخاصة ، التى كونها من خبرات ذاتية تراكمت عبر تجارب عديدة وبحث دؤوب لاهثا خلف اللوحة أينما كانت، ولقد قادته اللوحة إلى متحف لندافا للفن بمقاطعة لندافا بسلوفينيا والتى تبعد كثيرا عن العاصمة لوبليانا.الفنان التشكيلى المعاصر وائل درويش أول فنان مصرى عربى يشارك بورشة متحف لندافا للفن الخامسة عشرة، وحصل أيضا على الجائزة الأولى للورشة وهى عبارة عن إقامة معرض خاص له بالمتحف فى يوليو 2011 .
* كيف جاءت مشاركتك بورشة متحف لندافا للفن ؟
- ورشة متحف لندافا للفن هى ورشة سنوية يتم الإعلان عنها على موقع المتحف الإليكترونى، وتقدمت إليها بإرسال السيرة الذاتية ونماذج من أعمالى مع 65 فناناً آخر من دول مختلفة، وتم اختيار 10 فنانين فقط، من عدة دول مختلفة، منها أمريكا،أيرلندا، بولندا، تايلاند، صربيا، أمريكا، إنجلترا .
* وما الفكرة التى قامت عليها الورشة ؟
- تقوم فكرة الورشة على التعاون بين الفنانين وهى فكرة جديدة جدا، فكان على كل فنان أن يكون له شريك من الفنانين المشاركين بالورشة تختاره اللجنة كانت شريكتى هى الفنانة السلوفاكية كريستينا ميساروسوفا، ولها أسلوب يختلف عنى تماماً لأنها تقوم بعمل أرضيات ومساحات لونية مختلفة بوسائط مائية، وهو ما كان مفيد جدا لى لأننى كنت أبحث عن شخوصى على أرضياتها، فنجاح الأعمال قام على فكرة التعاون بيننا وليس الناحية الفنية، وهو الهدف الأساسى من الورشة بمعنى كيف تتعامل وتتعاون مع الآخر وهو المختلف عنك فى كل شئ وأيضا لا تعرفه من قبل .
* هل كان الأمر سهلا بالنسة لك من حيث مرونة التوافق بينكما ؟
- الحقيقة كنت أعانى صعوبة الموضوع فى أول 3 أو 4 أيام، لأننى أحب أن أبدأعلى المسطح الأبيض تماما وليس على أرضياتها الملونة، كذلك اختلاف الوسيط بيينا، بالإضافة إلى أن إنجليزيتها ضعيفة إلى حد ما وأنا لا أجيد لغتها لكننا تداركنا هذا سريعا، بدأت أتركها تقوم بعمل مساحاتها وفى لحظة معينة أطلب منها التوقف لأبدأ شخوصى ثم تطلب منى التوقف لتستكمل بعض الأشياء ثم أقوم بعمل اللمسات الأخيرة للعمل،فكانت المسألة متأرجحة فيما بيننا وكان بيننا لغة عالية جدا للتفاهمم والتعاون،فاللوحة كنا نمضى عليها نحن الاثنان معا باسمينا.
*هل معنى ذلك أن حصولكما على الجائزة الأولى جاء لتحقيقكما روح التعاون؟
توجد نقطة مهمة أحب أن أوضحها، مثلما كانت الفكرة جديدة كان أيضا التحكيم جديدا،فيوم التحكيم ودخول اللجنة للقاعة كان هناك أيضا جمهور كبير جدا مشارك فى التحكيم! وهو ما استوقفنى الحقيقة.. فمن الرائع أن يكون لدى الجمهور هذا الوعى والحس الفنى لدرجة المشاركة فى التحكيم، وكان التصويت الأعلى لفريقنا، وسيقام لنا معرض هناك يوليو 2011 القادم بواقع 25 لوحة من أعمالى ومثلهم من أعمال الفنانة كريستين ميساروسوفا السلوفاكية .
* وماذا عن الفنانين الآخرين ؟
- الحقيقة أنهم لم يحققوا مرونة فى التعاون بينهم،فكل منهم كان يعتنز بعمله جدا لذلك لم يكن هناك تكافؤ فى إنتاج العمل الفنى، ولكن الفنانة الأمريكية والأيرلندية كانتا لديهما استعداد عال للتعاون على عكس الفنانة الإنجليزية تماما ،كما أنهم لم يتوقعوا لى الفوز كعربى وكمشارك لأول مرة لكنهم مع الوقت أصبحوا يلتفون حولى وكريستينا ليتابعوا كيف نعمل ويتابعون اللوحات حتى فى غيابنا .
* هل توقعت أن تفوز بالجائزة الأولى ؟
- نعم .. لماذا ؟
- للأسباب التى ذكرتها سابقا أنه لم يكن هناك قدر عال من التعاون وهو ما كان واضحا فى الأعمال وهذا ما رأيته من أول مرة، أيضا أحب أن أقول أن تقييم اللجنة لم يكن فقط للأعمال بل للشخصية أيضا، فاللجنة كانت تتفقد المجموعة من بعد ودون مواعيد مسبقة لتقيم شكل التعامل فيما بين كل ثنائى، أيضا يوم التحكيم كانت هناك بعض الأسئلة العامة كنوع من الدردشة يتم طرحها على كل منا .
- كذلك عملى بتدريس الفن أفادنى كثيرا لأننى كل يوم أقابل 25 مشكلة فنية مطلوب منى حلها، كذلك أعرف متى أتوقف لأترك المساحة لآخر ليعمل بها ويظهر رؤيته الفنية وطاقته والحمد لله على فضله ونعمته بأن أكون أول فنان عربى مصرى يشارك ويحصل على الجائزة الأولى على مستوى الخمسة عشر عاما للورشة .
* كفنان ما الذى أضافته لك ورشة متحف لندافا للفن؟
- أعتقد أننى الفترة القادمة سأبدأ لوحتى بالطريقة المعكوسة التى كنت عليها هناك وهى أن أبدأ من الخلفية وأبنى عليها فيما بعد شخوصى التى سأوجدها على هذه الأرضيات اللونية .
* كيف كان الاستقبال الإعلامى هناك؟
كان ممتازا جدا،فلقد سجلنا ثلاثة لقاءات تليفزيونية وعددا من اللقاءات الصحفية، وأهم سؤال تم طرحه علينا من الجميع هو كيف تم التعاون مع شريكك فى العمل وتجاوزك لكل الاختلافات بينكما.
* ما خطوتك القادمة ؟
- اسمحى لى قبل الإجابة أن أتوجه بالشكر للفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية والفنان فاروق حسنى وزير الثقافة لدعمهما الكامل لى،فحين علمت باختيارى ضمن المشاركين قيل لى إن مصاريف الطيران والتأشيرة سكون على نفقتى الخاصة وهم سيتحملون الإقامة، فتوجهت مباشرة للقطاع وعلى الفور وافق الفنان محسن شعلان على تحمل القطاع لنفقاتى واتصل بالسيد الوزير الذى وافق وقام بطلب سرعة تسهيل مهمتى لأن الوقت كان ضيقا، وسافرت وكانت سفاراتنا بالخارج بقبرص وسلوفينيا ترسل مندوبا لاستقبالى من الطائرة وتسهيل مرورى من صالة كبار الزوار كما أن المستشار السياسى بسفارتنا بسلوفينيا كان يتابعنى تليفونيا طوال إقامتى هناك، وكنت الوحيد الذى تتابعه سفارته فكان الحقيقة مظهرا مشرفا لمصر .
- بالنسبة لخطوتى القادمة هى أننى رئيس الجناح المصرى ببينالى الإكوادور الثالث للفنون المتوارثة وذلك فى 25 سبتمبر القادم، وسيكون الافتتاح أول أكتوبر 2010، سيشارك خمسة فنانين هم : جورج فكرى `تصوير `، باسم عبد الجليل `جرافيك`، ناجى فريد `نحت `، خالد حافظ `فيديو`، وهو بينالى مهم جدا كما أننا ملوك هذا المضمار لثراء ثقافتنا بالفنون المختلفة التى مازلنا نستلهم منها حتى الآن .
- شخوص الفنان وائل درويش كانت أكثر تحررا وتحركا فى المساحات اللونية محدثة حالة من القلق لكثافة شحنتها النفسية، خلقت لديها حركة عشوائية يصعب التنبؤ باتجاهها وكأنها فى حالة من التخبط والانعزالية، كانت هناك لغة حوار حساسة جدا فيما بين الأمامية والخلفية للوحة، وحالة من التفاعل المستمر على مستوى اللون والخطوط وعلاقاتها معا، أيضا الكتل والمساحات فى تقاطعاتها وحالة الترديد فيما بينها والتكامل .
- ` أنا وراء اللوحة أينما كانت ..` هذه هى إجابة الفنان وائل درويش بعد إعلان حصوله على الجائزة حينما سئل هل ممكن أن تقطع كل هذه المسافة مرة أخرى؟
تغريد الصبان
جريدة القاهرة - أغسطس 2010
وائل درويش وأطياف الثورة النابضة
- يأتى معرض الفنان وائل درويش: `الذاكرة الحية ` والمقام فى قاعة سفر خان بالزمالك فى ذكرى أحداث شارع محمد محمود وتطورات ثورة الخامس والعشرين من يناير وميلادها الجديد، ويبحر بنا وائل عبر الذاكرة النابضة.. عن الذاكرة المستمرة فى الخلق والإيلام، يظل بقوة يبث معزوفته التى شبهها بالسوناتا ولا ينفك يذكرنا وينكأ جراحنا ولا ينفك الألم ولا يكف النزيف فالشكل عند وائل هو حلم الخلود والاستمرار وذلك التوق والشغف والولع الأخاذ بتثبيت اللحظة الخلاقة، بتكريسها فى الزمن، تلك (الرسائل الرمزية) التى تنتقل إلينا عبر أنظمة إشارية مختلفة ومتنوعة يأتى بها درويش للعزف فى حضرة الذكرى، والتأمل النشط فى قلب نقطة زمنية فارقة فى تاريخ مصر.
- ففى عمله المسمى `لم أعد أنا` وهو منفذ بألوان أكريليك على القماش، بأبعاد 100 سم يقدم وائل درويش ذلك الكيان البشرى المنقسم لنصفين يتطلع أحدهما نحو الآخر وهو مخترق بسهم صارخ يومض باللهب البرتقالى يصيب الرأس وتميل جانباً من قوة الصدمة والآخر ملقى على الطريق ينبثق منه اللون الأحمر الصاعد يشق فراغ المسطح اللونى ويسمو إلى أعلى ..هاهو الدم يأتى ليغير وجه الأرض من جديد يستخدم وائل تدرجات الأزرق المشوبة بالسواد ليملأ المسطح الخلفى ويحدد الاتجاهات والعلاقات المكانية باستخدام الفرشاة لتخلق أقواساً متتالية وسريعة وتلتقى نقاط انطلاقها من خط متوتر فاصل بين ذلك الكيان البشرى ونفسه التى لم تعد هى، لم يعد هو بعد تلك الصدمة وانفجار الدم، ويبث درويش وحدته المتماسكة بالتكرار المراوى للكتلة البشرية المسيطرة على فضاء اللوحة والمتطلعة نحو العمق وخلق بالتضاد بينهما ثقلاً رأسياً ومحوراً نشطاً تتردد الايقاعات القوسية واللونية على جانبيه، والاتزان التشكيلى هنا يأتى من تماثل الكتلتين فى غير تطابق وفى إيقاع صحو يصحب الحركة المتولدة من عنف التلوين الخطى القوسى وتمزيقه لأكثر من مساحة فى اتجاهين متضادين، وتبدو ألوان الأكريليك والقماش هنا تضج بالتعبير عن حدث جلل يهبط على المخلوقات بوطأة وقدرية مؤلمة .
- إن الشكل لدى الفنان هو طريقة تنظيم المضمون أو وحدته الصغرى وبالتالى فإن الشكل ليس أكثر من مضمون جرى تشييؤه وتحويله إلى مادة ملموسة، أو هو ` البناء الذى يوزع ويجمع ويربط جميع العناصر وأجراء الصور الفنية ` إن ما أقصده بمضمون الشكل أو محتواه أو دلالته هو التأثير، أو القيمة التى يحملها استخدام شكل ما دون شكل آخر فلا يمكن مثلا إغفال الدلالة التى يتضمنها استعمال شكل الجسد البشرى الضخم والكتل المعمارية الهائلة وربما هى فى بعض الأحيان لدى وائل مبان ذات علامات رمزية توحى بالطراز المعمارى السائد فى مبانى وسط القاهرة، حيث كانت وما زالت تتفجر الأحداث، وحيث تحيا الذاكرة التى يبحث عنها ويشكلها أهمية محتوى الشكل عند وائل درويش فى كونه الجانب الدال على مدى ارتباطه بمجتمعه ومدى إدراكه وتمثله للوعى الجمالى لجماعته التى يعيش بينها.إن الشكل متغلغل فى سلوكيات الجماعة، فى تصرفهم فى الحياة ، لأنه جزء من وانعكاس للوعى الجمالى لهذه الجماعة ، وهو كامن فى طرائق ملبسهم مأكلهم وبنائهم لمساكنهم ولشوارعهم ولعباراتهم كما يقول أستاذنا سيد البحراوى .وفى عمله المسمى `هروب عازف البيانو` وهو ألوان أكريليك على قماش ، يخلق وائل درويش تلك الوحدة النسيجية بين ثلاث كتل: الأولى وهى تتصدر لفضاء بصلابة وسيطرة وحجم كبير هى كتلة لأربعة حراس تتضح هذه الصفة من أسلوب الفنان فى تلوين أجسادهم وتحصينهم بدروع وخوذات وعصا من لهب والكتلة الثانية لآلة بيانو يندلع منها اللهب ويكافئ حجم البيانو المشتعل حجم الجنود، ويؤكد هنا الفنان فكرة المواجهة الصارخة والعدوان الغاشم على مصدر الخلق والإبداع الفنى، ثم يؤطر هذه العلاقة التشكيلية بين الكتلتين الباردة الزرقاء المتجهمة المشوبة بالسواد ، والملتهبة الحمراء الصادحة بالوهج والحريق ، يؤطرها بتكتلات صماء لمجسمات تشبه الكتل الخرسانية الصماء، ويترك لنا فى المدى البعيد أفقاً مفتوحة بتشكيلات سماوية مضيئة تتنفس من خلالها لوحته ، تلك التى سماها هروب عازف البيانو، هل حقاً هرب المبدع فى خضم الصدام؟ هل هرب البيانيست وترك المواجهة؟ هل ترك آلته وحيدة فى مواجهة الظلام والجهل والإيذاء وأعطاها اللون الأحمر الملتهب فى يد الجندى ويصنع الفنان اتزاناً بصرياً من سريان اللون الأحمر من كتلة البيانو إلى الأرض عند أقدام قوى الظلام وفى خط فريد وحيد فى أقصى اليسار كما نلمح إيقاعاً هادراً من تكرارات طيفية مرهفة يرددها وائل ببراعة وخفوت، ويقود حركة البصر السابحة بين الكتلتين المتوهجة والباردة، الحية النابضة والجهول الكاسحة ذلك المجرى الذى شقه وائل الذى يقودنا إلى الخلاص فى أعلى اللوحة .
- النتاج الإبداعى هو الصورة المحورية الرمزية للعملية الحركية المتناوبة التى تسرى فى روح الفنان والتى تشمل فى أحد أطوارها تفكيكاً ، يهدف إلى إعادة التنسيق على مستوى أعلى، وذلك من خلال الاستمرار فى تمثل المعلومات الموروثة المكتسبة تمثلاً تدريجياً متصاعداً وهو ما نراه فى العمل الذى نفذه وائل درويش بألوان الأكريليك والذى يعيد فيه تنظيم عالم جديد نابض متحرك به جموع تترى من صوب الشمس، يأتون فى حشود من بعيد ويقتربون حيث يجللهم أصفره الذهبى ويحدوهم هدير الأرض السمراء المتشققة المتحركة التى شققها وائل بضربات فرشات متتالية مستقيمة مائلة أو معتدلة فى تماوج، تمور من فيض الخلق الجديد، ويحكم التناغم بين أجساد القادمين المجللين بالقداسة ذلك الرباط الوثيق الذى يصنعه اللون الأسود بين الكتل وتلك الإضاءة الباهرة التى تولدت من الأصفر الشمسى فى المشهد الجليل، هذا القدوم المقدوس نحونا.. يملك علينا قلوبنا ويشدنا إلى الخشوع، يقتربون.. هم بشر ..هيئات بشرية مجنحة، كلما اقترب الكائن تتكشف تفاصيله الطيرية، له جناحان واتخذت رأسه وأطرافه هيئة الطير، يقتربون فى الموكب الصاخب، يحتشدون وتدمدم الأرض تحتهم ولا يكادون يلمسونها ولا يكادون يرفرفون نحوتا بالأجنحة، يقتربون فينبعث النور من أجسادهم المثقوبة، مليئة بالثقوب، زحام ضجيج ينبعث من اللوحة هذا الصخب الذى صنعه وائل من حركة الفرشاة فى ثلاث مستويات وبإيقاعية خلابة متلاحقة حية متنوعة الاتجاهات، شهب وألسنة الشموس البرتقالية والصفراء والحمراء تتوهج وتقطع الأفق الرمادى بسطوع فذ وعى نشط بلحظة مقدسة، تكثيف فائق لروح الثورة ومعنى الشهيد يقدمه وائل فى تلك اللوحة التى أعطاها اسماً أيقونياً هو ` 18 ` حيث ترك لنا باب التأويل مفتوحاً وينبع الدلالات فياضا ننهل منه كما نشاء وفى لوحته المسماه `الظل الذهبى .. صديقى يتم التحريك والقلقلة للعناصر البشرية المألوفة، وتتناثر المفردات التشكيلية لدى وائل بصورة ثرية وعميقة تبحث فى كل دقائق الفضاء البصرى واللونى ولا تترك للصدفة قيد أنمله، تلك القصدية البديعة التى تقوده بوضوح وإصرار تام على تحقيق المتعة البصرية والتعبير المزلزل والمفهوم حيث الكيانات المكونة للذات المتأملة لدى وائل تسبح فى مدى صاخب مموهه من التناثر وتخضع لعمليات واعية من التكثيف اليقظ لمادة الروح تحت سيطرة موهبته ودربته وفرادته وهكذا تلتقى إبداعات وائل درويش فى مجرى واحد يضم تصويراته وتجهيزاته فى الفراغ وأعمال الفيديو من حيث هى إبداع خالص حر ينطلق من رؤية واضحة وموقف جاد من المجتمع وقضاياه فى تجليات من الإيقاع التشكيلى، والجرعة المكثفة والتنشيط المحرك والتجسيد والمراوغة الطيفية فهى كالحلم عند يونج بديل كشفى وثورى لواقع داخلى وخارجى يتحدى باستقراره وجموده.
د/هبة الهوارى
نهضة مصر- 29/ 11/ 2012
معرض وائل درويش فى القاهرة : خربشات على سطح الذاكرة
- بين المساحات الملونة، خطوط متقاطعة تندرج بينها أجساد هلامية وشفافة، تتزاحم على سطح اللوحة بعفوية ظاهرة. وتلمح بين الحين والآخر مجموعة من الخيوط الذهبية التي تؤطر بعض هذه المساحات، بينما يبرز الأسود القاتم ليحفظ لها استقرارها وهدوءها المصطنعَين.إنها خيوط الذاكرة بكل بهائها وعنفوانها، كما يقول الفنان المصري وائل درويش. فهي تتجسّد في أعماله المعروضة حالياً بعنوان `الذاكرة الحية`، فى قاعة ` سفر خان` فى القاهرة حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
- ويمثل المعرض حالة من الرصد اللوني والتعبيري لأجواء الاستنفار اليومي إزاء ما يحدث في مصر الذاكرة الحية هي الفكرة التي انطلقت منها معظم الأعمال المعروضة، بداية من تلك الوجوه المرسومة على مساحات صغيرة من الورق، إلى الأعمال الأخرى الأكبر حجماً التي تتصدر القاعة. ترصد الأعمال الحالة الشعورية المغلفة بالأمل والإحباط في الوقت ذاته إزاء حالة القلق والضبابية التي تكتنف الساحة السياسية المصرية، وتحاول القفز على الأحداث وتقديم رؤية شكلية مخالفة لما يحدث.
- تتباين المساحات المعروضة بين الأعمال ذات الأحجام الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، لكنها تشترك في هذا الخضم الصاخب من الألوان والخطوط والمساحات، زحام وفوضى عارمة من اللون، حركة لا تهدأ. يحاول درويش إيجاد توازن بينها، فينجح هنا بينما تتفلت العناصر من بين يديه في مكان آخر. تتزاحم العناصر كما تتزاحم على الذاكرة تلك الأحداث المتلاحقة التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين. أحداث تعجز الذاكرة أحياناً عن استيعابها وفهمها، فيحيلها درويش في معرضه إلى مجموعة من الصور البصرية، لتعكس جانباً من الواقع والأحداث التي عايشها يوماً بعد يوم، إذ كان جزءاً منها تأثراً وتفاعل معها.
- هنا وطن يئن تحت وطأة الأحداث المتلاحقة، وعليه كفنان أن يشارك في رصد تلك الحالة. يقول درويش: `عاشت مصر على مدى سنتين تقريباً حالة من عدم الاستقرار والترقب والانفعال المكتوم بعلامات تعجب أو استفهام، إلى درجة أننا فقدنا القدرة على توقّع ما سيحدث، وفقدنا القدرة أيضاً على التحديد`. ويضيف: `شكلت تلك التساؤلات عبئاً على الذاكرة وعلى قدرتنا العقلية على استيعابها أو حتى مجرد تخيل حدوثها. ومن هنا خرجت تلك التجربة الفنية في شكل قالب موسيقي تحققه إيقاعات الموقف الدرامي الذي خرجت مفرداته في شكل بصري يُعالج تأثير نتاج فترة من عدم الثبات وأثرها النفسي في شكل درامي`.
-ويشرح أن `الشخص المرسوم في اللوحات يؤدّي أدواراً لمواقف وأحداث تجمعت شوائبها في النفس وانطبعت آثارها في ذاكرة العمل الفني كنوع من تثبيت الزمن، لتحفيز القدرة على التأمل في خبرات الموقف المنصرم`.
- ويعتبر درويش أن أعماله ` تمثل لحظة خاطفة من خبرات الذاكرة الحية وآثارها المنطبعة على صفحة النفس القادرة على الفعل ومحاولة تفسير رد الفعل بصرياً`. و`هو موقف درامي متكامل تُشكل فيه الموسيقى جانباً حسياً آخر للتلقي بصرياً، لتأكيد الحس الانفعالي والبُعد الدرامي لحركة الشخص في العمل ومؤثرات أخرى مرتبطة بدراما اللون والتكوين.. هو عزف متكامل لسوناتا بصرية متعددة الحركة تشتمل على العرض والتفاعل والختام، تماماً كخبرات انطبعت في الذاكرة، أو هي مجموعة من الانفعالات التي يؤكدها التعبير الانفعالي للوجوه وحركات الجسد وعصبية اللون وخربشاته`. ويختم: `هو نقل حي ومباشر لواقع، لم يعد ما يشغلني فيه هو التسجيل، بقدر الرغبة في درس آثار الحدث على النفس وتأثيره الذي يشبه خربشات على جدار الذاكرة الحية `.
ياسر سلطان
جريدة الحياة - 18/ 11/ 2012
وائل درويش شاهد تشكيلى على الواقع المصرى
- مواطن مصرى شاهد على التصعيد الذى تعيشه مصر فى هذه الفترة الحرجة، إنه أيضا شاهد تشكيلى.. هو الدكتور الفنان وائل درويش، الذى أقيم معرضه للتصوير فى قاعه سفر خان تحت عنوان `الذاكرة الحية` أو كما أطلق عليه درويش: `المعرض هو نقل حى ومباشر لواقع قد حدث بالفعل، فلم يعد ما يشغلنى التسجيل، وإنما دراسة اثأر الحدث على النفس البشرية وهى أشبه بمخربشات على جدار الذاكرة الحية .
- باعتبار أن مشاعر الفنان التشكيلي، ومشاعر المواطن العادى كلاهما نبض واحد، والفرق الوحيد بينهما هو أسلوب التعبير، وان الفنان التشكيلى قادر على التعبير بأدواته الفنية التى يصبغها بأدواته الوجدانية،هكذا جسد الفنان `درويش` بلغته الوجدانية والتشكيلية والتعبيرية والتجريدية مستخدماً الشكل واللون والرموز والمساحات اللونية والخطوط المتقاطعة فى معالجة فنية معاصرة، يتخللها تكوينات بشرية متلاحمة وضبابية شاحبة الملامح هى تعبير عن حالة الضبابية التى تسود الساحة السياسية المصرية.
- البطل الرئيسى ومحور أعمال الفنان هو ` الإنسان` رغم أن الشخوص فى اللوحات بدون ملامح، إلا أن تعبيرية اللون وتجريد التفاصيل أفصح عن حالات انفعالية وتفاعلية ومتناقضات، حاله شجون وهموم، حاله انكسار وانتصار، جعل شخوصه فى تصارع مع ذاتها، مع الواقع، مع المجتمع، مع المجهول، عبر عن هذه الصراعات من خلال مجموعة لونية تراجيديا ودرامية تحيط بشخوصه ونسج خيوط وخطوط حوله، وهذه الخطوط ليست مكملا تشكيليا، هى قيد عنيف صعب إن انفلتت منه تلك الكائنات فى لوحاته، وبالتالى أضاف معنى آخر هو أن شخصياته مقيدة وهذا يعنى عدم التنبؤ بما هو قادم، خضعت لوحاته لنغمة الإيقاع النفسى متمثلاً فى تنقلات اللونية وكأنها حوار له مفردات لغوية.ضربات فرشاته للألوان تأثيرية وعميقة المعانى له أبجدية لونية متفردة أبتعد فيها الفنان عن التدريج اللونى المعتاد، ولم ينشغل بالتعددية اللونية أو بالإضاءة، له حساباته اللونية التى اعتمد فيها على دلالات الألوان الفلسفية والإضاءة الذهنية تنقلات اللونية خضعت للقاءاته اللونية الواضحة والصريحة بين الأحمر النارى المتمرد والثورى لما للون الأحمر من إضاءة مباشرة، والأزرق يجاور الأسود الساكت، أما اللون الرمادى المحايد استخدمه كلغة بلاغية تشكيلية محيرة، هو الرمادى الحائر رغم وجوده بجانب الألوان الساخنة، هذه المعادلة اللونية البصرية التى وقعت بين الأحمر الثورى النارى والرمادى الحائر هى تعبير عن حالة حيرة إنسانية وهى عدم قبول مسلمات الواقع المفروض عليه ومحاولة للتخلص منه أو ربما صمت دون محاولات تذكر، أما اللون البرتقالى تعامل معه على انه منشط بصرياً يمكنه أن يتعايش مع مجموعته اللونية.
- وبحديثى مع الفنان وائل درويش حول أعماله قال: عملى الفنى يدافع عن قضايا إنسانية وأهداف اجتماعية ولكنها لا تخلو أبدا من أنها عمل جمالى يقدم الواقع ممزوجا بأفكارى ووجهة نظرى الشخصية بمعنى أن الفكرة هى أساس العمل الفني، من هذا المنطلق أنشئ التكوين ثم أضع خطة اللون ثم أصنع اتزانات اللون تماما كما تكتب النوتة الموسيقية، ولكننى الوحيد الذى أراها كنوتة موسيقية بسبب أننى المؤلف وكاتب الكلمات ومنتج العمل، وأنا أيضا المصور والمخرج والسينارسيت، أنا كل شيء حتى يصل الأمر إلى أننى أول المشاهدين للعمل، أنا أول الجمهور، إذا لم يعجبنى العمل أو أشعر بعدم ارتياح لن يعجب المشاهدين .. وإذا خرج العمل الفنى من مرسمى أصبح ملكا لكل الناس يستطيعون أن يقولون من آرائهم ما استطاعوا ليس لدى سوى الترقب لجميع انفعالاتهم بالعمل الفنى .
- وأضاف درويش: استخدم التجريد اللونى، أما شخوصى فنصف ظاهرة ونصف مختفية، تماما مثل البشر، من منا ليس لديه جانب مظلم من حياته، جانب تحتويه السرية والخصوصية، جميعنا لديه خصوصية ولدينا حدود فى التعبير عن انفعالاتنا، ولكن فكرة الفن للفن، أعتقد أنها سلاح ذو حدين هى فكرة أو مبدأ يحبه الفن، بسبب أن الفن يحب التحرر دائما من كل القيود ومن الناحية الأخرى فهذه الفكرة تشيع مبدأ تجريد الفن من أى ملابسات فكرية أو فلسفية أو دينية أعنى أيديولوجية وهذا غير مقبول من وجهة نظرى الشخصية، معيار الفن هو القيمة، القيمة هى التى تفرق الجيد من الردى والآنى من الدائم بلا قيمة لا فن وبلا فن تفقد القيمة معناها، وأنا أرى أن الفن للمجتمع عندما يعكس الحالة التى يعيشها هذا المجتمع والمشاكل داخلة بطريقة مهنية ومجدية وهذا ينعكس على كل أشكال الفن الفعال، كما أن الفن يعكس الحالة التى يعيشها المجتمع من ظروف اجتماعية وسياسية وثقافية وغيرها، ويساعد فى تقديمه بكل أشكاله، أما الفن من أجل الفن فيدخلنا إلى منعطفات يكون المجتمع فى غنى عنها.
سوزى شكرى
روزاليوسف - 27/ 11/ 2012
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث