`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
رائف وصفى حنا جرجس
لكل فنان حداثته الخاصة به والتى تميزه وتمليها عليه رؤيته الجمالية.
- الفنان د. ` رائف وصفى ` فى معرضه عام 2004 .
- بداية لعل ما يميز لوحات الطبيب الفنان ` رائف وصفى حنا ` المعروضة بمركز الجزيرة للفنون بالقاهرة، هى أنها تنتمى إلى البيئة المصرية الخالصة، وعندما تشاهد أيضاً لوحاته المكتظة بالكتل المجسمة التى تمثل جسم المرأة المصرية بكل منحنياته واستداراته وفظاظته ورهافته.. تصاب بالصدمة.. لكن بعد زوال الصدمة الأولى بفعل الاعتياد البصرى الوقتى، وتبدأ فى تأمل تلك اللوحات بصورة موضوعية، تكتشف مهارته البالغة فى نقل البيئة المحلية إلى سطح اللوحة بأمانة شديدة لم تمنعه من الإبداع والإضافة والحذف.
- يقول الفنان` د. رائف وصفى... ` صغيراً ـــ دون العاشرة ـــ بدأت أدرك معنى تلك الأنابيب الزاهية التى كانت تتأثر فى كل مكان فى بيتنا.. وذلك القماش المشدود موضوعاً على ( الحامل) ، وهذا الذى يفعله والدى طوال الليل .. إنه يرسم.. فقد كان (التوال) يتحول على يديه من مساحة بيضاء محايدة إلى حياة كاملة تنبض... كنت أرى فى كل هذا معجزة كاملة بكل المقاييس، معجزة تتكرر مع كل لوحة يرسمها، ومن ثم وقعت ـــ نهائياً وإلى الأبد ـــ فى أسر هذا الفن الجميل` .
- والجدير بالذكر أن د.` رائف وصفى` يعمل طبيباً فى القرى المحيطة بمدينة طنطا حيث يقيم، وتضطره ظروف عمله إلى السفر يومياً عبر الطرق الريفية، حيث الفلاحات منحنيات فوق مياه الترع والمصارف لغسل الأوانى والملابس.. وهكذا تولدت لديه ألفة وحميمية تجاه مظهرهن الذى يتغير ليصنع لوحة منفصلة فى كل مرة تتحركن فيها، لذلك نجده رسم الفلاحات لا كما يراهن فقط ، بل كما يشعر بهن أيضاً.
- ويستمر فى حديثه عن الفن التشكيلى فيقول...` شغفت بالفنون التشكيلية ورحت أتابعها ليس فقط فى لوحات أبى وتماثيله ـــ فقد كان نحاتاً بارعاً أيضاً ـــ بل فى كل ما كانت تقع عليه عيناى من رسوم، وأذكر أن أول شئ كنت أفعله عندما استيقظ صباحاً، هو مطالعة مربع الكاريكاتير الشهير الذى كان يرسمه الفنان الراحل ` صلاح جاهين بجريدة الأهرام. وانقضت فترة ليست بالقصيرة قبل أن أتبين أن تلك ( الفراشة) التى تسعى كل يوم فوق المربع لم تكن سوى توقيعه المحبب !!`.
- ويمكن القول أن البيئة التى نشأ فيها الفنان د. رائف وصفى دوراً كبيراً فى تشكيل وجدانه وإبراز موهبته، كما لعب والده دوراً هاماً أيضاً فى هذا الصدد.. وفى هذا يؤكد ` كان أبى رحمه الله يشجعنى، ومازلت احتفظ حتى اليوم برسوم كنت أنجزها فى طفولتى وأبعثرها هنا وهناك، فكان تجمعها ويصنع لها بنفسه الأطر الأنيقة ويضع عليها إسمى والتاريخ ثم يفاجئنى بها قائلاً .. أنظر هانتذا فناناًمثل (بابا).. `.
- ورغم كون والده فناناً معروفاً، فإنه كان طبيباً ناجحاً أيضاً وكان يريد لابنه أن يصبح مثله .. من ثم نشأ داخله صراع بين حب الرسم ومزاولته. وبين الدراسة والمذاكرة للحصول على الدرجات العالية التى تؤهله للالتحاق بكلية الطب، وكان الأب يؤكد باستمرار أن دراسة الطب لن تفقده شيئاً من فنه، فالموهبة يمكن صقلها بالممارسة والدراسة الحرة حتى من خارج كليات الفنون، لأن الموهبة هى أساس كل شئ والباقى يمكن تعويضه.. وكان يضرب لابنه مثلاً بالفن الفرعونى العظيم الذى مازال بعد كل تلك السنين يبهر العالم كله ويحيره، فمدعيه لم يلتحقوا بكلية الفنون بالتأكيد!.. وحتى يحقق أمنية والده فى أن يجمع بين الفن والطب، عانى كثيراً، وفى النهاية نجح فى تحقيق رغبة والده، كل ذلك دون الانقطاع عن ممارسة الرسم وقراءة العديد من الكتب التى تحلل وتشرح كل شئ عن الفن التشكيلى.. تاريخه.. تطور مدارسه.. أساليبه وذلك باللغتين العربية والإنجليزية الأمر الذى أفاده كثيراً.
- وعن الفنانين الذين تأثر بهم يقول د. ` رائف وصفى`.. تأثرت بالعديد من الفنانين.. نعم.. لكن أبداً لم أقلد أحداً. فقد كانت لى من البداية طريقة وأسلوب ومنهج مستقل أخذ يطور نفسه من داخلى ــ لا أقول ذلك تعالياًـــ فأنا غير قادر على التقليد حتى لو أردت ذلك !!.
- وبالإضافة إلى ما سبق يشير إلى أنه كان يتسلى أثناء المحاضرات برسم صور كاريكاتورية لوجوه المحاضرين والزملاء والزميلات، وكانت تلك هى مرحلة الكاريكاتور فى حياته.. واستغرقت تلك المرحلة سنوات الدراسة بطولها، وكانت أعماله على شئ من الجودة ــــ رغم أنه لم يكن قد بدأ مرحلة الاعتراف بعد، فاختارت مجلة ` صباح الخير` بعض أعماله ونشرتها فى صيف عام 1986.. وبعدها بعام حصل على البكالوريوس وتفرغ إلى حد ما لممارسة الرسم، وبدأ أسلوبه يتطور تدريجياً فبدأ يغادر مرحلة الكاريكاتور، ليدخل مرحلة أخرى وهكذا، حتى وصل إلى مرحلته الأسلوبية الحالية.. ويستخدم` د. رائف` أسلوب الرسم بالحبر الشينى (الصينى) والريشة مستخدماً درجات البنى المتفاوتة بين البنى الداكن الذى يكاد يقترب من الأسود، والبنى الباهت الذى يكاد يكون وردياً، فيغمس ريشته فى هذا الوسيط السائل، ليصنع تهشيرات على سطح التكوين، وحسب كثافة تلك التهشيرات.. وبعدها وقربها يتكون الظل والنور وتتبلور الكتلة، ويوضح وجهة نظرة فى ذلك بقوله.. ` قد يختلف أسلوب الفنان من فترة لأخرى ولا أهمية لذلك، المهم أن يكون صادقاً كل مرة، فلا يوجد فنان تجمد إبداعه عند حدود مدرسة فنية بعينها، والفنان الأسبانى` يابلو بيكاسو` خير مثال على ذلك، كما أنه خير مثال على مدى ما يمكن للموهبه أن تحققه حتى بدون دراسة.. لقد تعددت ( المواضيع) التى كنت أتناولها فى رسومى من مرحلة لأخرى، والواقع أن عوامل كثيرة تحكم اختيار الفنان لموضوع معين.. وفى هذا يختلف الفن الحديث عن الفن الكلاسيكى القديم، ففى الفن الحديث تتحكم رؤية الفنان فى الصيانة ومن ثم فى اختيار الموضوع الذى يرغب فى رسمه، أوـــ بعبارة أدق ـــ فى إعادة صياغته، فإذا كان الفنان معجباً مثلاً بالمنحنيات والدوائر.. كانت المرأة هى اختياره، أو بمعنى آخر كانت ( ذريعته) لصياغة تصميمات مبتكرة من تلك المنحيات والدوائر، ولهذا السبب لا أؤمن بمصطلح الحداثة الذى أطلقه بعض النقاد والمثقفين، فلا وجود لشئ محدد ثابت بهذا الاسم، فلكل إنسان ( حداثته) الخاصة التى تمليها عليه رؤيته الجمالية، هى بالقطع تختلف عن تلك الخاصة بفنان آخر، لذلك فإن الفن الحديث يحمل أطيافاً من الرؤى لاحصر لها، تتعدد بتعدد ممارسيه من الفنانين..`.
- ويثور تسأل مهم هو لماذا التركيز على جسد المرأة المصرية فى لوحات الفنان ` رائف وصفى` ، لابد أن هناك عوامل أخرى ـــ غير التى ذكرهاـــ تتحكم أيضاً فى اختيار الفنان لموضوعه.. قد تكون عوامل نفسية مثلاً، أو عوامل بيئية أو غيرها من العوامل ذات التأثير.. وعن هذا التساؤل يجيب الفنان ` رائف وصفى حنا` فيقول.. الفنان هو إنسان له مشاعره وعواطفه الخاصة. وقديماً قال الفنان ` ماتيس` عشقك للشئ إضافة إلى إعجابك التشكيلى به هما الضامنان الوحيدان لصدق التعبير وقوته.. حتى أن ماتيس اختصر ذلك كله فى كلمه passion الإنجليزية، وأقرب ترجمة لها وأصح مرادف فى العربية لها هو الوله والصبابة.. واستمعوا معى إلى صبابة ذلك الشاعر الذى غنى له الفنان محمد منير تلك الابيات الجميلة التى تصف المرأة المصرية: `عودك فى مشيته عامله منحنيات.. عضامك لينة لا تقوى على الثنيات.. ثنيه واثنين ثلاثة.. وأربع خمس ثنيات..`.
- بقى أن نذكر أن د.` رائف وصفى` شارك فى عدد من المعارض منها معرض بمعهد جوته بالإسكندرية عام 1989، وصالون الشباب الرابع بقصر الفنون بدار الأوبرا عام 1992، وحصل فى هذا الصالون على جائزة تشجيعية، كما شارك فى بينالى بورسعيد القومى الثالث، وحصل على الجائزة الأولى.. كما اختارت لجنة المقتنيات إحدى لوحاته منذ عامين لعرضها بمتحف الفن الحديث بدار الأوبرا المصرية.
بقلم : أمنية فهمى
من كتاب : أحوال مصرية 2005
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث