`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
هانى عبد الهادى صالح درويش الأشقر
سيناء لا تزال مصدراً للإلهام .. هانى الأشقر .. عاشق جديد لسيناء
- تعد سيناء من أهم المناطق ذات الطبيعة الخاصة فى مصر، فهى الأرض التى شهدت نزاعاً وحروباً ضارية ومعارك قوية لاستردادها إلى حضن الوطن .وعلى الرغم من أن سيناء قد حظيت باهتمام عالمى على الصعيدين السياسى والجغرافى، فإنها لم تحظ بهذا الاهتمام على الجانب الفنى وخاصة فى مجال الفنون التشكيلية فطبيعة سيناء المصرية منحت الإبداع للفنان الذى عايشها .ذلك الفنان الذى تأثر بقسوة صحرائها وجفافها الذى تتوالد منه الأفكار التى تحرك الإبداع لتولد أجمل اللوحات وأبلغ الرموز.
- فالإنسان بفطرته يولد فناناً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة التى يعيش فيها، يتفاعل معها ويعبر عنها بصورة غير مباشرة فى سلوكياته وانفعالاته وأحاسيسه. ويعتبر الفنان السيناوى `مصطفى بكير` من أهم الفنانين الذين تناولت أعمالهم البيئة المحيطة بهم وخاصة `سيناء ` حيث تفاعل فى أعماله التصويريه مع طبيعة سيناء المكان وعبر عنها وعن بيئتها وعاداتها وشعبها، كما تفاعل أيضاً فى أعماله مع أحداثها السياسية وحروبها وأهمها انتصارات أكتوبر المجيدة، فرسم لوحة `النصر` التى افتتح بها أول معرض لفنان مصرى على أنقاض خط بارليف بمدينة القنطرة شرق، ذلك الخط المانع الذى اعتزت به المؤسسة العسكرية الإسرائلية واعتبرته حصناً مكيناً لا يمكن هدمه، والذى اختار المكان بحس فنى وطنى للتعبير عن بسالة الشعب المصرى والعربى على حد سواء .
- ثم تلا ` بكير` فى عشقه لسيناء الفنان الشاب `هانى الأشقر `، وهو فنان مصرى من أبناء منطقة شمال سيناء، ولد فى مدينة العريش حيث تأثر بالبيئة البدوية والحياة الصحراوية المحيطة به، كما كان لعشقه لقراءة الوثائق دوراً هاماً فى أعماله لما تعكسه من سرد حقيقى للأحداث .
- ولكن تأثر مخزونة البصرى بصورة أكبر بحدود بيئته الجغرافية ذات الطبيعة الخاصة ، حيث يطل بيته على البحر من الجهة الأمامية ، بينما شهدت طفولته لهواً على شاطئ بحر آخر رملى كان يطل عليه منزله من الجهة الخلفية .كما تأثر بالطبيعة العامة لسيناء، والصخور بأنواعها وأشكالها المختلفة والمتنوعة، وجذور النباتات الصحراوية المتشابكة بها، والتى ظهرت فى العديد من أعماله والتى أكسبتها طبيعة فنية شديدة الخصوصية باتت تميزه عن غيره من الفنانين حيث عكف منذ نعومة أظافره يتأمل مدارات الألوان وتداخلات الخطوط لتخرج فى النهاية لوحات يشع منها رائحة البيئة المصرية الأصيلة التى يتناغم فيها التراث الشعبى مع البيئة الصحراوية .
- والجديد فى أعمال `الأشقر` هو أن أغلب من عبر عن سيناء عبر عنها بلغة التصوير بأنواعه المتعددة، سواء كان تصويراً زيتياً أو فوتوغرافيا. ولكن ` الأشقر` سلك طريقاً مختلفاً، حيث كان لدراسته فى قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، التى تخرج فيها عام 1997، تأثير كبير أكسبه تفرداً فى مجاله، حيث عبر عن سيناء من خلال لوحات وأعمال جرافيكية مبتكرة .
وفن `الجرافيك `فى معناه العام هو فن قطع أو حفر أو معالجة الألواح الخشبية أو المعدنية أو أى مادة أخرى بهدف تحقيق أسطح طباعية، والحصول على تأثيرات فنية تشكيلية مختلفة عن طريق طباعتها ونستطيع ببساطة أن نسمى هذا الفن `فن الرسوم المطبوعة ` وهو فن عريق .
- وقد غاص ( الأشقر ) فى أعماق الصحراء وتعرف على طبيعة المجتمع بها محاولاً فك شفرة هذا العالم الغامض الذى يميز طبيعة الصحراء، حيث الجبال الوعرة التى جعلت لسكانها طبيعة خاصة وقوانين وعادات راسخة شكلت أهم المثيرات البصرية لـ `الأشقر `، حيث حاول فى أعماله انتقاء أهم تلك العادات الاجتماعية ومنها طبيعة الأزياء وزخارفها المميزة التى قام بتحويلها إلى معالجات جرافيكية خطية تتناسب مع اتجاهه الفنى، وتتناسب أيضا مع طبيعة المفردات البصرية المستخدمة فى البيئة السيناوية مثل الملابس ذات الملامس والتطريزات الخاصة التى تجمع بين البساطة فى التصميم والتعقيد فى التنفيذ .كما مزج فى أعماله الجرافيكية بين العادات الاجتماعية والطبيعة الجغرافية للمكان، حيث ظهر فى أعماله النخيل والرمال والحياة الجافة . وقد اختار تنفيذ أعماله بطريقة الحفر الحمضى على الزنك بتقنيات متعددة، منها الحفر الخطى `Etching ` والحبر الشينى والسكر ، كما استخدم فى أعماله أيضاً تقنية الألوان المائية والمطبوعة باللونين الأبيض والأسود على ورق .
- وقد انعكست تلك الخبرات على لوحته ` الزمن`، التى تظهر الشخصية المحورية بها امرأة سيناوية عجوزاً وقد حفر الزمن خطوطه على ملامحها، فباتت تشبه الخطوط التى يحفرها الزمن فى الصخور، فجمع فى تلك الملامح ذات الخطوط المتكاثفة والمتقاطعة بين قسوة الحياة الجافة وطول الانتظار للنصر والتحرر من قيد الأعداء والرغبة فى الاستقرار ولو كانت على أعتاب نهاية العمر ، بينما ترتسم قسمات الحزن على ملامحها التى تعكس أيضاً الحزن على الشهداء الذين رودت دماؤهم تلك الصحراء، بينما أبدع `الأشقر ` فى معالجة الخلفية التى ظهرت على شكل قطع من الصخور التى باتت لينة الحواف تعاطفاً مع حال الجدة العجوز، بينما لم يفت الفنان التأكيد على تمسك نساء سيناء، على اختلاف أعمارهم، بالملابس التقليدية ذات العقود والزخارف ورباط الرأس المزركش أيضاً .
كما تعمق `الأشقر ` فى طبيعة الحياة السيناوية واجتهد فى رصد احتفالاتها ومنها الاحتفال بقدوم الطفل الجديد ( السبوع ) ، و التى استخدم فيها الخطوط المنحنية اللينة والزخارف المختلفة المستمدة من التراث الشعبى السيناوى، والتى قام بتوزيعها فى خلفية اللوحة مقاس ( 50 × 35 سم ) فبدت تعج بالحياة . وقد أبدع الفنان فى توظيف الزخارف بصورة تناسب طبيعة الخامة وتساهم فى ترابط العمل وتماسكه، بينما أبرز أيضاً طبيعة وعمارة وزخارف البيوت فى سيناء .
- وقد تكرر اهتمامه بالتركيز على الزخارف التى تميز منطقة سيناء عن غيرها من المناطق فى لوحة `العرس ` التى أظهر فيها تعاقب الأجيال والتناقض بين ملامح الشباب والشيوخ ، حيث ظهرت العروس الشابة تجاور الجدة العجوز التى تلقنها أسرار الحياة الجديدة المقدمة عليها، بينما تابع الفنان مهمته فى إبراز خطوط الأزياء والزخارف المميزة لسيناء فى حرفية شديدة .
- ومن الواضح فى أعمال `الأشقر ` أنه قد مر بتجارب كثيرة فى حياته وتعرض لمواقف متنوعة ، فتحركت فى داخله خبرات سابقة ترتبط بانفعالاته.
- وقد ظهر ذلك فى لوحة `الطفل حسن ` ذلك الطفل الذى ينظر ببراءة إلى العالم الذى يحيط به محاولاً تأمل ما به من جفاف وصخور وجريد نخيل .وقد مزج الأشقر من خلال ذلك التكوين وتلك المفردات بين ليونة ملامح الطفل وخشونة الصحراء الجافة التى عبر عن جزء منها باستدارات تتناسب مع استدارات وجه الطفل، وكأنها بدأت تحنو إليه وتحاول احتضانه لتزيل الرهبة والخوف من قلبه وتشعره أنه ابن تلك الطبيعة .وعلى الرغم من قسوة وقوة الخطوط المتشابكة التى ظهرت فى الخلفية والجزء الأسفل من اللوحة، فإن الفنان أبدع فى إظهار الظلال والنور مع ترك مساحة مناسبة له فى الخلفية رمزاً لسطوع نور المستقبل مما أظهر جودة التصميم .
- بينما يظهر الطفل حسن فى لوحة أخرى وقد بدت على ملامحه مشاعر الخوف من شظف الحياة فى الصحراء وعدم الأمان والتهديد المستمر من الفواصل الحدودية مع سيناء .وقد استخدم `الأشقر ` وحدات من زخارف البرقع السيناوى فى أرضية العمل كرمز للتمسك بالأرض وكأسلوب لهدهدة الطفل نفسياً بين أحضان أمه ابنه تلك الحياة ومن الملاحظ فى أعمال `الأشقر ` قدرته الفريدة على إيجاد حلول مبتكرة لخلفيات أعماله تعكس إيمانه بقضية الهوية وولعة بتأكيدها وإبراز الهوية المصرية السيناوية فى أعماله، وكذلك اهتمامه باختيار الموضوعات المستمدة من واقع المجتمع السيناوى الذى نشأ فيه وتشبع بعاداته وتقاليده مما جعل من لوحاته مرجعاً هاماً يوازى المراجع التوثيقية عن سيناء غير أنها تتفوق عليها بالابتكار والإحساس بروح المجتمع ونبضه وعاداته وتقاليده .
- أما المعالجات الجرافيكية لموضوعاته، فتتميز بالحبكة والاتزان والتكثيف والترابط معاً، فالخطوط بأنواعها المختلفة والمتنوعة المنكسرة والمنحنية والمتشابكة تجد مكانها بسهولة وتمكن داخل لوحاته، وكذلك الخلفيات التى تتنوع بين الخطوط المتشابكة والزخارف اللينة التى تندمج مع العمل ذاته وتعبر عنه بصورة تجعل الانفصال بينهما مستحيلاً .فالتعبيرات لديه تتنوع بين المباشر المنطقى وغير المباشر الرمزى .أما أكثر ما يميزه فنياً، فهو اختياره لمقاسات تعد كبيرة بالنسبة للتقنيات المستخدمة فيها ، والتى تتوازى مع كثرة التفاصيل ودقتها .وكذلك يظهر فى أعماله الحرص على تأكيد الظل والنور داخل لوحاته حيث عبر عنهما بقوة من خلال تكثيف الخطوط وترك مساحات فارغة للضوء .
أما الجديد الذى يحسب لـ `هانى الأشقر ` فهو استخدامه خامة وأسلوب جديدين لم يستخدما من قبل فى معالجة موضوعات خاصة بمنطقة سيناء تحديداً .- فالجرافيك فن شاق فى تنفيذه يحتاج إلى حرفية ومهارة عالية وتكثيف للموضوعات. لذا أرجو توجيه الاهتمام إلى فنانى سيناء وعقد مسابقات وورش عمل من قبل قصور الثقافة لاكتشاف مواهب مصرية سيناوية شابة لديها أفكار جديدة تستطيع من خلالها إطلاع الشباب على فنون لها عبق خاص تؤرخ لبقعة غالية على قلوب المصريين .
د .فينوس فؤاد
مجلة الخيال : العدد الثالث والثلاثون - ديسمبر 2012
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث