`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
سعيد حامد الصدر
ساحر الأوانى وآخر العمالقة .. سعيد الصدر ( 1909 - 1986 )
- فى فجر الاثنين السادس عشر من شهر يونيه 1986 توقف رائد فن الآنية وتكنولوجيا الخزف عن العطاء. توقف سعيد حامد الصدر ساحر الأوانى وآخر العمالقة ورفيق المسيرة الثقافية الكبرى التى كان طليعتها المثال محمود مختار، والرسامون الملونون محمود سعيد ومحمد ناجى ويوسف كامل وراغب عياد وأحمد صبرى. تضافر المصورون الخمسة فى تطوير فن الرسم الملون ووضعوه فى مكانته المتحفية، بينما انفرد محمود مختار ببعث فن التمثال وقبل رحيله سنة 1934 بثلاث سنوات، تحمل الصدر وحده فن الآنية، بعد موات دام نيفا وأربعة قرون (1517-1931) منذ وطأت أقدام الغزاة العثمانيين أرض الكنانة تحملها ليل نهار وعام بعد عام، حتى وصلت الآنية الجمالية المصرية الحديثة إلى مكانتها الرفيعة وفازت بالجائزة الأولى والميدالية الذهبية على أوانى دول العالم مرتين: الأولى فى مدينة كان بفرنسا سنة 1956، والثانية فى مدينة براغ - عاصمة تشيكوسلوفاكيا - سابقا سنة 1962.
- إذا كانت مسيرة العمالقة قد سبقته بعقد أو اثنين، فهو فى صفحات التاريخ يقف كتفا بكتف مع المثال محمود مختار من حيث إن كلا منهما رائد، بعث فنا تقليديا أصيلا من صميم تراثنا الثقافى، بعد ستار التخلف الذى أسدله تاريخ الاحتلال الأجنبى، ومصادرة الفكر الإبداعى. أحيا مختار فن التمثال بعد عودته من باريس فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، وأقام الصدر فن الآنية الخزفية الجمالية بعد عودته من لندن سنة 1931. لم تكن المحاولات التى سبقته فى نهاية القرن التاسع عشر على يد الايطالى سورناجا، وفى مطلع القرن العشرين بإشراف: هدى شعراوى - راعية الفن والفنانين - سوى ارهاصات سداها ولحمتها النجارة والصناعة. أم فن الآنية الخزفية المنزهة عن الغرض النفعى، والذى ظهر منذ ألف عام فى العالم العربى فى العصر العباسى فى بغداد، فلم يعد إلى الشرق الأوسط بعد الغزو العثمانى، إلا فى ابداع الرائد الراحل: سعيد الصدر، الذى لن ينسى التاريخ أنه عاد من بعثته فى لندن فتى فى الثانية والعشرين من عمره ليعد اشعال افران الخزف التى أخمدها السلطان سليم الأول، وينفخ الحياة فى المناضد الدوارة وينشىء قسم الخزف فى كلية الفنون التطبيقية، وسيبقى فكره وابداعه واثره واضافاته الى الثقافات المصرية والعربية والعالمية.
- تعلم على يديه فنانو الآنية والخزافون فى مصر، ومضوا ينشرون البهجة والمتعة الفنية والجمال الشرقى فى مصر والعالم العربى، ويطبعون فن الآنية فى بلادنا بالنكهة المحلية، لكن عظمة الصدر الحقيقية تكمن فى عبقريته وهى سمة عقلية إنسانية فى درجة أرفع من الموهبة وتختلف عنها نوعيا ولا تتوفر لإنسان إلا كل بضعة أجيال، والمناسبتان اللتان فاز فيهما عالميا بالجائزة الاولى والميدالية الذهبية فى مدينتى كان وبراغ، أقامتهما الجمعية الدولية للخزف ومقرها مدينة جينيف عاصمة سويسرا التى تنظم هذا المعرض سنويا. يشترك فيه قرابة المائة والعشرين دولة بينهما أمريكا وروسيا وانجلترا وفرنسا والمانيا وايطاليا. فازت أوانى الصدر فى كلتى المناسبتين على جميع المعروضات التى تزيد على ثمانين الف قطعة. ومازالت روائعه محفوظة فى متاحف كبريات الدول. كما وضعت عن حياته وأعماله المؤلفات فى كل بريطانيا واستراليا ونشرت مؤسسة روزاليوسف فى مصر فى سلسلة الكتاب الذهبى: عدد يناير 1979 كتابا بعنوان: ساحر الأوانى الفنان سعيد الصدر لكاتب هذه السطور. وفى شهر ابريل من نفس العام، أهدته الدولة الجائزة التقديرية، اعترافا بفضله وريادته وانجازاته ودوره التاريخى.
- فى منزله الذى كان يعيش فيه فى حى الدقى بالقاهرة، احتفظ بنخبة نادرة من أندر روائعه، فى حجرة أعدها على هيئة متحف، يضم قسما خاصا ليومياته ومذكراته، التى سجل فيها اكتشافاته وتجاربه التكنيكية والمعادلات الكيماوية، وابحاثه الهامة غير المسبوقة فى مجال البريق المعدنى، وتصميماته المبتكرة للأفران المناسبة لمختلف نوعيات الإبداع، وكيف يتحكم فى مسارات النيران حتى يحصل على النتائج المذهلة، التى يحتفظ متحف الفن المصرى الحديث ببعض منها إضافة إلى كراسات تضم أفكار وفلسفته الجمالية، ومعالجاته للإبهار الخزفى الإسلامى، الذى بدأ فى القرن التاسع الميلادى فى مدينة `سر من رأى` حاضرة العباسيين الجديدة وفى بلاد الأندلس أضاف إلى هذه وتلك أفاقا حديثة للبريق المعدنى، من بينها وضع اللستر على خلفية فيروزى أو الخلفية السوداء التى اكتشفها فى السنوات الأخيرة من حياته الحافلة بالخلق والتجريب والابداع حتى آخر أيامه.
- فى عام 1984 أهدى تحفة من طراز الخلفية السوداء، إلى متحف غرناطة الأسبانى لفن الآنية، عند تأسيسه حينذاك كتب له مدير المتاحف الأسبانية رسالة فى تلك المناسبة تعتبر نموذجا فريدا فى تقييم العالم لإبداع الصدر.
- المذكرات واليوميات والمخطوطات العديدة المتناثرة التى تحتفظ بها أسرة الراحل العظيم فى بيته بالدقى ومشغله بالفسطاط أهمية لا تقل أهمية عن روائعه من الأوانى والصحون والسلاطين والترابيع الخزفية المصورة، التى تعتبر قمما عالية، ينبغى لفنانى العالم أن يعكفوا على دراسة أساليبها وتحليل معاييرها الاستطيقية التى وضعها الرائد الكبير. وعلى المجتمع الإنسانى أن يتذرع بالصبر الجميل، حتى يظهر عبقرى آخر يضيف جديدا إلى فن الآنية، ويكتشف المزيد من أساليب الإبداع الخزفى الإسلامى.
- سبعة مراجع وضعها ساحر الأوانى عن تكنولوجيا الخزف وفن الآنية. آخرها كتاب بعنوان مائة سؤال وجواب. ومازالت أدراج مكتبه بمنزله بالدقى عامرة بالكثير من المخطوطات المؤلفة والمترجمة عن الانجليزية كما تحتفظ ادارة العلاقات الثقافية بوزارة الثقافة بمؤلف تحت الطبع بعنوان: `الخزف فى الشرق الأوسط` سيترجم إلى اللغة الانجليزية لتوزيعه على مراكزنا الثقافية فى الخارج.
- كان الصدر ينشر العلم والجمال من حوله أينما ذهب ولم يبخل بشىء على تلاميذه وحوارييه. لكنه لم يستطع أن يمنح أحدا العبقرية التى لا يهبها الا الله. ان المعرفة وحدها لا تكفى لامتلاك ناصية الابداع، مهما أنعم الله على الفنان من موهبة. إذ عليه أن يتأسى بحياة الصدر. وكيف خاض طريق الآلام ووصل الليل بالنهار. حتى اكتسب المهارات الضرورية وسيطر على أدواته من خامات وأفران والقرص الدوار الذى بدونه لا تكون الأوانى. وقد علم الصدر منذ وضع قدميه على الجزر البريطانية سنة 1929 - أنه يجب أن يتدرب عليه يوميا، كما يتدرب الموسيقيون على آلاتهم والشعراء والأدباء على وسائل ابداعهم.
- كان حين يجلس إلى القرص الدوَار - أو الحجر كما يسميه أهل الصنعة - كأنه عوَاد يحتضن أوتاره ويذوب معها بكل خياله وكيانه العصبى والنفسى والوجدانى. لو أننا تأملنا يديه وهما تشكلان كتلة الصلصال، لآمنا إيمان الرؤية بأن الإنسان خلق من طين. فالصلصال يتحول بين راحتيه وأصابعه، إلى كائن حى ينبض ويتحرك ويتشكل ويوشك أن ينطق. ولو رقبنا قدميه تدفعان القرص الأسفل فى توافق مثير مع اليدين لرأينا معزوفة موسيقية وأدركنا أن الموسيقا فن يرى كان يردد دائما أن فنان الآنية بعد أن يتحلَى بنعمة الموهبة، عليه أن يحصَل العلم ويجرى التجارب ويدوَن القراءات ويسجَل الملاحظات ويراقب النيران ويدرس هندسة الافران، وأنواع الطينات والألوان ومختلف الأساليب التراثية: المحلية والعالمية، ويهب حياته للفن الذى كتب عليه أن يخوض بحاره.
- هكذا ضرب المثل منذ أرسلته الدولة فى بعثته إلى لندن طوال أربع سنوات أنهاها فى ثلاث فقط. كان خلالها يستورد الطين الاسوانى من مصر حتى يعمل فى خامات بلاده، ويتعرف على إمكاناتها وخصائصها. كلما أنهى تجربة أرسل نتائجها من لندن إلى مصلحة الكيمياء بالقاهرة لتضع عنها تقريراً فنياً يسترشد به فى تجاربه التالية. وحين ألحوا عليه فى لندن أن يمد إقامته سنة رابعة، رفض وآثر أن يعود أدراجه إلى أرض الوطن ليبدأ البحث العظيم، ويشعل النور فى عالم الآنية الفنية الجمالية المنزهة عن الغرض. وما لبثت تعاليمه أن ذاعت فى ربوع العالم العربى، وتحول إلى فن متاحف ومعارض محلية ودولية بعد أن كان مجرد استنساخ للقوالب الفرنسية، أو النقل الرخيص للزخارف العربية البسيطة فى مصنع سورناجا، أو مصنع الهدى فيما بعد، الذى كان يكتفى بزخرفة أوانى الفخار التى يجلبها من المصنع اليونانى المجاور فى حى روض الفرج.
- كان الصدر ضمن اللجنة التى قررت حوالى عام 1933، عدم جدوى مصنع الهدى، ونصحت بهدمه. حاولت هدى شعراوى أن تسند إليه إدارة مصنعها بمجرد عودته من الخارج، لكنه رفض شروطها المقيدة لحريته وعدم استجابتها للتعديلات الفنية الضرورية التى اقترحها، وإصرارها على الطابع التجارى للإنتاج بوصفها صاحبة رأس المال. هكذا رفض الوضع المتدنى لفن الآنية الخزفية وبدأ المسيرة وحيداً بلا كلل أو ملل، مستنداً إلى علمه وموهبته وشبابه وجسده القوى.
- كان يسكن حى السكاكينى بالقاهرة فى مطلع حياته الزوجية، يترك فراشه الدافىء فى عز الليل، ويمضى فوق دراجته فى عز الشتاء قرابة العشرة كيلومترات، حتى يصل إلى مدرسة الفنون التطبيقية بالجيزة، حيث يتابع أوانيه وهى تنضج داخل الافران التى صممها وأقامها هناك ثم ما لبث أن اكتسب حاسة خاصة بالموهوبين من الخزافين، يستطيع بها أن يدرك ساعة النضج وموعد إخماد النيران والوقت المناسب لفتح الافران. عاش يحلم بحركة فنية جمالية، تخرج بفن الآنية عن إطار الاستخدام المادى التطبيقى، كأداة لعرض الزهور أو حفظ الطعام والشراب.
- أراد أن يبث روح الجمال ويشيعها فى فن الآنية، فأهاب بوزارة الثقافة أن تنشىء مركزاً للخزف فى قلب مدينة الفسطاط القديمة. وبين أطلالها التى عاصرت أمجاد سعد ومسلم وشيخ الصنعة، استهدف المتعة الجمالية وتلبية احتياج الإنسان المصرى والعربى إلى الروح الشرقية التى تشبع النزوع الفكرى إلى النكهة المحلية والحداثة والانتماء قام المركز كالمنارة بين الفواخير التقليدية والقمائن، التى تزود الجماهير بالقلل والأباريق والأزيار والمواجير والمواسير. بين هؤلاء الحرفيين الذين ورثوا سر الصنعة عن الآباء والأجداد منذ مئات السنين كان سعيداً بصحبتهم واستشاروه فى كل صغيرة وكبيرة. كما تعلم منهم أسرار الافران الشعبية العملاقة المعروفة بالقمائن. التف حوله شباب الفخرانية من أبناء هؤلاء المعلمين وبدأت تنتشر اللمسات الفنية على بعض الأوانى الشعبية هناك منذ عام 1964. وبدأ الأستاذ أعظم تجاربه على البريق المعدنى حتى وصل به إلى مستويات رفيعة وتعتبر تلك السنوات، أكثر مراحل حياته خصوبة وإبداعاً.
- لكى نقترب من القيمة التاريخية للإنجازت الفنية لسعيد الصدر، تبدأ بإضافته للتراث الإسلامى الخزفى، الذى هز العالم بزخارفه وألوانه وبريقه المعدنى، وأساليبه التنفيذية التى زادت على المائة والخمسين أسلوباً، معظمها مازال أسراراً مدفونة تنتظر الباحثين أصحاب الرسالات العلمية من الماجستير والدكتوراه، لينسجوا على منوال العبقرى الراحل الذى أزاح الستار عن عشرة فى المائة فقط، من تلك الأساليب أثناء مشوار حياته وابتكر بدوره أساليب جديدة غير مسبوقة، منها الزخرفة بالبريق المعدنى على خلفية فيروزى أو خلفية سوداء كما سبقت الاشارة. ومن الجدير بالتأكيد أنه لم يستخدم فى إبداعه المستمر من البداية للنهاية سوى الخامات المحلية المستخرجة من أرض بلادنا متغاضياً تماماً عن الخامات المستوردة. مما يشكل بعداً هاماً فى النكهة المحلية الجمالية التى تكسو أوانيه. لم يستخدم خامات غير محلية سوى فترات قصيرة أثناء دراسته فى لندن، وكان عمره لا يتجاوز التاسعة عشرة إلا حين كان يتأخر وصول الطين الأسوانى من مصر.
- أضاف الصدر `الفورم` - أى شكل الحجم - إلى تراث الآنية الاسلامية. تتضح هذه الإضافة بجلاء فى روائعه، التى تخلو من الرسوم والزخارف واللمسات اللونية. فهو يزيح فيها الستار عن جمال الخطوط الوهمية والعلاقات الاستطيقية بين الخطوط العرضية المتغايرة على ارتفاع المحور الرأسى للآنية. والعلاقة بين سعة كل من الفوهة والقاعدة والكرش وسمك الشفة وشكلها. هذه الاعتبارات الجمالية يفتقدها فن الآنية الاسلامى، الذى اقتصر على التصميم والتلوين والزخرفة. وكانت فورماته غليظة عادية الشكل، مقصودا بها أن تكون مجرد أرضية للرسم والزخرفة، الفورم الذى أضافه الصدر ذو شخصية شرقية شاعرية ونكهة مصرية لا تخفى على عين خبير، أو الحس الفطرى للإنسان العادى. فورم ذو صلة حميمة بأشكال الأوانى الفرعونية والبدائية الفخارية التى عثر عليها المنقبون فى صعيد مصر، ضمن آثار ما يعرف بحضارة البدارى، التى يرجع تاريخها إلى قرابة العشرة آلاف عام. فالانحناءات والنسب والعلاقات التى أشرنا إليها، يستجيب لها وجداننا ونحس بأنفسنا ممزوجة بها كأنها جزء من حياتنا. هذه الأصالة المستندة بقوة إلى تراثنا المحلى، هى بعينها التى تؤثر فى وجدان الانسان الأوروبى والامريكى والصينى واليابانى وفى كل مكان. هى بعينها التى تثرى الثقافة العالمية، والسبب المباشر فى فوزه بالجائزة الأولى والميدالية الذهبية فى المرتين الوحيدتين اللتين أسهم فيهما فى المعارض الدولية العامة. التصميمات الفنية والوحدات الزخرفية والتصويرية والتجريدية التعبيرية، إضافة أخرى واستلهام وتحديث للتراثين: المحلى والعالمى وإسهام فى اللغة التشكيلية المعاصرة. وإذا كنا نرى أنها تميل إلى الروح الاسلامية، فهذا هو عين الصواب. فالإبداع الفنى لا يأتى من فراغ. نفس العناصر والزخارف الخزفية الاسلامية، مستقاة من الحضارة والثقافات السابقة على الاسلام، من ساسانية إلى فارسية إلى هيلينستية وبيزنطية وقبطية وغيرها من وسط آسيا بنوع خاص. وقد أجمع علماء الجمال، على أن الفن الذى ينبع من لا شئ.. هو نفسه لا شئ.
- تتميز رسوم الصدر التصويرية بالبلاغة. والإشارة العابرة والرمز الهامس الخافت والألوان التعبيرية التى يثريها البريق المعدنى المقصود لكن التكامل الفنى هو القمة العالية التى أضفاها ساحر الأوانى على فن الآنية. التكامل بين: الوحدات لرسومه والتصميم الزخرفى، واللون والبريق والفنون، ونوع الصلصال ودرجة حرارة النسيج، والعديد من العوامل التكنولوجية كشكل الفرن وتصميمه ونوع الوقود، كل هذه التغيرات وهى قليل من كثير - تخضع لعبقرية سعيد الصدر، لتسفر فى النهاية عن التحف والروائع التى لفتت الانظار، من بين الثمانين الف آنية التى كانت تعرضها دول لعالم فى المعرضين اللذين أشرنا اليهما.
- هذا التكامل هو الذى أضفى على أوانيه الجمال والاحترام، وجذب فنانى الآنية من انجلترا واستراليا، فى بعثات خاصة لمرافقته بعض الوقت فى مشغله الشهير بمنطقة الفسطاط، الذى اتخذه بعد تركه لمركز الخزف التابع لوزارة الثقافة حيث تحول فن الآنية على يديه الى ابداع متحفى عالمى. استطاعت به مصر أن تضيف المزيد من الروافد الى نهر الثقافة الإنسانية.
- وصل سعيد الصدر إلى القمة فى أساليب البريق المعدنى، فى تلك التحفة التى ذكرنا قصة إهدائها لمتحف غرناطة سنة 1984 فى أسبانيا بمناسبة انشائه كانت الاولى من نوعها فى تاريخ الفن، من حيث الشكل والبريق المعدنى الذى نفذت به. فهى كبيرة بارتفاع يقارب الثمانين سنتيمترا. كتب اليه مدير متاحف إسبانيا حينذاك قائلا: `الشكل الكروى لآنية يمنحها أصالة تنسجم تماما مع لونها الأسود الذى يشكل خلفية للزخارف المعدنية. أما الفوهة والمساكات الأربع الصغيرة والقاعدة البسيطة الخالية من الزخرف، تتضافر جميعها لتسفر عن توافق خاص متكامل. إن تجميع وتأليف تلك الاوراق النباتية المعدنية ذات الظلال والنغمات المتغايرة، وكيفية توزيعها بذكاء وبراعة على السطح، يجعل التكوين الزخرفى كله، يبدو سابحا كالسحب فى سماء ما. من الغريب حقا أن بها شيئا يستدعى الى الذاكرة الأعمال الخزفية الاغريقية الكلاسيكية، بالرغم من أنها تنتمى الى التقاليد العظيمة لفن الآنية المصرية الطولونية الفاطمية. لا استطيع ان اعبر بالكلمات عن البهجة التى تغمرنى كلما تطلعت الى هذه التحفة الفنية الرائعة. أرجو أن تتقبل الشكر مرة أخرى من المعجب من الاعماق: انطونيو فرناندكس`.
- لا توجد فى متاحف العالم آنية خزفية فنية ثانية، سوداء بالبريق المعدنى عن طريق الاختزال
- وأسلوب سعيد الصدر فى فن الآنية الخزفية والبريق المعدنى، هو أول أسلوب مصرى اسلامى معاصر، ظهر بعد قرون الظلام الطويلة منذ غزو العثمانيين لبلادنا، والقضاء على الحركة الفنية التى كانت مزدهرة، وشحن الحرفيين والفنانيين الى اسطنبول، وتوقف خمسين حرفة على الفور من بينها فن الآنية الخزفية بعد إخماد نيران أفران الفسطاط واستيراد ترابيع القاشانى من مصانع كوتاهية بتركيا.
- ظهر البريق المعدنى - أو الغضار الذهبى كما يسميه العرب - لأول مرة، بعد قيام المدينة العراقية الحلوة الفاتنة: سر من رأى. كانت حقا تسر الناظرين: قاطنين وزائرين. أنشأها الخليفة العباسى المعتصم بالله سنة 835 ميلادية بعد قرنين من الفتح الإسلامى للعراق. عاصمة جديدة على بعد مائة وثلاثين كيلومترا من العاصمة القديمة بغداد. استقدم اليها الفنانين والمهندسين من كل حدب وصوب، حتى أصبحت لؤلؤة كبيرة تتوسط عقد المدن الإسلامية. فى تلك المدينة الشاعرية، أهدى الفنان الإسلامى البريق المعدنى أو الغضار الذهبى إلى الثقافة العالمية والحضارة الإنسانية ومازالت أساليبه تتطور وتتنوع الى يومنا هذا، على ايدى الخزافين فى مختلف الأمم عبر القرون وقد أسهم سعيد الصدر بعبقريته، بإضافات جديدة فى هذا المضمار، وصلت إلى قمة روعتها فى تلك الرائعة التى يفخر بها متحف غرناطة الذى افتتح سنة 1984 - قبل وفاة العملاق بعامين لكن ما هى ماهية البريق المعدنى؟ وأهمية ابتكاره ومضمونه ومعناه فى عالم الآنية الفنية الجمالية المنزهة عن الغرض؟ والإبداع الخزفى بوجه عام؟
- القصة التاريخية باختصار هى: أن الولاة المعلمين بعد أن دانت لهم الدنيا، وفتحوا بلاد المشرق والمغرب تحولت مساكنهم إلى قصور وأصبحت بلادهم أسواقا لكل ماهو طريف وجميل وفاخر من التحف ومن بينها الأوانى الخزفية الفنية الجمالية جلبها التجار من الشرق الأقصى من بلاد الصين بنوع خاص كانت قبل العصر العباسى (750-1258م) مجرد حاويات نفعية تطبيقية: قلد الخزافون العراقيون الأوانى الساسانية والبيزنطية، حتى وردت أوانى صينية بيضاء معتمة أو ملونة بلمسات سريعة من الفرشاة اتجهوا الى محاكاتها، مع استبدال زخارفها العفوية بعناصر نباتية تجريدية وكلمات عربية. أما فى فسطاط مصر فوضع المصممون وحدات تشخيصية من الطيور والحيوانات، متأثرين بالجو الكلاسيكى الذى سبق الإسلام. ثم ظهرت المفاجأة التى أذهلت العالم الحضارى آنذاك. حين توصل العراقيون الى زخرفة سطح الأوانى بصبغات معدنية فوق السائل الزجاجى - وهى التى تسمى بالانجليزية `لستر`. وهى مصطلح مازال يستخدم عند النجارين ليمنحوا أسطح مشغولاتهم بريقا يسمونه لستر وهذا الرأى فى تفسير البريق المعدنى عند خزافى `سرمن رأى` أو سامرا` كما تسمى الآن. إنما يرجع إلى الباحث الامريكى `أرنست جروب` الذى أورده فى كتابه العمدة `ذا ورلد أوف إسلام` - أى عالم الإسلام - الطبعة الإنجليزية 1966 أما المؤرخ المصرى: محمد عبد العزيز مرزوق، فى كتابه `العراق مهد الفن الإسلامى` 1971، فوصف عملية البريق المعدنى بالرسم على الآنية. بمزيج من الكبريت وأكسيد الفضة وأكسيد النحاس الأحمر وبرادة الحديد مذابة فى حمض، ثم تسوى فى نار هادئة هواؤها قليل ودخانها كثير بلا لهب. مغزى هذه العبارة أن الفنان العراقى استخدم الاختزال وليس صبغة معدنية كما قال ارنست جروب - أى سحب الأكسجين من أكسيد الفضة فالتمع الاناء باللون الفضى. هكذا مع اللونين الذهبى والنحاسى أما سعيد الصدر فيرجح رأى أرنست جروب، ولا ينفى بالقطع تفسير محمد عبد العزيز.
- فحص الصدر الحديد من الشظايا الخزفية الإسلامية ذات البريق المعدنى، التى عثر عليها بين الاطلال الفسطاط، من آثار العصور الطولونية والفاطمية ولم يجد بها ما يؤكد أسلوب الاختزال. والمصريون كانوا أول من عرف سر البريق المعدنى بعد تسربه من مدينة `سامراء` وانتشر من بعدهم بين خزافى شمال أفريقيا وايران والأندلس فى أسبانيا من يومها. وقد أضاف الصدر إلى الأساليب التقليدية ثلاثين أسلوبا.
- ولاكتشاف البريق المعدنى فى افران الخزف بمدينة سامرا بالعراق، علاقة وثيقة بجوهر العقيدة الاسلامية ذلك أن الفن الإسلامى اتخذ قوامه النهائى فى العصر العباسى، وحقق هدفه الأساسى وهو: تذويب مادية المادة، والسمو بها ورفع شأنها روحيا، وترجمة فكرة الخلود فى الحياة الآخرة: يعتبر البريق المعدنى من هذه الزوايا، ازالة لمادية الطين واعلاء قيمته بمنحه صفات نجدها فى المعادن النفيسة كالذهب والفضة. إحدى الركيزتين اللتين يقوم عليهما الفن الإسلامى، أما الثانية فهى التوريقات - أى الزخارف النباتية المعروفة - التى تتسم بالاستمرارية اللانهائية. تعبيرا عن خلود الروح فى الحياة الأخرى.
- حين سافر الصدر الى لندن بين عامى 1929،1931، لفتت نظره مقتنيات `متحف ليتون` وهى من الأوانى والترابيع ذات البريق المعدنى، أبدعها الفنان الانجليزى: وليم دى مورجان الذى زار مصر وضع تقريرا عن ترتيبها قرأه الصدر فى مكتبة المتحف البريطانى. التقى أيضا بالآثار الخزفية الإيرانية والمصرية والأسبانية وأذهله البريق المعدنى فى التحف الأسبانية بنوع خاص، أما الأوانى المصرية الإسلامية فلم ينجح الفنان فى اكسابها البريق المعدنى، بسبب استخدام نفس الافران التى ينضج فيها الفخار واغفال التوافق بين عوامل درجة الحرارة ومسار الدخان وموقع الآنية فى الصندوق أو قلب الفرن. أما النماذج النادرة الناجحة، فمرجعها إلى استخدام صبغة معدنية `لستر` وليس الاختزال. تأكدت للصدر هذه الحقيقة بعد عودته وفحص محتويات المتحف الإسلامى، وشظايا الخزف المتخلف من تلك العصور بين أطلال الفسطاط. فالبريق المعدنى ليس هو اللون البنى الموجود على معظم مقتنيات المتحف الإسلامى ولا اللون المعدنى الجاهز اللستر الذى يزخرف القلة من الأوانى والترابيع إنما هو الاختزال الذى يحقق الغاية التى استهدفها الخزاف الإسلامى فى العصر العباسى. غاية الارتقاء بالوضع حتى يصبح رفيعا. تغيير طبيعة مادة الصلصال واكسابه ثوبا روحيا يرفع من شأنه. وهذا ما فعله الرائد الكبير: سعيد الصدر باستخدام ثلاثين طريقة اكتشفها لإكساب أوانيه بريقا معدنيا فاتنا، بينها طرق تحققت لأول مرة فى التاريخ منها التصميم الزخرفى باللون الأحمر المعدنى على خلفية فيروزى. والزخارف المعدنية الساحرة على خلفية سوداء، كما هو الحال فى الرائعة التى أهداها إلى متحف الفنون الإسلامية فى غرناطة.
- إن ما يسمى بحيل الصنعة، هو الأساليب الكيماوية والطبيعية التى تستهدف قيما استطيقية، لا يتسنى الحصول عليها الا بهذه الطريقة، من أجل إظهار وتعميق المضمون الإنسانى الذى تحتويه الآنية الفنية الجمالية، إضافة الى الاصالة والثقة بالنفس والانتماء، كل هذه المعانى والقيم الانسانية، تكمن فى آنية غرناطة حين نتأملها، وقد عبر عنها بصدق مدير متاحف أسبانيا فى رسالته التى أسلفنا ترجمتها.
- إن الحيل التكنيكية، يلجأ إليها الفنان الكبير ليحقق أهدافه الجمالية والأنسانية. فليوناردو دافنشى - عبقرى عصر النهضة - حين رسم ولون رائعته الشهيرة العشاء الأخير بالألوان الزيتية على طبقة جدارية من الجص لأول مرة فى التاريخ، استهدف تحقيق أسلوبه الجمالى المبتكر `سفوماتو` من أجل تعميق معانى الفزع والدهشة المرتسمة على وجوه الحواريين الملتفين بالسيد المسيح حين أخبرهم بأن واحدا منهم سيسلمه.
- آنية غرناطة سيمفونية خزفية قطر جسمها خمسون سنتيمترا أحرقها سعيد الصدر ثلاث مرات الأولى لتتحول الى فخار الثانية لانضاج الطلاء الزجاجى الأسود فى درجة حرارة قدرها الف مئوية. الثالثة بعد الرسم عليها بمزيج من أكسيد النحاس وقليل من أكسيد الفضة وبعض الطينة البيضاء عند وصول الفرن الى درجة حرارة ستمائة وخمسين مئوية ثم الاختزال وتوقف فناننا الكبير عن التغذية بالوقود، حتى فقد الفرن حرارته خلال أربع ساعات بعدها أخرج الرائعة من الفرن وغسلها بالماء - خاصة الجزء المرسوم حتى اتشحت الزخارف ببريقها المعدنى وشاهدها السيد أنطونيو كأنها سحب تسبح فى السماء، واستشعر البهجة والاحساس بالسمو الروحى.
- بدأ الصدر أول تجاربه على البريق المعدنى، فى معهد كمبرويل أثناء بعثته إلى انجلترا، كنوع من الاجتهاد الشخصى لا علاقة له بالدراسة الرسمية قراءاته المتشعبة وجولاته فى المتاحف، علقت أنفاسه بذلك الأسلوب الإسلامى الساحر الذى يترجم شيئا من جوهر الدين الحنيف. لم تكن أفران معهد كمروبل الثلاثة معدة لانجاز عمليات اختزال حاول حينذاك ترشيد أدائها حتى يناسب الذى يسعى إلى تحقيقه صنع إناء فخاريا طويل العنق تنتظم جسمه الثقوب. أدخله فى الفرن مع الأوانى ذات الطلاءات المعدنية، مع الاحتفاظ بالفوهة خارج الباب عندما بلغت الحرارة درجة الاختزال، أسقط فى الفوهة كمية من نشارة الخشب تسرب دخانها من الثقوب الى داخل الفرن وتحقق الاختزال، ونجحت أول تجاربه فمضى ينميها ويطورها ويدرسها نظريا. بدأ من يومها تدوين مذكراته ومازال يتابعها حتى آخر أيامه، وهى محفوظة داخل حقيبة خاصة فى بيته الذى كان يقطنه بشارع الدقى بالقاهرة، تنتظر الباحثين الجادين الراغبين فى استئناف المسيرة.
- عشرات الكراسات تضم بين دفاتها كنزا من المعارف الجديدة، تنتظر النشر بواسطة هيئة ثقافية واعية بدورها الحضارى الإنسانى وبدور العبقرى الذى عاش بيننا، وأضاف الى فن الآنية العالمى مزيدا من الأشكل الجمالية والمضامين الروحية.
- من أروع نماذج البريق المعدنى: آنية على شكل زجاجة قطرها أربعون سنتيمترا وارتفاعها بالعنق يناهز السبعين. أبدعها على القرص الدوار بعد انضاجها وتحويلها الى فخار، كساها باللون الأسود ثم طلاء شفافا قلوى القاعدة أحرقها بعدئذ فى درجة حرارة قدرها الف مئوية، ثم أعد مزيجا من أكسيد النحاس، رسم به التصميمات والزخارف المناسبة فوق الطلاء الزجاجى القلوى. وضعها فى الفرن للمرة الثالثة فى درجة حرارة هادئة قدرها 650 مئوية ليتم الاختزال ثم غسلها جيدا بالماء بعد اخراجها، فاكتمل بهاؤها الى هذا الحد المذهل غير المسبوق فى تاريخ الآنية الخزفية.
- تمكن الصدر بإضافاته إلى أساليب البريق المعدنى، من الحصول على قيم جمالية جديدة، وتعميق المضمون الإنسانى، والاتجاه بالآنية الى أفاق أكثر درامية. فإذا نظرنا الى البريق النحاسى على أرضية سوداء، نشعر بجدية الحياة وصلابتها ونتأمله على الخلفية الفيروزى فنحس بالفرحة التى تغمرنا بها الحياة الدنيا. آنية غرناطة بجسمها الفاحم كالليل تعكس معانى الفحولة والقوة والثقة بالنفس اذا بهت الطلاء الأسود وضرب إلى البنى، وتكاثرت الزخارف المعدنية النحاسية على الجسم الرشيق ذى العنق السامق والشفة الرقيقة المنفرجة قليلا كأنها تهم بالكلام، كما هو الحال فى تلك الى تشبه الزجاجة، فتشعرنا بحلاوة الأنوثة وسلاسة الأداء واقبال الأيام. كل آنية سعيدية لها شخصية مستقلة ومضمون انسانى خاص. يدخل عليها البريق المعدنى فيتنوع التعبير ويختلف المضمون.
- لو لم يكن سعيد الصدر رائدا لفن الآنية وتكنولوجيا الخزف الحديث، لكان رائدا لفن الرسم والتلوين المائى والزيتى لكنه انصرف الى فن الآنية الخزفية قرابة النصف قرن من الزمان، حتى نال المرض من جسده القوى المتين واقعده عن العمل على الدولاب الدوار - الذى هو سداة هذا الفن ولحمته - لأن الآنية فى رأيه: فورم فى التحليل النهائى، ولا `فورم` بلا دولاب دوار، يديره الفنان بيديه وقدميه وعقله وجسده وبكل كيانه النفسى والوجدانى. حين غشيه المرض 1981 وفقدت يده اليسرى كفاءتها، استيقظت فى داخله موهبته القديمة التى استهل بها حياته بعد تخرجه فى مدرسة الفنون والزخارف بالحمزاوى سنة 1929. عمل مدرسا فى مدرسة بمدينة أسوان حينذاك كان يقضى أوقات فراغه جميعا رساما ملونا على شاطىء النيل. هكذا عاد الى الرسم والتلوين الزيتى فى أواخر أيامه من حيث انتهى الآخرون. وكانت اللوحات الستون التى عرضها قبيل رحيله عن دنيانا، تصور شريط ذكرياته عن الحياة الشعبية، فى حى الأزهر وسيدنا الحسين والجمالية، حيث ولد ونشأ وترعرع. وطالما راقب فى طفولته الباكرة زيارات يوسف كامل - رائد فن الرسم والتلوين - لوالده: حامد افندى الصدر، الذى كان يهوى التصوير الفوتوغرافى، ويعير بعض المناظر لصديقه ليعيد تلوينها بالزيت أو الباستل.
- .. عاش سعيد الصدر بعبقريته حياة مفعمة بالتحصيل والتفكير والإبداع، حتى أصبح بحق واحدا من رواد الجيل للحركة الأول للحركة الفنية التشكيلية الحديثة.. يقف كتفا بكتف مع صاحب نصب نهضة مصر، من حيث أن كلا منهما قد أحيا فنا عظيما بعد غياب طويل...
بقلم : د./ مختار العطار
( من كتاب رواد الفن وطليعة التنوير فى مصر- الجزء الأول )

- هو الرائد الأول لفن الخزف فى مصر وتتمثل قيمته فى جهوده الفنية والتعليمية وتأثيره على أجيال متتابعة من الخزافين. لقد استطاع أن يعيد تقاليد فن الخزف الإسلامى وان يجمع بين الأصالة والتجديد فى أعماله مع التعمق فى أسرار هذا الفن واهتمامه بالخامات المصرية التى لم يستخدم سواها حتى أثبت قدرة هذه الخامات على إخراج روائع فنية .
- اهتم بالبحث فى أسرار الخزف الفرعونى والإسلامى وتوصل إلى معرفة أسرار الألوان والبريق المعدنى، ولم يقتصر نشاطه على فن الخزف بل امتد إلى الرسم بالألوان المائية والنحت .
- التحق بمدرسة الفنون والزخارف بالحمزاوى عام 1924 وحصل على دبلوم أساتذة الرسم من مدرسة كمبرول بلندن عام 1931، حيث تتلمذ للخزاف الشهير ` برنارد ليتش ` وبعد عودته عام 1928 عمل مدرساً للرسم بمدرسة أسوان الصناعية، ثم مدرساً للخزف بمدرسة الفنون التطبيقية وانتدب للتفتيش على أقسام الخزف بالمعاهد الصناعية عام 1940 كما انتدب لتدريس الخزف لمدرسى التربية الفنية ثم لأعضاء البعثة السودانية ثم فى كلية المعلمين وكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية والجامعة الأمريكية بالقاهرة وقد تولى منصب وكيل كلية الفنون التطبيقية عام 1965، ثم أصبح عميداً للكلية فى نهاية علم 1967 وحتى إحالته للتقاعد .
- شارك فى عضوية إدارة البحوث بوزارة التعليم ولجنة المقتنيات ولجنة التفرغ ومجلس إدارة جمعية محبى الفنون الجميلة وكان زميلا فى الأكاديمية الدولية بمدينة جنيف بسويسرا، كما كان عضواً فى لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وأشرف على عدة رسائل للماجستير والدكتوراه بكلية الفنون التطبيقية، وقد انشأ متحف الفن التطبيقى بكلية الفنون التطبيقية بالقاهرة عام 1940 وانشأ مركز الفخار والخزف فى موقع الفسطاط عام 1960، كما انشأ الخزف بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية .
- وقد شارك فى ترميم القصور الأثرية المانسترلى وشبرا وقصر الجوهرة الذى استغرق 9 سنوات وقد أقام لوحات النحت البارز بمدخلى حديقة الحيوان بالجيزة وهيئة التصنيع بالقاهرة كما أقام متحفاً خاصاً لفن الخزف بمصر القديمة عام 1965وتقتنى أعماله عدة متاحف محلية وخارجية مثل متحف الفن المصرى الحديث ومتحف محمد محمود خليل بالجيزة والمتحف الزراعى بالدقى وله أعمال فى متاحف إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا وروسيا واستراليا وقد مثل مصر فى العديد من المؤتمرات والمعارض الدولية .
- سافر إلى استراليا حيث أقام معرضين لمنتجاته الخزفية بمدينة ` سيدنى ` عام 1974 أما الجوائز التى حصل عليها فكانت أولاها عام 1937 من معرض دولى بباريس ثم حصل بعدها على العديد من الدبلومات الشرفية وشهادات التقدير والميدالية الذهبية من تشيكوسلوفاكيا عام 1962، ثم جائزة الدولية التقديرية فى الفنون عام 1979. وقد أصدر ثمانية كتب حول الخزف كتاريخ وصناعة وفن، كما ترجم كتاب الخزفيات إلى اللغة العربية عام 1965، ونشر أكثر من 20 بحثاً فى هذا المجال، كما صدر عنه كتاب `ساحر الأوانى ` بقلم الناقد مختار العطار.
د. صبحى الشارونى
جريدة المساء -2009
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث