`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
هانى السيد أحمد محمد

- يواصل هذا الفنان الشاب تجديداته فى أشكال منحوتاته التجريدية بالخامات المختلفة ما بين الحديد شديد الصلابة والألومنيوم بلمعانه وطراوته التى تفرض بالضرورة معالجات ناعمة ودائرية فى أشكال تماثيله .. وهانى السيد من المثالين المجددين يعرف بنشاطه وحيوية إبداعية ومعارضه المستمرة بخاماته الصعبة والتى تلين وتتشكل بين أصابعة فى تقنيات بارعة يواكب بها سرعة التطورات الحديثة فى الشكل وفى مضامين ومفاهيم الإبداع الفنى المعاصر .. وفى تماثيله الحديدية الجديدة يتباهى اللون الأسود ويتألق .
عصمت داوستاشى

النحات السكندري هاني السيد عمق التعبير وتزاوج الخامات
- الفن التشكيلى المصرى يتميز بتنوع الخامات المستخدمة في الأعمال الفنية ومقدرة الفنان المصري علي التوليف بين تلك الخامات مع بعضها للحصول علي عمل فني فريد يمتاز بالتنوع الشكلي واللوني والملمسي مما يثري العملية الإبداعية ويحقق الهدف المرجو منها، ويظهر ذلك بشكل واضح وجلي في فن النحت بطريقة خاصة، فمنذ العهود المصرية القديمة إستطاع الفنان المصري الجمع بين الخامات المتباينة في طبيعتها في أعماله النحتية ليحدث لها تزاوج تشكيلي مما يسمي بمصطلح `التوليف`، فنجده قام بتطعيم تماثيله سواء المنفذة بالأحجار بأنواعها او بالأخشاب بأنواعها أما بأضافة المعادن لها كالذهب أو النحاس إلي سطحها أو كجزء مكمل لها أو بإضافة خامة الزجاج لتأكيد بعض الأجزاء في العمل مثل العيون، وكان يتم إختيار المواد الخام المستخدمة لتنفيذ الأعمال النحتية بعناية شديدة حيث لم يكن النحت مجرد أداة للتزيين بل كان لغةً تعبر عن العقيدة، والسلطة، والجمال، ويعكس من خلاله صورة عن القيم الدينية والاجتماعية على مر العصور، ولقد حافظ الفنانون المصريون على هذه الروح الإبداعية، متنقلين بين التأثر بالتراث وإبتكار أشكال جديدة تعكس روح العصر، وفي وقتنا هذا الكثير من الفنانين المصريين قاموا بتنفيذ العديد من أعمال النحت التي تجمع بين الخامات المختلفة خاصة `الزجاج، المعادن والأحجار`، ومن تلك التجارب الفنية المميزة نجد الأعمال النحتية للفنان النحات المصري `هاني السيد`، وهو من أبناء محافظة الإسكندرية تلك المدينة المتوسطية التي جمعت بين العديد من الثقافات كاليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية والتي تثري خيال أي مبدع أو فنان وتدفعه نحو الخلق والإبداع ومن طبيعتها الفريدة استلهم الفنان `هاني` موضوعات أعماله حيث تاريخ مدينته العريق أرشده لطريق الإبداع فمنحوتاته تشهد على مدي تأثره بالثقافة السكندرية والمتأمل فيها يكتشف ذلك الحوارٍ الفريد بين الماضي والحاضر في أعماله الفنية ومن خلال إلقاء الضوء علي مسيرة `هاني السيد` الفنية يمكن الكشف عن فلسفته الإبداعية والتي قام بإظهارها من خلال إستغلاله الأمثل لطريقة التوليف بين الأحجار والبرونز والزجاج والتي يمكن ملاحظتها بشكل واضح من خلال أعماله الأحدث المعروضة في معرضه المقام حاليًا في جاليري ياسين بالزمالك والذي أطلق عليه أسم `الرحلة` و الذي يعد محطة مهمة في مسيرته الفنية، ويضم مجموعة مميزة من الأعمال النحتية والتي ينعكس من خلالها رحلة الفنان بين تنوع المواد والخامات وبين عمق الأفكار وتركيزه على الحوار بين الموروث الحضاري والرؤية المعاصرة، والفنان هاني السيد هو فنان مصري معاصر له تأثير ملحوظ علي الساحة التشكيلية المصرية، من مواليد الإسكندرية عام 1972، تخرج من كلية التربية النوعية جامعة الأسكندرية 1995، وتخصص في دراسته فى مرحلة الماجستير في نحت الأحجار الصلبة، وقد شارك في العديد من المعارض المحلية والدولية وقد مثل أسم مصر في العديد من الملتقيات والمحافل الفنية الدولية الهامة، ولقد إختار الفنان عنوان `الرحلة` ليكون عنوان معرضه وليعكس بهذا المسمي شقين أولهم الشق الفلسفى حيث الحوار الدائم بين الخامة والفكرة فأعماله تُجسّد التزاوج بين المواد كالحديد والبرونز والجرانيت والزجاج والتى تعبر عن بعض الموضوعات الإنسانية كالترحال والثبات، فعلى سبيل المثال نلاحظ ظهور بعض التفاصيل التى تعتبر دلاله للتعبير عن رمزية الموضوعات مثل تفاصيل القدم البرونزية التى تخرج من الأشكال الحجرية كرمز للثبات في رحلة البحث المستمر عن الجمال، أما الشق الثاني هو الشق المكانى حيث أن أعمال الفنان بدأت رحلتها للظهور بدء من الإسكندرية عبر ثلاثة مواقع (أتيليه الإسكندرية، المركز الحضاري، مركز تجميل الإسكندرية)، قبل أن تستقر فى جاليري ياسين بالقاهرة، بعد إغلاق تلك الأماكن بسبب نقص الدعم الثقافي ويستلهم هاني من الفن المصري القديم، خاصة النحت الفرعونى، لكن بأسلوب حديث عصرى، ويستخدم تقنيات متنوعة كالنحت المباشر على الحجر، وأيضا الدمج بين الخامات كالجرانيت المُطعَّم بالبرونز، مع التركيز على اختيار الحجر بعناية لتجنب العيوب التي قد تُغير مسار العمل، ويمثل هذا المعرض نقطة فاصلة في مسيرة الفنان حيث إستغل الموروث الفرعوني بذكاء كما أنه قام بإحياء رمزية القارب في أعماله كحامل للفكرة وليس مجرد شكل جمالي، كما نلاحظ قدرة الفنان على تحميل الخامات بعاطفته وشحنته التعبيرية، ويعتبر معرض `الرحلة` أحد الدلائل التي تشير إلى الدور الذي تلعبه الجاليريهات الخاصة `ومنهم جاليري ياسين`، حيث أصبحت تلعب دورًا محوريًا في دعم الفنون إلي جانب المؤسسات الحكومية، وفي الختام نجد أن أعمال الفنان هاني السيد ليست مجرد مجموعة المنحوتات المنفذة لغرض جمالي، بل إنها تجربة إبداعية فريدة تفتح آفاقًا جديدة للنحت المصري المعاصر حيث يمكن إعتبار أعماله حكاية فنان يبحث عن الهوية عبر المواد والزمن.
بقلم : د./ منى غريب
جريدة : القاهرة 22-4-2025
`الرحلة` (بين الشغف بالخامة ومعالجات الموضوع)
- يأتى هذا العرض النحتى المهم (الرحلة) للفنان والنحات المجتهد والمميز/ هانى السيد، كمحطة مهمة فى تجربته النحتية المميزة، والتى تخطت فى ممارستها ربع قرن من الزمن، خاض خلالها طريقه فى مزاولة `فن النحت` عبر عدد من المحطات المهمة والمتنوعة والمتدرجة، وأنجز خلالها العديد من الأعمال المميزة بأسلوب لا نجد جهد? فى تبيانه وتميزه من بين أساليب أقرانه من أبناء جيله، وأهم ما يميز تجربتة المهمة فى النحت المعاصر، هو هذا التدرج وتلك المنطقية فى الإنتقال بين محطاتها، والتصاعد المنطقى فى تطورها الذى نستطيع تتبعه فى وضوح، ليحدث لدينا ذلك الوعى والفهم لمنهجه وفلسفته ففى `الكتلة` والتى إستمدها من رافدين أساسيين، وهما رافد (الخامة) بكل ما يحويه من إمكانات وخصائص وشكل وسطح ولب، ورافد (الموضوع) وما تحمل فلسفته من تراث وموروث ومعالجات للأفكار وتشريح للعناصر على إختلاف نوعها `إنسانية كانت أو عضوية او جامدة`، وكذلك من حيث كونها موضوعات راصدة وموثقة لتفصيلة ما أو رمزية تاريخية او معاصرة.
- وقد أتت `المزاوجة` بين الخامات المختلفة فى تجربته فى عمومها مزاوجة تحمل التناغم السلس، وتوقع لدى المتلقى لتشكيل كتلته وشكلها هذه الدرجة من الإستساغة والقبول، بل إنها أضفت على كتلته بصمته الخاصة، وأخرجته بذكاء من معضلات التفاصيل التى قد تخل بجماليات الشكل، ومشكلات التنسيب فى الكتلة، والتى تعد فخ? للعديد من ممارسى التشكيل، كما ان تلك المزاوجة أجد فيها ممارسة مزدوجة لأسلوبى النحت الأساسيين وهما ( أأسلوب `الحذف` وما يناسبه من خامات ك (الأحجار بكافة أنواعها وخصائصها)، وأسلوب `الإضافة` وما يمثله من (طرق ووسائل وتقنيات تحققه)، وتبقى السمة المميزة للغالبية من أعماله كونها تتطلع دائما إلى الوجود تحت مظلة (الخامة النبيلة) ممن (أحجار نارية وكلسية وبرونز ومعادن معالجة كيميائي?....إلخ)، ولا يمكن أن نغفل جانب? مهما فى أعمال الفنان الرائع/ هانى السيد، وهو ذلك الجانب النازع إلى `التجريب` بشكل عام سواء فى المزاوجة والدمج للخامات المختلفة، أو على مستوى الموضوع ومعالجات الصياغة فيه من وجهة نظره، والتى تأتى فى غالبية أعماله بدرجة من الطزاجة والحضور اللذان يدعمان حلوله المتناولة لموضوعاته.
- وبالإقتراب من تجربة/ هانى السيد بشكل أكبر، سنجدنا نلحظ أهمية الخامات المعدنية وتمثيلها لدور محورى فى أعماله، فبداياته مع خامات الحديد وبعدها الألومنيوم وغيرها من الخامات التى تعد خارج إطار قضية نبل الخامة بشكل جزئى، وقد تمكن من صرف إنتباه المتلقى فى تلك الجزئية المهمة، إلى اللعب على ما لدى المعادن من خصائص فى عالم التطويع والتشكيل، وكذلك فى بنائية الكتلة الهيكلية، والتى كانت تمنحه ظهور العمل فى زمن أقل وتحفظ له تدثره بإنفعالات المبدع الرامية إلى تجسيد الموضوع، كما مكنته من الذهاب إلى أحجام أكبر فى الشكل، ومنحته السهولة النسبية لتحريكه، ومكنته من ممارسة التقييم لجماليات الشكل طيلة الوقت، والوقوف على خطواته القادمة فى الإضافة أو الحذف، وبلا شك قد منحته تلك الخامات براح? أكبر فى ممارسة نزعته الفطرية فى `المزاوجة` بين الخامات، وقد ظهر ذلك جلي? مع بدء تجربته مع إعادة التدوير الجزئى من خلال إرتكاز تشكيل الكتلة لديه على عناصر صناعية كأجزاء السيارت، والمفاصل الصناعية الخاصة بالحركة، ومكونات ال?لات ذات الأشكال الموحية والتى توازى وتعادل وتقترب من مناطق تشريحية فى أعماله.
- وأجد من وجهة نظرى أهمية بالغة فى تلك البدايات والتى أضفت للفنان/ هانى السيد خاصية وصفة (المصمم) بجانب سمته المبدعة، وقد مكنته أيض? من التعبير عن الرموز والأشكال من خلال إجترار المخزون الأرشيفى من ذاكرته البصرية النشطة دائما فى إحتواء الأشكال فى محيطه، والنظر إليها من زوايا مختلفة، وممارسة منهجية (التفكيكDeconstruction /)، ولو بصورة نسبية، وهى المنهجية التى تقوم على التفكيك من أجل إعادة الصياغة وليس لمجرد التفكيك الهدمى، وهى بالتأكيد ما ستمنحه فى القادم تمكن? وأريحية فى معالجة وصياغة رمزية الشكل المشحون بالتعبير، كما أجد ان تلك الفترات الأولى التى صنعت لديه تراكمية الخبرة فى التعامل مع المعادن (وهنا لا أقصد الكتلة النحتية المنشئة والمبنية على خلفية الطين المشكل `البرونز` التقليدى)، بل تلك التى إكتسبها من بناءه لهياكل أعماله ومنحوتاته الأولى ذات التصنيف النوعى (كتعابير وهياكل مجسمة)، فتلك الفترات الأولى وخبراتها التراكمية قد عادت لتطفو على السطح فى هذا العرض الأخير (الرحلة)، ولكن من خلال تطوير وتحديث ومعالجات واعية، أكسبت خامات المعادن صفة (المناسبة والموائمة للوظيفة)، فباتت العين تألفها ولا تجد تشويش? فى متابعة السياحة البصرية فى جنبات كتلة منحوتته.
- وبإقترابنا أكثر من هذا العرض الحالى (الرحلة)، والذى أجد فيه محطة مهمة ونقطة تحول فى تجربة الفنان/ هانى السيد، كما أجده ممثلا? جيد? للتعبير عن شخصية الفنان المجرب، والمنقح لنزعة التجريب فى مشواره، كما أجد فيه تلك الشخصية المعتزة بمفهوم `الهوية` من خلال رمزيات أعماله، والتى سنتطرق إلى البعض منها لاحق?، ولا أستطيع أن أتخطى تقنياته العاكسة لكم الجهد والكد والحرص على رونق الكتلة وشكلها النهائى، تلك التقنيات التى تعامل معها بوعى وإحتراف وأبرز من خلالهما القيم التشكيلية والجمالية لموضوعات الكتلة لديه، كما أنه حافظ على `نبل الخامة` فى عرضه من خلال خاماته التى تنوعت بين أحجار النار المختلفة، وأحجار الكلس النقية، والبرونز كوسيط تقليدى وكلاسيكى يكن له الجميع الإحترام، كما أتت خامات المعادن دون البرونز فى معالجات كيميائية كالذهيب والتنكيل والأكسدة،لتلعب دور? مماثل? لدور (الإكسيسوار) الضرورى لدراما المنحوتة، والتى أضفت عليها رداء النبل والتناغم مع كامل الحالة الخاصة بالخامة، وقد أتت المزاوجة بين الخامات كمرادف لجملة موسيقية تتناغم وتتناسب توزيعات نوتتها الموسيقية بين ?لات عزفها، فأدت كل خامة وظيفتها تشريحية كانت أو بنائية أو جمالية، وأتت نقاط الإشتباك بين الخامات رشيقة بصورة ملفتة تنم عن الوعى بتلك التقنية، وتؤكد إستيعاب ووعى/ هانى السيد لأسلوب ذلك التيار النازع لتداخل الخامات، كما يؤكد ثقافته البصرية فى منحوتات المدرسة المصرية القديمة والتى وضعت لنا النموذج الأمثل فى المزاوجة بين الخامات بأساليب متفردة تخدم الوظيفة والغرض.
- وبالنظر إلى (الموضوع) وجملته فى عرض (الرحلة) فى معرض الفنان/ هانى السيد، فنجده قد تناول موضوعات تميل إلى التشخيصية ذات المسحات التجريدية، وتمثل حالات إنسانية فى غالبية العرض، لمسنا جميع? أدائها الحياتى من حيث الحركة والأداء والسلوك المتبع فى المثير الإبداعى محل الموضوع، فالصياد وجلسته الصبورة، وحركة جسده التى ترافق لحظة فوزه بصيده، ووقفة الرجل، وجلسة المرأة، وصحبة الصيد، ولاعب السيرك او الممارس للأكروبات، و(المركبى) أو المجدف...إلخ من موضوعات يلعب فيها التشخيص دور البطولة، كما إستعرض معالجات تجريدية للوضع التشريحى لحركة الطيران لدى الطيور، بصورة تجمع بين الرشاقة والإختزال، وأجتر من التراث والموروث نموذج (القارب) او المركب فى معالجة غاية فى الخصوصية إستعرض من خلالها تداخل الخامات المختلفة، وتناسق وتناغم تداخلها ليضفى بعد? جمالي? للمعالجة فى عنصر القارب، والذى منحنا التراث والموروث والأثر نماذجه المثالية المميزة لهويتنا.
- وبشكل عام فى عرض (الرحلة) نجدنا أمام حالة تشكيلية مميزة، تنضح بمنجز نحتى متطلع إلى الرصانة، يجمع بين الموضوع على إختلاف تصنيفه، وبين المعالجة على ثراء خبراتها التراكمية، وتستعرض أبصارنا جملة فنية تحمل مقاييس التوليفة المتزنة للكتلة، وما بها من علاقات بين تفاصيلها المكونة لحجمها، وعلاقاتها الحاصلة مع فراغها المحيط والمحتضن لها، ومن تنوع الخامة ونبلها، ودقة الحرفة والصنعة ومعالجتهما التقنية التى تنم عن تراكمية الخبرة والوعى بطبيعة وخصائص كل خامة على حده، ولا يمكن أن نغفل فى هذا العرض رشاقة الكتلة والتى برزت من خلال وضوح وحضور الحركة فيها، والذى حرص/ هانى السيد على إيجادها فى وضعية الطيور، وفى الحركات الأكروباتية لبعض الشخوص، وردات الفعل فى جلسة الصياد، وعنفوان الحركة لدى المجدف فى القارب... وغيرها من حلول طرحها وأستعرضها فى ذلك العرض الثرى، وأخير? تنوع وضعيات الكتلة فى منحوتات وأعمال الفنان/ هانى السيد بين الكتلة الرأسية والأفقية، والذى أكسب العرض تلك المغايرة عن الكثير من العروض النحتية والتى غالب? ما تتعامل مع الكتلة من خلال بنائية رأسية مستطيلة، إلا أنه مارس تلك البنائية فى بعض المنحوتات من خلال الشكل الأفقى المستعرض فأكسب العرض مذاق? مختلف? ومميز?.
- ويبقى أن أشير إلى بعض النقاط الهامة فى ذلك العرض من جوانب أجدها أثرت تلك التجربة بصورة كبيرة، وبعضها نتج عن حلول المعالجة للموضوع، كما أتى فى عمل (الرجل المجدف على ظهر القارب)، فقد نجح الفنان/ هانى السيد بصورة كبيرة فى تحريك تلك الكتلة فى عين المتلقى من خلال وضعية التصميم لتفاصيل وعناصر العمل، فصدر لنا ذلك العنفوان والطاقة فى حركة الجسد، وأوجد ذلك الزخم الناتج عن عملية التجديف وطاقة المجدف من جهة، وانسيابية القارب فى علاقة الإنزلاق بالقاعدة الرخامية الممثلة للمياه أسفل القارب من جهة أخرى، وأجد أن الحركة التى صدرها من العمل هى البطل فى كامل الكتلة، وهى أيض? من ركائزه فى كثير من الأعمال فى هذا العرض المميز، فقد عاد وطرحها فى العملين التشخيصيين لما يشبه لاعب (لاعب الأكروبات، والشخص المتكور داخل الحلقة البرونزية، وكما إستعرض/ هانى السيد فعل الحركة فى بعض الأعمال برشاقة، كما فعل فى معالجة وضعية الكتلة فى تمثال الطائر، وأجده قد أجاد فى بعض الأعمال فى تصدير ثبات الكتلة وإتزانها ورصانتها فى تمثال `السيدة الجالسة` وكذلك هذا العمل الجرانيتى الذى يمثل وقفة (الرجل) وكلاهما جاء فى حالة رسوخ فى علاقتهما بالقاعدة وإتزان فى علاقتهما بالفراغ المحيط.
- ولا يمكن أن نغفل تلك المعالجات الخاصة بالمزاوجة بين الخامات وخاصة تلك المزاوجة بين خامات الحجر وخامة البرونز، والتى أجد لها جمال? من زاوية `الوظيفة`، فقد إستطاع هانى السيد أن يوظف الأحجار النبيلة بتفاوت أنواعها (نارية كانت أو كلسية) توظيف? مزدوج?، فجعلها تنوب عن كتلة الجسد من خلال كتلتها المجردة والتى أحدث من خلالها تجريده البديل عن التشريح للجسد من ناحية، وأستخدم مكونها فى النشأة (كعروق المكون الحجرى ك `الفلسبار والكورتز والسيلكا والميكا` فى الجرانيت مثلا، وعروق الرخام الكاسرة لصفاء قوامه) كبديل للملابس ونقوش نسيجها وما يوزاى زخرفتها، وأتى `البرونز` ليمثل فى مباشرة الوجوه والأطراف للجسد البشرى، وليمنح من ناحية أخرى الفنان/ هانى السيد الفرصة لإستعرض مهارته فى التعامل مع التشريح البشرى من خلال أسلوب التعبيرية الواقعية ذات مسحات المبالغة، وفى الإجمال أتت تلك المزاوجة بهذا التناغم وتلك الإستساغة النافية للإفتعال.
- وأخير أتت تلك المعالجات الخاصة بالقوارب، والتداخل الخاص بالعديد من الخامات فى تكوين كتلتها، والتى أرها نماذج لما يوازى القوارب الملكية/ الجنائزية فى الحضارة المصرية، اتت تلك المعالجة فى غاية التوفيق، ورغم كونها تحاكى وتستنبط من الموروث المصرى القديم الأصيل إستثارتها الإبداعية، إلا أنها خرجت بروح معاصرة تنم عن الهضم الفكرى من جانب هانى السيد النازع إلى طرح معالجة مختلفة فى حلول العناصر، دون أن يخل برمزية الأصالة، ولم يسمح بتسرب مفردات الركاكة إلى تلك المعالجة.
عرض (الرحلة) للفنان/ هانى السيد هو واحد من تلك العروض الرصينة والتى يحمل منجزها هذه الدرجة من الوعى بالفعل التشكيلى، والقدرة على إبراز الأداء التقنى الخادم للفكرة، ومعالجة الكتلة من خلال درجة من خصوصية الأسلوب، وهو من العروض الممثلة لتجارب جادة ومجتهدة، وتملك حماسة موهوبة تسهم مع غيرها من مبدعين معاصرين فى حفظ مكانة النحات المصرى المعاصر وتثبت أن النحت المصرى ما زال بخير.
بقلم : ياسر جاد
جريدة :القاهرة 24-4-2025
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث