`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
عبد الرحمن عطية بسيونى
فى تصاوير عبد الرحمن عطية ( 1945م _ 2014م ) بين الأرض والسماء : فراجين التراث فى قوارير النور
- ستظل المواجهات الشعوبية مثل الحوت تغوص وتطفو على السطح بين الحين والآخر مادام هناك بشر متمايزون فى الثقافة الفطرية والمكتسب المعرفى وطرائق التعبير ، علاوة على لغة المعتقد التى أظن أنها تحدد بشكل كبيرالسمت العام لكل أمة .. فبين نقطتى التمسك بها والتفريط فيها تكمن منارات التفرد والخصوصية بدرجات متباينة .
- ومثلما تشكل الدائرة العقائدية متراساً عتيداً ضد رغبات الهيمنة والإلتهام ، هى أيضاً ماتغزل وبريات البساط التراثى مع مفردات بيئية وتاريخية أخرى .. وقد خلقت المنازلة بين الماديات والروحانيات عبر التاريخ نوعاً من المد والجزر المعرفى بين الوافد الغربى والتراث الشرقى بروافده العدة ؛ فبزغ نجم فنانين منجرفين مع تيارالتبعية ، بينما ولد فنانون من ذوى الأقدام المغروسة فى طين الأرض كجذور الأشجارالعتيقة ، ومن أبرز هؤلاء الفنان عبد الرحمن عطية ( 1945م _ 2014م ) الذى رحل عن عالمنا مؤخراً كأحد حاملى بيارق الهوية ، حيث تبدأ رحلته الإبداعية منذ عام 1968م عندما تتلمذ على يد الفنان الكبير سيف وانلى فى مرسمه بالإسكندرية لمدة سنتين ، ونهايةبرحيله بعد عام من المرض القاسى ، مروراً بمنعطفات فنية متواترة شغف فيها بموروثهاالشعبى عبر معطياته المتنوعه كما سنرى لاحقاً .
وقد قطع عطية مشواراً إبداعياً يقارب خمسة وأربعين عاماً لم يرشح خلالها لتمثيل مصر ولو مرة واحدة ، رغم وصوله بعد عدة تجارب إلى بوابة الإنتماء الحقيقى لثقافةضاربة فى أحشاء الزمن ، لحمها من العقيدة وأجنحتها من روحانية هائلة تطير بها من الأرض حتى الحجب والستور الإلهية فى جوف السماء .
- وتحت وطأة الهروب من تأثير سيف وانلى ظل عبد الرحمن يلاحق ذاته ، باحثاً عن نافذة يمرق منها إلى عوالم خاصة تميزه عن أقرانه ، قبل أن يقع كذلك تحت تأثير الفنان عبدالمنعم مطاوع ، حيث ورث منه أجسامه الصرحية وتصاويره النحتية وارتباطه الشديد بالوطن والأرض ، لذا كان مشروع تخرجه من كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام1985م عن تجريف الأرض ، والذى جسد فيه أحد طرفى العلاقة المتينة بين الأرض والسماء، حيث بدت أعماله آنذاك تحت عنوان ( من كتاب الأرض ) وكأنها نسجت بفراجين منالتراث مغمورة فى قوارير من نور ، قبل أن يوظفها فى سياق البوح بولعه بالأرض مادياً وروحياً عبر مفردات يسيرة ومثيرة فى آن مثل العظام البشرية والقماش والأخشاب وأفرع الأشجار ، ليعيد صياغتها بالألوان الزيتية على الخشب الأبلكاج والتوال فيما يشبه أجواء المعابد والكهوف العتيقة التى خلت من كل وجود بشرى إلاالرفاة فى أكفانها .. وقد اعتمد فى هذه التجربة على محاكاة المرئى المتراكم فى بناء رصين لعناصر تعبيرية منتقاه ، مؤنسناً فكرة الإعتداء على الأرض كأنها هتك للعرض ودفع للبشرية نحو التلاشى ، وهو مايجعله يتماهى معها ؛ فيصير جزءاً من كل ، مرتكناً فى هذا الإطار إلى متانة البناء وحوارات الكتل داخل المشهد الواحد ، فى تراكيب تصاعدية درامية توحى بتراكمية التردى والإتجاه صوب الهلاك .
- أما أبرز ملامح الإيقاع هنا فهى المقابلة اللافتة على المستوى الخارجى بين صلابة العظام والأخشاب وأفرع الأشجار ، وبين ليونة وطراوة قطع النسيج ، بينما بدا الإيقاع الداخلى للصورة فى لف بعض العظام الآدمية بالقماش على هيئة مومياوات مصرية قديمة سكنت المقابر الفرعونية التى كانت تحتفى عقائدياً بلقاء الموت مع الحياة الوسطى إنتظاراً للبعث والخلود ..وعلى جانب آخر تجلت أعمال تلك المرحلة على حافة نهر الصوفية ، حيث ظهرت فى جانب منها وقد أطاحت بالجسدالإنسانى واحتفظت برفاته فقط ، عبر إيماءة للفناء الجسدى فى الزمان والمكان ،بينما اعتمدت فى جانبها الآخر شكلياً وروحياً على التفجرات الضوئية البارقة منداخل الكتل التى بدت أحياناً كلبن انسكب على الحجر ؛ فحوله إلى انشطارات قمرية ، وفى أحيان أخرى كأشلاء من نور .
- وقد كان هذا الزفير الروحى إرهاصاً لمرحلة أخرى بين عامى 1986م ، 1990م ، إنشغل فيها عطية بالتنقيب عن بقاع النور فى المساحة الفاصلة بين الميلاد والموت .. بين الأرض والسماء ، وذلك من خلال تجسيده للعلاقة الأزلية بين الإنسان والقماش ، وهى المنطقة التى تمثل من وجهة نظرى نصف قطر دائرة الوعى الروحى عند عبد الرحمن المدفوع بطاقة ذاتية جدلية تحرضه دائماً على استجلاء ماوراء المرئى الظاهر لمزيد من استجلاب الضى والدهشة .. وإذا تأملنا هذه المرحلة ملياً سنجدها بمثابة مخاض طبيعى من رحم مرحلة ( من كتاب الأرض ) السابقة عليها مباشرة ، والتى دثرت فيها العظام بلفائف من القماش ؛ فبدت كأناس يترقبون قيام الساعة فى برزخهم .. أما فى مرحلة (الإنسان والقماش ) فقد اكتست العظام لحماً وبثت فيها الروح ؛ فتمردت على أكفانها ومزقتها وحولتها إلى مايشبه انسكابات نور مذاب فى حليب صاف ، وهى القيمة الشكليةالرافدة من مرحلة الأرض التى ظهرت هنا وكأنها زلزلت ، وقبورها بعثرت بعدما ضاقت على من فيها ؛ فانطلقوا إلى أعلى مثل شظايا بشرية إندفعت مسرعة فى حالة من الجاذبية العكسية نحو السماء التى ظهرت فى الخلفية محتضنة الأطلال الآدمية والقماش الممزق ، حيث بديا كالحمم المنبعثة من بركان الروح ، بيد أنها داخل مجال جاذبيةالنفس كمعادل لانعدام الوزن المادى فى الفضاء الرحيب ، حتى أن بعض الأجساد ظهرت فى وضع إنباتى كدرنة البطاطا ، وهو ماجعل عطية يغزل أعمالاً لاحقة لهذه المرحلة فى منطقة بعثية غنائية روحية تالية عنونها ب ( مابعد الإنسان والقماش ) ، والتى رسخ فيها للهفة عودة الروح للجسد كما سيحدث يوم البعث المهيب .
- أما الضوء فى أعمال هاتين المرحلتين فبدا أكثر نورانية وغير محدد المصدر ، منهمراً على المشهد كالسيل الروحى الذى غمر الأجسام بنفحات إلهية ، بحثاً عن الغيبى اللامرئى من خلال فرجون مغموس فى قارورة مملوءة بالنور ، لتتمحور درجات الألوان المتقاربة حول الأبيض البهى الذى تلاعب به الفنان عبر خطوط لينة حلزونية بدت كلعاب منير سال من فم طائر يلف الفضاء الكونى فى مرح وبهجة .. وقد أبقى عطية فى بعض الأعمال على علاقته بتراثه البيئى الأرضى فى ثنايا المشهد السماوى ؛ فبدا النخيل والجبال والبيوت بجدرانها ونوافذها وسلالمها وكأنها غادرت عالمنا الحسى لتسبح فى غلالات من النور الربانى .. وعند هذا المنعطف التصويرى يختزل عبد الرحمن عطية المسافة بين الأرض والسماء .. بين الشهادى والغيبى .. بين العابر والخالد ، مثل صوفى ناسك توحد مع أجساده التى طار معها ، تاركاً الأرض إلى كنف المجهول ، حتى أوشك أن يتحول إلى روح فرت من الجسد لتحلق فى دوامية صاعدة لأعلى صوب مشارف الحجب التى لاينعم بها سوى المريدين العاشقين .
- أما فى تجربته الثالثة التى اتجه فيها بكل طاقته مع نهايات التسعينيات إلى المعين التراثى الشعبى فقد جعلها بمثابة مدخل لتصوير مصرى معاصر كأطروحة نال عليهادرجة الدكتوراه من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 2000م ، حيث ظهر موازياً لهامجموعة من الأعمال تحت إسم ( لحن شرقى ) ، والتى ظهرت من خلالها عليه علامات النضج والإستيعاب لموروثه الثقافى متنوع الروافد ، بعد أن استفاد من تجربتيه السابقتين المشار إليهما سلفاً على الصعيدين الروحى والبصرى .. فقد انعتق من أسر المرئى وحررالنفس من محبسها الأرضى ، وأضحى يطلقها للبحث عن فوقيات وعلويات دون الإنفلات من تركته الذهنية والوجدانية ، وهو ما أسميه هنا بـ ` سوريالية اليقظة ` كحالة شرقية الفكر يتفرع منها ماأصفه إصطلاحياً بـ ` السوريالية الصوفية ` التى تنطبق فكرياً وأدائياً على عبد الرحمن عطية ، إذ يدفع فيها بمفردات تراثية شعبية مثل السمكة والقط والنخلة والعروسة ، لتغوص فى مسابح من النور البللورى، وهى التركيبة المنحدرة من ألواح ذاكرة المنشأ الأولى فى مدينة ` دسوق` التابعة لمحافظة كفر الشيخ ، حيث ذلك النيل البادى كعقد ماسى على صدرالمدينة ، وتلك الملامح البيئية المشبعة بالنفحات الدينية المنبعثة من مسجد العارف بالله إبراهيم الدسوقى الذى يبطن سماء المدينة بكثير من سحب الخشوع والتبتل ،الأمر الذى أثر لاحقاً على الفنان فى تصاوير هذه المرحلة التى أكد فيها العامل التراثى باستخدامه خامة ` التمبرا ` مصرية الأصل على التوال ، ليضفى مسحة من الخصوصية المادية على مثيلتها البصرية والروحية ، قبل أن يصل إلى إحدى درجات الوهج الصوفى .
- ففى عمل ` نهر الروح ` _ التسمية من وحى الكاتب _ يلجأ عبد الرحمن إلى خلق دائرة كونية بمثابة رحم روحى يحتضن بعض العناصر البيئية والتراثية ، علاوة على دفقات النور التى أصبحت تلازمه كسجادته ومسبحته ، ليحدث التلاقح لديه بين الحسى والحدسى .. بين الثابت التاريخى والمتغير اللحظى ، فتجد السمكة رمز الخير والنماء فى الموروث الشعبى تسبح فى نهر من النور داخل أجواء من الزرقة المونوكرومية فوق مجموعة من البيوت التى تشبه العرائس التميمية المجاورة لمثيلتها الزخرفية ، بينما الأشرعة تكاد تغادر الدائرة إلى مساحة سوداء تعج بالمجهول الآثر .. والعمل هنا يحمل كثيراً من الغرائبية المنضبطة التى تقترب به من حيز ` سوريالية اليقظة `التى أشرنا لها ، حيث إعادة صياغة العناصر التراثية فى وعاء نورانى تنطلق منه الروح لتصطاد مما وراء المرئى وتعود للجسد مرة أخرى كى تعانق الواقع والذاكرة معاً، بما يؤدى بنا إلى ماأسميه ب ` السوريالية الصوفية ` التى تتعلق بالحبل المغزول من الخيوط العقائدية والزمانية والمكانية معاً ، بعيداً عن بئر الغيبوبة والقطيعة المعرفية كما افترضت سوريالية الغرب ، وهو مايؤطر خصوصية تصاوير عبدالرحمن عطية المرقوشة بفراجين التراث المبللة من قوارير النور .
- وفى منطقة أبعد من المرئى نجد عمل ` طبق النور ` الذى يعتمد فيه عطية على ثلاثة أشكال هندسية هى الدائرة والمربع والمثلث فى خلق حيوية بصرية وروحية فى آن ، عبر تعددية الدلالة ، خاصة أنه يدفع بالعضوى فى أحشاء الهندسى ، مثل السمكة التى يزاوج بين هيئتها التلخيصية التعبيرية وكيانها التجريدى الصارم ، بمايرفع من درجة التناغم بين الإيقاعين الحسى والحدسى داخل الصورة ، حيث يتجاوز الحاجز البصرى للشكل إلى فضاءات روحية موحية تبدأ من الكلى لتصب فى الجزئى والعكس .. فالدائرة لدى عطية هى رمز للصيرورة الكونية كمفهوم مصرى قديم يؤكد عقيدة التوحيد ، وهو ماارتحل لآليات فكرية أخرى كالصوفية التى اعتقدت أن الكون دائرة مركزها الخالق ، علاوة على فروض سماوية مثل الطواف بالبيت الحرام فى حركات دائرية ، لذا فإن عبد الرحمن يستخدم الدائرة هنا بإيماءات أبعد من شكلها الظاهرى ، حتى يخيل لك أنه يقف فى مركزها كنقطة تشرع فى التوحد مع المطلق .. ومن هذا المبعث نجده يحيط الدائرة بمربع يقبض على أركان العمل ، فى إشارة له كسطح للكعبة وقاعدة لها وللهرم فى آن واحد ، بما يمثل بعداً عقائدياً وفلكياً كممثل للجهات الأصلية الأربع عند المصرى القديم ، ومنصة إطلاق نحو مشارف العرش عند المسلمين ، لهذا نجد عبد الرحمن يندفع من قاعدةالعمل الهرمية حتى يقترب لمنتصفه ؛ فيحدث القدر الأكبر من التوتر البصرى والروحى داخل المشهد ، سيما مع وجود الدائرة فى حضن المربع ، إضافة لتداخل العضويات المجردةمع البناء العام للتكوين .. فقد بدا الهرم وكأنه ينفث تلك الأشكال فى أرجاء الكون، فى تجاوز لكيانه كمقبرة إلى مفهوم فلسفى روحى بدا على أثره المشهد كصندوق زجاجى شفاف حشد فيه الفنان المتقابلات من السكون والحركة .. من الروح والجسد .. من الهندسى والعضوى ، عبر اختزال للزمن داخل رحم اللحظة .. أما اللون فى العمل فيحمل كثيراً من أريج البيئة بلقاء الأوكر بالأزرق ومشتقاته ، فى إيحاء بزواج النيل بالطين لإنجاب الأخضر ، من خلال اجترارات للبيئة الأم للفنان .. أما ألمع بقاع التفرد فكانت فى بللورات النور التى تغمر الصورة من خلال لحن بصرى نغماته من العشق والفناء فى الذات الإلهية كتجسيد للفلسفتين الصوفيتين `الحلول والإتحاد ` و ` وحدة الوجود ` ، حيث يشيد عبد الرحمن المشهد كمسابح نورانية تغوص فيها مفردات التراث الشعبى ، فى محاولة جادة للمزاوجة بين الفائت والآنى لصالح رؤية معاصرة تجمع بين الهرمية والدائرية والصوفية عند أعلى نقطة على منحنى الهوية المنقوشة بفراجين تراثية ناعسة فى قوارير النور .
- وتتوالى الجدليات البصرية والروحية الحاضنة لمزيج من مفردات التراث الشعبى وروافدالذاكرة ونسائم الروح وشلالات النور من أجل بلورة لغة تشكيلية حداثية متفردة عند عبد الرحمن عطية ، وذلك فى عملى ` نقوش توحيدية ` و ` أخاديد الذاكرة ` الذين يدوران فى فلك المقابلة بين المرئى واللامرئى ، حتى يصل الفنان إلى لغة بالغة الخصوصية فى نسج المنظر من خلال عمل ` المطاردة الروحية` الذى يتناول فيه مجموعة من المراكب على شاطىء البحر فى بلطيم عبر بناء تراكمى تظهر خلفه مساحة بللورية ناصعة البياض .. مدببة الأطراف ، بينما ظهر البحر فى العمق ، وعلا المنظر نخلة طائرة يطاردها طائر أبيض من نفس نسيج الكتلة البللوريةالبهية التى بدت مطاردة من الطائر كأنثى يلاحقها عاشقها قبل الفوز بها .. وقد ظهرالتكوين داخل جو رمادى قريب إلى الحلم منه إلى الواقع ، لذا أرى أن عطية فى هذا العمل قد تجاوز لغة المحاكاة البصرية إلى أبجدية المناجاة الروحية فى المنطقة التى يتم من خلالها السيطرة على نصف العقل الباطن ، بينما ينطلق النصف الآخر حراً ، لكنه يظل داخل مجال التحكم فى الوعى وإدراك المرئيات ، فى حين يبقى الخط الفارق بين النصفين هو الذى يمتزج فيه المرئى بما وراءه .. وهذا المفهوم الروحى المشتبك مع الواقع البيئى هو مايمكننا الآن أن نصطلح عليه بـ ` المنظر السوريالى` ، والذى يدفع الفنان عبره بمفردات الطبيعة الفيزيقية نحو عالم الحلم اليقظ عند نقطة منتصف الغيبوبة .. فمعظم عناصر المشهد من المراكب والسماء والبحر والطائر تحمل الصفة الحسية ، بينما تحليق النخلة وفرارها أمام الطائر يعطى العمل بعضاً من السمة الحدسية .. والفاصل بين الحالتين يبدو كخيط مشدود تقترب ثخانته من الشعرةالتى يقف عليها عبد الرحمن كالماثل على الصراط ممسكاً بعصا الإتزان ، وعن يساره مفردات البيئة والتراث الشعبى ، وعن يمينه أنهار من ماء الروح .. وأعتقد أن وصول الفنان إلى هذه البقعة على جبل الهوية فى هذه التجربة جاء محصلة منطقية لتجربتيه` من كتاب الأرض ` ، ` الإنسان والقماش ` ، حيث اتخذ الأولى قاعدة للعروج إلى السماء ، بينما جعل الثانية مثل سرر وثيرة يفترشها الضياء ، والتى يضطجع عليها تراث أمة توحدت ووحدت مالك الملك ، حيث يظهر عبد الرحمن عطية هنا برفقة فراجينه التراثية كأحد خيوط نسيجها العفى الذى تجدده العقيدة وترتق ثقوبه كلما عبث به العابثون ، فأنسجة الروح لن تبلى إلى يوم فيضان .
محمد كمال
مجلة أدب ونقد أغسطس 2014
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث