`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
هيام عبد الباقى فرج طلحه
هيام والضوء الصوتى
- إذا تأملنا إحدى اللوحات نجد شكل الجسم - على هيئة مستطيل به أربعة أرجل كأنها أرجل كرسى بدائى وفى الزاوية اليمنى العلوية تخرج رأس بيضاوية فى وضع أفقى وفى نهايتها ما يشبه الشعر المسحوب كأن الرياح عاتية أخذت به الى الخلف فى حين ثبات الحيوان أما الزاوية المقابلة فى اليسار ذيل عبارة عن مجموعة خطوط متوازية مائلة إلى أعلى يسارا ، البناء التشكيلى جرئ وجسور وتقنيا بالغ القوة والثقة والألوان الساخنة الصفراء منها والحمراء آتية متوهجة من الخلف ومساحات الأسود الأفقية والعريضة فى بطن الحيوان الخيالى كأن مولودا يحمل كينونته فى بطن أمه ، أما امتداد الرأس وخروجها من الجسد بقوة كأنها ممدودة جاذبة اللحم والعظم معا ويفعل قوة على الجانب الآخر غير المرئى ويتوسطها عين دائرية الشكل بياضها هلالى وأسودها دائرى فى وضع معاكس للحركة كأنها تنظر للخلف .
- هيام فنانة دارسة للفن ولكن ما نشاهده يدهشنا ويسعدنا هو فطرتها غير المعهودة للدارسين للفن ، وهذه الصفة المتناقضة هى سبب من أباب تفوقها وتفردها لأنها تركت عنان الإبداع للمشاعر والأحاسيس وكوامن العقل الباطن ليحول ما تعيش وما تراه إلى إبداع حقيقى غير مصطنع .
أ. د / أحمد نوار
جريدة الحياة 3/ 2 /2005
هيام عبد الباقى .. سرد مغاير لنفس ذات المتن
من منا لم يركن إلى نفسه فى لحظات تتقلب بين الإشتياق والإجترار للذكرى ؟ ...أعتقد أن الإجابة محسومة.
فجميعنا لا نستطيع المضى بدونها .. ولكن تتفاوت تلك المساحات التى نمنحها لتلك اللحظات ..فمنا من يتناول الذكرى فى ومضات سريعة دون إطالة ومنا من يمنحها مساحات أوسع من واقعه ووقته وكيانه ويتشدق بها ويتندر عليها ويمعن فى إعادة قراءتها وسردها ... وتأتى تجربة هيام عبد الباقى والتى ضمت أعمالها عن الحروفية لتسرد فيها تلك الذكريات .. ورغم كون تجربة الحروفية بشكل عام تجربة ذات أرضية واسعة مترامية الأطراف .. صال فيها وجال العديد من أساطين الفن إلا أن هيام عبد الباقى دخلتها بتلك الشحنة الكبيرة من الحماس .. لتعلن لنا أن الحرف فى عملها هو مجرد وسيلة لسطر متون الذكريات لديها ..ولكن سرعان ما أكتشفت أنها لم تفقد الكثير من تلك الشحنة الحماسية وتلك الطاقة الناتجة عنها .. وأن الحرف لم يصور فى طرحها التشكيلى حقيقة ما يدور بخلدها كما أرادت هى تصويره وتصديره للأخرين .. فجائت تجربتها الأخيرة والتى اتخذت فى شكلها حالة الملحمة وشكل السيرة .. مدعومة دعما كاملا بشخوص وأبنية وطيور وحيوانات ونبات معلنين معا بانهم سطور متن الذكريات المصور لديها .. والتجربة التشكيلية لدى هيام عبد الباقى فى صورتها النهائية والتى تعرضها حاليا . تاتى قوية متزنة جاذبة رغم إزدحام مسطحها وعلو أصوات حكاياتها والتى يلحظها المتلقى بشكل واضح فيزيد أقترابه ويطول وقوفه وتقطع عينه رحلتها داخل لوحتها ..كما أنها تشكيليا تحمل العديد من السمات المميزة لها على مستوى التكوين واللون والتقنية والأسلوب ..فكان توزيع الشخوص والحيوان والنبات والطير فى مسطحها المزدحم فى أعمدة رأسية تارة و سطور أفقية يعلو بعضها بعضا تارة أخرى . لتصور مشهدا لبانوراما المكان والنشأة والبيت والأحلام والأمنيات والأهل والأصحاب والجيران ومرتادى الطرق والمناسبات والأعياد والأفراح والمأتم .. جاء المشهد فى منظور إتسم بالقبول البصرى لدى المتلقى واحتفظت فيه هيام عبد الباقى بخصوصية كافة الذكريات كلا على حده وميزتها إما بنص مكتوب أو تعبيرية فى التكوين . أو مأثورة قول أو بيت شعر . أو مطلع اغنية أو عبارة دارجة ذات سلب او إيجاب . ولم تغفل فيه نهارية المشهد أو مسائيته .. وحافظت فيه على صوتياته بتمكن شديد .. فأشارت للأصوات المسموعة والواضحة فى مشهدها بحروفية داكنة وكأنها تؤكد على أن شخوص المشهد ذوى أصوات مسموعة ومفهومة .. وأشارت إلى الأصوات الخافتة والبعيدة بتفريغ حروفها من مداد فرشاتها وأكتفت بخط رقيق يلف الحرف من الخارج فجائت رمزية الحرف لديها من حيث الرسم بدرجات نهائية من النجاح .... أما عن اللون والذى غلبت عليه الدرجات الداكنة فقد جاء نموذجا لرمزية ما يقع فى نفسها عن ذكرياتها وأبتعد عن تلك الدرجات الصدئة التى ترمز الى قدمه داخل كل منا لتصل به هيام عبد الباقى الى درجات العبق المعبرة عن جانب الأصالة الذى يتمثل فى قريتها ومسقط راسها وما يمثله لها مجتمع القرية من أهمية بالغة فى شخصيتها وإنعكاسه على طرحها ومسطحها ..ولم تغفل هيام عبد الباقى اللون فى بعض المشاهد والذكريات فقد أضافت بحرفية بالغة درجات مائية من الالوان الكاشفة والتى بدت كإنعكاسات ضوء ملونة على شخوصها ومجريات سردها لتوظفه شارحة ما مثلته لها تلك الذكريات من آمال وآلام وأفراح وأحزان ونجاحات وإخفاقات وإنتصارات وإنكسارات وما يتفرع من مسميات الأحاسيس والمشاعر .. إلا أن أكثر مفردات اللوحة جذبا لى فى لوحات هيام عبد الباقى هى تلك المساحات الفارغة والتى شاهدت فيها نوعان من المشاهد .. الأول .كان مصاحبا لمساحات الابيض الضيقة أسفل اللوحة وكأنها كانت ترمز به إلى خارج حدود ذالك الوطن الصغير المتمثل فى تلك القرية وكأنها كانت ترمز إلى المجهول وقد حاصرته فى مساحات ضيقة ربما لتسجنه فتأمن شر مجهوله ...والثانى كان مصاحبا لتلك المساحات الأكثر إتساعا فى الأسفل.. وكان يعلو اللوحة وشعرت معه بتطلعها إلى السماء او الفضاء أو بمعنى أكثر دقة إلى المدى فى مطلقه وكأنه رغم ضيق مساحته فى مسطحها إلا أنه أشعرنى بنوع من الإتساع فى خلفية مشهدها .
ولم تغفل هيام تفاصل التفاصيل . فصورت لنا قطط قريتها وموائها ونباح كلابها وصياحة ديكتها ..لم تنسى أشجارها وأبنيتها وصاغت حيواناتها بخصوصية شديدة وكانها كانت تميزهم عن حيوانات القرى المجاورة .... فقطها لا يشبه اى قط ..هو قط حكايتها وليس اى قط اخر .. صاغت سوق القرية وتراص بائعيه وانتشار مشتريه .. صاغت لنا فرحة الاطفال بالعيد .. صاغت عجائن البشر وسلوكياتهم .. فرأت فيهم الطيب والماكر والشريف والخبيث والعفيف والكاذب والصادق والمعترض .. صاغت أنماط البشر الذين إلتقيناهم جميعا فى ماضينا .
إن تجربة هيام عبد الباقى من التجارب الجديرة بالإحترام والإهتمام والتى تدفع المتلقى بل وتجبره على الوقوف والتمعن وتجذبه أكثر مع ولوجه البصرى داخل مشهدها .. لقد قرأت علينا هيام عبد الباقى متنها بتصويره بأبعاد فكرية وسمعية وبصرية صدرت لنا المشاعر والأحاسيس والوصف والتحليل لواقع إفتخرت به بداخلها قبل أن تفتخر به أمامنا ..وأعتزت بأحداثه بكل ما فيها حتى وإن آلمتها وجرحت جانبا منها لقد صاغت حروف أبجديتها بصدق وعدم افتعال فوصل إلينا وأخترقنا بلا جهد منها ... قد يسهب كل منا فى سرد ذكراه من خلال حديثه .. أو يختزله بداخله من خلال إقتناء أثر منه .. أو يقف على أطلال أبنية عاش فيها يوما .. أو يتردد على أمكنة ودروب خطى فيها وظلت ذكراها بداخله ... إلا أن هيام عبد الباقى سردت لنا متن ذكرياتها وحكايات أبطالها بمهارة فائقة وجاذبية مميزة وخصوصية شديدة فكانت تجربتها .. ( سرد مغاير لنفس ذات المتن ) .
ياسر جاد

هيام عبد الباقى رسامة الشعر والحواديت
أول كلامى سلام أيام فى حضنك أنام. الإنسانية هنا يا مصر يا أمنا حروف شيخ الشعراء` فؤاد حداد ` ، كيف وجدت طريقها إلى سطح لوحات ` هيام عبد الباقى` ؟ لكنها ليست تلك الحروف فقط التى تسللت بين ثنايا الأشكال والخطوط والألوان فى لوحاتها ولتحتل مكانة مميزة شكلا ومعنى وحضورا وتأثيرا وكأن الفنانة الشابة تكتب نفسها مرة باللون الذى يشابه لون الأرض والطين ومرة الحروف التى تشى بالمعانى ، وليس فؤاد حداد هو الوحيد الذى احتفى بمعانى كلماته ` هيام ` ، بل حلقت رباعيات الفيلسوف صلاح جاهين ضمن نسيج لوحاتها لتعكس فسيفساء ملونة لمشاهد تتجاوز الواقع بقليل إلى فضاء الواقعية السحرية .
جاء معرض ` هيام عبد الباقي` بجاليري (آرت لاونج)، لثير الدهشة والتساؤلات بل والحيرة، سواء عن اسرار تقنية وصناعة لوحاتها المعروضة، او عن تلك الطاقة الهائلة التي استطاعت من خلالها ان تجعل من لوحاتها ملعبا لسرد الحكايات علي نحو غير مسبوق. فقد استخدمت تقنية طرق الحذف من علي مسطح اللوحة، علي عكس المعروف والسائد بان التصوير و(الرسم الملون)، هو الاضافة والمزج والتراكيب، وذلك لدرجة ان المشاهد لا يستطيع الوصول الي اسلوب معالجة العمل وطريقة التلوين من فرط القدرة علي الصياغة اللونية.
كما تجاوزت هيام الحد فى السرد لدرجة انها التقت مع فن المنمنمات ذلك اللون الخاص من فن التصوير، الذى يُعرف باسم التزاويق، وطوَّره الفنانُ المسلمُ الذى ورث أصوله من الحضارت السابقة على الإسلام ، خاصةً الحضارات الهندية والفارسية.
وعلي الرغم من الدراما التي تعكسها ` هيام ` ، في لوحاتها الا ان تفاصيلها الكثيرة تدعو الي البهجة، والتفكير فى ماضي وحنين الي ذكريات متنوعة فى الغالب تثير الشجن، والألفة، والود والرغبة فى البوح والكلام والحديث، والحوار.
يلتقي اسلوب ` هيام` ، مع تيار الواقعية السحرية أو العجائبية تلك التقنية التي غلبت على كثير من الأعمال الروائية في الأدب الألماني منذ مطلع الخمسينيات وأدب أمريكا اللاتينية بعد ذلك, ثم وجدت طريقها إلى بعض الأعمال في آداب اللغات الأخرى. و تقوم هذه الواقعية على أساس مزج عناصر متقابلة في سباق العمل الأدبي, فتختلط الأوهام والمحاولات والتصورات الغريبة بسياق السرد الذي يظل محتفظا بنبرة حيادية موضوعية كتلك التي تميز التقرير الواقعي.
و توظف هذه التقنية عناصر فنتازية كقدرة الشخصية الواقعية على السباحة في الفضاء والتحليق في الهواء و تحريك الأجسام الساكنة بمجرد التفكير فيها أو بقوى خفية بغرض احتواء الاحداث السياسية الواقعية المتلاحقة و تصويرها بشكل يذهل القارئ ويربك حواسه فلا يستطيع التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي. وتستمد هذه العناصر من الخرافات والحكايات الشعبية و الأساطير وعالم الأحلام والكوابيس. وتتشابه الواقعية السحرية مع حكايات ألف ليلة و ليلة في التوظيف الفطري, مثل ما نجده في قصص الجان, والبساط السحري, ومصباح علاء الدين. .
لذلك فيما يبدو ان هيام عبد الباقى عثرت على مفتاح صندوق الجدة، وراحت تستخرج منه كل يوم صورة، وحكاية، وحرز، وحجاب، فقد جاءت من مكان يقع فى موضع القلب، من دلتا النيل (قرية سيدي سالم - كفر الشيخ) ، معبأة بتراث طويل من حكايات الناس والارض، فقد نبتت فى أرض عطشى للماء، رغم أن الشاطئ على بعد خطوات، من أقدامها، جاءت الى الدنيا، التى رسمتها فى لوحتها، بأحساس تلقائى مصحوب بدهشة مبهجة، الدهشة هو اول ملمح يمكن ان تراه فى شخصية الشابة المتطلعة الى عالم الجمال السحرى، وربما أن الدهشة هى المكون الرئيسى فى تكوينها الفنى ايضا.
عالم ساحر من الحكايات فى براح جميزة عتيقة، تتداعى علي اغصانها الحواديت فى ليال مقمرة، ولون محايد فى نسيج الفضة معدنه والذهب قوامه، هذه العناصر هى ملامح التجربة الانسانية وابداع الفنانة الحالمة هيام عبد الباقى،عالم تمزج فيه بين الخيال والواقع فى آن , فتختلط الأوهام و المحاولات و التصورات الغريبة بسياق السرد الذي يظل محتفظا بنبرة حيادية موضوعية كتلك التي تميز التقرير الواقعي، حتي تلتقى مع تيار الواقعية السحرية، عبر مشتركات، اولها الرغبة الملحة فى احداث تقنية جديدة، على طريق التفرد، واطلاق كوامن الخيال، والغرائبية، ومزج الواقع برؤي ميتافزيقية.
تلتقى تصورات هيام مع الواقعية السحرية، ليس فقط على المستوى البصرى بل ايضا فى شهوة السرد المسهب، على نحو يذكرنا بكتابات أديب نوبل ` نجيب محفوظ` ، واستطاعت ان تنقل السرد المحكى شفاهة، والرغبة فى الحكى البصرى، لتحول الاشياء والاشكال الي ما يشبه الايقونات.
لدرجة انها كتبت علي صدر لوحاتها: ` بقعد أحكى ` ، تلك اللوحات التي تدفعنا الي احساس بكر بميلاد الرسم علي جدران الكهوف، فقد رسمت اصل الاشياء، بشعور عميق يقابل صدمة رؤية بداية الموجودات فى الكون.
سيد هويدى
الأهرام 24-10-2014
هيام عبد الباقي تحكي الإنسان المصري
من رسومات الكهوف إلي ثورةيناير..
منذ عشرين عاما انتقلت الفنانة هيام عبد الباقي إلي القاهرة، ورغم صخب المدينة وحياتها العصرية إلا أن ذلك لم يؤثر علي الفنانة التي ظلت تحمل بداخلها حياة القرية بثرائها وتراثها وحكاياتها وتفاصيلها ولم تغفل منها شيئا بل إنها تعمقت وتغلغلت داخلها لتسيطر علي عالمها الوجداني والفكري لتخرج هذا المخزون في شكل حكايات مرسومة متعددة التفاصيل.
حكاية واحدة من حكايات د.هيام عبد الباقي قادرة علي أن تختطفك لوقت طويل غير محسوب علي عقارب الساعة،فما أن تدخل إلي عالم اللوحة الزاخر بالتفاصيل حتي تندمج في عشرات المشاهد والأفكار التي تسطرها هيام في كل سنتيمتر مربع من مسطحها الذي يروي بلا توقف بروح مصرية صميمة،وهو ما علق عليه الناقد ياسر جاد قائلا كان توزيع الشخوص والحيوان والنبات والطير في مسطحها المزدحم في أعمدة رأسية تارة وسطور أفقية يعلو بعضها بعضا تارة أخري، لتصور مشهدا لبانوراما المكان والنشأة والبيت والأحلام والأمنيات والأهل والأصحاب والجيران ومرتادي الطرق والمناسبات والأعياد والأفراح والمآتم .
تبتسم الفنانة هيام عبد الباقي خلال لقائي بها وسط لوحاتها التي قدمتها في معرض متميز استضافه جاليري آرت لونج بالزمالك قائلة كل معارضي تحمل اسم `حكايات` عدا معرض واحد سميته `المكتوب علي الجبين ` ، مارست خلاله أيضا الحكي لكن من خلال الكتابة داخل البورتريه، وتضيف ربما يرجع ذلك لارتباطي بحكايات الجدة والجرن والغيطان والبيوت القديمة، وفترة الطفولة حيث نشأت وتربيت في الريف، وعشت تفاصيل تلك الحياة وتشربتها.
مئات الشخصيات التي تندمج معا داخل العمل الواحد، اندماجا أقرب لما قد تراه في الريف أو المناطق الشعبية ،حيث تذوب الفنانة داخل الناس، ولذا تجد شخوصها تتضافر في حالة قرب فيما يعكس حالة الانتماء والدفء والمحبة والسلام ،بل إن ذلك الامتزاج يمتد ليشمل الحيوانات والبيوت التي تتلاحم مع البشر لتؤكد حالة التعايش الإيجابي.
وعلي الرغم من تعدد الشخصيات التي تقدمها هيام داخل العمل الواحد إلا أن المرأة تسيطر في الغالب علي المشهد، حيث تقول هيام أقدر المرأة جدا وأشعر أنها مظلومة ومضطهدة وأن كثيراً من حقوقها مسلوب،وقد عشت مع الفلاحات ورأيت عظمة المرأة في تحمل أعباء كثيرة، ولذا جاء طغيان المرأة علي المشهد التشكيلي في أعمالي بصورة تلقائية، بل إنني لم أنتبه لهذا الأمر إلا عندما لفت أحدهم نظري لذلك.
ولايمكن فصل الكلمة عن أعمال الفنانة هيام عبد الباقي حيث تتضافر النصوص والحروف مع باقي العناصر داخل اللوحة، فلم تعد الشخصيات تعيش داخل الحكاية فحسب،بل إن الحكاية تتضافر مع الشخصيات لتصبح جزءًا منهم ويصبحوا جزءًا منها .
والكلمة تعتبر محركاً وجدانياًقوياً لهيام حيث تراها تغرق تارة في رباعية لجاهين أو قصيدة لفؤاد حدادأو تغضب مع قصيدة ` لا تصالح` لأمل دنقل، أو ربما تتأمل حياة الناس من خلال الأقوال المأثورة وقد طرحت الفنانة في أعمالها العديد من الأسئلة الفلسفية كقيمة البحث عن السعادة، وبحث الإنسان عن ذاته وعن هويته
وقد شعرت حين بدأت قراءة حكايات هيام الفنية بالونس والألفة كما شعرت أنني أقوم برحلة بدأتها منذ عهود ما قبل التاريخ حيث رسومات الكهوف وانتهيت بها عند ثورة? ?يناير وما خلفها من تبعيات،تقول هيام : ربما يعطي الأسلوب الذي استخدمه وألواني ذلك الإحساس بالقدم حيث كنت أستخدم الأصباغ الطبيعية علي ورق قطني ثم انتقلت للأكاسيد الترابية، وأنا بالفعل أحب رسومات الكهوف، حيث تشغلني فكرة الحكي عن حياة الإنسان علي الجدران وكيف ترك الإنسان البدائي آثاره هناك خالدة عبر السنين ولذا تختفي الملامح في إحدي لوحاتي،حيث يموت الإنسان وتبقي آثاره.
ومن رسومات الكهوف تمتد الرحلة في كثير من المشاهد لتغوص في تفاصيل الحياة المصرية وصولا إلي ثورة يناير التي تراها بارزة في بعض اللوحات،فهناك تلك اللوحة التي تروي دور المرأة في الثورة،أو حين ترسم هيام مصر وكأنها امرأة في حالة غضب تجر وراءها كل الحكايات الأخري، ثم حين يسيطر الكلام علي المشهد التشكيلي فيما يشير إلي تلك الفترة التي غرقنا فيها في الشائعات حيث تتواري الشخصيات لتترك المساحة لصخب الكلمات. حكايات هيام التشكيلية بالفعل ممتعة، وتحتاج لأكثر من قراءة علي أكثر من مستوي.. وللحكاية دائما بقية نستكملها مما تتركه داخلنا من معان وقيم.
منى عبد الكريم
أخبار الأدب 2-11-2014
هيام تستعيد ثوب الفرح
شدتنا الفنانة هيام عبد الباقى منذ بدأت مشوارها الفنى ` بهيامها ` بتصوير المجاميع الغفيرة من البشر والحيوان والطير ..حالة تبدو أحياناً أقرب إلى الهجرة الجماعية لشعب أو لجماعة بحثاً عن الماء والرزق والأمان. وتبدو أحيانا أخرى مسيرات طقوسية مدفوعة بدوافع وجودية نحو المجهول مثل أنواع من الطيور والأسماك وثالثة تبدو حالة احتفالية بالحياة ومباهجها مهما بلغت من الفقر والتقشف .وكان هذا ` التقشف المعنوى ` ينعكس كذلك على سطوح لوحاتها ( خامة ً ولوناً وتنوعاً خطياً وملمسياً) فتبدو فى كثير منها أقرب إلى رسوم الكهوف البدائية أو إلى واجهات البيوت الشعبية فى المناسبات الدينية والاجتماعية .وفى جميع الحالات كان ` السلام ` هو القاسم المشترك بين مسيرات وحركات الجموع .إذ تخلو من الصراع ومن هيمنة البطل الفرد.بل كانت لوحاتها تمثل دائماً بطولات جماعية .
فى معرضها الحالى تبرز من جديد خاصية الجموع الغفيرة مع اختلاف الحالة التعبيرية والبناء التشكيلى ..فالحالة التعبيرية هنا حالة احتفالية بامتياز بشعور متدفق بالبهجة والفرح والاقبال على الحياة أفراد وجماعات يمارسون الرقص والموسيقى والألعاب وسباق الدراجات وإطلاق الطائرات الورقية الملونة والالحان الصاخبة بالمزامير والابواق والدفوف. فى جو من الطفولة البريئة والروح الشعبية فى المدينة والريف ما يكسب اللوحة شخصية موحدة متفردة ..اما الحالة التشكيلية فتستفيد كثيراً بمعطيات فن التصوير وهو ما كان ينقص لوحاتها القديمة ، فرأينا اليوم ثراء لونيا يكتسى برداء أزرق شفاف مطرز بلمسات وردية أغلب الأحيان وملمساً خشنا نتيجة استخدام السكين فى وضع العجائن اللونية الدسمة بديلا عن الفرشاة.وهكذا نرى اللوحة تنضج بحالة من التدفق العاطفى ومشاعر الحب، وسط جو من الزحام الصاخب والايقاع الحركى راسيا وافقيا، عبر الخطوط والكتل وما بينها من فراغات مضيئة واشعاعات تنبثق من وسط الجموع أو من داخل الوجوه والاشكال وليس من مصدر خارجى ويتم هذا الصخب البصرى بحس الدندنة الايقاعية والتشابكات الأرابسكية على امتداد الطول والعرض لمساحة اللوحة بدون التفات من الفنانة لترتيب احجام القريب والبعيد وفق قانون المنظور الهندسى وقد يكون القانون الأقرب إليها هو قانون التصوير المصرى القديم القائم على تصفيف الأشخاص والعناصر فى صفوف أفقية متتابعة .ثم تخترقها فجأة خطوط رأسية لأحدى الشخصيات بحجم أكبر لتقوم بدور البطولة .من هنا نرى أن ما يبدو من فوضى تصميمية يحمل بداخله نظاما عفويا مدفوعا بحس وجدانى لا بحساب عقلانى والمرأة هى البطل الرئيسى فى المنظومة الجديدة لهيام عبد الباقى طفلة وفتاة وزوجة واما وحتى راعية غنم ولم أجد فيما ذكرته لى عن معايشتها لحياة البدو وتأثرها بعالم النساء فى منطقة دهب بجنوب سيناء لأكثر من عام ما ينطبق على عالم هذه اللوحات .الا بالمفهوم السيكولوجى الذى يتمثل فى حلم المرأة بالحرية والانطلاق .بعيدا عن كبت التقاليد الصارمة التى تفرض عليها الخباء داخل نقابها ومنزلها معاً إذا تفجر الفنانة كل الرغبات المكبوتة للمرأة البدوية فى السفور واستعادة طفولتها المسلوبة منها وحقها فى اللعب والحب والاختلاط بأقرانها وبالوافدين إلى بلدتها من كل أنحاء العالم. وقد يرشح بهذا المعنى كذلك ما يتبدى فى عدد من اللوحات من رسائل الحب المتبادلة من خلف الظهور على شكل ورود وقلوب. فضلا عن الطائرات الورقية الملونة بشتى الألوان وهى تنطلق فى الفضاء حاملة معها احلامها الموءودة .
` الواقع والا واقع ` يتبادلان الأدوار فى هذه اللوحات .ويعكسان - عبر وجوه وسلوك البشر - هوية البيئة الصحراوية والشعبية معا ومن ورائها هدية الانسان المطلق بغير مكان محدد أو زمان معلوم وقد نرى الفنانة تقع أحيانا أسيرة للصورة النمطية للمرأة المصرية فى أعمال بعض الفنانات والفنانين المصريين خاصة فى مشاهد السوق واللعب وحاملات الجرار والعروسة القطنية لكنها فى الاغلب الاعم من لوحاتها تقدم نموذجا طازجا خاصا بها مستقلا عن نماذج نساء الفنانات مثل تحية حليم ومارجريت نخلة وعن نساء الفنانين مثل سيد عبد الرسول وعمر النجدى .. وهنا تصبح أكثر اقترابا من حس الطفولة ومن النزعة العفوية على ضفاف الشخصية المصرية.
عز الدين نجيب

فى معرضها بقاعة ابونتو هيام عبد الباقى وحكاية الثلاث بنات
- كانت الجدة تحكى ` مثل كل الجدات فى ريف مصر بطول الوادى واتساع الدلتا ` حكاية الثلاث بنات المتداولة زمان على لسان .. وزمان هنا أيام .أن كانت الدنيا غير الدنيا والريف مفتوحج على نبع الحكايات وكانت البنت الصغرى الأكثر جرأة وجسارة كثيرا ماتخرج على الإطار فهى محور الحدوته وقدس أقداسها فى كل مرة تقع فى مشكلة حتى تصل بنا إلى ذروة الحكاية مثلما داعبت الخيال على الحائط ذات ليلة وأطفأت لمبة الكيروسين وأوقدتها .
من موقد الساحرة العجوز وما زالت الجدة تحكى .. ومثلما يجرى النيل بلا انقطاع ينساب مستودع الحكايات لا يتوقف الا مع إغفاءات الصغار الذين ينامون مع الأحلام وبين الواقع والخيال مسافات شاسعة من بحار وسهول وجبال .
والفنانة هيام عبد الباقى لم يكن لها جدة ككل الأطفال فقدتها فى الصغر .. كان لها صحبة من البنات وكانت الحكايات تتناقل فى الامسيات القمرية خاصة مع ليالى الحصاد ومواسم الجنى التى لا تعرف المملل .. ليالى السحر والخير الوفير ومن بداية رحلتها مع الابداع ومن اول معرض وحتى معرضها المقام حاليا بجاليرى ` ابونتو ` .. تقدم فى اعمالها تفاسير تصويرية .. عالم من الصور تتزاحم فية العناصر تتقارب وتتجاذب فى سلام ووداعة ومودة فيه من روح الارض الطيبة ووجدان وضمير البسطاء .. والناس فى بلادى طيبون بتعبير صلاح عبد الصبور . فى مركز ` سيدى سالم ` بقرية صغيرة خضراء من ريف الدلتا بكفر الشيخ نشأت الفنانة هيام عبد الباقى مع كتاب الحكايات على دنيا المحبة انعكست فى اعمالها فيما بعد .. دنيا تتألف فيها العناصر وتتوحد الكائنات من البشر والطيور والحيوانات مع شجرة التوت وحركة الحنطور ودوران الساقية وهدير ماكينة الطحين .. ودراما تعد .
فى عمق المدرسة التعبيرية .. ليس هذا فقط بل لقد شكلت عالما من وحى وهجها يجعل من اللوحة حالة وايقاعا ونسقا ومنظومة لونية تتألق بسحر التعبير وفيض الانفعال ورحابة التشكيل .. والفنان التعبيرى يقذف بنفسه على سطح الفضاء التصويرى فتصبح اللمسة ما يجسد خلجات الوجدان والاحساس .... ما يجعل الصورة الفنية ليست نقلا للواقع الخارجى بل هى افراغ لما فى داخل الفنان من شحنة عاطفية متولدة .
الأسطورى والخيالى
تقول : ` اعبر عما يجيش بداخلى من معايشة للبيئة المصرية سواء الشعبية او الريفية ودائما ما يجذبنى عالم الاطفال .. يظهرون فى لوحاتى بروح اللعب والحركة ومكونات البيئة من بيوت واشياء واحيانا اعتبر الحيوان والطير بدلا من الاشخاص لأعبر عن افكارها من خلال ماتحتويه حركاتها وطيرانها .. ودائما يشغلنى علاقة المرأة بالطفل وبإشباعها داخل بيئتها وداخل حلمها الاسطورى والخيالى سواء كان حلما سرياليا او من ذاكرة الطفولة `.
دأبت هيام عبد الباقى فى اعمالها الاولى على دنيا مفتوحة على كثافة العناصر والكائنات التى تعكس لحركة الحياة : نساء واطفالا وقططا وحيوانات وبيوتا وسطوحا بين الواقع والخيال من خلال اصباغ ملونة يغلب عليها الاسود حتى انها من فرط توالد الكائنات تقترب من روح الارابيسك او المنمنمات ما ان يسيطر فيها اللون حتى يتخلله الابيض المشغول بالخطوط المائلة والهندسيات الصغيرة من الدقة والرقة والصخب والهمس مع البيوت والبوابات من خلال منطق الصف الافقى المتمثل فى حركة البشر والرأسى من البنايات وكانت تنظر من اعلى للاشياء بمنظور عين الطائر.
وظلت هيام تبحث فى ايقاعها الشعرى الذى يغنى للانسان فى احلام وذكريات تتعانق والاسطورة مع الروح الشعبية .. مطلقة على معارضها التى توالت عنوان ` الحكايات ` .. وانتقلت من الخفوت اللونى الى الوان جهيرة فى تركيبات لونية يمتزج فيها اللون بالزمن الذى تسترجعه فى فضاءاتها التصويرية زمن موغل فى الذكريات والاحلام .. وربما جائت ` لوحة الثلاث بنات ` استرجاعا لحكايات الجدات التى سمعتها من اصدقاء الطفولة .. ثلاث كأنهن يتحدثن والحوار يسرى بين المساحات والمسافات .. كل فتاه تمسك بزهرة وفى بؤرة اللوحة اصيص يثلاث زهور فى رمزية لأجمل البنات ونفاجأ فى الخلفية بفتاة تحمل ابريقا معادلا للعطش والارتواء .. فى اعمالها الحديثة التى تنتمى لهذا المعرض اختزلت الوجوه الى كريات بتفاصيل محدودة مع الرقاب الطويلة التى تذكرنا بنساء ` موديليانى ` مع اختلاف المسافة بين لمسة الشرق والغرب واعتمدت على الايماءات والاوضاع الامامية والجانبية التى تؤكد روح المحبة والتواصل.
فى هذا المعرض اتسع الحلم واخذت الشخوص مكانتها وكيانها بعد ان كانت من قبل بهيئات دقيقة وصغيرة .. كل لوحة حالة وكل حالة تعبير مسكون بالذكريات والاشواق .. تبدو لوحة ` الحنطور ` اشبه بالحلم .. فى المقدمة زحام البشر بين الجلوس والوقوف زحام من الحب والالفة التى تضفيها البهجة اللونية وكأنهم فى همس دائم وحوار واحاديث وفى الخلفية نطل على حركة انسيابية للحنطور والحصان والكل فى انتظار وبين الرأسى المتمثل فى الناس من النساء الجالسات والثراء والتنوع التشكيلى فى معالجة المساحات والمسافات والافقى فى الحنطور ينساب هذا الحوار الصامت .. حنطور السعادة الذى يجوب الآفاق يقطع الطرق بين المروج الخضر والاشجار فى حضور هذا الجمع .. ومن سحر التعبير الشعبى تطل ` العروسة ` جالسة على دكة خشبية فى رداء من الابيض البرىء ككل العرائس وكأننا فى ليلة الحنة حلم كل الفتيات ويبدو اصيص وبه زهرة حمراء فى جانب على الدكة ووعاء به ثلاث شمعات على الجانب الثانى .. وهى جالسة فى انتظار الذى يأتى ولا يأتى والحلم اصبح بعيد المنال .
غزل البنات
وفى اعمال الفنانة صور كثيرة شاهدناها وشهدها الريف المصرى وهى صور تضيف اليها مع الاشواق والحنين ما يثير الدهشة ويولد الرغبة فى التأمل وربما كان مشهد بائع ` غزل البنات ` بمزمارة الشهير ما يوحى بمشهد سريالى ينتمى للسريالية الشعبية رغم واقعيته فهو يصطحب معه عنزة وعلى قارعة الطريق نجد فانوسا فى مقدمة اللوحة ملقى على الطريق .
وقد كانت عربة ` البطاطا ` مثيرا فنيا بالنسبة لهيام عبد الباقى فهى ظاهرة شتوية تبعث على الدفء .. تقول الفنانة انا عملت حالة بطاطا اللوحة كلها بطاطا الالوان تأخذ من بشرتها وشخصيتها من اللون الطوبى والاورانج البرتقالى .. وفى هذه اللوحة تلجأ الى الايقاع الهندسى من خلال هذا التداخل والتماس لعربات البطاطا التى تعد ظاهرة شعبية ما زالت تجوب الاحياء الشعبية فى الريف والحضر بالقاهرة واقاليم مصر .
وتتسع اعمال الفنانة من العنصر التعبيرى المفرد كما فى الصور الشخصية التعبيرية مثل ` العروسة ` ووجه فتاه بشكل امامى ووجه اخر فى وضع جانبى ` بروفيل ` وهى بتلك الوجوه تعنى دور البطولة للمرأة او الفتاة والتى تتربع فى بانوراما اعمالها عموما .
والوان هيام عبد الباقى فى تركيبات مؤكسدة تستحضر فيها الزمن فى نسيج من النغم فيها الشوق والحنين من الهمس والشاعرية وفيها روح الريف او الحس الشعبى الذى يطرب ويشجى .. ولعل فى اعمال الفنانة ما يتواصل مع المشاهد القريبة من القلب والتى تجلب المسرة نطالع بقايا من بقاياها بالريف البعيد .. فهى مشاهد مألوفة لكن تبدو وكأننا نراها لاول مرة وقد اضافت اليها لمستها التعبيرية ولمسة الممكن والمستحيل بمعنى اخر روح الخيال على خلقية من الواقع الشعبى والريفى والذى كان واصبحنا نهفو اليه بعد ان طواه النسيان واصبح فى ذاكرة الزمن تحية الى هيام عبد الباقى فنانة مننا .. من مصر.
صلاح بيصار
القاهرة : 11-4-2017
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث