`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد منيصير محمد
` شواهد الصمت ` فى معلقانه التهشيرية
فى معرص محمد منيصر بسفر خان
الفنان محمد منيصير أقام عرضا كبيراً فى القيمة والكم بجاليرى سفر خان بالزمالك ... هو فنان شاب متميز رغم قصر تجربته زمنيا لكنه يدرك ما يقدم ويجتهد أن يكون متميزا متفردا وليس صورة من أحد فهو يعمل على عقله وإدراكاته بقناعاته الخاصة دون إهمال ارتفاع مستوى التقنية .. الفنان منيصير خريج تربية نوعية ولم يبدأ مشاركاته فى معارض جماعية إلا عام 2009 ثم فردية تميزت فى معرضه هذا كمعارضه التى أقامها العام الماضى لتكون امتداد لنفس التجربة ولكن من يزر معرضه يعتقد أنه يشاهد تجربة شديدة النضج لفنان صاحب رؤية وتجربة طويلة زمنا وقيمة .
مع محاولتى الكتابة الاولى واستحضارى لما صورته من لوحات المعرض المرسومة معتمدة على الحبر الأسود وقليل من اللون تراكمت أمامى معانى شكل خطوط اللوحات اللامقروءة كأننى أشاهد نصا غير مقروء لأحد تعاليم ` الطاو ` وما خلقة فى نفسى من غربة أمام شكلى الخطوط وما توحية من معنى متعثر ـ كأننى أمام لغة بصرية غير منطوقة ـ تقول فى معناها كأحد تعاليمة : ` كونك أو عدم كونك يأتى من أرض واحدة .. وما يميزها فقط هى الاسماء أو تتميز فقط بأسمائها وهذه الأرض الواحدة تسمى الظلام.. ولتعمق أو تعميق هذا الظلام يكون هذا بوابة كل ما هو عجيب ` . ولأن الرسم هو حالة تغيب عنها أثناء رسم الفنان لوحاته أو لمعلقانه لذا يعمد إلى التكرار التهشيرى .. ربما بمنطق مفهومى معتمدا على شكل الخطوط الشبة حروفية أو كأنها عضويات مموهة تتفاعل مع الحواف وتحتل فضاء المرسوم تلتهمة على أكبر مساحة ممكنة ليشكل من مجموع تراكمها العشوائى جدارية تهشيرية كمعلقة غير مقروءة .. ليقف المشاهد هنا أمام جدار غير منطوق جدارية أو معلقة أو فى مساحة أصغر لها قيمتها الجميلة بصريا لكنها صامته بلا صوت .. كما أنها ليست لشخوص ولا علامات ولا رموز فربما قصد الفنان أو حاول جعلها مفتوحة للمعانى ولمبادئ التوازن التى تحكم العالم داخله فربما هى لهيكل العقل اللاواعى بمخزونه التراكمى .. وربما لهذا كما أعتقد أسمى الفنان المتميز معرضه ` صمت ` .
والفنان الذى لا يصور لشىء بل يرسم كشكل الحرف أو الكلمة يستحضرها صامته كأنه يستحضر مقتطفات متقاطعة كى يشكل داخل معلقته طاقة هيكلية .. فهو هيكل خارجى من حركة تهشيرية لطاقة ضمنية .. كما أن الفنان اعتمد على التعامل والشرائط العمودية ولحزم من لا منطوق ما يشبه الأحرف .. لتتحول لوحاته المعلقة داخل جاليرى سفرخان ` كشواهد الصمت ` . لوحات الفنان الشاب منيصير شديدة الثراء البصرى وأيضا ثرية فى حلولها التى تضمنتها الأعمال صغيرة الحجم من اختراق أو تراجع للحزم الشبه حروفية لتخلق فراغا يكسر الآلية فى العمل لمساحة محددة .. وهذا خلق نوع من الإيمائية تحققت بسعى الفنان لإزالة وطمس آثار الحركة من الخط ـ حتى ولو لم يقصد هذا ـ وتلاحقة فى آلية... وساعده هذا أكثر لأن يمهد كمجرد بادرة لتشكيل داخلى وإطار .. وايضا لتنشيط السطح الذى يحدث مع أماكن تسرب الخطوط خارج الإطار .
فى بعض المساحات الضخمة استشعرت الزمن معلقا بلا حراك تماما كالخطوط والقماش المرسوم عليها فى حالة التوازن الثابت كأنها تقف على مفترق طرق على حد سواء لا هى مقروءة ولا غير مقروءة لا جامدة ولا لينة .. لاباردة ولا ساخنة .. فلوحاته تعانى دائما اثنين من الأشياء الخطيرة هما النظام والفوضى .. والحركية والسكونية.. والطاقة واللازمنية .. لذا كشفت شرائط ومساحات الأسود بذاتها عن الضغط الكامن داخلها. أما لونه المفضل الذى به شكل عالمة وهو اللون الأسود نجد له أهمية بصرية ودلالة مهمة للغاية حيث قدم داخل معلقاته مساحة كبيرة من التغيرات المحتملة من اللون الأسود فى علاقته كنيجاتيف وبوزتيف والابيض ورغبتة الشديدة ألا يوجد الأسود فى المطلق بمفهوم محدد ومرتبط لدى المشاهد بدلالات مسبقة .
كما يبدو احيانا أن الفنان تعامل مع الابيض تحديداً كأخاديد يفصلها الأسود . وقد جعل الأخاديد ترتب فى المادة الفعلية للوحة لإبداع ملامس سواء على هيئة تأشيرات من ما يشبه ظلال من الرمادى .. هنا يبدو الأسود مكثف بأثر رجعى وواضح جدا أن الفنان بينما يحاول بناء جسرا ـ اوعلى النقيض من الحدود ـ بين مساحتين او مشهدين من عمله نراه فى نفس الوقت يقيم عدد من المفارقات البصرية .. كأسود يولد ضوء أو انسحاب فى المساحة البيضاء أو تقلص فى المساحة النيجاتيف لتحاصرة أحيانا فيصبح أكثر وضوحا .. أو يسحبه لأسفل لملء فراغ فى وفره .. ربما هو فراغ الذات المرسوم من ذاته .. ليملأه فى سياق آخر فى موضع آخر من لوحات أخرى .
ومثلما تعامل مع الأسود بمهارة ووعى أيضا تعامل والأبيض كى يحفظ به على الأسود كنموذج ثنائى متلازم من ثنائية العالم فى تبادليه وأحيانا فى تكامل او تضاد أو تنافس ليوجه نظر المشاهد الى المناطق الجانبية بدلا من العمق ليجعل من جديد كل شئ داخل معلقاته ولوحاته الصغيرة يعتمد على فن إدارة التوازنات الداخلية .. ويسقط التوازن فى بعض أعماله لنجد شرائطة الطافية إلى أحد الجوانب وقد قبض عليها الأسود بشدة .
أجد الأسود فى بعض معلقات الفنان محمد منيصير القماشية يتحدث بفصاحة عن صمت العالم أو ربما بشكل أدق لا يقول شيئا ذا ضجيج .
فاطمة على
جريدة القاهرة - 2014
أعمال الفنان محمد منيصير كائنات هجينة تراوح بين حياة وأخرى
- الفنان المصري يتجه إلى فعل الكتابة في حدّ ذاته كسلوك إنساني وقيمة بصرية تحمل دلالات ورمزية خاصة مرتبطة بمسار التطور البشري.
في أعماله المبكرة لم يكتف الفنان المصري محمد منيصير بالابتعاد عن المعنى الدال والعبارة الموحية، بل نأى كذلك عن الهيئة المباشرة للحرف، مكتفيا باستحضار النسق الحروفي لشكل الكتابة، كنسق عام لا ينتمي إلى ثقافة أو لغة بعينها.
في تلك الأعمال التي قدمها منيصير في بداية تجربته ثمة إيهام بصري بوجود ذلك النص المكتوب وحضوره الطاغي على سطح العمل، مضفيا عليه قدما لتبدو اللوحة أقرب إلى هيئة الرقاع أو المخطوطات القديمة. هي حبكة بصرية متعمدة تتركنا أمام حالة مغايرة من الحروفية العربية التي خاضها فنانون كثر على امتداد العالم العربي، بعيدا عن الشكل التقليدي لفن الخط العربي كما هو متعارف عليه، من توظيف الحرف كأحد العناصر البنائية داخل اللوحة، إلى الكتابة على الجسد وتوظيفه ضمن صياغات بنائية معاصرة.
اتجه الفنان هنا إلى فعل الكتابة في حدّ ذاته كسلوك إنساني وقيمة بصرية، قيمة تحمل ما تحمل من دلالات ورمزية خاصة مرتبطة بمسار التطور البشري، من الرسم على الجدران والصخور، إلى الكتابة على جلود الحيوانات والنباتات والأوراق، إلى ثورة الطباعة وما قدمته للبشرية من مجال رحب للتدوين. تحمل نصوص منيصير عبق كل هذه السنوات والقفزات التي خاضتها البشرية حتى الوصول إلى تلك اللحظة التي نشغلها حاليا بالنقر على أزرار لوحة المفاتيح لتتوالد الكلمات والأسطر خلف بعضها وفق نفس النسق القديم المدهش.
هو يلون بالأصباغ تارة، وتارة أخرى نرى اللون وقد تراجع مخلفا أثره على استحياء في هيئة بقع لونية تتداخل لتأكيد أثر الزمن. يغزل بالفرشاة والأحبار طبقات فوق بعضها من الأسطر المرسومة بدأب. ثم ما تلبث بعض الخربشات والعلامات التي تشبه الطلاسم في الظهور للربط بين الأسطر المنسابة بلا توقف. في مرحلة أخرى أضاف الفنان لتلك المساحات أشكالا متنوعة من الصور والرموز السحرية. لم يكتف منيصير ببث هذه الحالة الطلسمية من طريق مفرداته وعناصره المضافة، بل أمعن في تأكيدها والاحتفاء بها.
برزخ
اختار منيصير أن يطلق على معرضه الذي أقامه في القاهرة قبل ثلاثة أعوام تقريبا اسم “برزخ”، وهو اسم دال قريب الشبه بهذه الحالة البصرية التي يقدمها، فالبرزخ هو المكان الذي يفصل بين شيئين، وهو يُستعمل في علم الجغرافيا للدلالة على تلك المساحة بين مياه الأنهار والبحار، أو بين بحرين عظيمين يلتقيان في نقطة ما، وهو يفصل أيضا بين الحياة والموت. منيصير فنان شاب تشغله تلك المساحة الفاصلة بين الأشياء ويتوق إلى اكتشافها. يمكنك أن تلمح ذلك من خلال هذا التأكيد على رسم الدائرة وحضورها الدائم في معظم أعماله السابقة، الدائرة هنا هي المقابل لصيرورة الوجود واستمراريته، حيث المفردات والعناصر تتحرك في دوائر ومسارات لا نهائية. هو يحاول اكتشاف هذه الحدود الفاصلة التي لا تبدو ملامحها ظاهرة. أعماله مزيج من البحث والتأمل البصري في المساحة وفي الحياة أيضا.
أحلام تحنيطية
في معرضه الأخير الذي أقامه في مركز تاون هاوس للفنون في القاهرة تحت عنوان “أحلام تحنيطية”، وفي سبيل بحثه المستمر حول فكرة الحياة والموت، يفاجئنا محمد منيصير بتشكيلة مختلفة من المفردات والعناصر المقحمة على بنيته البصرية. بعض هذه المفردات التي تعامل معها الفنان لأول مرة بدت صادمة، فمنها ما كان مختلفا عن السياق العام لتجربته ككل، وبعضها الآخر كان له حضور صارخ ومباشر في ما يتعلق بالفكرة. بين هذه العناصر التي استخدمها الفنان أشرطة فيديو وصور ورسوم ومجسمات وأعمال تركيبية، بالإضافة إلى مجموعة مختلفة من عظام الحيوانات والرؤوس الحيوانية المحنطة.
يلفت انتباهنا بين هذه التركيبات جسد ضخم بطول عشرة أمتار مسجى على أرضية القاعة لكائن له جسد إنسان ورأس حيوان. مشهد الجسد وهو ممدد على أرضية القاعة وسط إضاءة خافتة كفيل ببث الرهبة في نفس الرائي. يمعن منيصير في تأكيد هذه الأحاسيس المتوترة بعرضه ثلاثة مجسمات لكائنات أخرى هجينة تنتصب إلى جوار بعضها في قاعة قريبة، وتبدو كأنها في حالة انتشاء طقسي راقص. في الجوار ثمة حامل خشبي يحمل عظاما لحيوانات نافقة مختلفة الأحجام. وبينما تهم بمطالعة المساحات القماشية المرسومة والمعلقة في منتصف القاعة تقتحم ناظريك شاشة عرض مخبأة خلف هذه المعلقات القماشية في تعمد مقصود للمباغتة، تعرض الشاشة شريطا قصيرا مكررا لكلب أسود يحدق في شراسة أمام الكاميرا. يربط بين هذه التشكيلات التي أنشأها الفنان وفق صيغ تركيبية في فراغ القاعة رسوم كثيرة مستوحاة من كتاب “كليلة ودمنة” عرضت على حامل دائري.
هذه العناصر التي تجمعها مساحة عرض واحدة ليست هي آخر المطاف، إذ يقدم الفنان عرضا آخر يشغل حيز القاعة الكبرى بكاملها في الدور الأرضي. تضم المساحة الأخرى خمسة أجهزة عرض تعمل بالتتابع، ويُعرض محتواها على شاشات قماشية متجاورة، مشهدا مكررا لفتى صغير يحاكي أصوات الحيوانات والطيور. في خلفية الشاشات وضع الفنان مجسمات مختلفة لحيوانات بالحجم الطبيعي، مراعيا ألا يرى المشاهد من هذه المجسمات سوى ظلها الذي يظهر منعكسا على خلفية الشاشة القماشية.
يستوقفنا هنا ذلك الحشد المربك بصريا لمجموعة العناصر والمفردات المشكلة لهذا العمل، كأن الفنان أراد جمع كل ما يملكه من صور، وما يحمله من أفكار في مكان واحد، أو بالأحرى في عمل واحد كبير ومتشعب. لا يفوتنا أيضا ذلك التضمين الخفي لفكرة السلطة، في احتفائه على نحو خاص بالرسوم المستوحاة من كتاب كليلة ودمنة، وهو في الأصل ليس سوى حيلة أدبية لجأ إليها صاحبها اتقاء للعقوبة. يحتال الفنان هنا أيضا في عرض فكرته على نحو غير مباشر، فهو يُضّمن الأشكال والتكوينات التي أنشأها بمعان مباشرة، وأخرى خافية لها علاقة بالتأويلات المختلفة لفكرة الخلق وطبيعة الوجود. على جانب آخر تبدو هذه المراوحة بين الضدين: الحياة والموت، والانتقال من حال إلى أخرى أو من طبيعة إلى غيرها هي السمة المسيطرة على ذلك المشهد البصري المفكك، والذي يضعنا مباشرة في مواجهة حالة مربكة من عدم اليقين تلقي بظلالها على هذه المعالجات جميعا.
محمد منيصير من مواليد عام 1989، وهو فنان يعيش ويعمل في القاهرة. تخرج من كلية التربية النوعية، وشارك بأعماله في العديد من المعارض الجماعية التي أقيمت داخل مصر. أقام معرضه الفردي الأول في قاعة كمال خليفة في مركز الجزيرة للفنون بالقاهرة عام 2013، ثم تبعه بمجموعة من المعارض الفردية الأخرى، نذكر منها على سبيل المثال، برزخ، وصمت.
ناهد خزام
العرب : 27 يناير 2019
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث