حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

- تعكس أعمال الفنان محمد عبد الحليم ثورة عارمة على أوضاع سياسية مقلقة وانفلات أمنى بدأ يجتاح الكثير من المدن المصرية عقب الأحداث الأخيرة، وذلك من خلال دلالات تعبيرية صادمة وموسيقى ثائرة تكاد تصرخ بين جنبات كتل صلبة، فى معرضه الذى افتتح أخيراً فى مركز الإسكندرية للإبداع الفنى بعنوان ` ثورة التفاعلات للأسطح النحتية` ويستمر حتى نهاية الشهر الجارى. واستطاع عبد الحليم تجسيد مشاعره وانفعالاته فى صياغات الكتل النحتية والفضاء المحيط، من خلال معالجة الخط المنحنى الناعم والخط القاسى بطريقة تشكيلية اختزل فيها التفاصيل لمصلحة الكتلة النهائية.
- ولم يتعامل مع خامة الخشب فى شكل ناعم ولم يغلفها برونق زخرفى مزيف وخادع وغريب، بل ترك ثورته تقوده وانفعالاته تحرك أدواته الفنية فتحولت خامة الخشب من مجرد وسيط صلب إلى شريك نابض يتفاعل، مظهراً الحالة الثورية المتأججة التى تغلف أفكاره.
- وتشعرك منحوتات عبد الحليم، على رغم فطريتها وعفويتها، بأنها لم تأت وليدة مصادفة، بل ثمرة بحث دؤوب فى أدق عناصر الشكل النحتى برؤية عقلانية تحكمها الثقافة الهندسية والرياضية والمهارة للوصول إلى وحدة عضوية تأخذك إلى الحركة الحسية فى مشهد متعاظم لمجسم حيوى.
- قدم الفنان 50 عملاً نحتياً تشابهت فى قوة الأفكار وزخمها مع الاحتفاظ بالطابع الثورى، من دون الإغراق فى إظهار التفاصيل، ما أوجد حواراً تعبيرياً مستمراً بين جنبات الكتلة، ترتفع نبرته وتنخفض وفق نتوءات الكتلة وبحسب إسقاط الضوء عليها. ومن تلك الأعمال مجسم لأشكال إنسانية مجردة، على قاعدة دائرية، ويظهر فيه ميدان التحرير.. كأن البشر يكونون جماعات تحتشد حتى يتحول الإنسان والميدان إلى كائن واحد حى يقف على رأسه ليثور فى وجه الفساد وأذناب الماضى .
- ويقول محمد عبد الحليم لـ `الحياة ` : `الأفكار أقوى بكثير من الوجود المادى، والثورات لا تبنى إلا على أجساد الأبطال. وما يحدث الآن فى مصر يجب أن نقف عنده، ولابد من حل حاسم لاستعادة الأمن والمستقبل الذى بدأ يفر منا `.
- ويضيف : ` قدمت فى المعرض رؤيتى لما يحدث، وإن شابها بعض التشاؤم، فالفنان عندما يطرح فكرة ويوجد حواراً، فإن شيئاً مفاجئاً وجديداً يلمسه بين يديه يتخطى التجربة بل يتخطى أحكام العقل والمنطق الجاف `. ويؤكد أهمية الفنانين والمثقفين فى هذه المرحلة ، ` فهم من يقود الفكر المجتمعى ويجب ألا يقفوا متفرجين، بل أن يخترقوا بأفكارهم الحدود التقليدية من أجل واقع أفضل`.
- عبد الحليم أستاذ فى قسم النحت فى كلية الفنون الجميلة فى الإسكندرية، شارك فى عدد كبير من المعارض الفردية والجماعية داخل مصر وخارجها منذ عام 1970، كما نال جوائز عربية وعالمية .